PDA

View Full Version : في الألعاب القديمة: الفوز أو الموت


تامر التركي
10-08-2004, 11:40 AM
http://newsimg.bbc.co.uk/media/images/39923000/jpg/_39923854_bbc203bodystadium.jpg
في القرن الرابع الميلادي كان مدرج الأولمبيا يتسع لأربعين ألف شخص

في عام 564 قبل الميلاد، تلقى أريشيون، من فيجاليا، وهو بطل لنوع من الألعاب القتالية بين المصارعة والملاكمة، إكليل الفوز المصنوع من أغصان الزيتون، بعد وفاته.

وكان أريشيون يشارك في الأوليمبياد للمرة الثالثة في حياته، بعد أن فاز بها مرتين، وأثناء المباراة الحامية، وجد ذراع خصمه تخنقه من الخلف حتى لم يستطع فكاكا إلا بعد أن تمكن من القبض على كاحل خصمه وأخذ يلويه حتى انكسر.

وبسبب الألم الشديد، انسحب المنافس، إلا ان الضرر كان قد وقع بالفعل، فقد انكسرت حنجرة أريشيون، وبمجرد إعلان فوزه، لفظ أنفاسه الأخيرة.

الرغبة القاتلة
وعلى الرغم من الظروف الدراماتيكية التي حدثت فيها وفاة أريشيون في الملعب، إلا أن حوادث موت اللاعبين في الملاعب خلال مباريات الألعاب الأوليمبية القديمة لم تكن نادرة.

فقد كان المصارعون يوجهون لبعضهم ضربات تحت الحزام، ويكسرون عظام خصومهم، فلم يكن قانون اللعبة يمنع ذلك، بل إن فنون اللعبة كانت تتطلب توجيه الضربات إلى الأماكن الحساسة، مما كان يتسبب في معاناة اللاعبين من آلام الإصابات لأيام بعد انتهاء البطولة.

لكن، ترى ماذا كان الدافع الذي كان يدفع اللاعبين في البطولة الأوليمبية القديمة إلى تفضيل الموت على الهزيمة؟

تقول الأسطورة إن الألعاب الأوليمبية بدأت عام 776 قبل الميلاد، بسباق واحد للعدو، فاز به عداء اسمه كرويبوس في معبد زيوس على جبل الأوليمب، ليصبح أول الأبطال المتوجين في الدورات الأوليمبية في التاريخ.

أعظم عرض في التاريخ
واستمرت الألعاب الأوليمبية كجزء من الأنشطة الدينية التي تقام على شرف الإله زيوس لمدة تزيد على ألف ومئة عام، قبل أن يلغيها الإمبراطور ثيودوسيوس الذي كان يرى أنها من التقاليد الوثنية أكثر من اللازم.

وبمرور الوقت أضيفت ألعاب جديدة، حتى أصبح المجموع عشر ألعاب، مقسمة إلى ألعاب المضمار والميدان والفروسية، وتوزعت على خمسة أيام

http://newsimg.bbc.co.uk/media/images/39923000/jpg/_39923852_bbc203bodyentrance.jpg
الرياضيون كانوا ينتظرون عند مدخل المدرج

كما زادت أهمية الألعاب الأوليمبية يوما بعد يوم لتتفوق على كافة الألعاب التي تقام في المدن الأخرى.

وعن الألعاب الأوليمبية، قال الشاعر اليوناني، بيندار، الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد: "في النهار ليس هناك نجم أقوى من الشمس، وليست هناك ألعاب أعظم من الألعاب الأوليمبية".

وأصبحت الألعاب الأوليمبية الأهم في العالم، وكانت مفتوحة لكل الذكور الأحرار في اليونان، ثم بعد ذلك للمواطنين الرومان، وأصبحت تجتذب المتنافسين من أسبانيا إلى البحر الأسود.

الهدنة الأوليمبية
وكان الأبطال الرياضيون يرتحلون كل أربع سنوات عبر بلاد اليونان في إطار هدنة تمنحهم المرور الآمن هم ومن يرغب في مشاهدة الألعاب، كما كانت الهدنة تمتد إلى مدينة إليس، القريبة من الأوليمب، أيضا.

وكان الجميع يلتزمون بالهدنة، على الرغم من أنه في عام 420 قبل الميلاد، حرمت إسبرطة من المشاركة في الألعاب الأوليمبية لأنها اعتدت على أراض تابعة لمدينة إليس خلال فترة الهدنة.

وكان المتنافسون يذهبون إلى الألعاب بمبادرة خاصة منهم، وعلى نفقتهم الخاصة، تحت شعار أنهم رجال نبلاء يتسابقون من أجل المجد، وهو ما انقلب إلى ضده تماما في الألعاب الحديثة بالتأكيد على ألا يكون المتنافسون من الكبار.

فعندما عادت الألعاب الأوليمبية مرة أخرى إلى الحياة على يد بيير دي كوبرتان وبعض المتحمسين للفكرة عام 1896 اتفق على أن تكون الألعاب مقصورة على الشباب، إلا أن هذا القرار عزي إلى تقسيمات العصر الفيكتوري، التي لم تكن تقبل إعادة الألعاب الأوليمبية كنسخة مطابقة للألعاب القديمة.

الجوائز المادية
وعلى الرغم من أن الجوائز التي كان الأبطال يحصلون عليها لم تكن تتجاوز إكليلا من أغصان الزيتون، إلا أن هذا الإكليل كان يترجم إلى جوائز مادية قيمة عندما كان البطل يعود إلى وطنه، وفي عام 600 قبل الميلاد كان الفائزون يحصلون على جوائز مالية قدرها 500 دراخما من سلطات المدينة، وهو ما يوازي 300 ألف دولار اليوم.

وكان مسموحا للمتنافسين بتغيير جنسيتهم من أجل المال، ويحكي الكاتب الروماني باوسانياس عن سوتاديس، بطل الماراثون الذي دفع له أهالي إفسوس رشوة لتغيير انتماءه إلى المدينة.

وكان الرياضيون يتلقون جوائز قيمة كانت تترواح بين الوجبات المجانية والنقود السائلة، وهذه المكاسب، إضافة إلى الشهرة والمجد، كانت كافية لأن يستبسل الرياضيون من أجل الفوز، بكافة الطرق، ولو عن طريق الغش.

وعلى الرغم من أن المتنافسين كانوا يرددون قسما باتباع القواعد والقوانين المنظمة للألعاب قبل أن تبدأ، مثلهم في ذلك مثل زملائهم في الألعاب الحديثة، إلا أن بعضهم لم يكن يتورع عن استخدام وسائل غير مشروعة للتحايل على هذه القوانين.

وكان الجلد والاستبعاد من البطولة جزاء من يغش، وفي القرن الرابع كان الرياضيون الذين يكذبون أو يتلقون رشوة أو يغشون يعاقبون بالغرامة، وكانت الأموال تستخدم في صنع تماثيل للإله زيوس حول المضمار، كدليل لا يزول على العار الذي لحق بهم.

وكان أهم مثال للتلاعب في القواعد المنظمة للبطولة في عام 67 ميلادية، عندما شارك الإمبراطور نيرون في سباق العربات التي تجرها عشرة خيول، وهو سباق ابتدع خصيصا من أجله.

وعلى الرغم من أن نيرون سقط عن عربته، ولم يكمل السباق، إلا أنه أعلن فائزا بالسباق، وبعد أعوام من وفاته، أزيل اسمه من قوائم الأبطال.

عقلية البطل
وقد تقاطعت مثاليات الأوليمبياد مع أعمال السياسة وقوانين السوق في أكثر من محل، سواء في الألعاب القديمة أو الحديثة، غير أن العامل المشترك بين الألعاب القديمة والحديثة هو ما أطلق عليه اليونان، التميز.

وهو ما اختصر في شعار الأوليمبياد الذي يتكون من ثلاث كلمات، الأسرع، الأعلى، الأقوى.

وفي أحد خطبه، تحدث الكاتب اليوناني، أسخينس، عن السبب الذي يدفع الرجال إلى التنافس في الألعاب الأوليمبية فقال: "بسبب روح المنافسة، والشرف والمجد الذي لا يبلى، يخاطر الرجال بأجسامهم، بل ويدفعون حياتهم ثمنا في أعنف الألعاب لتستمر المنافسة حتى النهاية".

تحياتي للجميع

:::: تامر التركي ::::

مهوس العين
10-08-2004, 12:46 PM
جزاك الله ألف خير على هذا المجهود الطيب .. لاول مره أعلم هذه المعلومات المفيده عن الدوره الاولمبيه القديمه ... مجهود يستحق عليه الشكر و التقدير .. :)