PDA

View Full Version : رمضان باكيا


ابو الامير
04-11-2002, 10:32 AM
الحمد لله رب العالمين معز المسلمين ومذل المشكريين وبعد:


حدثنا يا رمضان عن ثمراته وخيراته عن الجياع والعراة وعن الأيتام والفقراء كيف كنت وكيف اصبحت

قال رمضان، أيها الصائمون والعرب المؤمنون، لقد كان تاريخي الماضي عجيباً، وذكرياتي في القرون الخالية والأحقاب الغابرة كانت غريبة ومثيرة، لقد كان استقبال الناس لي مثالياً كريماً. كان الصائمون يفكرون بي قبل قدومي عليهم، ويستعدون للقائي قبل أيام من نزولي بفنائهم، فكان تارك الصلاة مثلاً يغتسل ويلبس ثيابه الطاهرة ويستقبلني بالتوبة والإنابة، وكان شارب الخمر من قبل حلول الصيام، يلقي الطاس ويكسر الكأس، ويتوب توبة نصوحاً إلى بارئ الناس، وكنت تجد الخليع الرقيع والمستهتر والماجن والفاسق المسترسل. متى دخل وقت الصيام، نزع عنه ثياب فسقه وفجوره وتنظف من أدرانه وشروره ومجونه، وانقلبت أوصافه، وتبدلت أخلاقه، وغسل بماء الندم ودمع العيون ذنوبه وأوزاره فأصبح للمساجد سفيراً، وبين حلقات العلم ومجالس الإيمان متنقلاً مسروراً، كالنحلة من زهرة إلى زهرة، تغذي جسمها من الرحيق المختوم، وتحيي روحها بالأريج العبق المنعش

قال رمضان
تسألني عن الأغنياء، عن أصحاب الثروات وملوك المال؟ رحم الله أولئك الأغنياء الصالحين، وجعل أرواحهم في أعلى عليين ورزقهم الله في الآخرة، صحبة النبيين والمرسلين.

لا احدثكم عن المساجد الضخمة التي بنوها، ولا عن مئات المدارس ودور العجزة والمياتم التي شادوها وأسسوها.

ولا عن الأطيان والعقارات التي أوقفوها ولا عن الخيرات التي حبسوها والتي بلغت يوماً من الأيام، تسعة أعشار العقارات والأملاك في أرض الشام، لا أحدثك عن ذلك فإن هذه الشؤون ليست من اختصاصي فلو رجعت إلى مثل (كتاب خطط الشام والدارس في تاريخ المدارس) لوجدت من هذه الأعمال الإنسانية الضخمة العجب العجاب، ولكي أحدثك يا أخي عما وجدته من أرباب الأموال والأغنياء في موسم الصيام فقط.

ثم استرسل شهر رمضان متحدثاً فقال: كنت إذا حللت بديار المؤمنين ونزلت بجوار الأغنياء الصائمين، ولو كنت مع يا أخي لوجدت «المدينة الفاضلة» التي تخيلها الفلاسفة لأبناء البشرية، لو كنت معي يا أخي لوجدت الإنسانية الكاملة تظلل بسحبها المدرارة، قلوب الأثرياء والأغنياء، فكنت لا أجد في الزمن الغابر إذا حللت بالناس. إلا تراحماً وتعاطفاً وإلا براً وتعاوناً، إلا خيراً وإحساناً، كنت أجد قلوب الأغنياء ممتلئة بالرحمة والإحسان، فياضة على الفقراء والمساكين يملؤون أيديهم وجيوبهم ذهباً وفضة وبيوتهم طعاماً وغذاء، وصناديقهم وخزائنهم كسوة وثياباً، لو كنت معي يا أخي لوجدت الأغنياء غارقين في حساب الزكاة المفروضة، وأداء الصدقة الواجبة فتجد غنياً قد أعد ألف ليرة ذهبية زكاة ماله لينفقها في موسم الصيام وموسم البر والإحسان، وغيناً آخر قد أخرج الألوف من الليرات الذهبية، طهرة لماله، وتزكية لنفسه، وتجد التجار قد أعدوا مئات القطع من الأقمشة، لتصديرها من متاجرهم إلى بيوت الفقراء والمساكين، وذلك سوى أكياس الرز والسكر والقمح والبرغل وسوى صفائح الدبس والعسل. والزيت والسمن، التي تملا بها بيوت الفقراء والمعوزين، فكنت أنا رمضان وكل مشاهد معي لأحوال الناس، كنا نشهد ونرى، معاني الرحمة والبر والعطف والإحسان، تقرأ في وجوه الأغنياء وأصحاب الثراء. كما كنا نشهد معاني الحب والتقدير والإخلاص والاحترام تقرأ في وجوه الفقراء نحو إخوانهم الأغنياء، فكنت وأنا رمضان، ما أقول عن الصائمين في ذلك الزمان، إلا وكأنهم ملائكة كرام، ونفوس فاضلة قد غمرتها أخلاق الإيمان والإسلام، فكنت لا أرى إلا التعاطف والتراحم، والتآخي، والتعاون، والمسابقة إلى اكتساب قلوب الفقراء الأيتام، والمنافسة على إكرام البائسين والجائعين.


يقول المتحدث رمضان كنت ارى الأغنياء يجلسون على كراسي أمام دورهم وبيوتهم، مترصدين منتظرين، وعيونهم تجوب الشارع دورهم وبيوتهم، مترصدين منتظرين، وعيونهم تجوب الشارع يسرة ويمنة، حتى إذا ما وقعت عين أحدهم على فقير كادح، أو مسكين ومحتاج، كان كمثل الصيادين الذين حشوا بنادقهم ذخيرة وباروداً وأطلقوها دفعة واحدة رجاء اكتساب الصيد السمين. أو كالفرسان في ميدان السباق يضرب أحدهم جواده بسوطه. وترى صدوره فوق عنق جواده، وكأنه يريد أن يطير ليسابق نده ونظيره ليفوز بالجائزة ويربح المكافأة، هكذا كنت أجد الأغنياء مع الفقراء، لا يدخل الغني داره إلا ومعه خمسة. وهذا معه عشرة فقراء، وهذا أقل وهذا أكثر، يجلسهم الغني على مائدته التي أعد فيها ما لذ وطاب، يطعم الفقراء بيده، ويؤانسهم بلطفه وبشره ويجعل من نفسه خادمهم المتواضع.

فإذا انتهى الطعام والحلوى وشربوا القهوة، وضع الغني في يد الفقير ما تيسر من المال، ما يعادل في زمننا العشر والعشرين ليرة أو أكثر ، وخاطبه بأدبه الجم الرفيع. لا تؤاخذني يا أخي، لقد أتعبت أسنانك بهذا اللحم الطري والفخذة والبقلاوة وهذه أجرة أسنانك وتعبك

ثم تذكر رمضان فلسطين باكيا تذكر مذابح الشعب الاعزل تذكر مذبحه الحرم الابراهيمي الشريف تذكر الصمت العربي تذكر الزعماء العرب مقارنهم عمن كانوا في زمنه من قاده

تذكر اطفال فلسطين والشيشان والعراق وافغان استان
تذكر ليله القدر في المسجد الاقصى الشريف.
ونحن نقول لك يا شهر البركه

مرحباً بك يا شهر رمضان، يا شهر الرحمة والبركات، يا شهر الفضائل والخيرات، يا شهر الصحة والعافية، يا شهر الإنابة والتوبة.

مرحباً بك يا شهر الفقراء والمساكين، يا شهر الأيتام والأرامل يا شهر النور والإيمان.

مرحبا بك يا شهر الفتوحات والانتصارات
وكل عاك والجميع بالف خير
ودام عطائكم جميعا
ودمتمhttp://www.hdrmut.com/ufiles/120.jpg