AhMaD_1
29-06-2008, 12:14 PM
تفعيل الرقابة على القضاة وكتَّاب العدل
د. عبدالله مرعي بن محفوظ
نجح ديوان المظالم في تنفيذ خطة لتقنية الحاسوب للرقابة على أعمال القضاة والعاملين في الديوان ، والتقنية تمتد إلى إمكانية عمل القضاة من منازلهم في مراجعة القضايا والتواصل مع أطراف الدعوى بشكل عام عن طريق البوابة الإلكترونية ، وهذا التطوير يندرج في إطار مراحل مشروع خادم الحرمين لتطوير مرفق القضاء والذي رصد له 7 مليارات ريال ، ويعتبر نجاح المشروع دعماً للباحثين والمحامين في عملهم وأبحاثهم ، وملائماً للمجتمع القانوني والمجتمع المدني .
لذلك فان تفعيل الرقابة والتطوير في المحاكم العامة والجزائية يا وزارة (العدل) سوف يعمل على بيان جهود السلطة القضائية الرامية إلى تعزيز الرقابة والعدالة ، وكذلك تمكين المجتمع المدني من الاطلاع بكل شفافية على استقلالية القضاء ، وتعزيز روح العدالة بين مؤسسات المجتمع المدني والمحامين ووسائل الإعلام .
ان تطوير التقنية سوف يساهم بفاعلية في أعمال وزارة العدل ومجلس القضاء الاعلى والتفتيش القضائي ، خصوصاً وان المطلوب تعيين 600 قاضٍ في المرحلة المقبلة على فئة (ج) في المحاكم الشرعية ، واغلبهم سوف يكونون في سن الخامسة والعشرين تقريباً ، والقاضي في هذه المرحلة يحكم في قضايا قد تكون بخمسين ألف ريال ، وقد تكون بمليار ريال ، وقد يحكم في نزاع قائم على قطعة أرض ، أو على مخطط كامل ، لأنه بالنظر إلى القاضي فئة (ج) والقاضي فئة (أ) نجد أن بينهما فرقاً كبيراً جداً ؛ لأن الخبرة بينهما حوالى ثماني سنوات حسب نظام الترقية في القضاء ، وخلال فترة خدمتهم فإن القضاة غير ملزمين بتقديم بحوث أو حضور دوراتٍ تطويرية أو تطبيقية سواء في الفقه أو القضاء ، وحسب النظام والتعميم رقم 155/2/ت وتاريخ 12/9/1391 هـ والمحدد في بند (26) فإن التفتيش القضائي لتقييم أداء القاضي يتم مرة على الأقل أو مرتين على الأكثر كل سنة حسب المادة (65) من النظام ، ولكن الواقع الفعلي أن التفتيش القضائي محدود خلال فترة القاضي أو كاتب العدل وقد لا تتجاوز الخمس مرات طوال خدمته القضائية ، والدليل على ذلك أنه لا يمكن أن يتصور أن المفتش القضائي قد مر على كتَّاب العدل الأربعة في جدة وراقب أعمالهم خلال فترة المشكلة ، غير أن الترقيات تأتيهم بحسب مدة خدمتهم كما نصت عليه المادة (53) من نظام القضاء والتي جاء فيها :(.. ويراعي المجلس في الترقية ترتيب الأقدمية المطلقة ، وعند التساوي يقدم الأكفاء بموجب تقارير الكفاءة ، وعند التساوي أو انعدام تقارير الكفاءة يقدم الأكبر سناً !!..)، وإذا رجعنا إلي مقال الزميل عمرو الفيصل حول اهمية التزام القضاء بمواعيد الحضور للمحكمة يومياً ، نجد أن مقال الكاتب لم يخرج عن تعميم وزارة العدل رقم 8/ت/33 بتاريخ 22/2/1422هـ والذي جاء نصه: (على أصحاب الفضيلة رؤساء المحاكم اعتماد متابعة دوام أصحاب الفضيلة القضاة التابعين لإشرافهم هاتفياً وكتابياً والرفع لنا عنها شهرياً ليجري ترتيب اللازم منا حسب النظام ومن ثم تزويد مجلس القضاء الأعلى بصورة مما يتم من قبلنا لإدراجه في جدول أعمال المجلس ليكون جزءًا من تقويم الأداء للقاضي عند الترقية والأفضلية في النقل وغيره).
التقنية هنا ضرورية لمراقبة أداء العمل أكثر من عملية الحضور او الانصراف ، بل إنها تساهم في تسجيل كافة طلبات المدعي او المدعى عليه، لأن اغلب الجلسات لا يتم تسجليها بدقة ، بل ان ما يتم تسجيله في جلسة استغرقت ساعة او اكثر لا تتعدى الصفحة الواحدة نصفها بيانات الحضور والشهود، أما الباقي فهو تسجيل لما يمليه القاضي فقط ، وينتهي التسجيل بعد ذلك بتوقيع الحضور، وهو عكس ما تم إقراره في نظام المرافعات حسب المادة السابعة الذي ينُص : يجب أن يحضر مع القاضي في الجلسات وفي جميـع إجراءات الدعوى كاتب يحرر المحضر ويوقعه مع القاضي ، والمقصود هو تحرير المحضر للجلسة بالكامل ؟ لذلك فان عدم التقيد بالتسجيل الدقيق يفتح المجال لتطاول أحد طرفي النزاع على الآخر والتلاسن في حضور القاضي، والمظلوم لا يستطيع رفع الضرر، لأن المطلوب رفع دعوى مستقلة بذلك، فضلاً عن كون رفع الدعوى في أساسه مستحيلاً لعدم وجود شهود في تلك الجلسة إلا القاضي نفسه والكاتب (إن وجد) !!!
إن إدخال التقنية الحديثة في المحاكم العامة والجزائية والاستفادة من مميزاتها وإيجابياتها ؛ ستساعدنا بلا شك في الكثير من التطور داخل القضاء وتنقلنا إلى مرحلة مواكبة التغيرات الفعلية لصالح المجتمع ، وهنا انقل التقدير والإجلال إلى صاحب مشروع (تأهيل) طلاب الثانوية والجامعات بالتعاون مع العلاقات العامة في وزارة العدل ، ووزارة التربية والتعليم ، والتعليم العالي ، بهدف منح الطلاب فرصة لاكتساب فهم أساسي للنظام القضائي ، وتفعيل دور المواطنين في تحقيق العدالة عبر زيارة قاعات المحاكم ، والمساهمة في إعداد عرض تقديمي من قبل القضاة وبالتنسيق مع الجهات المعنية لعرضه على الطلاب باعتبارهم أمل المستقبل .
ختاماً إن وزارة العدل يجب أن تكون نموذجاً في الإسراع في تطبيق كل ما هو مفيد وجديد ويساعد على تحقيق العدالة بين كافة أطياف المجتمع ، ومن العدالة تكريم المجد وعقاب المقصر ، ولن يتأتى ذلك إلا بتكثيف الرقابة على كل الهيئات القضائية والعاملين بها قضاةً وموظفين ، لأنه بحسن الرقابة تتحقق النزاهة فيقوم (العدل) ، ويزول الظلم ، ويتبدد الجهل .. قال تعالى: ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ) وكما قيل: (العدل أساس الملك)
* نقلاً عن صحيفة "المدينة" السعودية، الأربعاء، 11/يونيو/2008م.
د. عبدالله مرعي بن محفوظ
نجح ديوان المظالم في تنفيذ خطة لتقنية الحاسوب للرقابة على أعمال القضاة والعاملين في الديوان ، والتقنية تمتد إلى إمكانية عمل القضاة من منازلهم في مراجعة القضايا والتواصل مع أطراف الدعوى بشكل عام عن طريق البوابة الإلكترونية ، وهذا التطوير يندرج في إطار مراحل مشروع خادم الحرمين لتطوير مرفق القضاء والذي رصد له 7 مليارات ريال ، ويعتبر نجاح المشروع دعماً للباحثين والمحامين في عملهم وأبحاثهم ، وملائماً للمجتمع القانوني والمجتمع المدني .
لذلك فان تفعيل الرقابة والتطوير في المحاكم العامة والجزائية يا وزارة (العدل) سوف يعمل على بيان جهود السلطة القضائية الرامية إلى تعزيز الرقابة والعدالة ، وكذلك تمكين المجتمع المدني من الاطلاع بكل شفافية على استقلالية القضاء ، وتعزيز روح العدالة بين مؤسسات المجتمع المدني والمحامين ووسائل الإعلام .
ان تطوير التقنية سوف يساهم بفاعلية في أعمال وزارة العدل ومجلس القضاء الاعلى والتفتيش القضائي ، خصوصاً وان المطلوب تعيين 600 قاضٍ في المرحلة المقبلة على فئة (ج) في المحاكم الشرعية ، واغلبهم سوف يكونون في سن الخامسة والعشرين تقريباً ، والقاضي في هذه المرحلة يحكم في قضايا قد تكون بخمسين ألف ريال ، وقد تكون بمليار ريال ، وقد يحكم في نزاع قائم على قطعة أرض ، أو على مخطط كامل ، لأنه بالنظر إلى القاضي فئة (ج) والقاضي فئة (أ) نجد أن بينهما فرقاً كبيراً جداً ؛ لأن الخبرة بينهما حوالى ثماني سنوات حسب نظام الترقية في القضاء ، وخلال فترة خدمتهم فإن القضاة غير ملزمين بتقديم بحوث أو حضور دوراتٍ تطويرية أو تطبيقية سواء في الفقه أو القضاء ، وحسب النظام والتعميم رقم 155/2/ت وتاريخ 12/9/1391 هـ والمحدد في بند (26) فإن التفتيش القضائي لتقييم أداء القاضي يتم مرة على الأقل أو مرتين على الأكثر كل سنة حسب المادة (65) من النظام ، ولكن الواقع الفعلي أن التفتيش القضائي محدود خلال فترة القاضي أو كاتب العدل وقد لا تتجاوز الخمس مرات طوال خدمته القضائية ، والدليل على ذلك أنه لا يمكن أن يتصور أن المفتش القضائي قد مر على كتَّاب العدل الأربعة في جدة وراقب أعمالهم خلال فترة المشكلة ، غير أن الترقيات تأتيهم بحسب مدة خدمتهم كما نصت عليه المادة (53) من نظام القضاء والتي جاء فيها :(.. ويراعي المجلس في الترقية ترتيب الأقدمية المطلقة ، وعند التساوي يقدم الأكفاء بموجب تقارير الكفاءة ، وعند التساوي أو انعدام تقارير الكفاءة يقدم الأكبر سناً !!..)، وإذا رجعنا إلي مقال الزميل عمرو الفيصل حول اهمية التزام القضاء بمواعيد الحضور للمحكمة يومياً ، نجد أن مقال الكاتب لم يخرج عن تعميم وزارة العدل رقم 8/ت/33 بتاريخ 22/2/1422هـ والذي جاء نصه: (على أصحاب الفضيلة رؤساء المحاكم اعتماد متابعة دوام أصحاب الفضيلة القضاة التابعين لإشرافهم هاتفياً وكتابياً والرفع لنا عنها شهرياً ليجري ترتيب اللازم منا حسب النظام ومن ثم تزويد مجلس القضاء الأعلى بصورة مما يتم من قبلنا لإدراجه في جدول أعمال المجلس ليكون جزءًا من تقويم الأداء للقاضي عند الترقية والأفضلية في النقل وغيره).
التقنية هنا ضرورية لمراقبة أداء العمل أكثر من عملية الحضور او الانصراف ، بل إنها تساهم في تسجيل كافة طلبات المدعي او المدعى عليه، لأن اغلب الجلسات لا يتم تسجليها بدقة ، بل ان ما يتم تسجيله في جلسة استغرقت ساعة او اكثر لا تتعدى الصفحة الواحدة نصفها بيانات الحضور والشهود، أما الباقي فهو تسجيل لما يمليه القاضي فقط ، وينتهي التسجيل بعد ذلك بتوقيع الحضور، وهو عكس ما تم إقراره في نظام المرافعات حسب المادة السابعة الذي ينُص : يجب أن يحضر مع القاضي في الجلسات وفي جميـع إجراءات الدعوى كاتب يحرر المحضر ويوقعه مع القاضي ، والمقصود هو تحرير المحضر للجلسة بالكامل ؟ لذلك فان عدم التقيد بالتسجيل الدقيق يفتح المجال لتطاول أحد طرفي النزاع على الآخر والتلاسن في حضور القاضي، والمظلوم لا يستطيع رفع الضرر، لأن المطلوب رفع دعوى مستقلة بذلك، فضلاً عن كون رفع الدعوى في أساسه مستحيلاً لعدم وجود شهود في تلك الجلسة إلا القاضي نفسه والكاتب (إن وجد) !!!
إن إدخال التقنية الحديثة في المحاكم العامة والجزائية والاستفادة من مميزاتها وإيجابياتها ؛ ستساعدنا بلا شك في الكثير من التطور داخل القضاء وتنقلنا إلى مرحلة مواكبة التغيرات الفعلية لصالح المجتمع ، وهنا انقل التقدير والإجلال إلى صاحب مشروع (تأهيل) طلاب الثانوية والجامعات بالتعاون مع العلاقات العامة في وزارة العدل ، ووزارة التربية والتعليم ، والتعليم العالي ، بهدف منح الطلاب فرصة لاكتساب فهم أساسي للنظام القضائي ، وتفعيل دور المواطنين في تحقيق العدالة عبر زيارة قاعات المحاكم ، والمساهمة في إعداد عرض تقديمي من قبل القضاة وبالتنسيق مع الجهات المعنية لعرضه على الطلاب باعتبارهم أمل المستقبل .
ختاماً إن وزارة العدل يجب أن تكون نموذجاً في الإسراع في تطبيق كل ما هو مفيد وجديد ويساعد على تحقيق العدالة بين كافة أطياف المجتمع ، ومن العدالة تكريم المجد وعقاب المقصر ، ولن يتأتى ذلك إلا بتكثيف الرقابة على كل الهيئات القضائية والعاملين بها قضاةً وموظفين ، لأنه بحسن الرقابة تتحقق النزاهة فيقوم (العدل) ، ويزول الظلم ، ويتبدد الجهل .. قال تعالى: ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ) وكما قيل: (العدل أساس الملك)
* نقلاً عن صحيفة "المدينة" السعودية، الأربعاء، 11/يونيو/2008م.