USAMA LADEN
08-10-2005, 08:18 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
حقيقة ما يجري وراء القضبان في سجون الأمريكان
وما شهدنا إلا بما علمنا
حمداً لمن له الخلق كله ، وله الأمر كله ، نعمه سابغة ، ومننه بالغة ، بيده ملكوت كل شيئ ، وهو يجير ولا يجار عليه ، سبحانه لا نحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه ، لا تدركه الأبصار ، ولا تحيط به الأفكار.
والصلاة والسلام على نبيه المختار ، صلاة دائمة باقية ما تعاقب الليل والنهار ، وآله وصحبه الأئمة الأخيار ، الصادقين الأبرار ، وعلى من تابع هديهم واقتفى أثرهم واستمسك بسنتهم على مدى الأيام وتوالي الأعصار.
وبعد :
فهذه كلمات مختصرات أخطها على عجل محاولاً فيها نقل بعض ما عانيناه مما عايناه بأنفسنا ، أو سمعناه ممن لقينا ورأينا من إخواننا المأسورين الذين كانوا معنا ، أو نقل لنا عن طريق من رآهم من إخوانهم ، راجياً بذلك أداء أدنى أدنى حق من حقوق إخواننا علينا ، ومن ثَم إعطاء صورة واضحة وتصوراً كاملاً لحقيقة ما يجري وارء القضبان ، وما يقع خلف أسوار عباد الصلبان ، مما هو عند الكثيرين من المسلمين كطيف خيال ، أو أضغاث أحلام ، أو وساوس وسنان ، مع التنبيه على أن ذكر قصة عينية أوحادثة معينة لكل ما أشير إليه وأبيِّنه لا يسعه هذا المقام ، ولا يسمح به الوقت حالياً ، فمرامي هنا ليس التقصي والتفصيل والإلمام ، بل الغرض الآن هو مجرد الأشارة ، وهي كافية لكل لبيب ، وذلك بما يؤدي المقصود ويوفي بالمطلوب. والعزم ـ إن شاء الله ـ على استخراج كتاب واف في ذلك ، فما هذه الوراقات إلا كمقدمة قاصرة سابقة تشير إلى بعض جوانب موضوعه ، وتدل على جزء من موضوعه ألقيها بين يدي قادة المجاهدين ، وجنودهم المصابرين ، وأنصارهم المؤيدين ، ممن يحملون همَّ الإسلام حقاً ، وتؤرقهم همومه صدقاً ، ويدركون عظم المسئولية ، ويستشعرون عبء الأمانة ، ليكونوا على علم حقيقي ، ومعرفة جلية بجانب من جوانب معركة الإسلام الكبرى المصيرية التي يخوضها اليوم ، والتي تعددت جبهاتها ، وتنوعت وسائلها ، وترامت ساحاتها ، ومع ذلك فقد اتحد مقصدها ، وتحدد هدفها : {ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا} ، {ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء} ، {ود الذين كفروا لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفســهم ممن بعد ما تبين لهم الحق} ، وكما قال أسلافهم لأسلافنا : {وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا}، فيضعوا بذلك هذا الملف ـ ملف أسارى المسلمين ـ في موضعه اللآئق به ، فيخرجوه من أقبية النسيان ، ويمزقوا عنه أغلفة الطي ، ويميطوا حجب الكتمان ، وفاء لأسود كبلتها القيود ، وحالت دونها أسوار وسدود ، تئن تحت وطأة الضيم ، وتئط تحت ثقل الامتهان ، وتتقلب في جحيم الظلم ، ويثقلها ركام العجز. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وهو المستعان وعليه التكلان
أولا : كيفية الاعتقال
لا شك أن طرق الاعتقال وصور الأسر التي تعرض لها الأخوة المجاهدون في مشارق الأرض ومغاربها تتعدد وتختلف من حالة إلى حالة ، ومن بلد إلى بلد ، وكلها مأساة تردف أختها ، ومصيبة تُنسي سابقتها ، إذ أن أعمال المجاهدين متنوعة ، ومهامهم متفاوتة ، ومواطنهم وأماكن إقامتهم وطرق تحركاتهم متفرقة ، فمنهم المقيم المستخفي في بيته بين أهله وولده ، ومنهم المسافر المتنقل بين المدن أوالدول ، والذي لا يكاد يقر حتى يرتحل ، ومنهم المرابط المتربص بعدوه في جبهة من جبهات القتال ، ومنهم من له غارات متكررة عليهم ، أواشتباكات مستمرة معهم ، سواء في ساحات الجهاد المفتوحة أو الطارئة العابرة ، كما أن منهم من يقتضي عمله قلة الحركة مع حصرها في محيط إقامته ، والعكس أيضاً يقع ، وبداهة يختلف ذلك ضيقاً وسعة ، وبعد هذا كله هناك من ليس له أية صلة عملية بأحد من المجاهدين ، إلا أن الاعتقال يشمله عبر حملة عامة عارمة يداهم فيها الصليبيون وأعوانهم قريته أو ناحيته بحثاً عن المجاهدين ، وتنقيبا عن مخابئهم ، وتتبعاً لطرق إمدادهم ، أو يكون ذلك إثر عملية عسكرية خاطفة يتعرض لها العدو في طريق من طرقاتهم ، أو مركز من مراكزهم ، فلا يجدون ما يذهبون به غيظهم ، ويعبرون به عن حنقهم ، إلا التهام الماشي والقاعد ممن كتب عليهم أن يوافق وقوعُ العملية وجودَهم قرب مكانها ، ولن يشفع له آنذاك وعند ثوران غضبهم وردة فعلهم كونُه من أعوانهم أو عملائهم.
ومما يؤثِّر في صورة الاعتقال وكيفية التعامل مع المعتقل ابتداء تفاوتُ معلومات الكفرة الصلبيين وأعوانهم عن أشخاص المجاهدين ، ومعرفة أعيانهم ، بحيث يكون الطلب لبعضهم ملحاً ، والاهتمام بهم ورصد حركتهم أكبر، وعلى ضوء ذلك تكون معلومات العدو عنهم مسبقة ، وملفاتهم إلى حد ما جاهزة ، وتصنيف درجة خطورتهم مهيئة ، فهذه المعطيات جميعها يكون لها دور مباشر وفعلي في كيفية التعامل مع الأخ ، وتحديد مستوى القسوة والشدة التي سيُتعامل بها معه أول ما يقع في الأسر ، وبكل هذه الأحوال وعلى أصناف هذه الصور – وغيرها - وقعت اعتقالات المجاهدين أو من لهم علاقة بهم ، أو ممن يُظن بهم ذلك.
ومن الملاحظ أن أكثر الذين تم أسرهم من المجاهدين – لا سيما من غير الأفغان – كان على أيدي المرتدين من الدول الداعمة للأمريكان سراً أو جهراً ، وذلك لدوام توقع المواجهة بين المجاهدين وبينهم ، وعدم استسلامهم المباشر لهم ، والاستماتة في قتالهم ، مما قد يفضي إلى وقوع قتلى أو جرحى في صفوف قواتهم ، فهؤلاء المرتدون يعدون – وهم كذلك حقاً - درعاً واقياً وحصناً مانعاً لدفع أدنى خطر يهدد حياة الرجل الأمريكي ذي الدم النفيس !! ، فلسان حالهم يقول لأسيادهم [نحورنا دون نحوركم] ، [ونفوسنا لنفوسكم الفداء] ، ولذا فعند لحظات الاعتقال الأولى لا تسمع للأمريكان حساً ولا همساً ولا ركزاً ، حتى يقع الأخ المجاهد في أيدي المرتدين ، وتوضع القيود في يديه ورجليه ، وتعصب عيناه ، ويُستوثَق من انعدام أية رائحة للخطر قد تكدر الموقف ، عندها – وعندها فقط – يدخل الرجل الأمريكي دخول الفاتح المنتصر المتبجح المختال ، وقد يبقى الأخ المجاهد بيد المرتدين يوماً أو يومين ثم يسلم إلى أهل الصليب ، إن لم يكن ذا أهمية لديهم ، أو لم تكن المعلومات الأولية المعرِّفة به متوفرة مسبقاً.
هذا ولم يتورع أو يتردد الأمريكان في التعامل المباشر مع عصابات المافيا وجماعات قطاع الطرق الإجرامية في عقد صفقات مالية لنصب الكمائن المفاجئة والمباغاتات الخاطفة للقبض على بعض المجاهدين الذين يكونون تحت المراقبة والمتابعة والرصد ، كما وقع هذا في بعض الدول المتفلتة – حيث لا رقيب ولا حسيب – كالصومال ، أو الضعيفة المتسولة كبعض الجمهوريات السوفيتية السابقة وبالأخص جورجيا.
بل إن الأمريكان أنفسهم استخدموا هذا الأسلوب – أسلوب قطع الطريق – كما حصل لأحد الأخوة الألمان ، حيث كان مسافراً من مدينة إلى أخرى بسيارته الخاصة ، ففوجئ بوجود حاجز مؤقت وسط الطريق ، فما إن وقف وقوفاً اعتيادياً كما هو الحال عند أي حاجز حتى وجد (عصابة) من ممثلي الهوليود ، يقتحمون سيارته ويشدون يديه ورجليه بالقيود ، ويعصبون عينيه ويدخلون رأسه في الكيس ، ثم أخذْه إلى سيارة جاهزة ، ومن ثم إلى مطار مجهول فما فتح عينيه بعدها إلا في غرفة ضيقة قذرة في سجن من سجون كابل ، وسرْد قصة هذا الأخ تحتاج إلى كتاب خاص بها يحكي فصولها ، ويبين ضعة وانحطاط وخسة هؤلاء القوم في تعاملهم مع أي مسلم فضلاً عن مجاهد يناصبهم ويناصبونه العداء مجاهرة.
هذا وتعتبر باكستان في رأس قائمة الدول التي قدمت أجهزة أمنها المختلفة دعماً مطلقاً ، ووقفت وقوفا جاداً مع الأمريكان في مطاردة المجاهدين وملاحقتهم ، واستنفار الدولة استنفاراً عارماً في حملاتها ضدهم ، حيث قامت – ولا زالت - بدور مستميت مستخذ لم يطمع أو يطمح ساسة أمريكا في نيل ما هو دونه بكثير، فشملت حملاتها المسعورة المخزية – زيادة على عموم المجاهدين - كباراً من القادة العرب والأفغان وغيرهم ، نسأل الله أن يعجل بفك أسرهم ، وأن ينتقم لهم من عدوهم ، حتى أن أفغانستان – وهي ساحة المعركة الأولى – لم يعتقل فيها من المجاهدين العرب والأفغان وكوادرهم كمثل الذين اعتقلوا في باكستان إلا أخيراً ، حيث أصبحت حملات الاعتقالات عشوائيةًًً ، يكون ضحيتها غالباً عوام الناس الضعفة ممن لا ناقة لهم في الأمر ولا جمل.
على كل حال فأول ما يسلم الأخ المجاهد إلى الأمريكان من قبل أعوانهم يتم – غالباً – التعامل معه بقسوة وشدة ، وبصور أشبه ما تكون باستعراض القوة ، إظهاراً للشماتة ، وكسراً للعزة التي يحملها المجاهد بين جنبيه ، وإمعاناً في الإذلال ، وغرساً للرعب والفزع في قلبه ، ليكون وقع الصدمة الأولى مفتاحاً لانهيار نفسي ربما يقع فيه الأخ المجاهد مما قد يدفعه للاعتراف بكل شيئ ، والأقرار بما يعرفه وما لا يعرفه ، وتتمثل تلك الأجراءات القهرية في :
1. فك القيود البدائية من يديه ورجليه ، واستبدال القيود البلاستيكية ذات الآلام القاسية بها ، وشدها إلى أقصى حد ، مع العلم أن هذه القيود يزداد ضغطها وانشدادها على الأيدي والأرجل كلما تحرك المقيد بها ، ويتم ذلك الاستبدال بصورة مفاجئة وسريعة وقاسية ، حيث يكون المجاهد عند التسليم والاستلام معصوب العينين ، لا يعرف ما يدور حوله ، ولا يدري إلى أين يُساق ، ولا ما يراد منه ، وغالباً ما يتم في مثل هذه الحالة تقييد الأيدي خلف الظهر، مما يسبب للأسير آلاماً قاتلة في مفاصل كتفيه.
2. تمزيق كل ما عليه من الملابس الداخلية والخارجية بآلات حادة ، وتركه عارياً متكشفاً لا شيئ يواريه أو يستره ، وذلك مع إلقائه على الأرض بشكل عنيف ، مصحوباً فعلهم هذا بصراخهم وصخبهم ووضع أرجلهم والضغط بها على الرقبة والظهر والرأس وسائر أعضاء الجسم الكسيف ، وفي هذه المرحلة يتم كشف العينين ونزع اللاصق عنهما بعنف ، حتى تحسب أن شعر الحواجب سينخلع معه ، فلذا فإن نزعه لا يتم رأفة أو رحمة بالأسير – فهيهات هيهات - بل لكسر عزته ، وتمريغ أنفته كي يرى نفسه وهو في تلك الحالة البئيسة بين ذلك الحشد من المجان المستهزئين ، وهذه اللحظة غالباً ما تكون أشد اللحظات على الأخ الأسير، حيث يستيقن ولا يكاد يخالجه أدنى شك – وبسبب ما يسمع ويرى – أنه معرض لانتهاك عرضه من قِبلهم.
3. الشروع في التفتيش التام والدقيق لجسم الأسير العاري كاملاً ، بدءاً من تحت شفار العينين ، مروراً بالأذنين والأنف والفم ، ووصولاً إلى فتحة الشرج والفرج ، مع استخدام (الكشاف) لإضائة المناطق المظلمة التي قد تخفي في ظلمتها القاتمة شيئاً من الأسلحة ، أوالمتفجرات ، أو السموم ، أوالأجهزة المحظورة والخطيرة!! ،وهذا كله مع الصراخ المستمر ، والاستهزاء المهين ، والعبث القذر، وربما كان ذلك – وكثيراً ما يقع - بحضور بعض النساء اللاتي يرمين بأبصارهن وبكل صفاقة متمعنات في جسم الأخ الأسير من منبت شعر رأسه إلى أخمص رجليه.
4. يتم تصوير الأسير وهو على هذه الحال ومن جميع الجهات ـ أمام خلف يمين يسارـ وتؤخذ منه بصمات يديه ، وعينة من ريقه وشعرات من لحيته تنتف نتفاً.
5. وفي لحظة الذعر والهول هذه والتي يعيشها الأسير تفك عنه القيود كي يتمكنوا من أن يُلبسوه (حفاظة بمبرس) ونوعاً من الملابس الرياضية الضيقة ، ومن ثَم تعاد إليه القيود من جديد وبنفس الطريقة والفظاظة ، ثم يجر جراً إلى زنزانته المنفردة ، أو ينقل إلى الطائرة إن كانت مسافة نقله بعيدة أو طريقها خطرة ، ليبدأ رحلة معاناة وآلام جديدة داخل الطائرة هي أشد وأمر مما رآه وذاقه ، فعند سلم طائرة الشحن العسكرية يُستقبل الأسير المكبل من قبل (المُضِيفين) لإعادة نفس الإجراءات سالفة الذكر، من تمزيق الملابس ، والإلقاء على أرضية ، الطائرة والتفتيش التام ، والإكساء بحفاظة وملابس أخرى ، وشد القيود على الأرجل والأيدي ، وربط العينين بلاصق قوي ، وإدخال الرأس والوجه والعنق في غطاء بلاستيكي ضيق تنقطع معه الأنفاس ، ثم يُسحب الأسير بقوة وغلظة وأصوات المحركات تخرق أذنيه خرقاً حتى يوضع على أحد جنبي الطائرة - وربما في وسطها - فيجلسونه ناصباً ركبتيه وهما مضمومتان إلى بطنه وملتصقتان بها أشد الالتصاق ثم تُجعل يداه حولهما وتُلف يداه ورجلاه وظهره جميعاً بشريط لاصق قوي لا يستطيع معه الحركة إطلاقاً ، هذا مع آلام القيود البلاستيكية المحكمة والتي يشعر أنها تقطع أعصاب يديه ورجليه ، وكلما رام الحركة والتنفيس عن نفسه قليلاً زادته القيود إحكاماً وآلاماً ، فيبقى على هذه الهيئة محنطاً يصارع آلامه التي لا يجد عنها حولاً طوال الرحلة التي لا يَعرف منتهاها زماناً ولا مكاناً ، وعلم الله أنني لا أذكر ألماً وشدة جسدية مررت بها في حياتي كلها مثل الذي لقيته عند نقلي أنا وأحد إخواني – فك الله أسره - من كراتشي إلى كابل حيث كنت أدعو وبإلحاح أن يُسقط الله الطائرة لأستريح مما أعانيه ، وكذا أخبرني أكثر الأخوة الذين لقيتهم في السجن ممن نقلوا من دولة إلى أخرى بعد اعتقالهم أنهم كانوا يدعون الله بالدعاء نفسه ، وقد رُحل إخوة عدة إلى أفغانستان وبهذه الطريقة الفظيعة من دول كثيرة من العالم ، فبعضهم من باكستان من (كراتشي ـ إسلام آباد ـ بيشاورـ كوهات) حيث تستغرق الرحلة ثلاث أو أربع ساعات ، وبعضهم من أندونيسيا ، وجيبوتي ، وتايلند ، وجورجيا ، وألمانيا ، والمغرب ، وموريتانيا، ومصر، والإمارات وغيرها.
6. ما إن تحط الطائرة على أرض المطار المجهول حيث ينتظر الأسير تلك اللحظة بفارغ الصبر ظناً منه أنه سينال قسطاً من الراحة حتى يُسرع إليه الزبانية بغلظتهم وفظاظتهم وجرجرتهم ليُسلموه إلى زبانية مثلهم إما من الأمريكان أو أنصارهم المرتدين وذلك حسب السجن الذي سيقبع فيه ليقضي فترة تحقيقه الأولية ، أو يكون وجوده في هذا السجن عابراً (ترانزيت) لا يستغرق إلا بضعة أيام وربما ساعات ثم يعاد مسلسل النقل نفسه إلى جهة أخرى وهكذا دواليك.
ثانياً : بعض صور التعذيب النفسي والجسدي التي يتعرض لها الأسرى :
قبل الشروع في ذكر صور التعذيب التي تعرض ويتعرض لها إخواننا الأسرى في سجون عباد الصليب المتفرقة ننبه إلى أن وجود هذه الصور شائع بين إخواننا ومفرق عليهم ومقسم بينهم ، بحيث لا يعني ذكرها وتعدادها أن كل واحد منهم قد تعرض لجميع ما نذكره منها ، بل حظهم منها متفاوت حسب حال كل واحد منهم وتصنيف الصليبين له وما يظنون أنه يحمله من المعلومات يريدون استخراجها منه ، أو قضايا يطالبونه بالإقرار والاعتراف بها ، كما أن ما نذكره من تلك الصور ليس حصراً لها ولا إحاطة بها ولا ذكراً لجميعها بل نقتصر فيه على ما علمناه منها بالخبر اليقين مع علمنا القطعي أن ما غاب عنا وخفي علينا أكثر ، إذ أن الصليبين لا يفتئون يقولون في كل حين للأخ الأسير وهم يعذبونه [إنك لم تر شيئاً بعد] وأحسب أنهم صادقون في ذلك ، كما ننبه أيضاً على أن صور التعذيب التي سنذكرها ليست محصورة فقط فيما يقوم به الصليبيون أنفسهم مما يشرفون عليه من سجونهم إشرافا مباشرا ، بل كثير من هذه الصور يقع بأيدي المرتدين التابعين لهم في دول شتى وسجون متعددة من العالم كمصر والأردن والإمارات وغيرها ، ولا يعني أن صور التعذيب هذه موجودة بكاملها في كل سجن من سجون الصليببيين أو أعوانهم بل لكل سجن منها نصيب وحظ وحسبنا الله ونعم الوكيل.
1. تعليق المعتقل وهو عار تماماً في السقف من اليد الواحدة أو الثنتين لأوقات طويلة قد تستمر أسبوعاً أو أسبوعين مع منعه من الطعام وإجباره على شرب كميات متواصلة من الماء حتى يضطر إلى طلب الخلاء فيمنع من ذلك فلا يجد سبيلاً إلا البول على نفسه وهو على تلك الحال.
2. ضرب المعتقل بالعصا وهو على الحالة المذكورة أعلاه ضرباً مبرحاً يشمل أعضاء جسمه كافة لا سيما الظهر، كما أنهم يستخدمون طريقة أخرى للضرب وذلك بقرن رجليه مع بعضهما (الفلقة) ثم الضرب المتواصل عليهما حتى تدمي وتتقرح وتصيبها الجروح العميقة ، فيُصَب عليها الماء والملح ويؤمر المعتقل بعدها بالجري المستمر في ساحة كبيرة مفتوحة فيكون ذلك سبباً في آلام لا توصف ، وإن حاول التوقف أو التريث بسببها صبت عليه الضربات صباً من قبل الجلاد الذي يلاحقه ويطارده (وأكثر ما يقع هذا في سجون المرتدين التابعة للصليبيين كالأردن) ، وكذلك طريقة الضرب العشوائي الهمجي واللكمات المتواصلة على الوجه والرأس والصدر ، وضرب الرأس بقوة وعنف على الجدار مما يؤدي – وكذلك وقع لعدد من الأخوة – لإحداث نزيف في المخ ، وتورمات وتشويهات في الوجه ، وكسر غضروف الأنف وبعض أصابع اليدين.
3. استخدام الماء البارد في فصل الشتاء القارص وذلك بعدة طرق : منها سكب كميات كبيرة منه على الأخ بصورة مفاجئة ومتكررة ، وهو في ملابسه والقيود في يديه ورجليه مع الخنق الشديد بالأيدي والركل والضغط بالأرجل على سائر الجسم ، ومنها : استخدامه في غسلهم للأخ العاري بأيديهم التي تطوف على جسمه كاملاً ، ثم إرجاعه إلى زنزانته الإسمنتية المظلمة وهو على تلك الحال فيترك فيها يرتعش بلا غطاء ولا فراش ، ومنها : ملأ (البرميل) بالماء البارد وإدخال الأخ العاري داخله وإغراقه فيه حتى الاختناق ومعاينة الموت ، وهكذا مراراً ، حتى أن بعض إخواننا – ثبته الله – كان يصرخ ويقول [يا الله يا الله يارب يا رب ...] ، فكانوا يردون عليه بسخرية قائلين [دع ربك يأتي لينقذك] فسبحان الحليم الحكيم !! ، ثم يعاد الأخ إلى زنزانته الإسمنتية الباردة وهو يرتجف ويصطفق ليُترك فيها على حالته تلك ، فراشه الإسمنت ، وغطاؤه الإسمنت ، ولحافه الظلام الدامس ، ومنها : ملأ ثلاثة أرباع وعاء بلاستيكي كبير ومرن (كيس) بالماء وإدخال المعتقل به ، ثم إغلاقه عليه إغلاقاً محكماً وتركه يتخبط بداخله ، بحيث كلما تحرك قليلاً بحثاً عن الهواء داهمته أمواج المياه التي يَشرق بها حينما تدخل فمَه وأنفًه بقوة وهلم جرا ، ومنها : وضع الأخ داخل زنزانة ضيقة جداً (1م×1م) تحتوي على كشاف ضوئي كبير وقوي وساخن مسلط على الأخ المعتقل وموجه نحوه ثم تشغيله حتى إذا اكتوى الأخ منه وبدأ العرق يتصبب من جسمه وصارت الغرفة كلها جحيماً متأججاً فُتِح عليه الماء البارد فجأة عبر ماسورة ضغط قوية موجهة عليه ، فلا ملجأ ولا ملاذ له منها ، إذ تكون في سقف تلك الغرفة الضيقة ، ويستمر الحال على هذه الصورة المتبادلة مرة بمرة أياماً (وهذا موجود بالسجن الذي أنشأ في مقر الإمارة ببيت الملا محمد عمر بقندهار).
4. تقييد اليد الواحدة في الجدار بقيد قصير وعلى مسافة ارتفاعها 60 سنتمتراً من الأرض ، فيبقى على هذه الحال مدة قد تصل إلى ستة أشهرأو أكثر ، ولا تفك إلا عند نقله للتحقيق ، فلا ينام ، ولا يضجع ، ولا يقف ، ولا يجلس إلا ويده مشدودة إلى الجدار ، فيضطر إلى استعمال يده الأخرى فقط في أكله وشربه وحاجته ، حيث يكون مكان قضاء الحاجة عبارة عن (سطل) يوضع بجانبه ويُبدل كل 24 ساعة ، مع العلم أن الأخ المعتقل قد يبقى عارياً وعلى هذا الوضع أكثر المدة التي يقضيها في هذه الزنزانة الحالكة ، ومن الصور أيضاً تقييد اليدين مع بعضهما بقيد ضيق ولمدة طويلة قد تصل إلى ستة أشهر.
5. وضع الأخ داخل تابوت خشبي ضيق تفوح منه رائحة كريهة جداً تؤدي إلى كثرة التقيؤ والغثيان ، ثم إغلاقه عليه بصورة محكمة ، وتركه يتخبط ويختنق ويتقيأ بداخله ساعات طويلة.
6. انتهاك أعراض بعض المعتقلين بارتكاب فاحشة قوم لوط بهم ، والتهديد بها لبعضِ آخرين بالتحرش المستمر ، واستخدام الكلام الفاضح الفاحش البذئ ، كما أن بعض الأخوة تم اعتقالهم في منازلهم حيث كانوا مقيمين مع زوجاتهم وأولادهم فانفصلوا عنهم من لحظات الاعتقال الأولى ، فمن حينها لا يعرف الأخ الأسير ما هو مصير أهله وأبنائه ؟ وهل هم معتقلون معه أم لا؟ فيستغل الصليبيون ذلك بإعلامه والتأكيد له أن أهله وأبناءه عندهم وفي قبضتهم وأنهم سينتهكون – أو انتهكوا - أعراضهم ، وأنهم سيأخذون أبناءه إلى دول إباحية وبيئات فاسدة وأماكن مجهولة ليقوموا بتربيتهم وتنشئتهم كما يشاؤون ، فيصبح الأخ في عذاب نفسي وصراع داخلي لا يعلم قدره إلا الواحد الأحد ، ولا ينفك عنه ذلك إلا حينما يعرف مصير أهله الحقيقي عن طريق بعض السجناء الجدد ممن يعرفهم.
7. الصعق بالكهرباء العالية في المناطق الحساسة من الجسم ، وترك السجين في غرفة إنفرادية مقطوعاً عن العالم انقطاعاً تاماً ولمدة طويلة.
ثالثاً : بعض السجون التي يستخدمها الصليبيون وصفاتها وأماكنها.
يمكن تقسيم السجون الصليبية باعتبار المشرفين عليها إلى ثلاثة أقسام
الأول : ما يشرف عليه الصليبيون أنفسهم إشرافاً مباشراً حراسة وخدمة وتحقيقاً وتعاملاً مع السجناء (مثل بغرام ، وغوانتنامو ، وسجن مطار قندهار وغيرها)
الثاني : ما يكون تحت قوانينهم ومتابعتهم عموماً إلا أن خَدَمتَه وحرسه هم من عملائهم المرتدين ، فهؤلاء يوكل إليهم الاحتكاك بالسجناء والتعامل معهم بضوابط محددة يضعها لهم الصليبيون مع المراقبة المستمرة والتنبيهات المتكررة خشية أن يؤدي ذلك إلى تعاطفهم معهم أو تسريب معلومات عنهم ، وذلك مثل (سجن الظلام "سجن التعذيب" بكابل ، وسجن بنشير ، وبعض السجون المتفرقة في مدينة كابل وغيرها)
الثالث : سجون تكون تحت إشراف المرتدين قلباً وقالباً ، فما على الصليبيين إلا تسليم بعض المعتقلين إلى دول عميلة لهم لاستجوابهم واستخراج المعلومات منهم بالطرق التي يراها جلادوها والكيفية التي يختارونها ، ومن ثَم إعادتهم إلى الصليبيين ، فيكون التحيقيق والتعذيب والخدمات العامة والإشراف الكلي كله بيد المرتدين وفي دولتهم ، بحيث يتعامل المرتدون معهم تماماً كما يتعاملون مع سجنائهم المحليين ، وذلك مثل سجون (الأردن ، مصر ، الإمارات ، المغرب وغيرها).
فأهم السجون التي يستخدمها الصليبيون في العالم هي :
1. سجن الظلام أو سجن التعذيب كما يسميه الأخوة السجناء ، وهو من أشهر سجون الأمريكان بين المعتقلين العرب وإخوانهم ، وذلك لفظاعته وتنوع أساليب التعذيب الجسدي والنفسي بداخله ، وإن كان الكثير من المجاهدين وغيرهم من المسلمين خارج السجن لا يعلمون عنه شيئاً ، وربما لم يسمعوا به أصلاً ، ولا لوم عليهم في ذلك ولا تثريب ، إذ أن السجن يحاط بسرية تامة ويُلف بتكتم صارم.
يقع سجن الظلام بمطار مدينة كابل عند رأس مدرج الطائرات ، وهو عبارة عن (هنكر) كبير تقع بداخله غرف إسمنتية مساحتها (3م×3م تقريباً) ذات باب حديدي قوي به فتحة مستطيلة من أسفل لإدخال الطعام وغيره ، وليس للغرفة أية نافذة أخرى يعتد بها ، ويفصل بين كل غرفة وأخرى مسافة طولها متران تقريباً ، وذلك لمنع السجناء من الحديث مع بعضهم ، إذ أن الكلام ممنوع بينهم .
يوجد أمام باب كل غرفة (اسبيكر) ضخم تدوي منه موسيقى صاخبة تهتز معها الجدران طوال الوقت ، بعضها غربية ، وبعضها عربية ، وأحياناً تكون أغاني مركبة ومدبلجة ، يُسب فيها قادة المجاهدين بأسمائهم ، ويُستهزء في بعضها بدين الإسلام والمسلمين ، وتبجل فيها أمريكا وإسرائيل ، وكل سجين باللغة التي يتكلم بها ويفهمها (عربي ، بشتو ، سويحلي ، أندنيسي ، وغيرها) ، وقد يبقى الأخ داخل هذا السجن سنة كاملة ، أو ستة أشهر ، أو تسعة ، حسب حاله وانتهاء التحقيق الأولي معه.
تقدم للسجين وجبة واحدة لا تسد الرمق ولا تُقيم الصلب كل يومين أو يومين ونصف ، كما أن مياه الشرب تفوح منها رائحة كريهة كرائحة المجاري ، مع العلم أن الغرفة مظلمة تماماً بحيث لو وضع السجين أصبعه بين عينيه لما أمكنه رؤيته.
والقائمون على خدمة السجناء هم أفغان مقنعون بقناع لا يبدو منه إلا أعينهم ، ولا يسمح لهم بالتحدث مع السجناء بتاتاً إلا بالإشارات فقط ، وأكثر من يؤتى به إلى هذا السجن هم العرب وغيرهم المنتمون إلى تنظيم القاعدة أو يظن أن لهم علاقة بهم وكذلك بعض قادة طالبان والحزب الإسلامي.
ونظراً لاشتداد سوء الأحوال وترديها داخل السجن وبلوغها حداً لا يطاق ، قام الأخوة السجناء بمظاهرات داخل الغرف بالتهليل والتكبير وضرب الأبواب بشدة ، وسب العمال ، ثم الإضراب عن الطعام لمدة طويلة مطالبين بإصلاح الوضع ، وقد استجاب الأمريكيون لكثير من مطالبهم لا سيما تحسين وضع الطعام وإبدال الموسيقى الصاخبة بين الحين والحين بما هو أهون وأخف منها كأصوات لأمواج البحر وزقزقة العصافير ، وقاموا بإعطاء ساعة أذان لكل سجين ، وفتحت الأضواء في الغرف لكثير من السجناء ، وأكثر من شملهم هذا الترتيب هم من الأخوة الذين طال مكثهم بسجن الظلام.
وقد زعم الصليب الأحمر أن الأمريكان أعطوهم تأكيدات قطعية بأن (سجن الظلام) قد تم إغلاقه ونقل كل من فيه من السجناء ، إلا أن الصليب الأحمر يقول لديه معلومات تفيد بأن الأمريكان قاموا بفتح سجن مماثل لسجن الظلام إما في (أزبكستان) أو (كردستان العراق) ، مع العلم أن منظمة الصليب الأحمر كانت ممنوعة من زيارة سجن الظلام بكابل ، بل لم يكن لديهم أية معلومات عن وجوده أصلاً إلا بعد أن التقوا بعض السجناء الذين أُخرجوا منه ونقلوا إلى سجون أخرى أكثر انفتاحاً.
ويوجد سجن مماثل لسجن الظلام داخل قاعدة بغرام إلا أنه أكثر ما يستعمل ضد السجناء الأفغان وهو على كل حال أهون بقليل من سجن الظلام.
2. سجن في مركز إمارة أفغانستان الإسلامية سابقاً وهو مقر أمير المؤمنين الملا محمد عمر حفظه الله بقندهار ، وهو يشبه سجن الظلام في كل ما ذكرناه ، وأكثر من يعتقل فيه هم من الطالبان ، ويشرف على هذا السجن ويقوم بخدمة السجناء فيه الأمريكان أنفسهم.
3. سجن بغرام وهو أكبر سجون أفغانستان وأشهرها وأكثرها تحصيناً، بل ربما يعد السجن الثاني من سجون الصليبيين التي استخدموها في حملتهم العامة ضد المجاهدين بعد سجن غوانتنامو من حيث عدد السجناء وخضوعه للإشراف المباشرمن قبل القوات الأمريكية .
يقع السجن في قلب قاعدة بغرام الجوية ، وهوعبارة عن صالة كبيرة مسقوفة مساحتها تقريباً (100م×100م) ، كانت في الأصل معدة لأعمال الخراطة أيام الروس فصيرها الأمريكان سجناً كبيراً ، إذ يوجد بداخلها ستة عشر قفصاً حديدياً كل قفص يسع ثمانية عشر سجيناً ، ثم أنشأ بجانبه سجن آخر مماثل له استغرق بناؤه عشرة أشهر، وتم فتحه واستخدامه منذ ثمانية أشهر أي في مطلع السنة الجارية (2005) ، هذا سوى الغرف الإنفرادية التي يحويها سجن بغرام والتي تستخدم للسجناء الجدد في فترتهم الأولى ، أو للعقوبة عند عدم التزام السجين بقوانيين السجن العامة .
في السنوات الأولى من إنشاء سجن بغرام كانت معاملة الجنود الأمريكان للسجناء جد قاسية ، وقوانينهم صارمة ، وعقوباتهم كثيرة ، ومراقبتهم لهم دقيقة حيث كان الكلام بين السجناء ممنوعاً منعاً باتاً داخل السجن ، كما تمنع الصلاة جماعة – مع أن الغرفة مليئة بالسجناء – والوضوء والأذان والتحرك من المكان إلا للخلاء وقضاء الحاجة ، فيبقى السجين على هذه الحالة ساكتاً ساكناً وعيون الجنود ترقبه وتراقبه ، وتحسب عليه كل حركة أو التفاتة ، وهو مع ذلك كله في محل واحد كأنه حي دفن في قبره ، فاستمر الأمر على هذا الحال أمداً ثم تغير الوضع قليلاً إلى الأحسن وذلك بعد أن كثر عدد السجناء ، وانتهى تجهيز الأقفاص التي كان العمل جارياً فيها ، فتم تقسيم السجناء إلى قسمين : قسم سمحوا لهم بالكلام فيما بينهم غير أنه لا يسمح بالتجمع داخل القفص لأكثر من ثلاثة أشخاص ، كما أنه لا يسمح لسجناء قفص أن يتحدثوا إلى قفص أخر، مع بقاء منع الصلاة جماعة والوضوء والأذان ، والقسم الآخر – وأكثرهم ممن لم ينتهِ تحقيقهم – بقوا ممنوعين من الكلام واستمرت القوانين السابقة كلها جارية عليهم ، ثم بعد ذلك – وبعد إحضار عدد من السجناء العرب دفعة واحدة من سجون أخرى – بدأت المشادات بين الأمريكان والسجناء ، وأصبحت المشاكل شبه يومية ، وانطلقت المظاهرات داخل الأقفاص بين الحين والحين ، بالتهليل ، والتكبير ، وسب الجنود ، وسكب المياه عليهم ، والاعتراض على عقوباتهم ، فتجرأ كثير من الأفغان الذين كانوا مكبوتين ومقهورين زمناً طويلاً بتشجيع إخوانهم لهم ، ورؤيتهم لجرئتهم على أعدائهم ، فبعدها وبفضل الله تعالى بدأت كثير من التعديلات والمعاملات تدخل السجن فسمحوا للسجناء بالصلاة جماعة ، والأذان ، والوضوء ، والكلام ، مع تحسين الطعام نوعاً ما وغير ذلك
4. سجن مطار قندهار، وهو نظير سجن بغرام من حيث القوانيين السارية عليه ومن جهة كونه تحت مراقبة الجنود الأمريكان مباشرة ، ويقع السجن وسط مطار قندهار بقرب المدرج ، غير أنه يختلف عن سجن بغرام في كونه يقع في ساحة كبيرة مفتوحة يحيط بها جدار ترابي مرتفع وأسلاك شائكة متداخلة وتحيط به من كل جهة تقريباً خيام وغرف يسكنها الجنود سواء من الأمريكان أو غيرهم ، فهو بذلك أشبه ما يكون بالمعتقلات الجماعية العامة ، وكل المعتقلين في هذا السجن هم من الأفغان وبينهم عدد قليل جداً من الباكستانيين الذين قبض عليهم في منطقة (سبين بولدك) الحدودية ، وقد نقل كل السجناء الذين كانوا فيه إلى سجن بغرام قبل سبعة أشهر تقريباً ، وذلك بعد إكمال بناء سجن بغرام الجديد والذي ذكرناه قبلُ ، ومن ثَم أصبح استخدام سجن قندهار محدوداً ، وما هو إلا محطة مؤقتة لنقل السجين إلى بغرام.
5. سجن (رئاسة2) ، وسجن (رئاسة التحيقيق) كلاهما بكابل ، وسجن (بنشير) الواقع في قلب وادي بنشير الشمالي ، وقد كان مستخدماً من قِبل أحمد شاه مسعود وأتباعه الشماليين ضد أسرى الطالبان ، ثم سُلم للأمريكان أو بيع لهم (كما ذكر لنا بعض السجناء القدامى) ، وبقي الشماليون الذين كانوا يحرسونه ويقومون عليه على حالهم ، إلا أنهم انتقلوا من كونهم تابعين لأحمد شاه مسعود في مهامهم وأعمالهم وتقاضي مرتباتهم إلى غلمان وعبيد للنصارى الأمريكان ، ينفذون أوامرهم ، ويحرسون سجونهم ، ويخدمون سجناءهم ، ويتقاضون المرتبات (100$) من قِبلهم كما قالوا لنا ذلك بأفواههم ، فالسجون الثلاثة المذكورة تابعة للأمريكيين من حيث الإشراف العام وخضوعها لقوانينهم إلا أن القائمين عليها هم من الشماليين.
6. سجون العراق التي لا تكاد تحصى ، حيث يوجد في بغداد سجن مماثل لسجن الظلام الذي ذكرناه قبلاً ويعامل فيه السجناء بقسوة بالغة ، وشدة متناهية ، من ضرب ، وتقييد ، وتعليق ، وموسيقى صاخبة ، وظلام دامس ، وهو خاص بالمجاهدين ، وبعد أن يقضي السجين مدة في هذا السجن ، ينقل إلى أحد السجون الأخرى ، والتي منها سجن أبي غريب والذي يقسم فيه السجناء إلى قسمين ، قسم خاص بالمجاهدين العراقيين أو المتعاطفين معهم من العوام ، وهو الطابق السفلي من السجن ، والقسم الآخر يضم السجناء المجاهدين من الدول الآخرى وهم في الطابق العلوي من السجن ، إلا أن حالهم في هذا السجن أفضل بكثير من حال سجون أفغانستان ، إذ أن السجن عبارة عن صالة كبيرة جداً لها باب رئيسي كبير ، وبداخلها غرف واسعة مفتوحة على بعضها ، وللسجناء كامل الحرية في التزاور والتنقل بين الغرف ، وهم يقيمون صلاة الجماعة والجمعة ، ولديهم دروس ومحاضرات بحسب طاقتهم وقدراتهم ، أما السجون التي يُعتقل فيها البعثيون أتباع صدام حسين فهي أشد وأقسى وقد شاع أمرها وانتشر في وسائل الإعلام المختلفة.
7. سجونهم في الأردن ، ومصر ، والمغرب ، والإمارات ، وأندونيسيا ، وهذه السجون يُسلم إليها كثير من الأخوة الذين تعتبرهم أمريكا من المهمين ، ويقوم بالإشراف على هذه السجون خدمة ، وحراسة ، وتحقيقاً ، وتعذيباً ، المرتدون من أجهزة الأمن والاستخبارات في تلك الدول ، وهي من أشد السجون وأقساها ، وذلك لخبرة القائمين عليها وتمرسهم في التعامل مع المجاهدين خصوصاً والإسلاميين عموماً ، حتى إن المرء ليُخيل إليه – بل هي الحقيقة – أن المشرفين على التحيقيق والتعذيب هم أحرص على استخراج المعلومات ، والحفاظ على أمن أمريكا ومصالحها العالمية من الأمريكيين أنفسهم
8. بعض السجون المتفرقة في دول متعددة من العالم مثل ألمانيا ، وكينيا ، وجيبوتي ، ودولة اليهود ، وسنغافورة ، وتايلند ، وأغلبها يكون استخدامه مؤقتاً أو عابراً ، وأكثرها يقع تحت إشراف الإمريكان أنفسهم ، ومنها ما يكون خاضعاً صورة وظاهراً لأجهزة تلك الدول الأمنية.
9. سجن غوانتنامو ، وهو سجن معروف والمعلومات عنه متوفرة ، والذين خرجوا منه كثير ، وعلى العموم لا تكاد تخلو دولة من الدول من وجود سجن مستخدم من قبل الأمريكان ، لا سيما في الدول التي لها علاقة وطيدة بها مثل باكستان ، أو لديها قواعد عسكرية على أراضيها
أما أوضاع السجون عموماً من حيث ، السماح بأداء شعائر الإسلام ، والنظافة في الملبس، والمأكل ، وتوفير العلاج ، وتيسير سبل العيش ، واتصالات السجين بأسرته وأهله ، ومراسلته لهم ، وإحضار بعض الكتب الإسلامية وغيرها ، ومعاملة الحرس والجنود للسجناء ، والسماح لبعض المنظمات – كالصليب الأحمر – بزيارتهم ولقائهم ، فهي تختلف من سجن إلى سجن ، ومن بلد إلى آخر، ومن سجين إلى سجين ، ومن وقت إلى وقت ، فالملموس أن أحوال بعض السجون حدث فيها كثير من التغيير والتحسين أخيراً إذا ما قورنت بالسنة الأولى والثانية من حملة الأمريكان على المجاهدين ، مع أنها لم تصل إلى المستوى الطبيعي للسجون العالمية ولا قاربته ، فالسجين يشعر في كل حين أنه ليس في حالة طبيعية تستقر فيها أعصابه ، بل لا تكاد أعين المراقبة والتدقيق ترتفع عنه طرفة عين ، وهذا بالنسبة للسجون الكبيرة والمفتوحة كغوانتنامو وبغرام وقندهاروغيرها ، وأما السجون المركزية السرية فحدث عن سوء أحوالها بلا حد ولا عد ، مع أن كثيراً من السجناء لا يعرف مصيرهم ولا أماكنهم حتى الآن ، ومعظم السجون التي ذكرناها لا تستطيع أية منظمة دولية الوصول إليها ولا معرفة أماكنها وما يجري بداخلها أو مقابلة السجناء الذين فيها ، مما يجعلها في دائرة المجهول والله المستعان.
رابعاً : قضايا التحيقيق والمعلومات المهمة التي يبحث عنها الأمريكيون
في الفترة الأولى من بدء النصارى الأمريكان لحملتهم الهوجاء ضد المجاهدين كان هناك عدد من القضايا الرئيسة والمعلومات المهمة التي يجعلها المحققون في أجهزة الاستخبارت الأمريكية في رأس قائمة مطالبهم وأول اهتماماتهم عند القبض على أي شخص جديد ، وذلك بحسب حاله ، ومكان اعتقاله ، وتاريخ القبض عليه ، والدولة التي ينتمي إليها ، ومدى ارتباطه وصلته بقضايا الجهاد واطلاعه عليها ومتابعته لمجريات أحداثها ، ويمكن أجمال النقاط المهمة التي يركز عليها المحققون في :
الأولى : هل هناك أية معلومات عن عمليات جديدة يُعد لها من قِبل المجاهدين ضد المصالح الأمريكية سواء داخل أمريكا أو خارجها ، أو ضد أية دولة لها ارتباطات وثيقة مع دولتهم ، وخاصة الدول التي أعلنت صراحة وقوفها بجانبهم ودعمها لهم في حربهم ضد الجاهدين.
الثانية : أين يختفي الشيخ أسامة بن لادن ، والدكتور أيمن الظواهري ، وبعض قادة تنظيم القاعدة خصوصاً وقادة المجاهدين عموماً ، خاصة بعد بروز بعض القيادات الجديدة على الصعيد الميداني سواء في العراق كالشيخ أبي مصعب الزرقاوي ، أو أفغانستان كالشيخ أبي الليث وعبد الهادي العراقي ، بل إن الأمر تعدى إلى الدول التي تكون جبهات القتال فيها ليس لها أية علاقة بهم لا من قريب ولا من بعيد مثل الشيشان (وهذا السؤال يتعلق غالباً بالسجناء العرب أو من له علاقة واحتكاك طويل بهم)
الثالثة : أين يختفي أمير المؤمنين الملا محمد عمر ، والشيخ جلال الدين حقاني ، وابنه سراج ، وحكمتيار ، وبعض قادة طالبان الآخرين مثل الملا داد الله (وهذا السؤال يوجه في الغالب للأسرى الأفغان وبصورة مركزة)
الرابعة : ما هي مصادر تمويل المجاهدين ، ومن أين يحصلون على الدعم المالي لاستمرار عملياتهم العسكرية ، وما هي الجهات التي تقف وراء ذلك سواء على مستوى الأفراد ، أو المنظمات والمؤسسات ، أو الدول.
الخامسة : الأماكن والمناطق التي يقيم فيها المجاهدون ، وقواعدهم التي يستخدمونها في تدريباتهم وإعدادهم وانطلاقهم ، والطرق التي يتنقلون عبرها في تحركاتهم وأسفارهم.
فهذه النقاط الخمس هي المحور الأساس الذي يدور حوله التحقيق وتتكرر فيه الأسئلة وبصور مختلفة طيلة فترة الاعتقال الأولى والتي قد تستمر سنة كاملة ، ولا يعني ذلك أن التحقيق كله محصور فيها ومقتصر عليها ، بل إن المعلومات التي يُطالَب السجين بالإدلاء بها وذكر تفاصيلها طوعاً أو كرهاً لا تكاد تحصى وبصورة متواصلة ، خاصة بعد أن يتحدد لهم مستوى السجين ، ومدى قربه وبعده من قضايا الجهاد ، وتتوفر لديهم معلومات عنه يُلملمونها من هنا وهناك ، إلا أن النقاط التي أشرنا إليها يمكن اعتبارها قاسماً مشتركاً ، وموضع الارتكاز الذي يتعرض للسؤال عنه أغلب السجناء وبحسب أحوالهم.
فعلى كل حال يمكن تقسيم عموم مجرى التحيقيق والاستجواب بالنسبة للسجين إلى فترتين :
الفترة الأولى : تكون فيها الأسئلة استخباراتية صرفة ، بمعنى أن الاهتمام الأكبر والأول يتركز على تحصيل معلومات تفصيلية وسريعة ، يمكنهم بها وأد أية عملية عسكرية قد يتعرضون لها ، أو على الأقل اتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة للتقليل من خسائرها ، مع التركيز على بقية النقاط التي أشرنا إليها مما يمكن أن يحدد لهم مكان اختفاء أي شخص من قادة المجاهدين ، ومن ثَم السعي في القبض عليه واعتقاله ، وطوال هذه الفترة لا يهتمون كثيراً بكون الشخص يقر ويعترف بأنه ينتمي حقيقة إلى تنظيم القاعدة أو طالبان إلا على جهة أن إقراره بذلك قد يجعله بالنسبة لهم حاملاً لمعلومات مهمة تفيدهم في التعامل مع القضايا التي تُشغل بالهم ، كما أنهم لا يترددون في استخدام أخس الوسائل وأبشعها لاستخراج المعلومات من المعتقل.
الفترة الثانية : إذا قضى السجين فترة طويلة في السجن واستخرجت منه معظم المعلومات المستعجلة والمهمة التي يحملها ، أو أصبحت ليست ذات قيمة كبيرة وذلك لتعلقها بفترة زمنية محدودة تغيرت معها الظروف وصار وجودها – من الناحية العملية – كعدمها ، ينتقل إلى المرحلة الثانية والتي يكون فيها التركيز على أثبات التهم الموجهة إلى الأسير مثل : انتمائه لتنظيم القاعدة ، أو لعلاقته بأفرادها ، أو تدربه في معسكراتها ، أو للقائه الشيخ أسامة ورؤيته له أو لأحد قادة القاعدة أو طالبان ، أو لكونه كان يُعد لعمليات ضد المصالح الأمريكية ، أو لعلمه بها واطلاعه عليها وإن لم يكن مشاركاً فيها ، أو أنه تابع لتنظيم جهادي آخر مما صُنف لديهم ضمن قائمة الجماعات الإرهابية ، أو لكونه مجاهداً ولو لم ينتم إلى جماعة جهادية محددة ، أو أنه متدرب على بعض الأسلحة لا سيما المتفجرات والسموم ، أو لزيارته أفغانستان زمن إمارة طالبان ، أو أنه آوى لديه أو مر على بيته بعض المجاهدين ، أو لدخوله في اشتباك مسلح مع القوات الأمريكية أو بعض عملائها في ساحة من ساحات المعارك مثل أفغانستان أوالعراق.
وهذه الفترة يكون فيها التحيقيق متراخياً ، وتُستخدم فيه طرق الإغراء لاستجلاب الاعترافات من الأسير ، والحرص على أن يُقر بتهمه كلها بمحض إرادته واختياره ، من غير إلجاء ولا إكراه ، ولكن بالمحاورة والمناقشة والإلزامات المعلوماتية والخداع والتزيييف ، بل وبتقديم الوجبات وأنواع المأكولات والأطعمة ، وذلك لأن ملفه في هذه المرحلة يتم تهيئته وتجهيزه من أجل تقديمه للمحاكمة ، وعليه فلا بد أن يكون إقراره بتهمه اختيارياً حتى لا يُفاجئون عند المحكمة برد السجين لتلك التهم وإنكارها والقول بأنها أخذت منه قهراً وقسراً ، فعند إتمام الملف وتضمينه للتهم الموجهة للأخ الأسير يقدم إليه ليوقع على ما فيه.
وبعد ..
فقد كنت عازماً على الاستمرار في كتابة المزيد حول هذا الموضوع ، خاصة فيما يتعلق بمعنويات الأسرى الذين كنا منهم وبينهم ، ونفسيات الجنود الأمريكان حسبما عايشناهم وعرفناهم وخبرناهم ، إلا أني ضربت عن ذلك صفحاً في هذه الوريقات ، وآثرت الاكتفاء بما ذكرت ورأيت الاختصار أولى ، ولأني رأيت أن خروج هذه الأوراق قد يتأخر - إن لم يكن تأخر - عن وقته المناسب ، ولعل فرصة أخرى تتهيأ للكتابة في هذا الموضوع وإعطائه حقه من الإفاضة والتفصيل بما يناسب أهميته والحاجة إليه ، والله الهادي إلى الصواب وإليه المرجع والمآب.
فاللهم ياولي الصالحين ويا مولى المؤمنين أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر.
اللهم اجعل لعبادك المأسورين المقهورين فرجاً عاجلاً ومخرجاً ميسراً وقريباً .
اللهم اربط على قلوبهم ، وأنزل السكينة عليهم ، وأحسن عاقبتهم في أمورهم كلها، إنك سميع عليم ، وصلِّ اللهم على نبيك وآله وصحبه أجمعين وعلى تابعيهم إلى يوم الدين
وكتبه
أبو يحيى
حسن قائد
الأحد 14-شعبان-1426من هجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام
حقيقة ما يجري وراء القضبان في سجون الأمريكان
وما شهدنا إلا بما علمنا
حمداً لمن له الخلق كله ، وله الأمر كله ، نعمه سابغة ، ومننه بالغة ، بيده ملكوت كل شيئ ، وهو يجير ولا يجار عليه ، سبحانه لا نحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه ، لا تدركه الأبصار ، ولا تحيط به الأفكار.
والصلاة والسلام على نبيه المختار ، صلاة دائمة باقية ما تعاقب الليل والنهار ، وآله وصحبه الأئمة الأخيار ، الصادقين الأبرار ، وعلى من تابع هديهم واقتفى أثرهم واستمسك بسنتهم على مدى الأيام وتوالي الأعصار.
وبعد :
فهذه كلمات مختصرات أخطها على عجل محاولاً فيها نقل بعض ما عانيناه مما عايناه بأنفسنا ، أو سمعناه ممن لقينا ورأينا من إخواننا المأسورين الذين كانوا معنا ، أو نقل لنا عن طريق من رآهم من إخوانهم ، راجياً بذلك أداء أدنى أدنى حق من حقوق إخواننا علينا ، ومن ثَم إعطاء صورة واضحة وتصوراً كاملاً لحقيقة ما يجري وارء القضبان ، وما يقع خلف أسوار عباد الصلبان ، مما هو عند الكثيرين من المسلمين كطيف خيال ، أو أضغاث أحلام ، أو وساوس وسنان ، مع التنبيه على أن ذكر قصة عينية أوحادثة معينة لكل ما أشير إليه وأبيِّنه لا يسعه هذا المقام ، ولا يسمح به الوقت حالياً ، فمرامي هنا ليس التقصي والتفصيل والإلمام ، بل الغرض الآن هو مجرد الأشارة ، وهي كافية لكل لبيب ، وذلك بما يؤدي المقصود ويوفي بالمطلوب. والعزم ـ إن شاء الله ـ على استخراج كتاب واف في ذلك ، فما هذه الوراقات إلا كمقدمة قاصرة سابقة تشير إلى بعض جوانب موضوعه ، وتدل على جزء من موضوعه ألقيها بين يدي قادة المجاهدين ، وجنودهم المصابرين ، وأنصارهم المؤيدين ، ممن يحملون همَّ الإسلام حقاً ، وتؤرقهم همومه صدقاً ، ويدركون عظم المسئولية ، ويستشعرون عبء الأمانة ، ليكونوا على علم حقيقي ، ومعرفة جلية بجانب من جوانب معركة الإسلام الكبرى المصيرية التي يخوضها اليوم ، والتي تعددت جبهاتها ، وتنوعت وسائلها ، وترامت ساحاتها ، ومع ذلك فقد اتحد مقصدها ، وتحدد هدفها : {ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا} ، {ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء} ، {ود الذين كفروا لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفســهم ممن بعد ما تبين لهم الحق} ، وكما قال أسلافهم لأسلافنا : {وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا}، فيضعوا بذلك هذا الملف ـ ملف أسارى المسلمين ـ في موضعه اللآئق به ، فيخرجوه من أقبية النسيان ، ويمزقوا عنه أغلفة الطي ، ويميطوا حجب الكتمان ، وفاء لأسود كبلتها القيود ، وحالت دونها أسوار وسدود ، تئن تحت وطأة الضيم ، وتئط تحت ثقل الامتهان ، وتتقلب في جحيم الظلم ، ويثقلها ركام العجز. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وهو المستعان وعليه التكلان
أولا : كيفية الاعتقال
لا شك أن طرق الاعتقال وصور الأسر التي تعرض لها الأخوة المجاهدون في مشارق الأرض ومغاربها تتعدد وتختلف من حالة إلى حالة ، ومن بلد إلى بلد ، وكلها مأساة تردف أختها ، ومصيبة تُنسي سابقتها ، إذ أن أعمال المجاهدين متنوعة ، ومهامهم متفاوتة ، ومواطنهم وأماكن إقامتهم وطرق تحركاتهم متفرقة ، فمنهم المقيم المستخفي في بيته بين أهله وولده ، ومنهم المسافر المتنقل بين المدن أوالدول ، والذي لا يكاد يقر حتى يرتحل ، ومنهم المرابط المتربص بعدوه في جبهة من جبهات القتال ، ومنهم من له غارات متكررة عليهم ، أواشتباكات مستمرة معهم ، سواء في ساحات الجهاد المفتوحة أو الطارئة العابرة ، كما أن منهم من يقتضي عمله قلة الحركة مع حصرها في محيط إقامته ، والعكس أيضاً يقع ، وبداهة يختلف ذلك ضيقاً وسعة ، وبعد هذا كله هناك من ليس له أية صلة عملية بأحد من المجاهدين ، إلا أن الاعتقال يشمله عبر حملة عامة عارمة يداهم فيها الصليبيون وأعوانهم قريته أو ناحيته بحثاً عن المجاهدين ، وتنقيبا عن مخابئهم ، وتتبعاً لطرق إمدادهم ، أو يكون ذلك إثر عملية عسكرية خاطفة يتعرض لها العدو في طريق من طرقاتهم ، أو مركز من مراكزهم ، فلا يجدون ما يذهبون به غيظهم ، ويعبرون به عن حنقهم ، إلا التهام الماشي والقاعد ممن كتب عليهم أن يوافق وقوعُ العملية وجودَهم قرب مكانها ، ولن يشفع له آنذاك وعند ثوران غضبهم وردة فعلهم كونُه من أعوانهم أو عملائهم.
ومما يؤثِّر في صورة الاعتقال وكيفية التعامل مع المعتقل ابتداء تفاوتُ معلومات الكفرة الصلبيين وأعوانهم عن أشخاص المجاهدين ، ومعرفة أعيانهم ، بحيث يكون الطلب لبعضهم ملحاً ، والاهتمام بهم ورصد حركتهم أكبر، وعلى ضوء ذلك تكون معلومات العدو عنهم مسبقة ، وملفاتهم إلى حد ما جاهزة ، وتصنيف درجة خطورتهم مهيئة ، فهذه المعطيات جميعها يكون لها دور مباشر وفعلي في كيفية التعامل مع الأخ ، وتحديد مستوى القسوة والشدة التي سيُتعامل بها معه أول ما يقع في الأسر ، وبكل هذه الأحوال وعلى أصناف هذه الصور – وغيرها - وقعت اعتقالات المجاهدين أو من لهم علاقة بهم ، أو ممن يُظن بهم ذلك.
ومن الملاحظ أن أكثر الذين تم أسرهم من المجاهدين – لا سيما من غير الأفغان – كان على أيدي المرتدين من الدول الداعمة للأمريكان سراً أو جهراً ، وذلك لدوام توقع المواجهة بين المجاهدين وبينهم ، وعدم استسلامهم المباشر لهم ، والاستماتة في قتالهم ، مما قد يفضي إلى وقوع قتلى أو جرحى في صفوف قواتهم ، فهؤلاء المرتدون يعدون – وهم كذلك حقاً - درعاً واقياً وحصناً مانعاً لدفع أدنى خطر يهدد حياة الرجل الأمريكي ذي الدم النفيس !! ، فلسان حالهم يقول لأسيادهم [نحورنا دون نحوركم] ، [ونفوسنا لنفوسكم الفداء] ، ولذا فعند لحظات الاعتقال الأولى لا تسمع للأمريكان حساً ولا همساً ولا ركزاً ، حتى يقع الأخ المجاهد في أيدي المرتدين ، وتوضع القيود في يديه ورجليه ، وتعصب عيناه ، ويُستوثَق من انعدام أية رائحة للخطر قد تكدر الموقف ، عندها – وعندها فقط – يدخل الرجل الأمريكي دخول الفاتح المنتصر المتبجح المختال ، وقد يبقى الأخ المجاهد بيد المرتدين يوماً أو يومين ثم يسلم إلى أهل الصليب ، إن لم يكن ذا أهمية لديهم ، أو لم تكن المعلومات الأولية المعرِّفة به متوفرة مسبقاً.
هذا ولم يتورع أو يتردد الأمريكان في التعامل المباشر مع عصابات المافيا وجماعات قطاع الطرق الإجرامية في عقد صفقات مالية لنصب الكمائن المفاجئة والمباغاتات الخاطفة للقبض على بعض المجاهدين الذين يكونون تحت المراقبة والمتابعة والرصد ، كما وقع هذا في بعض الدول المتفلتة – حيث لا رقيب ولا حسيب – كالصومال ، أو الضعيفة المتسولة كبعض الجمهوريات السوفيتية السابقة وبالأخص جورجيا.
بل إن الأمريكان أنفسهم استخدموا هذا الأسلوب – أسلوب قطع الطريق – كما حصل لأحد الأخوة الألمان ، حيث كان مسافراً من مدينة إلى أخرى بسيارته الخاصة ، ففوجئ بوجود حاجز مؤقت وسط الطريق ، فما إن وقف وقوفاً اعتيادياً كما هو الحال عند أي حاجز حتى وجد (عصابة) من ممثلي الهوليود ، يقتحمون سيارته ويشدون يديه ورجليه بالقيود ، ويعصبون عينيه ويدخلون رأسه في الكيس ، ثم أخذْه إلى سيارة جاهزة ، ومن ثم إلى مطار مجهول فما فتح عينيه بعدها إلا في غرفة ضيقة قذرة في سجن من سجون كابل ، وسرْد قصة هذا الأخ تحتاج إلى كتاب خاص بها يحكي فصولها ، ويبين ضعة وانحطاط وخسة هؤلاء القوم في تعاملهم مع أي مسلم فضلاً عن مجاهد يناصبهم ويناصبونه العداء مجاهرة.
هذا وتعتبر باكستان في رأس قائمة الدول التي قدمت أجهزة أمنها المختلفة دعماً مطلقاً ، ووقفت وقوفا جاداً مع الأمريكان في مطاردة المجاهدين وملاحقتهم ، واستنفار الدولة استنفاراً عارماً في حملاتها ضدهم ، حيث قامت – ولا زالت - بدور مستميت مستخذ لم يطمع أو يطمح ساسة أمريكا في نيل ما هو دونه بكثير، فشملت حملاتها المسعورة المخزية – زيادة على عموم المجاهدين - كباراً من القادة العرب والأفغان وغيرهم ، نسأل الله أن يعجل بفك أسرهم ، وأن ينتقم لهم من عدوهم ، حتى أن أفغانستان – وهي ساحة المعركة الأولى – لم يعتقل فيها من المجاهدين العرب والأفغان وكوادرهم كمثل الذين اعتقلوا في باكستان إلا أخيراً ، حيث أصبحت حملات الاعتقالات عشوائيةًًً ، يكون ضحيتها غالباً عوام الناس الضعفة ممن لا ناقة لهم في الأمر ولا جمل.
على كل حال فأول ما يسلم الأخ المجاهد إلى الأمريكان من قبل أعوانهم يتم – غالباً – التعامل معه بقسوة وشدة ، وبصور أشبه ما تكون باستعراض القوة ، إظهاراً للشماتة ، وكسراً للعزة التي يحملها المجاهد بين جنبيه ، وإمعاناً في الإذلال ، وغرساً للرعب والفزع في قلبه ، ليكون وقع الصدمة الأولى مفتاحاً لانهيار نفسي ربما يقع فيه الأخ المجاهد مما قد يدفعه للاعتراف بكل شيئ ، والأقرار بما يعرفه وما لا يعرفه ، وتتمثل تلك الأجراءات القهرية في :
1. فك القيود البدائية من يديه ورجليه ، واستبدال القيود البلاستيكية ذات الآلام القاسية بها ، وشدها إلى أقصى حد ، مع العلم أن هذه القيود يزداد ضغطها وانشدادها على الأيدي والأرجل كلما تحرك المقيد بها ، ويتم ذلك الاستبدال بصورة مفاجئة وسريعة وقاسية ، حيث يكون المجاهد عند التسليم والاستلام معصوب العينين ، لا يعرف ما يدور حوله ، ولا يدري إلى أين يُساق ، ولا ما يراد منه ، وغالباً ما يتم في مثل هذه الحالة تقييد الأيدي خلف الظهر، مما يسبب للأسير آلاماً قاتلة في مفاصل كتفيه.
2. تمزيق كل ما عليه من الملابس الداخلية والخارجية بآلات حادة ، وتركه عارياً متكشفاً لا شيئ يواريه أو يستره ، وذلك مع إلقائه على الأرض بشكل عنيف ، مصحوباً فعلهم هذا بصراخهم وصخبهم ووضع أرجلهم والضغط بها على الرقبة والظهر والرأس وسائر أعضاء الجسم الكسيف ، وفي هذه المرحلة يتم كشف العينين ونزع اللاصق عنهما بعنف ، حتى تحسب أن شعر الحواجب سينخلع معه ، فلذا فإن نزعه لا يتم رأفة أو رحمة بالأسير – فهيهات هيهات - بل لكسر عزته ، وتمريغ أنفته كي يرى نفسه وهو في تلك الحالة البئيسة بين ذلك الحشد من المجان المستهزئين ، وهذه اللحظة غالباً ما تكون أشد اللحظات على الأخ الأسير، حيث يستيقن ولا يكاد يخالجه أدنى شك – وبسبب ما يسمع ويرى – أنه معرض لانتهاك عرضه من قِبلهم.
3. الشروع في التفتيش التام والدقيق لجسم الأسير العاري كاملاً ، بدءاً من تحت شفار العينين ، مروراً بالأذنين والأنف والفم ، ووصولاً إلى فتحة الشرج والفرج ، مع استخدام (الكشاف) لإضائة المناطق المظلمة التي قد تخفي في ظلمتها القاتمة شيئاً من الأسلحة ، أوالمتفجرات ، أو السموم ، أوالأجهزة المحظورة والخطيرة!! ،وهذا كله مع الصراخ المستمر ، والاستهزاء المهين ، والعبث القذر، وربما كان ذلك – وكثيراً ما يقع - بحضور بعض النساء اللاتي يرمين بأبصارهن وبكل صفاقة متمعنات في جسم الأخ الأسير من منبت شعر رأسه إلى أخمص رجليه.
4. يتم تصوير الأسير وهو على هذه الحال ومن جميع الجهات ـ أمام خلف يمين يسارـ وتؤخذ منه بصمات يديه ، وعينة من ريقه وشعرات من لحيته تنتف نتفاً.
5. وفي لحظة الذعر والهول هذه والتي يعيشها الأسير تفك عنه القيود كي يتمكنوا من أن يُلبسوه (حفاظة بمبرس) ونوعاً من الملابس الرياضية الضيقة ، ومن ثَم تعاد إليه القيود من جديد وبنفس الطريقة والفظاظة ، ثم يجر جراً إلى زنزانته المنفردة ، أو ينقل إلى الطائرة إن كانت مسافة نقله بعيدة أو طريقها خطرة ، ليبدأ رحلة معاناة وآلام جديدة داخل الطائرة هي أشد وأمر مما رآه وذاقه ، فعند سلم طائرة الشحن العسكرية يُستقبل الأسير المكبل من قبل (المُضِيفين) لإعادة نفس الإجراءات سالفة الذكر، من تمزيق الملابس ، والإلقاء على أرضية ، الطائرة والتفتيش التام ، والإكساء بحفاظة وملابس أخرى ، وشد القيود على الأرجل والأيدي ، وربط العينين بلاصق قوي ، وإدخال الرأس والوجه والعنق في غطاء بلاستيكي ضيق تنقطع معه الأنفاس ، ثم يُسحب الأسير بقوة وغلظة وأصوات المحركات تخرق أذنيه خرقاً حتى يوضع على أحد جنبي الطائرة - وربما في وسطها - فيجلسونه ناصباً ركبتيه وهما مضمومتان إلى بطنه وملتصقتان بها أشد الالتصاق ثم تُجعل يداه حولهما وتُلف يداه ورجلاه وظهره جميعاً بشريط لاصق قوي لا يستطيع معه الحركة إطلاقاً ، هذا مع آلام القيود البلاستيكية المحكمة والتي يشعر أنها تقطع أعصاب يديه ورجليه ، وكلما رام الحركة والتنفيس عن نفسه قليلاً زادته القيود إحكاماً وآلاماً ، فيبقى على هذه الهيئة محنطاً يصارع آلامه التي لا يجد عنها حولاً طوال الرحلة التي لا يَعرف منتهاها زماناً ولا مكاناً ، وعلم الله أنني لا أذكر ألماً وشدة جسدية مررت بها في حياتي كلها مثل الذي لقيته عند نقلي أنا وأحد إخواني – فك الله أسره - من كراتشي إلى كابل حيث كنت أدعو وبإلحاح أن يُسقط الله الطائرة لأستريح مما أعانيه ، وكذا أخبرني أكثر الأخوة الذين لقيتهم في السجن ممن نقلوا من دولة إلى أخرى بعد اعتقالهم أنهم كانوا يدعون الله بالدعاء نفسه ، وقد رُحل إخوة عدة إلى أفغانستان وبهذه الطريقة الفظيعة من دول كثيرة من العالم ، فبعضهم من باكستان من (كراتشي ـ إسلام آباد ـ بيشاورـ كوهات) حيث تستغرق الرحلة ثلاث أو أربع ساعات ، وبعضهم من أندونيسيا ، وجيبوتي ، وتايلند ، وجورجيا ، وألمانيا ، والمغرب ، وموريتانيا، ومصر، والإمارات وغيرها.
6. ما إن تحط الطائرة على أرض المطار المجهول حيث ينتظر الأسير تلك اللحظة بفارغ الصبر ظناً منه أنه سينال قسطاً من الراحة حتى يُسرع إليه الزبانية بغلظتهم وفظاظتهم وجرجرتهم ليُسلموه إلى زبانية مثلهم إما من الأمريكان أو أنصارهم المرتدين وذلك حسب السجن الذي سيقبع فيه ليقضي فترة تحقيقه الأولية ، أو يكون وجوده في هذا السجن عابراً (ترانزيت) لا يستغرق إلا بضعة أيام وربما ساعات ثم يعاد مسلسل النقل نفسه إلى جهة أخرى وهكذا دواليك.
ثانياً : بعض صور التعذيب النفسي والجسدي التي يتعرض لها الأسرى :
قبل الشروع في ذكر صور التعذيب التي تعرض ويتعرض لها إخواننا الأسرى في سجون عباد الصليب المتفرقة ننبه إلى أن وجود هذه الصور شائع بين إخواننا ومفرق عليهم ومقسم بينهم ، بحيث لا يعني ذكرها وتعدادها أن كل واحد منهم قد تعرض لجميع ما نذكره منها ، بل حظهم منها متفاوت حسب حال كل واحد منهم وتصنيف الصليبين له وما يظنون أنه يحمله من المعلومات يريدون استخراجها منه ، أو قضايا يطالبونه بالإقرار والاعتراف بها ، كما أن ما نذكره من تلك الصور ليس حصراً لها ولا إحاطة بها ولا ذكراً لجميعها بل نقتصر فيه على ما علمناه منها بالخبر اليقين مع علمنا القطعي أن ما غاب عنا وخفي علينا أكثر ، إذ أن الصليبين لا يفتئون يقولون في كل حين للأخ الأسير وهم يعذبونه [إنك لم تر شيئاً بعد] وأحسب أنهم صادقون في ذلك ، كما ننبه أيضاً على أن صور التعذيب التي سنذكرها ليست محصورة فقط فيما يقوم به الصليبيون أنفسهم مما يشرفون عليه من سجونهم إشرافا مباشرا ، بل كثير من هذه الصور يقع بأيدي المرتدين التابعين لهم في دول شتى وسجون متعددة من العالم كمصر والأردن والإمارات وغيرها ، ولا يعني أن صور التعذيب هذه موجودة بكاملها في كل سجن من سجون الصليببيين أو أعوانهم بل لكل سجن منها نصيب وحظ وحسبنا الله ونعم الوكيل.
1. تعليق المعتقل وهو عار تماماً في السقف من اليد الواحدة أو الثنتين لأوقات طويلة قد تستمر أسبوعاً أو أسبوعين مع منعه من الطعام وإجباره على شرب كميات متواصلة من الماء حتى يضطر إلى طلب الخلاء فيمنع من ذلك فلا يجد سبيلاً إلا البول على نفسه وهو على تلك الحال.
2. ضرب المعتقل بالعصا وهو على الحالة المذكورة أعلاه ضرباً مبرحاً يشمل أعضاء جسمه كافة لا سيما الظهر، كما أنهم يستخدمون طريقة أخرى للضرب وذلك بقرن رجليه مع بعضهما (الفلقة) ثم الضرب المتواصل عليهما حتى تدمي وتتقرح وتصيبها الجروح العميقة ، فيُصَب عليها الماء والملح ويؤمر المعتقل بعدها بالجري المستمر في ساحة كبيرة مفتوحة فيكون ذلك سبباً في آلام لا توصف ، وإن حاول التوقف أو التريث بسببها صبت عليه الضربات صباً من قبل الجلاد الذي يلاحقه ويطارده (وأكثر ما يقع هذا في سجون المرتدين التابعة للصليبيين كالأردن) ، وكذلك طريقة الضرب العشوائي الهمجي واللكمات المتواصلة على الوجه والرأس والصدر ، وضرب الرأس بقوة وعنف على الجدار مما يؤدي – وكذلك وقع لعدد من الأخوة – لإحداث نزيف في المخ ، وتورمات وتشويهات في الوجه ، وكسر غضروف الأنف وبعض أصابع اليدين.
3. استخدام الماء البارد في فصل الشتاء القارص وذلك بعدة طرق : منها سكب كميات كبيرة منه على الأخ بصورة مفاجئة ومتكررة ، وهو في ملابسه والقيود في يديه ورجليه مع الخنق الشديد بالأيدي والركل والضغط بالأرجل على سائر الجسم ، ومنها : استخدامه في غسلهم للأخ العاري بأيديهم التي تطوف على جسمه كاملاً ، ثم إرجاعه إلى زنزانته الإسمنتية المظلمة وهو على تلك الحال فيترك فيها يرتعش بلا غطاء ولا فراش ، ومنها : ملأ (البرميل) بالماء البارد وإدخال الأخ العاري داخله وإغراقه فيه حتى الاختناق ومعاينة الموت ، وهكذا مراراً ، حتى أن بعض إخواننا – ثبته الله – كان يصرخ ويقول [يا الله يا الله يارب يا رب ...] ، فكانوا يردون عليه بسخرية قائلين [دع ربك يأتي لينقذك] فسبحان الحليم الحكيم !! ، ثم يعاد الأخ إلى زنزانته الإسمنتية الباردة وهو يرتجف ويصطفق ليُترك فيها على حالته تلك ، فراشه الإسمنت ، وغطاؤه الإسمنت ، ولحافه الظلام الدامس ، ومنها : ملأ ثلاثة أرباع وعاء بلاستيكي كبير ومرن (كيس) بالماء وإدخال المعتقل به ، ثم إغلاقه عليه إغلاقاً محكماً وتركه يتخبط بداخله ، بحيث كلما تحرك قليلاً بحثاً عن الهواء داهمته أمواج المياه التي يَشرق بها حينما تدخل فمَه وأنفًه بقوة وهلم جرا ، ومنها : وضع الأخ داخل زنزانة ضيقة جداً (1م×1م) تحتوي على كشاف ضوئي كبير وقوي وساخن مسلط على الأخ المعتقل وموجه نحوه ثم تشغيله حتى إذا اكتوى الأخ منه وبدأ العرق يتصبب من جسمه وصارت الغرفة كلها جحيماً متأججاً فُتِح عليه الماء البارد فجأة عبر ماسورة ضغط قوية موجهة عليه ، فلا ملجأ ولا ملاذ له منها ، إذ تكون في سقف تلك الغرفة الضيقة ، ويستمر الحال على هذه الصورة المتبادلة مرة بمرة أياماً (وهذا موجود بالسجن الذي أنشأ في مقر الإمارة ببيت الملا محمد عمر بقندهار).
4. تقييد اليد الواحدة في الجدار بقيد قصير وعلى مسافة ارتفاعها 60 سنتمتراً من الأرض ، فيبقى على هذه الحال مدة قد تصل إلى ستة أشهرأو أكثر ، ولا تفك إلا عند نقله للتحقيق ، فلا ينام ، ولا يضجع ، ولا يقف ، ولا يجلس إلا ويده مشدودة إلى الجدار ، فيضطر إلى استعمال يده الأخرى فقط في أكله وشربه وحاجته ، حيث يكون مكان قضاء الحاجة عبارة عن (سطل) يوضع بجانبه ويُبدل كل 24 ساعة ، مع العلم أن الأخ المعتقل قد يبقى عارياً وعلى هذا الوضع أكثر المدة التي يقضيها في هذه الزنزانة الحالكة ، ومن الصور أيضاً تقييد اليدين مع بعضهما بقيد ضيق ولمدة طويلة قد تصل إلى ستة أشهر.
5. وضع الأخ داخل تابوت خشبي ضيق تفوح منه رائحة كريهة جداً تؤدي إلى كثرة التقيؤ والغثيان ، ثم إغلاقه عليه بصورة محكمة ، وتركه يتخبط ويختنق ويتقيأ بداخله ساعات طويلة.
6. انتهاك أعراض بعض المعتقلين بارتكاب فاحشة قوم لوط بهم ، والتهديد بها لبعضِ آخرين بالتحرش المستمر ، واستخدام الكلام الفاضح الفاحش البذئ ، كما أن بعض الأخوة تم اعتقالهم في منازلهم حيث كانوا مقيمين مع زوجاتهم وأولادهم فانفصلوا عنهم من لحظات الاعتقال الأولى ، فمن حينها لا يعرف الأخ الأسير ما هو مصير أهله وأبنائه ؟ وهل هم معتقلون معه أم لا؟ فيستغل الصليبيون ذلك بإعلامه والتأكيد له أن أهله وأبناءه عندهم وفي قبضتهم وأنهم سينتهكون – أو انتهكوا - أعراضهم ، وأنهم سيأخذون أبناءه إلى دول إباحية وبيئات فاسدة وأماكن مجهولة ليقوموا بتربيتهم وتنشئتهم كما يشاؤون ، فيصبح الأخ في عذاب نفسي وصراع داخلي لا يعلم قدره إلا الواحد الأحد ، ولا ينفك عنه ذلك إلا حينما يعرف مصير أهله الحقيقي عن طريق بعض السجناء الجدد ممن يعرفهم.
7. الصعق بالكهرباء العالية في المناطق الحساسة من الجسم ، وترك السجين في غرفة إنفرادية مقطوعاً عن العالم انقطاعاً تاماً ولمدة طويلة.
ثالثاً : بعض السجون التي يستخدمها الصليبيون وصفاتها وأماكنها.
يمكن تقسيم السجون الصليبية باعتبار المشرفين عليها إلى ثلاثة أقسام
الأول : ما يشرف عليه الصليبيون أنفسهم إشرافاً مباشراً حراسة وخدمة وتحقيقاً وتعاملاً مع السجناء (مثل بغرام ، وغوانتنامو ، وسجن مطار قندهار وغيرها)
الثاني : ما يكون تحت قوانينهم ومتابعتهم عموماً إلا أن خَدَمتَه وحرسه هم من عملائهم المرتدين ، فهؤلاء يوكل إليهم الاحتكاك بالسجناء والتعامل معهم بضوابط محددة يضعها لهم الصليبيون مع المراقبة المستمرة والتنبيهات المتكررة خشية أن يؤدي ذلك إلى تعاطفهم معهم أو تسريب معلومات عنهم ، وذلك مثل (سجن الظلام "سجن التعذيب" بكابل ، وسجن بنشير ، وبعض السجون المتفرقة في مدينة كابل وغيرها)
الثالث : سجون تكون تحت إشراف المرتدين قلباً وقالباً ، فما على الصليبيين إلا تسليم بعض المعتقلين إلى دول عميلة لهم لاستجوابهم واستخراج المعلومات منهم بالطرق التي يراها جلادوها والكيفية التي يختارونها ، ومن ثَم إعادتهم إلى الصليبيين ، فيكون التحيقيق والتعذيب والخدمات العامة والإشراف الكلي كله بيد المرتدين وفي دولتهم ، بحيث يتعامل المرتدون معهم تماماً كما يتعاملون مع سجنائهم المحليين ، وذلك مثل سجون (الأردن ، مصر ، الإمارات ، المغرب وغيرها).
فأهم السجون التي يستخدمها الصليبيون في العالم هي :
1. سجن الظلام أو سجن التعذيب كما يسميه الأخوة السجناء ، وهو من أشهر سجون الأمريكان بين المعتقلين العرب وإخوانهم ، وذلك لفظاعته وتنوع أساليب التعذيب الجسدي والنفسي بداخله ، وإن كان الكثير من المجاهدين وغيرهم من المسلمين خارج السجن لا يعلمون عنه شيئاً ، وربما لم يسمعوا به أصلاً ، ولا لوم عليهم في ذلك ولا تثريب ، إذ أن السجن يحاط بسرية تامة ويُلف بتكتم صارم.
يقع سجن الظلام بمطار مدينة كابل عند رأس مدرج الطائرات ، وهو عبارة عن (هنكر) كبير تقع بداخله غرف إسمنتية مساحتها (3م×3م تقريباً) ذات باب حديدي قوي به فتحة مستطيلة من أسفل لإدخال الطعام وغيره ، وليس للغرفة أية نافذة أخرى يعتد بها ، ويفصل بين كل غرفة وأخرى مسافة طولها متران تقريباً ، وذلك لمنع السجناء من الحديث مع بعضهم ، إذ أن الكلام ممنوع بينهم .
يوجد أمام باب كل غرفة (اسبيكر) ضخم تدوي منه موسيقى صاخبة تهتز معها الجدران طوال الوقت ، بعضها غربية ، وبعضها عربية ، وأحياناً تكون أغاني مركبة ومدبلجة ، يُسب فيها قادة المجاهدين بأسمائهم ، ويُستهزء في بعضها بدين الإسلام والمسلمين ، وتبجل فيها أمريكا وإسرائيل ، وكل سجين باللغة التي يتكلم بها ويفهمها (عربي ، بشتو ، سويحلي ، أندنيسي ، وغيرها) ، وقد يبقى الأخ داخل هذا السجن سنة كاملة ، أو ستة أشهر ، أو تسعة ، حسب حاله وانتهاء التحقيق الأولي معه.
تقدم للسجين وجبة واحدة لا تسد الرمق ولا تُقيم الصلب كل يومين أو يومين ونصف ، كما أن مياه الشرب تفوح منها رائحة كريهة كرائحة المجاري ، مع العلم أن الغرفة مظلمة تماماً بحيث لو وضع السجين أصبعه بين عينيه لما أمكنه رؤيته.
والقائمون على خدمة السجناء هم أفغان مقنعون بقناع لا يبدو منه إلا أعينهم ، ولا يسمح لهم بالتحدث مع السجناء بتاتاً إلا بالإشارات فقط ، وأكثر من يؤتى به إلى هذا السجن هم العرب وغيرهم المنتمون إلى تنظيم القاعدة أو يظن أن لهم علاقة بهم وكذلك بعض قادة طالبان والحزب الإسلامي.
ونظراً لاشتداد سوء الأحوال وترديها داخل السجن وبلوغها حداً لا يطاق ، قام الأخوة السجناء بمظاهرات داخل الغرف بالتهليل والتكبير وضرب الأبواب بشدة ، وسب العمال ، ثم الإضراب عن الطعام لمدة طويلة مطالبين بإصلاح الوضع ، وقد استجاب الأمريكيون لكثير من مطالبهم لا سيما تحسين وضع الطعام وإبدال الموسيقى الصاخبة بين الحين والحين بما هو أهون وأخف منها كأصوات لأمواج البحر وزقزقة العصافير ، وقاموا بإعطاء ساعة أذان لكل سجين ، وفتحت الأضواء في الغرف لكثير من السجناء ، وأكثر من شملهم هذا الترتيب هم من الأخوة الذين طال مكثهم بسجن الظلام.
وقد زعم الصليب الأحمر أن الأمريكان أعطوهم تأكيدات قطعية بأن (سجن الظلام) قد تم إغلاقه ونقل كل من فيه من السجناء ، إلا أن الصليب الأحمر يقول لديه معلومات تفيد بأن الأمريكان قاموا بفتح سجن مماثل لسجن الظلام إما في (أزبكستان) أو (كردستان العراق) ، مع العلم أن منظمة الصليب الأحمر كانت ممنوعة من زيارة سجن الظلام بكابل ، بل لم يكن لديهم أية معلومات عن وجوده أصلاً إلا بعد أن التقوا بعض السجناء الذين أُخرجوا منه ونقلوا إلى سجون أخرى أكثر انفتاحاً.
ويوجد سجن مماثل لسجن الظلام داخل قاعدة بغرام إلا أنه أكثر ما يستعمل ضد السجناء الأفغان وهو على كل حال أهون بقليل من سجن الظلام.
2. سجن في مركز إمارة أفغانستان الإسلامية سابقاً وهو مقر أمير المؤمنين الملا محمد عمر حفظه الله بقندهار ، وهو يشبه سجن الظلام في كل ما ذكرناه ، وأكثر من يعتقل فيه هم من الطالبان ، ويشرف على هذا السجن ويقوم بخدمة السجناء فيه الأمريكان أنفسهم.
3. سجن بغرام وهو أكبر سجون أفغانستان وأشهرها وأكثرها تحصيناً، بل ربما يعد السجن الثاني من سجون الصليبيين التي استخدموها في حملتهم العامة ضد المجاهدين بعد سجن غوانتنامو من حيث عدد السجناء وخضوعه للإشراف المباشرمن قبل القوات الأمريكية .
يقع السجن في قلب قاعدة بغرام الجوية ، وهوعبارة عن صالة كبيرة مسقوفة مساحتها تقريباً (100م×100م) ، كانت في الأصل معدة لأعمال الخراطة أيام الروس فصيرها الأمريكان سجناً كبيراً ، إذ يوجد بداخلها ستة عشر قفصاً حديدياً كل قفص يسع ثمانية عشر سجيناً ، ثم أنشأ بجانبه سجن آخر مماثل له استغرق بناؤه عشرة أشهر، وتم فتحه واستخدامه منذ ثمانية أشهر أي في مطلع السنة الجارية (2005) ، هذا سوى الغرف الإنفرادية التي يحويها سجن بغرام والتي تستخدم للسجناء الجدد في فترتهم الأولى ، أو للعقوبة عند عدم التزام السجين بقوانيين السجن العامة .
في السنوات الأولى من إنشاء سجن بغرام كانت معاملة الجنود الأمريكان للسجناء جد قاسية ، وقوانينهم صارمة ، وعقوباتهم كثيرة ، ومراقبتهم لهم دقيقة حيث كان الكلام بين السجناء ممنوعاً منعاً باتاً داخل السجن ، كما تمنع الصلاة جماعة – مع أن الغرفة مليئة بالسجناء – والوضوء والأذان والتحرك من المكان إلا للخلاء وقضاء الحاجة ، فيبقى السجين على هذه الحالة ساكتاً ساكناً وعيون الجنود ترقبه وتراقبه ، وتحسب عليه كل حركة أو التفاتة ، وهو مع ذلك كله في محل واحد كأنه حي دفن في قبره ، فاستمر الأمر على هذا الحال أمداً ثم تغير الوضع قليلاً إلى الأحسن وذلك بعد أن كثر عدد السجناء ، وانتهى تجهيز الأقفاص التي كان العمل جارياً فيها ، فتم تقسيم السجناء إلى قسمين : قسم سمحوا لهم بالكلام فيما بينهم غير أنه لا يسمح بالتجمع داخل القفص لأكثر من ثلاثة أشخاص ، كما أنه لا يسمح لسجناء قفص أن يتحدثوا إلى قفص أخر، مع بقاء منع الصلاة جماعة والوضوء والأذان ، والقسم الآخر – وأكثرهم ممن لم ينتهِ تحقيقهم – بقوا ممنوعين من الكلام واستمرت القوانين السابقة كلها جارية عليهم ، ثم بعد ذلك – وبعد إحضار عدد من السجناء العرب دفعة واحدة من سجون أخرى – بدأت المشادات بين الأمريكان والسجناء ، وأصبحت المشاكل شبه يومية ، وانطلقت المظاهرات داخل الأقفاص بين الحين والحين ، بالتهليل ، والتكبير ، وسب الجنود ، وسكب المياه عليهم ، والاعتراض على عقوباتهم ، فتجرأ كثير من الأفغان الذين كانوا مكبوتين ومقهورين زمناً طويلاً بتشجيع إخوانهم لهم ، ورؤيتهم لجرئتهم على أعدائهم ، فبعدها وبفضل الله تعالى بدأت كثير من التعديلات والمعاملات تدخل السجن فسمحوا للسجناء بالصلاة جماعة ، والأذان ، والوضوء ، والكلام ، مع تحسين الطعام نوعاً ما وغير ذلك
4. سجن مطار قندهار، وهو نظير سجن بغرام من حيث القوانيين السارية عليه ومن جهة كونه تحت مراقبة الجنود الأمريكان مباشرة ، ويقع السجن وسط مطار قندهار بقرب المدرج ، غير أنه يختلف عن سجن بغرام في كونه يقع في ساحة كبيرة مفتوحة يحيط بها جدار ترابي مرتفع وأسلاك شائكة متداخلة وتحيط به من كل جهة تقريباً خيام وغرف يسكنها الجنود سواء من الأمريكان أو غيرهم ، فهو بذلك أشبه ما يكون بالمعتقلات الجماعية العامة ، وكل المعتقلين في هذا السجن هم من الأفغان وبينهم عدد قليل جداً من الباكستانيين الذين قبض عليهم في منطقة (سبين بولدك) الحدودية ، وقد نقل كل السجناء الذين كانوا فيه إلى سجن بغرام قبل سبعة أشهر تقريباً ، وذلك بعد إكمال بناء سجن بغرام الجديد والذي ذكرناه قبلُ ، ومن ثَم أصبح استخدام سجن قندهار محدوداً ، وما هو إلا محطة مؤقتة لنقل السجين إلى بغرام.
5. سجن (رئاسة2) ، وسجن (رئاسة التحيقيق) كلاهما بكابل ، وسجن (بنشير) الواقع في قلب وادي بنشير الشمالي ، وقد كان مستخدماً من قِبل أحمد شاه مسعود وأتباعه الشماليين ضد أسرى الطالبان ، ثم سُلم للأمريكان أو بيع لهم (كما ذكر لنا بعض السجناء القدامى) ، وبقي الشماليون الذين كانوا يحرسونه ويقومون عليه على حالهم ، إلا أنهم انتقلوا من كونهم تابعين لأحمد شاه مسعود في مهامهم وأعمالهم وتقاضي مرتباتهم إلى غلمان وعبيد للنصارى الأمريكان ، ينفذون أوامرهم ، ويحرسون سجونهم ، ويخدمون سجناءهم ، ويتقاضون المرتبات (100$) من قِبلهم كما قالوا لنا ذلك بأفواههم ، فالسجون الثلاثة المذكورة تابعة للأمريكيين من حيث الإشراف العام وخضوعها لقوانينهم إلا أن القائمين عليها هم من الشماليين.
6. سجون العراق التي لا تكاد تحصى ، حيث يوجد في بغداد سجن مماثل لسجن الظلام الذي ذكرناه قبلاً ويعامل فيه السجناء بقسوة بالغة ، وشدة متناهية ، من ضرب ، وتقييد ، وتعليق ، وموسيقى صاخبة ، وظلام دامس ، وهو خاص بالمجاهدين ، وبعد أن يقضي السجين مدة في هذا السجن ، ينقل إلى أحد السجون الأخرى ، والتي منها سجن أبي غريب والذي يقسم فيه السجناء إلى قسمين ، قسم خاص بالمجاهدين العراقيين أو المتعاطفين معهم من العوام ، وهو الطابق السفلي من السجن ، والقسم الآخر يضم السجناء المجاهدين من الدول الآخرى وهم في الطابق العلوي من السجن ، إلا أن حالهم في هذا السجن أفضل بكثير من حال سجون أفغانستان ، إذ أن السجن عبارة عن صالة كبيرة جداً لها باب رئيسي كبير ، وبداخلها غرف واسعة مفتوحة على بعضها ، وللسجناء كامل الحرية في التزاور والتنقل بين الغرف ، وهم يقيمون صلاة الجماعة والجمعة ، ولديهم دروس ومحاضرات بحسب طاقتهم وقدراتهم ، أما السجون التي يُعتقل فيها البعثيون أتباع صدام حسين فهي أشد وأقسى وقد شاع أمرها وانتشر في وسائل الإعلام المختلفة.
7. سجونهم في الأردن ، ومصر ، والمغرب ، والإمارات ، وأندونيسيا ، وهذه السجون يُسلم إليها كثير من الأخوة الذين تعتبرهم أمريكا من المهمين ، ويقوم بالإشراف على هذه السجون خدمة ، وحراسة ، وتحقيقاً ، وتعذيباً ، المرتدون من أجهزة الأمن والاستخبارات في تلك الدول ، وهي من أشد السجون وأقساها ، وذلك لخبرة القائمين عليها وتمرسهم في التعامل مع المجاهدين خصوصاً والإسلاميين عموماً ، حتى إن المرء ليُخيل إليه – بل هي الحقيقة – أن المشرفين على التحيقيق والتعذيب هم أحرص على استخراج المعلومات ، والحفاظ على أمن أمريكا ومصالحها العالمية من الأمريكيين أنفسهم
8. بعض السجون المتفرقة في دول متعددة من العالم مثل ألمانيا ، وكينيا ، وجيبوتي ، ودولة اليهود ، وسنغافورة ، وتايلند ، وأغلبها يكون استخدامه مؤقتاً أو عابراً ، وأكثرها يقع تحت إشراف الإمريكان أنفسهم ، ومنها ما يكون خاضعاً صورة وظاهراً لأجهزة تلك الدول الأمنية.
9. سجن غوانتنامو ، وهو سجن معروف والمعلومات عنه متوفرة ، والذين خرجوا منه كثير ، وعلى العموم لا تكاد تخلو دولة من الدول من وجود سجن مستخدم من قبل الأمريكان ، لا سيما في الدول التي لها علاقة وطيدة بها مثل باكستان ، أو لديها قواعد عسكرية على أراضيها
أما أوضاع السجون عموماً من حيث ، السماح بأداء شعائر الإسلام ، والنظافة في الملبس، والمأكل ، وتوفير العلاج ، وتيسير سبل العيش ، واتصالات السجين بأسرته وأهله ، ومراسلته لهم ، وإحضار بعض الكتب الإسلامية وغيرها ، ومعاملة الحرس والجنود للسجناء ، والسماح لبعض المنظمات – كالصليب الأحمر – بزيارتهم ولقائهم ، فهي تختلف من سجن إلى سجن ، ومن بلد إلى آخر، ومن سجين إلى سجين ، ومن وقت إلى وقت ، فالملموس أن أحوال بعض السجون حدث فيها كثير من التغيير والتحسين أخيراً إذا ما قورنت بالسنة الأولى والثانية من حملة الأمريكان على المجاهدين ، مع أنها لم تصل إلى المستوى الطبيعي للسجون العالمية ولا قاربته ، فالسجين يشعر في كل حين أنه ليس في حالة طبيعية تستقر فيها أعصابه ، بل لا تكاد أعين المراقبة والتدقيق ترتفع عنه طرفة عين ، وهذا بالنسبة للسجون الكبيرة والمفتوحة كغوانتنامو وبغرام وقندهاروغيرها ، وأما السجون المركزية السرية فحدث عن سوء أحوالها بلا حد ولا عد ، مع أن كثيراً من السجناء لا يعرف مصيرهم ولا أماكنهم حتى الآن ، ومعظم السجون التي ذكرناها لا تستطيع أية منظمة دولية الوصول إليها ولا معرفة أماكنها وما يجري بداخلها أو مقابلة السجناء الذين فيها ، مما يجعلها في دائرة المجهول والله المستعان.
رابعاً : قضايا التحيقيق والمعلومات المهمة التي يبحث عنها الأمريكيون
في الفترة الأولى من بدء النصارى الأمريكان لحملتهم الهوجاء ضد المجاهدين كان هناك عدد من القضايا الرئيسة والمعلومات المهمة التي يجعلها المحققون في أجهزة الاستخبارت الأمريكية في رأس قائمة مطالبهم وأول اهتماماتهم عند القبض على أي شخص جديد ، وذلك بحسب حاله ، ومكان اعتقاله ، وتاريخ القبض عليه ، والدولة التي ينتمي إليها ، ومدى ارتباطه وصلته بقضايا الجهاد واطلاعه عليها ومتابعته لمجريات أحداثها ، ويمكن أجمال النقاط المهمة التي يركز عليها المحققون في :
الأولى : هل هناك أية معلومات عن عمليات جديدة يُعد لها من قِبل المجاهدين ضد المصالح الأمريكية سواء داخل أمريكا أو خارجها ، أو ضد أية دولة لها ارتباطات وثيقة مع دولتهم ، وخاصة الدول التي أعلنت صراحة وقوفها بجانبهم ودعمها لهم في حربهم ضد الجاهدين.
الثانية : أين يختفي الشيخ أسامة بن لادن ، والدكتور أيمن الظواهري ، وبعض قادة تنظيم القاعدة خصوصاً وقادة المجاهدين عموماً ، خاصة بعد بروز بعض القيادات الجديدة على الصعيد الميداني سواء في العراق كالشيخ أبي مصعب الزرقاوي ، أو أفغانستان كالشيخ أبي الليث وعبد الهادي العراقي ، بل إن الأمر تعدى إلى الدول التي تكون جبهات القتال فيها ليس لها أية علاقة بهم لا من قريب ولا من بعيد مثل الشيشان (وهذا السؤال يتعلق غالباً بالسجناء العرب أو من له علاقة واحتكاك طويل بهم)
الثالثة : أين يختفي أمير المؤمنين الملا محمد عمر ، والشيخ جلال الدين حقاني ، وابنه سراج ، وحكمتيار ، وبعض قادة طالبان الآخرين مثل الملا داد الله (وهذا السؤال يوجه في الغالب للأسرى الأفغان وبصورة مركزة)
الرابعة : ما هي مصادر تمويل المجاهدين ، ومن أين يحصلون على الدعم المالي لاستمرار عملياتهم العسكرية ، وما هي الجهات التي تقف وراء ذلك سواء على مستوى الأفراد ، أو المنظمات والمؤسسات ، أو الدول.
الخامسة : الأماكن والمناطق التي يقيم فيها المجاهدون ، وقواعدهم التي يستخدمونها في تدريباتهم وإعدادهم وانطلاقهم ، والطرق التي يتنقلون عبرها في تحركاتهم وأسفارهم.
فهذه النقاط الخمس هي المحور الأساس الذي يدور حوله التحقيق وتتكرر فيه الأسئلة وبصور مختلفة طيلة فترة الاعتقال الأولى والتي قد تستمر سنة كاملة ، ولا يعني ذلك أن التحقيق كله محصور فيها ومقتصر عليها ، بل إن المعلومات التي يُطالَب السجين بالإدلاء بها وذكر تفاصيلها طوعاً أو كرهاً لا تكاد تحصى وبصورة متواصلة ، خاصة بعد أن يتحدد لهم مستوى السجين ، ومدى قربه وبعده من قضايا الجهاد ، وتتوفر لديهم معلومات عنه يُلملمونها من هنا وهناك ، إلا أن النقاط التي أشرنا إليها يمكن اعتبارها قاسماً مشتركاً ، وموضع الارتكاز الذي يتعرض للسؤال عنه أغلب السجناء وبحسب أحوالهم.
فعلى كل حال يمكن تقسيم عموم مجرى التحيقيق والاستجواب بالنسبة للسجين إلى فترتين :
الفترة الأولى : تكون فيها الأسئلة استخباراتية صرفة ، بمعنى أن الاهتمام الأكبر والأول يتركز على تحصيل معلومات تفصيلية وسريعة ، يمكنهم بها وأد أية عملية عسكرية قد يتعرضون لها ، أو على الأقل اتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة للتقليل من خسائرها ، مع التركيز على بقية النقاط التي أشرنا إليها مما يمكن أن يحدد لهم مكان اختفاء أي شخص من قادة المجاهدين ، ومن ثَم السعي في القبض عليه واعتقاله ، وطوال هذه الفترة لا يهتمون كثيراً بكون الشخص يقر ويعترف بأنه ينتمي حقيقة إلى تنظيم القاعدة أو طالبان إلا على جهة أن إقراره بذلك قد يجعله بالنسبة لهم حاملاً لمعلومات مهمة تفيدهم في التعامل مع القضايا التي تُشغل بالهم ، كما أنهم لا يترددون في استخدام أخس الوسائل وأبشعها لاستخراج المعلومات من المعتقل.
الفترة الثانية : إذا قضى السجين فترة طويلة في السجن واستخرجت منه معظم المعلومات المستعجلة والمهمة التي يحملها ، أو أصبحت ليست ذات قيمة كبيرة وذلك لتعلقها بفترة زمنية محدودة تغيرت معها الظروف وصار وجودها – من الناحية العملية – كعدمها ، ينتقل إلى المرحلة الثانية والتي يكون فيها التركيز على أثبات التهم الموجهة إلى الأسير مثل : انتمائه لتنظيم القاعدة ، أو لعلاقته بأفرادها ، أو تدربه في معسكراتها ، أو للقائه الشيخ أسامة ورؤيته له أو لأحد قادة القاعدة أو طالبان ، أو لكونه كان يُعد لعمليات ضد المصالح الأمريكية ، أو لعلمه بها واطلاعه عليها وإن لم يكن مشاركاً فيها ، أو أنه تابع لتنظيم جهادي آخر مما صُنف لديهم ضمن قائمة الجماعات الإرهابية ، أو لكونه مجاهداً ولو لم ينتم إلى جماعة جهادية محددة ، أو أنه متدرب على بعض الأسلحة لا سيما المتفجرات والسموم ، أو لزيارته أفغانستان زمن إمارة طالبان ، أو أنه آوى لديه أو مر على بيته بعض المجاهدين ، أو لدخوله في اشتباك مسلح مع القوات الأمريكية أو بعض عملائها في ساحة من ساحات المعارك مثل أفغانستان أوالعراق.
وهذه الفترة يكون فيها التحيقيق متراخياً ، وتُستخدم فيه طرق الإغراء لاستجلاب الاعترافات من الأسير ، والحرص على أن يُقر بتهمه كلها بمحض إرادته واختياره ، من غير إلجاء ولا إكراه ، ولكن بالمحاورة والمناقشة والإلزامات المعلوماتية والخداع والتزيييف ، بل وبتقديم الوجبات وأنواع المأكولات والأطعمة ، وذلك لأن ملفه في هذه المرحلة يتم تهيئته وتجهيزه من أجل تقديمه للمحاكمة ، وعليه فلا بد أن يكون إقراره بتهمه اختيارياً حتى لا يُفاجئون عند المحكمة برد السجين لتلك التهم وإنكارها والقول بأنها أخذت منه قهراً وقسراً ، فعند إتمام الملف وتضمينه للتهم الموجهة للأخ الأسير يقدم إليه ليوقع على ما فيه.
وبعد ..
فقد كنت عازماً على الاستمرار في كتابة المزيد حول هذا الموضوع ، خاصة فيما يتعلق بمعنويات الأسرى الذين كنا منهم وبينهم ، ونفسيات الجنود الأمريكان حسبما عايشناهم وعرفناهم وخبرناهم ، إلا أني ضربت عن ذلك صفحاً في هذه الوريقات ، وآثرت الاكتفاء بما ذكرت ورأيت الاختصار أولى ، ولأني رأيت أن خروج هذه الأوراق قد يتأخر - إن لم يكن تأخر - عن وقته المناسب ، ولعل فرصة أخرى تتهيأ للكتابة في هذا الموضوع وإعطائه حقه من الإفاضة والتفصيل بما يناسب أهميته والحاجة إليه ، والله الهادي إلى الصواب وإليه المرجع والمآب.
فاللهم ياولي الصالحين ويا مولى المؤمنين أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر.
اللهم اجعل لعبادك المأسورين المقهورين فرجاً عاجلاً ومخرجاً ميسراً وقريباً .
اللهم اربط على قلوبهم ، وأنزل السكينة عليهم ، وأحسن عاقبتهم في أمورهم كلها، إنك سميع عليم ، وصلِّ اللهم على نبيك وآله وصحبه أجمعين وعلى تابعيهم إلى يوم الدين
وكتبه
أبو يحيى
حسن قائد
الأحد 14-شعبان-1426من هجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام