PDA

View Full Version : دردشة في أذن غافل .


وميض
02-10-2002, 01:37 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،

يا غافل ... هل تعلم بأنك غافل ؟

سؤال غريب ، وهل يعلم الغافل بأنه غافل ؟ وهل يعلم النائم بأنه نائم ؟ والغفلة درجات والنوم درجات ، كما أن الصحوة درجات .

فمن يكون في أفق فكري معين لن يعرف طبيعة وحقيقة الأفق الذي يكون فيه ، إلا بعد الانتقال إلى الأفق الأخر المغاير ، مثل من ينتقل من الصحراء القاحلة إلى السهول الخضراء وهو لم ير في حياته تلك السهول ، وأفق الذين أنعم الله عليهم تختلف عن أفق المغضوب عليهم والضالين ، فهل تأكدت من عقلك في أي أفق هو موجود ؟ لا تستغرب من هذا السؤال ، فهناك عوالم وأفق فكرية متعددة ، فهناك عوالم الذين أنعم الله عليهم وعوالم المغضوب عليهم والضالين ، ففي أي عالم أنت وفي أي عوالم ، أما تقرأ الفاتحة في كل صلاة ؟ اقرأ وتدبر لترى وتبصر .

أطرح فكرتك لكي تعرف حقيقتك ودرجة وعيك ومعرفتك ... ففكرتك توضح درجة رؤيتك وصفاء عقيدتك وسلامة منهجك ... لا بأس ، تشجع ، لتتأكد من ذلك ، تأكد من صوتك وتأكد من فكرتك ، هل هي صدىًّ للحق أم للباطل أم هي مزيج من ذلك ؟ وهل هي نقية صافية ؟ أم تنبع من عقيدة فاسدة وأفكار مظلمة ؟ ... اعرضها لكي تفحصها وتقارنها مع أفكار الآخرين إذا ما كنت تبحث عن الحقيقة ، فكل يدعي معرفة الحقيقة ، فالناس عبرت الزمن الماضي بعقائد وبأفكار وبمفاهيم شتى ، وأنت من ضمن من تم تغذيتهم وبرمجتهم بتلك العقائد والأفكار والمفاهيم المتنوعة ، فأنت ابن هذا الزمن ، فالعقيدة والفكرة الأصيلة ، عقيدة وفكرة التوحيد أصبحت خارج هذا الزمن ، ولذلك سيقال عن من يريد تطبيق المنهج الرباني بأنه أتى من خارج الزمن ، وهذا الوصف وصف دقيق صحيح ، نعم ... صحيح ، فعقيدة التوحيد وفكرتها أصبحت خارج هذا الزمن ، والناس عبرت آخر الزمن بأفكار وبعقائد شتى أدت بالبشرية إلى الانحراف عن الصراط المستقيم والطريق القويم .

فالأفق تختلف ، وعوالم الفكر عوالم متعددة ، وهناك عالم واحد للمؤمنين ... عالم الذين أنعم الله عليهم ، وهناك عوالم كثيرة تهيم بها عقول المغضوب عليهم والضالين ، وأنا أريد منك أن تتأكد من عالم الذين أنعم الله عليهم ، هل هو موجود في هذا الزمن ، وهل هو الجو العام المشاع ، أم أصبح جو وعالم خاص لفئة محدودة أصبحت غريبة بغربة الإسلام ؟ تأكد وأبحث وتأمل ، فالبحث والتأمل عبادة .

وكل عقيدة وفكرة لها أصل ومنبع ، تأكد من منبع عقيدتك وفكرتك ، هل هو منبع نقي صاف يخرج من عقيدة وفكرة التوحيد الأصيلة ؟ فهل هي منبع العقيدة والفكرة لديك ؟ ، أم مصدرها من منابع وهوى الآخرين ؟ ، فكل فكرة ورؤية لها منبع ومصدر ، وأنقى فكرة التي تصدر من أنقى منبع ومصدر ، كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله ، كلمة التوحيد ، فهل تستمد رؤيتك وتصورك للحياة منها ؟ أم إنك نسيت عهدك وشهادتك وتبرأت منها ؟

قال تعالى ( وإذ أخذ ربك من بني ءادم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين (172) ) ( الأعراف ) .

لا تتلفت ، لا تحتار و لا تجعل عينك تدور ، حاول أن تتثبت من صحة عقيدتك وفكرتك ، أنا لا أحدثك عن المعلقة التي ورثتها لتعلقها في معبدك وتقرأها صباح مساء ، ولا عن ما تحويه رفوف مكتبتك ، فأنا أتحدث عن العقيدة والفكرة التي أمنت بها وحملتها في صدرك ورأسك ، أسألك عن العقيدة والفكرة التي تعمل وتتحرك بها ، أسألك عن العقيدة والفكرة التي تحركك ، فكل متحرك له محرك ، فأنا أسألك عن طبيعة المحرك الذي يحركك ، فهل هو محرك أصيل أو مزيف دخيل .

لا تسألني ، فأنا لم أقوم بفحصك ، لو فحصتك لعرفت نوع محركك وحقيقة عقيدتك وفكرتك ومنبع تصورك ، ولأعطيتك التقرير ، ففكرة الإسلام وعقيدة التوحيد أصبحت غالبا مخلوطة ومشروكه وممزوجة مع الأفكار والعقائد التي يروجها عمال الحكام والسلاطين ، فردية + ذاتية + أسرية + قبلية + وطنية + قومية + علمانية + نفعية ( برجماتية ) + الغاية تبرر الوسيلة ( ميكافيلية ) ...الخ ... نعم ... نعم ... لا تستغرب ، فهناك من له شخصية ملفقة ، فهو يجمع كل تلك العقائد ليتحرك بها بالإضافة إلى عقيدة الإسلام ، وتجده في كل مجلس وفرح ومأتم ، فتلك هي الحقيقة ، مزيج وخليط من العقائد والأفكار والمفاهيم تشكل في مجملها المحرك ، فهل تأكدت من طبيعة المحرك الذي يحركك ؟ وهل تأكدت من تركيبه عقيدتك وفكرتك التي تعبر بها الزمن ، زمنك وحياتك أنت ؟ فهذا الأمر يتطلب منك الجلوس للبحث وللتأمل ، فهو المدخل لعلوم ( الحركة والسياسة ) ، وكن صادقاً مع نفسك ولا تخدعها أو تحاول الاحتيال على ضميرك الديني ، فإذا ما كنت صادقاً مع نفسك سترى ما لا يراه غيرك بعيون فؤادك ، فهناك فرق بين المؤمن والكافر وبين المسلم الواعي والنائم ، فهم ليسوا بسواء ، وإذا ما رأيت فألزم ، وتواصل مع المؤمنين لكي تتأكد من صحة عقيدتك وفكرتك ووضوح رؤيتك .

أنا أعرف بأن الموازين والمقاييس والمناظير أصبحت مختلفة ، ومن الصعب التعرف على أصل المعتقد والعقيدة والفكرة ، وسيكون هناك خلاف واختلاف ، فكل حاكم من الحكام قام بصياغة عقيدة ونشر بين رعاياه فكره ، وهو ينشر عبر الإعلام عقيدته وفكره ، مثل ما قام بصك وتوزيع عملته ونقده ، فهل أنت تحمل عقيدته وفكرة وتؤمن بها كما تتعامل في عملته ونقده ، أم إنك تتعامل في عملته ونقده دون التعامل بعقيدته وفكره ؟ ، وهل تعرف الفرق ، نعم هناك علاقة وطيدة ، حاول أن تتأمل في المسألة لكي تعرفها ، أم لم تعد تميز بين العقيدة والفكرة والنقد والعملة ، إذا أجبت بنعم أرجو أن تعيد النظر في العقيدة والفكرة التي تحملها وتؤمن بها .

وكل حاكم وله علماء يزكون بعضهم البعض أو يزكون أنسفهم كما يزكون عقيدة وفكرة وليهم وسيدهم ، فلذلك أنا أنصحك بعدم الاعتماد عليهم في علوم ( الحركة والسياسة ) فإنهم سيحصرون فكرك وعقلك في مجال ضيق محدود وسيقومون بحرمانك من السمو والارتقاء ، وقد يكون ذلك عن جهل منهم ودون علم أو قصد ، فبعضهم لا يعلم بأنه لا يعلم فهو توارث الجهل كما توارث سادته المنصب .

يا غافل ، حاول أن تخرج بعقيدتك وبكفرك وبقلبك وبعقلك لكي تكتشف الأفاق الفسيحة الأخرى ، فحاول أن تهرب وتتحرر من معتقلك الفكري الذي أعتقلت فيه ، فكل ملك وله حدود وحمى ، فما بالك بمن له ملكوت السماوات الأرض الملك الحق المبين ، فملكه ليس له حدود كما يصور لك علماء أصحاب الحدود ، وإذا ما كان علماء وعمال الحاكم يزكون بعضهم البعض ، فمن سيزكي صاحب العقيدة والفكرة الصحيحة والأصيلة ؟ أنا أعرف بأنك إذا ما بحثت ستصل إلى الإجابة ، قال تعالى ( ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا (49) ) ( النساء ) . ونعم بالله ... ونعم بالله ... ونعم بالله ، والله هو الملك الحق المبين .

وكيف يزكي الله خلقه ؟

سؤال أترك لك الجواب عليه ، فبعد ما تبحث وتتأمل ، ستعرف كيف، وسترى الأمر بعيون رأسك بعد ما تراه بعيون قلبك .

يا غافل ، أنا لا أدعوك للخروج على الحاكم خروج عملي ، بل أدعوك أن تخرج بالعقيدة والفكرة ، أي بالقلب والعقل ، فحاول أن تتحرر من الأسر والاسترقاق النفسي والاجتماعي وحاول أن تخرج من المعتقل الفكري ، وهذا يكفي ، واترك الخروج العملي لمن يستطيع الخروج ، فإن كنت لا تعرف كيف تخرج فهناك من يعرفون كيف يخرجون لكي يعينوك على الخروج من هذا الحصار السياسي ، ولا تسألني كيف ، حتى لا يقوم المخبر بنقل الخبر ليدردش به بإذن الحاكم ، فأترك المخبر وهو محتار حاله حال الفأر المحاصر المحتار ، واترك عيونه تدور في مكانها ، فكل عمال الحاكم يدردشون في أذنه ، حتى علماءه ، علماء الدروشة والدردشة ، علماء نقل الأخبار والخبايا والأسرار .

هذا وبالله التوفيق ، نصر من الله وفتح قريب .

yazeed6
03-10-2002, 01:36 AM
يا سلام عليك يا وميض ..:)
والله انك احسنت وابدعت ..
مشكلتنا التعصب .. وفساد النية .. فهذا ما يجعلنا ننظر بمنظار اعوج الى الذات ..
والنبراس مع الاسف يكون مفقودا ..
وانا اعني هنا من فقد كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم كنهج يتبعه ويقيم نفسه بناءا عليه .
ودمتم.

وميض
03-10-2002, 11:21 AM
yazeed6 أحسن الله إليك يا أخي الكريم وأشكرك جزيل الشكر على هذا الثناء والإطراء ، وعلى المشاركة والتعليق بارك الله فيك وجزاك الله خيراً .