*بنت العرب*
12-04-2002, 02:45 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
لن يضيع الأقصى
خطبة الجمعة لفضيلة الشيخ جلال القدسي
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين، الحمد لله القائل في محكم التنزيل "كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز".
وأشهد أن لا إله إلا الله إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)، (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما).
أما بعد:
عباد الله: فإن أحسن الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد:
أيها المسلمون: بين جعجعة وأخرى، وبين كلمات وما في معناها، وبين مقالات وكتابات في صحف وغيرها لبعض المنافقين ومن في قلوبهم مرض، أن القدس ضاعت ولن تعود، مما افاض على كثير من قلوب المسلمين القنوط واليأس من استردادها، وذلك لظنهم أن اليهود أصبحوا قوة عظيمة بالإضافة إلى حلفائهم. يطيب لنا الحديث وإظهار الحق للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، فنقول: أيها المسلمون إن القدس لم تضع ولن تضيع لأن الله وعد بهذا، وكذلك رسوله صلى الله عليه وسلم.
يقول الله تعالى: (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون، فتول عنهم حتى حين وأبصرهم فسوف يبصرون).
نعم أيها المسلمون: إن القائلين لهذه المقالة (أن القدس ضاعت ولن تعود من كفرة ومنافقين) إنما أرادوا إيقاظ اليأس ونشره في قلوب المسلمين، مع علمهم بأن القدس لم تضع. ولكننا نقول أيها المسلمون باستقراء كتاب ربنا الذي يغرس فينا -أهل الإسلام- حقائق الوحي، ومن ذلك أن قوم موسى حين كانت تُستحيى نساؤهم ويذبح أطفالهم وفرعون يقول: (وإنا فوقهم لقاهرون) نزل قول الله تعالى بعد ذلك كله (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين، ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون).
نعم عباد الله : هكذا وعد الله فلن تضيع القدس وذلك لأن الله كرمها بسكن الأنبياء فلن يرجعها لقتلة الأنبياء ولكن الأيام دول (وتلك الأيام نداولها بين الناس) مهما عمل اليهود وأتباع اليهود فالقدس عائدة وراجعة فلا تكونوا يائسين.
أيها المسلمون: المستقبل لدين الله، والعزة لأوليائه، ولا تكونوا مثل من رأى العدو يتبجح ويتقوى وتحت ظل هذه الرؤية رأى أنه مهما عملنا لن نغير من الواقع شيئا ولن نجني سوى التعب والمشقة فليس إذا في السعي فائدة، فإذا بكم تنظرون إليه متجهم الوجه عاقد الحاجبين مقطب الجبين راقعا راية "لو أسلم حمار الخطاب ما أسلم عمر" حين يطلب منه خدمة دينه ولو بكلمة يقول: "أنت تؤذّن في خرابة ولا أحد حولك" ، "وتنفخ في قربة مقطوعة"، وغيرها من عبارات تصدأ بها الأفهام بعد سقالها، وترد ذكران العقول إناثا، هلك الناس في نظره وقد هلك، وصف النبي صلى الله عليه وسلم هذه الحالة النفسية وصفا دقيقا بقوله كما ثبت عند مسلم: (إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم).
معاشر المؤمنين: مما لا شك فيه أن حقائق اليوم هي أحلام الأمس، وأحلام اليوم هي حقائق الغد، والضعيف لا يظل ضعيفا أبد الآبدين، والقوي لا يظل قويا أبد الآبدين (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين، ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما ما كانوا يحذرون).
نعم يا عباد الله:
إننا نملك الإيمان بنصر الله لنا، وثقة بتأييده لنا، ويقينا بسنة الله تعالى في إحقاق الحق وإبطال الباطل ولو كره المجرمون، واطمئنانا إلى وعده الذي وعد به المؤمنين (وعد الله الذين آمنوا ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا). نعم يعبدونني لا يشركون بي شيئا، نعم عباد الله إنه وعد يشحذ الهمم ويستنفر العزائم ويملأ الصدور ثقة وإيمانا بأن الدور لنا لا علينا وأن التاريخ معنا لا علينا ،وإنا لنحن المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون.
سنة الله رب العالمين ولن تجد لسنة الله تحويلا، ولا تزال طائفة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم على الحق منصورة لا يضرها من خالفها، وليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل كما ثبت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم. وما أنتم أيها المسلمون إلا أجراء عند الله كيفما أراد أن يعمل عملتم وقبضتم الأجر ولكن ليس لكم ولا عليكم أن تتجه الدعوة إلى مصير، فذلك صاحب الأمر لا شأن الأجير، وحسبكم أن من الأنبياء من يأتي يوم القيامة ومعه الرجل ومعه الرجلان والثلاثة ومن يأتي وليس معه أحد، ليس عليك هداهم، إن عليك إلا البلاغ.
وآية الآيات في هذا الدين يا عباد الله أنه أشد ما يكون قوة وأصلب ما يكون عودا وأعظم ما يكون رسوخا وشموخا حين تنزل بساحته الأزمات وتحدق به الأخطار وتشتد على أهله الكرب وتضيق بهم المسالك وتوصد عليهم المنافذ، حينئذ ينبعث الجثمان الهامد ويتدفق الدم في عروق أبنائه ينطلق فينتفض، يقول فيُسمع، ويمشي فيُسرع، ويضرب في ذات الإله فيوجع، فإذا النائم يصحو، وإذا الغافل يفيق، وإذا الجبان يتشجع، وإذا الضعيف يتقوى، وإذا الشديد يتجمع، وإذا بهذه القطرات المتتابعة والمتلاحقة من هنا وهناك من جهود القلة تكون سيلا عارما لا يقف دونه حاجزا ولا سدا.
لا يزخر الوادي بغير شباب وهل شمس تكون بلا شعاع
إن هذه الأمة تمرض لكنها لا تموت، وتغفو لكنها لا تنام، فلا تيئسوا، فإنكم ستردون عزّكم.
لن يضيع الأقصى
خطبة الجمعة لفضيلة الشيخ جلال القدسي
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين، الحمد لله القائل في محكم التنزيل "كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز".
وأشهد أن لا إله إلا الله إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)، (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما).
أما بعد:
عباد الله: فإن أحسن الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد:
أيها المسلمون: بين جعجعة وأخرى، وبين كلمات وما في معناها، وبين مقالات وكتابات في صحف وغيرها لبعض المنافقين ومن في قلوبهم مرض، أن القدس ضاعت ولن تعود، مما افاض على كثير من قلوب المسلمين القنوط واليأس من استردادها، وذلك لظنهم أن اليهود أصبحوا قوة عظيمة بالإضافة إلى حلفائهم. يطيب لنا الحديث وإظهار الحق للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، فنقول: أيها المسلمون إن القدس لم تضع ولن تضيع لأن الله وعد بهذا، وكذلك رسوله صلى الله عليه وسلم.
يقول الله تعالى: (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون، فتول عنهم حتى حين وأبصرهم فسوف يبصرون).
نعم أيها المسلمون: إن القائلين لهذه المقالة (أن القدس ضاعت ولن تعود من كفرة ومنافقين) إنما أرادوا إيقاظ اليأس ونشره في قلوب المسلمين، مع علمهم بأن القدس لم تضع. ولكننا نقول أيها المسلمون باستقراء كتاب ربنا الذي يغرس فينا -أهل الإسلام- حقائق الوحي، ومن ذلك أن قوم موسى حين كانت تُستحيى نساؤهم ويذبح أطفالهم وفرعون يقول: (وإنا فوقهم لقاهرون) نزل قول الله تعالى بعد ذلك كله (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين، ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون).
نعم عباد الله : هكذا وعد الله فلن تضيع القدس وذلك لأن الله كرمها بسكن الأنبياء فلن يرجعها لقتلة الأنبياء ولكن الأيام دول (وتلك الأيام نداولها بين الناس) مهما عمل اليهود وأتباع اليهود فالقدس عائدة وراجعة فلا تكونوا يائسين.
أيها المسلمون: المستقبل لدين الله، والعزة لأوليائه، ولا تكونوا مثل من رأى العدو يتبجح ويتقوى وتحت ظل هذه الرؤية رأى أنه مهما عملنا لن نغير من الواقع شيئا ولن نجني سوى التعب والمشقة فليس إذا في السعي فائدة، فإذا بكم تنظرون إليه متجهم الوجه عاقد الحاجبين مقطب الجبين راقعا راية "لو أسلم حمار الخطاب ما أسلم عمر" حين يطلب منه خدمة دينه ولو بكلمة يقول: "أنت تؤذّن في خرابة ولا أحد حولك" ، "وتنفخ في قربة مقطوعة"، وغيرها من عبارات تصدأ بها الأفهام بعد سقالها، وترد ذكران العقول إناثا، هلك الناس في نظره وقد هلك، وصف النبي صلى الله عليه وسلم هذه الحالة النفسية وصفا دقيقا بقوله كما ثبت عند مسلم: (إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم).
معاشر المؤمنين: مما لا شك فيه أن حقائق اليوم هي أحلام الأمس، وأحلام اليوم هي حقائق الغد، والضعيف لا يظل ضعيفا أبد الآبدين، والقوي لا يظل قويا أبد الآبدين (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين، ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما ما كانوا يحذرون).
نعم يا عباد الله:
إننا نملك الإيمان بنصر الله لنا، وثقة بتأييده لنا، ويقينا بسنة الله تعالى في إحقاق الحق وإبطال الباطل ولو كره المجرمون، واطمئنانا إلى وعده الذي وعد به المؤمنين (وعد الله الذين آمنوا ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا). نعم يعبدونني لا يشركون بي شيئا، نعم عباد الله إنه وعد يشحذ الهمم ويستنفر العزائم ويملأ الصدور ثقة وإيمانا بأن الدور لنا لا علينا وأن التاريخ معنا لا علينا ،وإنا لنحن المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون.
سنة الله رب العالمين ولن تجد لسنة الله تحويلا، ولا تزال طائفة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم على الحق منصورة لا يضرها من خالفها، وليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل كما ثبت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم. وما أنتم أيها المسلمون إلا أجراء عند الله كيفما أراد أن يعمل عملتم وقبضتم الأجر ولكن ليس لكم ولا عليكم أن تتجه الدعوة إلى مصير، فذلك صاحب الأمر لا شأن الأجير، وحسبكم أن من الأنبياء من يأتي يوم القيامة ومعه الرجل ومعه الرجلان والثلاثة ومن يأتي وليس معه أحد، ليس عليك هداهم، إن عليك إلا البلاغ.
وآية الآيات في هذا الدين يا عباد الله أنه أشد ما يكون قوة وأصلب ما يكون عودا وأعظم ما يكون رسوخا وشموخا حين تنزل بساحته الأزمات وتحدق به الأخطار وتشتد على أهله الكرب وتضيق بهم المسالك وتوصد عليهم المنافذ، حينئذ ينبعث الجثمان الهامد ويتدفق الدم في عروق أبنائه ينطلق فينتفض، يقول فيُسمع، ويمشي فيُسرع، ويضرب في ذات الإله فيوجع، فإذا النائم يصحو، وإذا الغافل يفيق، وإذا الجبان يتشجع، وإذا الضعيف يتقوى، وإذا الشديد يتجمع، وإذا بهذه القطرات المتتابعة والمتلاحقة من هنا وهناك من جهود القلة تكون سيلا عارما لا يقف دونه حاجزا ولا سدا.
لا يزخر الوادي بغير شباب وهل شمس تكون بلا شعاع
إن هذه الأمة تمرض لكنها لا تموت، وتغفو لكنها لا تنام، فلا تيئسوا، فإنكم ستردون عزّكم.