فايزالعربي
02-09-2001, 06:00 PM
كتب الكاتب العراقي مشعان الجبوري هذا المقال ، وأود معرفة رأيكم به .
(( الساسية المصرية والتنكيل بالعراق ))
في عام 1990 كان للقيادة المصرية الدور الاكبر في توريط العراق في دخول الكويت كما سنلاحظ لاحقا. فقد أسرّ لي صهر الرئيس العراقي صدام حسين المرحوم حسين كامل حين كان لاجئا في الاردن حول حقيقة الدور المصري في قصة احتلال الكويت. اذ ان من المعروف ان الرئيس مبارك تدخل في الازمة السياسية الاعلامية التي سبقت غزو العراق للكويت. وقد استقبل صدام الرئيس حسني مبارك وابلغه التالي:
اننا لاننوي احتلال الكويت ولن نهاجم الكويت، وقد تحدث الرئيس مبارك كثيرا عن هذا الجانب من حديث صدام معتبرا ان الاخير لم يلتزم بتعهداته او انه كان يضمر عكس مايقول.
لكن الرئيس مبارك لم يشر حتى الان الى الجزء الثاني من حديث صدام. فقد طلب الاخير من مبارك عدم ابلاغ الكويتيين بهذا الموقف وذلك لاقناع الكويت بتأجير جزيرتي (وربة وبوبيان) للعراق من اجل ان يحصل على منفذ بحري واسع على الخليج العربي وكذلك كي يوافقوا على اطفاء الديون الكويتية على العراق، التي ترتبت خلال الحرب ضد ايران التي كانت دفاعا عن الخليج والكويت.
واضاف صدام قائلا لمبارك: واننا نهدف ان تلتزم الكويت بموضوع انتاج وتسعير النفط.
ومن الواضح ان القيادة المصرية ادركت ان موافقة الكويت على طلبات القيادة العراقية ستؤدي الى زيادة حادة في النفوذ العراقي في منطقة الخليج، وهو ماترى فيه مصر تهديدا لنفوذها ودورها المحتمل في الخليج.
مما دفع الرئيس المصري لأن يكشف للكويت حقيقة موقف العراق، بنقله من حديث صدام حسين، الجزء الذي يدفع الكويتيين للتصلب والتشدد بعد ان ادركوا -خطأ- ان العراق يقوم بحشوده العسكرية للضغط فقط من اجل تحقيق مكاسب اقتصادية ولوجستية لأن الرئيس مبارك كان يدرك ان تأجير جزيرتي (وربة وبوبيان) سيجعل العراق الدولة الاهم في المنطقة. وقد تحقق ما ارادته مصر من جعل الكويت ترفض المطالب العراقية. ففي اجتماعات جدة قبل قيام القوات العراقية بدخول الكويت، تفاجأ الوفد العراقي برد الفعل الكويتي حيث تصرف وفد الكويت بطريقة تراجعية وقبلية دون حساب للنتائج، وهو ماكانت تسعى اليه مصر.
ماذا يفيد ذلك، وماهي دلالاته؟
من الواضح ان القيادة العراقية صنعت ازمة مع الكويت، لكن حدوث هذه الازمة كان معروفا لدى صدام ومبارك، ولاتوجد نيات مسبقة لاحتلال الكويت او تهيئة طويلة الامد لمثل هذا الامر الخطير. وكل من يعرف صدام عن كثب يستطيع ان يقرر قدرته على اتخاذ قرارات خطيرة ومفاجئة من هذا النوع. من باب ردود الافعال في ادارة الازمات. واصدر صدام اوامره بدخول الكويت مثلما تمنت مصر وسعت.
وبعد دخول القوات العراقية الكويت ساهمت مصر بقوة واصرار في قمة القاهرة على عدم حل المشكلة عربيا وفي البيت العربي. وكانت توجه النداءات الاستفزازية للقيادة العراقية بدلا من تبريد الرؤوس الساخنة في بغداد بمساع دبلوماسية مكثفة هادئة وعقلانية. وقد فتح الموقف المصري، هذا الباب امام انشقاق الدول العربية وعدم توحيد موقفها حول ضرورة الحل العربي للازمة. الامر الذي فتح المجال واسعا امام قيام التحالف الدولي لتدمير العراق، انتقاما للمرة الثانية من العراق ودوره الاقليمي.
مع الاخذ بعين الاعتبار ان هذه المواقف المصرية ليست بمعزل عن اضواء خضراء من الولايات المتحدة التي اثارت ضجة سياسية واعلامية كبرى حول القوة العسكرية العراقية بعد وقف الحرب مع ايران، وسعت بكل الوسائل واساليب الضغط لتوريط القيادة العراقية في مستنقع او مشكلة، توفر المبرر لضرب العراق وتدميره.
وقد قامت مصر بدورها في هذا الاطار خير قيام. وقبضت مصر الثمن مليارات الدولارات، على انقاض القوة العسكرية العراقية والبنية التحتية في البلاد ومصير ومستقبل البلاد وحياة شعبه. ورغم كل ماحل بالعراق، استمرت مصر في منع عقد قمة عربية عادية يحضرها العراق تبحث في انهاء معاناته ووقف العدوان عليه.
وحين ارغمت مصر على الموافقة بعقد القمة تحت الضغط العربي، الذي قادته سورية ودولة الامارات العربية المتحدة (احدى اهم الدول العربية المانحة لمصر) وكذلك بفعل ضغوط داخلية من الذين حصلوا من العراق على صفقات تجارية بمليار دولار لسلع لم تكن تساوي عشرة بالمئة من السعر الذي بيعت به للعراق -ويقال بأن اطرافا نافذة في مصر حصلت على فروق الاسعار- وافقت على عقد القمة، لكن مصر اسبقتها بحملة سياسية لارغام العراق على القبول بالعقوبات الذكية التي طلب الامريكان من القيادة المصرية تسويقها وأسرت المصريين لأنها تبقي العراق محتاجا للدور المصري ويغدق الاموال على المصريين في تجارة السوق السوداء.. (وهنا كرر التاريخ نفسه حيث بدأت تفعل مصر ماكانت تفعله مع ليبيا، عندما فوضتها القيادة الليبية في حل مشكلة لوكربي فكانت تعلن مطالبتها برفع الحصار عن ليبيا، وفي الخفاء تحرص على استمرار الحصار لكي تبقى هي الدولة التي يتبضع منها الليبيون وتدفع لهم الرشوة، ولم تحل المشكلة الليبية إلا بعد ان سحبت ليبيا الملف من ايدي المصريين وسلمته للسعودية وجنوب افريقيا).
وعندما عقدت القمة كان الدور المصري تخريبيا، وهو مامكن الوفد الكويتي من تحقيق نجاح دبلوماسي ضد العراق.. والدور المصري المخفي كان وراء تشكيل لجنة عربية برئاسة الملك عبد الله لبحث الحالة بين العراق والكويت وهو مايعني ابقاء الحصار الى اجل غير مسمى، تحقيقا للمصالح المصرية بما يمكّن مصر من استحلاب العراق، وايضا قبض الثمن من الكويت عدا ونقدا، وليس عبر صفقات تجارية كما هو الحال مع العراق. وما ان انتهى المؤتمر حتى توجه الرئيس المصري الى امريكا ليقدم تقريره عن القمة وليحصل على تمديد معونة المليار دولار التي تقدمها امريكا لمصر سنويا.
وتعمل بعض الجهات الامريكية على الغائها، باعتباره استمر في تنفيذ السياسة الامريكية في ايذاء العراق.. وفي الطريق قال الرئيس المصري للصحفيين: "ان العراق هو الذي افشل القمة وليس الكويت!!" وكأن المطلوب من العراق ان يشرعن الحصار عليه!!
ان الدور المصري خلال العشرين سنة الماضية ادى الى استنزاف العراق، الذي ابتلي بقيادة تتفنن في اعطاء الفرص للآخرين لايذاء العراق وتقع في مكائد الاعداء بكل يسر وسهولة.
اما الايحاء او التشجيع الذي تقوم به الحكومة المصرية للمنظمات المصرية والفنانين ورجال الاعمال والطائرات، التي اعترف اكثر من طرف انها كانت بموافقة امريكية، فكانت تهدف الى ان يقوم العراق بمدح الموقف المصري وهو مايعني اعطاء البراءة للقيادة المصرية من الدماء العراقية وضحايا العراق وتدميره، الذي تم بفعل مؤامرة مصرية.
والمحزن ان السياسة العراقية حيال مصر جعلت الضحية تدفع الدية للقاتل.
(( الساسية المصرية والتنكيل بالعراق ))
في عام 1990 كان للقيادة المصرية الدور الاكبر في توريط العراق في دخول الكويت كما سنلاحظ لاحقا. فقد أسرّ لي صهر الرئيس العراقي صدام حسين المرحوم حسين كامل حين كان لاجئا في الاردن حول حقيقة الدور المصري في قصة احتلال الكويت. اذ ان من المعروف ان الرئيس مبارك تدخل في الازمة السياسية الاعلامية التي سبقت غزو العراق للكويت. وقد استقبل صدام الرئيس حسني مبارك وابلغه التالي:
اننا لاننوي احتلال الكويت ولن نهاجم الكويت، وقد تحدث الرئيس مبارك كثيرا عن هذا الجانب من حديث صدام معتبرا ان الاخير لم يلتزم بتعهداته او انه كان يضمر عكس مايقول.
لكن الرئيس مبارك لم يشر حتى الان الى الجزء الثاني من حديث صدام. فقد طلب الاخير من مبارك عدم ابلاغ الكويتيين بهذا الموقف وذلك لاقناع الكويت بتأجير جزيرتي (وربة وبوبيان) للعراق من اجل ان يحصل على منفذ بحري واسع على الخليج العربي وكذلك كي يوافقوا على اطفاء الديون الكويتية على العراق، التي ترتبت خلال الحرب ضد ايران التي كانت دفاعا عن الخليج والكويت.
واضاف صدام قائلا لمبارك: واننا نهدف ان تلتزم الكويت بموضوع انتاج وتسعير النفط.
ومن الواضح ان القيادة المصرية ادركت ان موافقة الكويت على طلبات القيادة العراقية ستؤدي الى زيادة حادة في النفوذ العراقي في منطقة الخليج، وهو ماترى فيه مصر تهديدا لنفوذها ودورها المحتمل في الخليج.
مما دفع الرئيس المصري لأن يكشف للكويت حقيقة موقف العراق، بنقله من حديث صدام حسين، الجزء الذي يدفع الكويتيين للتصلب والتشدد بعد ان ادركوا -خطأ- ان العراق يقوم بحشوده العسكرية للضغط فقط من اجل تحقيق مكاسب اقتصادية ولوجستية لأن الرئيس مبارك كان يدرك ان تأجير جزيرتي (وربة وبوبيان) سيجعل العراق الدولة الاهم في المنطقة. وقد تحقق ما ارادته مصر من جعل الكويت ترفض المطالب العراقية. ففي اجتماعات جدة قبل قيام القوات العراقية بدخول الكويت، تفاجأ الوفد العراقي برد الفعل الكويتي حيث تصرف وفد الكويت بطريقة تراجعية وقبلية دون حساب للنتائج، وهو ماكانت تسعى اليه مصر.
ماذا يفيد ذلك، وماهي دلالاته؟
من الواضح ان القيادة العراقية صنعت ازمة مع الكويت، لكن حدوث هذه الازمة كان معروفا لدى صدام ومبارك، ولاتوجد نيات مسبقة لاحتلال الكويت او تهيئة طويلة الامد لمثل هذا الامر الخطير. وكل من يعرف صدام عن كثب يستطيع ان يقرر قدرته على اتخاذ قرارات خطيرة ومفاجئة من هذا النوع. من باب ردود الافعال في ادارة الازمات. واصدر صدام اوامره بدخول الكويت مثلما تمنت مصر وسعت.
وبعد دخول القوات العراقية الكويت ساهمت مصر بقوة واصرار في قمة القاهرة على عدم حل المشكلة عربيا وفي البيت العربي. وكانت توجه النداءات الاستفزازية للقيادة العراقية بدلا من تبريد الرؤوس الساخنة في بغداد بمساع دبلوماسية مكثفة هادئة وعقلانية. وقد فتح الموقف المصري، هذا الباب امام انشقاق الدول العربية وعدم توحيد موقفها حول ضرورة الحل العربي للازمة. الامر الذي فتح المجال واسعا امام قيام التحالف الدولي لتدمير العراق، انتقاما للمرة الثانية من العراق ودوره الاقليمي.
مع الاخذ بعين الاعتبار ان هذه المواقف المصرية ليست بمعزل عن اضواء خضراء من الولايات المتحدة التي اثارت ضجة سياسية واعلامية كبرى حول القوة العسكرية العراقية بعد وقف الحرب مع ايران، وسعت بكل الوسائل واساليب الضغط لتوريط القيادة العراقية في مستنقع او مشكلة، توفر المبرر لضرب العراق وتدميره.
وقد قامت مصر بدورها في هذا الاطار خير قيام. وقبضت مصر الثمن مليارات الدولارات، على انقاض القوة العسكرية العراقية والبنية التحتية في البلاد ومصير ومستقبل البلاد وحياة شعبه. ورغم كل ماحل بالعراق، استمرت مصر في منع عقد قمة عربية عادية يحضرها العراق تبحث في انهاء معاناته ووقف العدوان عليه.
وحين ارغمت مصر على الموافقة بعقد القمة تحت الضغط العربي، الذي قادته سورية ودولة الامارات العربية المتحدة (احدى اهم الدول العربية المانحة لمصر) وكذلك بفعل ضغوط داخلية من الذين حصلوا من العراق على صفقات تجارية بمليار دولار لسلع لم تكن تساوي عشرة بالمئة من السعر الذي بيعت به للعراق -ويقال بأن اطرافا نافذة في مصر حصلت على فروق الاسعار- وافقت على عقد القمة، لكن مصر اسبقتها بحملة سياسية لارغام العراق على القبول بالعقوبات الذكية التي طلب الامريكان من القيادة المصرية تسويقها وأسرت المصريين لأنها تبقي العراق محتاجا للدور المصري ويغدق الاموال على المصريين في تجارة السوق السوداء.. (وهنا كرر التاريخ نفسه حيث بدأت تفعل مصر ماكانت تفعله مع ليبيا، عندما فوضتها القيادة الليبية في حل مشكلة لوكربي فكانت تعلن مطالبتها برفع الحصار عن ليبيا، وفي الخفاء تحرص على استمرار الحصار لكي تبقى هي الدولة التي يتبضع منها الليبيون وتدفع لهم الرشوة، ولم تحل المشكلة الليبية إلا بعد ان سحبت ليبيا الملف من ايدي المصريين وسلمته للسعودية وجنوب افريقيا).
وعندما عقدت القمة كان الدور المصري تخريبيا، وهو مامكن الوفد الكويتي من تحقيق نجاح دبلوماسي ضد العراق.. والدور المصري المخفي كان وراء تشكيل لجنة عربية برئاسة الملك عبد الله لبحث الحالة بين العراق والكويت وهو مايعني ابقاء الحصار الى اجل غير مسمى، تحقيقا للمصالح المصرية بما يمكّن مصر من استحلاب العراق، وايضا قبض الثمن من الكويت عدا ونقدا، وليس عبر صفقات تجارية كما هو الحال مع العراق. وما ان انتهى المؤتمر حتى توجه الرئيس المصري الى امريكا ليقدم تقريره عن القمة وليحصل على تمديد معونة المليار دولار التي تقدمها امريكا لمصر سنويا.
وتعمل بعض الجهات الامريكية على الغائها، باعتباره استمر في تنفيذ السياسة الامريكية في ايذاء العراق.. وفي الطريق قال الرئيس المصري للصحفيين: "ان العراق هو الذي افشل القمة وليس الكويت!!" وكأن المطلوب من العراق ان يشرعن الحصار عليه!!
ان الدور المصري خلال العشرين سنة الماضية ادى الى استنزاف العراق، الذي ابتلي بقيادة تتفنن في اعطاء الفرص للآخرين لايذاء العراق وتقع في مكائد الاعداء بكل يسر وسهولة.
اما الايحاء او التشجيع الذي تقوم به الحكومة المصرية للمنظمات المصرية والفنانين ورجال الاعمال والطائرات، التي اعترف اكثر من طرف انها كانت بموافقة امريكية، فكانت تهدف الى ان يقوم العراق بمدح الموقف المصري وهو مايعني اعطاء البراءة للقيادة المصرية من الدماء العراقية وضحايا العراق وتدميره، الذي تم بفعل مؤامرة مصرية.
والمحزن ان السياسة العراقية حيال مصر جعلت الضحية تدفع الدية للقاتل.