تسجيل الدخول

View Full Version : الورقة الرابحة بيد القيادة


mohammad
02-02-2002, 12:55 AM
لقد كان امام قادة اسرائيل استراتيجيتان للعمل بمقضتاهما لارساء شرعية الكيان الاسرائيلي بين دول المنطقة .

الاولى : استخدام العرب انفسهم لتصفية القضية الفلسطينية و ذلك بعقد اتفاقيات صلح مع الاردن و سورية و لبنان يعقبها تطبيع مع بقية العرب و توطين اللاجئين الفلسطينيين في الدول الموجودين فيها اضافة لايجاد صيغة لحل القضية الفلسطينية بتقاسمها بين العرب و الاسرائيليين .

الثانية : استخدام الفلسطينيين انفسهم لتحجيم قضيتهم و ذلك بالقبول بسلام يكرس مكاسبا لاسرائيل و يكون منطلقا للتطبيع مع بقية العرب و مدخلا لاضفاء الشرعية على الوجود الاسرائيلي .

الاستراتيجية الاولى فشلت بسسب عدم تعاون سوريا و لبنان و عدم تعاون الاردن في بادئ الامر ، اضافة الى مقاومة التطبيع في مصر و الذي تبعها لاحقا مقاومة للتطبيع في الاردن بعد توقيع الاردن معاهدة سلام مع اسرائيل ، الامر الذي جعلهما مجرد اتفاقات بين الحكوملت لا بين الشعوب .

الاستراتيجية الثانية تعتمد على تعاون القيادة الفلسطينية التي كانت بين مد و جزر في تعاونها مع الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة بسبب عدم تنفيذ اسرائيل للاتفاقات التي عقدت بين الطرفين و المطالبات الاسرائيلية المستحيلة للقضاء على المقاومة و الانتفاضة في ظل عدم وجود اي تقدم ملحوظ في عملية السلام ، فكان اخيرا منع الرئيس عرفات من مغادرة رام الله و اعتباره منتهيا لا يمثل طرفا متعاونا في عملية السلام .

في ضوء التغيرات الاخيرة الملحوظة في العالم العربي و الاسلامي من ازدياد للنقمة على الولايات المتحدة و اسرائيل و تآكل التاييد العربي لامريكا التي تمثل اسرائيل و ارتفاع للاصوات المطالبة بوضع حد لتجاوزات اسرائيل ليس من الشعوب العربية و الاسلامية فحسب كما كان في السابق بل ايضا من زعماء هذه الدول التي اصبحت تضيق ذرعا من التصرفات التي تعتبر تهديدا لها يكم في ازدياد غضب الشعوب على حكامها .

هذه الظروف الجديدة و المتغيرة تعطي في الواقع القيادة الفلسطينية قوة لا حدود لها في قدرتها على استغلال هذه الظروف بتفجير القضية الفلسطينية و ارجاع التاريخ الى الوراء و بالتالي يتحتم على اسرائيل ان تقاتل من جديد بسبيل وجودها ليس ضد الفلسطينيين فحسب بل ضد العرب بكاملهم و هذا يؤدي ايضا الى اعدة رسم للخريطة السياسية للمنطقة بكاملها .

ان كيفية استخدام القيادة الفلسطينية ممثلة بالرئيس ياسر عرفات لهذه الورقة هو الذي سيحدد مصير اسرائيل و القضية الفلسطينية .

mohammad
02-02-2002, 02:06 AM
يبدو ياسر عرفات سياسيا كأنه ميت يسعى بين الاحياء. هناك عدد قليل من الاميركيين والاسرائيليين والقادة العرب، دع عنك الفلسطينيين، ممن يعتقدون عن حق واقتناع انه يمكن ان يقود شعبه الى اتفاق سلام مع اسرائيل. السبب الوحيد الذي يبقي على عرفات موجودا على سطح الاحداث هو ان احدا لا يريد ان يتحمل مسؤولية نهايته السياسية. لا اسرائيل تريد تحمل هذه المسؤولية، ولا اميركا ولا العرب ولا مساعدوه. وهذا هو ما جعل هذه القضية تزاح من مجال السياسة الى مجال البيولوجيا. فالكل ينتظر وفاة عرفات. وانه لمن سوء الحظ انه يواظب على تناول اللبن الرائب ولا يفرط في القيلولة.

والواقع ان عرفات رجل ميت يسعى بين الاحياء لانه اصاب نفسه ثلاث مرات. الاصابة الاولى كانت رفضه لعرض بيل كلنتون للسلام الذي كان كفيلا باعطاء الفلسطينيين دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية. وقد رفض هذا العرض اساسا لانه لم يكن يريد دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة ، بل كان يريد كذلك حق العودة الى اسرائيل لمئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين قبل .1967

يقول خبير شئون الشرق الاوسط ستيفن كوهين: "اتضح ان عرفات كان يريد دولتين فلسطينيتين وليس دولة واحدة. كان يريد دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، للتفاوض حولها مع اسرائيل اليوم. وكان يريد دولة فلسطينية اخرى داخل اسرائيل تقام عن طريق عودة اللاجئين الفلسطينيين بمعدلات تكاثرهم العالية. كانت اسرائيل مستعدة لاعطائه دولة فلسطينية واحدة، ولكن ليس دولتين. ولم يكن عرفات يملك الشجاعة ليقول ذلك لشعبه".

الاصابة الثانية ، عندما فشل عرفات في الحصول على دولتيه في كامب ديفيد، قرر التنازل عن احتكار السلطة في المناطق الفلسطينية. واحتكار السلطة هو التعريف الاساسي للدولة، او "للسلطة الفلسطينية". وقد تنازل عرفات عن ذلك الاحتكار حتى يسمح لحماس والجهاد الاسلامي بتنفيذ هجمات انتحارية كاداة للضغط على اسرائيل لتقبل شروطه وان تفعل المنظمتان ذلك بطريقة لا تحمله المسؤولية عن هذه الهجمات. وعندما اقدم على هذا العمل، كان عرفات قد تنازل في نفس الوقت عن أي احتمال بان يكون رئيسا صاحب سيادة على رأس دولة فلسطينية. فمن يستطيع ان يثق في رئيس يتنازل عن سلطته كلما كان ذلك ملائما لاغراضه؟

واخيرا باستيراده لسفينة البلهاء، وهي سفينة تحمل اسلحة متقدمة من ايران، تمكن عرفات من تحطيم الحجة المركزية للحمائم الاسرائيليين وهي ان اسرائيل يمكن ان تقبل دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة لانها ستكون "منزوعة السلاح" وغير قادرة بالتالي على تهديد اسرائيل او الاردن.

ويقول ديفيد ماكوفسكي، محلل شئون الشرق الاوسط: "كان الجميع يأملون ان يصبح عرفات نلسون مانديلا ، ولكن اتضح انه روبرت موغابي".

كل هذا يضعنا امام خمسة خيارات.
الخيار الاول: ان يجتمع الزعماء العرب ويحاولون استبدال عرفات كمفاوض لاسرائيل ويقدموا لاسرائيل سلاما عربيا شاملا مقابل الانسحاب الكامل.

الخيار الثاني: فلسطين هي الاردن. تقوم اسرائيل بدعوة الاردن لاستعادة سيادته على الضفة الغربية، باعتباره الدولة العربية الوحيدة التي يمكن لاسرائيل ان تثق بها.

الخيار الثالث: الاردن هو فلسطين. هنا يقوم اريل شارون باحتلال الضفة الغربية ويطرد الفلسطينيين الى الاردن.

الخيار الرابع: يقوم الفلسطينيون بازاحة عرفات واستبداله بقيادة جديدة تستعيد مصداقية الفلسطينيين امام الاسرائيليين باعتبارهم شركاء مسؤولين ويمثلون سلطة معترفا بها.

الخيار الخامس: يقوم حلف الناتو باحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة.

في هذه الاثناء يفعل اليهود الاميركيون والاسرائيليون خيرا اذا لجموا غرورهم. صحيح ان عرفات صار معزولا، ولكن هذه الحقيقة يجب الا تخفي انه ليس الوحيد الذي يريد اكثر من دولة فلسطينية واحدة. فما كان يفعله شارون واليمين الاسرائيلي ببناء مستوطنات جديدة في الاراضي المحتلة يقول للفلسطينيين ايضا: اننا نريد دولتين اسرائيليتين: دولة يهودية في اسرائيل ودولة يهودية في الضفة الغربية وغزة.

ولا يوجد فلسطيني واحد حتى الآن يذهب الى المدى الذي يفضح هذه الحجة. لكن عليكم ان تكونوا على يقين: هذه المستوطنات ليست سوى سرطان للشعب اليهودي، انها تهدد كل البناء الصهيوني. واذا حاولت اسرائيل ان تحتفظ بهذه المستوطنات، فان النتيجة واحدة من اثنتين: اما انها لن تكون دولة يهودية لانها ستضطر لاستيعاب عدد كبير من الفلسطينيين، او انها ستتحول الى دولة غير ديمقراطية تعتمد نظاما عنصريا على غرار "الابارثايد"، لان الطريقة الوحيدة لحكم هذا العدد الكبير من الفلسطينيين هو النموذج الجنوب أفريقي.
إذن دعونا نعمل على بروز شريك سلام حقيقي في فلسطين. ولا يعتمد مصير الفلسطينيين وحدهم على ذلك بل مصير الاسرائيليين ايضا.


توماس فريدمان *
* كاتب وصحافي اميركي ـ خدمة "نيويورك تايمز" ـ خاص بـ"الشرق الأوسط"

mohammad
02-02-2002, 02:43 AM
ضربات صغيرة تدريجية تخلق اجماعا عاما وتهز الارض تحت اقدام السلطة.. هذه هي استراتيجية شارون

شاؤول موفاز، أنا أحسدك . هذه الجملة بتصرف مختلف تسمعها القيادة الامنية من رئيس الحكومة مرات لا حصر لها خلال السنة الاخيرة. بصورة عامة، هذه الجملة محفوظة لجلسات الاسبوع في مكتب رئيس الحكومة في تل ابيب، التي تجري في قاعة الجلسات الخرافية لبن غوريون.
حين كنت أظهر هنا بملابسي العسكرية وأعرض خططا كانوا (المستوي السياسي) يشرحون لي لماذا لا يمكن تنفيذها.. يواصل شارون، ناظرا الي الحائط قبالته المزين بصور رؤساء حكومة سابقين، ومركزا علي صورة بن غوريون ويوضح: اليوم الوضع منعكس تماما، اليوم الجيش يوضح لي لماذا لا يمكن تنفيذ هذا ولماذا لا يمكن تنفيذ ذاك.. . هذه الاقوال لشارون محفوظة اساسا للنقاشات التي تتناول العمليات الخاصة، المبادر اليها، في عمق السلطة الفلسطينية، ولا يدور الحديث عن نقاشات تتناول عمليات عادية. الحضور في غرفة الجلسات لا يشعرون بالاهانة من سخرية شارون. لقد اعتادوا علي ذلك، خاصة وانه يكثر ايضا من الضحك علي نفسه.
بالمناسبة حين يتلقي شاؤول لسعة فان وزير الدفاع الجالس معه في نفس الغرفة لا يذرف دمعة. موفاز ليس الشخص الذي يأخذه فؤاد معه الي جزيرة معزولة. شبكة العلاقات بين وزير الدفاع ورئيس هيئة الاركان لا تتحسن مع الوقت. حين يسمع وزير الدفاع اقوالا عن خيار تمديد ولاية رئيس شعبة الاستخبارات علي خلفية الوضع الامني الصعب، فانه يفقد روح الفكاهة لديه.
في يوم الاربعاء هذا الاسبوع خرج اليعازر للقاء مبارك بعد جدل حاد جدا مع موفاز. في هذا الجدل الذي جري بوجود رئيس الحكومة، مال شارون تحديدا الي جانب رئيس هيئة الاركان. لقد قطع وزير الدفاع الجدل واعلن انه يجب ان يطير الي مصر ونهض وخرج. يبدو ان المصريين لاحظوا علامات الاستقلال لدي بن اليعازر وسارعوا بدعوته الي القاهرة من اجل التربيت علي كتفه وربما من اجل تعزيز مكانته في الداخل. ولكن المصريين يعرفون جيدا ان العنوان الرئيسي هو ليس بن اليعازر.
في يوم الاحد هذا الاسبوع، دخل المستشار الامني لرئيس الحكومة داني ايلون الي مكتب الرئيس المصري مبارك مع رسالة من رئيس الحكومة التزم فيها شارون امام المصريين بالحفاظ علي استقرار المنطقة. والمصريون من ناحية اخري زودوه بطلب لشارون: اذا كنت حقا تنوي الحفاظ علي الاستقرار الاقليمي توقف عن الخطوات الصغيرة هذه، الخطوات التي يتم فيها هنا تصفية وهناك اعتقالات وهنا توغل الي منطقة أ، وهناك قصف جوي وهكذا، ويجب علي اسرائيل حسب ادعاء المصريين ان تفهم ان هذه العمليات تؤدي الي سيطرة موجة اصولية علي كل المنطقة بما في ذلك علي اسرائيل لانها ستقضي علي السلطة.
من ناحية شارون هذا طلب مستحيل، الضربات الصغيرة هذه هي خلاصة المعركة التي يجريها. انها التكتيك الذي يخدم استراتيجيته. من وراء ضرباته الصغيرة هذه ثمة وجهة نظر وخطة رئيسية. هدف شارون: القضاء علي التسويات الدائمة التي تظهر في اتفاقيات اوسلو. انه لا يؤمن بان السلطة الفلسطينية قادرة علي تأييد دورها في الاتفاقيات. المسار هو: وضع اوسلو جانبا والانتقال الي تسويات مرحلية طويلة المدي. من اجل تحطيم اتفاقيات اوسلو والسير علي مسار تسوية سياسية اخري، يجب ان يتخلص من عرفات، شارون لا يصدق الفلسطينيين عموما وهذا الشخص خصوصا.
ومن اجل احراز هذه الاهداف يستخدم شارون اساسا الذراع العسكري، يؤمن رئيس الحكومة بالحلول العنيفة. من ناحيته معظم اجزاء العالم ضده بطبيعة الحال، ولم يبق لنا سوي الاعتماد علي انفسنا. شارون فنان في استخدام القوة من احراز اهداف سياسية. انه يستخدم الادوات العسكرية الي جانب خطوات سياسية لذلك لا يستطيع ان يتقاسم ادارة المعركة مع احد آخر، عليه ان يكون هو الوحيد الذي يمسك كل الخيوط، السياسية والعسكرية في نفس الوقت. من ناحيته فان وزير الدفاع مع اجندة مستقلة هو خلل، ورئيس هيئة الاركان الذي لا يفهم الوجبات الصحيحة لاستخدام القوة، تعبير مزعج.
ثمة درس واحد علي الاقل استفاده شارون من حرب لبنان: من اجل احراز الهدف لا يحتاج الامر الي اورانيم ـ صنوبر ـ كبيرة . لا يحتاج الامر الي خطط عسكرية كبيرة. من الممكن احراز نفس الهدف بواسطة عدة ضربات صغيرة تؤدي الي هزة دائمة للارضية. مثل الحمي الشديدة بدون توقف او مثل اسلوب الهز في الشباك. اذا كان هناك تواصل، واذا لم تتوقف الارض عن الاهتزاز ولو للحظة ـ فان الخصم، كما يؤمن شارون، سينهار في نهاية الامر.
الضربات الصغيرة والمتواصلة تتم حسب هذا الفهم لشارون، جنبا الي جنب مع خطوات سياسية معدة لتجنيد دعم دولي مناسب. الولايات المتحدة وروسيا مهمتان لشارون والمهم بالنسبة له الا تزعج مصر ـ وهي حقا لا تزعج. كذلك حين كانت بريطانيا مهمة له فقد استطاع تجنيد دعمها لبعض الوقت.
ان الخطة الكبيرة، مثل اورانيم كبيرة لا تمكنه من المرونة والتلاؤم مع الضغوط الدولية. الضربات الصغيرة مقابل ذلك تمكنه من ابداء مثل هذه المرونة. حين يكون هناك ضغط من الممكن تخفيض وتيرتها، وربما التوقف لبعض الوقت. من الممكن اتخاذ قرار مثلا، بعدم تنفيذ تصفيات الان ـ بل فقط اعتقالات، من الممكن اللعب مع القوة وملاءمة الوجبات. لذلك من المهم لشارون ان يفهم الجيش هذه اللعبة، وفهم الجيش امر حاسم لنجاح الاستراتيجية.
في معظم الاحوال الشاباك هو الذي يأتي بقائمة الاهداف للضربات الصغيرة والجيش يترجم الاهداف الي خطط ميدانية وتوصيات. وزير الدفاع يؤثر علي الاستراتيجية حين يرفض او يصادق علي الخطط وهو بمثابة مصفاة قبل ان تطرح علي طاولة رئيس الحكومة. في هذه الاثناء تدعي مصادر مطلعة ان الانسجام بين وزير الدفاع ورئيس الحكومة جيد بما فيه الكفاية ويمكن ان نعد باصابع يد واحدة عدد المرات التي فرض فيها وزير الدفاع رأيه بشأن عمليات تنفيذية خلافا لرأي رئيس الحكومة. وهذا الانجاز يعود لعرفات: لقد أملي هنا وتيرة الاحداث التي خلقت اتفاقا بين الاثنين. واذا بدأ هذا الاتفاق يتصدع فان شارون سيواجه مشكلة في ادارة المعركة حسب مفهومه.
ثمة لمفهوم الضربات الصغيرة التي هي من انتاج شارون، عيب يصعب علي الجيش: يجب عليها ان تكون متواصلة ولوقت طويل. كل وقفة تسبب في ضياع التأثير المتراكم علي العدو. يحظر علي تكون هناك لحظة هدوء، علي الجيش ان يحضر طوال الوقت، اهدافا وخططا. هذه ليست مهمة بسيطة. الصعوبات تخلق غير قليل من التوتر بين المستوي العسكري والمستوي السياسي.
يطالب شارون وبن اليعازر طوال الوقت بافكار واهداف من الجيش ولا يفهمون لماذا يجب عليهم ان يتوجهوا الي كبار الجيش وليس العكس. شارون يجب ان يذكر انه عندما كان قائد كتيبة او لواء كان لديه دائما خطط جاهزة في الجارور.
الجيش اليوم اقل مرونة ونشاطا مما كان شارون يريد واكثر شكا ازاء المستوي السياسي ـ والاكثر من ذلك فقد استعد الجيش لمفهوم معين في هذه المعركة. المفهوم الذي اساسه هو الدفاع.
ولكن من ناحية شارون فان الجيش لم يلائم نفسه بالسرعة الممكنة للتغييرات السياسية التي تفتح امامه المزيد من الخيارات التنفيذية. يريد شارون عمليات اكثر، عميقة اكثر، مكثفة اكثر، محكمة اكثر. ان تمسك الجيش بالنظريات القتالية الاصلية والخطط التي دخل معها في هذه المعركة ـ تخلق الاحساس بان الجيش يسير علي خط اكثر حذرا، وهو ينشغل بالدفاع عن نفسه. وحين تكون هناك عمليات تكون الاستعدادات متواصلة ومعقدة. كل عملية اعتقال، كل عملية دخول الي مناطق أ تكون مصحوبة بآليات ثقيلة وبلوجيستا ثقيلة ايضا.
رئيس هيئة الاركان شاؤول موفاز ليس أقل عنفا من شارون وبن اليعازر. فهو في تصريحاته يتجاوز اليمين في كثير من الاحيان. ولكن حين يدور الحديث عن عمليات فانه يكون معتدلا جدا. من الممكن ان يكون هذا مرتبطا بزلة لسان قبيل الانتخابات الاخيرة التي قال فيها انه لن يسمح باي مغامرة ـ ولم يعلن استقالته.
العمليات العسكرية المكثفة في خلال السنة الاخيرة علمت المستوي السياسي والعسكري انه يوجد جانبا غير قليل من المخاطر علي العمل السياسي. ذلك لان هدم 13 منزلا في رفح بسبب خطأ في التوجيه لم يكن خطأ ميدانيا وحسب بل كان قبل كل شيء خطأ سياسيا ذلك لانه حرف الاهتمام عن قضية كارين إي . واعمال التنكيل في الحواجز هو خطأ يركز الاهتمام علي العمليات العسكرية الاسرائيلية وليس علي عنف الطرف الاخر.
شارون، حتي الان، لا يوجه انتقادات للجيش علي خلفية هذه الانتقادات. انه يمنح الاحساس للجيش بانه قد تقع هناك اخطاء، رغم الاضرار، وهم سيحصلون علي التغطية.
يكرس شارون معظم وقته في ادارة الجوانب العسكرية للمعركة. الكثير جدا من النقاشات، التقييم، الاسئلة للجيش التي تتحول الي نقاشات اخري. وهو يكرس غير قليل من الاهتمام في القضية الاعلامية: نزع شرعية السلطة الفلسطينية ككيان ارهابي ونزع شرعية عرفات، شخصيا. ونزع الشرعية هو سوط آخر في اواسط المعركة العسكرية ـ السياسية.
خلافا لاورانيم الكبيرة فان اسلوب الضربات الصغيرة يخدم جيدا خلق الاجماع الوطني في الجمهور الاسرائيلي. من ناحية شارون، هذا هو الدرس المهم من حرب 1982. حيث ان الضربات الصغيرة عودت الجمهور تدريجيا علي التصعيد. ليس مرة واحدة. بوجبات صغيرة. والجمهور يعتاد بسرعة .
لم يعودوا يتأثرون من الدخول الي مناطق أ، ويستوعبون فكرة ضرورة تغيير عرفات. حين يتسرب ذلك بوجبات صغيرة، تدريجيا، لا يتعرضون الي الصدمة ولا يسألون اسئلة كبيرة، مثل السؤال الي اين بالضبط نسير مع انتصارات الضربات الصغيرة هذه.
اليكس فيشمان
(يديعوت احرونوت) ـ 1/2/2002