PDA

View Full Version : مخيم جنين رمز لمقاومة باسلة...


painter
17-04-2002, 01:40 AM
مخيم جنين رمز لمقاومة باسلة...
تسعة أيام من الصمود والمئات من الشهداء والجرحى

كتب عمران الرشق

جنين - احتلت القوات الاسرائيلية مخيم جنين، بعد مقاومة دامت تسعة ايام، سقط خلالها مئات الشهداء والجرحى، فيما لقي قرابة العشرين جنديا اسرائيليا مصرعهم.

وحسب شهود عيان من داخل المخيم، فقد تصدى المقاومون الفلسطينيون طوال فترة الاشتباك برشاشات خفيفة والغام زرعوها في مختلف ارجاء المخيم، للجيش الاسرائيلي الذي قاده رئيس اركانه شاؤول موفاز بنفسه، مستخدما قرابة 150 دبابة، وطائرتي اباتشي والاف الجنود بينهم العديد من الوحدات المتخصصة.

وقال احد قادة المقاومة في المخيم، جمال ابو الهيجا: "ان المخيم لم يسقط الا بعد مقاومة باسلة واسطورية، لم تستطع الجيوش العربية مجتمعة ان تقوم بمثلها"، وذلك في اشارة الى حرب عام 1967 التي احتلت اسرائيل فيها الضفة الغربية وقطاع غزة، بعدما هزمت جيوش عدة دول عربية في ستة ايام فقط.

وكان يوم الثلاثاء 9 نيسان اقسى الايام بالنسبة للجيش الاسرائيلي، اذ لقي فيه 14 من جنوده حتفهم بعدما انفجر فيهم لغم ارضي وضعه المقاومون الفلسطينيون في احد منازل المخيم.

واشار ابو الهيجا الى ان المعلومات المتوافرة لديه تشير الى قيام جنود الاحتلال باعدام عدد من المقاومين بعد اعتقالهم، نافيا ما تناقلته وسائل الاعلام من ان العديدين منهم استسلموا، "اذ انهم تصدوا لجنود الاحتلال بالحجارة، وبما وقعت عليه ايديهم بعدما نفذت ذخيرتهم"، وفق ما ذكر.

واضاف: "ان الجرافات الاسرائيلية تقوم حاليا بتجريف المخيم وتسويته بالارض"، معتقدا ان الامر يتم على جثامين الشهداء واجساد الجرحى.

وقال نائب محافظ جنين، حيدر رشيد ان تسوية المباني على الشهداء والجرحى هي محاولة اسرائيلية لطمس "معالم الجريمة" التي لا يريد جنود الاحتلال لعدسات المصورين واقلام الصحفيين تسجيلها لدى قدومهم للمخيم.

واشار رشيد في هذا المجال الى انباء تناقلها شهود عيان عن حفر جنود الاحتلال لحفر عميقة وضعوا فيها جثامين الشهداء.

وبالرغم من تأكيد المواطنين سقوط اعداد كبيرة من الشهداء والجرحى فان العدد لا يمكن تحديده حتى اللحظة، لعدم تمكن سيارات الاسعاف من الوصول للمخيم.

وقال الدكتور محمد ابو غالية مدير مستشفى جنين الحكومي ان ما يتواجد في مستشفيات المدينة هو جثامين تسعة شهداء فقط اضافة لقرابة الاربعين جريح.

واشار الدكتور ابو غالية الى ان الطواقم الطبية بذلت العديد من المحاولات لاخلاء الشهداء والجرحى من المخيم، الا انها باءت جميعها بالفشل، بسبب اطلاق جنود الاحتلال النار على سيارات الاسعاف ما ادى لاصابة العديد منها.

ولم تتوقف مأساة المخيم على هذا الامر، اذ ترك العديد من سكانه منازلهم تحت تهديد الجيش الاسرائيلي بنسفها على رؤوسهم اذا لم ينصاعوا لاوامره ويخرجوا منها، حسبما قالوا.

وقال رشيد أن عدد هؤلاء "المهجرين" يقدر بثلاثة الاف، وانهم متواجدون حاليا في مساجد المدينة او مكاتب بعض مؤسساتها، التي افتتحتها المحافظة من أجلهم، اضافة الى لجوء بعضهم الى منازل المدينة.

وأوضحت سيدة في المدينة اشارت الى نفسها بام علاء السعدي انها تستضيف منذ ثلاثة ايام في منزلها قرابة 35 سيدة وفتاة واطفالهن لجؤوا من المخيم، وان اوضاعهن الان صعبة جدا، خاصة وان الخبز وحليب الاطفال الذي كانت تخزنه في بيتها لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي قد نفذ.

واضافت انها لم تكن تتوقع ان يحدث مثل هذا الامر في المخيم، وان يلجأ الى بيتها مثل هذه الاعداد من النساء، مشيرة ان ما خزنته من طعام وماء كان بقدر يكفيها وعائلتها فقط.

ومن جهتها قالت احدى النساء المتواجدات في منزل السعدي ان جنود الاحتلال اجبروها مع مئات اخرين على ترك منازلهم.

واشارت السيدة التي عرفت نفسها بأم الشهيد محمد الذي سقط الجمعة الماضية (5 نيسان) ولم تر جثمانه حتى اليوم، انها لا تعرف مصير اثنتين من بناتها فرقهما الاحتلال عنها، احداهما في 12 من عمرها، تظن انها موجودة في بيت اختها الكبرى في المدينة.

وقالت انها اتصلت بالعديد من الجهات ومنها الصليب الاحمر الدولي للتعرف على مصير عائلتها ولكن دون فائدة.

وقالت ان جنود الاحتلال فرقوا بين طفل في التاسعة من عمره وأمه اثناء نزوحهما من المخيم، في اشارة الى صبي يدعى مصطفى الطوباسي يتواجدن حاليا برفقتهن.

وقالت السيدة ان ما رأته في المخيم لا يمكن مقارنته الا بمجازر "صبرا وشاتيلا" التي قتل فيها قرابة الالفي فلسطيني بينهم نساء واطفال، مشيرة انها رأت العديد من جثث الشهداء ملقاة في الشوراع، وان عددا منهم قضى بعد ان ظل ينزف حتى الرمق الاخير، دون استطاعة احد تقديم العلاج له بسبب القصف الكثيف الذي طال المخيم.