PDA

View Full Version : آلاف الأخطاء.. ما هي ..؟


عقاب
02-04-2006, 09:22 AM
كونداليزا رايس، وزيرة الخارجية الاميركية، أعلنت أمام الملأ، ولأول مرة يقر فيها مسؤول اميركي رفيع، ان حكومة بلاده ارتكبت ليس خطأ واحدا في العراق بل آلاف الأخطاء التكتيكية.
رايس وزيرة ذكية أرادت ان تشغل نقادها أكثر من ان تطلب الغفران من الحشود المتظاهرة خارج الاجتماع في مدينة بلاكبرن البريطانية. ولو قالت اننا ارتكبنا ثلاثة اخطاء لطلب منها ان تعددها أما ألوف الأخطاء فان لا احد سيطلب ايضاحا.

الوزيرة رايس لم تقل ما قالته في لحظات صفاء، بل في ساعات نكد، فوجدت ان الاعتراف يختصر المحاكمة امام ألوف المتظاهرين الذين لحقوا بها الى هناك. فأرادت تكتيكيا ان تحرف الجدل وتفرض المقارنة بين الهدف والوسيلة، بين الخطأ والخطيئة، بين الاستراتيجية والتكتيك.

الأخطاء كثيرة في إدارة الازمة العراقية. اولها ان القرار بالحرب اتخذ بلا غطاء من الامم المتحدة، فقط لان الادارة لم تطق صبرا على الجدل. انما نسيت ان الشرعية الدولية مثل الشرعية الزوجية تبرر كل الآثام.

الأخطاء الألف الأولى الماضية بدأت قبل الحرب، يوم عهد الرئيس جورج بوش بإدارة السياسة لوزير الحرب رامسفيلد الذي ثبت انه لا يفهم كثيرا في القضايا الدولية، فكان أن ألّب دول المنطقة ضده يوم هددهم بالغزو. ومن الأخطاء الجسيمة يوم اتخذ جنرالات الاحتلال قرارات ملأت جحور بغداد بالثعابين السامة بحل الجيش والأمن.

وجسيمة جدا في الاسبوع الاول يوم تم تحويل المهمة من تحرير الى غزو فاحتلال. الاحتلال لم تكن تهمة بل كتبت رسميا على خطابات الدولة ومعاملاتها.

خطأ تكتيكي جسيم يوم جرى تعميد موظف اميركي حاكما في وقت تم فيه تهميش المعارضة التي جاءت معه في القطار. أجلست على طرفي الطاولة فيما تصدرها بريمر الذي كان مقاولا بليدا رغم تجربته الماضية في المنطقة.

الاخطاء التكتيكية كانت كثيرة وقاتلة ولهذا ما تفعله الادارة الآن متأخر، مثل تكليف خليل زلماي زاده سفيرها في بغداد بدور كبير. زاده رجل مناسب في المكان المناسب في الوقت الخاطئ.

ولا بد في الوقت نفسه ان اختلف مع كثيرين يترحمون على الوضع ايام صدام مقارنة بما هو عليه اليوم. في الماضي كان هناك نظام باطش مركزي، واليوم توجد حالة فلتان وعصابات وقوى مختلفة تعبث بالداخل العراقي. فمهما يكن لا يعقل ان نعتبر ان وضعا شريرا يمكن ان نبرره فقط لان الوضع اليوم سيئ.

وبكل تأكيد الاميركيون ارتكبوا اخطاء قاتلة حتى قبل ان تنطلق الغارات الجوية واستمرت حفلة الاخطاء الى وقت متأخر. وعندما قالت رايس ان الاستراتيجية صحيحة والخطأ في الكيفية، فإنها تريد التهوين من حجم الاخطاء، لكنها لم تبتعد عن الحقيقة كثيرا لو ان التصحيح استمر ونجح أيضا. ففكرة الديموقراطية وسيلة لحكم العراق لا خلاف عليها بين اللاعبين الاساسيين في العراق، وحتى المتفرجين من العرب ايضا.

ونعود لنقول ان الاخطاء التكتيكية تفسد النتيجة، وهذا ما حدث في الوضع الانتخابي والذي يعيش ازمة خطيرة اليوم. فقد صوت العراقيون ولم تتفق الاطراف على النتيجة بعد.

الاخطاء التكتيكية هشمت عمليا كل النجاح الاستراتيجي وهذه حقيقة لا يمكن انكارها.


عبدالرحمن الراشد - جريدية الشرق الاوسط