PDA

View Full Version : الإسلام والخطر المزدوج .


وميض
04-11-2002, 08:44 AM
( إن الجميع مستهدفون " ليس السعودية ولا العراق ولا السودان ولا غيرها.. المستهدف هو الإسلام ") .
الأمير عبد الله ابن عبد العزيز .

صديقك من صَدَقَكْ وليس من صَدَّقَّك . " صديق الأمير " .

إن الإسلام أستهدف من قبل أهله قبل أن يستهدف من قبل الآخرين ، ومن أستهدف الإسلام هو من وضع الحجج في يد الآخرين وسهل لهم الطريق إلى المسلمين من خلال ممارساته الخاطئة التي لا تمت للإسلام بأي صلة .

فهناك من يقول ، بأن استهداف المملكة العربية السعودية هو استهداف للإسلام ، نعم ... هو استهداف للمكان الذي خرج منه نور الإسلام ، ولكن لا يمكننا أن نعتبر بأن نظام الحكم في المملكة العربية السعودية هو نظام إسلامي يمد العالم بالنور بدلاً من الظلام الذي يعمه ، فالظلام يعم العالم قاطبة ، وهذا ما يشعر به كل المؤمنين ، وإذا ما كان هذا النظام يستخدم الإسلام ويتدثر بعباءته فهذا لا يعني بأن استهدافه هو استهداف للإسلام ، بل بالعكس ، إن النظام السعودي هو أحد الأخطار الداخلية التي تشكل خطراً على الإسلام وعلى المسلمين وعلى دينهم وعقيدتهم ، فالأخطار أخطار مزدوجة ، خارجية وداخلية ، فالنظام السعودي جعل بعض النظم والبرامج والمناهج والأفكار والمفاهيم الغربية الفاسدة التي تضر بالمسلمين تستوطن وتتجذر في الجزيرة العربية من خلال بعض مؤسسات الدولة مثل التربية والتعليم والإعلام والمؤسسات الاقتصادية ...الخ ، والنظام الحاكم في المملكة العربية السعودية هو من أحد أهم أسباب ضعف الأمة ، وهذا ما يجب أن يعيه أفراد هذا النظام الذي قربت نهايته ، ونهايته ليست نهاية للإسلام ، بل ستكون بداية جديدة وعودة للإسلام ولنهضة المسلمين والإنسانية وبإذن الله تعالى .

قد يصيب بعض العلماء والمفكرين نوعا من الحرج في ذكر تلك الحقيقة والحديث عنها ، فهم سيخالفون الكثير من العلماء الذين يحتفظون في تلك الحقيقة في صدورهم ولا يستطيعون إخراجها وإظهارها للناس كافة بسبب بعض الظروف الموضوعية ، وصمت البعض سيكون إحراج للآخرين ، عوضاً عن حديث المنافقين الذين يزيفون الحقائق .

فمن يريد أن يتحدث عن السلطة في السعودية فهو سيتحدث عن سلطة بوليسية جعلت رعايها لا يعيشون عقيدة التوحيد إلا نظرياً ولا ينقلونها إلى الآخرين إلا بنفس الصورة ، وتلك السلطة لا تتورع عن ارتكاب أي جريمة في سبيل الحفاظ على بقائها وبنفس الحالة من الشذوذ ، والإسلام الحق يهدد بقائها وينهي تسلطها وخطرها ويحافظ على بقاء وارتقاء الجنس البشري ، لذلك هي تكافحه ولا تريد سماع صوت الحق ورؤيته حالها حال من سبقها من المشركين والكفار ، وهي أصلا لم تستقر إلا بعد ما ارتكبت الكثير من الجرائم ، وهذا من سمات السلطات القهرية التي تعتمد على القوة فقط في بسط نفوذها وسلطانها من أجل السيطرة على الأراضي ، فهي كغيرها من الحكومات الكافرة التي تحكم الدول الإسلامية التي جعلت مواطنيها لا يعرفون المعنى الحقيقي للإسلام ولا يعيشون واقعه ولا يعرفون حقيقته بعد ما أصبح غريباً عنهم وعن حياتهم ، فبالعدالة وبالمساواة وبالحرية سيعرف الإنسان طعم وحقيقة عقيدة التوحيد وستنجلي له الحقائق ، وإذا لم يعيش الإنسان في جو من العدالة والمساواة والحرية لن يعرف حقيقة التوحيد ولن تظهر له الحقائق إلا بعد جهد جهيد ، لأنه سيعيش في جو من الزيف والخداع والدجل والنفاق بعد ما تنتشر وتشيع حوله عبودية الأشياء والأشخاص ، وهذا من سمات الدول التي يشيع فيها الظلم والتسلط والاستبداد .

ونحن في الواقع لن نستطيع أن نقدم الحلول المناسبة لمثل تلك المواجهة إلا إذا كنا صادقين في طرحنا ، فالطرح يجب أن يصور الواقع ويظهر الصورة الحقيقة دون تزييف وخداع ودجل ، والمريض يجب أن يعترف ويقر بمرضه حتى يقدم له العلاج الناجع ، وأما إذا ما أراد خداع نفسه والآخرين فهو لن يهتدي إلى العلاج ، والجاهل عدو نفسه وعدو الآخرين .

وإذا ما أردنا أن نعرف حقيقة وضعنا يجب أن لا ننشغل في حصر وعد المنجزات التي لن يكون لها موضع وتأثير في معادلة الإصلاح ، مثل حصر عدد المدارس والمستشفيات والمساجد والمراكز الإسلامية والطرق ...الخ التي تم إنشائها وبنائها وتمويلها في الداخل والخارج ، فنحن يجب أن نتحدث عن ( الإصلاح السياسي ) ، ولا إصلاح سياسي دون عدل ومساواة وحرية ، ولا إصلاح سياسي دون إرجاع الحقوق إلى أهلها ، ولا إصلاح سياسي دون تعريف الناس بضرورات حياتهم الإنسانية ولا إصلاح سياسي دون تعريف الناس بقيمتهم وبحقيقة دورهم في الحياة ، ولا إصلاح سياسي دون تعريف الإنسان بأول حق من حقوقه وهو معرفة أصل وحقيقة بيان الرحمن .

فالمواجهة تستدعي حصر نقاط ضعفنا والثغرات التي يتسلل منها أعداء الدين والإنسانية ، والنظام الحاكم في السعودية ومنهجه السياسي هو أحد أهم الثغرات ، بل هو شارع من الشوارع العريضة ، فالشارع السعودي شارع عريض وهو من الشوارع التي أصبح المرور عليها من أسهل الأمور بالنسبة لمعظم الشرور ، وهذا الشارع العريض يقوم بحراسته وإدامة بقائه بعض المحسوبين على أهل العلم ، وتلك هي المشكلة ، فهم أصبحوا حال ضباط شرطة المرور الذين لا يعرفون نظم وقوانين المرور والحركة ، ولو كانوا يعلمون لما وقفوا حراس وهم يتفرجون على هذا الشارع العريض الذي تتدفق وتعبر منه الشرور وتتحرك إلى وسط الجزيرة العربية ، ولجعلوا الحركة على ذلك الشارع والشوارع الفرعية التي تخرج منه حركة موافقة للشرع ، فالحركة التي توافق الشرع ستمنع حركة الكفار والمشركين وستجعلهم يخرجون من جزيرة العرب بعد ما دخلوها بسبب سهولة الحركة فيها ، وتلك الحركة السهلة للكفار والمشركين والصعبة على المؤمنين أوجدتها كل الأنظمة التي تحكم الدول الإسلامية بما فيهم النظام السعودي ، فيجب أن نقوم بإغلاق هذا الشارع السعودي الذي سهل أمر الحركة للكفار والمشركين ونقوم بفتح الشارع القديم بعد تجديده ورصفه وتوضيح معالمه للمسلمين ، والطريق القديم هو الطريق الذي خطه لنا سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين .

وشق وإحياء الطرق الرئيسة والفرعية ورصفها بعد ما تمر فترة طويلة من الزمن على هجرها بحاجة لمجموعة من المقاولين المؤهلين ، والعملية ستكون سهلة إذا ما كان هناك تنظيم وإخلاص وجدية في العمل ، فلذلك يجب أن نفكر ونتحدث عن النظام والمنهج الذي يسهل لنا الأمر ، ولا يجب أن نجلس لكي نذكر و( نعاير) المواطن بالإنجازات السابقة ونذكر أفضالنا عليه وعلى والديه ، فهذا العمل لا يقوم به من تشرب قلبه عقيدة التوحيد فهو يعرف أثره على صفاء ونقاء قلبه كما يعرف تأثيره على قلوب المؤمنين ، وقضاء الوقت في مثل تلك الأمور لن يحل المشكلة ، بل سيعقدها ، فقد يأتي الدور على هذا المواطن بعد ما تتغير الموازين ويذكر البعض بجرائمه السابقة ، وهي جرائم كثيرة بحاجة لجيش كبير من أجل إحصائها وعدها ، فلا يجب أن " ندوش " المواطن حتى لا يأتي اليوم " ليدوش " من " دوشه " ونقص عليه عيشته .

فالحديث عن المستقبل المشرق هو الحديث المطلوب في مثل تلك الحالات ، ماذا سنفعل في المستقبل ؟ وما هو دورنا في الحياة ؟ وكيف نصحح مسيرتنا ؟ وكيف نرتب بيوتنا الإسلامية ؟ وعلى أي أساس ؟ وأهم شيىء أن نتفق على الأساس ، حتى لا ينهار البناء ، كما سينهار بناء كل الكيانات السياسية التي لم تؤسس على أساس سليم وبإذن الله تعالى وبحوله وقوته ، وإذا ما أراد الله خيراً بعناصر تلك الكيانات السياسية التي قرب زوالها جعل الإصلاح يتم على يدها لكي تكون أحد عناصر النهضة بدلا ما تكون في صف أعداء الدين والإنسانية أو في الصفوف الخلفية أو تحت الأقدام بعد ما تضيع في غبار المعركة ، معركة النهضة الإسلامية الحديثة .

قال تعال: " أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109) " ( التوبة ) .