حماس
02-11-2001, 11:57 PM
العالم العربي والإسلامي يمر بمحنة أكثر من قاسية تجسد الغزو والاغتصاب الأجنبي لأرضه ودياره, كما تجسد العدوان الغاشم على شعوبه وأقطاره ، ووسط نيران ولهيب كافة أسلحة العصر تسيل دماء الضحايا أنهارا ، وتزهق أرواح الألوف الأبرياء ، كما تجري إبادة كافة أشكال ومظاهر الحياة. لتجفيف وتدمير أسباب الحياة فلا يجد أصحاب الديار أمامهم إلا خيار الهلاك جوعا ، أو خيار الهروب من الأرض والديار والانخراط في خيام اللاجئين يبحثون عن لقمة العيش وشربة الماء .
ويكاد الشعبان الفلسطيني والأفغاني ينفردان بتحمل أهوال وأخطار وآلام ومآسي هذه المحنة والاكتواء بنيرانها وتجرع عذابها ، وسط موقف عالمي يتراوح بين رضا غالبية دوله وحكوماته وبين سلبيته وصمت دول العرب والمسلمين وحكوماتهم ، رغم أن الخطر يحدق بجميع العرب والمسلمين وتنطلق وعود وتصريحات المعتدين مهددة بتوسيع رقعة العدوان ليعيش ويكتوي كافة العرب والمسلمين حكاما ومحكومين بآلام ومآسي وأهوال المحنة التي حلت وما تزال تحل بفلسطين وأفغانستان .
آخر الأخبار الواردة من فلسطين التي يتعرض شعبها لحصار صهيوني خانق يصاحبه قصف وحشي بكافة أسلحة الهلاك والدمار على مدى أكثر من عام تقول أن قوات الكيان الصهيوني الغاصب المدعومة بالدبابات والطائرات قد اجتاحت الضفة الغربية واحتلت مدن قلقلية ورام الله وبيت جالا وطولكرم وجنين وبيت ساحور .. وتوشك أن تقتحم الخليل وأريحا ونابلس ، وبذلك تعيد الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل اتفاقية أوسلو التي عقدها 1993م.
وقد دمر الكيان الصهيوني الغاصب مئات البيوت ، كما احتلت قواته مئات البيوت بعد طرد أصحابها ، كما دمر مواقع الأمن الفلسطيني وخرب المزارع ، وأطلق نيران أسلحته على الأبرياء ، فقتل منهم العشرات وأصاب العشرات واعتقل العديدين متهما إياهم بمقاومة الاحتلال الصهيوني .
وإذا كان العدو الصهيوني الغاصب يزاول عدوانه الإجرامي على الأشقاء الفلسطينيين مستخدما كافة الأسلحة الأمريكية الحديثة ، مدعوما بكافة أشكال الدعم الأمريكي السياسي والعسكري والاقتصادي ، فقد لزمت أمريكا الصمت إزاء عدوانه الأخير واكتفى أحد مسئوليها بوصف الاجتياح الصهيوني الذي استباح أرواح ودماء الأبرياء ، بأنه نمط من الأعمال التي لا تساعد على إرساء الوضع!! .. وعاد فطالب الطرفين الصهيوني والعربي الفلسطيني ، بضبط النفس والمشاعر .
الكيان الصهيوني الغاصب فقد استغل قصفه للفلسطينيين في الضفة بكافة أنواع السلاح الأمريكي الحديث فقد حدد لعرفات مهلة أسبوع لتسليم قتلة زئيفي وزير الإعلام وإصدار قرار باعتبار الحركات العسكرية الفلسطينية حركات خارجة عن القانون ، مع تجريدها من السلاح .
وقد ناشد رئيس السلطة الفلسطينية أمريكا والمنظمات الدولية والدول الأوروبية التدخل لوقف العدوان الصهيوني على مدن الضفة الغربية وسكانها الأبرياء ، إلا أنه لم يتلق إجابة أو تلبية ، بل إن وزارة الخارجية الأمريكية رفضت توجيه خطاب مباشر للكيان الصهيوني الغاصب بانسحاب قواته من مدن الضفة والعودة إلى مواقعها السابقة .
أما آخر أخبار المحنة التي أنزلها العدوان الأمريكي الغاشم بشعب أفغانستان المسلم والتي تتمثل في الحصار العسكري الأمريكي والدولي لشعب أفغانستان ومواصلة أمريكا قصفه بالطائرات والصواريخ فتقول أن القصف الأمريكي لأفغانستان والمتواصل على مدى ثلاث أسابيع فقد جرى تكثيفه وتوسيعه مع استخدام أحدث الأسلحة وتجريب العديد من الأسلحة الجديدة وضرب المدن الأفغانية بقنابل زنة خمسمائة رطل إضافة إلى القنابل العنقودية. مما أدى إلى قتل المئات من المدنيين وتدمير المنشآت المدنية كالمستشفيات والمساجد وقوافل اللاجئين.
وتؤكد أخبار العدوان الأمريكي الغاشم على أفغانستان أن أمريكا ماضية في عدوانها ، خاصة بعد أن أعلنت عن بدء الحملات البرية ضد مدن أفغانستان وتأكيد وزير الدفاع الأمريكي أن القصف الجوي لأفغانستان لن يتوقف ، وإعلان الرئيس الأمريكي بوش رفضه لأي هدنة أو وقف للهجمات حين طالبت ست منظمات إنسانية عالمية أمريكا بوقف قصفها وغاراتها ضد الشعب الأفغاني حتى تتمكن من توصيل الاحتياجات الضرورية لألوف المحاصرين المعرضين للهلاك من أبنائه .
أوجه الشبه بين المحنة التي يعيشها الشعب الفلسطيني والمحنة التي يتجرع قسوتها الشعب الأفغاني كثيرة ، والدور الأمريكي في المحنتين دور أكثر من خطير ، كما أن له العديد من الدلالات البعيدة الخطورة .
الشعبان يتعرضان للحصار الخانق وأيضا يتعرضان للقصف بكافة أنواع الأسلحة ، والسلاح الذي يستخدم في قتل وإبادة الشعبين وتدمير أرضهما ، وهدم قراهما ومدنهما ، هو السلاح الأمريكي .
وإذا كانت أمريكا قد لجأت لتشكيل حلف دولي لفرض الحصار حول أفغانستان ، وتسخير إمكانات دول الحلف لخدمة القوات الأمريكية في قصفها لمدن وقرى أفغانستان ، حتى يتم إبادة شعب مسلم أو يتم تركيعه .. فإنها قد فرضت حصارا حول فلسطين يحول دون تدخل أي جهة خارجية ، معلنة أن على الطرفين الصهيوني الغاصب والفلسطيني صاحب الحق المغتصب أن يحلا قضاياها من خلال التفاوض ، ولما كانت أمريكا قد أعلنت عن وقوفها إلى جوار الكيان الصهيوني الغاصب ودعمه وضمان تفوقه وفرضت حصارها على الشعب الفلسطيني ومارست ضغوطها على الحكومات العربية حتى لا تقدم له العون والدعم المادي ، فإن مائدة التفاوض في ظل الأوضاع التي أوجدتها السياسة الأمريكية المنحازة للصهاينة لا تمضي بالأشقاء الفلسطينيين إلا على طريق الاستسلام والركوع .
وبينما تشن أمريكا حربها الشرسة على شعب أفغانستان الأعزل تحت شعار مناهضة وملاحقة الإرهاب فإنها على لسان كافة مسئوليها أعلنت وتعلن أن الحرب على الإرهاب ستمتد لسنوات ، عبر عدة مراحل، وأن من بين مراحلها ما يشمل ضرب جميع المنظمات والتنظيمات التي تشكل خطورة على الحكومات أو يمكن أن تلحق أضرارا بالمصالح الأمريكية ، الأمر الذي يصل في نهاية المطاف إلى اعتبار الحركات التحريرية التي تقاوم الاستعمار الصهيوني في فلسطين أو الهندي في كشمير أو الروسي في الشيشان ، حركات إرهابية ينبغي حصارها وتجريمها وإعلان الحرب عليها .
أيضا سخرت أمريكا المنظمات الدولية لخدمة سياستها فقد أقر مجلس الأمن مشروع قرار أمريكي بإعلان الحرب على الإرهاب واعتبار كافة الدول التي لا تنفذ هذا القرار بتوصياته المختلفة دولا منحازة إلى الإرهاب ، في أربع وعشرين ساعة ، بينما استخدمت حق الفيتو ومارست الضغوط على أعضاء المجلس لتحول دون تمرير مشروع قرار طالب فيه الأشقاء الفلسطينيين إرسال مراقبين دوليين للضفة وغزة لرصد العدوان الصهيوني الغاشم عليهم.
وإذا كان الرئيس الأمريكي رغم القصف المتواصل لمدن وشعب أفغانستان والحصار المضروب حوله من كافة الجهات قد خاطب أهل أفغانستان على أنهم الأصدقاء ، وأن المعونات الأمريكية التي بلغت ملايين الدولارات تنهال عليهم تأكيدا للصداقة وأن الحملة الأمريكية لا تستهدف الشعب الأفغاني ولكن تستهدف الإرهاب ومن يأوون الإرهاب ، فإنه في الوقت نفسه قد أعلن في أكثر من تصريح بأن الدولة الفلسطينية هي جزء من الرؤية الأمريكية لقضية الشرق الأوسط .
وبالطبع فإن هذا وذاك لا يعدو أن يكون سياسة لتمرير وتبرير ما يجري في أفغانستان ، ومحاولة للتهدئة والتليين حتى تنجز الحملة الأمريكية أهدافها وتصل إلى غاياتها ، يؤكد ذلك رفض أمريكا الاستجابة للمنظمات الإنسانية التي ناشدتها وقف الغارات حتى يمكن توصيل الغذاء والضروريات الحياتية للشعب الأفغاني وتأكيد الرئيس الأمريكي في نفس الوقت أن الدولة الفلسطينية التي يعنيها إنما يجب أن تأتي من خلال المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية ، وأن تحوز رضا الطرفين وبمعنى أدق وأصح ، تفوز بالرضا الصهيوني.
إنها حملة على كل العرب والمسلمين
إن ما يجري في أفغانستان وفي فلسطين وهو درس ورسالة موجهة لكافة دول العرب والمسلمين ، هو أيضا يمثل مرحلة تتلوها مراحل ، كما قال الأمريكيون على كافة مستويات مسئوليهم ، وإذا كانت الحملة اليوم تستهدف أفغانستان متذرعة بمقاومة ومحاربة الإرهاب ، مستمدة الدعم من دول الغرب ، ومن روسيا والصين فإنها في الغد ستمتد لتشمل شعب العراق، وشعب الصومال والشعب السوري والشعب اللبناني وكذلك الشعب الليبي ، كما ستتسع من مرحلتها الثالثة حسب قول وتصريحات المسئولين الأمريكيين لتشمل باقي عالم العرب والمسلمين وتلك هي مرحلة إعادة الترتيب والتنظيم وإزاحة حكومات وتنصيب حكومات ، وإحكام القبضة على كافة الرقاب وأمركة عالم العرب والمسلمين والانتهاء من هموم وشئون القضية الفلسطينية بانفراد الكيان الصهيوني الغاصب بالأمر وبالنفوذ والسلطان وتوسيع رقعته لتصل إلى حدود الوطن القومي المزعوم، وتقويض وجود وتواجد الإسلام بعد أن جعلت منه أمريكا والغرب العدو الذي يهدد الحضارات والديمقراطيات والحريات ، رغم أنه رسالة السماحة ، والأخوة ، والعدالة والإنصاف ، والحرية والأمن والمساواة والعلم والتقدم والحضارة ، وحينما ساد وقاد شملت عدالته وسماحته وعدله وإنصافه ونوره وضياؤه كل الأرجاء ، وأخرج بحضارته أوروبا وشعوبها من الظلام إلى الضياء ، ومن الجهل إلى المعرفة..
وإذا كانت الحملات الأمريكية على عالمنا العربي والإسلامي ستمتد وتتسع في مراحلها لتشمل كافة العرب والمسلمين تحت شعار الحرب على الإرهاب ، وإذا كانت إعادة ترتيب وتنظيم عالمنا العربي والإسلامي حسب مفهوم السياسة الأمريكية ستتسع لتشمل الشعوب والحكام ، فإنه بات من الضروري بل من الحتمي أن يكون هناك تحرك على مستوى الشعوب والحكام لمواجهة الخطر الداهم ، قبل أن يلحق بالجميع .
ومن هنا فإن مسئولية الحكام أمام الشعوب وأمام الله عز وجل أكثر من خطيرة ، والأمانة في أعناقهم ، كما قلنا من قبل عظيمة ، ولا منجاة لهم ولشعوبهم إلا من خلال تحقيق الوحدة وتمتين الرابطة بينهم وبين الشعوب على طريق إعداد العدة لمواجهة باتت مفروضة ، وحرب تتسع لهيبها ليشمل الجميع .
إن الأمة على مستوى شعوبها من المحيط قد أعلنت عن موقفها وانحازت إلى جانب الحق والعدل ، ورفضت الظلم والجور ، وأكدت دعمها للشعب الفلسطيني والشعب الأفغاني ، وصار هدير تظاهراتها وتجمعاتها يهتف بالحكام من أعماق القلوب من أجل توحيد الصف والكلمة ، ونبذ الخلافات والارتفاع فوق مصالح الذات .. وإعادة ترتيب البيت العربي والإسلامي على مستوى الدول والإمارات وعلى مستوى الخريطة الممتدة من إندونيسيا حتى المغرب.
إن الأمة تملك إيمانها العميق ، وتملك إمكاناتها وطاقاتها الهائلة، ومن ثم فهي تملك الأسباب والسبل والوسائل ، لدحر الطغيان والطغاة ، وتحرير الأرض والذود عن العرض ، وتحقيق النصر والفوز ، إذا تذكر الجميع والتزموا قول الله عز وجل وهو يخاطب المسلمين أمس واليوم والغد ، ويذكرهم ويرشدهم ويهديهم إلى طريق الفوز والنجاة والفلاح ، خاصة حين تدلهم الخطوب وتحدق بهم الأخطار (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ، ومن أوفى بعهده من الله ، فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم).
ويكاد الشعبان الفلسطيني والأفغاني ينفردان بتحمل أهوال وأخطار وآلام ومآسي هذه المحنة والاكتواء بنيرانها وتجرع عذابها ، وسط موقف عالمي يتراوح بين رضا غالبية دوله وحكوماته وبين سلبيته وصمت دول العرب والمسلمين وحكوماتهم ، رغم أن الخطر يحدق بجميع العرب والمسلمين وتنطلق وعود وتصريحات المعتدين مهددة بتوسيع رقعة العدوان ليعيش ويكتوي كافة العرب والمسلمين حكاما ومحكومين بآلام ومآسي وأهوال المحنة التي حلت وما تزال تحل بفلسطين وأفغانستان .
آخر الأخبار الواردة من فلسطين التي يتعرض شعبها لحصار صهيوني خانق يصاحبه قصف وحشي بكافة أسلحة الهلاك والدمار على مدى أكثر من عام تقول أن قوات الكيان الصهيوني الغاصب المدعومة بالدبابات والطائرات قد اجتاحت الضفة الغربية واحتلت مدن قلقلية ورام الله وبيت جالا وطولكرم وجنين وبيت ساحور .. وتوشك أن تقتحم الخليل وأريحا ونابلس ، وبذلك تعيد الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل اتفاقية أوسلو التي عقدها 1993م.
وقد دمر الكيان الصهيوني الغاصب مئات البيوت ، كما احتلت قواته مئات البيوت بعد طرد أصحابها ، كما دمر مواقع الأمن الفلسطيني وخرب المزارع ، وأطلق نيران أسلحته على الأبرياء ، فقتل منهم العشرات وأصاب العشرات واعتقل العديدين متهما إياهم بمقاومة الاحتلال الصهيوني .
وإذا كان العدو الصهيوني الغاصب يزاول عدوانه الإجرامي على الأشقاء الفلسطينيين مستخدما كافة الأسلحة الأمريكية الحديثة ، مدعوما بكافة أشكال الدعم الأمريكي السياسي والعسكري والاقتصادي ، فقد لزمت أمريكا الصمت إزاء عدوانه الأخير واكتفى أحد مسئوليها بوصف الاجتياح الصهيوني الذي استباح أرواح ودماء الأبرياء ، بأنه نمط من الأعمال التي لا تساعد على إرساء الوضع!! .. وعاد فطالب الطرفين الصهيوني والعربي الفلسطيني ، بضبط النفس والمشاعر .
الكيان الصهيوني الغاصب فقد استغل قصفه للفلسطينيين في الضفة بكافة أنواع السلاح الأمريكي الحديث فقد حدد لعرفات مهلة أسبوع لتسليم قتلة زئيفي وزير الإعلام وإصدار قرار باعتبار الحركات العسكرية الفلسطينية حركات خارجة عن القانون ، مع تجريدها من السلاح .
وقد ناشد رئيس السلطة الفلسطينية أمريكا والمنظمات الدولية والدول الأوروبية التدخل لوقف العدوان الصهيوني على مدن الضفة الغربية وسكانها الأبرياء ، إلا أنه لم يتلق إجابة أو تلبية ، بل إن وزارة الخارجية الأمريكية رفضت توجيه خطاب مباشر للكيان الصهيوني الغاصب بانسحاب قواته من مدن الضفة والعودة إلى مواقعها السابقة .
أما آخر أخبار المحنة التي أنزلها العدوان الأمريكي الغاشم بشعب أفغانستان المسلم والتي تتمثل في الحصار العسكري الأمريكي والدولي لشعب أفغانستان ومواصلة أمريكا قصفه بالطائرات والصواريخ فتقول أن القصف الأمريكي لأفغانستان والمتواصل على مدى ثلاث أسابيع فقد جرى تكثيفه وتوسيعه مع استخدام أحدث الأسلحة وتجريب العديد من الأسلحة الجديدة وضرب المدن الأفغانية بقنابل زنة خمسمائة رطل إضافة إلى القنابل العنقودية. مما أدى إلى قتل المئات من المدنيين وتدمير المنشآت المدنية كالمستشفيات والمساجد وقوافل اللاجئين.
وتؤكد أخبار العدوان الأمريكي الغاشم على أفغانستان أن أمريكا ماضية في عدوانها ، خاصة بعد أن أعلنت عن بدء الحملات البرية ضد مدن أفغانستان وتأكيد وزير الدفاع الأمريكي أن القصف الجوي لأفغانستان لن يتوقف ، وإعلان الرئيس الأمريكي بوش رفضه لأي هدنة أو وقف للهجمات حين طالبت ست منظمات إنسانية عالمية أمريكا بوقف قصفها وغاراتها ضد الشعب الأفغاني حتى تتمكن من توصيل الاحتياجات الضرورية لألوف المحاصرين المعرضين للهلاك من أبنائه .
أوجه الشبه بين المحنة التي يعيشها الشعب الفلسطيني والمحنة التي يتجرع قسوتها الشعب الأفغاني كثيرة ، والدور الأمريكي في المحنتين دور أكثر من خطير ، كما أن له العديد من الدلالات البعيدة الخطورة .
الشعبان يتعرضان للحصار الخانق وأيضا يتعرضان للقصف بكافة أنواع الأسلحة ، والسلاح الذي يستخدم في قتل وإبادة الشعبين وتدمير أرضهما ، وهدم قراهما ومدنهما ، هو السلاح الأمريكي .
وإذا كانت أمريكا قد لجأت لتشكيل حلف دولي لفرض الحصار حول أفغانستان ، وتسخير إمكانات دول الحلف لخدمة القوات الأمريكية في قصفها لمدن وقرى أفغانستان ، حتى يتم إبادة شعب مسلم أو يتم تركيعه .. فإنها قد فرضت حصارا حول فلسطين يحول دون تدخل أي جهة خارجية ، معلنة أن على الطرفين الصهيوني الغاصب والفلسطيني صاحب الحق المغتصب أن يحلا قضاياها من خلال التفاوض ، ولما كانت أمريكا قد أعلنت عن وقوفها إلى جوار الكيان الصهيوني الغاصب ودعمه وضمان تفوقه وفرضت حصارها على الشعب الفلسطيني ومارست ضغوطها على الحكومات العربية حتى لا تقدم له العون والدعم المادي ، فإن مائدة التفاوض في ظل الأوضاع التي أوجدتها السياسة الأمريكية المنحازة للصهاينة لا تمضي بالأشقاء الفلسطينيين إلا على طريق الاستسلام والركوع .
وبينما تشن أمريكا حربها الشرسة على شعب أفغانستان الأعزل تحت شعار مناهضة وملاحقة الإرهاب فإنها على لسان كافة مسئوليها أعلنت وتعلن أن الحرب على الإرهاب ستمتد لسنوات ، عبر عدة مراحل، وأن من بين مراحلها ما يشمل ضرب جميع المنظمات والتنظيمات التي تشكل خطورة على الحكومات أو يمكن أن تلحق أضرارا بالمصالح الأمريكية ، الأمر الذي يصل في نهاية المطاف إلى اعتبار الحركات التحريرية التي تقاوم الاستعمار الصهيوني في فلسطين أو الهندي في كشمير أو الروسي في الشيشان ، حركات إرهابية ينبغي حصارها وتجريمها وإعلان الحرب عليها .
أيضا سخرت أمريكا المنظمات الدولية لخدمة سياستها فقد أقر مجلس الأمن مشروع قرار أمريكي بإعلان الحرب على الإرهاب واعتبار كافة الدول التي لا تنفذ هذا القرار بتوصياته المختلفة دولا منحازة إلى الإرهاب ، في أربع وعشرين ساعة ، بينما استخدمت حق الفيتو ومارست الضغوط على أعضاء المجلس لتحول دون تمرير مشروع قرار طالب فيه الأشقاء الفلسطينيين إرسال مراقبين دوليين للضفة وغزة لرصد العدوان الصهيوني الغاشم عليهم.
وإذا كان الرئيس الأمريكي رغم القصف المتواصل لمدن وشعب أفغانستان والحصار المضروب حوله من كافة الجهات قد خاطب أهل أفغانستان على أنهم الأصدقاء ، وأن المعونات الأمريكية التي بلغت ملايين الدولارات تنهال عليهم تأكيدا للصداقة وأن الحملة الأمريكية لا تستهدف الشعب الأفغاني ولكن تستهدف الإرهاب ومن يأوون الإرهاب ، فإنه في الوقت نفسه قد أعلن في أكثر من تصريح بأن الدولة الفلسطينية هي جزء من الرؤية الأمريكية لقضية الشرق الأوسط .
وبالطبع فإن هذا وذاك لا يعدو أن يكون سياسة لتمرير وتبرير ما يجري في أفغانستان ، ومحاولة للتهدئة والتليين حتى تنجز الحملة الأمريكية أهدافها وتصل إلى غاياتها ، يؤكد ذلك رفض أمريكا الاستجابة للمنظمات الإنسانية التي ناشدتها وقف الغارات حتى يمكن توصيل الغذاء والضروريات الحياتية للشعب الأفغاني وتأكيد الرئيس الأمريكي في نفس الوقت أن الدولة الفلسطينية التي يعنيها إنما يجب أن تأتي من خلال المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية ، وأن تحوز رضا الطرفين وبمعنى أدق وأصح ، تفوز بالرضا الصهيوني.
إنها حملة على كل العرب والمسلمين
إن ما يجري في أفغانستان وفي فلسطين وهو درس ورسالة موجهة لكافة دول العرب والمسلمين ، هو أيضا يمثل مرحلة تتلوها مراحل ، كما قال الأمريكيون على كافة مستويات مسئوليهم ، وإذا كانت الحملة اليوم تستهدف أفغانستان متذرعة بمقاومة ومحاربة الإرهاب ، مستمدة الدعم من دول الغرب ، ومن روسيا والصين فإنها في الغد ستمتد لتشمل شعب العراق، وشعب الصومال والشعب السوري والشعب اللبناني وكذلك الشعب الليبي ، كما ستتسع من مرحلتها الثالثة حسب قول وتصريحات المسئولين الأمريكيين لتشمل باقي عالم العرب والمسلمين وتلك هي مرحلة إعادة الترتيب والتنظيم وإزاحة حكومات وتنصيب حكومات ، وإحكام القبضة على كافة الرقاب وأمركة عالم العرب والمسلمين والانتهاء من هموم وشئون القضية الفلسطينية بانفراد الكيان الصهيوني الغاصب بالأمر وبالنفوذ والسلطان وتوسيع رقعته لتصل إلى حدود الوطن القومي المزعوم، وتقويض وجود وتواجد الإسلام بعد أن جعلت منه أمريكا والغرب العدو الذي يهدد الحضارات والديمقراطيات والحريات ، رغم أنه رسالة السماحة ، والأخوة ، والعدالة والإنصاف ، والحرية والأمن والمساواة والعلم والتقدم والحضارة ، وحينما ساد وقاد شملت عدالته وسماحته وعدله وإنصافه ونوره وضياؤه كل الأرجاء ، وأخرج بحضارته أوروبا وشعوبها من الظلام إلى الضياء ، ومن الجهل إلى المعرفة..
وإذا كانت الحملات الأمريكية على عالمنا العربي والإسلامي ستمتد وتتسع في مراحلها لتشمل كافة العرب والمسلمين تحت شعار الحرب على الإرهاب ، وإذا كانت إعادة ترتيب وتنظيم عالمنا العربي والإسلامي حسب مفهوم السياسة الأمريكية ستتسع لتشمل الشعوب والحكام ، فإنه بات من الضروري بل من الحتمي أن يكون هناك تحرك على مستوى الشعوب والحكام لمواجهة الخطر الداهم ، قبل أن يلحق بالجميع .
ومن هنا فإن مسئولية الحكام أمام الشعوب وأمام الله عز وجل أكثر من خطيرة ، والأمانة في أعناقهم ، كما قلنا من قبل عظيمة ، ولا منجاة لهم ولشعوبهم إلا من خلال تحقيق الوحدة وتمتين الرابطة بينهم وبين الشعوب على طريق إعداد العدة لمواجهة باتت مفروضة ، وحرب تتسع لهيبها ليشمل الجميع .
إن الأمة على مستوى شعوبها من المحيط قد أعلنت عن موقفها وانحازت إلى جانب الحق والعدل ، ورفضت الظلم والجور ، وأكدت دعمها للشعب الفلسطيني والشعب الأفغاني ، وصار هدير تظاهراتها وتجمعاتها يهتف بالحكام من أعماق القلوب من أجل توحيد الصف والكلمة ، ونبذ الخلافات والارتفاع فوق مصالح الذات .. وإعادة ترتيب البيت العربي والإسلامي على مستوى الدول والإمارات وعلى مستوى الخريطة الممتدة من إندونيسيا حتى المغرب.
إن الأمة تملك إيمانها العميق ، وتملك إمكاناتها وطاقاتها الهائلة، ومن ثم فهي تملك الأسباب والسبل والوسائل ، لدحر الطغيان والطغاة ، وتحرير الأرض والذود عن العرض ، وتحقيق النصر والفوز ، إذا تذكر الجميع والتزموا قول الله عز وجل وهو يخاطب المسلمين أمس واليوم والغد ، ويذكرهم ويرشدهم ويهديهم إلى طريق الفوز والنجاة والفلاح ، خاصة حين تدلهم الخطوب وتحدق بهم الأخطار (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ، ومن أوفى بعهده من الله ، فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم).