ابو الامير
23-03-2003, 08:29 AM
والدة الشهيد عمار الشخشير…استشهاد ابني كان أجمل هدية لي في يوم الأم
قد يبدو من انه من قمة البذخ ان نتذكر نحن الفلسطينيين اياما ابتدعها الناس للفرحة والبهجة وسط دوائر الموت التي تحيط بنا…ولكنه بالتأكيد من الصعب تجاهلها…وفي مثل هذا اليوم يطل علينا ذكرى يوم الام…وسط آهات أمهات فلسطينيات فقدن أبنائهن ولا زلن يقدمن في كل يوم المزيد…
فضلنا الحديث الى احد الامهات للحديث عن استشهاد ابنها …فكانت لم الاستشهادي عمار الشخشير والذي يعود عليها عيد الام للسنة الثانية دون وجود شهيدها ولكنها راضية "فعمار قدم لي اجمل هدية…قدم لي روحه"…كما قالت
في الطريق إلى حارة الأريون، جدران وطرقات ومشربيات تفوح منها رائحة الشهداء… والمتجول في البلدة القديمة لمدينة نابلس لا يملك سوى التذكر أو سماع الحكايات التي تنضح بطولة منذ أيام النضال الأولى…
في حارة الأريون في البلدة القديمة في نابلس، جلست أم عطا في صدر ديوان آل الشخشير وسط حشد من النساء أخذن يتناقشن في أمر درس ديني تلقيه إحداهن… الداخل لهذا المكان والذي سال على أرضه دماء العديد من الشهداء يتوقع الكثير الا الابتسامة التي لقيتنا بها ام عطا للحديث عن ذكرى اسشتهاد ابنها في يوم عيد الام…
أم عطا تبدو مشغولة بعض الشيء… جلست على كرسي كبير مزينة ، جلستها تذكر الناظر للوهلة الأولى …بالعروس ! نعم العروس … كرسي كبير مغطى بكوفية تعلوه الأعلام تزين الموقع وإطار كبير يحمل صور خمسة من شهداء العائلة ينفرد كل منهم بطريقة مختلفة في الاستشهاد ...أليس هذا ما يشاهد على الأغلب في الأعراس الفلسطينية " التي لا تنتهي" ….
حنون…
دون مقدمات أخذت أم عطا زمام الحديث، فكل ما في هذه المرأة يشير لشخصية قيادية متزنة… كل ذلك مع ابتسامة لا تفارقها، في أي مكان في العالم يمكنك أن تجد امرأة تتحدث عن شخص، هو ابنها، فارق الحياة منذ سنة وفي يوم تنتظر فيه كل الأمهات كلمة "كل عان وانت بخير"…
وتتحدث عنه بفرحة وفخر غامرين، " عمار حنون حنون… ومَرضي " قالت أم عطا " لا يخرج من البيت قبل أن يأخذ رضاي ورضا أبوه … يساعد الناس جميعا والكل يحبه…" أضافت " كيف ممكن أوصفه وكل الصفات الحلوة فيه"، كانت أم عطا تحدثنا تارة وتنقطع عنا تارة أخرى ، وفي هذه الأثناء لم نجلس خاليي الوفاض فكل النساء هنا أم عمار كما قلن ، و الدمعات التي كنا نلتقطها بين الحين والآخر دليل عميق على أن هذا الشخص لم يكن بالإنسان العادي…" كان قمة في الأدب والأخلاق ، ملتزم بالصلاة … وصديق للجميع… يحب الضحك والمزح دوما…" هكذا وصفته زوجة أخيه….
عادت أم عطا تحدثنا بلهفة واضحة للحديث عن هذا الشخص الذي وكأنه يتسرب من أعماقها مع كل كلمة تحدثنا فيها عنه…تقول:" كان عمار ابني الأصغر، يعطف عليّ كثيرا ويهتم والده المريض ويساعده في جميع تنقلاته، ولا يسمح لي بأن أتعب نفسي، فكثيرا ما كان يمنعني من العمل في البيت فيقوم بترتيب الغرف والكنس والتنظيف … وقبل شهادته بيومين ظل يقول لي:" إنتِ بس ارتاحي وأنا بعمل كل شي".
قلبه محروق
ما الذي جرى حتى حدا به للقيام بعملية استشهادية؟ سألنا أم عطا، أطلقت أم عطا آهة طويلة وكأن السؤال أكبر من احتمال الإجابة عنه،…قالت:" لم يحتمل عمار قتل الأطفال يا بنتي"،أضافت:" منذ بداية الانتفاضة وهو يتابع الأحداث وخاصة قناة المنار …" هنا ابتسمت أم عطا …" كان يصيح عندما يأتي خبر عملية استشهادية ويقول " حلو يا حلاوة " وكان يشعر بأن الانتقام يجب أن يستمر كي يأخذوا بتار هؤلاء الأطفال الذين يقتلون يوميا….
الحديث حتى الآن أخذ يكشف سر هذا التجمع الكبير للأطفال في هذه الحارة والذين توافدوا على ام عمار ليقولوا لها "كل عام وانت بخير " نيابة عنه…وفي مكان جلوسنا بالذات، تقول أم عطا:" إن عمار كان يحب الأطفال كثيرا ومعظم أصدقائه كانوا من الأطفال، والجميع في الحارة والعمل يحبونه…" أخذت أم عطا تنادي أصدقاء عمار الصغار توافدوا علينا الواحد تلو الآخر… علمنا فيما بعد أن عمار لم يجد مكانا لسره أكثر أمنا من هؤلاء الذين أحبهم، عبود 10 سنوات أحد أطفال الأريون الذين وقفوا مصدومين لا يستطيعون الحديث إلا بالدموع:" قال لي آخر مرة رأيته سترى صورتي على التلفزيون بعد يومين…" سألته: لماذا؟ قال: لأنني سأذهب إلى الجنة…" قلت له: لا تتركنا…"، بين الكثير من الوقفات أكمل عبود: كنت أظنه يمزح ولم أصدقه، ولكن عندما سمعت باسمه على التلفزيون صدقته، قال لي يومها:" علق صورتي أنا وياك في رقبتك عشان ما تنساني…".
تقول أم عطا:" إن عمار وبعد استشهاد الأم وأولادها في غزة قبل أيام فقد أعصابه، لأنه كان يعتبر الأطفال أحلى شيء في الحياة" تضيف" في حارتنا هناك طفل يدعى محمد وهو معاق، اعتاد عمار دوما رعايته وتعليمه وشراء الحلوى والملابس له… حتى أنه لا يحب أحد غير عمار وهو الآن لا يصدق أن صديقه استشهد…".
الجالس بين مجموع الأطفال عبود وإيهاب وسائد وجمال وبهاء لا يرى في هذه الوجوه البريئة سوى الرغبة بالانتقام التي جسدها بهاء بقوله لنا وكأنه لم يعد يحتمل مجرد الحديث عن ماضيه مع صديقه عمار، قال:" كلنا عندما نكبر سنكون مثل عمار وسننتقم له ولفلسطين…".
فخر واعتزاز
تقول أم عطا:" عمار ذهب دون أن يودع أحد، وكان في غاية السعادة، بات الليلة التي سبقت استشهاده حتى ساعة متأخرة في المسجد، وقام عند الفجر للصلاة باكرا أيضا وعندما عاد من الصلاة أعد القهوة وأيقظنا أنا ووالده وشربناها معا، وكان سعيدا بشكل كبير …" تضيف" خرج حوالي الساعة العاشرة صباحا وطلب منا الرضا كعادته وأخبر والده أن يدعو له وأنه لن يتأخر…".
وعن تلقيها خبر استشهاده قالت:" بعد إعلان نبأ عملية كفر سابا، أحسست بأن شيئا حصل لعمار، سارعت إلى التلفزيون وعندما رأيت العملية قلت للجميع إن عمار استشهد، رأيت جثته ملقاة على الأرض ولم أر وجهه ولكن عرفته…إحساسي قال لي إنه ابني…".
أجمل هدية
وفي يوم الأم وعن شعورها بفقدان ولدها قالت وهي تفخر بكونها أم شهيد وجعلت الجميع يذهب في رحلة مع دموعه عندما قالت" إن عمار منحها أجمل هدية في عيد الأم … أهداها روحه…".
المصدر : نداء القدس
قد يبدو من انه من قمة البذخ ان نتذكر نحن الفلسطينيين اياما ابتدعها الناس للفرحة والبهجة وسط دوائر الموت التي تحيط بنا…ولكنه بالتأكيد من الصعب تجاهلها…وفي مثل هذا اليوم يطل علينا ذكرى يوم الام…وسط آهات أمهات فلسطينيات فقدن أبنائهن ولا زلن يقدمن في كل يوم المزيد…
فضلنا الحديث الى احد الامهات للحديث عن استشهاد ابنها …فكانت لم الاستشهادي عمار الشخشير والذي يعود عليها عيد الام للسنة الثانية دون وجود شهيدها ولكنها راضية "فعمار قدم لي اجمل هدية…قدم لي روحه"…كما قالت
في الطريق إلى حارة الأريون، جدران وطرقات ومشربيات تفوح منها رائحة الشهداء… والمتجول في البلدة القديمة لمدينة نابلس لا يملك سوى التذكر أو سماع الحكايات التي تنضح بطولة منذ أيام النضال الأولى…
في حارة الأريون في البلدة القديمة في نابلس، جلست أم عطا في صدر ديوان آل الشخشير وسط حشد من النساء أخذن يتناقشن في أمر درس ديني تلقيه إحداهن… الداخل لهذا المكان والذي سال على أرضه دماء العديد من الشهداء يتوقع الكثير الا الابتسامة التي لقيتنا بها ام عطا للحديث عن ذكرى اسشتهاد ابنها في يوم عيد الام…
أم عطا تبدو مشغولة بعض الشيء… جلست على كرسي كبير مزينة ، جلستها تذكر الناظر للوهلة الأولى …بالعروس ! نعم العروس … كرسي كبير مغطى بكوفية تعلوه الأعلام تزين الموقع وإطار كبير يحمل صور خمسة من شهداء العائلة ينفرد كل منهم بطريقة مختلفة في الاستشهاد ...أليس هذا ما يشاهد على الأغلب في الأعراس الفلسطينية " التي لا تنتهي" ….
حنون…
دون مقدمات أخذت أم عطا زمام الحديث، فكل ما في هذه المرأة يشير لشخصية قيادية متزنة… كل ذلك مع ابتسامة لا تفارقها، في أي مكان في العالم يمكنك أن تجد امرأة تتحدث عن شخص، هو ابنها، فارق الحياة منذ سنة وفي يوم تنتظر فيه كل الأمهات كلمة "كل عان وانت بخير"…
وتتحدث عنه بفرحة وفخر غامرين، " عمار حنون حنون… ومَرضي " قالت أم عطا " لا يخرج من البيت قبل أن يأخذ رضاي ورضا أبوه … يساعد الناس جميعا والكل يحبه…" أضافت " كيف ممكن أوصفه وكل الصفات الحلوة فيه"، كانت أم عطا تحدثنا تارة وتنقطع عنا تارة أخرى ، وفي هذه الأثناء لم نجلس خاليي الوفاض فكل النساء هنا أم عمار كما قلن ، و الدمعات التي كنا نلتقطها بين الحين والآخر دليل عميق على أن هذا الشخص لم يكن بالإنسان العادي…" كان قمة في الأدب والأخلاق ، ملتزم بالصلاة … وصديق للجميع… يحب الضحك والمزح دوما…" هكذا وصفته زوجة أخيه….
عادت أم عطا تحدثنا بلهفة واضحة للحديث عن هذا الشخص الذي وكأنه يتسرب من أعماقها مع كل كلمة تحدثنا فيها عنه…تقول:" كان عمار ابني الأصغر، يعطف عليّ كثيرا ويهتم والده المريض ويساعده في جميع تنقلاته، ولا يسمح لي بأن أتعب نفسي، فكثيرا ما كان يمنعني من العمل في البيت فيقوم بترتيب الغرف والكنس والتنظيف … وقبل شهادته بيومين ظل يقول لي:" إنتِ بس ارتاحي وأنا بعمل كل شي".
قلبه محروق
ما الذي جرى حتى حدا به للقيام بعملية استشهادية؟ سألنا أم عطا، أطلقت أم عطا آهة طويلة وكأن السؤال أكبر من احتمال الإجابة عنه،…قالت:" لم يحتمل عمار قتل الأطفال يا بنتي"،أضافت:" منذ بداية الانتفاضة وهو يتابع الأحداث وخاصة قناة المنار …" هنا ابتسمت أم عطا …" كان يصيح عندما يأتي خبر عملية استشهادية ويقول " حلو يا حلاوة " وكان يشعر بأن الانتقام يجب أن يستمر كي يأخذوا بتار هؤلاء الأطفال الذين يقتلون يوميا….
الحديث حتى الآن أخذ يكشف سر هذا التجمع الكبير للأطفال في هذه الحارة والذين توافدوا على ام عمار ليقولوا لها "كل عام وانت بخير " نيابة عنه…وفي مكان جلوسنا بالذات، تقول أم عطا:" إن عمار كان يحب الأطفال كثيرا ومعظم أصدقائه كانوا من الأطفال، والجميع في الحارة والعمل يحبونه…" أخذت أم عطا تنادي أصدقاء عمار الصغار توافدوا علينا الواحد تلو الآخر… علمنا فيما بعد أن عمار لم يجد مكانا لسره أكثر أمنا من هؤلاء الذين أحبهم، عبود 10 سنوات أحد أطفال الأريون الذين وقفوا مصدومين لا يستطيعون الحديث إلا بالدموع:" قال لي آخر مرة رأيته سترى صورتي على التلفزيون بعد يومين…" سألته: لماذا؟ قال: لأنني سأذهب إلى الجنة…" قلت له: لا تتركنا…"، بين الكثير من الوقفات أكمل عبود: كنت أظنه يمزح ولم أصدقه، ولكن عندما سمعت باسمه على التلفزيون صدقته، قال لي يومها:" علق صورتي أنا وياك في رقبتك عشان ما تنساني…".
تقول أم عطا:" إن عمار وبعد استشهاد الأم وأولادها في غزة قبل أيام فقد أعصابه، لأنه كان يعتبر الأطفال أحلى شيء في الحياة" تضيف" في حارتنا هناك طفل يدعى محمد وهو معاق، اعتاد عمار دوما رعايته وتعليمه وشراء الحلوى والملابس له… حتى أنه لا يحب أحد غير عمار وهو الآن لا يصدق أن صديقه استشهد…".
الجالس بين مجموع الأطفال عبود وإيهاب وسائد وجمال وبهاء لا يرى في هذه الوجوه البريئة سوى الرغبة بالانتقام التي جسدها بهاء بقوله لنا وكأنه لم يعد يحتمل مجرد الحديث عن ماضيه مع صديقه عمار، قال:" كلنا عندما نكبر سنكون مثل عمار وسننتقم له ولفلسطين…".
فخر واعتزاز
تقول أم عطا:" عمار ذهب دون أن يودع أحد، وكان في غاية السعادة، بات الليلة التي سبقت استشهاده حتى ساعة متأخرة في المسجد، وقام عند الفجر للصلاة باكرا أيضا وعندما عاد من الصلاة أعد القهوة وأيقظنا أنا ووالده وشربناها معا، وكان سعيدا بشكل كبير …" تضيف" خرج حوالي الساعة العاشرة صباحا وطلب منا الرضا كعادته وأخبر والده أن يدعو له وأنه لن يتأخر…".
وعن تلقيها خبر استشهاده قالت:" بعد إعلان نبأ عملية كفر سابا، أحسست بأن شيئا حصل لعمار، سارعت إلى التلفزيون وعندما رأيت العملية قلت للجميع إن عمار استشهد، رأيت جثته ملقاة على الأرض ولم أر وجهه ولكن عرفته…إحساسي قال لي إنه ابني…".
أجمل هدية
وفي يوم الأم وعن شعورها بفقدان ولدها قالت وهي تفخر بكونها أم شهيد وجعلت الجميع يذهب في رحلة مع دموعه عندما قالت" إن عمار منحها أجمل هدية في عيد الأم … أهداها روحه…".
المصدر : نداء القدس