الطارق
16-09-2001, 07:17 PM
تحقيقات لغوية
بس عربية !
هذه الكلمة .. أكثر من غيرها تداولا في جميع الأوساط ..
وتعني : ( كفى ) .
وقد أوردها بعض الظرفاء القدامى من الشعراء – على لسان الألثغ –
إذ يقول : بث ، بالثاء بدل السين .. ودونوا ذلك في طرائقهم .
وكنت أظنها فارسية .. دخيلة .. فوجدتها مما نص عليه الفيروز آبادي
فقال : ( .. وبس بمعنى حسب .. ) اهـ وهي نفسها " كفى " !
بينما هي ذات مدلول مناقض أو مختلف عندما تخاطب بها الناقة
حين احتلابها والتلطف بها بأن يقال لها " بس .. بس " تسكينا لها .
ولست أدري أن كانت ما تزال حتى الآن .. تؤدي نفس الغرض
في زماننا هذا ؟ فإن من المحتمل أن تكون قد تبدلت وتطورت ..
إلا أن يكون الحيوان محافظ وحريصا على ما اعتاده من الأصوات ؟
وهنا يحضرني تساؤل آخر .. وهو " لماذا يطلق على الهر والهرة : البس والبسه بكسر الباء ؟؟
وبنفس الكلمة يدعيان .. ويطردان وكأنما هما من الأضداد ؟!
وفي اللغة نص على أن ( بس ، بس ) دعاء للغنم .. لا للقطط !!
[ المنهل – شوال 1388 هـ – الشيخ أحمد بن إبراهيم الغزاوي ]
------------------------------
من عجائب المخلوقات :
من حيل النمل :
كتب أحد الضباط الأمريكيين في مذكراته
يقول بعد أن عاد إلى موطنه " وقد أقبل علينا
العيد ونحن في غربتنا البعيدة فأرسل لنا الأهل
والأصدقاء هدايا العيد من الحلوى والأطعمة
السكرية ، ولكني خفت أن يهجم النمل عليها
وهو منتشر في هذا المكان فخطر لي أن أضع الحلوى
في صندوق محكم الإغلاق فوق عمود قصير ، يقوم
وسط إناء كبير مملوء بالماء ، فلا يستطيع النمل حينئذ
أن يصل إلى الصندوق وبالغت في الاستعداد فطوقت
الماء من الخارج بحزام عريض لزج إذا لمسه النم اشتبك فيه
ولم يستطع الفكاك !
وقمت برحلة قرابة يومين ، وعدت إلى منزلي لأجد النمل
قد غزا الحلوى برا وبحرا وجوا ، فقد وصلت طلائعه إلى الحزام الأول
المحيط بالماء ولم تستطع الخلاص ، ولاقت مصرعها ، وظلت
كامنة به ، ولكن جموع النمل اتخذت من أجسام القتلى جسراً
طويلا سارت فوقه إلى الناحية الأخرى ، ثم واصلت سيرها
إلى الماء فللم تستطع عبوره ، فلم تجد بدا من أن ترجع إلى الأرض
لتحمل في أفواهها من الهباء والقش فترميه فوق سطح الماء ، وتصنع
منه قنطرة تمر فوقها إلى العمود القائم في الوسط ، وقد نجحت فيما
حاولت ، فصادفها الشريط اللزج المحيط به ، ففعلت به ما فعلت
بنظيره الأول واتخذت من أجسام القتلى جسرا إلى غايتها المنشودة .
وأغرب من هذا أنها لم تقتصر في إدراك غايتها على الخطة السابقة
وحدها ، بل أعدت خط أخرى تسير مع هذه جنبا إلى جنب ،
فأرسلت كتائب منها تسلقت الخيمة من الداخل ، وواصلت الصعود
حتى بلغت السقف ، وصارت منه في موقع رأسي فوق الصندوق !
وشرعت ترتمي على الصندوق نملة نملة لا تخطئ الهدف لا تنحرف عنه !
ونجحت في هذا كما نجحت في تلك ! "
[ المنهل – العدد ( 523 ) – المحرم 1416 هـ - ص 153 ]
---------------------------
قصيدة العدد :
صلوات في هيكل الحب :
عذبة أنتِ كالطفولة ، كالأحـ
************************ لام ، كاللحن ، كالصباح الجديد
كالسماء الضحوك ، كالليلةِ القمـ
************************ ـراء كالورد ، كابتسام الوليد
يا لهــا من وداعةٍ وجمــال
************************ وشبــاب منعم أُملـود
يالهـا من طهارةٍ تبعث التقـ
************************ ديس في مهجة الشقي العنيد
يا لهـا رقةً تكاد يرف الـ
************************ ـورد منها في الصخرة الجلمود
أي شيء تُراك ؟ هل أنت " فينو
************************ س " تهادت بين الورى من جديد
لتعيد الشباب والفرح المعـ
************************ سول للعالم التعيس العميد
أم ملاك الفردوس جاء إلى الأر
************************ ض ، ليحي روح السلام العهيد
أبو القاسم الشابي
-------------------------------
شخصية العدد :
مصطفى صادق الرافعي ( 1880 – 1937 م )
أديب عربي عاش في مصر – بدء حياته الأدبية شاعراً
في مدرسة البارودي ، فأخرج عدة دواوين ، ظهر أولها
سنة 1902 م .
وصف المنفلوطي بأنه من شعراء المعاني كأبي تمام .
تحول في الشطر الثاني من حياته إلى النثر فكتب عدة
كتب من نوع النثر الشعري : ( حديث القمر ) 1911 م
و ( المسكين ) 1917م ، وبسط آراءه في الأدب القديم
في كتابيه : " تاريخ آداب العرب " و " إعجاز القرآن " وكتب
في السنوات الأخيرة من حياته مقالات في موضوعات متفرقة ينحو
في بعضها النحو القصصي ، جمعت في " وحي القلم " 1936 م .
عد ممثلا للمدرسة القديمة ودارت بينه وبين المجدين معارك نقدية
حامية كتب فيها " تحت راية القرآن " 1926 م ، ردا على كتاب
" في الشعر الجاهلي " لطه حسين ، و " على السفود " 1930م وهو
نقد عنيف لشعر العقاد .
[ المنهل – العدد ( 445 – شعبان ورمضان 1406 هـ - 293 ]
------------------------------
مثل وقصة :
شاة أشعب :
يضرب هذا المثل في الطمع ، قيل لأشعب : هل رأيت أطمع منك؟
قال : نعم ، شاة لي صعدت في السطح ، فنظرت إلى قوس قزح ،
فظنته حبل قت ( قصب النبات الطرية ) فطمعت في تناوله ، فسقطت
فاندق عنقها !
[ العربي – العدد ( 499 ) – يونيو 2000 م – ص 187 ]
-------------------------------
طرفة العدد :
ادعى مدعي النبوة ، فطُلب ودُعي له بالسيف والنطع ، فقال : ما تصنعون ؟ ، قالوا : نقتلك ، قال : ولما تقتلوني ؟ قالوا : لأنك ادعيت
النبوة ، قال : فلست أدعيها ، قيل له : فأي شيء أنت ؟ قال : أنا صديق ، فدُعي له بالسياط ، فقال : لم تضربونني ؟ قالوا : لادعائك أنك صديق ، قال : لا أدعي ذلك ، قالوا : فمن أنت ؟ قال من التابعين لهم بإحسان ، فدعي له بالدرة ( ليضرب بها ) قال : ولم ذلك ؟ قالوا لادعائك ما ليس فيك ، فقال : ويحكم ! أدخل إليكم وأنا نبي ، تريدون أن تحطوني في ساعة واحدة إلى مرتبة العوام ! اصبرا علي إلا غدٍ حتى أصير لكم ما شئتم !
[ قصص العرب -ج4 : 454 ]
بس عربية !
هذه الكلمة .. أكثر من غيرها تداولا في جميع الأوساط ..
وتعني : ( كفى ) .
وقد أوردها بعض الظرفاء القدامى من الشعراء – على لسان الألثغ –
إذ يقول : بث ، بالثاء بدل السين .. ودونوا ذلك في طرائقهم .
وكنت أظنها فارسية .. دخيلة .. فوجدتها مما نص عليه الفيروز آبادي
فقال : ( .. وبس بمعنى حسب .. ) اهـ وهي نفسها " كفى " !
بينما هي ذات مدلول مناقض أو مختلف عندما تخاطب بها الناقة
حين احتلابها والتلطف بها بأن يقال لها " بس .. بس " تسكينا لها .
ولست أدري أن كانت ما تزال حتى الآن .. تؤدي نفس الغرض
في زماننا هذا ؟ فإن من المحتمل أن تكون قد تبدلت وتطورت ..
إلا أن يكون الحيوان محافظ وحريصا على ما اعتاده من الأصوات ؟
وهنا يحضرني تساؤل آخر .. وهو " لماذا يطلق على الهر والهرة : البس والبسه بكسر الباء ؟؟
وبنفس الكلمة يدعيان .. ويطردان وكأنما هما من الأضداد ؟!
وفي اللغة نص على أن ( بس ، بس ) دعاء للغنم .. لا للقطط !!
[ المنهل – شوال 1388 هـ – الشيخ أحمد بن إبراهيم الغزاوي ]
------------------------------
من عجائب المخلوقات :
من حيل النمل :
كتب أحد الضباط الأمريكيين في مذكراته
يقول بعد أن عاد إلى موطنه " وقد أقبل علينا
العيد ونحن في غربتنا البعيدة فأرسل لنا الأهل
والأصدقاء هدايا العيد من الحلوى والأطعمة
السكرية ، ولكني خفت أن يهجم النمل عليها
وهو منتشر في هذا المكان فخطر لي أن أضع الحلوى
في صندوق محكم الإغلاق فوق عمود قصير ، يقوم
وسط إناء كبير مملوء بالماء ، فلا يستطيع النمل حينئذ
أن يصل إلى الصندوق وبالغت في الاستعداد فطوقت
الماء من الخارج بحزام عريض لزج إذا لمسه النم اشتبك فيه
ولم يستطع الفكاك !
وقمت برحلة قرابة يومين ، وعدت إلى منزلي لأجد النمل
قد غزا الحلوى برا وبحرا وجوا ، فقد وصلت طلائعه إلى الحزام الأول
المحيط بالماء ولم تستطع الخلاص ، ولاقت مصرعها ، وظلت
كامنة به ، ولكن جموع النمل اتخذت من أجسام القتلى جسراً
طويلا سارت فوقه إلى الناحية الأخرى ، ثم واصلت سيرها
إلى الماء فللم تستطع عبوره ، فلم تجد بدا من أن ترجع إلى الأرض
لتحمل في أفواهها من الهباء والقش فترميه فوق سطح الماء ، وتصنع
منه قنطرة تمر فوقها إلى العمود القائم في الوسط ، وقد نجحت فيما
حاولت ، فصادفها الشريط اللزج المحيط به ، ففعلت به ما فعلت
بنظيره الأول واتخذت من أجسام القتلى جسرا إلى غايتها المنشودة .
وأغرب من هذا أنها لم تقتصر في إدراك غايتها على الخطة السابقة
وحدها ، بل أعدت خط أخرى تسير مع هذه جنبا إلى جنب ،
فأرسلت كتائب منها تسلقت الخيمة من الداخل ، وواصلت الصعود
حتى بلغت السقف ، وصارت منه في موقع رأسي فوق الصندوق !
وشرعت ترتمي على الصندوق نملة نملة لا تخطئ الهدف لا تنحرف عنه !
ونجحت في هذا كما نجحت في تلك ! "
[ المنهل – العدد ( 523 ) – المحرم 1416 هـ - ص 153 ]
---------------------------
قصيدة العدد :
صلوات في هيكل الحب :
عذبة أنتِ كالطفولة ، كالأحـ
************************ لام ، كاللحن ، كالصباح الجديد
كالسماء الضحوك ، كالليلةِ القمـ
************************ ـراء كالورد ، كابتسام الوليد
يا لهــا من وداعةٍ وجمــال
************************ وشبــاب منعم أُملـود
يالهـا من طهارةٍ تبعث التقـ
************************ ديس في مهجة الشقي العنيد
يا لهـا رقةً تكاد يرف الـ
************************ ـورد منها في الصخرة الجلمود
أي شيء تُراك ؟ هل أنت " فينو
************************ س " تهادت بين الورى من جديد
لتعيد الشباب والفرح المعـ
************************ سول للعالم التعيس العميد
أم ملاك الفردوس جاء إلى الأر
************************ ض ، ليحي روح السلام العهيد
أبو القاسم الشابي
-------------------------------
شخصية العدد :
مصطفى صادق الرافعي ( 1880 – 1937 م )
أديب عربي عاش في مصر – بدء حياته الأدبية شاعراً
في مدرسة البارودي ، فأخرج عدة دواوين ، ظهر أولها
سنة 1902 م .
وصف المنفلوطي بأنه من شعراء المعاني كأبي تمام .
تحول في الشطر الثاني من حياته إلى النثر فكتب عدة
كتب من نوع النثر الشعري : ( حديث القمر ) 1911 م
و ( المسكين ) 1917م ، وبسط آراءه في الأدب القديم
في كتابيه : " تاريخ آداب العرب " و " إعجاز القرآن " وكتب
في السنوات الأخيرة من حياته مقالات في موضوعات متفرقة ينحو
في بعضها النحو القصصي ، جمعت في " وحي القلم " 1936 م .
عد ممثلا للمدرسة القديمة ودارت بينه وبين المجدين معارك نقدية
حامية كتب فيها " تحت راية القرآن " 1926 م ، ردا على كتاب
" في الشعر الجاهلي " لطه حسين ، و " على السفود " 1930م وهو
نقد عنيف لشعر العقاد .
[ المنهل – العدد ( 445 – شعبان ورمضان 1406 هـ - 293 ]
------------------------------
مثل وقصة :
شاة أشعب :
يضرب هذا المثل في الطمع ، قيل لأشعب : هل رأيت أطمع منك؟
قال : نعم ، شاة لي صعدت في السطح ، فنظرت إلى قوس قزح ،
فظنته حبل قت ( قصب النبات الطرية ) فطمعت في تناوله ، فسقطت
فاندق عنقها !
[ العربي – العدد ( 499 ) – يونيو 2000 م – ص 187 ]
-------------------------------
طرفة العدد :
ادعى مدعي النبوة ، فطُلب ودُعي له بالسيف والنطع ، فقال : ما تصنعون ؟ ، قالوا : نقتلك ، قال : ولما تقتلوني ؟ قالوا : لأنك ادعيت
النبوة ، قال : فلست أدعيها ، قيل له : فأي شيء أنت ؟ قال : أنا صديق ، فدُعي له بالسياط ، فقال : لم تضربونني ؟ قالوا : لادعائك أنك صديق ، قال : لا أدعي ذلك ، قالوا : فمن أنت ؟ قال من التابعين لهم بإحسان ، فدعي له بالدرة ( ليضرب بها ) قال : ولم ذلك ؟ قالوا لادعائك ما ليس فيك ، فقال : ويحكم ! أدخل إليكم وأنا نبي ، تريدون أن تحطوني في ساعة واحدة إلى مرتبة العوام ! اصبرا علي إلا غدٍ حتى أصير لكم ما شئتم !
[ قصص العرب -ج4 : 454 ]