PDA

View Full Version : رياح التغيير ومصير فزاعات الحقل السياسي .


وميض
02-11-2002, 12:27 PM
رياح التغيير ومصير فزاعات الحقل السياسي .

إن أحد الأمور الغريبة التي يقوم بها بعض المحسوبين على أهل العلم في هذا الزمان ، هو تهاونهم وتساهلهم في وضع حسن الخلق مع كبر السن والوقار الذي يصاحبه عوضا عن علوم الدين وجعلها أحد الأدوات السياسية التي توضع في يد الساسة ، و في خدمة من يمارس سوء الخلق وجميع أنواع وأشكال وألوان الظلم والشذوذ الفكري والنفسي .

فالسؤال المحير ، كيف يوضع حسن الخلق وكبر السن والوقار الذي يصاحبه وعلوم الدين في خدمة سوء الخلق والشذوذ والظلم ؟ ! ، فهل صاحب هذا العمل يعي ذلك الأمر ؟ وهل هو يملك القدرة على التفريق والتمييز ؟ ، فهل هناك تأصيل شرعي أو فهم وتصريف فقهي خاص لا نعلمه في تلك المسألة ؟ ، مسألة حماية سوء الخلق والشذوذ والظلم ، وهل من يمارس تلك الممارسات يعتقد بأن كل الناس فقدت القدرة على التمييز بعد ما وقعت في غرامه وحبه ، وكما وقع هو وهام في حب وغرام السلطة الكافرة وعاش ردحا من الزمن في الأوهام ؟ .

فبعض الدراويش من المحسوبين على أهل العلم وعندما يطلون علينا في وسائل الإعلام من أجل الحديث حول بعض المشاكل والظواهر التي تنتج بسبب فساد منهج السلطات الكافرة وسوء خلقها ومسلكها وشذوذها وظلمها تجدهم يتحدثون بصورة غير معقولة وبها نوع من الاستهبال والاستخفاف بعقول الآخرين ، وكأنهم يتحدثون إلى مجموعة من الحمقى والمعتوهين أسلموا زمام عقولهم إلى الغير لكي يتم اغتصابها ونهبها دون أي مقاومة ، حيث إنهم سيتناولون القضايا بصورة لا توافق الواقع ولا تطابق الحقيقة ، فمن يجمع في ذهنه المشهد العام للأحداث سيجد بأن المشايخ الرسميين يعيشون في مشهد خاص تم إخراجه وبصورة منفصلة عن الواقع والتسلسل المنطقي للأحداث وترابطها ، فليس هناك أي ترابط بين ما يقال ويذكر وبين ما يحدث سوى المكان والزمان ، فالبيان سيكون أشبه بحديث الجان ، ولو دققنا فيه سنجده يعني ( بـلَ لَم ... بـلَ لَم ... بـلَ لَم ) بالنسبة لحقيقة ما يحدث على الساحة الاجتماعية والسياسية ، فهو نوع من أنواع الطلاسم ، و العالم الذي يحترم علمه ويعرف معنى العلم ومسؤولية حمله ويعرف قيمة الكلمة يصعب عليه أن يؤلف تلك التوليفة لكي يلقيها على أسماع الناس ، توليفة ( البـلَ لَم ) ، وسيفضل الصمت على أن يقول القول الذي لا يحترم العقول ولا يرتقي بها .

فالعالم الذي يعي على ما يدور حوله يرفض أن يوضع كفزاعة في الحقل السياسي ، ويرفض أن يجعل من نفسه خيال للمئاته لكي يحرس زرع ومخرجات الكفار والمشركين والمنافقين باسم الوحدة الوطنية تارة وباسم الوسطية تارة وباسم التنوير تارة وباسم طاعة شذوذ فكر ولي الأمر وبطانته الفاسدة تارة أخرى ، فالأجدر هو العمل مع من يريد اقتلاع تلك الآفات والمزروعات الضارة وإصلاح حال تلك المخرجات البشرية المشوهة والتي يقوم هو بحراستها وإدامة بقائها .

وتقديم الاستقالة من وظيفة خيال المئاته ورفض العمل كفازعة توضع في الحقول السياسية للكفار والمشركين والمنافقين يعتبر عمل يصب في خدم المسلمين والإنسانية كافة ، كما سيجنب صاحبة الأعاصير والعواصف والرياح العاتية التي ستهب على تلك الحقول التي تحرسها تلك الفزاعات .

فإذا ما هبت رياح التغيير فستكون تلك الفزاعات في خبر كان ، وستصبح أثر بعد عين ورواية تروى مع الروايات ، ولذلك أنا أنصح كل الفزاعات السياسية بتجنب تلك الرياح القادمة ، فهي رياح ستذهب ( بواقي العقول ) لمن يصر على الوقوف في وجهها وستجعله حديث المجالس ، والوقوف بجانب الحكام الظلمة وبطانتهم الفاسدة هو وقوف في وجهها والوقوف بجانب المسلمين والمستضعفين والمستَغَلِين والمستَغفَليِن يحمي من عصفها .

وأرجو أن يكون الكلام واضح لتلك الفزاعات ولمن يستخدم تلك الفزاعات ويوزعها على أرضيته السياسية ، ولمن أصابه الخوف والفزع والهلع من تلك الفزاعات وأصبح لا يفكر ولا يشغل عقله ولا يتحدث ولا يتحرك ولا يتنفس إلا بإذن ، بعد ما تم إفهامه بأن التفكير والتدبر والتأمل يقتصر على تلك الفزاعات التي وضعت من قبل ساسة الغفلة والإقطاعيين الجدد .