PDA

View Full Version : ماذا لو انهزمت طالبان؟


متشيم
21-10-2001, 01:51 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

لم أتوقع أن يسبقني أحد لكتابة موضوع مشابه ، ولكن الأخ عمق - بارك الله فيه - كتب عنوانا يختلف عما سبق أن قررت الكتابة فيه منذ أيام:
http://www.swalif.net/sforum1/showthread.php?threadid=116412

نسأل الله بداية وانتهاء أن يهزم الأمريكان وأن يجعل مقبرة جنودهم في أرض البشتون وأن يرينا الله فيهم عجائب قدرته وأن يفتح على المسلمين فتوحاته.

ولكن لو افترضنا جدلا أن طالبان سقطت ، فماذا يعني هذا؟ وماذا سيحدث بعد ذلك؟

لو سقطت طالبان ينبغي علينا ان نعرف قاعدة جهادية هامة صرح بها رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال في رده على أبوسفيان بعدما انجلت معركة أحد "قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار".
ما هو هدف الأفغاني المسلم؟

ليس له هدف سوى السعي ، ليس هو فقط ، بل كل مسلم ليس له سوى أن يسعى "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ، وأن سعيه سوف يرى ، ثم يجزاه الجزاء الأوفى" نعم ، ليس للمسلم سوى أن يسعى وتبقى النتائج بيد الله تبارك وتعالى ، فموتة الأفغاني على يد الكافر شهادة في سبيل الله ، يعطى بفضلها عطاء لا يعطاه غير ، ويكفيه أمنه من الفزع الأكبر وأنه يشفع في سبعين او خمسين من أهله وأنه يغفر له عند أول قطرة من دمه وأنه يرى مقعده من الجنة وأنه يأمن من عذاب القبر.
وأما الأمريكي الكافر الذي يقتل مسلما ثم يبقى على كفره فليس له سوى النار ، وهذا باتفاق المسلمين ، فكيف يكون هذا انتصارا له؟

وفي قصة ذلك الشاب الذي أراد الملك أن يقتله فلم يستطع قتله ، فأشار عليه الغلام أن يقول "بسم رب الغلام ثم يرميه بالسهم" فقال الملك هذه الكلمة ورمى الغلام بالسهم فقتله ، فدفع هذا الأمر إلى أن يؤمن أهل المدينة ، وقام هذا الملك الطاغية بحفر الأخاديد لهم وحرقهم فيها ، ولكن هذا لم يزحزح من إيمانهم من شيء ، ختم الله تبارك وتعالى الآيات في هذه القصة بقوله "إن بطش ربك لشديد".

فحتى لو سقطت طالبان فإن سقوطها مشابه لبتر يد الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب في غزوة مؤتة ، فالراية لم تسقط بل حملها من بعده الصحابي الجليل عبدالله بن رواحة وأنشد قائلا:

أقسمت يا نفس لتنزلن
لتنزلن أو لتكرهن
قد أجلب الناس وشدوا الرنة
مالي أراك تكرهين الجنة

يا نفس إلا تقتلي تموتي
هذا حمام الموتي قد صليت
لو تفعلي فعلاه ما هديت

فكر على الروم حتى قتل ، فأعطيت الراية لسيف الله المسلول فانحاز بالجيش ولم يعتبره النبي صلى الله عليه وسلم فارا بالجيش ، وما هي إلا سنوات حتى توجه الجيش بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم إلى تبوك ، فتدين القبائل إلى تبوك للنبي عليه الصلاة والسلام بعد أن هرب جيش الروم من ملاقاة جيش الصحابة بعد أن عرفوا من قائده.

فإذا كانت طالبان للإسلام كيد الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب فرحيلها لا يعني شيء ، على العكس ، فهي ستبقى في قلوب الملايين من المسلمين الذين اتفقوا على حبهم لهذه الثلة من المسلمين التي غارت على دين الله أن يمس بسوء وفضلت الموت على العيش بذل ، يكون حال الأمة الإسلامية كحال أهل المدينة الذين آمنوا بعد مقتل الغلام الذي ضحى بنفسه.

يكفينا انتصارا أنه برغم منع الأئمة من الدعاء والقنوت للمسلمين الأفغان إما تلميحا أو تصريحا فإن الكثير من الناس بعد أن ينتهي من صلاته تسمعه يتمتم بكلمات تفهم منها أنه يدعي على أمريكا ويسأل الله أن يفرج الكرب عن المسلمين.

يكفينا نصرا - واتحدث عن نفسي - أني لم أجد شخصا من عوام الناس في الشارع أو المسجد إلا ويدعو الله أن ينصر المسلمين الأفغان على الكافرين الأمريكان.

ويح من ظن أن دماء الأبرياء (ولو مدني واحد) رخيصة ، بل هي عظيمة عند الله ، كيف لا وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن حرمة دم المسلم أعظم عند الله من حرمة الكعبة ، وأنه زوال الدنيا وما فيها أهون عند الله من قتل امرء مسلم.

"سقطت طالبان"... ثم ماذا؟

نعم ، إن أمريكا التي تعرف بتخطيطها الاستراتيجي لعشرين عاما قادمة لا تدري لماذا تخوض الحرب ، فهي حتى اليوم التالي لا تدري ماذا تفعل سوى القصف ، وليس هناك جدولة زمنية واضحة ولا حتى أجندة عسكرية سوى الضرب ، والهدف الرئيسي من هذه الضربات ثلاثة ، إقناع الشعب الأمريكي بأن هناك تحرك ، والثاني هو ترويع الجبناء ، والثالث هو ضرب أي محاولة للنهضة الإسلامية ، ومع ذلك الأهداف هذه عائمة ليس لها وسائل ثابتة سوى الضرب الذي لا يتكل عليها ولا معول عليها أبدا.

ثم ماذا؟

نقمة شديدة من الشعوب الإسلامية على أمريكا ، والمزيد من التهديد للأمن الأمريكي والمزيد من الاستعداد لتقديم أدنى مجهود لإيذاء الأمريكان.

ثم ماذا؟.. حكومة عميلة؟
أبدا ، فسبق أن وضعت روسيا حكومة عميلة كافرة لتضمن ولاء الدولة ، وأي دولة من الممكن أن تتحرك بدون الشعب ، والمراهنة على الحلف الشمالي مراهنة على مجموعة من المرتزقة الذين إذا دخلوا بلدة أفسدوها وأحرقوا واعتدوا على الأعراض ، فأي نصر سيصله اولئك؟

إن أي حكومة تقيمها أمريكا بالتعاون مع حلفائها من المحيطين بأفغانستان حكومة ما تلبث أن تختفي على أيدي أحفاد من استشهدوا في بداية الجهاد ضد الحكومة الملكية ثم حكومة داود ثم الحكومات الشيوعية المتعاقبة ، فلم تستطع هذه الكومات العميلة أن تصمد برغم الدعم الشديد من روسيا.


إن أمريكا وحلفائها هم الخاسر الأول من هذه الحرب ، بصرف النظر عن ماذا سيحصل لطالبان.

ليس هذا المقال للتبكيت ، وليس لجلب الإحباط ، إنما وضع النقاط على الحروف ، فنحن متيقنون بنصر الله ، سواء بقيت طالبان أم رحلت.