ابو الامير
06-10-2002, 10:07 PM
مثل النبي موسى، الذي رأى الأرض الموعودة أمامه، وسرعان ما وطأ عليها بأقدامه، هكذا هو أريئيل شارون الجالس في مكتب رئيس الحكومة في القدس
مثل النبي موسى، الذي رأى الأرض الموعودة أمامه، وسرعان ما وطأ عليها بأقدامه، هكذا هو أريئيل شارون الجالس في مكتب رئيس الحكومة في القدس. إنه يعتقد ، وربما على اقتناع، بأنه عندما سيتخلص من ياسر عرفات، ستكون طريقه مفتوحة نحو تحقيق الأمن، بل وربما نحو السلام. أما الذين يسخرون منه فيدعون أنه لا يملك خطة سياسية وأنه لا يعرف بتاتاً ما الذي سيفعله في اليوم الذي سيلي عرفات. لكن هذا ليس صحيحاً، كما يبدو. ويمكن بناءاً على ما ينشر في وسائل الاعلام، فقط، معرفة أن شارون يملك خطة جاهزة ستقود الدولة نحو السلام، وكما يبدو، هذه هي أسسها.
أ - طرد عرفات: شارون يرى في عرفات عقبة. وانصرافه من الصورة، بشكل طبيعي، أو بكل وسيلة أخرى، لا يعني فقط، انتهاء فصل دام من العلاقات بين الشعبين، وإنما، أيضاً، سبباً للاحتفال. يخيل لي أن شارون يعتقد أن نهاية عرفات ستكون بمثابة يوم عيد في إسرائيل، وأنه سيتمكن عندها، في ظل جنون العظمة الذي سيصيبنا، من القيام بسلسلة من الخطوات. وهو بذلك يسير في أعقاب عيزر فايتسمان، الذي قال في حينه "إننا في إسرائيل، نعيش بين الكوارث وبين المهرجانات". وسيسألون عندما تحين ساعة عرفات: من فعل ذلك؟ شارون، فقط شارون، ستدوي الأصوات المحتفلة حتى عنان السماء، وعندها سيكون بالامكان عرض الخارطة.
ب - تقديم مناطق إلى الفلسطينيين. هناك من يقول أنه سيتم تسليمهم ما يتراوح بين 40 إلى 42%. وهناك من يقول أكثر من ذلك، وهناك من يقول أقل، وفي كل الحالات، ستعتبر المجموعة التي يقودها شارون، هذا الثمن غير محتمل. وسيسأل شارون الفلسطينيين والأميركيين والاسرائيليين: من يمكنه نقل المناطق إلى الفلسطينيين؟ نتنياهو؟ لقد اضحكتموني. ايهود براك؟ اليمين سيحرق الدولة.
ج - إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، تحدث عنها رئيس الحكومة أكثر من مرة. وسيقال عندها للفلسطينيين وللأميركيين وحتى لليسار: أي قائد يمكنه الموافقة على دولة كهذه في الوضع السياسي الحالي في إسرائيل؟ صحيح: شارون، شارون فقط.
د - تواصل إقليمي للدولة الفلسطينية، مسألة ليست بسيطة يمكنها إحداث الكثير من المآسي. من لا يفهم بالخرائط، فقط، - وشارون يفهم كثيراً بالخرائط – يمكنه الاستهتار بقيمة التواصل الإقليمي. شارون والمستوطنين في الضفة وقطاع غزة يعرفون ما هو الثمن الباهظ المنوط بمثل هذا التواصل، حتى لو كان يعني إقامة جسور عالية وقطارات فقط.
هـ - إخلاء مستوطنات معزولة، تعتبر غالبيتها نتاج تخطيط ومقدرات شارون التنفيذية في الأيام الخوالي. حتى المتزمتين من بين المستوطنين يفهمون اليوم، في ضوء الوضع الأمني، أنه لا مفر من إخلائها، ومن يمكنه إصدار هذا الأمر الرهيب؟ بيبي؟ إيهود؟ فؤاد؟ صحيح: شارون، شارون فقط.
و - التحفظ على غور الأردن، الذي يعتقد شارون أنه يمنع الانسحاب منه، كي لا يخلق التواصل الإقليمي العربي من قلقيلية وحتى بغداد.
هذه هي، كما يبدو، نوايا شارون الاساسية. ظاهرياً، هذه هي خطة سياسية معقولة وقابلة للتنفيذ، رغم أنه لم يتم إستنباط رأي العروس الفلسطينية والزوج الاميركي. يمكن لشارون بالتأكيد النجاح بتنفيذها. لكن هذه الخطوة تنطوي على مشكلة. فهي مبنية كلها على الافتراض بأن عرفات سيغمض عينيه أو يستقيل بمحض إرادته، وأن حماس والجهاد الاسلامي ستتقبلان هذه الخطة بصمت، إذا لم ترحبا بها، وأن كوندوليسا رايس ستجيب عليها بكلمة آمين. لقد عايش شارون الكثير من الأمور في حياته، وهو يتذكر كيف كانت الحرب في لبنان والسلام بعدها منوطان بشخص واحد: بشير الجميل. وعندها، في إحدى الليالي، عاد هذا الرجل على اعقابه، وقال "لا"، وعندها لم يتبق من الخطة السياسية الرائعة إلا عدة كتب حزينة.
(13:00 , 14/07/2002)
* إيتان هابر (Eitan Haber) هو صحفي وكان سابقاً مدير مكتب رئيس الحكومةيتسحاق رابين.
ما رايكم بالكلمات والافكار
ليست مني وانما منقوله
مثل النبي موسى، الذي رأى الأرض الموعودة أمامه، وسرعان ما وطأ عليها بأقدامه، هكذا هو أريئيل شارون الجالس في مكتب رئيس الحكومة في القدس. إنه يعتقد ، وربما على اقتناع، بأنه عندما سيتخلص من ياسر عرفات، ستكون طريقه مفتوحة نحو تحقيق الأمن، بل وربما نحو السلام. أما الذين يسخرون منه فيدعون أنه لا يملك خطة سياسية وأنه لا يعرف بتاتاً ما الذي سيفعله في اليوم الذي سيلي عرفات. لكن هذا ليس صحيحاً، كما يبدو. ويمكن بناءاً على ما ينشر في وسائل الاعلام، فقط، معرفة أن شارون يملك خطة جاهزة ستقود الدولة نحو السلام، وكما يبدو، هذه هي أسسها.
أ - طرد عرفات: شارون يرى في عرفات عقبة. وانصرافه من الصورة، بشكل طبيعي، أو بكل وسيلة أخرى، لا يعني فقط، انتهاء فصل دام من العلاقات بين الشعبين، وإنما، أيضاً، سبباً للاحتفال. يخيل لي أن شارون يعتقد أن نهاية عرفات ستكون بمثابة يوم عيد في إسرائيل، وأنه سيتمكن عندها، في ظل جنون العظمة الذي سيصيبنا، من القيام بسلسلة من الخطوات. وهو بذلك يسير في أعقاب عيزر فايتسمان، الذي قال في حينه "إننا في إسرائيل، نعيش بين الكوارث وبين المهرجانات". وسيسألون عندما تحين ساعة عرفات: من فعل ذلك؟ شارون، فقط شارون، ستدوي الأصوات المحتفلة حتى عنان السماء، وعندها سيكون بالامكان عرض الخارطة.
ب - تقديم مناطق إلى الفلسطينيين. هناك من يقول أنه سيتم تسليمهم ما يتراوح بين 40 إلى 42%. وهناك من يقول أكثر من ذلك، وهناك من يقول أقل، وفي كل الحالات، ستعتبر المجموعة التي يقودها شارون، هذا الثمن غير محتمل. وسيسأل شارون الفلسطينيين والأميركيين والاسرائيليين: من يمكنه نقل المناطق إلى الفلسطينيين؟ نتنياهو؟ لقد اضحكتموني. ايهود براك؟ اليمين سيحرق الدولة.
ج - إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، تحدث عنها رئيس الحكومة أكثر من مرة. وسيقال عندها للفلسطينيين وللأميركيين وحتى لليسار: أي قائد يمكنه الموافقة على دولة كهذه في الوضع السياسي الحالي في إسرائيل؟ صحيح: شارون، شارون فقط.
د - تواصل إقليمي للدولة الفلسطينية، مسألة ليست بسيطة يمكنها إحداث الكثير من المآسي. من لا يفهم بالخرائط، فقط، - وشارون يفهم كثيراً بالخرائط – يمكنه الاستهتار بقيمة التواصل الإقليمي. شارون والمستوطنين في الضفة وقطاع غزة يعرفون ما هو الثمن الباهظ المنوط بمثل هذا التواصل، حتى لو كان يعني إقامة جسور عالية وقطارات فقط.
هـ - إخلاء مستوطنات معزولة، تعتبر غالبيتها نتاج تخطيط ومقدرات شارون التنفيذية في الأيام الخوالي. حتى المتزمتين من بين المستوطنين يفهمون اليوم، في ضوء الوضع الأمني، أنه لا مفر من إخلائها، ومن يمكنه إصدار هذا الأمر الرهيب؟ بيبي؟ إيهود؟ فؤاد؟ صحيح: شارون، شارون فقط.
و - التحفظ على غور الأردن، الذي يعتقد شارون أنه يمنع الانسحاب منه، كي لا يخلق التواصل الإقليمي العربي من قلقيلية وحتى بغداد.
هذه هي، كما يبدو، نوايا شارون الاساسية. ظاهرياً، هذه هي خطة سياسية معقولة وقابلة للتنفيذ، رغم أنه لم يتم إستنباط رأي العروس الفلسطينية والزوج الاميركي. يمكن لشارون بالتأكيد النجاح بتنفيذها. لكن هذه الخطوة تنطوي على مشكلة. فهي مبنية كلها على الافتراض بأن عرفات سيغمض عينيه أو يستقيل بمحض إرادته، وأن حماس والجهاد الاسلامي ستتقبلان هذه الخطة بصمت، إذا لم ترحبا بها، وأن كوندوليسا رايس ستجيب عليها بكلمة آمين. لقد عايش شارون الكثير من الأمور في حياته، وهو يتذكر كيف كانت الحرب في لبنان والسلام بعدها منوطان بشخص واحد: بشير الجميل. وعندها، في إحدى الليالي، عاد هذا الرجل على اعقابه، وقال "لا"، وعندها لم يتبق من الخطة السياسية الرائعة إلا عدة كتب حزينة.
(13:00 , 14/07/2002)
* إيتان هابر (Eitan Haber) هو صحفي وكان سابقاً مدير مكتب رئيس الحكومةيتسحاق رابين.
ما رايكم بالكلمات والافكار
ليست مني وانما منقوله