تسجيل الدخول

View Full Version : صحيفة يديعوت" الصحفي وولي العهد"!!!!


Fiona
26-03-2002, 06:51 AM
صحيفة يديعوت احرونوت (صحيفه اسرائيليه)
--------------------------------------------------------------------------------

الصحفي وولي العهد


توماس فريدمان ("نيويورك تايمز") يروي لـ"يديعوت أحرونوت" كيف تدحرجت المبادرة السعودية لإستئناف العملية السياسية مع إسرائيل
ناحـــوم برنيـــيع


ولي العهد والحاكم الفعلي في السعودية، الأمير عبدالله، ليس ولداً. في السعودية لا يكشفون عن عمره. يقولون عادة إن عمره يتراوح بين 72 و 78. صاحب المقالة اللامعة في صحيفة "نيويورك تايمز"، توماس فريدمان، هو يهودي، مؤيد لإسرائيل، إبن 49 عاما. وهذه ليست بالضبط بداية مناسبة لصداقة رائعة.

ورغم ذلك، فإن اللقاء الذي جرى بين الإثنين، في مزرعة الأمير، قرب الرياض، ولّد مبادرة تهز، في هذه الأيام، العالم العربي كله، وغالبية وزارات الخارجية في الغرب. وحتى اليوم، أعلنت عن دعمها لهذه المبادرة، علانية أو همسا، كل الحكومات العربية بإستثناء حكومتي سوريا والعراق، وتبناها الأمين العام للجامعة العربية. أما عرفات فقد إدعى أنه رحب بها، كما رحب بها وزير الخارجية الأميركي، كولين باول.

ما بدا وكأنه لعبة لامعة في العلاقات العامة، تطور إلى عملية دبلوماسية ربما تملك، كما يبدو، حياتها الخاصة. ويمكن للمتفائلين من بيننا تذكر مبادرة السلام التي طرحها الرئيس السادات. فقد بدأت هي، أيضًا، بتصريح بدا كأنه لعبة في مجال العلاقات العامة.

في نهاية الأسبوع المنصرم، روى فريدمان، من مكتبه في نيويورك، لصحيفة "يديعوت أحرونوت" كيف تحولت زيارته الصحفية إلى كرة ثلج دبلوماسية.

لقد بدأ كل شيء في يناير، خلال المؤتمر الإقتصادي السنوي (مؤتمر دافوس)، الذي أقيم، هذا العام، في نيويورك. هناك إلتقى فريدمان بشخصيتين كبيرتين، الأولى من المغرب، والثانية من الأردن، وتعتبران من ذوي الخبرة الكبيرة في الصراع الشرق أوسطي. وتم خلال ذلك اللقاء طرح عدة أفكار لإخراج الصراع من الدائرة الدموية التي علق فيها. وكانت الفكرة المنتصرة بسيطة جدا: أن تعلن الجامعة العربية، التي ستنعقد في بيروت، في آواخر آذار المقبل، عن صيغة للتوصل إلى اتفاق يقضي بتطبيع العلاقات الكاملة بين العالم العربي وإسرائيل، مقابل الإنسحاب الإسرائيلي إلى حدود حزيران 67.
لا يمكننا الخروج بمبادرة كهذه، قال المغربي والسعودي. من يمكنها القيام بذلك هي مصر أو السعودية.

ويقول فريدمان: "في الخلفية وقفت النوايا الأميركية بشن الحرب ضد العراق. وإذا كان الأمر الوحيد الذي سيصدر عن قمة الزعماء العرب هو معارضة الهجوم الأميركي على صدام، فإنهم بذلك، سيدفعون بوش إلى أحضان شارون. ولذلك يتحتم عليهم خلق قوة دافعة جديدة، عليهم إظهار جديتهم. "قلت لهم، هناك خطة سلام إسرائيلية طرحها براك، وهناك خطة سلام أميركية، طرحها كلينتون، فما الذي تقترحونه".

عادة ما يقوم فريدمان بنشر رسائل متبادلة بين الزعماء في العمود الذي يكتبه. وهذه الرسائل هي نتاج خياله المبدع وتجربته السياسية. العالم العربي على إقتناع بأن هذه الرسائل تأتي مباشرة من طاولة الرئيس بوش. في نهاية شهر يناير، نشر فريدمان رسالة موجهة إلى الزعماء العرب، دعاهم فيها إلى تبني إقتراحه.

وفي المقابل، طلب من السفارة السعودية في واشنطن، الحصول على تأشيرة دخول إلى بلادهم. لكن السعوديين يعتبرونه عدوا لهم، إذ إنه أكثر من مهاجمتهم منذ وقوع عملية أبراج التوأم، بسبب دعمهم للإسلام المتطرف، وبسبب فسادهم وتلونهم. ولم يتوقف عن التذكير بأن 15 من المتورطين في العمليات جاؤوا من السعودية. وقد جذبت هذه الحملة الكثير من وسائل الإعلام الأميركية إليه ، وكان السعوديون على إقتناع بأن المقصود مؤامرة يهودية.

وأصيب القصر الملكي بالفزع. وبعد تردد، فتح أبواب بلاده أمام مراسلي "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" و"وول ستريت جورنال". وعندما توجه فريدمان طالبا تأشيرة دخول فوجئ بالتجاوب الفوري مع طلبه. "يمكنك ان تطير غدا". قالوا له. "يمكنك إلتقاء قيادة الدولة". "غدا لا يمكنني السفر" رد فريدمان، "إذ سأسافر غدا إلى افغانستان، ويمكنني السفر إلى السعودية في منتصف شباط".

غداة وصوله إلى السعودية، أخذه وزير النفط، علي نعيمي، لزيارة منشأة النفط الجديدة، قرب الحدود مع الإمارات المتحدة. "لقد أصر نعيمي على أخذي إلى منطقة تلال رملية، صحراء من التلال الرملية. وشاهدت من فوق إحداها، إحدى أجمل الصور التي رأيتها في حياتي. وقد أثار بي هذا المشهد فكرتين عن السعودية، الأولى: ان الإسلام، كما يبدو من هناك، شديد البساطة والإستقامة وكبت الشهوات. لا شيء يفصل بينك وبين الله، لا شجرة ولا حجر، الرمال فقط، هناك ترى الرمل فقط.

"الفكرة الثانية، لقد حلقنا لمدة ساعة ونصف الساعة في فراغ، دون أن نرى أي شيء. وليس المهم عدد الاقمار الإصطناعية التي سيضعونها فوق السعودية، فالمقصود هنا دولة معزولة، مغلقة أمام الأجانب".

بعد يومين من وصوله، أبلغوه أن ولي العهد سيستقبله. وتم اللقاء في ساعات المساء، في مزرعة الأمير، قرب الرياض. ورافق فريدمان إلى هذا اللقاء، مستشار الأمن القومي، عبد الجابر.

"إنتظرنا ساعة من الزمن، ثم دعينا إلى الديوان"، يقول فريدمان. "كان هناك أبناء العائلة المالكة ووزراء. وطلب مني الأمير تقديم نفسي إلى كل واحد من الحضور".

وكان من بين الحضور، الأمير وليد بن طلال، الذي رفض رئيس بلدية نيويورك، رودي جولياني قبول تبرعه للمدينة، لأنه هاجم إسرائيل. لقد كتب فريدمان كلمات قاسية، بشكل خاص، عن الأمير، لكنه، في إطار البساط الأحمر الذي فرش في إستقبال الصحفي الأميركي، صافح يده بأدب.

وقام فريدمان بإهداء الأمير عبدالله، نسخة من الطبعة العربية لكتابه عن العولمة. وبعد تناول وجبة العشاء، دعاه الأمير إلى محادثة ثلاثية، شارك فيها مستشار الأمن القومي، الجابر، الذي قام بمهام الترجمة، كون الأمير لا يجيد اللغة الإنجليزية.
ودامت المحادثة ثلاث ساعات. وكان الشرط الوحيد هو عدم نشر تفاصيلها. لقد تحدثوا هناك عن الإدارة الأميركية وعن العراق وعن الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. ويقول فريدمان: "لقد بدا لي الأمير رجلا موضوعيا، يتحلى بالجدية ولا يصطنع الذكاء".

"ذكرت أمام الأمير المقالة التي نشرتها، والتي اقترحت فيها التطبيع مقابل الإنسحاب. وقام الجابر بترجمة أقوالي، فأبرقت عينا الأمير، ونظر إلى الجابر متسائلا: هل أدخلته إلى مكتبي؟ هل فتحت له الدرج؟ كيف سرق فكرتي؟

"ودخلنا في نقاش تظاهري، أنت سرقت مني، لا، أنت سرقت مني، وعندها قال الأمير: لقد كان ذلك هو نص الخطاب الذي كنت انوي القاءه، لكنني لم أفعل بسبب ما فعله شارون للفلسطينيين.

وقلت له: أنا أسمع هذه الحكاية منذ سنوات كثيرة. لقد سمعت، مرات كثيرة، من العرب ومن الإسرائيليين العبارة التي تقول: لقد كنت على وشك عمل هذا وذاك، لكن الجانب الآخر فعل شيئا فتراجعت. أنا استصعب التعامل مع ذلك بجدية.

"لكنني جدي"، قال الأمير.
"اذا كنت جديا، قلت له، فلماذا لا تدلي بهذه الأقوال لنشرها علانية؟
"لكن شارون، قال الأمير.
"وإذا توقف إطلاق النيران، قلت.
"دعني أفكر في الأمر، قال الأمير.

"صبيحة اليوم التالي إتصلوا بي من القصر. وطلبوا مني إسماعهم كل الاقتباسات التي أنوي دمجها في إطار مقالتي. فقرأتها. وبعد ساعتين، إتصلوا بي ثانية، وقالوا: تفضل وانشرها. ولم يشطبوا أي شيء.

"كان ذلك يوم الخميس، ومقالتي تظهر يوم الأحد، وأنا لا أرسلها عادة قبل يوم الجمعة. كنت متاكدا أنني سأتلقى خلال اليومين المتبقيين محادثة هاتفية وطلب التعديل. فبدل أن اكتب كلمة تطبيع على لسان الأمير، مثلا، أن اكتب شيئا أقل ملزما. فقد شرح له مساعدوه أن التطبيع يشمل التبادل التجاري والسياحة، وكل شيء. لكنني لم أتلق مثل هذه المحادثة.

"بل ان ما حدث كان هو العكس، فقد إتصلوا بي عدة مرات، وسألوني متى سيتم نشر المقالة، نريد توزيعها على وسائل إعلامنا، قالوا لي.

"حسب تجربتي، أنا لا أعتبر ما يقوله القادة العرب والإسرائيلين لي أمراً موضوعيا. فالأمر الموضوعي هو ما يقولونه علانية، لجمهورهم. ولذلك كان يهمني معرفة كيف سيعالج الإعلام السعودي هذه المسألة، هذا إذا عالجها أساسا.
"لكن هذه القصة إحتلت عناوين الصحف، يوم الإثنين، وتم بثها في مقدمة النشرات الإخبارية. وكان العنوان: الأمير عبدالله يقترح التطبيع الكامل مقابل الإنسحاب الكامل، بما في ذلك من القدس.

لقد كان بإمكانهم إنتهاج طريقة ملتوية ونشر عنوان يقول، مثلا: شارون منع مبادرة سلمية. لكنهم فضلوا العنوان الملزم، ولو كنت إسرائيليا لكنت أبديت الاهتمام بهذه المسألة بالذات.

"فور ذلك تلقيت محادثات هاتفية من مختلف وسائل الإعلام العربية، لكنني رفضت إجراء مقابلات معي. وقلت إن المبادرة جاءت من الأمير، وانني لست أنا الحكاية. ولم اكتب في مقالتي أنه تم تحقيق التحول الكبير. فلقد نشرت اقوال الأمير وقلت إن هذا هو المتوفر.

"أعتقد أنهم يفهمون بأنه لن يتم الإنسحاب الكامل بنسبة 100% إلى حدود حزيران 67. وما يقولونه هو إنه إذا توصل عرفات إلى اتفاق مع إسرائيل، وإذا ضمن هذا الإتفاق السيطرة العربية على الحرم القدسي، فإنهم سيدعمونه. لن يكونوا أكثر مطالبة من عرفات، ولن يضغطوا عليه من اليمين، بل على العكس: إنهم يدعمونه بكونهم يمنحونه ورقة أخرى يقترحها على إسرائيل: التطبيع مع كل العالم العربي".

التحمس للمبادرة السعودية يعلمنا مدى كبر حجم التعطش إلى فكرة جديدة، منقذة، تملأ الفراغ الذي تولد بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ما زال الوقت مبكرا لمعرفة ما إذا كانت هذه المبادرة تشهد على إستعداد القصر الملكي السعودي، لتسلم القيادة، بشكل حقيقي، يتجاوز مسألة العلاقات العامة. أما بالنسبة لفريدمان، فقد كتب أربع مقالات أخرى عن السعودية، تحدثت بكياسة عن مدى وهن الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية في المملكة، ومدى صعوبة النهوض بها.
(22:29 , 26/02/2002)

http://www.swalif.net/sforum1/newthread.php?s=&action=newthread&forumid=6