القسام
18-09-2004, 12:55 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تظهر قاعة ملكية رائعة والجند مصفوفون، وبعض القادة والوزراء يجلسون إلى جانب الملك.. والملك على عرشه كالطاووس.. يقف.. فيقف الجميع له.. يقول: ما رأيكم أيها السادة في ابني "جحشير".. يشير الوزراء ويقول: إنه عظيم يا مولاي... يستحق أن يكون ملكاً بعدك على بلاد الأكوادوريس... يقهقه الملك قهقهات عالية... ويقهقه الناس في المجلس بعده... يقول: إذن بايعوه ليكون عليكم ملكا بعدي.. يقول أحدهم: نخاف أن نزعجه الآن يا مولاي إنه نائم... يقول الملك: ....لا...لا.... بايعوه وهو نائم... يتوجه الجميع إلى سرير في وسط القاعة... تكشف خادمة غطاءه... فيظهر رجل رضيع يمص إصبعه.. يقولون جميعا وبصوت واحد: بايعناك يا مولانا الأمير جحشير... وأنت العظيم القدير.. أن تكون علينا ملكاً بعد أبيك... الملك العظيم "همشير". يضحك الملك.. ويصمت الناس كلهم.. ثم يصيح: حسنا... اكتبوا عهدا ووقعوه وليبايع الشعب كله ولدي العظيم جحشير وليا للعهد بعدي...
تبتعد صورة القاعة رويداً... رويداً حتى تتلاشى. وتظهر قاعة جديدة فيها الوزير مع أحد قادة الجيش. يقول الوزير: ما هذه المساخر.. الملك يطالبنا أن نبايع طفله ملكا بعده.. وما يدرينا أن يكون هذا الطفل مجنوناً أو جاهلاً أو أحمق؟! يقاطعه القائد ويقول له: ما رأيك لو طردنا الملك واستلمنا الحكم بعده.. الوزير: بشرط أن أصبح أنا ملكاً.. وأنت رئيس وزرائي.. يصيح القائد: عظيم.. عظيم.. أنا موافق.. نرى القائد يوشوس مجموعة من الضباط في مجلس واحد.. وكلهم يقولون: موافقون.. موافقون.. وبعدها نرى عدداً من الدبابات تقترب من قصر الملك بسرعة.. وعددا آخر يحاصر مبنى مكتوبا عليه دار الإذاعة، وبعد قليل نرى الملك معلقاً في مشنقة..
يعانق الوزير القائد... ويعلن للناس أن الوزير قد أصبح رئيساً للدولة.. ويأتي سفراء الدول إليه مهنئين بالمنصب الجديد.. ولكنه يعتذر بأنه مشغول... كان يجلس في غرفته يفكر... ثم يتصل فورا بأحد أقربائه ويقول له: تعال إلي فورا، فيأتي إليه فيقول له: إن أخاف أن يتآمر علي القائد كما تآمرت معه على الملك.. ما رأيك ماذا نفعل؟!.. فيجيبه: تدعوه وجميع القادة إلى مجلس خمر... وعلي الباقي.. ونرى الوزير مع جميع قادة الجيش يجلسون على مائدة خمر يسكرون... وفجأة يفتح باب القاعة ويدخل قريب الوزير مع عدد من أتباعه.. يصوبون بنادقهم إلى القادة، فيقوم القادة مذعورين.. وبعد قليل نراهم يرمون بالرصاص ويقتلون... ثم يدفنون في قبر واحد..
تعلن الإذاعة: لقد أرحناكم من العصابة التي تآمرت على جلالة الملك... ونعلمكم أن خطتنا هي العدل... وبناء البلاد... وتأمين كرامة المواطنين... والقضاء على أعدائنا الخارجين.. يصفق الشعب للوزير.. الذي أصبح رئيس البلاد... وتنتشر صور الوزير في كل مكان... ويعلقها الناس في كل بيت ومدرسة ومؤسسة ودائرة حكومية.. وتعرض في التلفاز يقول المذيع: أيها الناس.. هذا هو القائد الملهم.. إنه العبقرية الفذة، الشخصية التي لا تنام حرصاً على مصالح الشعب.. هيا اعبدوه.. نعم اعبدوه.. إنّه الزعيم الأوحد.. لقد منت علينا الأقدار به... ونحن نتشرف بالعبودية له..
انتبهوا ستسمعون اليوم قرارات عظيمة لصالح الشعب كله.
يظهر خطيب على منبر برلمان يقول: لقد تفضل القائد العظيم الأوحد... وأعظم رؤساء هذا العصر بإصدار القرارات التالية:
1- تنشأ في البلاد مؤسسة بناء المشاريع الصناعية والزراعية..
2- توزع أرباحها على جميع المواطنين..
3- لكل مواطن الحق في بناء أي مشروع يريد...
يتقدم مواطن بطلب يقول فيه: أريد بناء مصنع لاستخراج الأسمنت من الرمال...
يبتسم رئيس الجمهورية ويقول له: حسناً.. حسناً.. أنا موافق.. اذهب إلى وزيري وحدثه عن مشروعاتك.. يدخل المواطن إلى الوزير فيستقبله الوزير استقبالاً رائعا ثم يقول: له: كم ستدفع لسيادة الرئيس.. فيقول: كما تريد... يا ليته يقبل مني ما يريد.. فيقول له: أنت تعلم أن سيادة الرئيس لا يهمه المال.. وهو يريد أن يدفع بالوطن إلى الأمام.. ويجب أن يكون غنيا حتى لا تنشغل أفكاره عن مصالح الدولة.. فما رأيك؟! فيجيب المواطن: أنا في خدمة الرئيس.. فيقول الوزير: حسناً كم سيكلف مشروعك فيجيبه: خمسة ملايين دينار... فيقول له: حسناً أعط سيادة الرئيس خمسة ملايين دينار.. وسيوافق لك على المشروع.. المواطن يقول: موافق.. موافق... هذا شيك بخمسة ملايين دينار. ثم يذهب ويبني مشروعاً لإنتاج الإسمنت.. نراه في مجلس إدارة المشروع يقول: كم يكلفنا كيس الإسمنت؟! فيقول المحاسب كل عشرة أكياس بدينار... فيقول: إذن نبيع الكيس بدينار.. يقول المحاسب: لكن الإسمنت الأوروبي ثمنه ربع دينار.. فيهز رأسه ويقول: لقد دفعنا كثيرا.. يجب أن نعوض ما دفعناه..
تنزل أكياس الإسمنت إلى السوق.. فلا يشتريها أحد من المواطنين... فيذهب صاحب المعمل إلى الوزير ويقول له: سيدي الوزير... ألا تحمون الصناعة الوطنية؟!. فيجيبه: نعم... نعم... نستمع إلى الإذاعة تقول: حرصا على مصنوعاتنا الوطنية، ودعما للمشروعات الرائدة في ميدان العمارة.. فقد قررت الحكومة منع استيراد الأسمنت من الخارج.. نعود إلى مجلس إدارة المصنع لنرى المجلس كله في حالة سرور.. ورئيس المعمل يقهقه... ثم نرى المواطن يشتري كيس الأسمنت وهو يكاد ينفجر من الألم...
يبكي ويقول: لن أستطيع بناء بيت لي...
يذهب هذا المسكين إلى قريب له من العلماء تظهر خلفه مكتبة كبيرة يقول له: لقد ارتفع ثمن كيس الإسمنت إلى عشرة أضعافه... ما هذا... لماذا لا تكتب في صحيفتك تحقيقاً عن هذا العمل الشنيع..؟!.. تخرج صباح اليوم التالي صحيفة مكتوبة عليها: نريد من سيادة رئيس الإكوادوريس أن يتدخل لمنع الاستغلال.. لماذا ارتفع ثمن كيس الإسمنت إلى عشرة أضعافه.. هل من مبرر؟!..
نرى الشرطة يقودون هذا الكاتب، ثم يرمونه بالرصاص... وتصادر الحكومة صحيفته التي تخرج في اليوم التالي وعناوينها تقول: تبين بعد التحقيق الدقيق أن الأسمنت الوطني فيه مواد حديثة وغالية وتؤدي إلى زيادة تماسك الجدران.. وتجعل الغرف باردة في الصيف، وساخنة في الشتاء دون مكيفات أو مدافئ فيا أيها المواطنون.. اشكروا نعمة الرئيس عليكم... واسعدوا بهذا الإسمنت العجيب الرخيص..
ينتشر رجال الشرطة السريون في صفوف الشعب ويقتلون كل من يقول إن الإسمنت غير صالح، ثم يأمرون الناس أن يخرجوا بمظاهرات ويقدموا عرائض الشكر للرئيس الأوحد الذي مكن المواطنين الشرفاء من اختراع مثل هذا الإسمنت العجيب.
يفر جميع الشرفاء من البلاد.. ويتقرب إلى الرئيس الأوحد جميع اللصوص..
فجأة نرى قاعة مظلمة، وفيها رئيس عصابة يقول: ما رأيكم أن نستولي على السلطة.. يقفز لص ويقول:
أنا أريد وزارة الداخلية...
ويصرخ آخر: وأنا وزارة الإعلام.. إن صوتي جهوري.. مخيف.
ويقفز لص لباسه أنيق: أما أنا فاجعلوني وزيراً للخارجية... ويتجه رئيس العصابة إلى رجل له كرش ثمين يشخر فيقول له: هل ترضى أن تصبح وزيراً للتموين؟!..
وفجأة يحيط بقصر الرئيس وبالإذاعة مئات المسلحين.. وبعد لحظات يعلق الرئيس السابق بالمشنقة فينزل الناس صورته ويعلقون صورة رئيس العصابة ومكتوباً تحتها: قاهر الظلم والظالمين.. ابن الشعب العامل.. الرئيس المفتخر حامي البلاد.. وخادم العباد بينما تذيع الإذاعات: أبشروا أيها الأحرار.. زال عهد الديكتاتورية الأسود. وجاء عهد الديمقراطية الأبيض.. اسحقوا أتباع ذلك الرئيس.. إنهم خونة.. باعوكم بالمزاد.. واضطهدوا الأحرار في كل البلاد.. أيها الأحرار أيها المفكرون.. عودوا إلينا.. نحن بحاجة إليكم..
يسرع عشرات العلماء إلى الحدود.. فيستقبلهم رئيس الحدود قائلاً: أهلاً.. أهلاً.. الحكم لكم.. ولم نقم بالانقلاب إلا لصالحكم.. أنتم زبدة الأمة.. تفضلوا.. فيدخلون إلى غرفة ثانية.. يجدون فيها رجلاً معه حبال.. يقول لكل واحد منهم: تفضل ضع هذا الحبل حول عنقك.. فيضعه.. فيعلقه في السقف حتى يموت شنقاً.. تمتلئ الغرفة بالمشنوقين.. والرجل يصرخ: يحيا عصر الحرية والديمقراطية..
ويتابع المذيع عودوا إلى بلادكم أيها الأحرار.. لقد استلم زملاؤكم الذين عادوا مناصب عالية.. وعالية جداً تقديراً لعلمهم وخبرتهم..
وفجأة نرى المذيع يختبئ تحت الطاولة ويقول: أيها المواطنون.. إلى الدفاع.. إلى الدفاع.. العدو على الأبواب.. ورئيس العصابة يصرخ: أيها الشرفاء.. العدو يهاجمنا.. هبوا لحماية الأوطان.. والناس كلهم قابعون في بيوتهم لا يتحركون..
يقف بعض الأحرار يصرخون: نريد الحرية.. نريد رفع المفاسد.. عودوا إلى الإسلام.. طبقوا الأخلاق.. فيهجم عليهم رجال الشرطة السرية ويقولون لهم: نحكم عليكم بالموت لأنكم خونة.. هيا إلى السجون.. وهناك يقتلون.. ويقتل أبناؤهم وزوجاتهم.. وآباؤهم وأجدادهم وجميع أقربائهم..
فجأة رن في غرفة المذيع دامر هاتف: رفع السماعة فظهرت على الشاشة صورة رجل حكيم يقول: أرجوكم أوقفوا هذا العرض إنه يفسد أخلاقنا.. ويسيء إلى أمتنا.. يجيبه دامر: لقد انتهى العرض فعلاً.. ثم يقول: أيها المؤمنون، هذه صفات عهود الهمجية الدكتاتورية.. تقتل الشعوب.. وتفني الموارد، وتذبح الكرامات والأخلاق.. ويصبح الملوك فيها أرباباً.. فما أظلم أطوار الهمجية التي عاشتها الإنسانية وما أبشعها من حياة كانت تعيشها شعوب العالم القديم..
والآن سنعرض عليكم فيلماً آخر.. عن جانب آخر من جوانب الهمجية السابقة..
يرن الهاتف ويظهر رجل كهل على الشاشة يقول: إن المجلس الأعلى لحماية نفسيات المواطنين، يطلب عدم عرض هذه الأفلام واحداً إثر واحد.. لما قد ينتج عن ذلك من أمراض نفسية لدى المواطنين نتيجة رؤيتهم لهذه الفظائع المذهلة التي حفلت بها عهود الحضارات الهمجية المرعبة.. لذلك نطلب ألا يبدأ العرض الثاني إلا بعد تحليل العرض الأول.. أو بعد مضي يوم أو يومين على الأقل..
المذيع دامر يجيب: هذا صحيح.. سنؤجل عرض الفيلم الثاني عن همجية العصور السابقة إلى ما بعد يومين، ونرجو من الإخوة أن يناقشوا العرض السابق..
منقول
http://www.odabasham.org/odaba/rewaia-k1.htm
تظهر قاعة ملكية رائعة والجند مصفوفون، وبعض القادة والوزراء يجلسون إلى جانب الملك.. والملك على عرشه كالطاووس.. يقف.. فيقف الجميع له.. يقول: ما رأيكم أيها السادة في ابني "جحشير".. يشير الوزراء ويقول: إنه عظيم يا مولاي... يستحق أن يكون ملكاً بعدك على بلاد الأكوادوريس... يقهقه الملك قهقهات عالية... ويقهقه الناس في المجلس بعده... يقول: إذن بايعوه ليكون عليكم ملكا بعدي.. يقول أحدهم: نخاف أن نزعجه الآن يا مولاي إنه نائم... يقول الملك: ....لا...لا.... بايعوه وهو نائم... يتوجه الجميع إلى سرير في وسط القاعة... تكشف خادمة غطاءه... فيظهر رجل رضيع يمص إصبعه.. يقولون جميعا وبصوت واحد: بايعناك يا مولانا الأمير جحشير... وأنت العظيم القدير.. أن تكون علينا ملكاً بعد أبيك... الملك العظيم "همشير". يضحك الملك.. ويصمت الناس كلهم.. ثم يصيح: حسنا... اكتبوا عهدا ووقعوه وليبايع الشعب كله ولدي العظيم جحشير وليا للعهد بعدي...
تبتعد صورة القاعة رويداً... رويداً حتى تتلاشى. وتظهر قاعة جديدة فيها الوزير مع أحد قادة الجيش. يقول الوزير: ما هذه المساخر.. الملك يطالبنا أن نبايع طفله ملكا بعده.. وما يدرينا أن يكون هذا الطفل مجنوناً أو جاهلاً أو أحمق؟! يقاطعه القائد ويقول له: ما رأيك لو طردنا الملك واستلمنا الحكم بعده.. الوزير: بشرط أن أصبح أنا ملكاً.. وأنت رئيس وزرائي.. يصيح القائد: عظيم.. عظيم.. أنا موافق.. نرى القائد يوشوس مجموعة من الضباط في مجلس واحد.. وكلهم يقولون: موافقون.. موافقون.. وبعدها نرى عدداً من الدبابات تقترب من قصر الملك بسرعة.. وعددا آخر يحاصر مبنى مكتوبا عليه دار الإذاعة، وبعد قليل نرى الملك معلقاً في مشنقة..
يعانق الوزير القائد... ويعلن للناس أن الوزير قد أصبح رئيساً للدولة.. ويأتي سفراء الدول إليه مهنئين بالمنصب الجديد.. ولكنه يعتذر بأنه مشغول... كان يجلس في غرفته يفكر... ثم يتصل فورا بأحد أقربائه ويقول له: تعال إلي فورا، فيأتي إليه فيقول له: إن أخاف أن يتآمر علي القائد كما تآمرت معه على الملك.. ما رأيك ماذا نفعل؟!.. فيجيبه: تدعوه وجميع القادة إلى مجلس خمر... وعلي الباقي.. ونرى الوزير مع جميع قادة الجيش يجلسون على مائدة خمر يسكرون... وفجأة يفتح باب القاعة ويدخل قريب الوزير مع عدد من أتباعه.. يصوبون بنادقهم إلى القادة، فيقوم القادة مذعورين.. وبعد قليل نراهم يرمون بالرصاص ويقتلون... ثم يدفنون في قبر واحد..
تعلن الإذاعة: لقد أرحناكم من العصابة التي تآمرت على جلالة الملك... ونعلمكم أن خطتنا هي العدل... وبناء البلاد... وتأمين كرامة المواطنين... والقضاء على أعدائنا الخارجين.. يصفق الشعب للوزير.. الذي أصبح رئيس البلاد... وتنتشر صور الوزير في كل مكان... ويعلقها الناس في كل بيت ومدرسة ومؤسسة ودائرة حكومية.. وتعرض في التلفاز يقول المذيع: أيها الناس.. هذا هو القائد الملهم.. إنه العبقرية الفذة، الشخصية التي لا تنام حرصاً على مصالح الشعب.. هيا اعبدوه.. نعم اعبدوه.. إنّه الزعيم الأوحد.. لقد منت علينا الأقدار به... ونحن نتشرف بالعبودية له..
انتبهوا ستسمعون اليوم قرارات عظيمة لصالح الشعب كله.
يظهر خطيب على منبر برلمان يقول: لقد تفضل القائد العظيم الأوحد... وأعظم رؤساء هذا العصر بإصدار القرارات التالية:
1- تنشأ في البلاد مؤسسة بناء المشاريع الصناعية والزراعية..
2- توزع أرباحها على جميع المواطنين..
3- لكل مواطن الحق في بناء أي مشروع يريد...
يتقدم مواطن بطلب يقول فيه: أريد بناء مصنع لاستخراج الأسمنت من الرمال...
يبتسم رئيس الجمهورية ويقول له: حسناً.. حسناً.. أنا موافق.. اذهب إلى وزيري وحدثه عن مشروعاتك.. يدخل المواطن إلى الوزير فيستقبله الوزير استقبالاً رائعا ثم يقول: له: كم ستدفع لسيادة الرئيس.. فيقول: كما تريد... يا ليته يقبل مني ما يريد.. فيقول له: أنت تعلم أن سيادة الرئيس لا يهمه المال.. وهو يريد أن يدفع بالوطن إلى الأمام.. ويجب أن يكون غنيا حتى لا تنشغل أفكاره عن مصالح الدولة.. فما رأيك؟! فيجيب المواطن: أنا في خدمة الرئيس.. فيقول الوزير: حسناً كم سيكلف مشروعك فيجيبه: خمسة ملايين دينار... فيقول له: حسناً أعط سيادة الرئيس خمسة ملايين دينار.. وسيوافق لك على المشروع.. المواطن يقول: موافق.. موافق... هذا شيك بخمسة ملايين دينار. ثم يذهب ويبني مشروعاً لإنتاج الإسمنت.. نراه في مجلس إدارة المشروع يقول: كم يكلفنا كيس الإسمنت؟! فيقول المحاسب كل عشرة أكياس بدينار... فيقول: إذن نبيع الكيس بدينار.. يقول المحاسب: لكن الإسمنت الأوروبي ثمنه ربع دينار.. فيهز رأسه ويقول: لقد دفعنا كثيرا.. يجب أن نعوض ما دفعناه..
تنزل أكياس الإسمنت إلى السوق.. فلا يشتريها أحد من المواطنين... فيذهب صاحب المعمل إلى الوزير ويقول له: سيدي الوزير... ألا تحمون الصناعة الوطنية؟!. فيجيبه: نعم... نعم... نستمع إلى الإذاعة تقول: حرصا على مصنوعاتنا الوطنية، ودعما للمشروعات الرائدة في ميدان العمارة.. فقد قررت الحكومة منع استيراد الأسمنت من الخارج.. نعود إلى مجلس إدارة المصنع لنرى المجلس كله في حالة سرور.. ورئيس المعمل يقهقه... ثم نرى المواطن يشتري كيس الأسمنت وهو يكاد ينفجر من الألم...
يبكي ويقول: لن أستطيع بناء بيت لي...
يذهب هذا المسكين إلى قريب له من العلماء تظهر خلفه مكتبة كبيرة يقول له: لقد ارتفع ثمن كيس الإسمنت إلى عشرة أضعافه... ما هذا... لماذا لا تكتب في صحيفتك تحقيقاً عن هذا العمل الشنيع..؟!.. تخرج صباح اليوم التالي صحيفة مكتوبة عليها: نريد من سيادة رئيس الإكوادوريس أن يتدخل لمنع الاستغلال.. لماذا ارتفع ثمن كيس الإسمنت إلى عشرة أضعافه.. هل من مبرر؟!..
نرى الشرطة يقودون هذا الكاتب، ثم يرمونه بالرصاص... وتصادر الحكومة صحيفته التي تخرج في اليوم التالي وعناوينها تقول: تبين بعد التحقيق الدقيق أن الأسمنت الوطني فيه مواد حديثة وغالية وتؤدي إلى زيادة تماسك الجدران.. وتجعل الغرف باردة في الصيف، وساخنة في الشتاء دون مكيفات أو مدافئ فيا أيها المواطنون.. اشكروا نعمة الرئيس عليكم... واسعدوا بهذا الإسمنت العجيب الرخيص..
ينتشر رجال الشرطة السريون في صفوف الشعب ويقتلون كل من يقول إن الإسمنت غير صالح، ثم يأمرون الناس أن يخرجوا بمظاهرات ويقدموا عرائض الشكر للرئيس الأوحد الذي مكن المواطنين الشرفاء من اختراع مثل هذا الإسمنت العجيب.
يفر جميع الشرفاء من البلاد.. ويتقرب إلى الرئيس الأوحد جميع اللصوص..
فجأة نرى قاعة مظلمة، وفيها رئيس عصابة يقول: ما رأيكم أن نستولي على السلطة.. يقفز لص ويقول:
أنا أريد وزارة الداخلية...
ويصرخ آخر: وأنا وزارة الإعلام.. إن صوتي جهوري.. مخيف.
ويقفز لص لباسه أنيق: أما أنا فاجعلوني وزيراً للخارجية... ويتجه رئيس العصابة إلى رجل له كرش ثمين يشخر فيقول له: هل ترضى أن تصبح وزيراً للتموين؟!..
وفجأة يحيط بقصر الرئيس وبالإذاعة مئات المسلحين.. وبعد لحظات يعلق الرئيس السابق بالمشنقة فينزل الناس صورته ويعلقون صورة رئيس العصابة ومكتوباً تحتها: قاهر الظلم والظالمين.. ابن الشعب العامل.. الرئيس المفتخر حامي البلاد.. وخادم العباد بينما تذيع الإذاعات: أبشروا أيها الأحرار.. زال عهد الديكتاتورية الأسود. وجاء عهد الديمقراطية الأبيض.. اسحقوا أتباع ذلك الرئيس.. إنهم خونة.. باعوكم بالمزاد.. واضطهدوا الأحرار في كل البلاد.. أيها الأحرار أيها المفكرون.. عودوا إلينا.. نحن بحاجة إليكم..
يسرع عشرات العلماء إلى الحدود.. فيستقبلهم رئيس الحدود قائلاً: أهلاً.. أهلاً.. الحكم لكم.. ولم نقم بالانقلاب إلا لصالحكم.. أنتم زبدة الأمة.. تفضلوا.. فيدخلون إلى غرفة ثانية.. يجدون فيها رجلاً معه حبال.. يقول لكل واحد منهم: تفضل ضع هذا الحبل حول عنقك.. فيضعه.. فيعلقه في السقف حتى يموت شنقاً.. تمتلئ الغرفة بالمشنوقين.. والرجل يصرخ: يحيا عصر الحرية والديمقراطية..
ويتابع المذيع عودوا إلى بلادكم أيها الأحرار.. لقد استلم زملاؤكم الذين عادوا مناصب عالية.. وعالية جداً تقديراً لعلمهم وخبرتهم..
وفجأة نرى المذيع يختبئ تحت الطاولة ويقول: أيها المواطنون.. إلى الدفاع.. إلى الدفاع.. العدو على الأبواب.. ورئيس العصابة يصرخ: أيها الشرفاء.. العدو يهاجمنا.. هبوا لحماية الأوطان.. والناس كلهم قابعون في بيوتهم لا يتحركون..
يقف بعض الأحرار يصرخون: نريد الحرية.. نريد رفع المفاسد.. عودوا إلى الإسلام.. طبقوا الأخلاق.. فيهجم عليهم رجال الشرطة السرية ويقولون لهم: نحكم عليكم بالموت لأنكم خونة.. هيا إلى السجون.. وهناك يقتلون.. ويقتل أبناؤهم وزوجاتهم.. وآباؤهم وأجدادهم وجميع أقربائهم..
فجأة رن في غرفة المذيع دامر هاتف: رفع السماعة فظهرت على الشاشة صورة رجل حكيم يقول: أرجوكم أوقفوا هذا العرض إنه يفسد أخلاقنا.. ويسيء إلى أمتنا.. يجيبه دامر: لقد انتهى العرض فعلاً.. ثم يقول: أيها المؤمنون، هذه صفات عهود الهمجية الدكتاتورية.. تقتل الشعوب.. وتفني الموارد، وتذبح الكرامات والأخلاق.. ويصبح الملوك فيها أرباباً.. فما أظلم أطوار الهمجية التي عاشتها الإنسانية وما أبشعها من حياة كانت تعيشها شعوب العالم القديم..
والآن سنعرض عليكم فيلماً آخر.. عن جانب آخر من جوانب الهمجية السابقة..
يرن الهاتف ويظهر رجل كهل على الشاشة يقول: إن المجلس الأعلى لحماية نفسيات المواطنين، يطلب عدم عرض هذه الأفلام واحداً إثر واحد.. لما قد ينتج عن ذلك من أمراض نفسية لدى المواطنين نتيجة رؤيتهم لهذه الفظائع المذهلة التي حفلت بها عهود الحضارات الهمجية المرعبة.. لذلك نطلب ألا يبدأ العرض الثاني إلا بعد تحليل العرض الأول.. أو بعد مضي يوم أو يومين على الأقل..
المذيع دامر يجيب: هذا صحيح.. سنؤجل عرض الفيلم الثاني عن همجية العصور السابقة إلى ما بعد يومين، ونرجو من الإخوة أن يناقشوا العرض السابق..
منقول
http://www.odabasham.org/odaba/rewaia-k1.htm