PDA

View Full Version : حركة أمل تنفض عن نفسها غبار النسيان


حفيد حمزة
30-07-2006, 09:24 PM
للكاتب عبد الرحمن الماجدي/ منذ اندلاع حرب إسرائيل وحزب الله في الثاني عشر من شهر يوليو الجاري أخذ اسم "حركة أمل" يتداول على نطاقات واسعة من خلال تصريحات رئيسها "نبيه بري" رئيس مجلس النواب اللبناني، أو من خلال استعادة ظروف تأسيس حزب الله؛ الذي خرج من رحم الحركة الشيعية التي كانت تحظى بدعم إيراني؛ خاصة قبل اختفاء مؤسسها وأبيها الروحي الإمام "موسى الصدر" المولود في مدينة قم الإيرانية عام 1928، من أبوين لبنانيين؛ والذي استدعته عائلة "الصدر" في لبنان عقب وفاة زعيم العائلة وإمام شيعة لبنان "عبد الحسين شرف الدين" عام 1958.

ونصب في نهاية الستينيات من القرن الماضي قائداً للشيعة، بعد أن اختير في سنة 1969م رئيساً للمجلس الشيعي الأعلى الذي شكلته الحكومة وقتها استجابة لطلبات الشيعة المدفوعين بتحريضات الصدر لهم من أجل خلق كيان خاص بهم كطائفة وفك ارتباطهم بالوقف السني. فانفصل الشيعة عن السنة في لبنان وصاروا طائفة مستقلة كالموارنة.

وفي عام 1973 أسس حركة المحرومين التي لقت تأييدا من أغلبية شيعة لبنان، ثم ما لبث عام 1975 أن أسس لها جناحا عسكريا أسماء بـ "أفواج المقاومة اللبنانية" وتختصر بكلمة "أمل" التي يشغل منصب الأمين العام لها حسين الحسني رئيس مجلس النواب اللبناني السابق إضافة لمصطفى شمران الذي كان أكبر أعوان موسى الصدر، وكان يتولى الإشراف على فروع حركة أمل العسكرية قبل نشوب الثورة الإيرانية عام 1979.


ودخلت الحركة الحرب الأهلية اللبنانية كمدافع عن الشيعة من "الخطر اليهودي" ـ حسب وصف الصدر ـ إضافة إلى مساعدة الفلسطينيين. لكن بعد اختفاء الإمام موسى الصدر بين ليبيا وإيطاليا عام 1987 ستتغير تحالفات الحركة وتوجهاتها السياسية والدينية أيضا. خاصة بعد اتهام الحركة ليبيا بالمسؤولية عن اختفاء الصدر ودخول ليبيا ساحة الحرب الأهلية اللبنانية لتصفية حسابها مع الحركة بوقوفها مع أي فصيل لبناني أو فلسطيني يختلف مع " أمل".


لكن عام 1980 جاء للحركة شاب متعلم في الولايات المتحدة الأميركية ومولود في سيراليون تولى قيادتها، فركنت للسلم تدريجيا لتعكس خلافات بين الحركة وإيران التي كانت راعيتها إبان حياة الإمام الصدر. إذ خاطب أمينها العام السابق حسين الحسيني القادة الإيرانيين عام 1979 "إن الشيعة في لبنان معكم طالما تحترمون استقلال لبنان وتعترفون ببيئة لبنان المختلفة عن باقي الدول العربية والإسلامية". لكن تلك الكلمات لم تلق أي أذن صاغية لها إذ كانت الترتيبات تجري على قدم وساق في لبنان من رجال الثورة الإيرانية الذين كانوا يتخذون من جنوب لبنان معسكرا ومخبأ لتحركهم ضد حكومة الشاه.


فعمدوا إلى تحريض مقربين منهم للانشقاق عن الحركة مثل الشيخ مصطفى الديراني الذي أسس " أفواج المقاومة المؤمنة"، وهو ذات الشيخ الذي اختطفته إسرائيل عام 1994، وأفرج عنه ضمن صفقة مع حزب الله عام 2004.


ثم توج خلاف الحركة مع إيران بتأسيس حزب الله عام 1982 من قبل علي أكبر محتشمي أول سفير لإيران الإسلامية في دمشق. ولم تسمح خلافات كل من السيد محمد حسين فضل الله والشيخ محمد مهدي شمس الدين بترشيح إيران لهما لزعامة الحزب الجديد. فمحمد مهدي شمس الدين الذي كان يفضل المحيط العربي لحركته وبقائه قريبا من الحركة التي رشحته بديلا لموسى الصدر كرئيس للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بعد أن ظل نائبا له منذ اختفاء الصدر. فيما بقي فضل الله محافظا على مسافة من أمل وحزب الله حتى انتهت بالطلاق مع إيران بعد وفاة الخميني.


وسعى حزب الله منذ تأسيسه لفرض وجوده بقوة من خلال العمليات الانتحارية التي تميز بها أتباعه خاصة بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، ثم تفجير مقر قوات المارينز والقوات الفرنسية التي جاءت إلى لبنان ضمن القوات المتعددة الجنسية ـ وسقط فيها 241 عسكرياً أميركياً و58 عسكرياً فرنسياً عام 1983.


مع استمرار عمليات حزب الله كانت حركة أمل تتجه للعمل الاجتماعي والانكماش على مريديها الذين سعى حزب الله لاستقطابهم لصالحه، ولم تخل المنافسة بينهما عن معارك أوقعت عددا من الضحايا.


لكن طغيان الجنوح السلمي لحركة أمل التي كانت تسيطر على إقليم التفاح في الجنوب اللبناني بالإضافة إلى الضاحية الجنوبية لبيروت لم يمنعها من التصادم العسكري مع الفصائل الفلسطينية التي كانت تهاجم إسرائيل من المناطق الشيعية في الجنوب الإسرائيلي ضحايا من السكان الشيعة.


وتحول النزاع بين حزب الله وحركة أمل الذي هو نزاع بين التطرف والاعتدال حتى إلى الزي الذي يرتديه قادة التنظيمين ومظاهرهم فعمد قادة وأتباع حزب الله لإطالة الذقون والمبالغة في تحجب النساء. فارتدى أتباع وقادة أمل الملابس الحديثة حالقين اللحى وميل دون ممانعة خلع نساءهم للحجاب.


ولم يكن هذا التحول لحركة أمل وليد يوم وليلة، بل تخللته مراجعات كثيرة وظروف سياسية واجتماعية حلت بالحركة التي أصبحت اليوم أقرب للتنظيم السياسي العلماني محتفظة بمظهرها الشيعي.
واليوم أثر اندلاع الحرب بين إسرائيل وحزب الله تعود الحركة بقوة كنموذج للاعتدال والتحول لحزب سياسي، بعد أن كانت تنظيما عسكريا إذ مازال زعيمها نبيه بري يشغل رئاسة البرلمان اللبناني. ويدعو لتبني مواقف الحكومة وفرض سيطرتها على كامل الأراضي اللبنانية.

ولم يخف المرجع الشيعي اللبناني محمد حسين فضل الله اليوم رغبته بعودة حركة أمل للظهور كراعية وداعمة للشيعة في لبنان؛ وكان حديثه لقناة الجزيرة مؤخرا استباقا للضربة التي سيتلقاها حزب الله في حربه مع إسرائيل.

عودة حركة أمل للواجهة اليوم ستزيدها قوة وتستعيد مجدها بسبب عبء الخسارة وكسر الشوكة المعنوية لحزب الله. ومثالا سيكون مشابها للمثال العراقي، حيث يمكن تشبيه العلاقة بينها وبين حزب الله بالعلاقة بين حزب الدعوة العراقي الذي أسسه محمد باقر الصدر (صهر موسى الصدر) وخرجت من رحمه أكثر من ثمانية تنظيمات إسلامية شيعية انشقت عنه أبرزها المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق وأخرها تيار الصدر وجناحه المسلح جيش المهدي. إذ يتولى حزب الدعوة الذي يحتفظ بمسافة بعيدة عن الهيمنة الإيرانية رئاسة الحكومة العراقية اليوم فيما يستعد تيار الصدر لحل ميليشيا جيش المهدي الملاحق باتهامات طائفية محاولا إبعاد شبة الإرهاب عنه.

---
نقلاً عن موقع الإذاعة الهولندية الدولية