PDA

View Full Version : اجرام.. في اجرام.. لماذا نخدع انفسنا..؟


USAMA LADEN
11-01-2002, 05:19 AM
* د. محمد عباس

لماذا نصف الشعب الاسرائيلي بأنه شعب مجرم لانه اختار رئيساً مجرماً كشارون -وهذا حق لا مراء فيه- ثم ننكص عن استعمال نفس المعيار مع الشعب الامريكي؟!.. لماذا نلتمس له المعاذير بأنه شعب جاهل بالعالم حوله. ذلك ان جهل الشعب الامريكي بما يدور حوله -وهو في الغالب بسبب تصرفات بلاده ومحاولتها ان تهيمن على العالم- هو جهل متعمد..كتعمد عائلة ألا تسأل عميدها عن مصدر امواله لانها في الوعي او حتى في اللاوعي تدرك انه مال حرام.. وملوث بالدم.. او كتعمد اب ألا يسأل ابنته عن الجواهر التي تزين جيدها ويديها.. لانه يعلم في الوعي او اللاوعي انها نتاج الدعارة..

يقول جارودي عما فعلته امريكا بنفسها وبالعالم: (حولت كل شيء الى دعارة).. ولكم هو مصيب..!!

كل شيء..

فتاريخ الولايات المتحدة هو تاريخ سرقة اوطان وابادة شعوب واسترقاق البشر الذين قامت على اكتافهم اسس النهضة الشيطانية.. السرقة والقتل والنهب والاحتلال والكذب وازدواج المعايير صفات اصيلة في الشخصية الامريكية.

في نيويورك لوحدها، وحسب احصاءات الشرطة، يقع هناك حادث قتل كل اربع ساعات، واغتصاب كل ثلاث ساعات، واعتداء كل ثلاثين ثانية وبرغم كل ذلك فان نيويورك لا تتبوأ سوى المكانة العاشرة ضمن مدن الولايات المتحدة بالنسبة لانتشار الجرائم. وفي عام 1998 تم احصاء 21000 جريمة قتل في سجل الولايات المتحدة الامريكية واليوم هناك اكثر من مليون امريكي في السجون، واكثر من ثلاثة ملايين آخرين تحت المراقبة القضائية.

وفي تقرير صدر عن (صندوق حماية الاطفال) المؤسسة الرئيسة لحماية الاطفال في الولايات المتحدة -رصد الخط البياني الصاعد بلا توقف للاطفال والمراهقين المقتولين بالاسلحة النارية: (منذ عام 1979 وحتى عام 1991 قتل ما يقرب من 50 الف امريكي اقل من تسعة عشر عاماً (9 آلاف اقل من اربعة عشر عاماً و40 الفا بين خمسة عشر وتسعة عشر عاماً)، قتلوا برصاصات او حوادث او جرائم متشابكة. وفي خلال الفترة ذاتها، نجد ان عدد المحتجزين لارتكاب جرائم قتل وذبح ممن هم دون سن التاسعة عشرة قد تزايد بنسبة 93% وحسب ما ورد في التقرير ذاته، فانهم في الاغلب الشباب الذين يقتلون او يصيبون شباباً آخرين..

كما سجل عدد القضاة الذين ثبتت ادانتهم في قضايا الرشوة والغش الضريبي بين عامي 1980 و1990 رقماً قياسياً فاق عدد الذين ادينوا للسبب ذاته خلال الـ190 عاماً الاولى من تاريخ الولايات المتحدة الامريكية.

* * * * *

وعلى الرغم من ذلك فاننا نعرف ونعترف ونقر ان الشعب الامريكي شعب مجتهد.. لكن تراكم الثروة بهذه الطريقة ليست نتاج اجتهاده بل حصيلة نهبه وسرقاته، وتوظيف آلته العسكرية الجبارة في دعم هذه السرقات وحمايتها. فالحفاظ على السرقة دون حساب ودون عقاب كان يستلزم دائما الحفاظ على اقوى جيش في العالم.. والحفاظ على اقوى جيش في العالم يتطلب استثمارات هائلة، وهذه تستدعي ضرورة وجود مبرر قوي يقنع الشعب الامريكي بتخصيص هذه المبالغ الهائلة التي تستقطع للجيش.. لذلك لم يكن امامهم من سبيل الا الكذب والتزييف والخداع.. كذب على انفسهم وعلى العالم.. كذب كلي شامل.. كذب لا يقتصر على تزوير وقائع الحاضر.. بل يعيد كتابة التاريخ البشري كله مزوراً.. ومن خلال هذا التاريخ المزور.. يمكن الكذب ليس على الناس فقط.. بل على الله.. كما يمكن تقديم الدين والمتدينين في صورة مشوهة مقززة تدعو للاستهجان والازدراء.. صورة الخرافات والاساطير.. وهنا تتقدم الحداثة على هذه التربة الممهدة لها منادية بالانفصال عن الماضي كله وابتداع قيم حداثية جديدة.. لكن تدعيم الكذب يحتاج الى الكذب باستمرار.. كما يحتاج الى اخراس كل صوت يكشف ولو نزراً يسيراً من الحقيقة في أي بقعة من بقاع العالم.. لا بد اذن من قمع هذه الاصوات.. من اخراسها.. من اغلاقها كما اغلقت صحيفة الشعب في مصر.. او قصفها كما قصف مكتب الجزيرة في كابل ومحطات الارسال في فلسطين.. والحرب بالنسبة لامريكا ليست معركة او عدة معارك تنتهي بالانتصار.. بل هي سلسلة متشابكة لا تتوقف ابداً.. ومن المحتم قبل نهاية كل حرب ان تكون الحرب التالية جاهزة.. لذلك كله كان لا بد ان يكون هناك عدو دائم.. عدو خطر.. يهدد الولايات المتحدة ذاتها.. لذلك فان مواجهته تبدو وكأنها نوع من الدفاع الشرعي عن النفس.. من اجل ذلك اقتنعوا واقنعوا شعبهم انه يجب الحفاظ على وضع القوة الهائلة الخاصة بهم مهما تكلفت.. وذلك لتكريس الهيمنة عبر ايقاع الهزيمة باعدائهم بأسلوب مدمر وقوة عسكرية تكفي لردع أي امة او مجموعة من الامم تفكر في تحدي ارادة الولايات المتحدة او الاعتراض على هيمنتها وسرقاتها.. ليس هناك حياد.. اما معنا او علينا..

والامر واضح الا لحكامنا وولاة امورنا.. فقد كتب بول نيتز -احد كبار المخططين الامريكيين في الخمسينيات- في خطة (الصقور): (ان الولايات المتحدة تملك لا شك قوة عالمية لذلك وجب نصب عدو شامل وتحويله الى شيطان بطريقة تبرر أي تدخل او اعتداء من قبل الولايات المتحدة، واعتباره رد فعل دفاعياً لتهديد شامل تعرضت له مسبقاً، دفع بها لاتخاذ هذا الاجراء).

نعم.. الامر واضح الا لولاة امورنا.. فلا حول ولا قوة الا بالله العظيم.