PDA

View Full Version : عداوة أمريكا للإسلام تاريخية- التاريخ ينسخ نفسه بالكربون منذ قرنين


حفيد حمزة
06-05-2003, 05:33 AM
مسلسل العداء الأمريكي للأمة الإسلامية ليس وليد اللحظة ، بل هو إرث تاريخي يكرر نفسه مع بداية كل قرن وكل مرة بطريقة لا تختلف كثيراً عن الأخرى ... لن أزيد التعليق وأترك لكم التعليق بقراءة هذا الموضوع الذي وجدته في أحد المواقع والذي كان صريحاً يعبر عن العداء التاريخي لأمريكا وأنه مجرد ثارات قديمة تريد منا أن ندفع ثمنها بإذلالنا الآن
ماعرفت من هذا الموضوع أن عداء أمريكا لليبيا أقدم حتى من عداءها للعراق أو أي دولة أخرى...
ولنا في قصة فيلادلفيا المشهورة الدليل:

الكاتب: فرج أبو العشة
القصة: قرضـاي ليـبي مـن زمـن الإرهـاب الأول
الحلقة الأولى

قرضـاي ليـبي مـن زمـن الإرهـاب الأول

صناعة أمريكا للحروب ، باسم «تحرير الشعوب» و«نشر الديمقراطية»، أو باسم «القضاء على الإرهاب» وتغيير أنظمة قائمة، ليست محصورة في القرن الفائت و الجاري لتوه!
قد يندهش القارئ إذا عرف ان أول حرب خاضتها أمريكا خارج قارتها، بعد إعلان استقلالها (العام 1776 ) بخمس سنوات فقط ، جرت وقائعها ما بين 1801 ـ 1805، وبدأتها بحرب بحرية ثم لحقتها بحملة عسكرية برية لغزو الأراضي الليبية، هدفها تغيير النظام القائم باسم «القضاء على القرصنة»، وهو ما يماثل في معناه ، اليوم ، شعار «القضاء على الإرهاب»!
ولا يزال، النشيد الرسمي لقوات المارينز الأمريكية، يتغنى، حتى الآن، بأولى حروب أمريكا، خارج أمريكا، ضد ليبيا:

من هضاب مونيزوما
إلى شواطئ طرابلس
................... الخ

كانت السفن الأمريكية التجارية، القوة الرأسمالية الناشئة، وقتها، تجوب البحر الأبيض المتوسط باحثة عن مراكز نفوذ، طامعة في الهيمنة المستقبلية على التجارة الدولية، تقابلها القوة البحرية لدول شمال أفريقيا، التي كانت تهيمن على البحر المتوسط، و ترى في تزايد الوجود البحري الأوروبي والأمريكي، التجاري ثم العسكري، تهديدا لنفوذها في البحر المتوسط، و لتجارتها الواسعة، التي كانت مصدرا رئيسيا لأسواق أوربا من القمح والشعير وزيت الزيتون والأبقار والأغنام.
في ليبيا، التي ستكون مسرحا لأول حرب أمريكية خارج أمريكا ، كانت طرابلس عاصمة دولة مستقلة عن الأستانة في عهد يوسف القرملي (1795 ـ 1835) حاكمها القوي، المكروه من الليبيين بسبب استبداده ودمويته، وقد استولى على الحكم من أخيه أحمد الذي هرب الى مالطة، والذي سيستخدمه الأمريكيون في حربهم على ليبيا كـ«قرضاي» عميل!
في عهد يوسف باشا أخذت ليبيا في التحول الى دولة قوية، في مركز نفوذها الاقتصادي والسياسي بطرابلس، فأصلح إدارتها و بنى أبراجا حصينة ومدد سور المدينة ليزيد من اتساعها وطور الصناعات وضاعف قوة الأسطول البحري، حتى انه دخل في تحالف مع نابليون بونابرت ضد بريطانيا.
كانت أمريكا البراغماتية مأخوذة بفكرة الخروج من محيطها، حاملة البذرة الأولى من إمبرياليتها الجنينية، غير محددة الملامح والإحداثيات الإستراتيجية بعد، والتي ستظهر تعبيرات أفعالها الأولى في توسعها الاستعماري داخل قارتها باستخدام أسلوب الشراء بالذهب أو الاستيلاء بالحرب. فهي اشترت ولاية لويزيانا من فرنسا 1803 ، وولاية فلوريدا من اسبانيا 1819، وألاسكا من روسيا العام 1867، وانتزعت، بالحرب، ولايات تكساس ونيومكسيكو وكاليفورنيا من المكسيك، ثم استولت على بويرتو ريكو وجزر الفليبين وغوام وهاواي وكوبا وبناما.
وهكذا، بالشراء والاستيلاء بالدولار وبالمسدس سريع الطلقات، توسعت الإمبراطورية الأمريكية، داخل حدودها القارية، ثم خارج محيطها الأطلسي، مهيمنة على العالم الجديد، متحفزة للاستيلاء على تركة امبراطوريات العالم القديم بعد الحرب العالمية الثانية.
كان باشا طرابلس القوي، قد شعر بان الأمريكيين يماطلون في دفع الجزية المفروضة على مرور السفن الأمريكية التجارية بالبحر المتوسط، فعمد الى اهانتهم في رمز شرفهم الوطني، عندما أمر في 14 مايو (ايار) 1801 جنوده بأن يحطموا سارية العلم الأمريكي القائمة أمام القنصلية الأمريكية في طرابلس، إشارة إلى إعلان الحرب على الولايات المتحدة الأمريكية. انطلقت بعدها الطرادات الليبية تجوب البحر بحثا عن السفن الأمريكية للاستيلاء على غنائمها وإجبار حكومة واشنطن على دفع جزية سنوية مجزية.
قام القنصل الأمريكي في طرابلس بمقابلة الباشا يوسف القرملي عارضا احتجاج دولته الرسمي على الإهانة التي لحقت بالعلم الأمريكي، وطلب اعادة البضائع التي سلبت من السفن الأمريكية. فقال له الباشا: «أيها القنصل لا توجد أمة أريد معها الصلح مثل أمتكم، وكل دول العالم تدفع لي ويجب ان تدفع لي أمتكم. «فقال القنصل: «لقد دفعنا لك كل ما تعهدنا به اليك ولسنا مدينين بشيء. فرد الباشا متهكما: «في ما يتعلق بالسلام قمتم فعلا بدفع اللازم، أما في ما يتعلق بالمحافظة على السلام فلم تدفعوا شيئا». لقد كان يوسف القراملي يدرك بحس قرصان عظيم انه يتعامل مع أمة أسسها قراصنة مخادعون!
أرسلت الولايات المتحدة في يوليو 1801 أسطولا حربيا مكونا من فرقاطتين معروفتين باسمي «بريزيدنت» و«فيلادلفيا»، كل منهما مزودة بأربعة وأربعين مدفعا، ترافقهما سفينتان حربيتان بأثنين وثلاثين مدفعا، ثم أضيف الى الأسطول، سفن أخرى في ما بعد.
عانت طرابلس من حصار الأسطول الأمريكي لموائيها، و لم تتمكن من تصدير منتجاتها ما عدا صادراتها من الأبقار الى انكلترة، التي كانت سفنها تملك تصريحا بالدخول الى ميناء طرابلس والخروج منه بحرية، الأحرى، لم تكن أمريكا لتقوى على منعها، و بريطانيا هي ما كانت عليه، وقتها، من عظمة بازغة!
أثناء الحصار جرت معارك حربية صغيرة بين الليبيين والأمريكيين، واستطاعت الطرادات الطرابلسية، خلالها، خرق الحصار في أحيان كثيرة، وأسر سفن أمريكية تجارية والاستيلاء على غنائمها.
كان يوسف باشا، في أثناء الحصار، يبحث في كيفية ماكرة لأسر أحدى السفن الأمريكية الحربية من أجل فك الحصار وفرض قوته و شروطه على العدو.
و بالتوازي مع الحصار كانت أمريكا تعمل من خلال قنصلها في تونس، وليم ايتون، على خطة لتغير نظام طرابلس عبر استمالة احمد باشا القراملي شقيق حاكم طرابلس يوسف القرملي.
كان أحمد باشا، المقيم في مصر، يعتبر نفسه أحق بالعرش من أخيه الأصغر الذي انقلب عليه وأقصاه عن الحكم، لينفرد به لوحده. فخطط الأمريكيون من خلال السفير الأمريكي في تونس، وليم ايتون، لإقناع أحمد القراملي بانهم قادرون على تتويجه على عرش طرابلس بعد التخلص من أخيه. فقبل بلعب دور العميل، وقد لازمه الخوف، طوال فترة انخراطه في المؤامرة. الخوف من فشل المغامرة الذي كان يتوقعه في كل لحظة، الى جانب إحساسه بعار موالاة الكفرة، التي تعد من كبائر المعاصي، وتكاد تماثل الكفر بالله في ثقافة المسلم، في ذلك العصر، على الخصوص.
في السادس من فبراير (شباط) العام 1802، شرَع الكونغرس قانونا «لحماية التجارة الأمريكية و بحارة الولايات المتحدة من خطر الطرادات الطرابلسية..».
في 31 اكتوبر (تشرين الأول) العام 1803 تمكنت البحرية الليبية من اسر الفرقاطة (المدمرة ) فيلادلفيا وأبحر بها البحارة الليبيون إلى ميناء طرابلس وعلى متنها 308 بحارة اميركيين استسلموا جميعا.
بقت المدمرة أسيرة في ميناء طرابلس الى ان تمكنت قوة بحرية أمريكية خاصة من الوصول اليها وإضرام النار فيها. فخرج أهالي طرابلس غاضبين يطالبون بذبح البحارة الأمريكيين، لكن الباشا رفض مطلبهم وأودع الأسرى السجن بعدما كان مسموحا لهم بالتجول داخل المدينة.
كثف الأسطول الأمريكي حصاره لطرابلس. قصفها بواسطة عدد كبير من السفن (فرقاطة مدمرة و ثلاث سفن مسلحة وثلاثة مراكب شراعية وسفينتي منجنيق)، للضغط من أجل إطلاق سراح الأسرى الأمريكيين، وكان قائد الأسطول يستخدم الجزرة، بين هجوم وآخر، بان يعرض على الباشا فدية مالية يرفع من مقدارها في كل عرض جديد مقابل رؤوس الأسرى. لكن الباشا كان يرفض العرض في كل مرة، سواء أكان تهديدا بالعصا أم ترغيبا بالجزرة، فلجأ قائد الأسطول الأمريكي الى تهديده باستخدام أخيه أحمد باشا، المقيم وقتها بالإسكندرية، غطاء لغزو ليبيا وإسقاط النظام.
(يتبع حلقة ثانية)

روتي
06-05-2003, 08:11 AM
:OO:
بصراحة معلومات جديدة بالنسبة لي :rolleyes:

مشكلتنا اننا لا نقرأ التاريخ

بارك الله فيك :rolleyes:

mustafa Bekhit
06-05-2003, 11:33 PM
الحل فى ايدينا ان نصحح معلومات الشعوب عن الأسلام
لأنهم يعرفوها من مصادر لا تعرف شئ بل تشوش على الاسلام

سردال
07-05-2003, 06:32 AM
أكمل بارك الله فيك :)
وأريد المصدر.


أكمل لأنني أرى في صحفنا من يكتب مطبلاً لأمريكا مخدوعاً بها أو عميلاً لها، ولا نملك حتى حق الرد عليه، يريد الكاتب منا أن يعلن صراحة معارضته للحرب واستعمار أمريكا للعراق، فإذا أرسل مقاله رفضته الصحف بحجج واهية، بينما من يؤيد الحرب له كل الحق في أن ينشر ما يريد.

لا بأس، هذه نسخة السادسة من الحرية، فيها الكثير من الأخطاء، سيتم تصحيحها في الإصدار القادم :laugh:

مجرد تخاريف لا تلق لها بالاً، أكمل فقط ونحن بانتظارك :)

حفيد حمزة
11-05-2003, 06:33 AM
خطط الأميركيون طرابلس بريا من جهة شرق ليبيا عند الحدود مع مصر على بعد اكثر من 1200 كيلومتر من طرابلس، من اجل تغيير نظام الباشا يوسف القراملي، مستخدمين في ذلك أخاه احمد القراملي عميلا طيعا لهم تحت وصاية ويليام ايتون، سفير أمريكا السابق في تونس، والذي كان يحرص على وصف عميله بـ«الباشا الشرعي لطرابلس»..!


في ديسمبر (كانون الاول) 1804 جمع أحمد القراملي في مصر جيشا مرتزقا من المماليك والمصريين والليبيين المنشقين. وقامت شركة «بريغز اخوان» الإنجليزية المقيمة في الإسكندرية بالمشاركة في دعم الحملة الاميركية على ليبيا بالمال والعتاد، فهدف الغزو كان طمعا تجاريا، بالدرجة الأولى، كما هو طمع الغزو الأمريكي، اليوم، نفطي، تحت غطاء تغيير باشا بباشا...!
اقتضى المخطط الاميركي لإسقاط نظام يوسف القراملي ان يزحف عميلهم احمد القراملي بقواته المرتزقة من برج العرب، بالقرب من الاسكندرية، لاحتلال درنة، بينما تقوم البحرية الامريكية بالإسناد اللوجستي والحربي من خلال المشاركة في تزويد المرتزقة بالأسلحة والتموين إلى جانب القصف البحري المكثف.
وكما أشرنا، فالأميركيون يحاربون بمنطق التاجر الشايلوكي، بان يجعلوا أطرافا أخرى تدفع تكاليف حربهم بما في ذلك الشعب المراد احتلاله.
كانت الحملة العسكرية تضم خليطا من المرتزقة: نحو خمسمائة من رجال القبائل الليبية ومصريين وخليطا من الأوربيين اليونانيين والايطاليين والالمان والاسبان، بقيادة ايتون بمعية عشرة عسكريين اميركيين بينهم حامل العلم الأمريكي، وهو أول علم أمريكي غاز يهبط أرض العرب العام 1804!
وعبر الطريق الذي سلكته الغزوة الحمقاء من الاسكندرية الى درنة، نطالع مقتطفات من مذكرات ايتون تعيد التعبيرات النمطية نفسها لخطاب الاستشراق الكولونيالي، الذي لا يجد في العربي الا ذلك الجلف الحسي الوغد اللص النهم الشره للطعام و الجنس والمال... حيث «وجدنا ان النقود هي نهم العرب والأتراك الوحيد!».
أما أحمد باشا القراملي فكان حسب مذكرات ايتون شخصا تافها جبانا محتقرا «إذ إن جبنه بلغ درجة أصبح يقع هو نفسه ضحية اليأس والعذاب ويفقد كل عزم له على متابعة المسير..». ثم ان وصف الحملة يكتظ بمعاناة ايتون ورجاله الأمريكيين وبقية الأوربيين ومستوى أخلاقياتهم الفروسية العالية مقابل ابتزازات بدو القافلة وتمرداتهم وخياناتهم التي لا تنقطع، وتعريضهم حياة المسيحيين البيض للخطر مرات عديدة. ودع عنك وصف عبقرية ايتون في الحفاظ على سير الحملة وأساليبه الذكية الخارقة (على طريقة أفلام جون وين قبل ان تخترع السينما بقرن!) نجد البطل الأمريكي ايتون وهو يبذل جهدا خارقا في ترويض البدو الشرسين، كأن يشرح ايتون للمسلمين المجندين في حملته عن طريق مترجمه كيف «ان ديانة الاميركيين تختلف عن جميع الديانات الأخرى..».
ويصف ايتون في مذكراته مشاعره تجاه العرب بتعبيرات الاشمئزاز والحقد، فيصف الذين رافقوه في مغامرته الحمقاء بانهم متعصبون متوحشون، وانه «كان مستحيلا ايضا ان نقنعهم بأن كوننا مسيحيين لا يعني اننا أعداء المسلمين.. كما ليس لديهم «أي حس بالوطنية أو الصدق أو الشرف، وهم لا يتقيدون بأية ارتباطات ما لم يكن وراءها كسب مالي...» ـ وانظر هنا من يتكلم عن الصدق والشرف والكسب المالي..!
تصل الحملة أخيرا الى خليج البومبا على بعد نحو مائتي كيلومتر من مدينة درنة. وهناك تلتقي باحدى السفن الامريكية تحمل أغذية وأسلحة مدفعية لجيش المرتزقة الجائع. تتوجه بعدها الحملة بقيادة وليم ايتون وعميله احمد القراملي لحصار درنة بهدف احتلالها وشراء القبائل، للزحف الى طرابلس!
ارسل ايتون الى والي المدينة يطلب منه الاستسلام وتسليم المدينة، قائلا في رسالته بلغة البيانات الاستعمارية المتغطرسة إياها: «لست أرمي الى احتلال أرضكم. ان الباشا الشرعي لبلادكم يرافقني ها هنا. دعونا نمر عبر مدينتكم، افسحوا لنا التزود بالمؤن التي سنحتاج اليها، وسوف نعوضكم تعويضا عادلا. لا تدعوا الاختلاف الديني يحرضنا على سفك دماء رجال أبرياء يفكرون قليلا ولا يعملون شيئا..».
فيرد عليه الوالي بتحد بليغ: «رأسي أو رأسك!».
وتبدأ الحرب، في يوم 27 نيسان (ابريل) العام 1805. وبعد معركة دامية احتل المرتزقة المدينة. وأخذ ايتون يتطلع الى الزحف نحو طرابلس التي تبعد نحو 1500 كيلومتر مؤمنا: «ان قليلا من المال يوزع توزيعا حسنا على المواطنين المقيمين ما بين درنة وطرابلس قمين بان يكسبنا إخلاصهم وولاءهم للقضية الأمريكية..». لكن غالبية الأهالي انضمت الى مقاومة «الكفار» ومن والاهم.
وبينما كانت قوات يوسف القراملي في طريقها الى درنة، قبل يوسف باشا المفاوضة على إطلاق سراح الأسرى الأمريكيين مقابل دفع فدية وجلاء القوات الغازية عن البلاد، مستهدفا بذلك سحب الدعم العسكري الأميركي لحملة أخيه الخائن!
و في الوقت نفسه كانت قوات يوسف القراملي تشن هجمات معاكسة استمرت حتى تلقى ايتون أوامر من قيادة الأسطول الأمريكي تطلب منه الانسحاب مع جنوده المسيحيين من درنة وإبلاغ أحمد باشا بانه «قد تم التوصل الى اتفاقية سلام بيننا وشقيقك الباشا الحالي..»، من وراء ظهر ايتون طبعا، الذي انتهت به مغامرته الى ابتلاع أحلامه التجارية وأحقاده العنصرية. وفشلت الولايات المتحدة في تحقيق أهداف مخططها الاستعماري الأول، وهرب المرتزقة الى الجبال. أما أحمد باشا فقد جرى استخدامه ثم رميه كخرقة وسخة.!
فقد جرى إجلاؤه وحاشيته، مع وليم ايتون ومرتزقته، على ظهر فرقاطة أميركية، وأنزلوه في الإسكندرية، حيث عاش هناك فقيرا منبوذا، حتى مات فيها سنة 1811 !
وفيما كان وليم ايتون مبحرا الى بلاده خائبا ، كانت الصحف الأمريكية تنشر أخبار «النصر الأمريكي العظيم في درنة»، بل تحكي عن: «الاستيلاء على طرابلس بفضل قوات الباشا الطرابلسي السابق (المقصود أحمد باشا) التي كان يقودها مواطننا القدير وقنصلنا الأسبق وليم ايتون..». بينما كان ذلك «المواطن القدير»، في الحقيقة، يبحر، جريحا مهزوما، بخفي حنين، الى بلاده، حيث تدبج المقالات في مديح البطل الأميركي المتحضر، فها هي أفريقيا حسب صحيفة أمريكية: «تشهد الآن فاتحا أتي يحصد أمجادها ويقهر قوتها على تلك الحقول التي شهدت الصراع بين سيبيوس وجيشه الروماني ضد هنيبعل وجنوده القرطاجيين في تنافس وتلاحم على إمبراطورية العالم.. فلتحترس أفريقيا! فان لأميركا جيشها الخاص وسيبيوسها المقدام، لكنها (أفريقيا) ليس لها هنيبعل ولا جنوده...».
وبعد استقبال وليم ايتون استقبالا شعبيا ضخما، بعد الولائم التي أقيمت على شرف «البطل المقدام» وقصائد وكلمات المديح، التي تصور قوات البحرية الأمريكية على أنها: «جيش عظيم الشجاعة والجلد، نشر المجد الأمريكي في بقاع قصية حيث لم يكن اسم أمريكا مسموعا من ذي قبل..». ووسط كل هذا التهليل والتبجيل سكت ايتون عن الاعتراف بحقيقة ما حدث. لكن الحقيقة ظهرت في النهاية، واعتبر ايتون: «أفضل قليلا من أي دجال مخادع..!». وأهملته الحكومة الفيدرالية، وانتقد أعضاء في الكونغرس الحملة العسكرية على درنة: «انها سهلة في عملياتها وسخيفة في مخططاتها، لا سيما انها لا تفتح أيما مجال للنجاح..». ثم واجه الكره حتى من ناخبيه في مسقط رأسه الذين كادوا يطوبونه بطلا قوميا، لكنهم عادوا وأسقطوه في الانتخابات التالية، فاعتزل السياسة والأمجاد الموهومة وعكف على إدمان الخمر والقمار الذي خسر فيه أمواله الى ان مات في الحادي عشر من حزيران (يونيو) 1811 عن عمر ناهز الرابعة والستين.