علي الشمري
05-06-2003, 05:34 AM
^1
حقيقة الأطماع العراقية في الكويت
لعل من أبرز الحقائق التي يتعين الإشارة إليها في بداية أي حديث عن هذا الموضوع هي تلك المتعلقة بأن أساس المنازعة التي كانت قائمة بين الكويت والعراق لم تكن منازعة على الحدود بين البلدين ، بل هي في حقيقة أمرها أطماع عراقية بإقليم دولة الكويت بأكمله.
فالمنازعات الحدودية غالبا ما تتخذ شكل خلافات على أجزاء معينة من إقليم دولتين متجاورتين سواء وقعت على اليابسة أم على البحر ، في حين أن العراق كان يطالب بضم إقليم دولة الكويت كاملا إليه ، وهي مطالبة باطلة تماما ولا تجد لها أي سند ، فالكويت لم تكن تابعة للعراق في أي يوم من الأيام حتى يمكن للعراق إيجاد أية ذرائع لمطالباته.
فلقد عرفت الكويت ومنذ نشأتها منذ أكثر من ثلاثة قرون من عمر الزمان باستقلالها في جوانب عديدة ، ومن أبرزها استقلالها باتخاذها لقرارها المستقل في إطار كيانها السياسي ، والقانوني بعيدا عن أية مؤثرات خارجية ، كما يشهد لها تاريخها بذلك ، من خلال دلائل حاسمة من ضمنها اختيار شعبها لحكامها بناء على مبادئ الشورى والتراضي ، وعقدها لاتفاقيات مع دول أجنبية ، وغير ذلك من الدلائل الأخرى المؤكدة لتلك الحقائق.
فالكويت على سبيل المثال قد أقدمت بناء على قرارها الحر المستقل في عام 1899م على إبرام معاهدة الحماية مع بريطانيا ، وقد تم ذلك في الوقت الذي كانت تخضع فيه أغلب دول المنطقة ومن بينها العراق لسيطرة الدولة العثمانية.
ويضاف إلى ما تقدم ، أنه ونظرا لما تمثله تلـك المـطـالـبــات من تهديد خطير للأمن والسلم الدوليين ، فإنها أصبحت طبقا لقواعد القانون الدولي مطالبات محرمة ومجرمة يتعين معاقبة من يقدم على ارتكابها ، وأن قواعد هذا القانون تحتم على كل من لديه مطالبات من هذا القبيل ضرورة لجوئه إلى الإجراءات المقررة لتسوية منازعاته بالطرق السلمية.
وفي ضوء هذه المقدمة ، فمن الجدير الإشارة إلى أن هذا الموضوع قد مر عبر العديد من المحطات التاريخية التي أكدت حقيقة الموقف الكويتي من جهة والأطماع العراقية من جهة أخرى وذلك كالتالي :
الكويت في سجل الرحالين والباحثين :
كانت الكويت - كما أشرنا - كيانا وإقليما مستقلا تربطه بالدول المتصارعة في المنطقة علاقات وسياسات متوازنة ، قائمة على
التعاون ، والرفض لأية تبعية سواء كانت عثمانية أو ألمانية ، كما حدث عام 1890م حين طلب الألمان شراء منطقة ساحلية من السلطات الكويتية بالقرب من كاظمة لجعلها محطة نهائية لخط سكة حديد بغداد.
هذه الاستقلالية وهذا الأمن والأمان في بحر متلاطم الأمواج ، جعل الكويت منطقة جذب للرحالين والباحثين ، ومحط أنظار للعلماء العرب وغيرهم من اللاجئين السياسيين الهاربين من طغيان الدولة العثمانية ، وفيما يلي أهم الوقائع التي أشار إليها بعض هؤلاء الرحالين الذين مروا بالكويت خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر:
1- من أوائل من أشار إلى اسم الكويت الرحالة مرتضي بن علوان عام 1709م ووصفها في مذكراته بأن : "الكويت بالتصغير تشابه الإحساء إلا أنها دونها ، لكن بعمارتها وأبراجها تشابهها ..... هذه الكويت المذكورة اسمها القرين".
2- بين عامي 1763 و 1765م زار الـجــزيرة الـعربـيــــة الرحالــة ( كـارســـــتــن نيـــــبـــور C. Neibuhr) فتحدث عن أمور عديدة بينها ازدهار الكويت ، ذكر أن أهلها يمتلكون أكثر من 800 سفينة ، وأنهم تطوروا إلى مجتمع حضري يعمل بالتجارة والغوص وبناء السفن.
3- خلال القرن التاسع عشر سجل العديد من الرحالين الأوربيين إلى المنطقة انطباعاتهم حول مدي تمتع الكويت باستقلالها وانفرادها بين المنطقة بهذه الميزة والخصوصية ، وكان أبرزهم الرحالة (بكنجهام Buckingham) الذي جاء إلى المنطقة ولفت نظره احتفاظ الكويت - على مر التاريخ - باستقلالها في الوقت الذي خضعت فيه كثير من مناطق الخليج الأخرى لحكم أجنبي ، مشيرا بذلك إلى البرتغاليين والعثمانيين ، ومؤكدا أن سكان الكويت معروفون بأنهم أكثر أهل الخليج حبا للحرية والإقدام.
4- أما الكولونيل ( لويس بلي L. Pelly ) الذي كان يشغل منصبا سياسيا هاما في إدارته للمقيمية البريطانية في الخليج ، فقد تحدث في إحدى تقاريره عن أنواع الحكومات في منطقة الخليج ، مصنفا بعضها بالتبعية الفارسية والأخرى بالتبعية العثمانية ، بينما أشار إلى مجموعة أخرى بأنها تخضع فعليا لشيوخها ، وكانت الكويت واحدة منها ، ذاكراً أن سياسة حكامها هي الحفاظ على الأمن والسلام داخل المدينة وخارجها ، وتنبأ بمستقبل زاهر لها.
تأسيسا على ذلك كله ، نستطيع القول أن الكويت منذ قيامها كانت إقليماً وكيانا مستقلا تحمل أبناؤها مهمة الدفاع عنها والتضحية في سبيلها ، وما أسوار الكويت التي شيدت بسواعد كويتية منذ عام 1760م إلا صورة وشاهد على تحمل هذه المسئولية الوطنية.
ولمزيد من التأكيد ، وإضافة إلى ما سبق ذكره فإن الحوادث والوقائع التاريخية التالية ، توضح هي الأخرى - وبما لا يترك مجالا للشك - أن الكويت كانت مستقلة بحدودها الإقليمية قبل أن تنال العراق حريتها واستقلالها عن التبعية العثمانية :
1- في عام 1752م انتقل الشيخ صباح بن جابر (صباح الأول) من حصنه في أم قصر إلى مدينة الكويت.
2- في عام 1773م انتقل المكتب البريطاني من البصرة إلى الكويت في أثر خلافات مع الأتراك.
3- في ديسمبر عام 1821م انتقل المقيم البريطاني من مدينة البصرة في العراق إلى إحدى الجزر الكويتية (فيلكا).
4- يبدأ تاريخ نشأة الكويت منذ عام 1613م ، وهي فترة تزيد على مائة سنة عن التاريخ المروي حول حكم الشيخ صباح بن جابر الحاكم الأول المعروف من آل صباح الكويت ، ولقد عزز ذلك رسالة الشيخ مبارك الكبير إلى المقيم البريطاني في الخليج حول تحديد حدود الكويت والتي استهلها بقوله (الكويت أرض نزلها جدنا صباح 1022هـ ) الموافق عام 1613م وهذه إشارة إلى بداية نشوء الكويت ، أيدتها مجموعة من المصادر ، ومن ثم فمن الراجح أن آل الصباح قد نزلوا الكويت منذ تلك الفترة ، وهذه الاستقلالية تؤكدها تقارير الرحالة المذكورة سابقا.
5- في 23/1/1899م وقعت كل من الكويت وبريطانيا اتفاقية الحماية التي ساهمت في حماية الكويت من الأطماع الأجنبية.
ومن أهم الحقائق التي يتعين الإشارة إليها عند الحديث عن هذه الواقعة ، انفراد الكويت باتخاذها لقرارها السياسي المستقل في الوقت الذي كانت تخضع فيه أغلب دول المنطقة وفي مقدمتها العراق لسيطرة الدولة العثمانية.
6- في عام 1902م أرسلت بريطانيا سفينة حربية (سفانكس) للتأكد من التقارير التي تفيد أن الأتراك قد استقروا في أم قصر وصفوان ، حين اكتشفوا في فبراير من ذلك العام أن هناك مركزا تركيا يضم (40 رجلا ) في أم قصر ، ومركزا أكبر منه في صفوان كما اكتشفوا أيضا مركزا ثالثا في الجزء الشرقي من جزر راس القيد (20 رجلا ) ، وحمل البريطانيون السلطات التركية مسؤولية احتلال أم قصر وجزيرة بوبيان ، واعتبروا ذلك تعرضا لحقوق الكويت الشرعية.
7- في عام 1912م ، وخلال مباحثات المعاهدة البريطانية التركية ، تم وصف الحدود في منطقة أم قصر بأنها تصل إلى جدران قلعة أم قصر ولكنها لا تشملها ، وعليه لم تقبل الحكومة البريطانية بمطالبات شيخ الكويت بأم قصر كاملة.
8- في 29/7/1913م قامت كل من بريطانيا والدولة العثمانية بإبرام معاهدة لتحديد الحدود الشمالية لدولة الكويت مع ولاية البصرة بموجب خط أخضر ليمتد من الساحل عند مصب خور الزبير نحو الشمال الغربي ويمر إلى الجنوب مباشرة من أم قصر وصفوان وجبل سنام إلى الباطن ومن ثم جنوب غرب إلى الباطن ، وأوضحت الاتفاقية كذلك الخط الأحمر الذي ينحدر إلى خور عبد الله.
وتلاحظ بصدد هذه الاتفاقية عدة حقائق أبرزها : أن بريطانيا هي التي كانت تمثل الكويت في هذه الاتفاقية باعتبارها الجهة المسؤولة عن تمثيل العلاقات الخارجية لدولة الكويت في حين أن الدولة العثمانية ووفقا للاعتبار نفسه هي التي كانت تمثل العراق ، فوجود طرفين منفصلين تقوم كل جهة منهما بتمثيل العلاقات الخارجية للكيان الذي يخضع له ، هو دليل قاطع على استقلال كل كيان عن الآخر.
9- في 8/12/1919م وصفت الإدارة السياسية في بغداد الحدود الدولية للدولة العراقية بأنها تمر في منتصف الخط المائي لخور الزبير إلى نقطة الالتقاء مع خور بوبيان ، وصولا إلى خور عبد الله.
10- وفي عام 1923م وبعد اتفاقيات "العقير" بين المملكة العربية السعودية والكويت ، وبين المملكة العربية السعودية والعراق ، يبين حاكم الكويت الشيخ أحمد الجابر الصباح خط سير حدود الكويت الشمالية كما وردت في المعاهدة الانجلو تركية، وتم التأكيد على تلك الحدود مجددا بموجب مذكرة من المندوب السامي في العراق (السير بيرس كوكس) إلي الوكيل السياسي في الكويت المؤرخة في 19/4/1923م ، والذي يبين اعتراف الحكومة البريطانية بالمطالب الكويتية بالحدود والجزر الكويتية (ويقصد بها جزر وربة وبوبيان ومسكان ، فيلكا ، عوهة ، كبر ، وقاروه ، أم المرادم) وتضع علامة جنوب صفوان لنقطة الحدود تبعد 1000 متر من المركز العراقي ، وهي نفس الحدود المرسومة في الاتفاقية الانجلو تركية الموقعة في 29/7/1913م.
11- في عام 1932م استقلت العراق وتأهبت لدخول عصبة الأمم المتحدة ، وهنا كان لا بد أن تكون للدولة العراقية الجديدة حدود واضحة مع جيرانها ولا سيما الكويت كأحد الشروط الأساسية لقبول العراق في عصبة الأمم المتحدة ، ومن ثم فقد تم تبادل المذكرات بين العراق والكويت في هذا الشأن ، وقد اعترف العراق بموجب رسالة موجهة من رئيس وزراء العراق آنذاك إلى المعتمد البريطاني في الكويت بحدود الكويت التي تم تحديدها باتفاقية 1913م وتأكيدها في المذكرة المؤرخة في 19/4/1923م المشار إليها سابقا حيث أشار إلى أن العراق يملك حدودا واضحة مع جميع جيرانه عدا سوريا ومن ثم فإن العراق يفوض مجلس العصبة ويقبل بحكمها.
12- في يونيو عام 1932م وقبل تبادل المذكرات المشار إليها في الفقرة السابقة ، أقدمت العراق على إزالة اللوحة الحدودية جنوب صفوان بأمر من متصرف البصرة بحجة تجديدها وطلائها ، إلا أنه بناء على استفسارات ملحة من الكويت أعيدت اللوحة إلى مكانها.
13- في عام 1939م أزيلت اللوحة المذكورة من جديد من جانب العراق ، وعندما أعيدت من قبل السلطات الكويتية والبريطانية ، احتج العراق بأن اللوحة قد أعيدت إلى نقطة تقع 250 مترا داخل الحدود العراقية ، لكن هذا الاحتجاج رفض وتمسكت الكويت بموقع اللوحة ، والتي كانت تبعد كيلو متر واحد من مركز صفوان العراقي.
14- في عام 1955م رفضت الكويت بحث مشروع عراقي يدعي تطوير ميناء أم قصر ، وقد أعلن المغفور له الشيخ عبد الله السالم الصباح حاكم الكويت حينها ، أن مسألة تسوية ترسيم الحدود شرط مسبق لأي مسألة أخرى خاصة بمشروع أم قصر.
15- في عام 1958م صدر المرسوم بشأن المياه الإقليمية والجرف القاري العراقي وذلك في أثر مشاركة العراق الإيجابية في اتفاقيات قانون البحار ، ومن ثم التصديق عليها والارتباط بها.
16- في عام 1958م انتهي الحكم الملكي في العراق بانقلاب عسكري دموي أتى بنظام يقوده عبد الكريم قاسم الذي ادعي أن الكويت جزء من العراق ، وذلك في أثر إعلان الكويت استقلالها التام في يونيو عام 1961م منهية بذلك العمل بالمعاهدة البريطانية لعام 1899م.
17- في عام 1959م ظهر تقرير الكارتوجرافي النرويجي ( كوشيرون - أموت ) ، والخريطة المرفقة المعتمدة ضمن مرافعات محكمة العدل الدولية ، كحقائق تؤكد حدود الكويت الشمالية.
وتتفق الاراء على أن العراق سعى إلي مطالباته بضم الكويت لعدة أسباب أهمها :
1- الرغبة في الاستحواذ على ممتلكات الكويتيين الخاصة في البصرة والفاو.
2- رغبة العراق في توسيع نافذته على الخليج بعد أن ضاقت كثيرا نتيجة التنازلات التي قدمها لإيران في اتفاقية شط العرب عام 1937م.
3- اكتشاف حقل برقان عام 1938م وهو من أحد حقول النفط الرئيسية التي أثارت مطامع الحكومة العراقية في الثروة النفطية التي سوف تحظي بها الكويت.
4- فشل العراق في إخضاع الكويت لنظامه الاقتصادي بعد تعثر الجهود لإقامة اتحاد جمركي بين البلدين نظرا لاختلاف الأنظمة الاقتصادية.
المبادرات الكويتية بشأن ترسيم الحدود الكويتية العراقية :
المبادرة الأولى والتجاهل العراقي :
في عام 1960م اقترح أمير الكويت المغفور له الشيخ عبد الله السالم الصباح تشكيل لجنة لترسيم الحدود الكويتية والعراق ،
ودعا الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم حينها لزيارة الكويت ، إلا أن هذا الاقتراح تم سحبه لتجاهل العراق وعدم الرد عليه ، ولكن سرعان ما قدم وزير الخارجية العراقي جواد هاشم اعتذارا للشيخ عبد الله السالم الصباح عن ذلك.
ومــا أن تحقق للكويت استقلالها فى 19/6/1961م ، حتي هب عبد الكريم قاسم حاكم العراق معلنا أطماعه في ضم الكويت ، وعلى الرغم من التأييد الذي حظيت به الكويت من جامعة الدول العربية ، وإجماع الدول العربية والأجنبية ، إلا أن العراق رفض التعامل مع هذا الواقع الدولي من منظار أطماعه التوسعية في الكويت ، حيث دعا قاسم العراق إلي مؤتمر صحفي في 25/6/1961م ، طالب فيه بضم الكويت الي العراق ، مهددا كل دولة إن هي اعترفت باستقلال الكويت ، أو تبادلت التمثيل الدبلوماسي معها بقطع العلاقة بينه وبينها ، الأمر الذي أدي إلي عزل العراق عزلا يكاد يكون تاما ، وذلك بسبب اعتراف الدول العربية وبقية دول العالم بالكويت.
ومما يلفت النظر ، أن النظام العراقي عند مطالبته بالكويت حينذاك عمد إلي ادعاءات تاريخية باطلة ، من بينها ادعاؤه تبعية الكويت لولاية البصرة ، أو رغبة أهل الكويت في العودة الي أهاليهم ووطنهم الأصلي العراق ، وهي جميعا ادعاءات كاذبة ، أكدت ذلك المظاهرات الشعبية التي رفضت هذه الادعاءات ، وهنا لابد من ذكر الموقف الشجاع والحكيم للأمير المغفور له الشيخ عبد الله السالم الصباح طيب الله ثراه ، والتفاف شعب الكويت حول قيادته ، برفضه التام لادعاءات عبد الكريم قاسم حول تبعية الكويت للعراق ، وقد تجسدت حكمة المغفور له بالاتصال الفوري والمباشر بالدول العربية وقياداتها من خلال الوفود الرسمية الكويتية التي أرسلها إلى تلك الدول وقياداتها لاستنهاضها مما أدي إلى وقوف جميع الدول العربية إلي جانب الكويت ، كما قام المغفور له بالطلب إلى بريطانيا إرسال قوات إلي الكويت للدفاع عنها.
وعلى الرغم من أن الازمة التي اثارها قاسم العراق ، لم تتعد المظاهر الادعائية والإعلامية ، إلا أن هناك حقائق تؤكد أن قاسم العراق كان يفكر جديا في غزو الكويت ، إلا أن الموقف العربي والدولي ، والثورة الكردية في شمال العراق لم يتركا له فائضا عسكريا للقيام بعدوان مسلح ضد الكويت.
وفي يوليو عام 1961م ، تبلور الموقف العربي في قرار جامعة الدول العربية والمتمثل في الاتي :
1- تشكيل قوة أمن عربية تحل محل القوات البريطانية.
2- التزام حكومة العراق بعدم استخدام القوة لضم الكويت.
3- تاييد رغبة الكويت أو رفضها في الوحدة أو الاتحاد مع غيرها من دول جامعة الدول العربية.
4- الترحيب بالكويت عضوا في جامعة الدول العربية.
وأعربت الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية عن التزامها بتقديم المساعدة الفعالة للكويت لصيانة استقلالها وأمنها ، وذلك عند طلبها.
وفي أثر هذه القرارات طلب أمير دولة الكويت المغفور له الشيخ عبد الله السالم الصباح طيب الله ثراه ، سحب القوات البريطانية لتحل محلها قـــوات عربية ، شاركــــت فيهــا الـمـمــلـكــة العربية السعودية ، ومصر ، والأردن ، والسودان ، ولم تمض شهور قليلة على هذه الأزمة حتى خفت حدتها وانسحبت القوات العربية تدريجيا ، لتنتهي تلك الادعاءات بالإطاحة بقاسم العراق ، وذلك في انقلاب عسكري في 8/2/1963م .
وقد سارع نظام الحكم الذي استولى على السلطة وهو نظام ينتمي إلى حزب البعث ، إلى الاعتراف بدولة الكويت ، حيث كانت هذه المسألة على رأس أولوياته إذ حرص وفي شهر أكتوبر من العام نفسه على إبرام اتفاقية مع دولة الكويت اعترف العراق خلالها رسميا بالكويت وباستقلالها وبحدودها المبينه في اتفاقية 1932م وقد وقع الاتفاقية عن الكويت المغفور له الشيخ صباح السالم الصباح رئيس مجلس الوزراء وعن العراق اللواء أحمد حسن البكر.
في يناير عام 1964م ، قامت الكويت بإيداع المحضر المتفق عليه في الأمم المتحدة دون أي معارضة من الجانب العراقي على تسجيل المحضر ، حيث تم تسجيله لدي الأمين العام للأمم المتحدة بطلب من دولة الكويت بتاريخ 10/1/1964م وفقا للمادة (102) من ميثاق الأمم المتحدة ، فقد أشارت هذه المادة إلى وجوب تسجيل كل اتفاق دولي يعقده أي عضو من أعضاء الأمم المتحدة ، وقد قامت الأمانة العامة للمنظمة بنشره في سلسلة معاهدات الأمم المتحدة ( في المجلد رقم 485 صفحة 321 لسنة 1964م ) وتم توزيعه على جميع أعضاء المنظمة ولم تعترض العراق عليه بدعوى عدم التصديق كما تم تسجيل الاتفاق لدي جامعة الدول العربية في رسالة وجهها وزير خارجية دولة الكويت إلى أمين عام الجامعة.
المبادرة الثانية والانتهاكات العراقية :
في مارس عام 1965م ، وخلال زيارة قام بها سمو أمير دولة الكويت الشيخ عبد الله السالم للعراق تم الاتفاق على تشكيل لجنة حدود كويتية - عراقية مشتركة.
في 13/12/1965م ، بدأ العراقيون بناء مركز جمارك جديد على بعد 400 ياردة إلى جنوب الاستراحة.
في الفترة من 4-8/6/1966م ، قام سمو أمير دولة الكويت المغفور له الشيخ صباح السالم الصباح بزيارة بغداد ، ناقش خلالها تشكيل لجنة لترسيم الحدود ، وقد تم بالفعل تشكيلها ، كما تم الاتفاق على أن تبدأ اللجنة أعمالها اعتبارا من فبراير عام 1967م.
فى مارس عام 1967م ، عقدت الجلسة الأولى للجنة الكويتية - العراقية المشتركة لترسيم الحدود في بغداد ، ثم تأجلت اجتماعات اللجنة إلى 2/10/1967م.
في إبريل عام 1967م ، دخلت القوات العراقية منطقة الرتقة معتدية على المعسكر الكويتي الذي كان يسكنه عمال حفر الآبار.
في عام 1967م ، أيضا تعرض فريق المسح الكويتي الذي هو جزء من لجنة مسح مشتركة ، لاعتداء من الشرطة العراقية عند خط الجامعة العربية (داخل الحدود الكويتية) جنوب أم قصر.
في الفترة من 15-16/6/1968م ، قام سمو أمير دولة الكويت المغفور الشيخ صباح السالم الصباح بزيارة رسمية للعراق تناول فيها عددا من الموضوعات كان على رأسها موضوع ترسيم الحدود بين البلدين.
في عام 1969م ، شجبت إيران اتفاقية شط العرب الموقعة مع العراق ، فتوترت العلاقات بين البلدين ، ودخلت في أثر ذلك القوات العراقية إلى جنوب أم قصر.
في الفترة من 3-6/8/1971م ، زار وزير الخارجية العراقي عبد الكريم الشيخيلي الكويت ، ولم يتم إحياء لجنة الحدود المشتركة رغم النداءات التي وجهتها الكويت حينها ، إلا أنه اتفق على دراسة الخطوات التي من شأنها حل مشكلة الحدود ، ولم يوافق العراق على القيام بمسح مشترك مع الكويت ، فقامت الكويت من جانبها بالمسح.
في مارس عام 1972م ، بدأ العراق بشق طريق داخل الأراضي الكويتية نحو جنوب أم قصر ، وكان العراق قد عزز قواته بشكل ملحوظ في المنطقة منذ أن تمركزت للمرة الأولى عام 1969م.
في عام 1972م أيضا ، ثبت العراق مدفعية ومنشآت متكاملة على المرتفع من الأرض جنوب غرب أم قصر.
والملاحظ في هذا الصدد أن الجانب العراقي لم يكن - وبعد إبرامه للاتفاق المذكور - يفصح عن نواياه الحقيقية لمماطلاته لترسيم الحدود ، إلى أن نشأت أزمة الصامتة في مارس 1973م والتي نشأت من جراء قيام الجانب العراقي بمهاجمة مخفر الصامتة الحدودي التابع للكويت ، قتل على أثرها اثنان من المواطنين الكويتيين ، وفي أثر هذه الأزمة أخذت الأطماع العراقية تظهر من جديد حيث أخذ النظام العراقي يطالب الكويت بتأجير جزيرتي وربة وبوبيان الكويتية له لمدة 99 عاما.
ومن المعروف أن المطالبة المذكورة تنطوي على اعتراف صريح من جانب العراق بتبعية الجزيرتين لدولة الكويت وسيادتها المطلقة عليهما ، فمن يطالب بالإيجار فأنه يعترف في حقيقة الأمر بعدم ملكيته للعين التي يطالب بإيجارها.
في 28/4/1973م ، سحب العراقيون قواتهم من مركز شرطة الصامتة على أثر تنديد عربي شامل ، واستأنفوا شق الطرق حول المركز وسط الاحتجاجات الكويتية.
في منتصف سبتمبر عام 1976م ، قام العراقيون بانتهاكات متوالية داخل الأراضي الكويتية يتراوح عمقها بين 1/2 كيلو متر إلى 4 كيلو مترات ، واحتجت الكويت عليها بمذكرات رسمية.
في عام 1976م ، أيضا قامت العراق بإنشاء (15) مرسى جديدا إضافة إلى الأرصفة والمراسي الأربعة التي كانت تمتد على بعد 640 متر في أم قصر.
في مارس عام 1977م ، أنشأ العراقيون مركزا إضافيا قرب الشاطئ جنوب أم قصر وعلى وجه التحديد جنوب شرق زاوية التقاء الطرق الجديدة ، إضافة إلى منصات المدافع الستة التي أنشئت جنوب الصامتة وما تبعها من مبان شمال المنصات.
المبادرة الثالثة وحسن النية الكويتية :
في الفترة من 27/6/1977 إلى 3/7/1977م ، قام الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح بزيارة لبغداد التقي خلالها بصدام حسين وعزت إبراهيم وغيرهما ، حيث تم الاتفاق على تشكيل لجنة وزارية مشتركة لمعالجة الحدود ، تلتقي تباعا في بغداد والكويت بشكل دوري كما تم الاتفاق على فك تشابك القوات في الأماكن المتداخلة ، وتشكيل لجنة مشتركة لمعالجة مشكلات الحدود اليومية.
المبادرة الرابعة والتحركات العراقية الاستفزازية :
- في سبتمبر عام 1980م ، اندلعت الحرب العراقية - الإيرانية ، واستغل العراق التهديدات الإيرانية والموقف الكويتي المؤازر له ، بالتوسع وتصعيد سياسة "الزحف المبرمج" الذي يترجم نوايا العراق بالتوسع ، مستغلا "الخطر الإيراني" ومتسترا وراء "الأهداف القومية " الأمر الذي أدى إلى بناء مزارع ومنشآت على الأراضي الكويتية.
- في مطلع عام 1981م ، اجتمعت لجنة الحدود المشتركة واقترح العراق ترسيم حدود 1932/1963م ، شرط أن تؤجر الكويت جزيرتي وربة وبوبيان للعراق ، بهدف إنشاء قاعدة بحرية عليهما ، لكن الكويت رفضت ذلك.
- في الفترة من 5-10/5/1981م ، قام سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزارء الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح بزيارة بغداد ، التقى خلالها بصدام حسين ، وتم تشكيل لجنة حدود يرأسها وزيرا الداخلية في البلدين بالتناوب.
- في يناير عام 1983م ، ناقش مجلس الأمة الكويتي مسألة ترسيم الحدود نتيجة لتغلغل القوات العراقية في الأراضي الكويتية.
- في الفترة من 12-13/11/1984م ، زار سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح بغداد بناء على دعوة من عزت إبراهيم ، لم يتم فيها التحدث طويلا حول مسألة الحدود ، ولكن تم الاتفاق على ضرورة لقاء وزيري الداخلية لاحقا خلال الشهر نفسه لمناقشة الخلافات حول الحدود.
- في 20/11/1984م ، قام وزيرا الداخلية في البلدين سعدون شاكر والشيخ نواف الأحمد بمناقشة مسألة الحدود ، ولم تسفر عن نتائج.
- في 7/8/1988م ، زار الكويت وزير الداخلية العراقي سمير عبد الوهاب ، بناء على دعوة من الكويت للتباحث في مسألة الحدود ، ولم تسفر عن نتائج أيضا.
- في منتصف أكتوبر عام 1988م ، دخلت دورية من المشاة العراقية الأراضي الكويتية.
- وفي 11/11/1989م ، قام سمو الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الكويتي بزيارة إلى العراق ، ودعا إلى تشكيل لجنة لترسيم الحدود ، إلا أن النظام العراقي كعادته أخذ يماطل إلى أن قام في 7/7/1990م بافتعال أزمته وتفجيرها مع الكويت بمذكرته التي قدمها إلى الجامعة العربية.
فإن الكويت وعلى الرغم من المزاعم والافتراءات التي احتوتها المذكرة العراقية، كانت دائما عند موقفها العقلاني ، وطالبت بموجب مذكرتها الجوابية على المذكرة العراقية ، بالاحتكام إلى الجامعة العربية للنظر في المطالبات العراقية ، إلا أن العراق كعادته رفض الاقتراحات الكويتية ، وأخذ يتحين الفـرص إلـى أن أقـدم علـــى ارتـكـــاب جريمته النكراء باحتلاله للكويت في 2/8/1990م.
واعتذر على الاطاله
هيرو
حقيقة الأطماع العراقية في الكويت
لعل من أبرز الحقائق التي يتعين الإشارة إليها في بداية أي حديث عن هذا الموضوع هي تلك المتعلقة بأن أساس المنازعة التي كانت قائمة بين الكويت والعراق لم تكن منازعة على الحدود بين البلدين ، بل هي في حقيقة أمرها أطماع عراقية بإقليم دولة الكويت بأكمله.
فالمنازعات الحدودية غالبا ما تتخذ شكل خلافات على أجزاء معينة من إقليم دولتين متجاورتين سواء وقعت على اليابسة أم على البحر ، في حين أن العراق كان يطالب بضم إقليم دولة الكويت كاملا إليه ، وهي مطالبة باطلة تماما ولا تجد لها أي سند ، فالكويت لم تكن تابعة للعراق في أي يوم من الأيام حتى يمكن للعراق إيجاد أية ذرائع لمطالباته.
فلقد عرفت الكويت ومنذ نشأتها منذ أكثر من ثلاثة قرون من عمر الزمان باستقلالها في جوانب عديدة ، ومن أبرزها استقلالها باتخاذها لقرارها المستقل في إطار كيانها السياسي ، والقانوني بعيدا عن أية مؤثرات خارجية ، كما يشهد لها تاريخها بذلك ، من خلال دلائل حاسمة من ضمنها اختيار شعبها لحكامها بناء على مبادئ الشورى والتراضي ، وعقدها لاتفاقيات مع دول أجنبية ، وغير ذلك من الدلائل الأخرى المؤكدة لتلك الحقائق.
فالكويت على سبيل المثال قد أقدمت بناء على قرارها الحر المستقل في عام 1899م على إبرام معاهدة الحماية مع بريطانيا ، وقد تم ذلك في الوقت الذي كانت تخضع فيه أغلب دول المنطقة ومن بينها العراق لسيطرة الدولة العثمانية.
ويضاف إلى ما تقدم ، أنه ونظرا لما تمثله تلـك المـطـالـبــات من تهديد خطير للأمن والسلم الدوليين ، فإنها أصبحت طبقا لقواعد القانون الدولي مطالبات محرمة ومجرمة يتعين معاقبة من يقدم على ارتكابها ، وأن قواعد هذا القانون تحتم على كل من لديه مطالبات من هذا القبيل ضرورة لجوئه إلى الإجراءات المقررة لتسوية منازعاته بالطرق السلمية.
وفي ضوء هذه المقدمة ، فمن الجدير الإشارة إلى أن هذا الموضوع قد مر عبر العديد من المحطات التاريخية التي أكدت حقيقة الموقف الكويتي من جهة والأطماع العراقية من جهة أخرى وذلك كالتالي :
الكويت في سجل الرحالين والباحثين :
كانت الكويت - كما أشرنا - كيانا وإقليما مستقلا تربطه بالدول المتصارعة في المنطقة علاقات وسياسات متوازنة ، قائمة على
التعاون ، والرفض لأية تبعية سواء كانت عثمانية أو ألمانية ، كما حدث عام 1890م حين طلب الألمان شراء منطقة ساحلية من السلطات الكويتية بالقرب من كاظمة لجعلها محطة نهائية لخط سكة حديد بغداد.
هذه الاستقلالية وهذا الأمن والأمان في بحر متلاطم الأمواج ، جعل الكويت منطقة جذب للرحالين والباحثين ، ومحط أنظار للعلماء العرب وغيرهم من اللاجئين السياسيين الهاربين من طغيان الدولة العثمانية ، وفيما يلي أهم الوقائع التي أشار إليها بعض هؤلاء الرحالين الذين مروا بالكويت خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر:
1- من أوائل من أشار إلى اسم الكويت الرحالة مرتضي بن علوان عام 1709م ووصفها في مذكراته بأن : "الكويت بالتصغير تشابه الإحساء إلا أنها دونها ، لكن بعمارتها وأبراجها تشابهها ..... هذه الكويت المذكورة اسمها القرين".
2- بين عامي 1763 و 1765م زار الـجــزيرة الـعربـيــــة الرحالــة ( كـارســـــتــن نيـــــبـــور C. Neibuhr) فتحدث عن أمور عديدة بينها ازدهار الكويت ، ذكر أن أهلها يمتلكون أكثر من 800 سفينة ، وأنهم تطوروا إلى مجتمع حضري يعمل بالتجارة والغوص وبناء السفن.
3- خلال القرن التاسع عشر سجل العديد من الرحالين الأوربيين إلى المنطقة انطباعاتهم حول مدي تمتع الكويت باستقلالها وانفرادها بين المنطقة بهذه الميزة والخصوصية ، وكان أبرزهم الرحالة (بكنجهام Buckingham) الذي جاء إلى المنطقة ولفت نظره احتفاظ الكويت - على مر التاريخ - باستقلالها في الوقت الذي خضعت فيه كثير من مناطق الخليج الأخرى لحكم أجنبي ، مشيرا بذلك إلى البرتغاليين والعثمانيين ، ومؤكدا أن سكان الكويت معروفون بأنهم أكثر أهل الخليج حبا للحرية والإقدام.
4- أما الكولونيل ( لويس بلي L. Pelly ) الذي كان يشغل منصبا سياسيا هاما في إدارته للمقيمية البريطانية في الخليج ، فقد تحدث في إحدى تقاريره عن أنواع الحكومات في منطقة الخليج ، مصنفا بعضها بالتبعية الفارسية والأخرى بالتبعية العثمانية ، بينما أشار إلى مجموعة أخرى بأنها تخضع فعليا لشيوخها ، وكانت الكويت واحدة منها ، ذاكراً أن سياسة حكامها هي الحفاظ على الأمن والسلام داخل المدينة وخارجها ، وتنبأ بمستقبل زاهر لها.
تأسيسا على ذلك كله ، نستطيع القول أن الكويت منذ قيامها كانت إقليماً وكيانا مستقلا تحمل أبناؤها مهمة الدفاع عنها والتضحية في سبيلها ، وما أسوار الكويت التي شيدت بسواعد كويتية منذ عام 1760م إلا صورة وشاهد على تحمل هذه المسئولية الوطنية.
ولمزيد من التأكيد ، وإضافة إلى ما سبق ذكره فإن الحوادث والوقائع التاريخية التالية ، توضح هي الأخرى - وبما لا يترك مجالا للشك - أن الكويت كانت مستقلة بحدودها الإقليمية قبل أن تنال العراق حريتها واستقلالها عن التبعية العثمانية :
1- في عام 1752م انتقل الشيخ صباح بن جابر (صباح الأول) من حصنه في أم قصر إلى مدينة الكويت.
2- في عام 1773م انتقل المكتب البريطاني من البصرة إلى الكويت في أثر خلافات مع الأتراك.
3- في ديسمبر عام 1821م انتقل المقيم البريطاني من مدينة البصرة في العراق إلى إحدى الجزر الكويتية (فيلكا).
4- يبدأ تاريخ نشأة الكويت منذ عام 1613م ، وهي فترة تزيد على مائة سنة عن التاريخ المروي حول حكم الشيخ صباح بن جابر الحاكم الأول المعروف من آل صباح الكويت ، ولقد عزز ذلك رسالة الشيخ مبارك الكبير إلى المقيم البريطاني في الخليج حول تحديد حدود الكويت والتي استهلها بقوله (الكويت أرض نزلها جدنا صباح 1022هـ ) الموافق عام 1613م وهذه إشارة إلى بداية نشوء الكويت ، أيدتها مجموعة من المصادر ، ومن ثم فمن الراجح أن آل الصباح قد نزلوا الكويت منذ تلك الفترة ، وهذه الاستقلالية تؤكدها تقارير الرحالة المذكورة سابقا.
5- في 23/1/1899م وقعت كل من الكويت وبريطانيا اتفاقية الحماية التي ساهمت في حماية الكويت من الأطماع الأجنبية.
ومن أهم الحقائق التي يتعين الإشارة إليها عند الحديث عن هذه الواقعة ، انفراد الكويت باتخاذها لقرارها السياسي المستقل في الوقت الذي كانت تخضع فيه أغلب دول المنطقة وفي مقدمتها العراق لسيطرة الدولة العثمانية.
6- في عام 1902م أرسلت بريطانيا سفينة حربية (سفانكس) للتأكد من التقارير التي تفيد أن الأتراك قد استقروا في أم قصر وصفوان ، حين اكتشفوا في فبراير من ذلك العام أن هناك مركزا تركيا يضم (40 رجلا ) في أم قصر ، ومركزا أكبر منه في صفوان كما اكتشفوا أيضا مركزا ثالثا في الجزء الشرقي من جزر راس القيد (20 رجلا ) ، وحمل البريطانيون السلطات التركية مسؤولية احتلال أم قصر وجزيرة بوبيان ، واعتبروا ذلك تعرضا لحقوق الكويت الشرعية.
7- في عام 1912م ، وخلال مباحثات المعاهدة البريطانية التركية ، تم وصف الحدود في منطقة أم قصر بأنها تصل إلى جدران قلعة أم قصر ولكنها لا تشملها ، وعليه لم تقبل الحكومة البريطانية بمطالبات شيخ الكويت بأم قصر كاملة.
8- في 29/7/1913م قامت كل من بريطانيا والدولة العثمانية بإبرام معاهدة لتحديد الحدود الشمالية لدولة الكويت مع ولاية البصرة بموجب خط أخضر ليمتد من الساحل عند مصب خور الزبير نحو الشمال الغربي ويمر إلى الجنوب مباشرة من أم قصر وصفوان وجبل سنام إلى الباطن ومن ثم جنوب غرب إلى الباطن ، وأوضحت الاتفاقية كذلك الخط الأحمر الذي ينحدر إلى خور عبد الله.
وتلاحظ بصدد هذه الاتفاقية عدة حقائق أبرزها : أن بريطانيا هي التي كانت تمثل الكويت في هذه الاتفاقية باعتبارها الجهة المسؤولة عن تمثيل العلاقات الخارجية لدولة الكويت في حين أن الدولة العثمانية ووفقا للاعتبار نفسه هي التي كانت تمثل العراق ، فوجود طرفين منفصلين تقوم كل جهة منهما بتمثيل العلاقات الخارجية للكيان الذي يخضع له ، هو دليل قاطع على استقلال كل كيان عن الآخر.
9- في 8/12/1919م وصفت الإدارة السياسية في بغداد الحدود الدولية للدولة العراقية بأنها تمر في منتصف الخط المائي لخور الزبير إلى نقطة الالتقاء مع خور بوبيان ، وصولا إلى خور عبد الله.
10- وفي عام 1923م وبعد اتفاقيات "العقير" بين المملكة العربية السعودية والكويت ، وبين المملكة العربية السعودية والعراق ، يبين حاكم الكويت الشيخ أحمد الجابر الصباح خط سير حدود الكويت الشمالية كما وردت في المعاهدة الانجلو تركية، وتم التأكيد على تلك الحدود مجددا بموجب مذكرة من المندوب السامي في العراق (السير بيرس كوكس) إلي الوكيل السياسي في الكويت المؤرخة في 19/4/1923م ، والذي يبين اعتراف الحكومة البريطانية بالمطالب الكويتية بالحدود والجزر الكويتية (ويقصد بها جزر وربة وبوبيان ومسكان ، فيلكا ، عوهة ، كبر ، وقاروه ، أم المرادم) وتضع علامة جنوب صفوان لنقطة الحدود تبعد 1000 متر من المركز العراقي ، وهي نفس الحدود المرسومة في الاتفاقية الانجلو تركية الموقعة في 29/7/1913م.
11- في عام 1932م استقلت العراق وتأهبت لدخول عصبة الأمم المتحدة ، وهنا كان لا بد أن تكون للدولة العراقية الجديدة حدود واضحة مع جيرانها ولا سيما الكويت كأحد الشروط الأساسية لقبول العراق في عصبة الأمم المتحدة ، ومن ثم فقد تم تبادل المذكرات بين العراق والكويت في هذا الشأن ، وقد اعترف العراق بموجب رسالة موجهة من رئيس وزراء العراق آنذاك إلى المعتمد البريطاني في الكويت بحدود الكويت التي تم تحديدها باتفاقية 1913م وتأكيدها في المذكرة المؤرخة في 19/4/1923م المشار إليها سابقا حيث أشار إلى أن العراق يملك حدودا واضحة مع جميع جيرانه عدا سوريا ومن ثم فإن العراق يفوض مجلس العصبة ويقبل بحكمها.
12- في يونيو عام 1932م وقبل تبادل المذكرات المشار إليها في الفقرة السابقة ، أقدمت العراق على إزالة اللوحة الحدودية جنوب صفوان بأمر من متصرف البصرة بحجة تجديدها وطلائها ، إلا أنه بناء على استفسارات ملحة من الكويت أعيدت اللوحة إلى مكانها.
13- في عام 1939م أزيلت اللوحة المذكورة من جديد من جانب العراق ، وعندما أعيدت من قبل السلطات الكويتية والبريطانية ، احتج العراق بأن اللوحة قد أعيدت إلى نقطة تقع 250 مترا داخل الحدود العراقية ، لكن هذا الاحتجاج رفض وتمسكت الكويت بموقع اللوحة ، والتي كانت تبعد كيلو متر واحد من مركز صفوان العراقي.
14- في عام 1955م رفضت الكويت بحث مشروع عراقي يدعي تطوير ميناء أم قصر ، وقد أعلن المغفور له الشيخ عبد الله السالم الصباح حاكم الكويت حينها ، أن مسألة تسوية ترسيم الحدود شرط مسبق لأي مسألة أخرى خاصة بمشروع أم قصر.
15- في عام 1958م صدر المرسوم بشأن المياه الإقليمية والجرف القاري العراقي وذلك في أثر مشاركة العراق الإيجابية في اتفاقيات قانون البحار ، ومن ثم التصديق عليها والارتباط بها.
16- في عام 1958م انتهي الحكم الملكي في العراق بانقلاب عسكري دموي أتى بنظام يقوده عبد الكريم قاسم الذي ادعي أن الكويت جزء من العراق ، وذلك في أثر إعلان الكويت استقلالها التام في يونيو عام 1961م منهية بذلك العمل بالمعاهدة البريطانية لعام 1899م.
17- في عام 1959م ظهر تقرير الكارتوجرافي النرويجي ( كوشيرون - أموت ) ، والخريطة المرفقة المعتمدة ضمن مرافعات محكمة العدل الدولية ، كحقائق تؤكد حدود الكويت الشمالية.
وتتفق الاراء على أن العراق سعى إلي مطالباته بضم الكويت لعدة أسباب أهمها :
1- الرغبة في الاستحواذ على ممتلكات الكويتيين الخاصة في البصرة والفاو.
2- رغبة العراق في توسيع نافذته على الخليج بعد أن ضاقت كثيرا نتيجة التنازلات التي قدمها لإيران في اتفاقية شط العرب عام 1937م.
3- اكتشاف حقل برقان عام 1938م وهو من أحد حقول النفط الرئيسية التي أثارت مطامع الحكومة العراقية في الثروة النفطية التي سوف تحظي بها الكويت.
4- فشل العراق في إخضاع الكويت لنظامه الاقتصادي بعد تعثر الجهود لإقامة اتحاد جمركي بين البلدين نظرا لاختلاف الأنظمة الاقتصادية.
المبادرات الكويتية بشأن ترسيم الحدود الكويتية العراقية :
المبادرة الأولى والتجاهل العراقي :
في عام 1960م اقترح أمير الكويت المغفور له الشيخ عبد الله السالم الصباح تشكيل لجنة لترسيم الحدود الكويتية والعراق ،
ودعا الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم حينها لزيارة الكويت ، إلا أن هذا الاقتراح تم سحبه لتجاهل العراق وعدم الرد عليه ، ولكن سرعان ما قدم وزير الخارجية العراقي جواد هاشم اعتذارا للشيخ عبد الله السالم الصباح عن ذلك.
ومــا أن تحقق للكويت استقلالها فى 19/6/1961م ، حتي هب عبد الكريم قاسم حاكم العراق معلنا أطماعه في ضم الكويت ، وعلى الرغم من التأييد الذي حظيت به الكويت من جامعة الدول العربية ، وإجماع الدول العربية والأجنبية ، إلا أن العراق رفض التعامل مع هذا الواقع الدولي من منظار أطماعه التوسعية في الكويت ، حيث دعا قاسم العراق إلي مؤتمر صحفي في 25/6/1961م ، طالب فيه بضم الكويت الي العراق ، مهددا كل دولة إن هي اعترفت باستقلال الكويت ، أو تبادلت التمثيل الدبلوماسي معها بقطع العلاقة بينه وبينها ، الأمر الذي أدي إلي عزل العراق عزلا يكاد يكون تاما ، وذلك بسبب اعتراف الدول العربية وبقية دول العالم بالكويت.
ومما يلفت النظر ، أن النظام العراقي عند مطالبته بالكويت حينذاك عمد إلي ادعاءات تاريخية باطلة ، من بينها ادعاؤه تبعية الكويت لولاية البصرة ، أو رغبة أهل الكويت في العودة الي أهاليهم ووطنهم الأصلي العراق ، وهي جميعا ادعاءات كاذبة ، أكدت ذلك المظاهرات الشعبية التي رفضت هذه الادعاءات ، وهنا لابد من ذكر الموقف الشجاع والحكيم للأمير المغفور له الشيخ عبد الله السالم الصباح طيب الله ثراه ، والتفاف شعب الكويت حول قيادته ، برفضه التام لادعاءات عبد الكريم قاسم حول تبعية الكويت للعراق ، وقد تجسدت حكمة المغفور له بالاتصال الفوري والمباشر بالدول العربية وقياداتها من خلال الوفود الرسمية الكويتية التي أرسلها إلى تلك الدول وقياداتها لاستنهاضها مما أدي إلى وقوف جميع الدول العربية إلي جانب الكويت ، كما قام المغفور له بالطلب إلى بريطانيا إرسال قوات إلي الكويت للدفاع عنها.
وعلى الرغم من أن الازمة التي اثارها قاسم العراق ، لم تتعد المظاهر الادعائية والإعلامية ، إلا أن هناك حقائق تؤكد أن قاسم العراق كان يفكر جديا في غزو الكويت ، إلا أن الموقف العربي والدولي ، والثورة الكردية في شمال العراق لم يتركا له فائضا عسكريا للقيام بعدوان مسلح ضد الكويت.
وفي يوليو عام 1961م ، تبلور الموقف العربي في قرار جامعة الدول العربية والمتمثل في الاتي :
1- تشكيل قوة أمن عربية تحل محل القوات البريطانية.
2- التزام حكومة العراق بعدم استخدام القوة لضم الكويت.
3- تاييد رغبة الكويت أو رفضها في الوحدة أو الاتحاد مع غيرها من دول جامعة الدول العربية.
4- الترحيب بالكويت عضوا في جامعة الدول العربية.
وأعربت الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية عن التزامها بتقديم المساعدة الفعالة للكويت لصيانة استقلالها وأمنها ، وذلك عند طلبها.
وفي أثر هذه القرارات طلب أمير دولة الكويت المغفور له الشيخ عبد الله السالم الصباح طيب الله ثراه ، سحب القوات البريطانية لتحل محلها قـــوات عربية ، شاركــــت فيهــا الـمـمــلـكــة العربية السعودية ، ومصر ، والأردن ، والسودان ، ولم تمض شهور قليلة على هذه الأزمة حتى خفت حدتها وانسحبت القوات العربية تدريجيا ، لتنتهي تلك الادعاءات بالإطاحة بقاسم العراق ، وذلك في انقلاب عسكري في 8/2/1963م .
وقد سارع نظام الحكم الذي استولى على السلطة وهو نظام ينتمي إلى حزب البعث ، إلى الاعتراف بدولة الكويت ، حيث كانت هذه المسألة على رأس أولوياته إذ حرص وفي شهر أكتوبر من العام نفسه على إبرام اتفاقية مع دولة الكويت اعترف العراق خلالها رسميا بالكويت وباستقلالها وبحدودها المبينه في اتفاقية 1932م وقد وقع الاتفاقية عن الكويت المغفور له الشيخ صباح السالم الصباح رئيس مجلس الوزراء وعن العراق اللواء أحمد حسن البكر.
في يناير عام 1964م ، قامت الكويت بإيداع المحضر المتفق عليه في الأمم المتحدة دون أي معارضة من الجانب العراقي على تسجيل المحضر ، حيث تم تسجيله لدي الأمين العام للأمم المتحدة بطلب من دولة الكويت بتاريخ 10/1/1964م وفقا للمادة (102) من ميثاق الأمم المتحدة ، فقد أشارت هذه المادة إلى وجوب تسجيل كل اتفاق دولي يعقده أي عضو من أعضاء الأمم المتحدة ، وقد قامت الأمانة العامة للمنظمة بنشره في سلسلة معاهدات الأمم المتحدة ( في المجلد رقم 485 صفحة 321 لسنة 1964م ) وتم توزيعه على جميع أعضاء المنظمة ولم تعترض العراق عليه بدعوى عدم التصديق كما تم تسجيل الاتفاق لدي جامعة الدول العربية في رسالة وجهها وزير خارجية دولة الكويت إلى أمين عام الجامعة.
المبادرة الثانية والانتهاكات العراقية :
في مارس عام 1965م ، وخلال زيارة قام بها سمو أمير دولة الكويت الشيخ عبد الله السالم للعراق تم الاتفاق على تشكيل لجنة حدود كويتية - عراقية مشتركة.
في 13/12/1965م ، بدأ العراقيون بناء مركز جمارك جديد على بعد 400 ياردة إلى جنوب الاستراحة.
في الفترة من 4-8/6/1966م ، قام سمو أمير دولة الكويت المغفور له الشيخ صباح السالم الصباح بزيارة بغداد ، ناقش خلالها تشكيل لجنة لترسيم الحدود ، وقد تم بالفعل تشكيلها ، كما تم الاتفاق على أن تبدأ اللجنة أعمالها اعتبارا من فبراير عام 1967م.
فى مارس عام 1967م ، عقدت الجلسة الأولى للجنة الكويتية - العراقية المشتركة لترسيم الحدود في بغداد ، ثم تأجلت اجتماعات اللجنة إلى 2/10/1967م.
في إبريل عام 1967م ، دخلت القوات العراقية منطقة الرتقة معتدية على المعسكر الكويتي الذي كان يسكنه عمال حفر الآبار.
في عام 1967م ، أيضا تعرض فريق المسح الكويتي الذي هو جزء من لجنة مسح مشتركة ، لاعتداء من الشرطة العراقية عند خط الجامعة العربية (داخل الحدود الكويتية) جنوب أم قصر.
في الفترة من 15-16/6/1968م ، قام سمو أمير دولة الكويت المغفور الشيخ صباح السالم الصباح بزيارة رسمية للعراق تناول فيها عددا من الموضوعات كان على رأسها موضوع ترسيم الحدود بين البلدين.
في عام 1969م ، شجبت إيران اتفاقية شط العرب الموقعة مع العراق ، فتوترت العلاقات بين البلدين ، ودخلت في أثر ذلك القوات العراقية إلى جنوب أم قصر.
في الفترة من 3-6/8/1971م ، زار وزير الخارجية العراقي عبد الكريم الشيخيلي الكويت ، ولم يتم إحياء لجنة الحدود المشتركة رغم النداءات التي وجهتها الكويت حينها ، إلا أنه اتفق على دراسة الخطوات التي من شأنها حل مشكلة الحدود ، ولم يوافق العراق على القيام بمسح مشترك مع الكويت ، فقامت الكويت من جانبها بالمسح.
في مارس عام 1972م ، بدأ العراق بشق طريق داخل الأراضي الكويتية نحو جنوب أم قصر ، وكان العراق قد عزز قواته بشكل ملحوظ في المنطقة منذ أن تمركزت للمرة الأولى عام 1969م.
في عام 1972م أيضا ، ثبت العراق مدفعية ومنشآت متكاملة على المرتفع من الأرض جنوب غرب أم قصر.
والملاحظ في هذا الصدد أن الجانب العراقي لم يكن - وبعد إبرامه للاتفاق المذكور - يفصح عن نواياه الحقيقية لمماطلاته لترسيم الحدود ، إلى أن نشأت أزمة الصامتة في مارس 1973م والتي نشأت من جراء قيام الجانب العراقي بمهاجمة مخفر الصامتة الحدودي التابع للكويت ، قتل على أثرها اثنان من المواطنين الكويتيين ، وفي أثر هذه الأزمة أخذت الأطماع العراقية تظهر من جديد حيث أخذ النظام العراقي يطالب الكويت بتأجير جزيرتي وربة وبوبيان الكويتية له لمدة 99 عاما.
ومن المعروف أن المطالبة المذكورة تنطوي على اعتراف صريح من جانب العراق بتبعية الجزيرتين لدولة الكويت وسيادتها المطلقة عليهما ، فمن يطالب بالإيجار فأنه يعترف في حقيقة الأمر بعدم ملكيته للعين التي يطالب بإيجارها.
في 28/4/1973م ، سحب العراقيون قواتهم من مركز شرطة الصامتة على أثر تنديد عربي شامل ، واستأنفوا شق الطرق حول المركز وسط الاحتجاجات الكويتية.
في منتصف سبتمبر عام 1976م ، قام العراقيون بانتهاكات متوالية داخل الأراضي الكويتية يتراوح عمقها بين 1/2 كيلو متر إلى 4 كيلو مترات ، واحتجت الكويت عليها بمذكرات رسمية.
في عام 1976م ، أيضا قامت العراق بإنشاء (15) مرسى جديدا إضافة إلى الأرصفة والمراسي الأربعة التي كانت تمتد على بعد 640 متر في أم قصر.
في مارس عام 1977م ، أنشأ العراقيون مركزا إضافيا قرب الشاطئ جنوب أم قصر وعلى وجه التحديد جنوب شرق زاوية التقاء الطرق الجديدة ، إضافة إلى منصات المدافع الستة التي أنشئت جنوب الصامتة وما تبعها من مبان شمال المنصات.
المبادرة الثالثة وحسن النية الكويتية :
في الفترة من 27/6/1977 إلى 3/7/1977م ، قام الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح بزيارة لبغداد التقي خلالها بصدام حسين وعزت إبراهيم وغيرهما ، حيث تم الاتفاق على تشكيل لجنة وزارية مشتركة لمعالجة الحدود ، تلتقي تباعا في بغداد والكويت بشكل دوري كما تم الاتفاق على فك تشابك القوات في الأماكن المتداخلة ، وتشكيل لجنة مشتركة لمعالجة مشكلات الحدود اليومية.
المبادرة الرابعة والتحركات العراقية الاستفزازية :
- في سبتمبر عام 1980م ، اندلعت الحرب العراقية - الإيرانية ، واستغل العراق التهديدات الإيرانية والموقف الكويتي المؤازر له ، بالتوسع وتصعيد سياسة "الزحف المبرمج" الذي يترجم نوايا العراق بالتوسع ، مستغلا "الخطر الإيراني" ومتسترا وراء "الأهداف القومية " الأمر الذي أدى إلى بناء مزارع ومنشآت على الأراضي الكويتية.
- في مطلع عام 1981م ، اجتمعت لجنة الحدود المشتركة واقترح العراق ترسيم حدود 1932/1963م ، شرط أن تؤجر الكويت جزيرتي وربة وبوبيان للعراق ، بهدف إنشاء قاعدة بحرية عليهما ، لكن الكويت رفضت ذلك.
- في الفترة من 5-10/5/1981م ، قام سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزارء الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح بزيارة بغداد ، التقى خلالها بصدام حسين ، وتم تشكيل لجنة حدود يرأسها وزيرا الداخلية في البلدين بالتناوب.
- في يناير عام 1983م ، ناقش مجلس الأمة الكويتي مسألة ترسيم الحدود نتيجة لتغلغل القوات العراقية في الأراضي الكويتية.
- في الفترة من 12-13/11/1984م ، زار سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح بغداد بناء على دعوة من عزت إبراهيم ، لم يتم فيها التحدث طويلا حول مسألة الحدود ، ولكن تم الاتفاق على ضرورة لقاء وزيري الداخلية لاحقا خلال الشهر نفسه لمناقشة الخلافات حول الحدود.
- في 20/11/1984م ، قام وزيرا الداخلية في البلدين سعدون شاكر والشيخ نواف الأحمد بمناقشة مسألة الحدود ، ولم تسفر عن نتائج.
- في 7/8/1988م ، زار الكويت وزير الداخلية العراقي سمير عبد الوهاب ، بناء على دعوة من الكويت للتباحث في مسألة الحدود ، ولم تسفر عن نتائج أيضا.
- في منتصف أكتوبر عام 1988م ، دخلت دورية من المشاة العراقية الأراضي الكويتية.
- وفي 11/11/1989م ، قام سمو الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الكويتي بزيارة إلى العراق ، ودعا إلى تشكيل لجنة لترسيم الحدود ، إلا أن النظام العراقي كعادته أخذ يماطل إلى أن قام في 7/7/1990م بافتعال أزمته وتفجيرها مع الكويت بمذكرته التي قدمها إلى الجامعة العربية.
فإن الكويت وعلى الرغم من المزاعم والافتراءات التي احتوتها المذكرة العراقية، كانت دائما عند موقفها العقلاني ، وطالبت بموجب مذكرتها الجوابية على المذكرة العراقية ، بالاحتكام إلى الجامعة العربية للنظر في المطالبات العراقية ، إلا أن العراق كعادته رفض الاقتراحات الكويتية ، وأخذ يتحين الفـرص إلـى أن أقـدم علـــى ارتـكـــاب جريمته النكراء باحتلاله للكويت في 2/8/1990م.
واعتذر على الاطاله
هيرو