painter
05-03-2002, 10:43 AM
بقلم: عادل أبو هاشم*
فجأة عادت إلى الأذهان وكأنها في الأمس المجازر البشعة التي نفذتها العصابات الصهيونية تمهيدًا لإنشاء كيانها المغتصب على أرض فلسطين قبل أكثر من نصف قرن ..!!
سبعون ساعة إرتكبت فيها القوات الإسرائيلية أبشع الجرائم ضد أبناء الشعب الفلسطيني، من القتل والذبح والإختطاف والإعدام الميداني للجرحى وقتل المواطنين بدم بارد على الحواجز وإقتحام المدن ونسف البيوت وقصف مقرات الأمن الوطني وتجريف الأراضي وجعل الأهالي دروع بشرية أسفرت عن 40 شهيدًا ومئات الجرحى والمعتقلين وتشريد العائلات في عيد الأضحى المبارك ..!!
في مشهد "هوليودي" تكرركثيرًا في إنتفاضة الأقصى ..! فتحت الدبابات الإسرائيلية نيران مدفعيتها على مقار أفراد الشرطة الفلسطينية، وفي جو مفعم بالتلذذ بالقتل راحت الدبابات القاتلة تتجول حول هذه المقار لتدكها من مختلف الجوانب والزوايا، وفي السياق الهوليودي ذاته، طارت رؤوس الضحايا من أفراد الشرطة بعدما طار منها الفك والأسنان، وانتشرت قصاقيص الجلد البشري وشظايا العظام البشرية في أرجاء المكان لتعود الدبابات الإسرائيلية مزهوة بانتصارها الباهر على الأخلاق ..!!
نفس المشهد تكرر ضد المدنيين العزل في الأراضي الفلسطينية ..!!
لماذا تفاجأ الفلسطينيون من المذبحة التي قامت بها قوات الإحتلال الإسرائيلي في جميع مخيمات وقرى ومدن فلسطين ..؟!
فالسجل الإسرائيلي الدموي ضد الفلسطينيين خلال أكثر من نصف قرن حافل بجرائم غريبة في بشاعتها، يندر أن تجد مثيلا لها في أي مكان أو في أي زمان، إلا في العصور المظلمة التي عانت فيها البشرية من جحافل البربرية أو النازية، أو الفاشية ..
كيف خطر في بال البعض من أبناء جلدتـنا أن يغلق هذا السجل ويتصور أنه ينتمي لعصر انتهى في ظل سلام (القبور المفتوحة) الذي يطلق عليه البعض سلام (الشجعان) ..؟!
فكل يوم تفتح قبور جديدة في هذا السجل الدموي ..!! وما مجزرة رفح ونابلس وجباليا ورام الله والمغازي ومخيم بلاطة وخان يونس وطولكرم إلا امتداد لمجازر دير ياسين وقبية والطنطورة وغزة والدوايمة واللد والرملة وكفر قاسم والصفصاف والسموع ونحالين وقطاع غزة وصبرا وشاتيلا وعين الحلوة والخليل والمذابح المتتالية للمصلين في الحرم القدسي الشريف ومذبحة الحرم الإبراهيمي الشريف والمذابح اليومية لأطفال ونساء وشباب الإنتفاضة وعشرات المذابح ضد المدنيين العزل في جميع المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية على مدى أكثر من نصف قرن ..!!
إنه الحقد الصهيوني الدفين الذي تمتد جذوره إلى أعماق التاريخ..!!
في دير ياسين حدث ذات الشيء عام 1948م .. مجزرة إرهابية مدروسة ومخططة ترتكز على اعتماد قانون "الحق المطلق" الذي يضع الصهيونية في جهة أعلى من بقية البشر، وعلى الإيمان بالحق الأعمى على العرب ونقض حقوقهم الطبيعة نقضـًا كاملا إلى درجة تصبح فيها جريمة إبادة الجنس العربي هدفـًا مطلوبـًا بحد ذاته.
جريمة لها هدف سياسي واضح ومحدد وهو إشاعة الذعر الجماعي بأعنف ما يكون، عنف يتناقله القاصي والداني فيرتعد الجميع لهوله .. حتى يكون هروب.. وحتى يكون تهجير وترحيل ، فسقط 200 شهيد من الرجال والنساء والأطفال ..!!
وفي كفر قاسم نظم الإرهابيون القتلة مجزرة مدبرة مماثلة، ولم يقم بالمجزرة ذلك الضابط الذي غرمته المحكمة بعد شهور قرشـًا واحدًا!! على قيام وحدته بقتل العشرات قتلا منظمـًا وباردًا، وواحدًا واحدًا، وإنما قامت بالمجزرة السلطات الإسرائيلية كاملة وبأوامر من أعلى الهرم السياسي الصهيوني وشاعت أنباء المجزرة حتى عمت الأرض المحتلة جميعها والأرض من حولها.
في التاسع والعشرين من أكتوبر عام 1956، وفي نفس الليلة التي حدث فيها العدوان الثلاثي على مصر، وقعت مذبحة كفر قاسم، إحدى قرى المثلث في فلسطين، وراح ضحيتها 57 فلسطينيـًا منهم 17 من النساء والأطفال .. بعدها سأل أحد الصحفيين الرائد " شموئيل مالينكي" أحد المسؤولين عن المذبحة والذي قدم لمحاكمة صورية ثم أفرج عنه ورقي إلى مرتبة المقدم:
-هل أنت نادم على ما فعلت؟
فأجابه "مالينكي" على الفور بكل برودة وصلف: بالعكس، لأن الموت لأي عربي في إسرائيل معناه الحياة لأي إسرائيلي، والموت لأي عربي خارج إسرائيل معناه الحياة لإسرائيل كلها!
هكذا وبكل بساطة ووضوح عبّر القائد الإسرائيلي عن الأفكار التي زرعها زئيف فلاديمير جابوتـنسكي، الأب الروحي لغلاة الإرهابيين والدمويين في الكيان الإسرائيلي.
بعد أيام قليلة من مذبحة كفر قاسم أقدم الإسرائيليون على ارتكاب مذبحة رفح، ففي 12/11/1956 أمرت القوات الإسرائيلية شباب المدينة من سن 15-45 بالتجمع في المدرسة الحكومية خلال نصف ساعة وأنذر المتخلفون بالعقاب الشديد، وبعد فترة لا تـزيد عن خمس دقائق أخذ الجنود يطلقون الرصاص على الناس دون تمييز، وقد قدر عدد الشهداء في ذلك اليوم بنحو 300 شخص .. ولقد بلغت القسوة بشاويش إسرائيلي أن دخل بيتـًا في المدينة يوم المذبحة فقتل طفلين أمام أمهما وهما عطوة علي أبو عاذرة وشقيقه عودة علي أبو عاذرة .. ولما سئل عن الداعي لذلك أجاب "أن زوجته طلبت إليه أن يقتل أربعين عربيـًا فتمكن من قتل 38 فقط وعز عليه أن لا يحقق رغبة زوجته" ..!!
وفي قبية والسموع والخليل وصبرا وشاتيلا وفي جميع المجازر السابقة واللاحقة وحتى مذبحة بيت ريما في رام الله كان الإرهاب الصهيوني يندفع نحو تحقيق غايات في غاية الخطورة تشير إلى تصميم الكيان الإسرائيلي على تحويلها إلى أمر واقع بقوة البطش وقدرة الإرهاب ..!!
لقدأعطى العدو الإسرائيلي في مجازره الأخيرة صورة حقيقية لـ (سلام الشجعان) الذي وقعناه مع صديقنا الراحل ( رابين) ..!!، غير أن هذا ليس أعنف ما في جعبة إسرائيل، فهي قد جربت ما هو أبشع طوال 54 عامـًا من قيام الكيان الصهيوني، وليس هناك ما هو أفظع من اقتلاع الإنسان من أرضه وتشريده في أنحاء الدنيا .. ولهذا فإن على إسرائيل أن تعلم أن مجرد غارات هنا وهناك لن تستطيع إخضاع الشعب الفلسطيني، لأن النتيجة واحدة سواء قتلت الفلسطينيين برصاص البنادق أوالمتفجرات أو بقذائف الدبابات و بصواريخ طائرات "إف16" والأباتشي والبوارج الحربية، فالموت هو الموت، مهما كانت فداحة الخسائر بالمقاتلات النفاثة عن تلك الناجمة عن الرصاص المتفرق وقذائف الدبابات ..!!
لا أحد يستطيع أن يلتمس من عدوه أن يكون رقيقـًا وعادلا .. فلحسن الظن بالجنرالات الذين دبروا المذابح ضد الشعب الفلسطيني ونكلوا بشبابهم ورملوا نساءهم ويتموا أطفالهم .. لحسن الظن بمثل هؤلاء حدود لا ينبغي تجاوزها ..!! حتى لو غلفنا ذلك بـ(الإجتماعات الأمنية) التي تهدف إلى رفع المعاناة عن شعبنا ..!!
وإذا كان معتادًا من الإسرائيليين خاصة واليهود عامة نقضهم للعهود، وتجاوزهم لكل ما هو إنساني وأخلاقي، فإن العالم بأسره يشاركهم المسؤولية بعدم التحرك حتى الآن لإنقاذ شعب يواجه يوميـًا عمليات انتقامية لم يعرفها التاريخ المعاصر من أية قوة محتلة، فاغتيال المدنيين بصورة علنية ووقحة بالدبابات والطائرات الحربية والهيلكوبتروالبوارج، وتدمير البنية التحتية الفلسطينية، وتجويع الشعب الفلسطيني، أصبحت عنوان المواجهة بين المؤسسة العسكرية الإسرائيلية والشعب الفلسطيني الذي لا يجد من يرفع هذا الظلم الفادح الذي يوقع عليه، وكأنه شعب من كوكب آخر ..!!
نعم الشعب الإسرائيلي قوم انتزعت من قلوبهم الرحمة، وغُـيبت الأخلاق والمبادئ عنهم، ولكن البشرية تحفل بالمنادين ليل نهار بحقوق الإنسان ودعاة السلام والمحبة، فأين أصبحت ضمائر كل هؤلاء عما ترتكب من مجازر يومية ضد شعب أعزل لا يريد سوى حريته وأرض حرة كوطن مستحق .. هي أرض الآباء والأجداد.
إن سلام (القبور المفتوحة) الذي فرضته إسرائيل على شعبنا الفلسطيني لن يستمر طويلا، لأن الحسابات الفلسطينية مختلفة جدًا عن الحسابات الإسرائيلية كالإختلاف بين الجلاد والضحية، لأن الجلاد في كل الأحوال لن يعترف بأن هناك ضحية قام بقتلها ..!!
إن الشعب الفلسطيني لا يحتاج في هذه الأيام إلى لقاءات أمنية أو فصاحة المتفاوض أو بلاغة الشعراء والهتافات الحماسية, ولكن إلى وحدة وطنية تستند على صلابة المواقف والتمسك بالثوابت الفلسطينية دون تهاون أو تخاذل للوصول للاهداف القلسطينية في ظل حرب الالغاء والابادة التي تشنها إسرائيل ضد شعبنا الفلسطيني ..!!
فجأة عادت إلى الأذهان وكأنها في الأمس المجازر البشعة التي نفذتها العصابات الصهيونية تمهيدًا لإنشاء كيانها المغتصب على أرض فلسطين قبل أكثر من نصف قرن ..!!
سبعون ساعة إرتكبت فيها القوات الإسرائيلية أبشع الجرائم ضد أبناء الشعب الفلسطيني، من القتل والذبح والإختطاف والإعدام الميداني للجرحى وقتل المواطنين بدم بارد على الحواجز وإقتحام المدن ونسف البيوت وقصف مقرات الأمن الوطني وتجريف الأراضي وجعل الأهالي دروع بشرية أسفرت عن 40 شهيدًا ومئات الجرحى والمعتقلين وتشريد العائلات في عيد الأضحى المبارك ..!!
في مشهد "هوليودي" تكرركثيرًا في إنتفاضة الأقصى ..! فتحت الدبابات الإسرائيلية نيران مدفعيتها على مقار أفراد الشرطة الفلسطينية، وفي جو مفعم بالتلذذ بالقتل راحت الدبابات القاتلة تتجول حول هذه المقار لتدكها من مختلف الجوانب والزوايا، وفي السياق الهوليودي ذاته، طارت رؤوس الضحايا من أفراد الشرطة بعدما طار منها الفك والأسنان، وانتشرت قصاقيص الجلد البشري وشظايا العظام البشرية في أرجاء المكان لتعود الدبابات الإسرائيلية مزهوة بانتصارها الباهر على الأخلاق ..!!
نفس المشهد تكرر ضد المدنيين العزل في الأراضي الفلسطينية ..!!
لماذا تفاجأ الفلسطينيون من المذبحة التي قامت بها قوات الإحتلال الإسرائيلي في جميع مخيمات وقرى ومدن فلسطين ..؟!
فالسجل الإسرائيلي الدموي ضد الفلسطينيين خلال أكثر من نصف قرن حافل بجرائم غريبة في بشاعتها، يندر أن تجد مثيلا لها في أي مكان أو في أي زمان، إلا في العصور المظلمة التي عانت فيها البشرية من جحافل البربرية أو النازية، أو الفاشية ..
كيف خطر في بال البعض من أبناء جلدتـنا أن يغلق هذا السجل ويتصور أنه ينتمي لعصر انتهى في ظل سلام (القبور المفتوحة) الذي يطلق عليه البعض سلام (الشجعان) ..؟!
فكل يوم تفتح قبور جديدة في هذا السجل الدموي ..!! وما مجزرة رفح ونابلس وجباليا ورام الله والمغازي ومخيم بلاطة وخان يونس وطولكرم إلا امتداد لمجازر دير ياسين وقبية والطنطورة وغزة والدوايمة واللد والرملة وكفر قاسم والصفصاف والسموع ونحالين وقطاع غزة وصبرا وشاتيلا وعين الحلوة والخليل والمذابح المتتالية للمصلين في الحرم القدسي الشريف ومذبحة الحرم الإبراهيمي الشريف والمذابح اليومية لأطفال ونساء وشباب الإنتفاضة وعشرات المذابح ضد المدنيين العزل في جميع المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية على مدى أكثر من نصف قرن ..!!
إنه الحقد الصهيوني الدفين الذي تمتد جذوره إلى أعماق التاريخ..!!
في دير ياسين حدث ذات الشيء عام 1948م .. مجزرة إرهابية مدروسة ومخططة ترتكز على اعتماد قانون "الحق المطلق" الذي يضع الصهيونية في جهة أعلى من بقية البشر، وعلى الإيمان بالحق الأعمى على العرب ونقض حقوقهم الطبيعة نقضـًا كاملا إلى درجة تصبح فيها جريمة إبادة الجنس العربي هدفـًا مطلوبـًا بحد ذاته.
جريمة لها هدف سياسي واضح ومحدد وهو إشاعة الذعر الجماعي بأعنف ما يكون، عنف يتناقله القاصي والداني فيرتعد الجميع لهوله .. حتى يكون هروب.. وحتى يكون تهجير وترحيل ، فسقط 200 شهيد من الرجال والنساء والأطفال ..!!
وفي كفر قاسم نظم الإرهابيون القتلة مجزرة مدبرة مماثلة، ولم يقم بالمجزرة ذلك الضابط الذي غرمته المحكمة بعد شهور قرشـًا واحدًا!! على قيام وحدته بقتل العشرات قتلا منظمـًا وباردًا، وواحدًا واحدًا، وإنما قامت بالمجزرة السلطات الإسرائيلية كاملة وبأوامر من أعلى الهرم السياسي الصهيوني وشاعت أنباء المجزرة حتى عمت الأرض المحتلة جميعها والأرض من حولها.
في التاسع والعشرين من أكتوبر عام 1956، وفي نفس الليلة التي حدث فيها العدوان الثلاثي على مصر، وقعت مذبحة كفر قاسم، إحدى قرى المثلث في فلسطين، وراح ضحيتها 57 فلسطينيـًا منهم 17 من النساء والأطفال .. بعدها سأل أحد الصحفيين الرائد " شموئيل مالينكي" أحد المسؤولين عن المذبحة والذي قدم لمحاكمة صورية ثم أفرج عنه ورقي إلى مرتبة المقدم:
-هل أنت نادم على ما فعلت؟
فأجابه "مالينكي" على الفور بكل برودة وصلف: بالعكس، لأن الموت لأي عربي في إسرائيل معناه الحياة لأي إسرائيلي، والموت لأي عربي خارج إسرائيل معناه الحياة لإسرائيل كلها!
هكذا وبكل بساطة ووضوح عبّر القائد الإسرائيلي عن الأفكار التي زرعها زئيف فلاديمير جابوتـنسكي، الأب الروحي لغلاة الإرهابيين والدمويين في الكيان الإسرائيلي.
بعد أيام قليلة من مذبحة كفر قاسم أقدم الإسرائيليون على ارتكاب مذبحة رفح، ففي 12/11/1956 أمرت القوات الإسرائيلية شباب المدينة من سن 15-45 بالتجمع في المدرسة الحكومية خلال نصف ساعة وأنذر المتخلفون بالعقاب الشديد، وبعد فترة لا تـزيد عن خمس دقائق أخذ الجنود يطلقون الرصاص على الناس دون تمييز، وقد قدر عدد الشهداء في ذلك اليوم بنحو 300 شخص .. ولقد بلغت القسوة بشاويش إسرائيلي أن دخل بيتـًا في المدينة يوم المذبحة فقتل طفلين أمام أمهما وهما عطوة علي أبو عاذرة وشقيقه عودة علي أبو عاذرة .. ولما سئل عن الداعي لذلك أجاب "أن زوجته طلبت إليه أن يقتل أربعين عربيـًا فتمكن من قتل 38 فقط وعز عليه أن لا يحقق رغبة زوجته" ..!!
وفي قبية والسموع والخليل وصبرا وشاتيلا وفي جميع المجازر السابقة واللاحقة وحتى مذبحة بيت ريما في رام الله كان الإرهاب الصهيوني يندفع نحو تحقيق غايات في غاية الخطورة تشير إلى تصميم الكيان الإسرائيلي على تحويلها إلى أمر واقع بقوة البطش وقدرة الإرهاب ..!!
لقدأعطى العدو الإسرائيلي في مجازره الأخيرة صورة حقيقية لـ (سلام الشجعان) الذي وقعناه مع صديقنا الراحل ( رابين) ..!!، غير أن هذا ليس أعنف ما في جعبة إسرائيل، فهي قد جربت ما هو أبشع طوال 54 عامـًا من قيام الكيان الصهيوني، وليس هناك ما هو أفظع من اقتلاع الإنسان من أرضه وتشريده في أنحاء الدنيا .. ولهذا فإن على إسرائيل أن تعلم أن مجرد غارات هنا وهناك لن تستطيع إخضاع الشعب الفلسطيني، لأن النتيجة واحدة سواء قتلت الفلسطينيين برصاص البنادق أوالمتفجرات أو بقذائف الدبابات و بصواريخ طائرات "إف16" والأباتشي والبوارج الحربية، فالموت هو الموت، مهما كانت فداحة الخسائر بالمقاتلات النفاثة عن تلك الناجمة عن الرصاص المتفرق وقذائف الدبابات ..!!
لا أحد يستطيع أن يلتمس من عدوه أن يكون رقيقـًا وعادلا .. فلحسن الظن بالجنرالات الذين دبروا المذابح ضد الشعب الفلسطيني ونكلوا بشبابهم ورملوا نساءهم ويتموا أطفالهم .. لحسن الظن بمثل هؤلاء حدود لا ينبغي تجاوزها ..!! حتى لو غلفنا ذلك بـ(الإجتماعات الأمنية) التي تهدف إلى رفع المعاناة عن شعبنا ..!!
وإذا كان معتادًا من الإسرائيليين خاصة واليهود عامة نقضهم للعهود، وتجاوزهم لكل ما هو إنساني وأخلاقي، فإن العالم بأسره يشاركهم المسؤولية بعدم التحرك حتى الآن لإنقاذ شعب يواجه يوميـًا عمليات انتقامية لم يعرفها التاريخ المعاصر من أية قوة محتلة، فاغتيال المدنيين بصورة علنية ووقحة بالدبابات والطائرات الحربية والهيلكوبتروالبوارج، وتدمير البنية التحتية الفلسطينية، وتجويع الشعب الفلسطيني، أصبحت عنوان المواجهة بين المؤسسة العسكرية الإسرائيلية والشعب الفلسطيني الذي لا يجد من يرفع هذا الظلم الفادح الذي يوقع عليه، وكأنه شعب من كوكب آخر ..!!
نعم الشعب الإسرائيلي قوم انتزعت من قلوبهم الرحمة، وغُـيبت الأخلاق والمبادئ عنهم، ولكن البشرية تحفل بالمنادين ليل نهار بحقوق الإنسان ودعاة السلام والمحبة، فأين أصبحت ضمائر كل هؤلاء عما ترتكب من مجازر يومية ضد شعب أعزل لا يريد سوى حريته وأرض حرة كوطن مستحق .. هي أرض الآباء والأجداد.
إن سلام (القبور المفتوحة) الذي فرضته إسرائيل على شعبنا الفلسطيني لن يستمر طويلا، لأن الحسابات الفلسطينية مختلفة جدًا عن الحسابات الإسرائيلية كالإختلاف بين الجلاد والضحية، لأن الجلاد في كل الأحوال لن يعترف بأن هناك ضحية قام بقتلها ..!!
إن الشعب الفلسطيني لا يحتاج في هذه الأيام إلى لقاءات أمنية أو فصاحة المتفاوض أو بلاغة الشعراء والهتافات الحماسية, ولكن إلى وحدة وطنية تستند على صلابة المواقف والتمسك بالثوابت الفلسطينية دون تهاون أو تخاذل للوصول للاهداف القلسطينية في ظل حرب الالغاء والابادة التي تشنها إسرائيل ضد شعبنا الفلسطيني ..!!