PDA

View Full Version : لكي تكون رجلا عربيا جدا.. ليس مهما أن يتصدر وجهك شارب


ابو الامير
11-10-2002, 09:48 AM
عزازي علي عزازي
لكي تكون رجلا عربيا جدا، ليس مهما أن يتخطي عمرك سن الحكمة، ليس مهما أن يتصدر وجهك شارب، ليس مهما أن تحترف الشجب والاستنكار أمام كاميرات القنوات المحلية، ليس مهما أن تجعل في عينيك حصوة ملح أو لا تجعل..
يكفي أن تكون
ولدا من ولدان الأرض المحتلة، يتدرع خلف مجنزرة محترقة، ليصوب بالمقلاع حجارة سجيل.
يكفي أن تكون
بنتا بضفيرة وغمازتين، كي تصعد فوق روابي المجد العربي ولا تنزل أبدا..
يكفي أن تنتسب اليك الثورة، حين تبتسم بين يديك حصوات الجمر القدسية.
وحين تصعد لتنام قرير العين فوق محفة الشهداء، محمولا علي أكتاف عيوننا المتخمة بجنازات عصافير الجنة.





وفي فلسطين المحتلة لا يوجد شيء عادي، كل الأشياء استثناء، الأرض استثناء والحجارة، الحياة والشهادة، الأطفال، والأمهات، حقائب المدارس، الصلاة والصيام، المظاهرات والجنازات، الأفراح والأحزان، .. والساعة السكانية أول وأخطر استثناء، أرحام الأمهات معامل لتفريخ القنابل البشرية، الأم استثناء. تلك التي تنجب ثلاثة عشر طفلا وطفلة في عشر سنين منهم علي الأقل توأمان.





الأم التي تفقد خمسة أبناء دفعة واحدة ثم تسير خلف نعوشهم تزغرد، 'خمسة شهداء أطفال رحلوا صائمين في رمضان الماضي جميعهم من عائلة الأسطل 'اكرم ومحمد وعمر وأنيس ومحمد سلطان'.





الأب يحتسب عند الله ابناءه الثلاثة وأمهم 'حسين أبوكويك الذي عاد من عمله ليجد أسرته جميعها تحت التراب'.
والأب جمال بركات سار صابرا خلف ولديه الشهيدين 'ملاك وشهيد'





والأم تتلو آيات الذكر الحكيم في سكينة وهدوء بعد فقد الزوج سمير سليمان العبد والابن سليمان والابنة ايناس'.





والأب يباشر عمله ويهتف في المسيرات بعد فقد عائلته كاملة 'نصرة وحكمت وسليمة الملامحة'.





والأم تودع شهيديها 'ياسر وسامي الكسبة' بالزغاريد في غزة.





يسقط الشهداء في الجنازات والمدافن والمسيرات السلمية فدورة المقاومة دورة استثنائية سريعة الإيقاع.. تلد الأمهات فلذات الأكباد تحت القصف وعلي جانبي الجنازة، يولدون في المواجهة للمواجهة، يتعلمون منذ نعومة الأظفار رجم الحجارة واللعب بالقنابل الفارغة، لا تسمع اذانهم سوي أصوات أزيز الأباتشي وقذف المدفعية الصهيونية، وهتاف المظاهرة يصحون علي زفاف وينامون في العراء، ويتعلمون حروف الهجاء علي جدران كتب عليها اشقاؤهم شعارات فلسطين ويتدربون كل يوم وكل ساعة علي الاستشهاد الذي صار المثل الأعلي للأحياء المنتظرين ساعة الزفاف إلي لجنة الخلد .. انها دورة استثنائية تربويا وتعليميا ووطنيا، الثأر يحفز الأطفال لاكتساب صفات الرجولة مبكرا، فقد رأي بالأمس شقيقه وزميل مقعده في المدرسة يرحل ملفوفا بالعلم الفلسطيني وما أجمل مشهد الشهيد وسط شهداء الأحياء الذين تحوم فوق رءوسهم ملائكمة الموت يبشرونهم بخلاص الجسد المحتل بالمهانات اليومية.
صورة مهند
ومهند طفل استثنائي '11 سنة' كان يعلق علي جدران الغرفة صور السابقين من زهور الأقحوان 'الدرة حاتم النجار أحمد دحلان إبراهيم القصاص إيمان حجو شهيد ملاك محمد الطويل حافظ'.





أعد مهند الافطار لجده ثم أسرع متلهفا للخروج، ذهب ولم يعد إلا ملفوفا بالعلم، كان مهند حاضرا في منطقة المقابر بخان يونس لوداع الشهيد ماضي خليل، طالته ومعه 13 فلسطينيا رصاصات أحفاد القردة والخنازير، كان يتمني أن يصبح صحفيا يحمل الكاميرا والأوراق ليسجل ما يحدث في الأرض المحتلة، لكنه مضي حيث يمضي طير السماء الأخضر.





أما أحمد القواسمي ابن الخليل '15 سنة' وترتيبه بين اخوته الثالث عشر! ولد جميل بهي الطلعة، شجي الصوت، قبل رحيله كان يقرأ سورة الكهف يوم الجمعة في المسجد، تمايل المصلون خلف صوته طربا وتهليلا وتكبيرا، بعدها سار كما ساروا في مسيرة نظمتها المقاومة الفلسطينية وفجأة طالته رصاصة خنزير عبري وقع الغلام ينزف علي الأرض أسرع السفاح الصهيوني ليضع قدمه علي عنق أحمد وأطلق رصاصات مدفعه الرشاش علي مقدمة رأس الشهيد، ثم فر الجبان هاربا لأقرب موقع صهيوني، وظل الغلام ينزف ساعات طوالا حتي فاضت روحه، وفاض معها كيل الأمة.





الإحصائيات تقول إن شهيدين فلسطينيين يصعدان كل ساعة وأن 200 جريح يسقطون يوميا وأن أكثر من عشرين حالة استشهاد لأقارب من الدرجة الأولي ، وأن 12 حالة استشهاد تمت في حادثة أو مجزرة واحدة للأطفال.





الشقيقان محمد ومحمود مساد استشهدا في جنين وفي قلب المظاهرة.





الشقيقان بلال وهلال صلاحات 'توأمان' نالا الشهادة في جنين علي يد فرق الموت الصهيونية التي اقتحمت المنازل في المخيم وأطلقت النار علي الجميع.





الشقيقان إبراهيم وعادل المقنن علي حاجز التفاح حينما فتح اليهود نيران أسلحتهم علي فتية المظاهرة، ورحل معهم الفتي مراد أبوشاويش '11 عاما'.





وكذلك الشقيقان سامي وناهد عامر في نابلس، والشقيقان همام وفراس عبدالحق والشقيقان عايد وزياد أبو عبده في نابلس والشقيقان عمر واسحاق سعادة ومحمد وفادي سماعنة وبلقيس وسفيان العارضة، ومحمد وعاصم ريحان و.....و.....





وتصعد الزهور في روضة القدس، ويبقي الشوك في حلوقنا، ويبقي المر والنحضل تحت لساننا، والقذي في العيون الفارغة، والأحذية في الرءوس البلهاء.
تحلق الطيور والزهور والثمر والشجر، أما رجولتنا الخاوية علي عروشها فقد أصبحت هشيما يذروه الرياح.
لأنني وأنك وأننا لسنا رجالا إلا بالسن والشارب وبعض حصوات الملح.
//////////////////عن جريده الاسبوع