painter
16-02-2002, 11:30 AM
:
الحرب الشاملة.. القصف.. التلويح .. التفويض.. أم الموت الطبيعي؟
لندن ـ محمد عبد الجبار:
مازالت المسافة كبيرة بين ما قاله الرئيس الامريكي جورج بوش الابن بشأن اعتبار العراق ثالثة الاثافي في محور الشر الذي يضم ايضا ايران وكوريا الشمالية، و ما قاله وزير خارجيته كولن باول بشأن تغيير النظام في العراق من جهة وبين ما يمكن عمله على ارض الواقع من جهة ثانية. وليس قول باول انه لا توجد خطة عسكرية على طاولة الرئيس الامريكي بشأن شن هجوم وشيك على العراق سوى تعبير اولي عن هذه المسافة، التي مازال اتساعها يثير التساؤل حول ماتنطوي عليه التصريحات الامريكية المتفاوتة هذه الايام والتي تتراوح بين التشديد حتى التصعيد بشكل يجعل تعليق المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات الامريكية فينس كانيسترارو مطروحا على الطاولة حين قال ان التشدد الكلامي الذي تبديه الادارة الامريكية ضد صدام هو جزء من ¢حملة نفسية¢ للضغط عليه لقبول عودة المفتشين الدوليين المطرودين منذ حوالي اربع سنوات، في خطوة يمكن ان تكون بدورها جزءا من تسوية دولية تنتهي بايجاد نظام جديد للعقوبات الاقتصادية يكون اقل عرضة للانتقاد على الصعيد العالمي.
لكن ماذا لو رفض صدام الخضوع للحرب النفسية، واصر على عدم السماح بعودة المفتشين الدوليين؟
ستجد واشنطن نفسها مضطرة للتحرك ضده، على الاقل لحفظ ماء وجهها والابقاء على كرامتها الدولية، وهو امر اثبتت احداث 11 سبتمبر الماضي وماتلاها ان واشنطن غير مستعدة للتساهل بشأنه.
فما هي الخيارات المتاحة امام واشنطن في هذه الحالة؟
الخيار الاول، الحرب الشاملة:
يعني هذا الخيار شن هجوم واسع على العراق على غرار حرب تحرير الكويت ما يمكن اعتباره الجزء الثاني من حرب الخليج، اكثر من كونه الجزء الثاني من الحرب ضد الارهاب، وهو الجزء الذي يؤكد العديد من المراقبين انه بدأ فعلا في الفلبين والصومال واليمن. سوف يتطلب هذا الخيار بطبيعة الحال حشد قوات امريكية كبيرة العدة والعدد، او فيلق كامل كما يرى الخبير الاستراتيجي الامريكي انتوني كوردسمان، من بينها قوات قتالية تابعة للاسطول فضلا عن القوات الجوية. ويتألف الفيلق من ثلاث الى اربع فرق تضم ما مجموعه 200 الف جندي، وهو اقل من العدد الذي وصلته القوات الامريكية اثناء حرب الخليج وهو نصف مليون جندي. ويوجد لدى العراق الان حوالي 350 الف الى 400 الف جندي. ويرى الخبراء ان هجوما بريا سوف يؤدي الى وقوع ضحايا في صفوف الجنود الامريكيين. وسوف يكون الدعم الذي يقدمه حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة وخاصة من تركيا والسعودية امرا ضروريا بالنسبة لمثل هذا الهجوم، وليس من الواضح الان ان السعودية سوف تقبل باستضافة قوات امريكية تأتي لغرض شن هجوم على العراق على غرار ما فعلت في حرب تحرير الكويت بسبب اختلاف الاهداف السياسية للحربين. اما تركيا فلن توافق على المشاركة في حرب قد تكون من نتائجها تشجيع اكراد العراق على الحصول على الاستقلال واقامة دولتهم الخاصة، ولهذا فان اشد ما يعنيها هو الحصول على ضمانات بعدم حصول ذلك على حدودها الجنوبية.
الخيار الثاني، حملة القصف الجوي:
وقد تلجأ الولايات المتحدة الى خيار اقل كلفة هو شن هجومات جوية مركزة على المواقع الحيوية بالنسبة للنظام العراقي وفي مقدمتها بطبيعة الحال مواقع الدفاع الجوي ومراكز القيادة والتجمعات العسكرية ومنشآت اسلحة الدمار الشامل.
وليس من الواضح ان مثل هذا الخيار من الممكن ان يؤدي الى اجبار صدام على قبول عودة المفتشين الدوليين، فضلا عن اسقاط النظام نفسه. ولهذا فسوف تواجه الولايات المتحدة احتمال استمرار الحملة الجوية بكل ما يمكن ان توقعه من الاضرار والخسائر في صفوف المدنيين الامر الذي يعرضها للانتقاد الدولي.
الخيار الثالث، التلويح بالحرب:
يرى بعض الخبراء ان الولايات المتحدة تستطيع أن تلجأ الى التهديد بشن حرب واسعة، وتقوم بتحريك 200 الف جندي الى المنطقة، والطلب من حلفائها في المنطقة التعبير علنيا عن تأييدهم لها، بدون ان تكون عازمة فعلا عن شن الحرب. ويأمل انصار هذا الخيار أن يؤدي التهديد بشن الحرب الى اخافة الجيش العراقي، وبالتالي رفضهم دعم صدام، بل قد يقوم بعضهم بالتحرك ضده ودعم قوات المعارضة، ومن ثمة اسقاطه. ويرى بعض المراقبين ان صدام قد ينحني امام التهديد ويقبل عودة المفتشين الدوليين مقابل بقائه في السلطة، لكن مراقبين اخرين يرون ان تهديدات واشنطن اثبتت انها عديمة النفع، وان صدام يبدو مستعدا للقتال، ولهذا فان على الولايات المتحدة وحلفائها ان يكونوا مستعدين للهجوم.
الخيار الرابع، شن حرب بالتفويض:
يعني هذا الخيار تكليف اخرين بشن الحرب، مثل قوة معارضة داخلية، مقابل تقديم الدعم لها من قبل وكالة الاستخبارات المركزية، على مستوى تقديم المال والسلاح والتدريب، فضلا عن تقديم الدعم الجوي لها وذلك على غرار ما حصل في افغانستان، لكن بعض المراقبين يعتقدون ان هذا خيار غير ممكن، لأن حجم القوات العراقية يبلغ عشرة اضعاف حجم قوات طالبان، وان المعارضين العراقيين الذين يمكن ان يشتركوا في القتال ليسوا بمثل قدرة التحالف الشمالي الافغاني وغيره من المقاتلين الافغان الذين تصدوا لقوات طالبان. لكن اوساطا في المعارضة العراقية قريبة من الولايات المتحدة ترى انه يمكن انجاز مهمة اسقاط صدام باستخدام ثلاثة الاف مقاتل مدربين من قبل الولايات المتحدة، مدعومين بقصف جوي امريكي وعدة الاف من القوات الامريكية الخاصة، فضلا عن الدعم الكبير من ايران. ويرى انصار هذا الخيار ان الجو الذي يمكن ان يخلقه سوف يؤدي الى ترنح نظام صدام ومن ثم سقوطه. لكن اوساطا نافذة في واشنطن تعتقد انه لايمكن الركون الى المؤتمر الوطني العراقي لتنفيذ مثل هذه الخطة.
الخيار الخامس، العملية السرية:
يرى انصار هذا الخيار ان افضل طريقة لاسقاط صدام تتمثل بتدبير عملية سرية ضده. وتعمل وكالة الاستخبارات المركزية على عملية من هذا النوع منذ فترة دون ان تؤدي الى نجاح يذكر. ويقال ان مدير الوكالة يحبذ هذا الخيار على ان يتم تطويره اثناء العمل بحيث يتحول الى حملة اوسع، تتضمن حملة اعلامية و ارباكا اقتصاديا يمكن ان يؤديا الى تصاعد التذمر الشعبي ضد نظام صدام.
الخيار السادس، العزلة الدبلوماسية والاقتصادية:
وهذا هو الخيار الذي تبنته الادارة الامريكية في عهد الرئيس كلينتون، اضافة الى عمليات القصف الجوي المتناثرة. ولم يؤد هذا الخيار كما هو معلوم الى اجبار صدام على الامتثال للقرارات الدولية فضلا عن اسقاطه. بل ان العديد من الدول صارت تتعامل معه اقتصاديا وسياسيا رغم قرارات المقاطعة الدولية.
الخيار الاخير، الانتظار:
اشار باول الى أن عمر صدام الان 64 سنة، وان صحته لا تبدو على ما يرام، الامر الذي قد يوحي بامكانية الركون الى سخط الطبيعة ، وانتظار موت صدام الذي سوف يحل الكثير من المشاكل بدون كلفة زائدة. لكن مشكلة هذا الخيار انه لم ينجح مع الرئيس الكوبي فيدل كاسترو، فهل سوف ينجح مع صدام؟.
الحرب الشاملة.. القصف.. التلويح .. التفويض.. أم الموت الطبيعي؟
لندن ـ محمد عبد الجبار:
مازالت المسافة كبيرة بين ما قاله الرئيس الامريكي جورج بوش الابن بشأن اعتبار العراق ثالثة الاثافي في محور الشر الذي يضم ايضا ايران وكوريا الشمالية، و ما قاله وزير خارجيته كولن باول بشأن تغيير النظام في العراق من جهة وبين ما يمكن عمله على ارض الواقع من جهة ثانية. وليس قول باول انه لا توجد خطة عسكرية على طاولة الرئيس الامريكي بشأن شن هجوم وشيك على العراق سوى تعبير اولي عن هذه المسافة، التي مازال اتساعها يثير التساؤل حول ماتنطوي عليه التصريحات الامريكية المتفاوتة هذه الايام والتي تتراوح بين التشديد حتى التصعيد بشكل يجعل تعليق المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات الامريكية فينس كانيسترارو مطروحا على الطاولة حين قال ان التشدد الكلامي الذي تبديه الادارة الامريكية ضد صدام هو جزء من ¢حملة نفسية¢ للضغط عليه لقبول عودة المفتشين الدوليين المطرودين منذ حوالي اربع سنوات، في خطوة يمكن ان تكون بدورها جزءا من تسوية دولية تنتهي بايجاد نظام جديد للعقوبات الاقتصادية يكون اقل عرضة للانتقاد على الصعيد العالمي.
لكن ماذا لو رفض صدام الخضوع للحرب النفسية، واصر على عدم السماح بعودة المفتشين الدوليين؟
ستجد واشنطن نفسها مضطرة للتحرك ضده، على الاقل لحفظ ماء وجهها والابقاء على كرامتها الدولية، وهو امر اثبتت احداث 11 سبتمبر الماضي وماتلاها ان واشنطن غير مستعدة للتساهل بشأنه.
فما هي الخيارات المتاحة امام واشنطن في هذه الحالة؟
الخيار الاول، الحرب الشاملة:
يعني هذا الخيار شن هجوم واسع على العراق على غرار حرب تحرير الكويت ما يمكن اعتباره الجزء الثاني من حرب الخليج، اكثر من كونه الجزء الثاني من الحرب ضد الارهاب، وهو الجزء الذي يؤكد العديد من المراقبين انه بدأ فعلا في الفلبين والصومال واليمن. سوف يتطلب هذا الخيار بطبيعة الحال حشد قوات امريكية كبيرة العدة والعدد، او فيلق كامل كما يرى الخبير الاستراتيجي الامريكي انتوني كوردسمان، من بينها قوات قتالية تابعة للاسطول فضلا عن القوات الجوية. ويتألف الفيلق من ثلاث الى اربع فرق تضم ما مجموعه 200 الف جندي، وهو اقل من العدد الذي وصلته القوات الامريكية اثناء حرب الخليج وهو نصف مليون جندي. ويوجد لدى العراق الان حوالي 350 الف الى 400 الف جندي. ويرى الخبراء ان هجوما بريا سوف يؤدي الى وقوع ضحايا في صفوف الجنود الامريكيين. وسوف يكون الدعم الذي يقدمه حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة وخاصة من تركيا والسعودية امرا ضروريا بالنسبة لمثل هذا الهجوم، وليس من الواضح الان ان السعودية سوف تقبل باستضافة قوات امريكية تأتي لغرض شن هجوم على العراق على غرار ما فعلت في حرب تحرير الكويت بسبب اختلاف الاهداف السياسية للحربين. اما تركيا فلن توافق على المشاركة في حرب قد تكون من نتائجها تشجيع اكراد العراق على الحصول على الاستقلال واقامة دولتهم الخاصة، ولهذا فان اشد ما يعنيها هو الحصول على ضمانات بعدم حصول ذلك على حدودها الجنوبية.
الخيار الثاني، حملة القصف الجوي:
وقد تلجأ الولايات المتحدة الى خيار اقل كلفة هو شن هجومات جوية مركزة على المواقع الحيوية بالنسبة للنظام العراقي وفي مقدمتها بطبيعة الحال مواقع الدفاع الجوي ومراكز القيادة والتجمعات العسكرية ومنشآت اسلحة الدمار الشامل.
وليس من الواضح ان مثل هذا الخيار من الممكن ان يؤدي الى اجبار صدام على قبول عودة المفتشين الدوليين، فضلا عن اسقاط النظام نفسه. ولهذا فسوف تواجه الولايات المتحدة احتمال استمرار الحملة الجوية بكل ما يمكن ان توقعه من الاضرار والخسائر في صفوف المدنيين الامر الذي يعرضها للانتقاد الدولي.
الخيار الثالث، التلويح بالحرب:
يرى بعض الخبراء ان الولايات المتحدة تستطيع أن تلجأ الى التهديد بشن حرب واسعة، وتقوم بتحريك 200 الف جندي الى المنطقة، والطلب من حلفائها في المنطقة التعبير علنيا عن تأييدهم لها، بدون ان تكون عازمة فعلا عن شن الحرب. ويأمل انصار هذا الخيار أن يؤدي التهديد بشن الحرب الى اخافة الجيش العراقي، وبالتالي رفضهم دعم صدام، بل قد يقوم بعضهم بالتحرك ضده ودعم قوات المعارضة، ومن ثمة اسقاطه. ويرى بعض المراقبين ان صدام قد ينحني امام التهديد ويقبل عودة المفتشين الدوليين مقابل بقائه في السلطة، لكن مراقبين اخرين يرون ان تهديدات واشنطن اثبتت انها عديمة النفع، وان صدام يبدو مستعدا للقتال، ولهذا فان على الولايات المتحدة وحلفائها ان يكونوا مستعدين للهجوم.
الخيار الرابع، شن حرب بالتفويض:
يعني هذا الخيار تكليف اخرين بشن الحرب، مثل قوة معارضة داخلية، مقابل تقديم الدعم لها من قبل وكالة الاستخبارات المركزية، على مستوى تقديم المال والسلاح والتدريب، فضلا عن تقديم الدعم الجوي لها وذلك على غرار ما حصل في افغانستان، لكن بعض المراقبين يعتقدون ان هذا خيار غير ممكن، لأن حجم القوات العراقية يبلغ عشرة اضعاف حجم قوات طالبان، وان المعارضين العراقيين الذين يمكن ان يشتركوا في القتال ليسوا بمثل قدرة التحالف الشمالي الافغاني وغيره من المقاتلين الافغان الذين تصدوا لقوات طالبان. لكن اوساطا في المعارضة العراقية قريبة من الولايات المتحدة ترى انه يمكن انجاز مهمة اسقاط صدام باستخدام ثلاثة الاف مقاتل مدربين من قبل الولايات المتحدة، مدعومين بقصف جوي امريكي وعدة الاف من القوات الامريكية الخاصة، فضلا عن الدعم الكبير من ايران. ويرى انصار هذا الخيار ان الجو الذي يمكن ان يخلقه سوف يؤدي الى ترنح نظام صدام ومن ثم سقوطه. لكن اوساطا نافذة في واشنطن تعتقد انه لايمكن الركون الى المؤتمر الوطني العراقي لتنفيذ مثل هذه الخطة.
الخيار الخامس، العملية السرية:
يرى انصار هذا الخيار ان افضل طريقة لاسقاط صدام تتمثل بتدبير عملية سرية ضده. وتعمل وكالة الاستخبارات المركزية على عملية من هذا النوع منذ فترة دون ان تؤدي الى نجاح يذكر. ويقال ان مدير الوكالة يحبذ هذا الخيار على ان يتم تطويره اثناء العمل بحيث يتحول الى حملة اوسع، تتضمن حملة اعلامية و ارباكا اقتصاديا يمكن ان يؤديا الى تصاعد التذمر الشعبي ضد نظام صدام.
الخيار السادس، العزلة الدبلوماسية والاقتصادية:
وهذا هو الخيار الذي تبنته الادارة الامريكية في عهد الرئيس كلينتون، اضافة الى عمليات القصف الجوي المتناثرة. ولم يؤد هذا الخيار كما هو معلوم الى اجبار صدام على الامتثال للقرارات الدولية فضلا عن اسقاطه. بل ان العديد من الدول صارت تتعامل معه اقتصاديا وسياسيا رغم قرارات المقاطعة الدولية.
الخيار الاخير، الانتظار:
اشار باول الى أن عمر صدام الان 64 سنة، وان صحته لا تبدو على ما يرام، الامر الذي قد يوحي بامكانية الركون الى سخط الطبيعة ، وانتظار موت صدام الذي سوف يحل الكثير من المشاكل بدون كلفة زائدة. لكن مشكلة هذا الخيار انه لم ينجح مع الرئيس الكوبي فيدل كاسترو، فهل سوف ينجح مع صدام؟.