تسجيل الدخول

View Full Version : هل يتفق الحق مع الباطل ؟!!!


وميض
23-03-2002, 08:50 PM
هل يتفق الحق مع الباطل على الظلم ويصاحبه وهو صامت خجول يبحث عن رضاه ؟ إنه سؤال غريب ! ومواقف بعض العلماء أغرب!.

نود أن نذكر هنا الأخوة المؤمنين والأخوات المؤمنات بحقيقة ومسألة مهمة ، وهي باستحالة اجتماع واتفاق الحق مع الباطل على الظلم ، فمن المحال أن يجتمعا على ذلك ، فتلك المسألة يعيها ويعلمها ويفقهها كل عالم فقيه ، فالعلم نور يلقيه الله في قلب المؤمن ، وهذا النور لا يلقى في قلب من جاور السلطان الظالم وتعلم في مدارسة "الشرعية السلطانية الحكومية" (( و أكتفي بعلمها )) ، فمناهجها ومنذ القدم لا تـُدَرِس كل الحقائق اليقينية ولا تدرس علوم الحركة والسياسية ، فبعض الحقائق وعلوم الحركة والسياسية تـَدْرِس الظلمة وتـَدْرِسْ حكمهم وتبطل مكرهم وتعطل آلتهم وتفل حدهم وتمنعهم من ممارسة الظلم ، والسلاطين الظلمة هم سبب من أسباب إندراس الدين وتغييب بعض أهم حقائقه ، كما لا يلقي الله نور العلم في قلب كل من عمل تحت إمرة الظالم ووظف العلم له وخالطه وجالسه وسار في مراكبه وحمل رايته ووطأ الأمر له وعمل على تحييد أصحاب الحق وأتباعه من المشايخ والعلماء والفقهاء ، وهذا من قوانين الخلق في الحياة وسنة من سنن الله ، فمن لم يستوعب هذا القانون لن يعي أثره على القلب و العقل وعلى المدركات الحسية بشكل عام .

جاء في الحديث النبوي
"عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا وَقَعَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي الْمَعَاصِي نَهَتْهُمْ عُلَمَاؤُهُمْ فَلَمْ يَنْتَهُوا فَجَالَسُوهُمْ فِي مَجَالِسِهِمْ وَوَاكَلُوهُمْ وَشَارَبُوهُمْ فَضَرَبَ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ وَلَعَنَهُمْ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ قَالَ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى تَأْطُرُوهُمْ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا"(الترمذي).

( حَتَّى تَأْطُرُوهُمْ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا )

فبعض ما يسمون الأن بالعلماء والفقهاء من المجاورين للحكام والسلاطين هم في الحقيقة ليسوا بعلماء و لا فقهاء ولكن هم كالأوعية لهم القدرة على الحفظ و الاستظهار ، (كالحاسب الآلي فهو وعاء حديث للعلم ألغى جزء كبير وهام من دورهم )، ومن الممكن الاستعانة بهم لاستظهار بعض الفتاوى التي تتعلق بأمور الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج وغيرها من المسائل التعبدية التي لا تمس السلطان إلا بقدر مقبول عنده ، وهذا قد يلبس الأمر على الناس ويوهمهم باستقامة طريق العالم . (( فنرجو الانتبـاه!!! )).

فالباحث عن الحقيقة لن يجد فقيهاً أو عالماً حكومياً يخبره بزوال عقول الحكام هذا الزمان وبطانتهم ومعظم رعيتهم بسبب عدم تأسيسهم تأسيساً صحيحاً بعلوم الدين ، و تلك المسألة لا تُدرس بالمدارس الشرعية الحكومية أو الأهلية ، ولا يوجد لها تأصيل شرعي رسمي حكومي ، وهي مسألة قد تقطع بها أرزاق وتطير بها أعناق ، هذا في حال ظهور تلك الحقيقة وبفضل وبتوفيق من الله للعالم الحكومي المعروف بصدقه وأمانته و نزاهته ، وعمل وأجتهد على تبليغها للناس ، كما جاهد من كان قبلنا وبذلوا الدماء رخيصة من أجل تأمين الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور ، فتبليغ الحقيقة هدف من أهداف الجهاد ، والذي يهدف أول ما يهدف إلى تبليغ "الرسالة الربانية" للناس بغية توفير الأمن "الفكري والنفسي والروحي والمادي"، فالتأمين الفكري يجب أن يكون أول هدف ، ويتم من خلال تبليغ "الرسالة الربانية" التي يجب أن يطوف حولها القلب و العقل والفكر كما يطوف المسلمون حول الكعبة .

وما طارت رؤوس الكفار والمشركين إلا بسبب منعهم للناس من سماع صوت الحق ، وهو أهم أدوار السيف في الجهاد ، فكان دوره (( كتم أنفاس من عمل على حرمان الناس وحال بينهم وبين سماع صوت الحق )) ، والله هو الملك الحق المبين .

فالقلوب و العقول والأفكار يجب أن تطوف حول كلمة التوحيد ( لا إله إلا الله محمد رسول الله) ، فهي محور دوران الخَلق ، والحقائق اليقينية لن تظهر لعلماء الحكام والسلاطين بسبب موقعهم في مكان يشكل مانع للوعي بحقيقية الأشياء ، فالموقع بالقرب من السلاطين والحكام والدوران في فلكهم يعتبر موقع خارج نطاق تغطية الأنوار والفيوض الربانية ، وهو خارج نطاق وفلك دوران الخَلق الأساسي .لا إله إلا الله محمد رسول الله .

فزوال عقل الحاكم و المتحكمين بشؤون الخلق والرعية مسألة لا يقبلها مؤمن موحد مخلص واعي ، وأنا لا أعتقد بأن هناك من سيقبلها على نفسه سواء كان مرابً من أصحاب الشركات الكبرى أو مثقف أو مثقفة أو صاحب صحيفة ودار نشر أو فنان أو فنانة معبودة للجماهير أو وزيرا للتربية والتعليم والثقافة والفنون أو وزيراً للإعلام ، فتلك فضيحة الفضائح ، فهل يعقل أن يكونوا بلا عقل سليم !!!؟، إنها والله أم الحقائق الغائبة كما إنها أم الكوارث .

فالعقل لا ينطلق إلى الآفاق ولا يعقل الأشياء والفؤاد لا يراها على حقيقتها إلا بالتسليم الكامل لله وإتباع منهجه،قال تعالى:" الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ(18)"(الزمر) .

وسحب تلك الخواص من العقوبات الربانية الخفية اللاشعورية توارثتها الآمة الإسلامية ، بسبب إندراس الدين و اختفاء أهم حقائقه واختفاء أهله وتحييدهم بأساليب وبحيل شيطانية ملتوية ، فمن سحب خاصية الذبح من السكين التي أراد بها سيدنا إبراهيم- صلى الله عليه وسلم- ذبح أبنه سيدنا إسماعيل- صلى الله عليه وسلم- ، ومن سحب خاصية الحرق من النار التي أحاطت بسيدنا إبراهيم- صلى الله عليه وسلم -، حيث قال تعالى:" قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسلاَمًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ(69)"(الأنبياء)، فهو سبحانه قادر على سحب كل خواص خلقه وتعطيلها ، فسبحانه لا يعجزه شيء وهو على كل شيء قدير ، فالمسألة ليست فوضى "وشطارة وفهلوة" كما يظنها البعض ، فالخلق جميعه تحكمه سنن وقوانين تنظم شؤونه وتدير حركته ، فمن تمرد على الخالق وأستخف بمنهجه أوكله إلى نفسه بعد أن يـُذهب عقله ويعتم فؤاده ويرده على عقبيه ويجعله أسفل سافلين ، وهي الحالة التي تعيشها الأمة الإسلامية- إلا من رحم الله - عدى الأمم الأخرى ، وذلك بسبب تحييد الدين والمنهج الرباني عن الحياة .

كما يجب أن لا نُخدع بطيبة العالم فالمسألة لا تتعلق بطيبة العلماء ، فأغلبهم طيبون طيبة عرفية تعارف عليها الناس باسم الطيبة ، ونحن كذلك نقول عنهم طيبون بحسب العرف ،مثلهم كمثل بعض (العلمانيين) مع الأخذ بعين الاعتبار اختلاف المنهج والتوجه ، ولكن القضية لا تتعلق بالعرف فهي مغالطة كبرى ، بل تتعلق بموقفهم من الظلم ، فالموقف الظالم يسلب العالم وعيه ولن يفقه حقيقة وطبيعة وأصول الحركة العامة للناس والأشياء .

ونحن نسمع بعض العلماء- أصلحهم الله - يخبرون الرعية والأتباع بقيامهم بنصيحة الحاكم سراً ، أي يقومون "بالدردشة" بإذن الحاكم ، وكأن هذا الحاكم "يدردش" بأذن الناس والرعية ، وهذا العمل يناقض حتى قانون (نيوتن) ، كما قال بعض الأخوة ، فآلية ونظم ومناهج وبرامج الكفر والشيطنة تعمل بشكل صاخب صارخ وبطبيعة فتاكة مدمرة ، وتشكل خطراً ماحق على "الدين والعقل والعرض والنفس والمال" كما تشكل خطر على الجنس البشري برمته ، فهل تنفع معها " الدردشة " ؟، فالساكت عن الحق شيطان أخرس ، "والمُدَر دش" بإذن الحاكم شيطان "مُدَر دش"، فالمسألة ليست مسألة دردشة ودروشة ، بل مسألة أمة تسحق وحرمات تستباح وشيطنة تسرح وتمرح من غير رادع ودون حسيب ولا رقيب ، والله لا يحب الظلم ولا يحب الفساد والعدوان بجميع أشكاله وصوره ، والله سبحانه وتعالى لا يقبل أي شريك يشاركه ويخالطه في خانة ومكان العبودية والتوحيد في قلب المؤمن .

فمن المحال تقارب الحق واتفاقه مع الباطل على الظلم والبغي والعدوان والفساد ، كما هو من المحال اجتماع الشمس والقمر فكل في مسار وفلك يدور.قال تعالى:"لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ ولاَ اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ(40)"(يس). والعاقبة للمتقين.

وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار.