أندلسي
28-12-2004, 04:46 AM
هذه الرسالة كتبت على لسان سجين ينتظر حكم الاعدام، وهو يعيش ليلته الاخيره...
وهذه رسالته وافكاره وانفاسه يصيغها شاعر صديق له
رسالة في ليلة التنفيذ :
أبتاه ماذا قد يخط بناني---- و الحبل و الجلاد منتظران
هذا الكتاب إليك من زنزانة ----مقرورة صخرية الجدران
لم تبق إلا ليلة أحيا بها---- وأحس أن ظلامها أكفاني
ستمر يا أبتاه لست أشك في---- هذا وتحمل بعدها جثماني
الليل من حولي هدوء قاتل ----والذكريات تمور في وجداني
ويهدني ألمي فأنشد راحتي---- في بضع آيات من القرآن
والنفس بين جوانحي شفافة---- دبَّ الخشوع بها فهز كياني
قد عشت أومن بالإله ولم أذق---- إلا أخيرا لذة الإيمان
شكرا لهم أنا لا أريد طعامهم ----فليرفعوه فلست بالجوعان
هذا الطعام المر ما صنعته لي---- أمي و لا وضعوه فوق خوان
كلا ولم يشهده يا أبتي معي---- أخوان لي جاءاه يستبقان
مدوا إلي به يدا مصبوغة---- بدمي و هذي غاية الإحسان
والصمت يقطعه رنين سلاسل ----عبثت بهن أصابع السجان
ما بين آونة تمر وأختها ----يرنو إلى بمقلتي شيـــطان
من كوة بالباب يرقب صيده ----ويعود في أمن إلى الدوران
أنا لا أحس بأي حقد نحوه ----ماذا جنى فتمسه أضغاني
هو طيب الأخلاق مثلك يا ----أبي لم يبد في ظمأ إلى العدوان
لكنه إن نام عني لحظة---- ذاق العيال مــرارة الحرمان
فلربما وهو المُرَوِّعُ سحنة---- لو كان مثلى شاعرا لرثاني
أو عاد من يدري إلى أولاده---- يوماً وذُكِّرَ صورتي لبكاني
وعلى الجدار الصلب نافذة بها---- معنى الحياة غليظة القضبان
قد طالما شارفتها متأملا ----في الثائرين على الأسى اليقظان
فأرى وجوما كالضباب مصورا ----ما في قلوب الناس من غليان
نفس الشعور لدى الجميع وإن همُ---- كتموا وكان الموت في إعلاني
و يدور همس في الجوانح ما الذي---- بالثورة الحمقاء قد أغراني ؟
أو لم يكن خيرا لنفسي أن أُرى---- مثل الجميع أسير في إذعان ؟
ما ضرني لو قد سكت وكلما ----غلب الأسى بالغتُ في الكتمان
هذا دمي سيسيل يجري مطفئا---- ما ثار في جنْبَىَّّ من نيران
وفؤادي المَوَّار في نبضاته---- سيكف في غده عن الخفقان
والظلم باق لن يحطم قيده ----موتي ولن يودي به قرباني
ويسير ركب البغي ليس يضيره---- شاة إذا اجتثت من القطعان
هذا حديث النفس حين تشق عن---- بشريتي وتمور بعد ثوان
وتقول لي إن الحياة لغايةٍ ----أسمى من التصفيق للطغيان
أنفاسك الحَرَّى وإن هى أُخمدت---- ستظل تغمر أُفقهم بدخان
وقروح جسمك وهو تحت سياطهم ----قسمات صبح يتقيه الجاني
دمع السجين هناك في أغلاله---- ودم الشهيد هنا سيلتقيان
حتى إذا ما أفعمت بهما الربا---- لم يبق غير تمرد الفيضان
ومن العواصف ما يكون هبوبها---- بعد الهدوء وراحة الربانِ
إن احتدام النار في جوف الثرى---- أمر يثير حفيظة البركان
وتتابع القطرات ينزل بعده---- سيل يليه تدفق الطوفان
فيموج يقتلع الطغاة مزمجرا---- أقوى من الجبروت والسلطان
أنا لست أدرى هل ستُذْكَر قصتي---- أم سوف يعروها دجى النسيان ؟
أو أنني سأكون في تاريخنا ----متآمرا أم هادم الأوثان ؟
كل الذي أدريه أن تجرعي---- كأس المذلة ليس في إمكاني
لو لم أكن في ثورتي متطلبا---- غير الضياء لأمتي لكفاني
أهوى الحياة كريمة لا قيد لا ----إرهاب لا استخفاف بالإنسان
فإذا سقطتُ سقطتُ أحمل عزتي---- يغلى دم الأحرار في شرياني
أبتاه إن طلع الصباح على الدنى---- وأضاء نور الشمس كل مكان
واستقبل العصفور بين غصونه---- يوما جديدا مشرق الألوان
وسمعتَ أنغام التفاؤل ثرة---- تجري على فم بائع الألبان
وأتى يدق- كما تعود- بابنا ----سيدق باب السجن جلادان
وأكون بعد هنيهة متأرجحا ----في الحبل مشدودا إلى العيدان
لِيَكُنْ عزاؤك أن هذا الحبل ما ----صنعته في هذي الربوع يدان
نسجوه في بلد يشع حضارة---- و تضاء منه مشاعل العرفان
أو هكذا زعموا وجيء به إلى ----بلدي الجريح على يد الأعوان
أنا لا أريدك أن تعيش محطما---- في زحمة الآلام والأشجان
إن ابنك المصفود في أغلاله ----قد سيق نحو الموت غير مدان
فاذكر حكايات بأيام الصبا---- قد قلتها لي عن هوى الأوطان
وإذا سمعت نشيج أمي في الدجى---- تبكى شبابا ضاع في الريعان
وتُكَتِّم الحسرات في أعماقها ----ألما تواريه عن الجيران
فاطلب إليها الصفح عني إنني ----لا أبتغي منها سوى الغفران
مازال في سمعي رنين حديثها---- ومقالها في رحمة وحنان
أَبُنَيَّ : إني قد غدوت عليلة ----لم يبق لي جَلَد على الأحزان
فأذق فؤادي فرحة بالبحث عن--- بنت الحلال ودعك من عصياني
كانت لها أمنية ريانة ----يا حسن أمال لها وأمان
غزلت خيوط السعد مخضلا ولم ----يكن انتقاض الغزل في الحسبان
والآن لا أدرى بأي جوانح ----ستبيت بعدى أم بأي جنان
هذا الذي سطرته لك يا أبي ----بعض الذي يجرى بفكر عان
لكن إذا انتصر الضياء ومُزِّقَتْ---- بيد الجموع شريعة القرصان
فلسوف يذكرني ويُكبر همتي---- من كان فى بلدي حليف هوان
وهذه رسالته وافكاره وانفاسه يصيغها شاعر صديق له
رسالة في ليلة التنفيذ :
أبتاه ماذا قد يخط بناني---- و الحبل و الجلاد منتظران
هذا الكتاب إليك من زنزانة ----مقرورة صخرية الجدران
لم تبق إلا ليلة أحيا بها---- وأحس أن ظلامها أكفاني
ستمر يا أبتاه لست أشك في---- هذا وتحمل بعدها جثماني
الليل من حولي هدوء قاتل ----والذكريات تمور في وجداني
ويهدني ألمي فأنشد راحتي---- في بضع آيات من القرآن
والنفس بين جوانحي شفافة---- دبَّ الخشوع بها فهز كياني
قد عشت أومن بالإله ولم أذق---- إلا أخيرا لذة الإيمان
شكرا لهم أنا لا أريد طعامهم ----فليرفعوه فلست بالجوعان
هذا الطعام المر ما صنعته لي---- أمي و لا وضعوه فوق خوان
كلا ولم يشهده يا أبتي معي---- أخوان لي جاءاه يستبقان
مدوا إلي به يدا مصبوغة---- بدمي و هذي غاية الإحسان
والصمت يقطعه رنين سلاسل ----عبثت بهن أصابع السجان
ما بين آونة تمر وأختها ----يرنو إلى بمقلتي شيـــطان
من كوة بالباب يرقب صيده ----ويعود في أمن إلى الدوران
أنا لا أحس بأي حقد نحوه ----ماذا جنى فتمسه أضغاني
هو طيب الأخلاق مثلك يا ----أبي لم يبد في ظمأ إلى العدوان
لكنه إن نام عني لحظة---- ذاق العيال مــرارة الحرمان
فلربما وهو المُرَوِّعُ سحنة---- لو كان مثلى شاعرا لرثاني
أو عاد من يدري إلى أولاده---- يوماً وذُكِّرَ صورتي لبكاني
وعلى الجدار الصلب نافذة بها---- معنى الحياة غليظة القضبان
قد طالما شارفتها متأملا ----في الثائرين على الأسى اليقظان
فأرى وجوما كالضباب مصورا ----ما في قلوب الناس من غليان
نفس الشعور لدى الجميع وإن همُ---- كتموا وكان الموت في إعلاني
و يدور همس في الجوانح ما الذي---- بالثورة الحمقاء قد أغراني ؟
أو لم يكن خيرا لنفسي أن أُرى---- مثل الجميع أسير في إذعان ؟
ما ضرني لو قد سكت وكلما ----غلب الأسى بالغتُ في الكتمان
هذا دمي سيسيل يجري مطفئا---- ما ثار في جنْبَىَّّ من نيران
وفؤادي المَوَّار في نبضاته---- سيكف في غده عن الخفقان
والظلم باق لن يحطم قيده ----موتي ولن يودي به قرباني
ويسير ركب البغي ليس يضيره---- شاة إذا اجتثت من القطعان
هذا حديث النفس حين تشق عن---- بشريتي وتمور بعد ثوان
وتقول لي إن الحياة لغايةٍ ----أسمى من التصفيق للطغيان
أنفاسك الحَرَّى وإن هى أُخمدت---- ستظل تغمر أُفقهم بدخان
وقروح جسمك وهو تحت سياطهم ----قسمات صبح يتقيه الجاني
دمع السجين هناك في أغلاله---- ودم الشهيد هنا سيلتقيان
حتى إذا ما أفعمت بهما الربا---- لم يبق غير تمرد الفيضان
ومن العواصف ما يكون هبوبها---- بعد الهدوء وراحة الربانِ
إن احتدام النار في جوف الثرى---- أمر يثير حفيظة البركان
وتتابع القطرات ينزل بعده---- سيل يليه تدفق الطوفان
فيموج يقتلع الطغاة مزمجرا---- أقوى من الجبروت والسلطان
أنا لست أدرى هل ستُذْكَر قصتي---- أم سوف يعروها دجى النسيان ؟
أو أنني سأكون في تاريخنا ----متآمرا أم هادم الأوثان ؟
كل الذي أدريه أن تجرعي---- كأس المذلة ليس في إمكاني
لو لم أكن في ثورتي متطلبا---- غير الضياء لأمتي لكفاني
أهوى الحياة كريمة لا قيد لا ----إرهاب لا استخفاف بالإنسان
فإذا سقطتُ سقطتُ أحمل عزتي---- يغلى دم الأحرار في شرياني
أبتاه إن طلع الصباح على الدنى---- وأضاء نور الشمس كل مكان
واستقبل العصفور بين غصونه---- يوما جديدا مشرق الألوان
وسمعتَ أنغام التفاؤل ثرة---- تجري على فم بائع الألبان
وأتى يدق- كما تعود- بابنا ----سيدق باب السجن جلادان
وأكون بعد هنيهة متأرجحا ----في الحبل مشدودا إلى العيدان
لِيَكُنْ عزاؤك أن هذا الحبل ما ----صنعته في هذي الربوع يدان
نسجوه في بلد يشع حضارة---- و تضاء منه مشاعل العرفان
أو هكذا زعموا وجيء به إلى ----بلدي الجريح على يد الأعوان
أنا لا أريدك أن تعيش محطما---- في زحمة الآلام والأشجان
إن ابنك المصفود في أغلاله ----قد سيق نحو الموت غير مدان
فاذكر حكايات بأيام الصبا---- قد قلتها لي عن هوى الأوطان
وإذا سمعت نشيج أمي في الدجى---- تبكى شبابا ضاع في الريعان
وتُكَتِّم الحسرات في أعماقها ----ألما تواريه عن الجيران
فاطلب إليها الصفح عني إنني ----لا أبتغي منها سوى الغفران
مازال في سمعي رنين حديثها---- ومقالها في رحمة وحنان
أَبُنَيَّ : إني قد غدوت عليلة ----لم يبق لي جَلَد على الأحزان
فأذق فؤادي فرحة بالبحث عن--- بنت الحلال ودعك من عصياني
كانت لها أمنية ريانة ----يا حسن أمال لها وأمان
غزلت خيوط السعد مخضلا ولم ----يكن انتقاض الغزل في الحسبان
والآن لا أدرى بأي جوانح ----ستبيت بعدى أم بأي جنان
هذا الذي سطرته لك يا أبي ----بعض الذي يجرى بفكر عان
لكن إذا انتصر الضياء ومُزِّقَتْ---- بيد الجموع شريعة القرصان
فلسوف يذكرني ويُكبر همتي---- من كان فى بلدي حليف هوان