حائلية
13-08-2001, 12:01 AM
في هذا المشوار أيها الأحبة لعلنا نصل إلى حكم الإسلام في العولمة، وهو أنه بهذا الطرح
الذي يريده الغرب وبهذا المفهوم الواسع الشامل الذي يسعى إلى تحقيقه أنه كفر وردة عن
الدين لاشك في ذلك، لأنه تغيير للعقائد وتبديل للدين. والعولمة كفرٌ وردةٌ أيضاً: لأنه
مرادف لما دعت إليه الماسونية من قبل وما دعى وما زال يدعو إليه ما يسمى بالنظام العالمي
الجديد من محاولة لطمس هوية كل أديان العالم وأفكار الشعوب ومعتقداتها، لتصبح مواثيق
الأمم المتحدة التي صاغها الغرب وفكّر فيها هي الدين الجديد الذي يُفرض على العالم كله.
والعولمة كفرٌ وردةٌ أيضاً: لمخرجها، فهل تعلمون من أين خرجت العولمة؟ إنها خرجت من رحم
الحضارة المادية الرأسمالية السائدة في الغرب، وغني عن القول أن هذه الحضارة قامت على
أسس علمانية تستبعد الدين عن موقع التأثير في الحياة العامة، إن هناك ارتباطاً وثيقاً
بين العولمة والعلمنة، ورغم وجود فرق اصطلاحي بين المفهومين إلاّ أنهما يلتقيان في
العولمة المعاصرة التي أصبحت تنادي وتشترط تخلي الشعوب عن دياناتها وأخلاقياتها
وموروثاتها وحضارتها وقيمها كشرط مسبق للتحليق في فلك العالمية والانصهار في النظام
العالمي الجديد، فمن هذا المنطلق يتضح أن العولمة يتعارض مع الإسلام جملة وتفصيلاً الذي
يقوم على أساس الايمان بالله وتطبيق شريعة الله في كافة مجالات الحياة. والعولمة كفرٌ
وردةٌ أيضاً: لأن أحد مكونات العولمة هي الدعوة إلى الديمقراطية الغربية التي هي حكم
الشعب للشعب، وهذا في الإسلام مرفوض بالكلية الذي لايقبل إلاّ أن يكون الحكم لله سبحانه
وتعالى دون غيره. وأذكركم بعبارة ذُكرت في أول جزء من هذه الاجزاء من تعريف(تعرية)
العولمة حيث قيل: بأن العولمةَ العدل فيها معدوم، والظلم فيها مؤكد موجود، والإيمان بها
كفر وردة، والسؤال عنها ومعرفتها واجب وحتم.
وأما عن كيفية التعامل مع العولمة والتي أصبحت واقعاً للعالم كله لامفر منه فهناك عدة
اتجاهات:
الاتجاه الأول: قبول هذا الفكر وتبني هذا المصطلح جملة وتفصيلاً، وهذا قد سمعت قبل قليل
أنه كفر وردة ولا يجوز.
الاتجاه الثاني: مقاطعة العولمة تماماً بل ومحاربتها علناً، ولا شك أن هذا الاتجاه غير
ممكن واقعاً، لأن العولمة تيار عام، والعالم أصبح قرية صغيرة، والتقوقع والاختفاء في
زاوية من الأرض والاستغناء عن الجميع أمر فيه صعوبة، بل هو مستحيل في الواقع الحالي
لأسباب كثيرة، منها: أن العولمة صارت تدخل على الناس عبر قنوات مفتوحة لا حصر لها يصعب
التحكم بها. ومنها: أن طبيعة النظام العالمي اليوم يقوم على التبادل والتعامل المشترك،
ويستحيل على أي طرف أن يحبس نفسه داخل أسوار العزلة. ومنها: أن دول العالم الثالث لاتزال
في أوائل مراحل البناء وهي بحاجة إلى رؤوس الأموال والأجهزة والخبرات المدرّبة، فمن أين
لها ذلك. ومنها: أن كثيراً من دول العالم الثالث ما يزال يعيش مرحلة نهاية الاستعمار
الأجنبي، ولا تزال جسورها موصولة بالسيد القديم أكثر من اتصالها بالجيران والأخوة. وغير
ذلك من الأسباب الذي ليس هذا مجال التفصيل فيه.
الاتجاه الثالث: وهو الوسط وذلك بالانتقاء، أخذ الايجابيات ونبذ السلبيات، والحكمة كما
نعلم ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها، وسياسة الانتقاء ليس بالأمر السهل لأنه يحتاج
إلى ذكاء وفطنة وجهد كبير. وسياسة الانتقاء يمكن أن تتم على مستويين: المستوى الأول: هو
المستوى الفردي وذلك من خلال معرفة شمولية الإسلام ومقاصده، ومن هذه المعرفة، معرفة
العولمة نفسها وأهدافها ومخاطرها وكيفية مقاومتها، وهذا يتطلب أن ينبري علماء الأمة
والمصلحون وطلاب العلم لتوعية عامة الناس وتهيئتهم وتحصينهم ضد الأفكار الوافدة، حيث أن
الوعي السليم هو مصل الوقاية ضد العولمة،
المستوى الثاني: في سياسة الانتقاء يكون على مستوى الأمة وذلك بأن ترجع الأمة إلى دينها
وتحكّم كتاب ربها في كل شئونها وأن تتوحد مواقفها، وبذلك يمكنها أن تستغل الطاقات
والموارد التي منحها ربها وهي موارد كثيرة لو أُحسن استغلالها، ولا مانع بعد ذلك أن
تنتقي من عالم العولمة ما لا يتعارض مع دينها وينفعها في دنياها، ولو كُمّل ذلك بتنفيذ
القرارات التي قد علاها الغبار مثل إنشاء سوق إسلامية مشتركة، وإعادة النظر في الرسوم
الجمركية، وحرية انتقال البضائع والأيدي العاملة بين الدول الاسلامية، والمشاريع
المشتركة في ميادين الاعلام والتجارة وغيرها، لحصل بذلك نفع عظيم.
ثم إن مقاومة العولمة لاتأتي بإصدار القرارات الرسمية أو الإدارية برفضها، لكن مقاومتها
تأتي بمعرفة التعامل معها وفق البدائل التي نصنعها نحن والنابعة من ديننا، ثم طرحها في
الساحة، وهذا يحتاج منّا إلى تعبئة حضارية شاملة، وبذل محاولات تلو محاولات جادة ومخلصة
لإعادة أنفسنا مرة أخرى. لابد للأمة أن تسعى ليكون لها موقع قدم في وسط هذا الخضم، وأن
تؤثر كما تتأثر وأن تعطي كما تأخذ، وإن ذلك لممكن جداً، وقد أثبتت الأحداث أن شعوب
العالم تستطيع أن تنصت لنا عندما نقول مفيداً، ونحن في ديننا وثقافتنا وحضارتنا الكثير
والكثير مما هو مفيد.
أسأل الله جل وتعالى أن يعجل فرج هذه الأمة.
وبهذا انتهت الاجزاء
ولكم مني سابغ التحية
الذي يريده الغرب وبهذا المفهوم الواسع الشامل الذي يسعى إلى تحقيقه أنه كفر وردة عن
الدين لاشك في ذلك، لأنه تغيير للعقائد وتبديل للدين. والعولمة كفرٌ وردةٌ أيضاً: لأنه
مرادف لما دعت إليه الماسونية من قبل وما دعى وما زال يدعو إليه ما يسمى بالنظام العالمي
الجديد من محاولة لطمس هوية كل أديان العالم وأفكار الشعوب ومعتقداتها، لتصبح مواثيق
الأمم المتحدة التي صاغها الغرب وفكّر فيها هي الدين الجديد الذي يُفرض على العالم كله.
والعولمة كفرٌ وردةٌ أيضاً: لمخرجها، فهل تعلمون من أين خرجت العولمة؟ إنها خرجت من رحم
الحضارة المادية الرأسمالية السائدة في الغرب، وغني عن القول أن هذه الحضارة قامت على
أسس علمانية تستبعد الدين عن موقع التأثير في الحياة العامة، إن هناك ارتباطاً وثيقاً
بين العولمة والعلمنة، ورغم وجود فرق اصطلاحي بين المفهومين إلاّ أنهما يلتقيان في
العولمة المعاصرة التي أصبحت تنادي وتشترط تخلي الشعوب عن دياناتها وأخلاقياتها
وموروثاتها وحضارتها وقيمها كشرط مسبق للتحليق في فلك العالمية والانصهار في النظام
العالمي الجديد، فمن هذا المنطلق يتضح أن العولمة يتعارض مع الإسلام جملة وتفصيلاً الذي
يقوم على أساس الايمان بالله وتطبيق شريعة الله في كافة مجالات الحياة. والعولمة كفرٌ
وردةٌ أيضاً: لأن أحد مكونات العولمة هي الدعوة إلى الديمقراطية الغربية التي هي حكم
الشعب للشعب، وهذا في الإسلام مرفوض بالكلية الذي لايقبل إلاّ أن يكون الحكم لله سبحانه
وتعالى دون غيره. وأذكركم بعبارة ذُكرت في أول جزء من هذه الاجزاء من تعريف(تعرية)
العولمة حيث قيل: بأن العولمةَ العدل فيها معدوم، والظلم فيها مؤكد موجود، والإيمان بها
كفر وردة، والسؤال عنها ومعرفتها واجب وحتم.
وأما عن كيفية التعامل مع العولمة والتي أصبحت واقعاً للعالم كله لامفر منه فهناك عدة
اتجاهات:
الاتجاه الأول: قبول هذا الفكر وتبني هذا المصطلح جملة وتفصيلاً، وهذا قد سمعت قبل قليل
أنه كفر وردة ولا يجوز.
الاتجاه الثاني: مقاطعة العولمة تماماً بل ومحاربتها علناً، ولا شك أن هذا الاتجاه غير
ممكن واقعاً، لأن العولمة تيار عام، والعالم أصبح قرية صغيرة، والتقوقع والاختفاء في
زاوية من الأرض والاستغناء عن الجميع أمر فيه صعوبة، بل هو مستحيل في الواقع الحالي
لأسباب كثيرة، منها: أن العولمة صارت تدخل على الناس عبر قنوات مفتوحة لا حصر لها يصعب
التحكم بها. ومنها: أن طبيعة النظام العالمي اليوم يقوم على التبادل والتعامل المشترك،
ويستحيل على أي طرف أن يحبس نفسه داخل أسوار العزلة. ومنها: أن دول العالم الثالث لاتزال
في أوائل مراحل البناء وهي بحاجة إلى رؤوس الأموال والأجهزة والخبرات المدرّبة، فمن أين
لها ذلك. ومنها: أن كثيراً من دول العالم الثالث ما يزال يعيش مرحلة نهاية الاستعمار
الأجنبي، ولا تزال جسورها موصولة بالسيد القديم أكثر من اتصالها بالجيران والأخوة. وغير
ذلك من الأسباب الذي ليس هذا مجال التفصيل فيه.
الاتجاه الثالث: وهو الوسط وذلك بالانتقاء، أخذ الايجابيات ونبذ السلبيات، والحكمة كما
نعلم ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها، وسياسة الانتقاء ليس بالأمر السهل لأنه يحتاج
إلى ذكاء وفطنة وجهد كبير. وسياسة الانتقاء يمكن أن تتم على مستويين: المستوى الأول: هو
المستوى الفردي وذلك من خلال معرفة شمولية الإسلام ومقاصده، ومن هذه المعرفة، معرفة
العولمة نفسها وأهدافها ومخاطرها وكيفية مقاومتها، وهذا يتطلب أن ينبري علماء الأمة
والمصلحون وطلاب العلم لتوعية عامة الناس وتهيئتهم وتحصينهم ضد الأفكار الوافدة، حيث أن
الوعي السليم هو مصل الوقاية ضد العولمة،
المستوى الثاني: في سياسة الانتقاء يكون على مستوى الأمة وذلك بأن ترجع الأمة إلى دينها
وتحكّم كتاب ربها في كل شئونها وأن تتوحد مواقفها، وبذلك يمكنها أن تستغل الطاقات
والموارد التي منحها ربها وهي موارد كثيرة لو أُحسن استغلالها، ولا مانع بعد ذلك أن
تنتقي من عالم العولمة ما لا يتعارض مع دينها وينفعها في دنياها، ولو كُمّل ذلك بتنفيذ
القرارات التي قد علاها الغبار مثل إنشاء سوق إسلامية مشتركة، وإعادة النظر في الرسوم
الجمركية، وحرية انتقال البضائع والأيدي العاملة بين الدول الاسلامية، والمشاريع
المشتركة في ميادين الاعلام والتجارة وغيرها، لحصل بذلك نفع عظيم.
ثم إن مقاومة العولمة لاتأتي بإصدار القرارات الرسمية أو الإدارية برفضها، لكن مقاومتها
تأتي بمعرفة التعامل معها وفق البدائل التي نصنعها نحن والنابعة من ديننا، ثم طرحها في
الساحة، وهذا يحتاج منّا إلى تعبئة حضارية شاملة، وبذل محاولات تلو محاولات جادة ومخلصة
لإعادة أنفسنا مرة أخرى. لابد للأمة أن تسعى ليكون لها موقع قدم في وسط هذا الخضم، وأن
تؤثر كما تتأثر وأن تعطي كما تأخذ، وإن ذلك لممكن جداً، وقد أثبتت الأحداث أن شعوب
العالم تستطيع أن تنصت لنا عندما نقول مفيداً، ونحن في ديننا وثقافتنا وحضارتنا الكثير
والكثير مما هو مفيد.
أسأل الله جل وتعالى أن يعجل فرج هذه الأمة.
وبهذا انتهت الاجزاء
ولكم مني سابغ التحية