عقاب
17-08-2002, 01:45 PM
الشرق الأوسط : أسئلة غير مطروحة فهل من مجيب؟
في الأسبوع الماضي نشرت صحيفة الواشنطن بوست قصة إخبارية في الصفحة الأولى عن الحياة في قرية عجول الصغيرة بالضفة الغربية وجاء العنوان الرئيسي يقول: الفلسطينيون يخسرون حبال السلامة ؛ القرويون في الضفة الغربية والاطباء ممنوعون من العمل والمتاجر مغلقة .
وهناك العديد من الوظائف والمشافي في مدينة رام الله القريبة ولا يستغرق الوصول إليها في الأحوال العادية سوى 25 دقيقة بالسيارة. غير أن رام الله وسبع مدن رئيسية أخرى كبرى خاضعة لحظر التجول من جانب جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد سلسلة التفجيرات (الانتحارية) الأخيرة التي أدت إلى مقتل 15 إسرائيليا.
والعجول قرية صغيرة يقطنها 1200 شخص ولكن القصة تجعل من السهل إدراك أثر الاحتلال الإسرائيلي على سكان 700 ألف من سكان المدن ومئات الآلاف من سكان القرى الذين أصبحوا عاطلين عن العمل ومفلسين ويعيشون في يأس أكبر. ونقل عن قروي قوله: الناس محبطون ونصف السكان يريدون الآن تنفيذ عمليات (انتحارية) ويريدون أن يموتوا. ويقول آخر: نحن لا نستطيع الذهاب أو المجئ ولا نستطيع فعل شيء فقد أصبحنا معزولين عن كل شيء. فيما قال صبى صغير عمره 15 عاما: لقد سئمت حياتي ولا أستطيع فعل شيء بعد أن أصبحت عاجزا عن الحركة أو التقدم.
هذه قصة قوية مثلما كانت هناك قصص كذلك بيد أن ثمة أسئلة غير مطروحة تدور في رأسي. على سبيل المثال: ماذا يظن أولئك القرويون باستخدام مفجرين شباب لقتل مدنيين إسرائيليين؟ ماذا يظن أولئك بقيادتهم أو بالسياسات والاستراتيجيات التي أنتجت هذه المعركة المفتوحة؟ كيف يعتقد هؤلاء بشكل واقعي أن باستطاعتهم تحقيق نوع من الحياة لأنفسهم ولعائلاتهم؟ أود أن أسمع إجابات على هذه الأسئلة من الأفراد واحدا واحدا من دون أسماء إذا لزم الأمر لحمايتهم ـ بدلا من مجموعات حيث سيقول كل واحد ما تطلبه المجموعة.
لقد أصبحت القصص مألوفة على نحو مخدر إذ تحكي ما يحدث لنحو ثلاثة ملايين فلسطيني في هذه الأراضي. لكن ألا يفكر أحد في كيفية إيقاف ذلك بغير عمليات (انتحارية) أكثر؟ ألا ينزعج أحد من أن حركتي حماس والجهاد لا يخضعان لسيطرة أية سلطة وأنه قد لا يكون هناك سبيل لجلب السلام وأنه قد يظل هناك قتال وموت بلا نهاية؟
نفس الكلام ينطبق على إسرائيل. فهناك قصص عن الحرب والتفجيرات الانتحارية وأثرها والردود الانتقامية التي تثيرها والسياسات وعملية السلام. على أن الكثير من هذه القصص لا تحتوي على أسئلة للإسرائيليين الذين هم في قلب هذا الصراع المأساوي. ماذا عن قرابة 400 ألف إسرائيلي في مئات المستوطنات بالضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية؟ ماذا عن 35 عاما من الاحتلال؟ هل نسينا أن الشعب الذي يرزح تحت الاحتلال سيقاوم؟ كيف يشعر الإسرائيليون حيال ذلك؟ إلى أين تقود السياسة الحالية؟ هل توقف الإسرائيليون فجأة عن تشغيل فكرهم؟
الواضح أنه من الخطورة بمكان الجهر بالمعارضة في فلسطين اليوم وربما بات الرأي العام الإسرائيلي أقل تنوعا عن ذي قبل. غير أنه لابد أن يكون هناك شكوك لدى كثير من الناس تجاه الطريق الذي تسير فيه الأمور التي لا بد أن تبرز على السطح. وما نقرأه في الغالب هو خط السياسة من كل من إسرائيل والفلسطينيين وهو ما قد يكون حقا نظرة غالبة. لكن ليس هناك أسئلة تطرح من أناس بما فيه الكفاية.
وأود الإشارة إلى أنه خلال الحرب الباردة في السبعينيات والثمانينيات قضى المراسلون الأميركيون في الاتحاد السوفيتي والدول الشيوعية الأخرى أوقاتا هائلة في تعقب ومحاورة المؤرخين والكتاب ورجال الدين ونشطاء حقوق الإنسان والسجناء السياسيين والرموز السياسية المنبوذة ومجموعة واسعة ممن نسميهم منشقين. لقد كان كل هؤلاء تقريبا شخصيات شجاعة كانت تتحدث بجرأة رغم الخطر الشخصي الكبير. وكانوا أصواتا معزولة في ذلك الوقت. لكن ما قالوه عن مجتمعاتهم تحقق وبصدى كبير. وقصص الاتحادات التجارية البولندية وأندية المفكرين الكاثوليك ومجموعات نشطاء حقوق الإنسان التشيك تكشف أنه إضافة إلى المنشقين المعروفين كانت هناك قاعدة سخط شعبية. وفي غمضة عين تاريخية انهار ما كان يبدو محصنا لعقود وتغير الكثير.
إن ما نحصل عليه اليوم من الشرق الأوسط أغلبه قصص غضب مفهوم على الجانبين. بيد أننا أمام اثنين من أكثر الشعوب ثرثرة على الأرض ولابد أن لديهم المزيد ليقولوه.
مايكل جيتلر
خدمة واشنطن بوست
في الأسبوع الماضي نشرت صحيفة الواشنطن بوست قصة إخبارية في الصفحة الأولى عن الحياة في قرية عجول الصغيرة بالضفة الغربية وجاء العنوان الرئيسي يقول: الفلسطينيون يخسرون حبال السلامة ؛ القرويون في الضفة الغربية والاطباء ممنوعون من العمل والمتاجر مغلقة .
وهناك العديد من الوظائف والمشافي في مدينة رام الله القريبة ولا يستغرق الوصول إليها في الأحوال العادية سوى 25 دقيقة بالسيارة. غير أن رام الله وسبع مدن رئيسية أخرى كبرى خاضعة لحظر التجول من جانب جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد سلسلة التفجيرات (الانتحارية) الأخيرة التي أدت إلى مقتل 15 إسرائيليا.
والعجول قرية صغيرة يقطنها 1200 شخص ولكن القصة تجعل من السهل إدراك أثر الاحتلال الإسرائيلي على سكان 700 ألف من سكان المدن ومئات الآلاف من سكان القرى الذين أصبحوا عاطلين عن العمل ومفلسين ويعيشون في يأس أكبر. ونقل عن قروي قوله: الناس محبطون ونصف السكان يريدون الآن تنفيذ عمليات (انتحارية) ويريدون أن يموتوا. ويقول آخر: نحن لا نستطيع الذهاب أو المجئ ولا نستطيع فعل شيء فقد أصبحنا معزولين عن كل شيء. فيما قال صبى صغير عمره 15 عاما: لقد سئمت حياتي ولا أستطيع فعل شيء بعد أن أصبحت عاجزا عن الحركة أو التقدم.
هذه قصة قوية مثلما كانت هناك قصص كذلك بيد أن ثمة أسئلة غير مطروحة تدور في رأسي. على سبيل المثال: ماذا يظن أولئك القرويون باستخدام مفجرين شباب لقتل مدنيين إسرائيليين؟ ماذا يظن أولئك بقيادتهم أو بالسياسات والاستراتيجيات التي أنتجت هذه المعركة المفتوحة؟ كيف يعتقد هؤلاء بشكل واقعي أن باستطاعتهم تحقيق نوع من الحياة لأنفسهم ولعائلاتهم؟ أود أن أسمع إجابات على هذه الأسئلة من الأفراد واحدا واحدا من دون أسماء إذا لزم الأمر لحمايتهم ـ بدلا من مجموعات حيث سيقول كل واحد ما تطلبه المجموعة.
لقد أصبحت القصص مألوفة على نحو مخدر إذ تحكي ما يحدث لنحو ثلاثة ملايين فلسطيني في هذه الأراضي. لكن ألا يفكر أحد في كيفية إيقاف ذلك بغير عمليات (انتحارية) أكثر؟ ألا ينزعج أحد من أن حركتي حماس والجهاد لا يخضعان لسيطرة أية سلطة وأنه قد لا يكون هناك سبيل لجلب السلام وأنه قد يظل هناك قتال وموت بلا نهاية؟
نفس الكلام ينطبق على إسرائيل. فهناك قصص عن الحرب والتفجيرات الانتحارية وأثرها والردود الانتقامية التي تثيرها والسياسات وعملية السلام. على أن الكثير من هذه القصص لا تحتوي على أسئلة للإسرائيليين الذين هم في قلب هذا الصراع المأساوي. ماذا عن قرابة 400 ألف إسرائيلي في مئات المستوطنات بالضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية؟ ماذا عن 35 عاما من الاحتلال؟ هل نسينا أن الشعب الذي يرزح تحت الاحتلال سيقاوم؟ كيف يشعر الإسرائيليون حيال ذلك؟ إلى أين تقود السياسة الحالية؟ هل توقف الإسرائيليون فجأة عن تشغيل فكرهم؟
الواضح أنه من الخطورة بمكان الجهر بالمعارضة في فلسطين اليوم وربما بات الرأي العام الإسرائيلي أقل تنوعا عن ذي قبل. غير أنه لابد أن يكون هناك شكوك لدى كثير من الناس تجاه الطريق الذي تسير فيه الأمور التي لا بد أن تبرز على السطح. وما نقرأه في الغالب هو خط السياسة من كل من إسرائيل والفلسطينيين وهو ما قد يكون حقا نظرة غالبة. لكن ليس هناك أسئلة تطرح من أناس بما فيه الكفاية.
وأود الإشارة إلى أنه خلال الحرب الباردة في السبعينيات والثمانينيات قضى المراسلون الأميركيون في الاتحاد السوفيتي والدول الشيوعية الأخرى أوقاتا هائلة في تعقب ومحاورة المؤرخين والكتاب ورجال الدين ونشطاء حقوق الإنسان والسجناء السياسيين والرموز السياسية المنبوذة ومجموعة واسعة ممن نسميهم منشقين. لقد كان كل هؤلاء تقريبا شخصيات شجاعة كانت تتحدث بجرأة رغم الخطر الشخصي الكبير. وكانوا أصواتا معزولة في ذلك الوقت. لكن ما قالوه عن مجتمعاتهم تحقق وبصدى كبير. وقصص الاتحادات التجارية البولندية وأندية المفكرين الكاثوليك ومجموعات نشطاء حقوق الإنسان التشيك تكشف أنه إضافة إلى المنشقين المعروفين كانت هناك قاعدة سخط شعبية. وفي غمضة عين تاريخية انهار ما كان يبدو محصنا لعقود وتغير الكثير.
إن ما نحصل عليه اليوم من الشرق الأوسط أغلبه قصص غضب مفهوم على الجانبين. بيد أننا أمام اثنين من أكثر الشعوب ثرثرة على الأرض ولابد أن لديهم المزيد ليقولوه.
مايكل جيتلر
خدمة واشنطن بوست