PDA

View Full Version : لماذا علينا تغيير قوانين المواطنة أولا في كل بلاد المسلمين؟


طه66
04-01-2002, 08:35 AM
إن أول ركن هدم في الإسلام هو ركن المواطنة الإسلامية
حين إستهوت المسلمين الحضارة الأوربية و إعتقدوا أن سر نجاحها في قيام الأوربيين بتدمير المواطنة الدينية و إستحداث المواطنة الإقليمية كبديل عنها للقضاء على تأثير بابا روما على عامة الناس. فالمواطنة الإقليمية تعني قيام دول حديثة لشعوب تقوم هي أساسا على رابطة الإقليم أو العرق أو اللغة.
غير أن عوام المسلمين حتى الدعاة و العلماء ......لم يدركوا معنى و أهمية الحفاظ على المواطنة الإسلامية!
لم يدركوا تأثير المواطنة على نفوس الناس و على أفكارهم و عواطفهم و مصالحهم العليا!
فالمواطنة بما يترتب عليها من واجبات عظيمة و جسيمة و أحيانا باهظة الثمن، و بما يترتب عليها من حقوق كبيرة و إمتيازات خاصة و عزة و مجد كبيرين، و بما يترتب عليها من تحديد حدود الوطن و نوعية الأفراد الذين ينتسب إليهم الأفراد في نظرهم و نظر الأخرين، هذه المواطنة هي المفتاح الوحيد إلى قلوب الغالبية العظمى من المسلمين أكثر من الدين نفسه ...
ليس لأن المسلمين جهلة أو منافقين أو جبناء أو أنهم يحبون الدنيا أكثر من حبهم للإخرة!
هذا غير صحيح، بل لأنهم بشر و يتأثرون فطريا بالقضايا التي تمس حياتها اليومية بشكل مباشر، أكثر من تأثرهم بالمبادىء و القيم و المثل و لوكانت دينية.

عندما أراد كمال أتاتورك أن يهدم هذا الدين ركنا ركنا، لم يتعرض للدين بأي سوء، بل وجه هو وأعوانه سهامهم الماكرة إلى المواطنة، حين دعى إلى إقامة الدولة التركية و التخلي عن بقية المسلمين بإعتبارهم عبىء لا خير يرتجى منه. و قف كمال أتاتورك يخاطب البرلمان بقوله :"أنا لست مؤمنا بعصبة من الدول الإسلامية، و لا حتى بعصبة من الشعوب العثمانية، .. أن تحمي حدود الوطن و إستقلاله داخل نطاق حدوده الطبيعية، فلا العاطفة و لا الأوهام ينبغي أن تؤثر في سياستنا و سحقا للأحلام و الخيالات، لقد كلفتنا غاليا في الماضي"
و ما أن تم ذلك في كل بلاد المسلمين حتى سارع كمال أتاتورك و أمثاله، إلى تغذية الحمية الوطنية الجديدة، و إقناع المسلمين أنهم أعضاء في شعوب هي قديمة قدم الزمان و ليست مستحدثة، و أن عزتهم و مجدهم و تقدمهم في تمسكهم و دفاعهم عن مصالح هذه الشعوب و تلك الحدود الجديدة. و عززوا حملتهم بتحقيق مكاسب وهمية بإسم الوطنية الإقليمية الجديدة حتى إعتقد الناس أنهم على الطريق الصحيح..
وما هي إلا بضع سنين حتى أصبح الجميع يعظم مصالحه الإقليمية الجديدة و ينفر من كل إلتزام إسلامي، بإعتباره مضيعة للوقت. و عند ذلك بدأت عملية تدمير الإسلام ركنا ركنا، بدأ بتدمير معاني و رهبة الألوهية و الربوبية، و مرورا بتدمير الشريعة الإسلامية، و وصولا إلى أبسط شؤون الدين ...

و هكذا إختفت من على وجه الأرض دولة الخلافة، و لم يعد للمسلمين دولة واحدة تقوم المواطنة فيها على اساس الإسلام فقط. و هكذا أصبح الإسلام شيءا ثانويا و ليس أساسيا للمسلمين يستحق بعض التمجيد الذي يجب أن لا يتجاوز بأي حال من الأحوال حدود الدولة الحديثة المصطنعة. و أصبح الجميع يتخبط في حلوله من غير أن ينتبهوا أن بداية الشر كله جاء من تغيير قوانين المواطنة في بلاد المسلمين أولا.

من أجل ذلك لابد من إعادة المواطنة الإسلامية أولا و قبل كل شيء، حتى يعيش المسلم العامي و الحاكم و إفراد الجيش و العلماء و المشرعين، في بيئة تغذي فيهم الحمية الإسلامية فقط، و تغذي فيهم الولاء للمسلمين جميعا و كل أرض الإسلام، و تربيهم على الغيرة و الغضب على ما يصيب المسلمين، و تعلمهم أن العزة في الإسلام لا غير. فلا المواعض و لا التعليم و لا التوعية تستطيع أن تحقق ذلك لوحدها...