PDA

View Full Version : عندما اتصل علي صاحبي وقال بصوت حزين: يا أبالـُجين هل عندك Wasta !!!


أبو لـُجين ابراهيم
08-04-2006, 12:42 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

في القرآن العظيم تم ذكر كلمة المفسدين في آيات كثيرة كما في قوله تعالى ( وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)، فالمفسد ليس فقط من يحمل السلاح ويعتدي على الآمنين بغير وجه حق ، بل أن المعنى يتسع ليشمل المسئولين عن الفساد الحكومي الإداري والموجود في كثير من الدوائر دون استثناء ! . فالمفهوم المعروف للفساد هو خروج الشيء عن الاعتدال سواء كان هذا الفساد قليلا أو كثيرا وهو ضد الإصلاح.

و الحقيقة أن مثل هذا الفساد هو رذيلة منتشرة دخلت مجتمعنا وكثير من المجتمعات دون استئذان و أصبحت ملحوظة عند مراجعة كثير من الدوائر الحكومية لتخليص المعاملات التي أصبحت تتعثر بغير وجه حق ما لم يكن عندك شخص تلجأ إليه أو بمعنى آخر واسطة. و هذه حقيقة ينبغي أن نعترف بها: أن من يريد أن ينجز معاملته بسرعة فلا بد أن يسبق ذلك برحلة بحث عن واسطة.

ومن المؤسف أننا تكيفنا مع وجود الواسطة في بلدنا بعد أن أصبحت روتينا فرضه واقعنا علينا في ظل ضعف الرقابة و عدم محاسبة المقصرين والمتنفذين في كثير من الدوائر الحكومية ، فصار وجودها من الظواهر الطبيعية التي نعيشها وبشكل معروف في كثير من الدوائر الحكومية ، وقد انتشرت انتشاراً واسعاً كانتشار النار في الهشيم في ظل غياب الحق و عدم الشعور بالمسئولية من قبل المتنفذين في تلك الدوائر من رؤساء وموظفين، وإهمال في أداء العمل بصدق وإخلاص حتى أن النزاهة و الضمائر تكاد أن تنعدم. و في مثل هذا الجو الذي غاب فيه النظام و تعطل فيه تنفيذ النظام بالوجه المطلوب ترعرعت الواسطة وأصبحت أمرا إلزاميا حتى انك لا تستطيع أن تنجز معاملة أو تتحرك يمينا أو شمالاً في بعض الدوائر الحكومية إلا بوجود معرفة و واسطة مهما كان الأمر المطلوب انجازه بسيطا و من صميم عمل تلك الدائرة. بل إنه بسبب عدم تطبيق النظام والقانون على الوجه المطلوب، تنامي الشعور بعدم المسئولية حتى كادت النزاهة أن تنحسر فانتشرت مع الواسطة أيضا نوع من الواسطة المالية أو بمعنى آخر الرشاوي.

و تجنبا للرشاوي، أصبح الشخص يضطر إلى أن يبحث عن من يسهل له إنجاز مهمته مع أن المفروض أن يحصل على حقه بدون واسطة من أحد، و هكذا أصبح البحث عن الواسطة لإنجاز معاملة ما في الوقت المطلوب أمر قسري بالرغم من كره الكثير لهذه الواسطة و لجوئه إليها و هو مكره . و ليت الأمر مقتصر على دائرة معينة لكنه في الحقيقة في جميع الدوائر الحكومية بدون استثناء!

كم من مكالمة تأتيني من صديق ويسأل بصوت حزين هل عندك معرفة أو واسطة في تلك الدائرة ؟! و كم مرة وددت أن أقول أنني واحد ممن يبحث عن من ينجز لي معاملتي لأني لا أجد حل في ظل هذا الفساد الإداري إلا بهذه الطرق الملتوية . و لعله لم يعد سرا أن يعلن الملك وبعض المسئولين المخلصين في السعي إلى محاولة القضاء على هذا الفساد وأنهم يسعون إلى تحقيق العدالة ورفع الظلم بإزالة هذا الفساد الذي تحركه المحاباة والرشوة والواسطة في كثير من الدوائر الحكومية ، ولا يمكن أن يتم القضاء على هذا الفساد الإداري إلا بوضوح الهدف والسعي الجاد إلى كشف المتنفذين والمفسدين وفتح الأبواب لشكاوى جميع المواطنين والاستماع إلى قضاياهم وشكاويهم ومظالمهم والتحقيق في حقيقة هذه المظالم ومحاسبة المقصرين و المسئولين من المسئول الأعلى إلى أصغر مسئول ومحاسبة الجميع دون تفرقة أو تمييز. . لقد ظلم أناس كثيرون وحرموا من ترقياتهم بسبب الواسطة التي استخدمت بغير حق لتحقيق أهداف مميزة أو ترقية لأشخاص لا يستحقون العون والمساعدة بوجود من هو أحق منهم، ولا بد من أن يدرك كل من سعى إلى ذلك انه أقترف ذنباً لأنه حرم آخرين هم أحق بهذه المناصب .

كما أنه بأسبابها يتم الاعتداء على المال العام ، و الاعتداء على العقار والأملاك ، وبأسبابها تضيع حقوق كثير من المساهمين في المساهمات العقارية وغيرها من أناس لا يخافون الله ويأكلون أموال الناس بالباطل ، حتى انك لا تأخذ حقك من هذه المساهمات والشركات المجمدة ولا تستطيع أن تسترد مالك منهم إلا عن طريق الواسطة. أقسم لي شخص بالله مرة أنه استطاع أن يسترد ماله من هذه الشركات والمساهمات المتعثرة بعد أن بحث عن واسطة وقدم شكوى واستطاع أن يحصل على ماله كاملا ، لقد جاءتني رسائل كثيرة لا تعد ولا تحصى من أرامل ومطلقات وأيتام تتحدث عن المساهمات المتعثرة في بعض الشركات التي جمدت أموالها ولم تنتهي حتى هذه اللحظة ومن يريد ماله فعليه أن يبحث عن واسطة ، بينما كثير من الضعفاء أصواتهم ضعيفة لا يستطيعون أن يصلوا بها إلى الحاكم وما زالوا ينتظرون ولديهم بصيص من أمل من أن يعجل الله بحقوقهم المسلوبة واسترجاع أموالهم المجمدة من سنوات والتي لم تنتهي حتى هذه اللحظة .

و هنا لا بد من الإشارة إلى وجوب أن نفرق بين الواسطة المحمودة والتي ليس فيها ظلم لأحد وليس فيها إلحاق الضرر بالآخرين ، مثل من يرفع الظلم عن مظلوم ومن يسعى إلى مساعدة الناس الضعفاء ويسعى في قضاء حوائجهم ومن ينصف موظف مظلوم حرم من ترقيته بغير وجه حق فيسعى إلى أن يرجع هذا الحق إلى نصابه ، و كذلك هناك أناس من أصحاب القلوب الرحيمة من يشفع لمساعدة إدخال مريض في مستشفى أو يشفع له لدى المسئولين لتحويله إلى أحد المستشفيات الكبرى المتخصصة وهؤلاء ينطبق فيهم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم ( اشفعوا تؤجروا ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : (لأن أمشي مع أخي في حاجة خير لي من أن أعتكف في مسجدي هذا شهراً ) .

وكما يقول الشاعر :

وأحسن الناس بين الورى رجل *** تقضى على يده للناس حاجات .

فالمقصود هو الواسطة المذمومة و التي تسعى إلى إيصال الخير للبعض على حساب الضرر بالآخرين ، كأن تتوسط لشخص في حق لا يستحقه أو إعفائه من حق يجب عليه أن يقوم به مما يضر الآخرين و يخالف النظام ، ولنا في القرآن العظيم دلالة واضحة وصريحة في قوله تعالى في سورة النساء : ( وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا ).

وأخيرا :

إن من أسباب إيجاد العدل والمساواة للجميع ومنها توزيع الثروة بين طبقات الشعب وسد حاجات الفقراء والمحتاجين وتلمس حاجاتهم وعدم التفرقة بين فئات الشعب لا يكون إلا بالقضاء على هذا الفساد الإداري المنتشر في كثير من القطاعات والذي يتطلب وضع حلول سريعة وعاجلة وفي أسرع وقت ممكن .

هذه هي العدالة المطلوبة التي نريدها .

psychologue
09-04-2006, 08:50 PM
السلام عليكم.
تخجل معظم الدول العربية و خاصة بلدان الخليج من مؤشرات فساد هي الأعلى في العالم .
ولعل تناول أسباب هذه الظاهرة من الناحية العلمية يؤكد أن تركيبة المجتمع السعودي نفسه هي المسؤولة عن تفشيها .
ولتبيان ذلك دعونا أولا نتفق على أن الديموقراطية في معناها السياسي أو الشورى من المنظور الديني هي المضاد الحيوي الوحيد للعديد من مظاهر الفساد كمحابة الأقارب,الرشوة أو استغلال المناصب و الأموال الحكومية للغايات الشخصية.
ولكن المجتمع السعودي مثلا القائم على مجموعة من السلط غير المنتخبة مثل القبيلة و الدولة ,رغم عدم إنكاري جدواها في الحد من الفساد الأخلاقي ,أتاحت ظروفا ملائمة لإنتشار الواسطة وذلك لإستحالة محاسبة ذوي السلطة و النفوذ و بالتلي غياب الشفافية في جل المعاملات الإدارية .
المشكلة يا اخواني جذرية في بلادكم .طارئة ربما في بلدان أخرى. ولكم في العراق مثال(رغم أن الإحصاءات العلمية لا تعترف بالمظاهر الإجتماعية لبلدان في حالة حرب عند تناول مواضيع كالرشوة) فقبل 2003 كانت نسب الفساد منخفضة جدا حتى أنها تقارن بمثيلاتها في سوسرا و النرويج لدموية العقاب الردعي .ولكن الآية إنقلبت في مثل هذا اليوم منذ ثلاث سنوات و ذلك لطائفية السلطة في هذا البلد.
من ناحية أخرى سيدي أبا لجين أود أن أطرح عليك سؤالا بريئا صدقني و إن بدا غير ذلك لك أن لا تجيبني عليه و لكنك مدحت السلطة الملكية و أوردت بعض الآيات من القرآن الكريم ..هل في كتاب اله أو في سنة رسوله الكريم و أنتم في أرض الحرمين شيء عن وراثية الحكم و أنحصار السلطة في مجموعة بشرية واحدة و انكار مساهمة بقية المجموعات؟
ألا ترى معي أن هذا باب من أبواب المحاباة ؟؟ ولن أقول ااواسطة
لا أعلم إن كنت قد تجاوزت حدود الأدب لطرحي مثل هذا السؤال كوني لست سعوديا وليس من حقي تناول موضوع البيعة الذي بدا لي حساسا للغاية و لكني حقا أريد فهم بنيته و النصوص المرتبطة به و لماذا هو وراثي.
هو بالنسبة لي الأن شكل من أشكال المحاباة و أهم سبب لها ,اببتدعه معاوية بن أبي سفيان ,و لم أجد ملكا بالوراثة استحق مكانه و كان فعالا حتى في اختيار بطانته ( و هو المسؤول الأول عن أفعالها) سوى بيضة الديك عمر بن عبد العزيز.
أرجو أن تكون ردودكم ذات منهج علمي و ذلك لأقتنع و لأفهم سبب حبي لهذا الشعب و لملوكه

سوري
09-04-2006, 11:20 PM
اغلب الدول العربية اصبح الفساد هو المرض الاكبر المستشري في ادارتها
والله يستر بكرة مايصير لحتى اكل بدي واسطة كمان :ranting:

Muhannad
10-04-2006, 05:42 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اخي العزيز أبو لـُجين ابراهيم, بارك الله فيك وحياك على هذا الموضوع.
جميل جدا انك فرقت بين الواسطة المذمومة والواسطة المحمودة. للأسف هذه الظاهرة منتشرة في جميع الدول , ولكن انتشارها عندنا في الدول الاسلامية عموما والدول العربية خاصة, شيئ يحير جدا, وهي منتشرة في حميع الطبقات.
من منطلق تجربة شخصية مررت بها وامر بها دائما عند زيارتي الاهل ,و بحكم دراستي في المانيا, فانه دائما عندما اريد ان اقضي المعاملات الحكومية, فان احد من اخواني او اصدقائي, دائما يتبرعون بان لا اذهب شخصيا, بل ان اعطي المعاملة لشخص معروف في الدائرة المعنية, او ان اتصل بفلان عند وصولي الى المكان كي يسهل الامور.
عيشتي في المانيا علمتني الاعتماد على الذات, بالرغم من وجود هنا ايضا واسطة, ولكن ليس بالشكل الملحوظ. هنا الدوائر الحكومية,اذا اوراقك جاهزة وكل شي تمام التمام, فانك تنجزها بسهولة جدا, على سبيل المثال ان تقوم باصدار اي ورقة رسمية, فما عليك الا الاتصال تلفونيا, وهم يبعثوها في البريد, وهذا مثال صغير.
يجب ان توجد الحلول ضد هذه الداء الكبير, والجميع مسولون عن هذا, ولا ادري من اين اتت لنا هذه الواسطة, بالرغم من ان مجتمعاتنا اسلامية وعندنا منهج رباني لو اتبعناه, فلن توجد عندنا المشاكل.
اخي العزيز, للاسف انا بعد فترة قصيرة باذن الله سانهي دراسة الماجستير في الهندسة, وللاسف تراودني دائما بعض الافكار, عما اذا كان كل هذا التعب له فائدة, حيث انني اريد ان اقدم الى الدول العربية لاشتغل, ولكن الله يعلم, انه ليس لدي واسطة,الا الله سبحانه وتعالى, وهو خير المستعان.
في كثير من الاماكن ترى الرجل المناسب في المكان غير المناسب, والعكس ايضا,لماذا؟؟؟؟ لان الاول ما عنده واسطة والاخر,لانه ابن فلان وعلان, او واسطته قوية.

مرة اخرى بارك الله فيك,وجزاك الله خير.

توربو
10-04-2006, 11:19 PM
اخي الحبيب أبو لـُجين ابراهيم حفضه لله وأمد بعمره ونفع بعلمه

تحيه من اخ متابع لماتكتب .. جزاك لله عنا كل خير


الواسطة والمحسوبية والشفاعه .. هي من مفردات حياتنا اليوميه

والواسطة هي إتخاذ وسيله لبلوغ غايه ..

روى الترمذي وابن ماجة حديث عثمان بن حنيف،ان رجلا ضرير البصر اتى النبي(صلى الله عليه وسلم)فقال:ادع الله ان يعافيني،فقال النبي(صلى الله عليه وسلم)(ان شئت صبرت فهو خير لك،وان شئت دعوت،قال:فادعه،فامره ان يتوضأ ويدعو بهذا الدعاء: اللهم اني اسالك واتوجه اليك بنبيك محمد نبي الرحمة،يامحمد اني توجهت بك الى ربي في حاجتي ليقضيها،اللهم شفعه في.ورواه النسائي وصححه البيهقي،وزاد:فقام وقد ابصر).
وارجو منك شيخي اباابراهم التأكد من صحة الحديث قبل الأخذبه

وشخصيتنا الثقافيه نحن العرب على الاقل في هذا الزمن المنظور هي شخصية مبنيه على الواسطة .. فالوسط السياسي بالمجتمع العربي هو واسطه .. الأمير هي واسطه اكثر منها لقب .. بل لاعلاقه لها باللقب
المنصب هو واسطه وليس كفائة من بدايه الهرم

سأختصر لك شيخي الموظوع .. نحن امه ريعيه وليست لنا علاقه بالأنتاج
نحتاج الواسطه .. فهي والكسل وجهان لعمله واحده .. الأمر يطول
فقط مفهومنا للواسطه يجب ان يتبلور من خلال فهمنا للخلل الحضاري أو بصوره اوضح التيه
في فهم واقع حالنا الحضاري وعلله .