USAMA LADEN
11-04-2005, 05:49 AM
وزعم النصراني أن عبد الله بن سلاّم وكعب الأحبار عمدا إلى ما في يد علي بن أبي طالب رضي الله عنه من القرآن بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام وأدخلا فيه أخبار التوراة وأحكامها وزادا وأنقصَّا منه وسخر من عملية جمع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه ، وزعم أنه وقع فيه التحريف والتبديل ، وأن الحجاج بن يوسف الثقفي جمع المصاحف وأسقط منها أشياء كثيرة عن بني أمية ، وذكر كلاماً كثيراً ملفقاً في هذا الموضوع وختم جوابه بدعوة الهاشمي المزعوم لاعتناق النصرانية.
هذه الترجمة الرئيسة في المشروع الكلوني نالت في الغرب شعبية هائلة وأصبحت بمثابة انجيل المنصرين والمستشرقين منذ ترجمتها وإلى اليوم حيث اعتبروها أفضل دفاع عن النصرانية وأقوى هجوم على الإسلام .
وهناك ثلاث مصنفات أخرى تُرجمت في المشروع الكلوني هي ( نشؤ محمد ) و ( عقيدة محمد ) و ( الأحاديث الإسلامية ) ولكن لم يكن لها تأثير يضاهي تأثير رسالة الكندي المزعوم والترجمة الخاطئة والمغرضة لمعاني القرآن الكريم من جانب روبرت أوف كيتون .
وبعد أن انتهى بطرس المكرم من ترجمة مشروعه الآنف الذكر قام بتأليف ردين على الإسلام هما :
(1) المجمل الكامل عن الهرطقة الإسلامية وقسمه إلى ستة فصول هي :
أ- الرب ، المسيح ، ويوم الحساب .
ب- النبي محمد عليه الصلاة والسلام .
ج- القرآن ومصادره .
د- الجنة والنار والتعاليم الأخلاقية .
هـ - انتشار الإسلام .
و – الإسلام بوصفه هرطقة مسيحية .
(2) الدحض وقسمه إلى كتابين كل كتاب مكون من فصلين وكلاهما كتبه باللاتينية .
وكان هدف بطرس المكرم من تأليف رديه أن يغرس في قلوب النصارى موقفاً معادياً للإسلام ينبغي على كل نصراني أن يتخذه ويعتقده تجاه العقيدة الإسلامية .وسوف أعرض هنا مقتطفات مختصرة من مجمل بطرس المكرم للتدليل على هدفه هذا . بعد أن عرض بتهكم مشاهد يوم القيامة التي انفرد بها القرآن ولا توجد عندهم في كتبهم المقدسة قال :" إلى هذا الحد الفعلي Mahumet (محمد) القذر الشرير علّم أتباعه إنكار جميع أسرار الدين المسيحي ، وحكم تقريباً على ثلث الجنس البشري بعدم معرفة يوم الدينونة للرب ، بواسطة حكايات مجنونه يهذي بما لم يُسمع بمثلها استجابة لأبليس والهلاك السرمدي ". ثم يقدِّم في مجمله مختصراً مشوهاً لسيرة النبي عليه الصلاة والسلام إلى أن يقول :"هكذا كان Mahumet (محمد) ناشطاً جداً في الشؤون العالمية ، وذكي إلى أبعد حد ، هو انبثق من الأصل الوضيع والفقر إلى الغنى والشهرة ، ونهض بنفسه إلى أعلى شيئاً فشيئاً ، وتكراراً هاجم كل أولئك الذين كانوا بجواره، وكان بشكل بارز يضم إليه الأقرباء بالخداع ، والسلب ، والغزوات ، قاتلاً أي شخص غيلة إن استطاع ، هو ازداد رعباً بواسطة اسمه ، وفي الوقت المناسب وصل إلى القمة بالنزاعات . ثم بدأ يطمح إلى منصب الملك على شعبه ، ولما كان يدرك أنه لا يستطيع أن يحقق هذه الرغبة بسبب أصله الوضيع . قرَّر أن يصبح ملكاً عن طريق السيف ، وتحت قناع الدين وبواسطة الإسم رسول الله". ثم يتناول في مجمله القرآن ويرفض بشدة نبوة محمد عليه الصلاة والسلام ويزعم أن القرآن له مصادر هي : إبليس ، وسرجيوس ( نسطوريوس ) وبحيرا ... الخ ) إلى أن يقول ما نصه :" هكذا عُلِّم محمد من جانب أحسن علماء اللاهوت البارزين ، والمتهرطقين ، فانتجوا قرآنه ، ونسجوا معاً ، في ذلك الشكل غير الفصيح ، له كتاباً مقدساً شيطانياً ، صُنِّف على حد سواء من الخرافات اليهودية والأغاني العابثة للهراطقة ، كاذباً أن هذه المجموعة جُلبت إليه سورة وراء سورة بواسطة جبريل ، الذي اسمه هو عرفه من الكتاب المقدس في ذلك الوقت ، هو أفسد بسم مهلك ذلك الشعب الذي لم يعرف الرب ، وفي سلوك هذا المفُسد أن جعل في حواف القدح المملوء بالعسل السم المهلك الذي يتسرب معه ، هو ( محمد ) حطَّم ، واحسرتاه ، الأرواح والأجساد لذلك الشعب البائس ، ذلك الرجل ، أثنى على الشريعة المسيحية واليهودية ، والشرير مع ذلك يقتبس منها ويرفضها في الوقت نفسه" .
وبعد ذلك يتناول بطرس المكرَّم ، الجنة والنار ، والتعاليم الأخلاقية ويهاجم التصوير القراني للجنة والنار فيقول:"محمد يصف عذاب جهنم كأنها تسرهُ حتى يصفها ، وكأنه كان ملائماً لرسول زائف كبير أن يخترع تلك الأوصاف . وهو يصور جنة ليست من مجتمع ملائكي ، ولا من تجلى الرب ، ولا من ذلك الخير الأعلى ، الذي لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ... بل في هذه الطريقة هو وصفها مثلما هو رغبها أن تكون معدَّة لنفسه ، هو يعد أتباعه هناك بالأكل من اللحم ، وكل أنواع الثمرات ، هناك أنهار من اللبن والعسل والمياه المتدفقة . هناك العناق والإشباع الشهواني من النساء العذارى الأجمل ، فيها أشياء كثيرة ، جنته كلها حسية". ثم يتناول بطرس المكرم تعدد الزوجات في الإسلام باعتباره عملاً من أعمال الزنى وفق المنظور الرهباني دون أن يعلم أن المجتمع الغربي من بعده ، في العصور الحديثه ، سيصل إلى ممارسة الزنى علناً في الشوارع وعلى الأرصفه بسبب تلك الرهبانية المصادمة للفطرة البشرية التي فرضها رجال الدين على المجتمع الغربي طوال العصور الوسطى .
ثم يعود بطرس المبجل للهجوم البذئ على النبي عليه الصلاة والسلام فيقول :" وبالإضافة إلى كل هذه الأشياء ، هو استطاع أن يجتذب إليه الرغبات الشهوانية للرجال ، حيث أطلق لهم الأعنة للنهم والتلوث هو نفسه كان له في ذات الوقت ستة عشر زوجة ... مقترفاً الزنى كأنه شرط بواسطة الأمر الإلهي ، وبذلك أضاف إلى نفسه عدداً ضخماً من الناس المحكوم عليهم بالهلاك السرمدي".
وبالمقارنة اتضح أن مجمل بطرس المكرم ودحضه قد اعتمد فيهما على رسالة الكندي المزعوم حيث نسج على منوالها . وأصبح هذان الردان ضمن المشروع الكلوني الذي غدا في متناول الرهبان المتعصبين للاعتماد عليه في كتاباتهم العدائية ضد الإسلام ونبيه محمد عليه الصلاة والسلام .
فهذا وليم الصوري أسقف صور الذي عاصر الحروب الصليبية حتى عصر صلاح الدين الأيوبي وأرّخ للمملكة الصليبية في بلاد الشام وعلاقتها بالمسلمين بدأ حديثه في تاريخه عن النبي عليه الصلاة والسلام فقال ما نصه :" في زمن الامبراطور هرقل ، وطبقاً للروايات والتواريخ الشرقية حققت معتقدات محمد الضارة ـ بزعمه الباطل ـ موطئ قدم راسخ لها في الشرق ، وهذا هو أول أبناء الشيطان المعُلِن بالكذب أنه رسول مرسل من الله ، وبذلك أضل بلدان الشرق خصوصاً بلاد العرب . والبذرة السَّامة التي زرعها اخترقت إلى حد بعيد المناطق التي استخدم فيها خلفاؤه السيف والعنف بدلاً من التبشير والنصح ، لاجبار الناس ، مهما كانوا خاضعين ، ليعتنقوا المعتقدات الخاطئة للرسول ".
أما جاكيوس دي فتري اسقف عكا الذي شارك في الحملة الصليبية الخامسة 614-618هـ / 1217-1221م فقال ما نصه :" إن محمداً أخذ جيرانه الذين كان يحسدهم في الخفاء ، وذبحهم بغدر ".
أما سان بدرو باسكوال وهو راهب أسباني عاش في القرن السابع الهجري /13م والمتوفى سنة 700هـ/1300م فقد كتب عدة كتب ضد المسلين ومنها كتاب أطلق عليه الفرقة المحمدية فقال فيه مانصه :" ما الذي جاء به محمد غير الفسوق والسلب ، القرآن على حد سواء وبتناقض أمر بالسبب والحرب ، والحديث أكدّ هذا ، حيث وُعِدَ المسلمون بمكافأة ضخمة من أجل الموت في الحرب ، وأن جروحهم سوف تكون جميلة يوم البعث ، ذلك أن محمداً أمر بأن الناس من غير المسلمين يجب أن يُقتلوا بواسطة الجهاد ، وتُغتصب نساؤهم ويؤخذن سبايا مع الأطفال ، وخيراتهم تُنهب وبلادهم تُحتل ". وقد زعم سان بدرو باسكوال هذا أن محمداً عليه الصلاة والسلام ، أثنى ذات مرة على آلهة الوثنيين في آيات زعم أن المسلمين يسمونها الآيات الشيطانية . ومن عجب أن قول سان بدرو باسكوال هذا ، كان هو الذي أوحي للمرتد البريطاني سلمان رشدي بعنوان روايته [ الآيات الشيطانية ] ، كما أن باسكوال وفندينزو وريكولدو وغيرهم من كتّاب العصور الوسطى كانوا المصدر الرئيس لرواية سلمان رشدي ، بل هي مسروقة بالكامل من تلك الكتابات الوسيطة .
لقد اخترع سان بدور باسكوال قصصاً وأساطير عجيبة تناول فيها جوانب من سيرة النبي عليه الصلاة والسلام ونزول الوحي عليه وموقف خديجة رضي الله عنها فمثلاً غزوة بدر يقدمها بهذا الشكل الملفق :" اصطحب محمد عصابة من اللصوص ، وبعد ذلك سمع أن تجاراً كثيرين من مكة كانوا يقتربون من تلك المدينة من مناطق أخرى في طابور عظيم من البهائم المحملة بالأثقال ، هو أختبأ في مكمن مع أصحابه وقتل سبعين من التجار وسائقي البغال من أهل مكة ، وأخذ أكثر من سبعين أسيراً ، ونهبوا القافلة بالكامل ".
وعن قصة نزول الوحي على النبي عليه الصلاة والسلام يورد رواية مشوهة ويزعم أن النبي عليه الصلاة والسلام تلبسَّه الشيطان ، ويسب خديجة رضي الله عنها التي صدقته ويقول مخاطباً النبي عليه الصلاة والسلام ما نصه :" في الواقع أنا أقول لك يا محمد إن هذا الذي فعلته ليس نبوة ، بل إنك قلت أشياء معينة مثلما تعوَّد العّرافون اليوم أن يقولونها عن طريق استحضار العفاريت بأي أسلوب ، فهذا لن يكون مدهشاً لأنه سيوجد عرَّافون كثيرون في العالم يقولون حقائق قليلة وكذب كثير " وكتابات سان بدرو باسكوال عن الإسلام ونبيه عليه الصلاة والسلام تتصف بالاختلاق والسفه فمثلاً عند حديثه عن وفاة النبي عليه الصلاة والسلام قال ما نصه :" إن محمداً عندما أوشك أن يموت حاول أن يعمِّد نفسه ـ أي يتنصَّر ـ لكن الشياطين منعته ".
أما الراهب الإيطالي فيدينزو أوف بافيا الذي جاء إلى بلاد الشام في النصف الثاني من القرن السابع الهجري / النصف الثاني من القرن الثالث عشر الميلادي فقد كتب وصفاً مختصراً مختلقاً لتشويه صورة النبي عليه الصلاة والسلام عند القراء الغربيين ومما قاله :" إن محمداً جمع حوله عبيداً آبقين ، ورجالاً مؤذين مرتشين ومضطهدين للاخرين ، من أصناف مختلفة ، وعندما أطاعوه وأصبح أميرهم ، أرسلهم إلى غابة ذات طرق فرعية وإلى قمم الجبال ، وأخذوا يغيرون على الطرق التي يتردد عليها المسافرون ، فيسلبون الناس ، وينهبون بضائعهم ويقتلون كل من يُبدي مقاومة . وحل الخوف من محمد وأصحابه بجميع الناس الذين يقطنون بتلك البلاد ". وهذا الراهب فيدينزو أحد الكتّاب الغربيين الذين تلقّفوا القصة المختلقة على النبي عليه الصلاة والسلام وزينب بنت جحش رضي الله عنها ، التي اخترعها يوحنا الدمشقي وصاغوها بشكل داعر ، ومما قاله فيدينزوما نصه :" كان هناك رجل معروف يُدعى سايدوس ـ زيد ـ وكان له زوجة تُدعى سيبيب ـ زينب ـ كانت من أجمل النساء الجميلات اللائي عشن على الأرض في أيامها ، فسمع محمد بشهرة جمالها ، واشتعل بالرغبة فيها ، وأراد أن يراها ، فجاء إلى منزل المرأة في غياب زوجها ، وسأل عن زوجها . هي قالت : يارسول الله ، ما ذا تريد ، لماذا أنت هنا ؟ زوجي ذهب إلى الخارج في العمل . هذا لم يكن مخفياً عن زوجها ، هو عندما عاد إلى بيته ، قال لزوجته : هل كان رسول الله هنا ؟ هي أجابت : هو كان هنا ، هو قال هل رأى وجهك ؟ هي أجابت : نعم هو رآه ، وهو أيضاً سهّرني وقتاً طويلاً ، هو قال لها : أنا لا أستطيع أن أعيش معك وقتاً أطول من هذا ... ".
ومن الرهبان المنصرين الذين كتبوا عن الإسلام ، ريكولدو أوف مونت كروس المتوفي سنة 720هـ / 1320 م وقد جاء إلى عكا سنة 688 هـ / 1289م وانتقل منها إلى آسيا الصغرى ومنها إلى الشرق حيث وصل إلى مراغة في رحلة تنصيرية ثم جاء إلى الموصل وإلى بغداد . ثم عاد إلى دير مونت كروس وصنّف عدة كتب يهاجم فيها الإسلام منها كتاب سماه [ دحض القرآن ] ومما قاله :" إن الإسلام مجرد خدعة شيطانية ابتدعها الشيطان كي يمهد الطريق لمجئ المسيح الدجّال ، وذلك حين شعر الشيطان بعدم قدرته على إيقاف انتشار النصرانية ، وأن الوثنيات بدأت تتهاوى أمام النصرانية ، وأنه ليس في مقدوره دحض شريعة موسى وانجيل عيسى ، فابتدع الشيطان ذلك الدين ليكون وسطاً بين النصرانية واليهودية ... والقرآن ليس قانون الله ، نظراً لأن أسلوبه لا يطابق الأسلوب الإلهي ، الذي لا يوجد فيه سجع ولا عبارات موزونة كتلك التي جاءت في الكتب المقدسة ".
والحق أن القرنين السابع والثامن الهجريين / الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين ، قد شهدا حملة فكرية عدوانية شرسة ضد الإسلام ونبي الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام من جانب مئات الكتّاب الغربيين من الرهبان والمنصرين والحجاج الذين زاروا الديار المقدسة في بلاد الشام ، وهي حملة عدائية تضاهي في ضخامتها العدوان الفكري الحالي الذي نشهده في وسائل الإعلام الغربية . ويتضح أحد أهداف تلك الحملة السابقة مما كتبه أحد أعضائها وهو روبرت هالكوت الذي كتب سنة 741هـ / 1340 م يقول :" إنه لن يكون سهلاً أن ننشر تعاليم المسيح بين المسلمين إلا عن طريق تحطيم وشجب شريعة محمد ".
هذه الترجمة الرئيسة في المشروع الكلوني نالت في الغرب شعبية هائلة وأصبحت بمثابة انجيل المنصرين والمستشرقين منذ ترجمتها وإلى اليوم حيث اعتبروها أفضل دفاع عن النصرانية وأقوى هجوم على الإسلام .
وهناك ثلاث مصنفات أخرى تُرجمت في المشروع الكلوني هي ( نشؤ محمد ) و ( عقيدة محمد ) و ( الأحاديث الإسلامية ) ولكن لم يكن لها تأثير يضاهي تأثير رسالة الكندي المزعوم والترجمة الخاطئة والمغرضة لمعاني القرآن الكريم من جانب روبرت أوف كيتون .
وبعد أن انتهى بطرس المكرم من ترجمة مشروعه الآنف الذكر قام بتأليف ردين على الإسلام هما :
(1) المجمل الكامل عن الهرطقة الإسلامية وقسمه إلى ستة فصول هي :
أ- الرب ، المسيح ، ويوم الحساب .
ب- النبي محمد عليه الصلاة والسلام .
ج- القرآن ومصادره .
د- الجنة والنار والتعاليم الأخلاقية .
هـ - انتشار الإسلام .
و – الإسلام بوصفه هرطقة مسيحية .
(2) الدحض وقسمه إلى كتابين كل كتاب مكون من فصلين وكلاهما كتبه باللاتينية .
وكان هدف بطرس المكرم من تأليف رديه أن يغرس في قلوب النصارى موقفاً معادياً للإسلام ينبغي على كل نصراني أن يتخذه ويعتقده تجاه العقيدة الإسلامية .وسوف أعرض هنا مقتطفات مختصرة من مجمل بطرس المكرم للتدليل على هدفه هذا . بعد أن عرض بتهكم مشاهد يوم القيامة التي انفرد بها القرآن ولا توجد عندهم في كتبهم المقدسة قال :" إلى هذا الحد الفعلي Mahumet (محمد) القذر الشرير علّم أتباعه إنكار جميع أسرار الدين المسيحي ، وحكم تقريباً على ثلث الجنس البشري بعدم معرفة يوم الدينونة للرب ، بواسطة حكايات مجنونه يهذي بما لم يُسمع بمثلها استجابة لأبليس والهلاك السرمدي ". ثم يقدِّم في مجمله مختصراً مشوهاً لسيرة النبي عليه الصلاة والسلام إلى أن يقول :"هكذا كان Mahumet (محمد) ناشطاً جداً في الشؤون العالمية ، وذكي إلى أبعد حد ، هو انبثق من الأصل الوضيع والفقر إلى الغنى والشهرة ، ونهض بنفسه إلى أعلى شيئاً فشيئاً ، وتكراراً هاجم كل أولئك الذين كانوا بجواره، وكان بشكل بارز يضم إليه الأقرباء بالخداع ، والسلب ، والغزوات ، قاتلاً أي شخص غيلة إن استطاع ، هو ازداد رعباً بواسطة اسمه ، وفي الوقت المناسب وصل إلى القمة بالنزاعات . ثم بدأ يطمح إلى منصب الملك على شعبه ، ولما كان يدرك أنه لا يستطيع أن يحقق هذه الرغبة بسبب أصله الوضيع . قرَّر أن يصبح ملكاً عن طريق السيف ، وتحت قناع الدين وبواسطة الإسم رسول الله". ثم يتناول في مجمله القرآن ويرفض بشدة نبوة محمد عليه الصلاة والسلام ويزعم أن القرآن له مصادر هي : إبليس ، وسرجيوس ( نسطوريوس ) وبحيرا ... الخ ) إلى أن يقول ما نصه :" هكذا عُلِّم محمد من جانب أحسن علماء اللاهوت البارزين ، والمتهرطقين ، فانتجوا قرآنه ، ونسجوا معاً ، في ذلك الشكل غير الفصيح ، له كتاباً مقدساً شيطانياً ، صُنِّف على حد سواء من الخرافات اليهودية والأغاني العابثة للهراطقة ، كاذباً أن هذه المجموعة جُلبت إليه سورة وراء سورة بواسطة جبريل ، الذي اسمه هو عرفه من الكتاب المقدس في ذلك الوقت ، هو أفسد بسم مهلك ذلك الشعب الذي لم يعرف الرب ، وفي سلوك هذا المفُسد أن جعل في حواف القدح المملوء بالعسل السم المهلك الذي يتسرب معه ، هو ( محمد ) حطَّم ، واحسرتاه ، الأرواح والأجساد لذلك الشعب البائس ، ذلك الرجل ، أثنى على الشريعة المسيحية واليهودية ، والشرير مع ذلك يقتبس منها ويرفضها في الوقت نفسه" .
وبعد ذلك يتناول بطرس المكرَّم ، الجنة والنار ، والتعاليم الأخلاقية ويهاجم التصوير القراني للجنة والنار فيقول:"محمد يصف عذاب جهنم كأنها تسرهُ حتى يصفها ، وكأنه كان ملائماً لرسول زائف كبير أن يخترع تلك الأوصاف . وهو يصور جنة ليست من مجتمع ملائكي ، ولا من تجلى الرب ، ولا من ذلك الخير الأعلى ، الذي لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ... بل في هذه الطريقة هو وصفها مثلما هو رغبها أن تكون معدَّة لنفسه ، هو يعد أتباعه هناك بالأكل من اللحم ، وكل أنواع الثمرات ، هناك أنهار من اللبن والعسل والمياه المتدفقة . هناك العناق والإشباع الشهواني من النساء العذارى الأجمل ، فيها أشياء كثيرة ، جنته كلها حسية". ثم يتناول بطرس المكرم تعدد الزوجات في الإسلام باعتباره عملاً من أعمال الزنى وفق المنظور الرهباني دون أن يعلم أن المجتمع الغربي من بعده ، في العصور الحديثه ، سيصل إلى ممارسة الزنى علناً في الشوارع وعلى الأرصفه بسبب تلك الرهبانية المصادمة للفطرة البشرية التي فرضها رجال الدين على المجتمع الغربي طوال العصور الوسطى .
ثم يعود بطرس المبجل للهجوم البذئ على النبي عليه الصلاة والسلام فيقول :" وبالإضافة إلى كل هذه الأشياء ، هو استطاع أن يجتذب إليه الرغبات الشهوانية للرجال ، حيث أطلق لهم الأعنة للنهم والتلوث هو نفسه كان له في ذات الوقت ستة عشر زوجة ... مقترفاً الزنى كأنه شرط بواسطة الأمر الإلهي ، وبذلك أضاف إلى نفسه عدداً ضخماً من الناس المحكوم عليهم بالهلاك السرمدي".
وبالمقارنة اتضح أن مجمل بطرس المكرم ودحضه قد اعتمد فيهما على رسالة الكندي المزعوم حيث نسج على منوالها . وأصبح هذان الردان ضمن المشروع الكلوني الذي غدا في متناول الرهبان المتعصبين للاعتماد عليه في كتاباتهم العدائية ضد الإسلام ونبيه محمد عليه الصلاة والسلام .
فهذا وليم الصوري أسقف صور الذي عاصر الحروب الصليبية حتى عصر صلاح الدين الأيوبي وأرّخ للمملكة الصليبية في بلاد الشام وعلاقتها بالمسلمين بدأ حديثه في تاريخه عن النبي عليه الصلاة والسلام فقال ما نصه :" في زمن الامبراطور هرقل ، وطبقاً للروايات والتواريخ الشرقية حققت معتقدات محمد الضارة ـ بزعمه الباطل ـ موطئ قدم راسخ لها في الشرق ، وهذا هو أول أبناء الشيطان المعُلِن بالكذب أنه رسول مرسل من الله ، وبذلك أضل بلدان الشرق خصوصاً بلاد العرب . والبذرة السَّامة التي زرعها اخترقت إلى حد بعيد المناطق التي استخدم فيها خلفاؤه السيف والعنف بدلاً من التبشير والنصح ، لاجبار الناس ، مهما كانوا خاضعين ، ليعتنقوا المعتقدات الخاطئة للرسول ".
أما جاكيوس دي فتري اسقف عكا الذي شارك في الحملة الصليبية الخامسة 614-618هـ / 1217-1221م فقال ما نصه :" إن محمداً أخذ جيرانه الذين كان يحسدهم في الخفاء ، وذبحهم بغدر ".
أما سان بدرو باسكوال وهو راهب أسباني عاش في القرن السابع الهجري /13م والمتوفى سنة 700هـ/1300م فقد كتب عدة كتب ضد المسلين ومنها كتاب أطلق عليه الفرقة المحمدية فقال فيه مانصه :" ما الذي جاء به محمد غير الفسوق والسلب ، القرآن على حد سواء وبتناقض أمر بالسبب والحرب ، والحديث أكدّ هذا ، حيث وُعِدَ المسلمون بمكافأة ضخمة من أجل الموت في الحرب ، وأن جروحهم سوف تكون جميلة يوم البعث ، ذلك أن محمداً أمر بأن الناس من غير المسلمين يجب أن يُقتلوا بواسطة الجهاد ، وتُغتصب نساؤهم ويؤخذن سبايا مع الأطفال ، وخيراتهم تُنهب وبلادهم تُحتل ". وقد زعم سان بدرو باسكوال هذا أن محمداً عليه الصلاة والسلام ، أثنى ذات مرة على آلهة الوثنيين في آيات زعم أن المسلمين يسمونها الآيات الشيطانية . ومن عجب أن قول سان بدرو باسكوال هذا ، كان هو الذي أوحي للمرتد البريطاني سلمان رشدي بعنوان روايته [ الآيات الشيطانية ] ، كما أن باسكوال وفندينزو وريكولدو وغيرهم من كتّاب العصور الوسطى كانوا المصدر الرئيس لرواية سلمان رشدي ، بل هي مسروقة بالكامل من تلك الكتابات الوسيطة .
لقد اخترع سان بدور باسكوال قصصاً وأساطير عجيبة تناول فيها جوانب من سيرة النبي عليه الصلاة والسلام ونزول الوحي عليه وموقف خديجة رضي الله عنها فمثلاً غزوة بدر يقدمها بهذا الشكل الملفق :" اصطحب محمد عصابة من اللصوص ، وبعد ذلك سمع أن تجاراً كثيرين من مكة كانوا يقتربون من تلك المدينة من مناطق أخرى في طابور عظيم من البهائم المحملة بالأثقال ، هو أختبأ في مكمن مع أصحابه وقتل سبعين من التجار وسائقي البغال من أهل مكة ، وأخذ أكثر من سبعين أسيراً ، ونهبوا القافلة بالكامل ".
وعن قصة نزول الوحي على النبي عليه الصلاة والسلام يورد رواية مشوهة ويزعم أن النبي عليه الصلاة والسلام تلبسَّه الشيطان ، ويسب خديجة رضي الله عنها التي صدقته ويقول مخاطباً النبي عليه الصلاة والسلام ما نصه :" في الواقع أنا أقول لك يا محمد إن هذا الذي فعلته ليس نبوة ، بل إنك قلت أشياء معينة مثلما تعوَّد العّرافون اليوم أن يقولونها عن طريق استحضار العفاريت بأي أسلوب ، فهذا لن يكون مدهشاً لأنه سيوجد عرَّافون كثيرون في العالم يقولون حقائق قليلة وكذب كثير " وكتابات سان بدرو باسكوال عن الإسلام ونبيه عليه الصلاة والسلام تتصف بالاختلاق والسفه فمثلاً عند حديثه عن وفاة النبي عليه الصلاة والسلام قال ما نصه :" إن محمداً عندما أوشك أن يموت حاول أن يعمِّد نفسه ـ أي يتنصَّر ـ لكن الشياطين منعته ".
أما الراهب الإيطالي فيدينزو أوف بافيا الذي جاء إلى بلاد الشام في النصف الثاني من القرن السابع الهجري / النصف الثاني من القرن الثالث عشر الميلادي فقد كتب وصفاً مختصراً مختلقاً لتشويه صورة النبي عليه الصلاة والسلام عند القراء الغربيين ومما قاله :" إن محمداً جمع حوله عبيداً آبقين ، ورجالاً مؤذين مرتشين ومضطهدين للاخرين ، من أصناف مختلفة ، وعندما أطاعوه وأصبح أميرهم ، أرسلهم إلى غابة ذات طرق فرعية وإلى قمم الجبال ، وأخذوا يغيرون على الطرق التي يتردد عليها المسافرون ، فيسلبون الناس ، وينهبون بضائعهم ويقتلون كل من يُبدي مقاومة . وحل الخوف من محمد وأصحابه بجميع الناس الذين يقطنون بتلك البلاد ". وهذا الراهب فيدينزو أحد الكتّاب الغربيين الذين تلقّفوا القصة المختلقة على النبي عليه الصلاة والسلام وزينب بنت جحش رضي الله عنها ، التي اخترعها يوحنا الدمشقي وصاغوها بشكل داعر ، ومما قاله فيدينزوما نصه :" كان هناك رجل معروف يُدعى سايدوس ـ زيد ـ وكان له زوجة تُدعى سيبيب ـ زينب ـ كانت من أجمل النساء الجميلات اللائي عشن على الأرض في أيامها ، فسمع محمد بشهرة جمالها ، واشتعل بالرغبة فيها ، وأراد أن يراها ، فجاء إلى منزل المرأة في غياب زوجها ، وسأل عن زوجها . هي قالت : يارسول الله ، ما ذا تريد ، لماذا أنت هنا ؟ زوجي ذهب إلى الخارج في العمل . هذا لم يكن مخفياً عن زوجها ، هو عندما عاد إلى بيته ، قال لزوجته : هل كان رسول الله هنا ؟ هي أجابت : هو كان هنا ، هو قال هل رأى وجهك ؟ هي أجابت : نعم هو رآه ، وهو أيضاً سهّرني وقتاً طويلاً ، هو قال لها : أنا لا أستطيع أن أعيش معك وقتاً أطول من هذا ... ".
ومن الرهبان المنصرين الذين كتبوا عن الإسلام ، ريكولدو أوف مونت كروس المتوفي سنة 720هـ / 1320 م وقد جاء إلى عكا سنة 688 هـ / 1289م وانتقل منها إلى آسيا الصغرى ومنها إلى الشرق حيث وصل إلى مراغة في رحلة تنصيرية ثم جاء إلى الموصل وإلى بغداد . ثم عاد إلى دير مونت كروس وصنّف عدة كتب يهاجم فيها الإسلام منها كتاب سماه [ دحض القرآن ] ومما قاله :" إن الإسلام مجرد خدعة شيطانية ابتدعها الشيطان كي يمهد الطريق لمجئ المسيح الدجّال ، وذلك حين شعر الشيطان بعدم قدرته على إيقاف انتشار النصرانية ، وأن الوثنيات بدأت تتهاوى أمام النصرانية ، وأنه ليس في مقدوره دحض شريعة موسى وانجيل عيسى ، فابتدع الشيطان ذلك الدين ليكون وسطاً بين النصرانية واليهودية ... والقرآن ليس قانون الله ، نظراً لأن أسلوبه لا يطابق الأسلوب الإلهي ، الذي لا يوجد فيه سجع ولا عبارات موزونة كتلك التي جاءت في الكتب المقدسة ".
والحق أن القرنين السابع والثامن الهجريين / الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين ، قد شهدا حملة فكرية عدوانية شرسة ضد الإسلام ونبي الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام من جانب مئات الكتّاب الغربيين من الرهبان والمنصرين والحجاج الذين زاروا الديار المقدسة في بلاد الشام ، وهي حملة عدائية تضاهي في ضخامتها العدوان الفكري الحالي الذي نشهده في وسائل الإعلام الغربية . ويتضح أحد أهداف تلك الحملة السابقة مما كتبه أحد أعضائها وهو روبرت هالكوت الذي كتب سنة 741هـ / 1340 م يقول :" إنه لن يكون سهلاً أن ننشر تعاليم المسيح بين المسلمين إلا عن طريق تحطيم وشجب شريعة محمد ".