تسجيل الدخول

View Full Version : فارس ،،


حلا
03-09-2001, 03:05 AM
للانتفاضة الفلسطينية الحالية ابطال اطفال لن ننساهم وسيظلون بذاكرتنا ،،

الطفل فـــــارس عودة ، لم يذع صيته مثل صيت محمد الدرة لأن مقتل فارس لم يكن امام عيون الكاميرات ،،

لكن له صورة رائعة ومميزة وهي صورته وهو يواجه الدبابة بالحجر ،،
---------------------------------

على مائدة الإفطار جلس عيسى ابن الخامسة تاركا بينه وبين والدته مقعدا فارغا مزينا بإكليل من الورد تتوسطه صورة الشهيد فارس عودة ابن الرابعة عشرة ،،

وكانت العائلة المكونة من ستة أفراد تنتظر مدفع الإفطار وهي تمعن النظر باتجاه مقعد فارس كانوا جميعا يعتقدون انه جالس معهم على مائدة الإفطار بينما كان عيسى وهو أصغرهم يدرك عكس ذلك وإلا لكان ملأ الدنيا ضحكا وضجيجا بمداعبات فارس ،،

كانت أنغام عودة والدة فارس والملقبة "بأم السعيد" تكابر أمام أولادها فتخبئ دمعا في عينين ذابلتين وألما في قلب كسير وتطلب من طفلها عيسى ترديد أغنية فارس المفضلة التي طالما ردداها معا ،،

" لو كسروا عظامي مش خايف لو هدوا البيت مش خايف " كان عيسى يردد أنشودة فارس بطلاقة لا تتناسب مع صغر سنه وان عجز لسانه بفعل الدموع التي كادت تخنقه في إكمال الأنشودة حتى نهايتها ،،

تلك الأنشودة غناها فارس وهو يمارس هوايته المحببة في الدبكة الشعبية أمام طلبة المدرسة قبل استشهاده بساعة واحدة ثم جسدها بدمه عندما وقف تلك الوقفة التي أذهلت العالم على بعد أمتار معدودة من الدبابة الإسرائيلية غير عابئ بحمم نيرانها ،،

كان فارس طفلا عاديا يحب السبانغ ولحم الحبش يعشق الدبكة الشعبية ودروس الرياضة والدين الى أن استشهد ابن خالته "شادي" برصاص الاحتلال على معبر المنطار.فعندها تحولت حياته الى حزن يلفه حنين الى لقاء من فقده تقول والدته "قبل يوم من استشهاده شهدت صورته في التلفزيون وهو يقفل أمام الدبابة وطلبت منه ألا يكرر ذلك وإلا تعرض لضرب والده وقطع مصروف المدرسة عنه ،،

ولأن فارس لا يستطيع بحكم تربيته الكذب على والدته فقد قال أن ابن خالته الشهيد شادي أتاه في الحلم وطلب منه الانتقام وهو نفس الحلم الذي أتى والدته في إحدى الليالي عندما خرج إليها الشهيد شادي في المنام وطلب منها أن تسمح لفارس بالذهاب الى معبر المنطار ،،

وعن ذلك تقول أم السعيد "لم أكن خرجت بعد من صدمة فقداني ابن أختي الشهيد "شادي" ولذلك كنت أتوسل له ألا يذهب الى المنطار وأحيانا كثيرة كنت الحق به الى هناك وأعيده الى المنزل" ،،

وصباح الخميس الموافق التاسع من تشرين الثاني أعيد فارس الى والدته شهيدا برصاصة من نوع 500 قطعت معظم شرايينه وأوردة رقبته ،،

ففي ذلك الصباح خرج فارس مبكرا من منزله يحمل بيده يحمل مقلاعا بعد أن جهز لنفسه إكليلا من الزهور زينه بصورته وبعبارة خطها بيده " الشهيد البطل فارس عودة " ،،

يقول صديقة رامي بكر كنت انتظره ككل صباح للذهاب الى المدرسة فكان على غير عادته معطرا يحمل إكليلا من الورد أخذه من بيت عزاء ابن خالته الشهيد شادي وقال لي ساعدني لكي اعلق الإكليل على باب المنزل ،،

في معبر المنطار يقول رامي أن فارس كان يتعمد تحدي الدبابة والاقتراب منها وأحيانا كان يقوم بممارسة هوايته في الدبكة الشعبية على بعد امتاز قليلة منها.وعندما سألناه لماذا يفعل ذلك كان يجيب بأغنية " لو كسروا عظامي مش خايف ولو هدوا البيت مش خايف " ،،

ترجل الفارس بعد أن سجل للتاريخ صورة طفل تحدى بعظامه ولحمه الطري دبابة ، ترجل الفارس ولا تزال الصورة تنطلق بأشياء وأشياء دم وعظام تقفز من أسرتها ومن بين ألعابها لتقاوم دبابة ترجل فارس وظل عيسى يردد من بعده بجانب مقعده الفارغ على مائدة رمضان " لو كسروا عظامي مش خايف.. ولو هدوا البيت مش خايف " ،،

------------------------------------------
يا فارس القدس العتيق ..
يا زهرة الارض المباركة الغريق ..
يا شمسنا مخبوءة ببراثن الليل الحريق ..
من أي رحم قد قفزت؟!
من أي جرح راعف يا سيد الارض الذبيحة قد نزفت؟!
من أي كوخ من ازقتنا الفقيرة قد زحفت؟!

يا فارس المسكون بالوجع المطرز والوعود ..
يا فارس المخبوء في ألق الرعود ..
اليوم حانت ساعة الميلاد في الليل الجمود ..
ها أنت تشمخ في يديك حجارة...
والقلب جمر... والخدود...

إني أراك...
سلمت يداك...
الشمس تبزغ من يمينك والماق ..
الفجر قبّرة ترفرف في رباك ..
الموت أغنية القيامة والبراق ..
قطع الطريق بلا ارتباك ..
ماذا دهاك ..
تستلهم التاريخ والغضب المطرز ساعداك ..

قفز الصغير وما انتظر ..
قذف الزجاجة والحجر ..
انهمرت مطر ..
النار هاجت والخطر ..
صمد الصغير وما انفطر ..
نزل المطر.. نزل المطر ..
---------------------------

وإلى جنة الخلد يا فارس ..