PDA

View Full Version : رجال الهيئات مرة أخرى


البراء
17-11-2002, 10:44 AM
هنالك مَنْ يفوت عليه نظر المتأمّل في سِماتٍ جميلةٍ تميّزت بها بلادنا ولله الحمد والمنَّة، فلايشعر بقيمة بعض تلك السمات، ولا يقدّر التميُّز الذي يتحقق من خلالها لبلاد الحرمين الشريفين.

أعرف بعضاً من الاخوة الذين كانوا يبدون تذمُّرهم من «إغلاق الأسواق والمحلات التجارية» أوقات الصلوات، لأنهم أصحاب محلاتٍ تجارية، وقد حصل لهم مواقف مع رجال الهيئة بسبب تهاونهم في الالتزام بهذه التعليمات، وسمعت بعضهم يردّد مقولة شاعت زمناً بين المتذمرين من هذا «الإغلاق»: حيث يقولون: إذا كان لدينا موظفون غير مسلمين، فما الذي يمنع ان تبقى المحلات التجارية مفتوحة أوقات الصلوات، ولكنهم كانوا لايجدون جواباً حينما يسأله سائل: لمن ستبيع هذه المحلات في أوقات الصلاة، ألستم في بلدٍ مسلم جميع المتسوقين فيه -تقريباً- من المسلمين؟ هؤلاء الاخوة تغيَّرت آراء مَنْ أعرف منهم حينما سافروا إلى أكثر من بلدٍ مسلمٍ حيث شعروا بأهمية هذه «السّمة» التي تتميّز بها المملكة، وبهذا المعنى الروحي الجميل الذي يدل عليه نظام اغلاق المحل التجاري وقت الصلاة.

وهنالك مَنْ يبدي تذمره من «رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، ويصفهم بما يمليه عليه موقفه السلبي منهم من أوصافٍ ظالمة -في مجملها- ليس لها سَنَدٌ من واقع هذه الجهة الحكومية التوجيهية المهمة.

ومع ذلك فإني أعرف من هؤلاء المتذمرين من غير موقفه تماماً، وأصبح من المدافعين عن «جهاز الهيئة»، بعد ان حدثت حوادث لها مساس بهؤلاء المتذمرين كان للهيئة فيها دور إيجابي كبير منع -بتوفيق الله- من حدوث ما كان سيصبح عاراً يخدش كرامة أسرهم، ويعكر صفو حياتهم.
لماذا «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»؟؟

الإجابة من الناحية الشرعية واضحة من خلال آيات القرآن الكريم، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وتطبيق هذه الشعيرة الإسلامية من قبل ولاة أمر المسلمين على مر العصور، وعند جميع الأنبياء والرسل عليهم السلام، ابتداءً بنوح وختاماً بمحمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم.

يقول الله تعالى: {وّلًتّكٍن مٌَنكٍمً أٍمَّةِ يّدًعٍونّ إلّى الخّيًرٌ وّيّأًمٍرٍونّ بٌالمّعًرٍوفٌ وّيّنًهّوًنّ عّنٌ المٍنكّرٌ}. ويقول {كٍنتٍمً خّيًرّ أٍمَّةُ أٍخًرٌجّتً لٌلنَّاسٌ تّأًمٍرٍونّ بٌالًمّعًرٍوفٌ وّتّنًهّوًنّ عّنٌ الپًمٍنكّرٌ}. وامتدح الله من أهل الكتاب قوماً آمنوا بالله حق الإيمان فقال فيهم: {يٍؤًمٌنٍونّ بٌاللَّهٌ وّالًيّوًمٌ الآخٌرٌ وّيّأًمٍرٍونّ بٌالًمّعًرٍوفٌ وّيّنًهّوًنّ عّنٌ المٍنكّرٌ}. وغير ذلك من الآيات القرآنية الكريمة الصريحة في وجوب قيام الأمة بهذه الشعيرة وعدم التفريط فيها.

ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول مستخدما أدوات التوكيد المعروفة في لغتنا: «لَتَأْمُرُنَّ بالمعروف ولَتَنْهوُنَّ عن المنكر.. إلخ» الحديث.
هذا من الناحية الشرعية، أما من الناحية الأمنيّة فلإقامة هذه الشعيرة الإسلامية من الأثر الإيجابي الكبير في استتباب الأمن، واستقرار أحوال الأسر المسلمة ما لاينكر، فالهيئة جهة حكومية أمنيّة تقوم بدورها الكبير مع جهات الأمن الأخرى في تحقيق الاستقرار وإشاعة الأمن في البلاد، وحماية أعراض العباد.

وقد أشار إلى هذا الدور بوضوح سمو وزير الداخلية في لقائه الأخير برجال الهيئة حينما قام بزيارتهم في مقر الرئاسة العامة لهيئات الأمر بالمعروف في الرياض، حيث قال: «مسألة ان هناك أماكن لا يطؤها رجال الهيئة، فهذا غير صحيح، أي مكان مطلوب من رجال الهيئة أن يمنعوا فيه خطأ سيصلون إليه لأن الهيئة جهاز دولة وليسوا أفراداً يتصرفون من عند أنفسهم».

ولا شك أن هذا الوضوح في بيان دور هذا الجهاز الدعوي الأمني المهم يزيل الغبش عن أذهان كثير من الناس الذين يخلطون - غالباً - بين دور الهيئة في منع المنكر وبين دور الداعية والواعظ، وهذا الغبش هو الذي يجعل بعض الناس يظن ان رجال الهيئة حينما يقومون بواجبهم في القبض - مع الجهات الأمنية الأخرى - على بعض أصحاب الأعمال المنكرة، إنما يتجاوزون الحدَّ، فيلومهم على ذلك.

ونحن لانشك ان رجال الهيئة بشر يخطئون أحياناً كما هو شأن البشر جميعاً، ولكنَّ ذلك لا يسوغ لأحدٍ تعميم الخطأ والحكم على جهاز كامل بأخطاء تقع من بعض رجاله بسبب اجتهادات يفرضها الواقع لحظة وقوع الخطأ.

هل نحكم على كل طبيب بعدم الأمانة والمسؤولية حينما يقع بعض الأطباء في أخطاء متعمدة أو غير متعمدة؟.. أي عاقل يقول بهذا أو يقتنع به؟؟.

إذن.. فنحن أمام جهاز حكومي مهم لأنه يحقق هذه الشعيرة العظيمة التي ما فرَّط فيها قوم إلا هلكوا، يقول الله تعالى: {لٍعٌنّ الّذٌينّ كّفّرٍوا مٌنً بّنٌي إسًرّائٌيلّ عّلّى" لٌسّانٌ دّاوٍودّ وّعٌيسّى ابًنٌ مّرًيّمّ ذّلٌكّ بٌمّا عّصّوًا وَّكّانٍوا يّعًتّدٍونّ كّانٍوا لا يّتّنّاهّوًنّ عّن مٍَنكّرُ فّعّلٍوهٍ لّبٌئًسّ مّا كّانٍوا يّفًعّلٍونّ}.
ومشكلة بعض الناس مع الهيئة تتمثل في عدد من النقاط:

1- إما لعدم معرفتهم الدقيقة بدورها ونظامها وأهميتها.

2- وإما لكون المعترض متأثراً بأفكار أخرى وثقافات أخرى تجعله من دعاة الحرية «بمفهومها المغلوط» فيرى ان الهيئة تصطدم مع هذا المفهوم.

3- وإما لكونه من أصحاب الشهوات التي تجعله قلقاً من عمل الهيئة.

4- وإما لكونه ممن ينخدع ببعض الروايات المكذوبة، أو المبالغ فيها التي يتناقلها الناس في مجالسهم، أو تضخمها بعض الصحف تضخيماً يجعل من الحبة قبّة ومن اللون الأبيض لوناً أسود.

وهنا يجب علينا - إعلامياً - ان نقف مع جهاز الهيئة بالحق، وان يتقي الله بعض الكتاب والصحفيين في جهة أمنية حكومية، الأولى بهم إذا كانوا حريصين على مصالح وطنهم ان يدعموها ببيان ايجابياتها، وتقديم النصح والتوجيه لها فيما قد يقع من السلبيات.

هنالك سنرى جميعاً ان «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» سمة مهمة من سمات التميّز في بلاد الحرمين المباركة.

إشارة:

قولوا لكل فتى يحارب دينه
لا تنسى أنَّ الله بالمرصاد


د. عبدالرحمن بن صالح العشماوي
12 رمضان 1423هـ

shahab
20-11-2002, 04:50 AM
^1
اللهم وفقهم وانصرهم واللهمهم الصبر انك سميع عليم

البراء
20-11-2002, 11:03 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

آمين وجزاك الله خير على دعائك الطيب المبارك .

أخوكم في الله البراء