PDA

View Full Version : الجندي الذي أحرج جيش الدفاع


painter
04-04-2002, 06:28 PM
" لا أعرف ماذا يفعل فتى عبري بعيداً عن الوطن"
"إننا جيش احتلال وكنت سأشعر بالإهانة لو دخل أحد الجنود منزلي وأخذوا الطابق العلوي"

هذه عبارات جاءت في حديث لأحد الجنود الإسرائيليين الذين اقتحموا مخيم الأمعري في رام الله أمام الصحفيين. أوردتها صحيفة معاريف الإسرائيلية بتاريخ 18/3/2002 تحت عنوان الجندي الذي أحرج جيش الدفاع بقلم نانا تسورفيل أن حديث هذا الجندي يبرز وبشكل واضح مدى الهمجية التي مارستها قوات الاحتلال لإذلال الشعب الفلسطيني والنيل من كرامته ممارسات يرفضها حتى الجنود الإسرائيليين أنفسهم نترك الكاتب الإسرائيلي ليبرز وعلى لسان أحد مواطنيه ليشهد الإسرائيليون أنفسهم بأنهم يمارسون حرباً لا أخلاقية بكل معنى الكلمة تدفع بالفلسطيني أن يقف للدفاع عن أرضه وأسرته.

"أوري يانيف، جندي في لواء الناحل (لواء الشبيبة المقاتلة) احتل الأضواء من دون نية مبيتة وربما كان هذا مقصده، من الصعب أن نعرف على أية حال كانت مشاهدة عملية جيش الدفاع في مخيم الأمعري في رام الله، والمقابلة التي جرت معه من ساحة الحدث نفسها، لم تكن سهلة.
في جيش الدفاع اعتقدوا أنه لا يجدر إخفاء أعمال الجنود في مناطق (أ) وقاموا بفتح الأبواب أمام الصحفيين. الأقوال التي قالها يانيف دفعت بالكثير من ضباط جيش الدفاع للشعور بالندم على قرارهم هذا. "لا أعرف ماذا يفعل فتى عبري بعيداً عن الوطن؟" قال يانيف للصحفيين متسبباً في الواقع في احتدام الجدل بصورة واضحة:" ماذا يفعل جنود جيش الدفاع في المناطق؟".

أوري يانيف، 20 سنة، يخدم في الجيش منذ سنة بالضبط. وقد خدم مع وحدته في التدريب وحراسة المستوطنات وحتى في الشمال ومن ثم عاد إلى المناطق هذا إلى جانب كونه قد دخل السجن لشهرين بسبب ارتكابه مخالفة بسيطة.

الخدمة ليست سهلة خصوصاً في هذه الأيام. عدا عن الحراسة الدورية يقوم الجنود بالدخول إلى منازل العرب وتنفيذ كمائن واعتقال مطلوبين وضبط الأسلحة. ويانيف يعتبر من الفئة المسماة "ملح الأرض"، ورأيه حول الاحتلال واضح ولا يتساوق مع السياسة التي يفرضها جيش الدفاع على جنوده. أحد رفاقه يقول "يانيف قال دائماً أننا جيش احتلال . وأنا أيضاً لا أفهم لماذا نتواجد هنا. هناك شعور بإهدار الموارد والأموال، عدا عن ذلك عندما أضع نفسي مكانا لعرب فإنني كنت سأشعر بالإهانة لو دخل الجنود إلى منزلي وأخذوا الطابق ا لعلوي منه وقالوا لي أذهب إلى الصالون فلم يعد بإمكانك أن تواصل النوم في الأعلى. صحيح إننا نضبط الأسلحة خلال هذه العمليات، ولكن معاملة جيش الدفاع للسكان تزيد فقط من شدة العمليات".

صديق يانيف هذا يؤكد أن موقف يانيف ليس موقف الأقلية في الجيش، وأن هناك آخرين يفكرون مثله، إلا أن الظروف الحالية تتسبب في التساهل في عملية إطلاق النار، ووسائل الإعلام لا تعرف دائماً بما يحصل. وأحد الجنود الذين كانوا مع يانيف في السجن يقول:" أنا يميني وهو يساري، وقد تحدثنا كثيراً حول السياسة خلال وجودنا معاً ، يانيف يعتقد أننا محتلون وأننا ننكل بالفلسطينيين، إلا أنه يواصل الخدمة في الجيش رغم ذلك، وهذا يدل على ارتباطه بالبلاد رغم تربيته اليسارية. وقد قال لي في إحدى المرات أن علينا أن نعيد المناطق وشرقي القدس للفلسطينيين من أجل السلام متسائلاً: أغلبية الناس الذين يعارضون إعطاء شرقي القدس للفلسطينيين لم يزوروها بالمرة، فلماذا يعتبرونها لهم؟".

(د) صديق آخر ليانيف وهو يخدم في هذه الأيام تحديداً في المناطق. عمليات جيش الدفاع في المناطق تتسبب بضرر حقيقي حسب وجهة نظره. "عملياتنا غير إنسانية بدرجة كبيرة، نحن نتسبب بالضرر هناك، يأخذون جنوداً في الثامنة عشرة من عمرهم ويتركونهم يواجهون عائلة بأكملها. هذه مسألة مثيرة للإشكال بدرجة كبيرة. عليك أن تحتل منزلهم وأن تأمرهم بالصمت وعدم التحرك. وهذه ليست مسألة بسيطة، أنت ترى مشاهد صعبة، الأم والأطفال يبكون أمامك. الأب في نظر أولاده هو مثابة الآلهة وأنت تأتي وتهينه أمامهم وتقول له انصرف من هنا. هل يوجد لديك سلاح، فيخاف ، بعد هذه الإهانة تدرك لماذا يقوم طفل في السابعة من عمره برشق الحجارة على حواجزنا العسكرية".

"نحن أولاد، وقد تسنى لنا أن نخدم مع جنود احتياط مجربين ويعرفون كيف يواجهون أوضاعاً معقدة صعبة. صديق خدم معي أصيب بصدمة نفسية من الرصاص الذي مر بجانبه وانتقل لتنفيذ الأعمال الداخلية في الجيش. وضعه النفسي صعب، هناك تآكل، يقومون بطحن الجنود وهم لا يخرجون من المنزل تقريباً، ينتقلون من مكان إلى آخر طوال الوقت ولا ينامون إلا بصعوبة".
(د) ورفاقه لم يفكروا حتى برفض الأوامر، شعورهم بالمسؤولية أقوى من الإحباط والتعب. " أهالينا يدعموننا ، ووالدتي بدأت تهتم بأمر التنظيم الجديد الذي يتشكل من أمهات الجنود الداعيات للخروج من المناطق". ومن المشكوك فيه أن يكون يانيف قد أدرك حجم العاصفة التي ستتسبب فيها الأمور التي قالها بصورة عفوية وطبيعية أمام عدسات الكاميرا. ولو كان يدرك ذلك لكان من المحتمل أن يصمت . من الممكن انتقاده إذ أنه لم يمثل الجيش من الناحية الإعلامية بصورة محترمة جداً. هذه أسهل طريق، ولكن المشكلة أعمق من ذلك بكثير.
أوري يائيف تحدث من أعماق قلبه ومن الواضح أنه ينادي بالموقف القائل أن عمليات جيش الدفاع قد تتمخض عن فائدة إلا أنها تؤثر على الجنود أنفسهم بشكل سيئ".