hana2000
22-08-2000, 07:54 PM
العنصرية فى التعامل مع الاخوان المسلمين
منذ ظهور جماعة الإخوان المسلمين وهي تقف من الحكومات المتعاقبة موقف الناصح الأمين، ورغم ذلك تلقت ضربات متتالية وتعرضت لأبشع ألوان وأطياف الظلم والعسف، والعنصرية فى التعامل مثل ما يحدث فى جنوب افريقيا وأمريكا بين ذوى البشرة السوداء والبشرة البيضاء0
حصاد محنة الاخوان المسلمين
سبعون عاما من القمع والعنصرية المتواصلة ضدهم
فقد كانت محنتها الأولى في عام 1948م وسام شرف، إذ بينما كان الإخوان مشغولين بالجهاد في فلسطين لصد الهجمة الصهيونية صدر قرار من رئيس الحكومة المصرية محمود فهمي النقراشي بحل الجماعة واعتقال المجاهدين فأُخذوا من ساحات الجهاد في فلسطين إلى المعتقلات والسجون، وصاحب ذلك كله حملة لتشويه صورة الإخوان، وبلغت المحنة ذروتها مع اغتيال مؤسس الجماعة من خلال مؤامرة شاركـت فيها أطراف ثلاثة هي: القصر الملكي الذي كان مرتعاً للفساد والانحلال، والحكومة برئاسة إبراهيم عبد الهادي الذي سخّر أجهزة البوليس السياسي لشن حملة تعذيب وحشية ضد الإخوان الأبرياء، والقوى الأجنبية التي أصابها الجزع من الاتجاه الرشيد الذي تتبناه دعوة الإخوان المسلمين والذي ظهر في تطوعهم للقتال ضد الصهاينة لمنع اغتصابهم لفلسطين.
وتلت ذلك محنة 1954م، حيث جرى اعتقال الألوف من الإخوان وعقدت لهم محاكم عسكرية متجردة من كل ضوابط القوانين والقيم، وأصدرت أحكاماً بالإعدام، وأخرى بالأشغال الشاقة والسجن لفترات طويلة كانت تنتهي بالاعتقال إلى أجل غير مسمى، وعلى أعواد المشانق لقي نخبة من الدعاة إلى الله ربهم شهداء، كان من بينهم: القاضي عبد القادر عودة، صاحب (التشريع الجنائي في الإسلام) ، والشيخ محمد فرغلي الذي أقضى مضاجع الاحتلال في منطقة قناة السويس، وأحرق الأرض تحت أقدام الصهاينة في فلسطين، وكان منهم يوسف طلعت، المجاهد والداعية في فلسطين والقناة، هذا في الوقت الذي ظل فيه المعتقلون والمسجونون يلقون أبشع صنوف التعذيب وهم صابرون محتسبون.
ولقد كان سبب هذه الاعتقالات والمحاكمات التي شملت الآلاف من الإخوان المسلمين هو ما نُسب إليهم من محاولة اغتيال جمال عبد الناصر، ولكن الباطل كان زهوقاً، فقد نشر اللواء حسن التهامي ـ عضو مجلس الثورة ـ شهادة في مجلة أكتوبر (الحكومية) بالعدد 1047 في 71/ 11/ 1996م جاء فيه أن الحادث المعروف بحادث المنشية كان تمثيلية اقترحتها المخابرات الأمريكية ودبرها جمال عبد الناصر ونسبها إلى الإخوان المسلمين للتخلص منهم ومن الرئيس محمد نجيب حتى يتولى هو منصب رئيس الجمهورية.
ثم جاءت محنة 1965م وأعيدت الكرّة مع الإخوان ولقي سيد قطب صاحب الظلال ربه شهيداً على حبل المشنقة، وزُجّ بالآلاف أيضاً من الإخوان في السجون والمعتقلات وأخضعوا لتعذيب في منتهى القسوة، وصدرت ضدهم الأحكام بالسجن، فضلاً عن إعدام أربعة منهم، وكان ذلك لأن الحاكم العسكري اعتبر كتاب (معالم في الطريق) خطة بعدم شرعية الحاكم العسكري.
وفي عام 1981م هبت رياح سبتمبر واعتقل الرئيس السادات عدداً كبيراً من الإخوان دون ذنب أو جريرة، وبعد مقتل السادات تولى الرئيس مبارك حكم مصر، فأفرج عن قيادات الإخوان ضمن من أفرج عنهم من قيادات سياسية.
وإيماناً من الجماعة برسالتها تنامي دورها الاجتماعي والسياسي في الثمانينيات من خلال القنوات المشروعة، وفتحت قنوات اتصال كثيرة مع المجتمع والأحزاب السياسية، ونجحت إلى حد كبير في اجتذاب المثقفين، وبذلك فرضت نفسها كطرف فاعل ومؤثر في الحياة السياسية والثقافية والاجتماعيــة.
وخلال هذه المشاركة السلمية لم يسلم الدعاة إلى الله والمثقفون من أساتذة الجامعات والنقابيين، وكذلك الطلاب من التعرض لأبشع ألوان الظلم والاضطهاد والتضييق التي تمثلت في اقتحام المنازل في جوف الليل واعتقال رب الأسرة أو أحد أبنائها، وتلفيق التهم الباطلة والمحاكمات المدنية والعسكرية والسجن الذي يمتد لسنوات طوال، والتعذيب الشديد الذي يفضي إلى الموت.
ولم يرض النظام عن اتساع نشاط الإخوان، فغيّر سياسة الاحتواء إلى سياسة المواجهة الشاملة، ومما شجع النظام علي هذه المواجهة ضد الإخوان نجاحه في المواجهة الأمنية مع جماعات العنف خلال الفترة من 1990 ـ 1994م، فاستدار بعد ذلك إلى الإخوان، فكان القرار الذي صدر بإحالة مجموعة من القيادات إلى القضاء العسكري في غيبة القانون والدستور، إذ فضلاً عن أن قرار الإحالة إلى المحاكم الاستثنائية غير دستوري ـ كما أكد فقهاء القانون على مختلف انتماءاتهم ومشاربهم الفكرية والسياسية ـ فإن إجراءات المحاكمة افتقدت إلى الحدود الدنيا من النزاهة والحيدة.
محاكمـات 1995م :
ويذكر أن هذه الإحالة للمحاكمة العسكرية ليست الحالة الأولى من نوعها في عهد الرئيس المصري حسني مبارك ضد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، إذ بلغ عدد المحالين إلى محاكم عسكرية منهم في عام 1995م وحده (89 شخصاً، حُوكموا أمام أربع محاكم عسكرية على مدار عامي 1995م و1996م، وقد حُكم على 54 منهم بعقوبة السجن ما بين ثلاث إلى خمس سنوات!).
وتُعد القضيتان اللتان حملتا رقمي 8 و11 جنايات عسكرية، وصدر الحكم فيهما بتاريخ 32 نوفمبر 1995م، الأبرز في هذا المضمار، وقد اتهم فيهما 18 عضواً من قيادات الجماعة، وقضت المحكمة بالسجن 5 سنوات مع الأشغال الشاقة لكل من: د.عصام العريان ـ الأمين العام المساعد لنقابة الأطباء، ود.محمد السيد حبيب ـ رئيس نادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة أسيوط، ود.محمود عزت ـ الأستاذ بكلية الطب بجامعة الزقازيق، ود.عبد المنعم أبو الفتوح ـ الأمين العام المساعد لاتحاد الأطباء العرب، والمهندس خيرت الشاطر ـ الخبير في الكمبيوتر، وعضو مجلس إدارة بنك المهندس.
كما تضمنت الأحكام السجن مدة 3 سنوات مع الأشغال الشاقة لأربعين قيادياً، والسجن 3 سنوات لتسعة آخرين، كما أمرت المحكمة بإغلاق مقر الإخوان بوسط القاهرة، ومصادرة محتوياته.
لماذا الاعتقالات والمحاكمات العسكرية ؟
لكي نفهم ما يجري اليوم نعود إلى ما حدث عام 1995م.. لقد كانت الاعتقالات والمحاكمات العسكرية في ذلك العام وثيقة الصلة بالعمل النقابي وبالانتخابات البرلمانية التي أُجريت في نوفمبر من العام نفسه بدليل أن معظم المتهمين المحالين من الإخوان إلى المحاكمات العسكرية كانوا إما نواباً سابقين أو أمناء لبعض النقابات يمكن ترشيحهم في الانتخابات المذكورة، وأن جماعة الإخوان أعلنت خوض هذه الانتخابات مهما كانت الأجواء، ومن ثم كانت المحاكمات العسكرية وسيلة لحرمانهم من الترشيح للانتخابات، وللضغط كي يتراجع الإخوان عن قرارهم، وموقفهم، خاصة أن الجماعة كان لها أكبر تجمع برلماني في مجلس الشعب عام 1987م (63 نائباً) ، ومن ثم كان من المرجح أن تفوز ـ هذه المرة ـ بأكثر من ذلك الرقم بكثير.
هكذا يتضح أن هدف السلطات المصرية كان واحداً من وراء اعتقالاتها ومحاكماتها العسكرية لأعضاء الإخوان المسلمين في كل من عامي 1995م و1999م، ألا وهو: (تفويت الفرصة عليهم، والحيلولة بينهم وبين حقهم في الترشيح لعضوية مجالس إدارة هذه النقابات).
فهل يتفق ذلك والمنهج الديمقراطي؟ هل يمكن التوفيق بين هذه الإجراءات والادعاءات الديمقراطية؟ ألا تدل تلك السلوكيات على أزمة يعاني منها النظام، ومأزق تعاني منه الديمقراطية؟ وما حكم الدستور المصري في ذلك ؟
وليست الاعتقالات آخر ما تفتق عنه ذهن النظام لتقليص مساحة المعارضة والديمقراطية
وليست الاعتقالات آخر ما تفتق عنه ذهن النظام لتقليص مساحة المعارضة والديمقراطية، بل إن النظام اعتمد في فترة من الفترات التصفية الجسدية للمعارضين وبشكل علني وفي وسط الميادين العامة، ولم تنج الجماهير العادية من عصا الحكومة الغليظة التي لجأت إلى التأديب الجماعي حتى لغير السياسيين كما حدث في قرية الكوم الأحمـر بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة).
هذا إضافة إلى استدعاء ذوي المعتقلين وأقربائهم من النساء إلى أقسام الشرطة، وتهديد المعتقلين باغتصاب أقاربهم إذا لم يعترف المعتقلون بجرائم لم يرتكبوها.
وإذا كان عصر مبارك قد شهد انتخابات تعددية في أعوام 1984م و1987م و1990م و1995م فإن المجلس قد حل مرتين بسبب عدم دستورية قانون الانتخابات، كما أن هناك العديد من أحكام المحكمة الدستورية التي أسقطت عضوية بعض أعضائه المنتسبين إلى الحزب الحاكم بسبب الأمية أو خرق الشروط الخاصة بالترشيح.. كما أن المجلس الحالي اشتهر باسم مجلس نواب القروض، وكلهم بلا استثناء من الحزب الحاكم.. وكان المجلس السابق قد اشتهر باسم مجلس نواب الكيف، نظراً لتورط عدد من أعضائه (من الحزب الحاكم) في تجارة المخدرات.
ومع هذا لم تنفذ أحكام المحكمة الدستورية بحيلة مكشوفة وهي مقولة أن (المجلس سيد قراره) ، وقد قرر عدم تنفيذ أحكام المحكمة الدستورية.
ليس المأزق السياسي فقط في التضييق على المعارضة وحرمانها من ممارسة دورها الطبيعي داخل مقارها، بل إن الأحزاب المعارضة غير مسموح لها بتنظيم أي نشاط جماهيري.. ويوم تكون هناك مؤتمرات أو ندوات معارضة فإن نظرة على قوات الأمن التي تحاصر المقار تعطيك فكرة عن حجم الحرية التي يتمتع بها المجتمعون، هذا ناهيك عن التنصت والمراقبة، وإجراءات المنع من السفر، أو التعطيل عنه، التي أصبحت شيئاً معتاداً ومألوفاً على الرغم من الحصول على أحكام قضائية تبطل هذه الإجراءات.
وامتد التضييق والانقضاض على ما تبقى من الحرية إلى ساحة الجامعات المصرية والتي لطالما شهدت تفوقاً لمرشحي التيار الإسلامي، وتراجعاً كبيراً لمرشحي الحكومة، فقد مارست أجهزة الأمن من خلال توغلها في الجامعات وسيطرتها على إدارة الجامعات أقسى أنواع الإرهاب ضد مرشحي الإخوان بما في ذلك الاعتقال والفصل والشطب، وخصوصاً قبل إجراء الانتخابات.
ومما يزيد من عمق المأزق السيطرة الحكومية على الإعلام من خلال وزارة الإعلام، التي لا تسمح للمعارضة بالدخول إلى مبانيها إلا لمدة 04 دقيقة مرة واحدة قبل الانتخابات النيابية لعرض برامجها في التلفاز.
وحتى الصحافة التي شهدت انفراجة على مستوى الحرية.. لم تستطع مقاومة الضغط الحكومي المتسارع من أجل التضييق على الصحفيين، وانتهى الأمر بقانون للصحافة راح ضحيته صحفيين عدة دخلوا السجن، رغم الاحتجاجات والاعتصامات.
ورغم نداءات الجميع وصرخات المعارضة والنقابات والدعوة إلى المصالحة والوفاق والتغيير فإن الجميع صدم بالحملة الدعائية التي صاحبت التجديد للرئيس مبارك لولاية رابعة.. والتي كان شعارها (التغيير) وظن الكثيرون أن تغييراً يواكب العصر سيحدث حتماً ـ كما صرح الرئيس بذلك ـ ولكن المفاجأة أن التغيير كان تعديلاً وزارياً محدوداً، أبقى رؤوس النظام في مواقعهم، ولم يكن تحويل الإخوان النقابيين إلى المحاكمة العسكرية سوى رداً بليغاً على من يريدون التغيير.
فمعلوم أن المحاكمات العسكرية غير دستورية ومطعون في نزاهتها، ولكن الحكومة رأت أن ذلك ضروري لأنه يحرم الإخوان من دخول الانتخابات القادمة سواء النقابية منها أو النيابية.
المحاكم العسكرية نصبت مرتين في عصر الرئيس مبارك: الأولى في عام 1995م وقضت بالحكم على (54) من قادة الإخوان، ورموز العمل السياسي والنقابي فيها، وقبل أشهر من قضاء آخر مدد العقوبة.. قرر النظام أن تنصب المحاكم العسكرية للمرة الثانية (1999م) ، أي قبل أيام من دخول القرن المقبل، وقبل انتخابات النقابات، وكذلك قبل الانتخابات النيابية في العام 2000م.
والمضحك المبكي أن الحكومة ليس لديها دليل على اتهام المقبوض عليهم سوى تجسسها غير المشروع على المقار المهنية، وشهادة من تجسس من ضباط الأمن، وأحاديث بعض المسؤولين في الحكومة عن (تورط الإخوان في العملية السياسية ورغبتهم في الوصول إلى السلطة).
إن المأزق الراهن ليس مأزق الإخوان المسلمين بل هو مأزق الديمقراطية، التي تنزف ألماً من ممارسات الحزب الحاكم ومجموعة من قيادييه الذين يرون أن الحرية والممارسة السياسية تعني بداية النهاية للسلطة والسطوة والمدافع التي بأيديهم.. والحكم.
ورغم كل ألوان الظلم والاضطهاد التي تعرض لها الإخوان على مدار نصف قرن إلا أنهم لم يسعوا إلى الصِدام مع الأنظمة في وقت تحاول الأخيرة جر الجماعة إلى هذه الحلبة، والتزمت الجماعة سياسة نبذ العنف والإرهاب، واعتماد الحوار لغة للتفاهم، والاستمرار في التعاطي مع مجالات الحياة المختلفة عبر القنوات القانونية.
وحينما اشتدت وطأة التعذيب في السجون في عهد عبد الناصر وأطلق البعض صيحات التكفير تصدى المستشار حسن الهضيبي ـ مرشد الإخوان في ذلك الوقت ـ بكل قوة لهذه الدعاوى، وأصدر بحثه القيِّم (دعاة لا قضاة) ، وكان لهذا البحث أكبر الأثر في التأكيد على أن الإخوان يعتبرون أنفسهم جزءاً من نسيج هذا المجتمع المسلم، فضلاً عن تعميق المنهج السلمي كأداة للتغيير في وقت تفاقم الظلم، واستفحل الافتراء، وانتهكت حقوق الإنسان وحرياته.
ولم تثن هذه الضربات الإخوان عن التأكيد مراراً وتكراراً أنها مع التعددية الفكرية وحق المواطنين جميعاً في تشكيل أحزابهم وإصدار الصحف، وتداول السلطة من خلال انتخابات حرة نزيهة، كما أكد الإخوان أنهم ليسوا من الساعين لإشعال فتن الثورات أو الانقلابات، وفي الوقت نفسه مع حق الشعوب في الاختيار الحر النزيه لممثليها ومسؤوليها، وأنهم ينهضون بواجب الدعوة إلى الله،وخدمة مجتمعاتهم ملتزمين الطرق والسبل القانونية جميعاً.
وفيما لم تتوقف الأنظمة عن تعقب أعضاء الجماعة والزج بهم في غياهب السجون، ونصب المحاكم لهم، لم يثبت القضاء صحة أي اتهام ضد أحد من الإخوان، كما لم يثبت تورط واحد منهم في واقعة عنف.
وفي كل محنة يتعرض فيها الإخوان للسجن والاعتقال تهرول وسائل الإعلام إلى قادة الإخوان بهدف انتزاع تصريحات عنيفة إلا أنهم لم يستدرجوا يوماً إلى هوة العنف مؤكدين أن الإخوان ليسوا دعاة عنف ولا طلاب سلطة، إنمـا يعتمدون المنهج السلمي في الدعوة إلى الله، وينطلقون من قوله تعالى: ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) .وقوله تعالى قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني …).
ولم تقع حادثة عنف إلا وبادر الإخوان بإدانتها واستنكارها مع المطالبة بانتهاج الحلول السلمية بديلاً للمواجهات الأمنية التي لم تسفر إلا عن تعميق العداوات، واستمرار الصدامات، وانتهاك حقوق الإنسان، وتضييق نطاق الحريات وتفكيك الجبهة الداخلية.
ولا يدَّعي الإخوان احتكار الإيمان إذ يرون أنهم جماعة من المسلمين نذروا أنفسهم إلى الله، وجمع الناس على الحب والأخوَّة والتبشير بينهم بالعدل والإنصاف والمساواة والمطالبة بإطلاق الحريات، والتزام الشرع في السياسة والنهوض بالمسؤوليات، كما أنهم لم يكفوا عن الدعوة إلى الالتزام بقيم الإسلام ومُثُله والعيش في رحاب نظامه من خلال تطبيق منهجه، متجاوزين بهذا النهج المكائد والدسائس والأحقاد التي يقف وراءها البعض في الداخل والخارج من أجل نشر الفتن وإحداث الوقيعة والصِدام.
وكثيراً ما أعلن الإخوان عن استعدادهم للعمل جنوداً تحت راية من يقوم على تطبيق منهج الله، وأنهم لا يرغبون في السلطة لأنها ليست غاية ورفضهم الاشتراك في حكومة الرئيس محمد نجيب في عام 1953م شاهد على ذلك.
منذ ظهور جماعة الإخوان المسلمين وهي تقف من الحكومات المتعاقبة موقف الناصح الأمين، ورغم ذلك تلقت ضربات متتالية وتعرضت لأبشع ألوان وأطياف الظلم والعسف، والعنصرية فى التعامل مثل ما يحدث فى جنوب افريقيا وأمريكا بين ذوى البشرة السوداء والبشرة البيضاء0
حصاد محنة الاخوان المسلمين
سبعون عاما من القمع والعنصرية المتواصلة ضدهم
فقد كانت محنتها الأولى في عام 1948م وسام شرف، إذ بينما كان الإخوان مشغولين بالجهاد في فلسطين لصد الهجمة الصهيونية صدر قرار من رئيس الحكومة المصرية محمود فهمي النقراشي بحل الجماعة واعتقال المجاهدين فأُخذوا من ساحات الجهاد في فلسطين إلى المعتقلات والسجون، وصاحب ذلك كله حملة لتشويه صورة الإخوان، وبلغت المحنة ذروتها مع اغتيال مؤسس الجماعة من خلال مؤامرة شاركـت فيها أطراف ثلاثة هي: القصر الملكي الذي كان مرتعاً للفساد والانحلال، والحكومة برئاسة إبراهيم عبد الهادي الذي سخّر أجهزة البوليس السياسي لشن حملة تعذيب وحشية ضد الإخوان الأبرياء، والقوى الأجنبية التي أصابها الجزع من الاتجاه الرشيد الذي تتبناه دعوة الإخوان المسلمين والذي ظهر في تطوعهم للقتال ضد الصهاينة لمنع اغتصابهم لفلسطين.
وتلت ذلك محنة 1954م، حيث جرى اعتقال الألوف من الإخوان وعقدت لهم محاكم عسكرية متجردة من كل ضوابط القوانين والقيم، وأصدرت أحكاماً بالإعدام، وأخرى بالأشغال الشاقة والسجن لفترات طويلة كانت تنتهي بالاعتقال إلى أجل غير مسمى، وعلى أعواد المشانق لقي نخبة من الدعاة إلى الله ربهم شهداء، كان من بينهم: القاضي عبد القادر عودة، صاحب (التشريع الجنائي في الإسلام) ، والشيخ محمد فرغلي الذي أقضى مضاجع الاحتلال في منطقة قناة السويس، وأحرق الأرض تحت أقدام الصهاينة في فلسطين، وكان منهم يوسف طلعت، المجاهد والداعية في فلسطين والقناة، هذا في الوقت الذي ظل فيه المعتقلون والمسجونون يلقون أبشع صنوف التعذيب وهم صابرون محتسبون.
ولقد كان سبب هذه الاعتقالات والمحاكمات التي شملت الآلاف من الإخوان المسلمين هو ما نُسب إليهم من محاولة اغتيال جمال عبد الناصر، ولكن الباطل كان زهوقاً، فقد نشر اللواء حسن التهامي ـ عضو مجلس الثورة ـ شهادة في مجلة أكتوبر (الحكومية) بالعدد 1047 في 71/ 11/ 1996م جاء فيه أن الحادث المعروف بحادث المنشية كان تمثيلية اقترحتها المخابرات الأمريكية ودبرها جمال عبد الناصر ونسبها إلى الإخوان المسلمين للتخلص منهم ومن الرئيس محمد نجيب حتى يتولى هو منصب رئيس الجمهورية.
ثم جاءت محنة 1965م وأعيدت الكرّة مع الإخوان ولقي سيد قطب صاحب الظلال ربه شهيداً على حبل المشنقة، وزُجّ بالآلاف أيضاً من الإخوان في السجون والمعتقلات وأخضعوا لتعذيب في منتهى القسوة، وصدرت ضدهم الأحكام بالسجن، فضلاً عن إعدام أربعة منهم، وكان ذلك لأن الحاكم العسكري اعتبر كتاب (معالم في الطريق) خطة بعدم شرعية الحاكم العسكري.
وفي عام 1981م هبت رياح سبتمبر واعتقل الرئيس السادات عدداً كبيراً من الإخوان دون ذنب أو جريرة، وبعد مقتل السادات تولى الرئيس مبارك حكم مصر، فأفرج عن قيادات الإخوان ضمن من أفرج عنهم من قيادات سياسية.
وإيماناً من الجماعة برسالتها تنامي دورها الاجتماعي والسياسي في الثمانينيات من خلال القنوات المشروعة، وفتحت قنوات اتصال كثيرة مع المجتمع والأحزاب السياسية، ونجحت إلى حد كبير في اجتذاب المثقفين، وبذلك فرضت نفسها كطرف فاعل ومؤثر في الحياة السياسية والثقافية والاجتماعيــة.
وخلال هذه المشاركة السلمية لم يسلم الدعاة إلى الله والمثقفون من أساتذة الجامعات والنقابيين، وكذلك الطلاب من التعرض لأبشع ألوان الظلم والاضطهاد والتضييق التي تمثلت في اقتحام المنازل في جوف الليل واعتقال رب الأسرة أو أحد أبنائها، وتلفيق التهم الباطلة والمحاكمات المدنية والعسكرية والسجن الذي يمتد لسنوات طوال، والتعذيب الشديد الذي يفضي إلى الموت.
ولم يرض النظام عن اتساع نشاط الإخوان، فغيّر سياسة الاحتواء إلى سياسة المواجهة الشاملة، ومما شجع النظام علي هذه المواجهة ضد الإخوان نجاحه في المواجهة الأمنية مع جماعات العنف خلال الفترة من 1990 ـ 1994م، فاستدار بعد ذلك إلى الإخوان، فكان القرار الذي صدر بإحالة مجموعة من القيادات إلى القضاء العسكري في غيبة القانون والدستور، إذ فضلاً عن أن قرار الإحالة إلى المحاكم الاستثنائية غير دستوري ـ كما أكد فقهاء القانون على مختلف انتماءاتهم ومشاربهم الفكرية والسياسية ـ فإن إجراءات المحاكمة افتقدت إلى الحدود الدنيا من النزاهة والحيدة.
محاكمـات 1995م :
ويذكر أن هذه الإحالة للمحاكمة العسكرية ليست الحالة الأولى من نوعها في عهد الرئيس المصري حسني مبارك ضد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، إذ بلغ عدد المحالين إلى محاكم عسكرية منهم في عام 1995م وحده (89 شخصاً، حُوكموا أمام أربع محاكم عسكرية على مدار عامي 1995م و1996م، وقد حُكم على 54 منهم بعقوبة السجن ما بين ثلاث إلى خمس سنوات!).
وتُعد القضيتان اللتان حملتا رقمي 8 و11 جنايات عسكرية، وصدر الحكم فيهما بتاريخ 32 نوفمبر 1995م، الأبرز في هذا المضمار، وقد اتهم فيهما 18 عضواً من قيادات الجماعة، وقضت المحكمة بالسجن 5 سنوات مع الأشغال الشاقة لكل من: د.عصام العريان ـ الأمين العام المساعد لنقابة الأطباء، ود.محمد السيد حبيب ـ رئيس نادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة أسيوط، ود.محمود عزت ـ الأستاذ بكلية الطب بجامعة الزقازيق، ود.عبد المنعم أبو الفتوح ـ الأمين العام المساعد لاتحاد الأطباء العرب، والمهندس خيرت الشاطر ـ الخبير في الكمبيوتر، وعضو مجلس إدارة بنك المهندس.
كما تضمنت الأحكام السجن مدة 3 سنوات مع الأشغال الشاقة لأربعين قيادياً، والسجن 3 سنوات لتسعة آخرين، كما أمرت المحكمة بإغلاق مقر الإخوان بوسط القاهرة، ومصادرة محتوياته.
لماذا الاعتقالات والمحاكمات العسكرية ؟
لكي نفهم ما يجري اليوم نعود إلى ما حدث عام 1995م.. لقد كانت الاعتقالات والمحاكمات العسكرية في ذلك العام وثيقة الصلة بالعمل النقابي وبالانتخابات البرلمانية التي أُجريت في نوفمبر من العام نفسه بدليل أن معظم المتهمين المحالين من الإخوان إلى المحاكمات العسكرية كانوا إما نواباً سابقين أو أمناء لبعض النقابات يمكن ترشيحهم في الانتخابات المذكورة، وأن جماعة الإخوان أعلنت خوض هذه الانتخابات مهما كانت الأجواء، ومن ثم كانت المحاكمات العسكرية وسيلة لحرمانهم من الترشيح للانتخابات، وللضغط كي يتراجع الإخوان عن قرارهم، وموقفهم، خاصة أن الجماعة كان لها أكبر تجمع برلماني في مجلس الشعب عام 1987م (63 نائباً) ، ومن ثم كان من المرجح أن تفوز ـ هذه المرة ـ بأكثر من ذلك الرقم بكثير.
هكذا يتضح أن هدف السلطات المصرية كان واحداً من وراء اعتقالاتها ومحاكماتها العسكرية لأعضاء الإخوان المسلمين في كل من عامي 1995م و1999م، ألا وهو: (تفويت الفرصة عليهم، والحيلولة بينهم وبين حقهم في الترشيح لعضوية مجالس إدارة هذه النقابات).
فهل يتفق ذلك والمنهج الديمقراطي؟ هل يمكن التوفيق بين هذه الإجراءات والادعاءات الديمقراطية؟ ألا تدل تلك السلوكيات على أزمة يعاني منها النظام، ومأزق تعاني منه الديمقراطية؟ وما حكم الدستور المصري في ذلك ؟
وليست الاعتقالات آخر ما تفتق عنه ذهن النظام لتقليص مساحة المعارضة والديمقراطية
وليست الاعتقالات آخر ما تفتق عنه ذهن النظام لتقليص مساحة المعارضة والديمقراطية، بل إن النظام اعتمد في فترة من الفترات التصفية الجسدية للمعارضين وبشكل علني وفي وسط الميادين العامة، ولم تنج الجماهير العادية من عصا الحكومة الغليظة التي لجأت إلى التأديب الجماعي حتى لغير السياسيين كما حدث في قرية الكوم الأحمـر بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة).
هذا إضافة إلى استدعاء ذوي المعتقلين وأقربائهم من النساء إلى أقسام الشرطة، وتهديد المعتقلين باغتصاب أقاربهم إذا لم يعترف المعتقلون بجرائم لم يرتكبوها.
وإذا كان عصر مبارك قد شهد انتخابات تعددية في أعوام 1984م و1987م و1990م و1995م فإن المجلس قد حل مرتين بسبب عدم دستورية قانون الانتخابات، كما أن هناك العديد من أحكام المحكمة الدستورية التي أسقطت عضوية بعض أعضائه المنتسبين إلى الحزب الحاكم بسبب الأمية أو خرق الشروط الخاصة بالترشيح.. كما أن المجلس الحالي اشتهر باسم مجلس نواب القروض، وكلهم بلا استثناء من الحزب الحاكم.. وكان المجلس السابق قد اشتهر باسم مجلس نواب الكيف، نظراً لتورط عدد من أعضائه (من الحزب الحاكم) في تجارة المخدرات.
ومع هذا لم تنفذ أحكام المحكمة الدستورية بحيلة مكشوفة وهي مقولة أن (المجلس سيد قراره) ، وقد قرر عدم تنفيذ أحكام المحكمة الدستورية.
ليس المأزق السياسي فقط في التضييق على المعارضة وحرمانها من ممارسة دورها الطبيعي داخل مقارها، بل إن الأحزاب المعارضة غير مسموح لها بتنظيم أي نشاط جماهيري.. ويوم تكون هناك مؤتمرات أو ندوات معارضة فإن نظرة على قوات الأمن التي تحاصر المقار تعطيك فكرة عن حجم الحرية التي يتمتع بها المجتمعون، هذا ناهيك عن التنصت والمراقبة، وإجراءات المنع من السفر، أو التعطيل عنه، التي أصبحت شيئاً معتاداً ومألوفاً على الرغم من الحصول على أحكام قضائية تبطل هذه الإجراءات.
وامتد التضييق والانقضاض على ما تبقى من الحرية إلى ساحة الجامعات المصرية والتي لطالما شهدت تفوقاً لمرشحي التيار الإسلامي، وتراجعاً كبيراً لمرشحي الحكومة، فقد مارست أجهزة الأمن من خلال توغلها في الجامعات وسيطرتها على إدارة الجامعات أقسى أنواع الإرهاب ضد مرشحي الإخوان بما في ذلك الاعتقال والفصل والشطب، وخصوصاً قبل إجراء الانتخابات.
ومما يزيد من عمق المأزق السيطرة الحكومية على الإعلام من خلال وزارة الإعلام، التي لا تسمح للمعارضة بالدخول إلى مبانيها إلا لمدة 04 دقيقة مرة واحدة قبل الانتخابات النيابية لعرض برامجها في التلفاز.
وحتى الصحافة التي شهدت انفراجة على مستوى الحرية.. لم تستطع مقاومة الضغط الحكومي المتسارع من أجل التضييق على الصحفيين، وانتهى الأمر بقانون للصحافة راح ضحيته صحفيين عدة دخلوا السجن، رغم الاحتجاجات والاعتصامات.
ورغم نداءات الجميع وصرخات المعارضة والنقابات والدعوة إلى المصالحة والوفاق والتغيير فإن الجميع صدم بالحملة الدعائية التي صاحبت التجديد للرئيس مبارك لولاية رابعة.. والتي كان شعارها (التغيير) وظن الكثيرون أن تغييراً يواكب العصر سيحدث حتماً ـ كما صرح الرئيس بذلك ـ ولكن المفاجأة أن التغيير كان تعديلاً وزارياً محدوداً، أبقى رؤوس النظام في مواقعهم، ولم يكن تحويل الإخوان النقابيين إلى المحاكمة العسكرية سوى رداً بليغاً على من يريدون التغيير.
فمعلوم أن المحاكمات العسكرية غير دستورية ومطعون في نزاهتها، ولكن الحكومة رأت أن ذلك ضروري لأنه يحرم الإخوان من دخول الانتخابات القادمة سواء النقابية منها أو النيابية.
المحاكم العسكرية نصبت مرتين في عصر الرئيس مبارك: الأولى في عام 1995م وقضت بالحكم على (54) من قادة الإخوان، ورموز العمل السياسي والنقابي فيها، وقبل أشهر من قضاء آخر مدد العقوبة.. قرر النظام أن تنصب المحاكم العسكرية للمرة الثانية (1999م) ، أي قبل أيام من دخول القرن المقبل، وقبل انتخابات النقابات، وكذلك قبل الانتخابات النيابية في العام 2000م.
والمضحك المبكي أن الحكومة ليس لديها دليل على اتهام المقبوض عليهم سوى تجسسها غير المشروع على المقار المهنية، وشهادة من تجسس من ضباط الأمن، وأحاديث بعض المسؤولين في الحكومة عن (تورط الإخوان في العملية السياسية ورغبتهم في الوصول إلى السلطة).
إن المأزق الراهن ليس مأزق الإخوان المسلمين بل هو مأزق الديمقراطية، التي تنزف ألماً من ممارسات الحزب الحاكم ومجموعة من قيادييه الذين يرون أن الحرية والممارسة السياسية تعني بداية النهاية للسلطة والسطوة والمدافع التي بأيديهم.. والحكم.
ورغم كل ألوان الظلم والاضطهاد التي تعرض لها الإخوان على مدار نصف قرن إلا أنهم لم يسعوا إلى الصِدام مع الأنظمة في وقت تحاول الأخيرة جر الجماعة إلى هذه الحلبة، والتزمت الجماعة سياسة نبذ العنف والإرهاب، واعتماد الحوار لغة للتفاهم، والاستمرار في التعاطي مع مجالات الحياة المختلفة عبر القنوات القانونية.
وحينما اشتدت وطأة التعذيب في السجون في عهد عبد الناصر وأطلق البعض صيحات التكفير تصدى المستشار حسن الهضيبي ـ مرشد الإخوان في ذلك الوقت ـ بكل قوة لهذه الدعاوى، وأصدر بحثه القيِّم (دعاة لا قضاة) ، وكان لهذا البحث أكبر الأثر في التأكيد على أن الإخوان يعتبرون أنفسهم جزءاً من نسيج هذا المجتمع المسلم، فضلاً عن تعميق المنهج السلمي كأداة للتغيير في وقت تفاقم الظلم، واستفحل الافتراء، وانتهكت حقوق الإنسان وحرياته.
ولم تثن هذه الضربات الإخوان عن التأكيد مراراً وتكراراً أنها مع التعددية الفكرية وحق المواطنين جميعاً في تشكيل أحزابهم وإصدار الصحف، وتداول السلطة من خلال انتخابات حرة نزيهة، كما أكد الإخوان أنهم ليسوا من الساعين لإشعال فتن الثورات أو الانقلابات، وفي الوقت نفسه مع حق الشعوب في الاختيار الحر النزيه لممثليها ومسؤوليها، وأنهم ينهضون بواجب الدعوة إلى الله،وخدمة مجتمعاتهم ملتزمين الطرق والسبل القانونية جميعاً.
وفيما لم تتوقف الأنظمة عن تعقب أعضاء الجماعة والزج بهم في غياهب السجون، ونصب المحاكم لهم، لم يثبت القضاء صحة أي اتهام ضد أحد من الإخوان، كما لم يثبت تورط واحد منهم في واقعة عنف.
وفي كل محنة يتعرض فيها الإخوان للسجن والاعتقال تهرول وسائل الإعلام إلى قادة الإخوان بهدف انتزاع تصريحات عنيفة إلا أنهم لم يستدرجوا يوماً إلى هوة العنف مؤكدين أن الإخوان ليسوا دعاة عنف ولا طلاب سلطة، إنمـا يعتمدون المنهج السلمي في الدعوة إلى الله، وينطلقون من قوله تعالى: ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) .وقوله تعالى قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني …).
ولم تقع حادثة عنف إلا وبادر الإخوان بإدانتها واستنكارها مع المطالبة بانتهاج الحلول السلمية بديلاً للمواجهات الأمنية التي لم تسفر إلا عن تعميق العداوات، واستمرار الصدامات، وانتهاك حقوق الإنسان، وتضييق نطاق الحريات وتفكيك الجبهة الداخلية.
ولا يدَّعي الإخوان احتكار الإيمان إذ يرون أنهم جماعة من المسلمين نذروا أنفسهم إلى الله، وجمع الناس على الحب والأخوَّة والتبشير بينهم بالعدل والإنصاف والمساواة والمطالبة بإطلاق الحريات، والتزام الشرع في السياسة والنهوض بالمسؤوليات، كما أنهم لم يكفوا عن الدعوة إلى الالتزام بقيم الإسلام ومُثُله والعيش في رحاب نظامه من خلال تطبيق منهجه، متجاوزين بهذا النهج المكائد والدسائس والأحقاد التي يقف وراءها البعض في الداخل والخارج من أجل نشر الفتن وإحداث الوقيعة والصِدام.
وكثيراً ما أعلن الإخوان عن استعدادهم للعمل جنوداً تحت راية من يقوم على تطبيق منهج الله، وأنهم لا يرغبون في السلطة لأنها ليست غاية ورفضهم الاشتراك في حكومة الرئيس محمد نجيب في عام 1953م شاهد على ذلك.