PDA

View Full Version : لا تطرقي الباب


Moshtaq
23-12-1999, 07:34 AM
لا تطرقي الباب ..

"لا تطرقي الباب كل هذا الطرق .. فلم أعد هنا" .
لا تحاولي أن تعودي إليّ من الأبواب الخلفية ، ومن ثقوب الذاكرة ، وثنايا الأحلام المطوية، ومن الشبابيك التي أشرعتها العواصف .
لا تحاولي ..
فأنا غادرت ذاكرتي . يوم وقعت على اكتشاف مذهل : لم تكن تلك الذاكرة لي ، وإنما كانت ذاكرة مشتركة أتقاسمها معك . ذاكرة يحمل كلّ منا نسخة منها حتّى قبل أن نلتقي.
لا تطرقي الباب كلّ هذا الطرق سيدتي .. فلم يعد لي باب .
لقد تخلّت عني الجدران يوم تخلّيت عنك ، وأنهار السقف عليّ وأنا أحاول أن أهرّب أشيائي المبعثرة بعدك .
فلا تدوري هكذا حول بيتٍ كان بيتي .
لا تبحثي عن نافذةٍ تدخلين منها كسارقة . لقد سرقتِ كلّ شيء مني ، ولم يعد هناك من شيء يستحق المغامرة .
لا تطرق الباب كل هذا الطرق الموجع ..
هاتفك يدقّ في كهوف الذاكرة الفارغة دونك ، ويأتي الصدى موجعاً ومخيفاً .
ألا تدرين أنني أسكن هذا الوادي بعدك ، كما يسكن الحصى جوف "وادي الرمال"؟ .
تمهّلي سيدتي إذن ..
تمهّلي وأنتِ تمّرين على جسور قسنطينة . فأية زلة قدم سترميني بسيلٍ من الحجارة . وأي سهو منك سيرميك هنا عندي لتتحطمي معي .
يا امرأةً متنكرةً في ثياب أمّي .. في عطر أمّي وفي خوف أمّي عليّ ..
متعب أنا .. كجسور قسنطينة . معلّق أنا مثلها بين صخرتين وبين رصيفين .
فلماذا كل هذا الألم ..؟ ولماذا .. أكذب الأمهات أنتِ ، وأحمق العشاقِ أنا !؟ .
لا تطرقي أبواب قسنطينة الواحد بعد الآخر .. أنا لا أسكن هذه المدينة .. إنها هي التي تسكنني .
لا تبحثي عني فوق جسورها ، هي لم تحملني مرة .. وحدي أنا حملتها .
لا تسألي أغانيها عني ، وتأتني لاهثةً بخبر قديم جديد ، وأغنية كانت تغنّى للحزن فصارت تغنّى للأفراح ..

مشتاق
"من الجرح وحده يولد الأدب"

ملاحظة : جميع السطور السابقة .. من نقلي وليس من تأليفي ، هي كلمات أعجبتني وكفى.

حامل الراية
23-12-1999, 09:04 AM
أخي الكريم / مشتاق
السلام عليكم
لعل إختيارك لتلك الكلمات الرائعة ينم عن خلفية أدبية أنا (مشتاق) لقراءة ماتجود به علينا.
ولك كل إحترام وتقدير.،،،

------------------
ياسجى الليل
عانقت النجوم ولكنهن لم يعنقني