PDA

View Full Version : " ومن لم يحكم بما أنزل الله "


ألب أرسلان
17-12-2000, 06:17 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته....

إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور انفسنا و سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله غلا الله و أن محمد عبده و رسوله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم تسليما....

بالأمس القريب سألني أحد الإخوة عن هذه الآية و قال لي أليس الحكام كفرة....؟

للأسف الشديد خرجت جماعة تدعى السرورية تنادي بتكفير الحكام مستدلين بالآية الكريمة، على الرغم من
وجود الأدلة التي تخالف ما ذهبوا إليه.......

ومنها حديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي رواه الإمام احمد في مسنده و حسنه الألباني....

حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم بن أبي العباس ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس قال : (( إن الله عز وجل أنزل " ومن لم يحكم بما أنزل الله
فأولئك هم الكافرون " و " أولئك هم الظالمون " و " أولئك هم الفاسقون "))
قال : قال ابن عباس : (( أنزلها الله في الطائفتين من اليهود ، وكانت إحداهما قد قهرت الأخرى في الجاهلية
، حتى ارتضوا أو اصطلحوا على أن كل قتيل قتله العزيزة من الذليلة فديته خمسون وسقا ، وكل قتيل قتله
الذليلة من العزيزة فديته مئة وسق ، فكانوا على ذلك حتى قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، فذلت
الطائفتان كلتاهما لمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يومئذ لم يظهر ولم يوطئهما عليه وهو في الصلح ،
فقتلت الذليلة من العزيزة قتيلاً ، فأرسلت العزيزة إلى الذليلة : أن ابعثوا إلينا بمئة وسق ، فقالت الذليلة :
وهل كان هذا في حيين قط ، دينهما واحد ونسبهما واحد وبلدهما واحد ؟ دية بعضهم نصف دية بعض ؟ إنا
إنما أعطيناكم هذا ضيماً منكم ، لنا وفرقاً منكم فأما إذ قدم محمد فلا نعطيكم ذلك ، فكادت الحرب تهيج بينهما ، ثم ارتضوا على أن يجعلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم ـ ثم ذكرت العزيزة فقالت : والله ما محمد
بمعطيكم منهم ضعف ما يعطيهم منكم ، ولقد صدقوا ، ما أعطونا هذا إلا ضيماً منا وقهراً لهم ، فدسوا إلى
محمد من يخبر لكم رأيه ، إن أعطاكم ما تريدون حكمتموه ، وإن لم يعطكم حذرتم فلم تحكموه ، فدسوا إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم أناساً من المنافقين ليخبروا لهم رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما
جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر الله رسوله بأمرهم كله وما أرادوا ، فأنزل الله عز وجل " يا أيها
الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا " إلى قوله " ومن لم يحكم بما أنزل الله
فأولئك هم الفاسقون " ثم قال : فيهما والله نزلت ، وأياهما عنى الله عز وجل )).

قال الألباني في شرحه لهذا الحديث: إذا عرفت هذا فلا يجوز حمل هذه الآيات على بعض الحكام المسلمين و
قضاتهم الذين يحكمون بغير ما انزل الله من الفوانين الأرضية، أقول: لا يجوز تكفيرهم بذلك و إخراجهم من
الملة، إذا كانوا مؤمنين بالله و رسوله، و إن كانوا مجرمين بحكمهك بغير ما أنزل الله، لا يجوز ذلك لأنهم و
إن كانوا كاليهود من جهة حكمهم المذكور فهم مخالفون لهم من جهة اخرى، ألا و هي إيمانهم و تصديقهم
بما انزل الله، بخلاف اليهود الكفار.

و سر هذا أن الكفر قسمان:
1- اعتقادي: مقره القلب، فمن كان عمله كفرا لمخالفته للشرع وكان مطابقا لما و قر في قلبه من الكفر به
فهو الكفر الاعتقادي الذي لا يغفره الله و يخلد صاحبه في النار أبدا.

2- عملي: إذا كان عمله كفرا لمخالفته للشرع و لكنه مخالف لما و قر في قلبه فهو مؤمن بحكم ربه، و لكنه
يخالفه بعمله، فهذا كفر عملي فقط.

و على هذا تحمل الأحاديث التي فيها إطلاق الكفر على من فعل شيئا من المعاصي كقوله صلى الله عليه و
آله وسلم:

1- جدال المسلم فسوق و قتاله كفر.
2- التحدث بنعمة الله شكر و تركها كفر.
3- الجدال في القرآن كفر.
4- لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض.
و غيرها من الأحاديث......

هذا و الله أعلم......


من كتاب نظم الفرائد مما في سلسلتي الألباني من فرائد ل عبد اللطيف محمد بن أبي ربيع.... مع بعض
التصرف....