View Full Version : اقرأوا ما كتبه هذا الـــــــــــــ ؟؟؟
http://www.geocities.com/CapitolHill/Senate/4559/ismael8.html
lolly
18-10-2002, 10:19 AM
الموقع محجوب من قبل الاتصاللات فى الامارات:( ماعلية بتصرف وبشوف الموضوع:D
شكرا
هكـذا عــرفـت الله
مقدمة الاختبار : قد لا أملك ما يلائم بداية شهادتي هذه إلا أن أشكر الله من أعماق قلبي من أجل هذا التحول العجيب والإيجابي في حياتي ، وكذلك حياة كل من يطلبه بإخلاص ، إذ قد قادني بإرادته وقوته الساحرة منتشلاً إياي من أفواه الأسود وحظيرة الهالكين ، والغريب في ذلك أن هذا التحول لم يكن بدافع مني أو انعكاس لشيءٍ سمعته، أو كلمة ألقاها أحد من الخدام أو المبشرين إلي ؛ بل على النقيض من ذلك كله ؛ إذ في الوقت الذي كنت أسعى جاهداً لإحباط خطته لخلاص العالم ، والهجوم الشرس على كلمته ، وكذلك من يؤمن بها، كان هو قد أعد العدة كاملة وبإحكام لاصطيادي بشباك لا يمكنني الهروب منها ؛ وهذا هو شأن الإله الحي الذي يبحث عن الضال إن كان صادقاً في توجهه حتى ولو كان معاكساً له ، فهو يبسط يديه لكل تائب ، وينشر نوره لكل تائه في ظلمات العالم ويقرع بهدوء على كل بيت فقير وخرب ليملأه بالغنى الروحي ويعمره بالطهارة والقداسة فهو يعطي بسخاء ولا يعير ، ولا يعطينا كأفعالنا؛ لكن حسب وعوده وبمقدار رحمته وبميزان عظمته
ولا أخفي سراً إنني قد ترددت كثيراً في كل مرة كنت أحاول فيها كتابة هذه الكلمات ؛ ذلك لأني قد خشيت أن أكون مبالغاً في ما أقول ، أو أن ينظر إليّ كشخص فوق العادة يبحث عن مجد له لا يستحقه في حين المجد كله لله ، وجانب آخر كان يحول بيني وبين كتابة هذه السطور ألا وهو الكبرياء والغرور الذي كان ما يزال هناك منه بقية باقية لم أكن قد تخلصت منها ؛ إذ اعتبرت الإفصاح عن عمل الله في حياتي إهانة قد توُجه إلى شخصي الذي كان شديد القسوة على أتباع ذاك الإله الحي الذي تعامل معي وفتح لي عيني لأرى النور الذي لم أكن أعرفه من قبل ، وكما سنقرأ في الصفحات التالية ؛ لم أجد بد من أن أعلن استسلامي في تلك المعركة غير المتكافئة بين شيطان يسكن بداخلي وإله قدوس يعرض عليّ خلاصه ويفتح لي ذراعيه لأتكئ على صدره الدافئ والحنون ؛ حتى استطعت أن أردد مع أيوب " بسمع الأذن سمعت عنك أما الآن فقد رأتك عيني " واطلب كما طلب داود " قلباً نقياً اخلق في يا الله وروحاً مستقيماً جدد في داخلي " ذاك هو الرب يسوع المسيح كلمة الله الأزلية وروحه الذي لا ينفصل عنه ، إنه هو الطريق والحق والحياة ، هو من يؤمن به فلا يموت وإن مات فسيحيا ، هو الذي لن يعطش من يقبله ولا يجوع من يأتي إليه هو الأول والآخر هو الرب يسوع المسيــــح .
حيـــاتـي قبــل الإيمــان :
كان لا بد لي أن أتكلم ولو بإيجاز عن حياتي قبل الإيمان ؛ لأنه من خلالها ستتضح مدى محبة الله لنا نحن البشر ، وتظهر أنه في الوقت الذي نسعى نحن جاهدين لمقاومة عمل الله ؛ يسعى هو في الاتجاه المضاد ليجتذبنا إليه كراعٍ يبحث عن قطيع له قد ضاع في البرية الفقراء الجرداء .
فقد نشأت في أسرة متدينة أصولية إلى أبعد الحدود ، مما دفعني إلى أن أسلك نفس المسلك الديني الأصولي ، إما بإرادتي أو بحكم النشأة الأسرية ، وبدأت مشواري مع الكُتاب الصغير الذي كان يقع على أطراف قريتنا الصغيرة الواقعة في إحدى محافظات الوجه القبلي على مسافة 200 كم جنوب القاهرة ، كان اهتمامي في البداية مجرد حفظ ما كان مقرراً علينا من السور القرآنية في مادة التربية الدينية بالمدرسة ثم تدرج ذلك إلى اهتمام شخصي نابع من حبي لكلمات الله ، وفي تلك الأيام كان المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ينظم مسابقة سنوية بصفة دورية بين طلاب جميع مدارس الجمهورية في حفظ جزء أو جزأين من القرآن ، طلبت مني والدتي أن أشارك فيها ، وأول مرة شاركت فيها حصلت على المركز الأول وكانت الجائزة 10 جنيهات فرح بها والدي كثيراً وكان يشجعني على المشاركة باستمرار ليس إلا للفوز بالعشرة جنيهات ،، استمر ذلك حتى استطعت حفظ أكثر من خمسة عشر جزءاً من القرآن قبل أن أنهي المرحلة الإعدادية ، وأكملت ما تبقى منه في المرحلة الثانوية ، كنت في هذه الفترة أقيم مع الأسرة في منزل العائلة الذي كان يضم بقية أعمامي وأولادهم ، وكان واحد من أبناء أعمامي شديد التدين، إذ كان يدرس في إحدى كليات جامعة الأزهر ، وكان يشجعني على قراءة الكتب وفي بعض الأحيان كان يشتريها هو لي على نفقته الخاصة ، لكن في أثناء هذا الوقت انتقلت أسرتنا للإقامة في بيت منفرد عن بيت العائلة هذا ، وسافر ابن عمي إلى إحدى البلاد العربية ليعمل إمام وخطيب لمسجد هناك ، واستمرت إقامته هناك مدة عامين ، وبعد عودته في إحدى المرات أفهمني أننا لسنا على الإسلام الصحيح الذي يدخل من يدين به الجنة ؛ لأننا لا نعرف إلا القليل ، وأنه قد تقابل هناك بقيادات مسلمة واخوة فارين من ظلم الحكم الطاغي هنا ، وطلب مني التعمق في دراسة بعض الكتب للإمام ابن تميمة والشيخ سيد قطب وابن حزم الظاهري ، ورغم صعوبة أفكار بعض هذه الكتب إلا أنني أعجبت بها كثيراً ؛ إذ كانت هذه الكتب تضع منهجاً شاقاً يصعب على المرء منا أن يؤديه كما هو فمثلاً وجدت هناك حديث يقول : من أكل مع مشرك أو ساكنه فهو مثله من هنا بدأت أدخل إلى مرحلة جديدة في حياتي الدينية ، إذ بدأت أتفحص الناس من منهم الكافر ومن منهم المسلم ، وبدأت أيضاً أجمع النصوص التي تسهل علي تمييز المسلم من غير المسلم حتى أرسم وأحدد علاقتي به حسب نوعية كل منهم، حتى وجدت نفسي أمام موقف صعب جداً إذ أن والدي ووالدتي بناءاً على ما وصلت إليه يعدا من الكافرين ، فوالدي كان يدخن ، ولا يطلق لحيته ، ووالدتي لم تكن تصلي وكانت تسب الناس كثيراً ، كذلك اخوتي كانوا كفاراً أيضاً فمنهم من يجلس يشاهد التليفزيون ومنهم من لا يصلي ، ومنهم من يحلق لحيته ومنهم من يدخن السيجارة ، لدرجة أنني قد منعت أخواتي عن تكملة الدراسة في مراحل مختلفة ، وطلبت من والدي أن يطلق والدتي لأنها لم تكن تتجاوب معي مما أثار والدي علي ، وصلت في نهاية الأمر إلى أن والدي ووالدتي وإخواني مشركون ، وسألت هل يجب علي مقاطعتهم وعدم الأكل أو النوم معهم ؟ فأجابني ابن عمي نعم ، فقلت إذن وأين سأذهب ؟ قال : تعال عندي . هل تثق في عمك وامرأته من حيث الإيمان ؟ قلت : كلا فهما مؤمنين حقاً ، قال إذن فاذهب وأتي بأمتعتك لتعيش معي بعيداً عن حياة الكفر والشرك التي في بيتك ، حملت أمتعتي ورحلت وسط دموع والدتي وأخوتي ولم أشفق عليهم بل كنت أقول إنه لا مقام لي بينكم اليوم إذ أنكم كافرون وكنت في غاية السعادة وأنا أراني أهجر بيتي في سبيل الله.
استقر ابن عمي في القاهرة واستأجر شقة بالقرب من جامعة الأزهر حيث كان في السنة النهائية مما اضطرني للعودة ثانية لبيت أبي أجر أذيال الخزي والانكسار ، وسألت ابن عمي ألا يعد رجوعي هذا معصية ؟ قال : لا " فالضرورات تبيح الممنوعات " وقرأ عليّ آية سورة البقرة " فمن اضطر غير باغٍ ولا عادٍ فلا إثم عليه " ففرحت كثيراً بذلك ، كنت آنذاك في الثانوية العامة وقررت الاجتهاد حتى لا يقال بأن التدين يعيق الدراسة ، ونجحت وحصلت على نسبة مئوية عالية أهلتني لدخول كلية الطب بجامعة القاهرة ، وبعد ذلك بدأت انفصل فكرياً بالتدريج عن ابن عمي إذ قرأت كثيراً من الكتب كان هو يرفضها قائلاً : إنها تحمل أفكار التكفير والهجرة أو خوارج القرن العشرين ، كان كلامه هذا لي دافعاً قوياً لأعرف ماذا يقول هؤلاء الناس الذي نسمع عنهم ولم نقابل أحد منهم ؟
وجدت داخل الكلية كثيرا من التيارات السياسية داخل جماعات صغيرة وقانونية مما دفعني أن التحق بالجماعة الدينية بكليتي لكي لا نترك الساحة لهم ، كان مقرر الجماعة أحد أعضاء هيئة التدريس وكنت أميناً عاماً لها ، وكان معنا رجلاً آخر مسئولاً عن الاتصالات بالجماعة لا أخفي أنني وجدت متاعب كثيرة داخل الجماعة لأنهم كانوا يعيشون حياة إسلامية تقليدية بعيدة كل البعد عن المفهوم الصحيح للإسلام من حيث تعاملهم مع غير المسلمين ( لا أعني المسيحيين بل المسلمون بالاسم فقط )
بدأت طموحاتي الدينية تنمو باطراد وكنت أسابق الزمن للوصول إلى حالة لا تقل عن حالة من كنت أسمع عن صولاتهم ضد الحكومة والنظام ، فبدأت بتكوين نواة لجماعة صغيرة أقوم بتلقينها الإسلام كما فهمته ، وكنت ألمس فيهم الطاعة والخضوع ، كنا نصلي معاً في زاوية بعيداً عن المساجد لأنها كما علمنا ما هي إلا مساجد ضرار بنيت على غرار ما بناه اليهود لإعاقة دعوة الرسول .
شعرت بعد ذلك بضرورة ترتيب علاقتي بكل الناس كلُ حسب موقفه وفهمه للإسلام ؛ فكل من لا يقبل ما نقول فهو كافر ويعامل معاملة الكفار " لا يتخذ المؤمنون الكافرون أولياء من دون الله " ، لم جد في ذلك صعوبة لأننا كنا مدفوعين برغبة وحماس شديدين لأن نعيش كما كان رسول الله يعيش وكانت تتراءَى لنا صورة أبوعبيدة بن الجراح الذي قال عنه محمد أنه أمين هذه الأمة عندما قتل والده الذي رفض الإسلام ، كذلك صورة مصعب ابن عمير الذي لم يرضخ لتوسلات والدته وتركها تموت لرفضها الإسلام ، وكذلك أبو بكر الذي قال لوالده لو أنني أدركتك لقتلتك ، كل هذه الصور كانت تنمي داخلنا القسوة على الأهل والأصدقاء إن هم رفضوا إسلامنا ، ولم يكن ذلك لمجرد الكراهية بل على العكس كنت أتألم وأنا أرفع صوتي تجاه والدتي ووالدتي وأسب أخي وأخوتي وأهددهم بالقتل ، لكن الدافع كان الرغبة الصادقة لديّ لأن أطيع الله ورسوله وأصل إلى ما وصل إليه هؤلاء الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، وكنت أضع نصب عيني حديث الرسول الذي يقول : " لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه من ماله وولده ونفسه التي بين جنبيه " .
كان هناك فرقة أو طائفة من الناس نحن بحاجة إلى تحديد علاقتنا بهم وتعاملاتنا معهم حسب نصوص القرآن والسنة : وهم أهل الكتاب والحقيقة كان هم النصارى لأن مصر يندر فيها تواجد اليهود وإن وجدوا فلا يقيمون علاقات مع أحد . من خلال البحث عن سلوكيات الرسول تجاه النصارى ، وجدنا الصورة قاتمة جداً ، لكنها كانت مريحة لنا إذ كنا نغار منهم في بساطتهم وحسن معاملاتهم ، وسرعة إقامتهم لصداقة مع مسلمين اسميين ، كان لديهم برود غريب تجاه ما كنا نوجهه إليهم من مضايقات والتي فسرناها على أنها مجرد محاولة قذرة منهم للخروج من عزلتهم وهم الأقلية في مجتمع أغلبيته من المسلمين ، ولم يك أمامهم سوى هذا الخبث والدهاء في حسن معاملة المسلمون لأنهم إن أبدوا غير ذلك فلن يكون لهم مقام وسطنا ، وهذا هو بعينه ما قاله القرآن عنهم من أن الله سيضرب عليهم الذلة والمسكنة ، بدأت كراهيتنا للنصارى في صورة مضايقات في الشوارع والطرقات ، لكنهم كانوا يقبلون ذلك بوداعة تثير اشمئزازنا مما يدفعنا لزيادة الكيل من المضايقات ، فبدأنا نفكر في كيفية إرهابهم فعلمنا أن الله قد أحل دمائهم وأموالهم وقال عنها أنها " فَيِء " أي تأخذ بدون حرب مثل ما فعل الرسول بيهود بني قريظة ، إذ حاصرهم وقتل شبابهم وسبى نسائهم واستحل نخيلهم وأجلاهم عن المدينة ، رغم أننا لم نكن قادرون على عمل ما عمل محمد لكن كنا نسطوا على محلاتهم وننهبها ، ووصلت درجة عداوتنا للنصارى إلى درجة التعدي على كنائسهم ودور العبادة في أماكن متفرقة من القرية التي كنت أقطن فيها كان أشدها هو التخطيط وتنفيذ عملية تدمير إحدى الكنائس ، أثار هذا التصرف شعور الحكومة حيث تظاهر الأقباط ضد هذا العمل وكان يبدو أن الحكومة مسرورة بهذا السلوك ؛ إذ كان يتم معاملتنا داخل الحبس على أفضل ما يكون ، وعندما أنهينا فترة السجن هذه خرجنا واستقبلنا أهالي القرية استقبال الأبطال مما دفعنا للتمادي في ذلك لكن بطرق أكثر دقة وحكمة لا تمكن الحكومة من القبض علينا . كل ذلك تم في فترة وجيزة وتناقل الطلبة في الكلية هذه الأخبار مما دفع أحد قيادات التكفير والهجرة إلى طلب الجلوس معي ليعبر لي عن فخره بشجاعتي وحبي لله ورسوله ، علمت أنه من جماعة شكري ففرحت وتمنيت لو كنت واحداً منهم ، كان صديقي هذا حريصاً جداً في حديثه معي وفي إحدى عطلات الصيف قمنا بتنظيم معسكر للجماعة الإسلامية بالكلية وحصلنا على الدعم المادي لهذا المعسكر من إدارة الكلية كان الهدف من هذا المعسكر هو أن نقضي أنا وعضو التكفير والهجرة أكبر وقت ممكن للمناقشة وتداول الأفكار حول الإسلام ، بعد المعسكر طلب مني صديقي أن أبدي رأيي في الجماعة الإسلامية وهل أريد الانضمام إليها لو أتيحت لي الفرصة ؟، وكان يردد على مسامعي الأحاديث التي تتكلم عن ضرورة الانضمام لجماعة تقيم كتاب الله وسنة رسوله مثل قوله : من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية " ، و لا إسلام بلا جماعة ولا جماعة بلا أمير " شعرت أنه لا بديل لدي سوى الانضمام للجماعة ما دمت أحب الله ورسوله ، وهذه الجماعة هي أفضل ما رأيت من حيث توافق فكرها مع ما كان بداخلي عن الإسلام ، تم ترتيب لقاء لي بالقاهرة في منزل أحد الأعضاء بالقاهرة ووضعت يدي بيد الأمير شكري قائلاً " أبايعك على السمع والطاعة في المنشط والمكره وأن أوثرك على نفسي إلا أن أرى منك كفراً بواحاً " لم تكن البيعة مجرد كلمات تردد ؛ بل كانت كأنك تضع حياتك في يد الأمير وتكون قد بعت نفسك لله وللرسول ، الحقيقة كنت سعيداً جداً بهذا اليوم ولم أسعد أكثر من هذا اليوم إلا يوم معموديتي . غرست البيعة هذه في نفسي شيئا من الخضوع وعدم الخوف وتنفيذ كل ما يطلب مني بدون التفكير في ما ينتظرني من ألم أو مشاكل لأنني اعتبرت ذلك طاعة لله وللرسول ، وكنت مستعداً لأن أفعل أكثر مما يطلب مني ، بدأت القسوة تظهر على تعاملي مع أسرتي وكنت لا أسلم عليهم ، وعندما يسألونني كنت أقول لهم إنكم كفاراً إنكم تشبهون الذين قال الله عنهم " هل أدلكم على الأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهو يحسبون أنهم يحسنون صنعا " طلب والدي مني أن أرشده لما يجعله مسلماً في نظري فقلت له أولاً تطلق لحيتك ، لا تجلس للراديو فوافق ، فقلت له إن والدتي لا تصلي وتارك الصلاة كافر وعليه فهي كافرة وحياتك معها حرام فثار والدي وحلق لحيته وكاد يضربني بحجر كان أمامه لولا أنني هربت منه ، هناك نقطة للأمانة أريد أن أذكرها ، وهي إن أول شيء جعلني أتحمس للانضمام لجماعة التكفير أنها كانت شديدة القسوة على النصارى الذين كنت أكرههم وأريد نصوصاً قرآنية تؤيد كراهيتي هذه بحيث انطلق تحت مظلة قرآنية فلا يحدث لدي شيء من تأنيب الضمير في ما أفعله.
بعد ذلك عينني شكري أميراً لمجموعة في ضواحي القاهرة وكان يعبر لي عن إعجابه بي وبإخلاصي فأطلق علي لقب " أبوعبيدة " كان كل فرد في الجماعة يحمل اسماً حركياً ولم نكن نعرف أسماء بعضنا البعض الحقيقية .
زادت ثقة شكري بي فقام بإرسالي إلى عدة دول عربية وأجنبية ممن كان يتواجد بها أعضاء الجماعة وقمنا بالتعاون معاً لاجتذاب أعضاء جدد وأخذ البيعة منهم نيابة عن الأمير العام شكري مصطفى ، كانت هناك بعض المضايقات من الحكومة ؛ مما اضطرنا للهجرة لأوقات قصيرة لجبال المنيا والبداري وأسيوط ، لكن في كل مرة كان يتم القبض علينا وترحيلنا للقاهرة ثم الإفراج عنا ، هذا كله كون لدينا جميعاً شعورا بأن الهجرة الآن أصبحت أمراً لا مفر منه إذ لا مقام لنا بين ظهراني المشركين عملاً بنص الحديث : أنا بريء من كل من أقام بين ظهراني المشركين " ، وهذا تطلب منا أن نرسل أحد الأعضاء للبحث عن أنسب مكان يمكننا أن نهاجر إليه الهجرة الكبرى التي لا يحق لنا الرجوع منها إلا لإقامة الدين والقضاء على نظام الحكم الأرضي الذي لا يحكم بما أنزل الله ، وفي أحد الأيام من عام 1977جاءنا أمر بضرورة البحث عن شقة مفروشة في أحد الأماكن الشعبية دون أن نسأل لماذا ، قمت أنا وأحد الأخوة بالبحث عن هذه الشقة واستأجرناها دون أن ندري سبب ذلك ، وفي صباح اليوم الثاني علمنا أنه قد تم اختطاف الشيخ محمد على يد رجال من جماعتنا ، وبعد لحظات من سماعنا هذا البيان زارنا أحد أفراد الجماعة وحكى لنا ما تم بالضبط ، كان الشيخ محمد دائم التهجم على أفكار الجماعة ، وللحقيقة كان يكتب عنا أمورا غير حقيقية مثل أننا نزوج المرأة لأكثر من رجل وقد وجهت إليه الجماعة تحذيرات متكررة للتوقف عن مهاجمة الجماعة إلا أنه استهان بهذه التهديدات والإنذارات ، علمنا من أخينا أن الهدف من هذه العملية هو الضغط على الحكومة للإفراج عن بعض القيادات التي تورطت في العملية الفنية العسكرية ، كذلك طلب فدية مادية تمكننا من تغطية نفقات الجماعة المتعددة ، فوجئنا في مساء يوم الاختطاف هذا بالقبض على معظم إن لم يكن كل أعضاء الجماعة في كل مصر ، حتى من كان له أدنى علاقة بنا دون أن يكون عضواً أدخلنا معتقل القلعة وقضينا عامين تحت التعذيب والتحقيق في ما كان يعرف بقضية الانتماء لجماعة مناهضة لنظام الحكم ، بعد ذلك أطلق سراحنا فهربنا خارج البلاد ، وانتشرنا في عدة دول عربية انتظاراً لأوامر من الأمير الذي عينه شكري بدلاً عنه ، كانت هذه بداية تفتت وانهيار الجماعة وأقول بكل صدق وأمانة لو لم تكن عملية الشيح محمد هذه لكان للجماعة شأن آخر في تسيير الأمور بمصر . كنا كما سبق أن قلت قد أرسلنا من يبحث عن بلد يمكننا أن نعيش فيه فترة استعداد للجهاد الأكبر ، وكانت النتيجة مشجعة ، وبدأ بعض الأعضاء يهاجرون إلى هذه المنطقة تباعاً ، جاءني رسالة بمكان الهجرة فتوجهت إليهم في أوائل عام 1980 ، وبدأنا نرتب كيف سنقيم في هذه المنطقة ؟ خاصة وأننا قد علمنا أنها منطقة صحراوية خالية من السكان اللهم بعض البدو الذين يسلكون خلالها للتجارة . انتهينا من كل الترتيبات وبدأنا نرحل على مجموعات متفرقة حيث لم يكن لدينا سوى سيارة واحدة ، كان من ضمن أعضاء الجماعة كثيرون من مواطني البلدة التي هاجرنا إليها مما ساعدنا على سهولة التعرف على جغرافية المكان وعادات وتقاليد هذا المجتمع الجديد ، حفرنا آبارا للمياه ، قمنا بعمل كلمة سر بيننا ، وتناوبنا حراسة المعسكر وقمنا بتدريب من لا يعرف إطلاق النار ، ووفرنا لكل فرد سلاحا شخصيا للدفاع عن نفسه وقت الضرورة ، سارت الحياة بالنسبة لنا أول الأيام في فرح وسرور إذ كنا نتذكر هجرة الرسول وننتظر اليوم الذي سنعود فيه إلى مصر فاتحين كما فعل الرسول عند خروجه من مكة ، وكان كل واحدِ منا يترك أهله الكفار ويهاجر في سبيل الله لا يفوته أن يردد هذه الأبيات الشعرية التي كانت تبث فينا الحماس والنخوة الإسلامية غير مهتمين بما قد يواجهنا من صعوبات فكل شيء يحدث لنا هو في سبيل الله وان متنا فلنا الجنة وإلا فالنصر حليفنا
كانت البلدة التي هاجرنا إليها تعاني من القلاقل والاضطرابات وحرب العصابات ، وكان أهلها جميعاً مسلحين مما أتاح لنا فرصة حمل السلاح دون مضايقة من أحد ، بدأت أخبارنا تتسرب للجهات الأمنية هناك عن طريق البدو الذين كثيراً ما كانوا يتيهون في الصحراء فيلجئون إلينا لإرشادهم ، وذات يوم فوجئنا بسيارتين مدرعتين تقتربان من موقعنا ، رصدهم مسئول الحراسة من خلال التلسكوب الذي كان بحوزته ، وعندما وصلوا على بعد أمتار من المعسكر فوجئوا بمن يستوقفهم طالباً الاستفسار منهم عما يريدون ، طلبوا مقابلة أحدنا ليتعرفوا عن سبب إقامتنا في هذه المنطقة ، وإلى أي جهة نحن ننتمي إذ قد تولدت لديهم مخاوف كبيرة من أن نكون موالين للمنشقين هناك بعد حوار طويل كنت مشاركاً في بعضه اكتشفوا أننا لسنا من مواطنيهم بل نحن غرباء مما زاد من مخاوفهم تجاهنا ، وبعد عدة مناقشات كان علينا أن ننسحب من الموقع في يأس وأسى لعدم تمكننا من تنفيذ ما كنا نصبوا إليه ، وحيث أننا كنا في بلدة مجاورة لمصر فقد كان الرجوع إلى مصر سهلاً ويسيراً وغير مكلف ، لذا فلم نجد بدا من الاستمرار في خطتنا قرر الجميع العودة للقاهرة ، تخلفت أنا وبعض الزملاء عن العودة لظروف خارجة عن ارادتنا ومكثنا وحدنا فترة طويلة تعرفنا خلالها على بعض الأخوة الذين كانوا قد شاركوا في حرب أفغانستان واقنعناهم بأن تلك الحرب ليست بهدف نصرة دين الله وبايعونا وأصبحوا اخوة لنا وقدموا لنا مساعدات كبيرة حتى رجعنا إلى مصر بطريق البر وكان ذلك في مطلع عام 1990 .
تم القبض علينا بمنفذ الدخول للقاهرة واصطحبنا لوزارة الداخلية وبعد فترة من التحقيقات أطلقوا سراحنا ، حاولنا نحن ومن بقى على بيعته للجماعة إعادة ترتيب الجماعة وكنا نلتقي مرتين شهرياً وذلك لدراسة الأفكار الأساسية للجماعة وإعادة صياغتها من جديد ، انتهينا من ذلك في فبراير 1990 ، ذات يوم طالعتنا الصحف عن طريق أحد الأخوة الذي كان متخصصاً في قراءة الكتب والمجلات والبحث عن كل شيء يتعلق بنشاط الجماعات الأخرى في العالم إلا أنه فجأة جاءنا ووجهه محمراً قائلاً : هل علمتم بما في الصحف اليوم ؟ قلنا لا ماذا حدث ؟ قال لقد تم القبض على مجموعة مبشرين كانوا يقومون بتنصير المسلمين الاسميين نظير اغراءات مادية وغير ذلك أو توريطهم في علاقات جنسية ، وكان ذلك في شهر رمضان مما أثارنا جداً وجعلنا نشعر بالخزي والعار ، مما دفعنا لضرورة أن يكون لنا رد فعل إيجابي أمام هؤلاء الذين يأمرون بالمنكر إذ لا بد من تغييره ، لكن كيف نغيره هل باليد ؟ ذاك صعب جداً ، هل باللسان ؟ ذاك هو أضعف الإيمان لكن كيف ومتى ؟
بــدايـة الطـــريق
عندما قرأنا الخبر الذي نقله لنا أخونا شعرنا بالامتهان والتقصير تجاه الله وقررنا أن نقوم بدور فعال إزاء عملية التبشير هذه وإيقافها بشتى الطرق ، وبعد مداولات شديدة وطويلة استبعدنا العمل المسلح لعدة أسباب منها : أن النظام الأمني في مصر قد تطور عما كان في السبعينات ، كذلك الكثير من القيادات النشطة في الجماعة والتي كانت تتولى عملية تهريب كل من يشعر أنه في خطر قد انتهت ولم يتم تعويضها بنفس الكفاءة ؛ إذ البعض من هذه القيادات قد حكم عليه بالإعدام والآخر بالسجن المؤبد ، ولهذه الأسباب استبعدنا الخيار المسلح وتوجهنا للبحث عن طريقة أخرى للتعامل مع حركة التبشير هذه وأخيراً اهتدينا إلى المواجهة الفكرية وتعرية الزيف والتزوير في التوراة والإنجيل ، ولاقى هذا الاتجاه ترحيباً وحماساً من كل القيادات التي كانت مجتمعة ، وبدأنا البحث عمن يقوم بهذا العمل العظيم الذي سوف يعلي كلمة الحق ويذهب كيد الكافرين ، لم أكن أتوقع ولو بنسبة ضئيلة جداً أن أكون أنا المرشح لهذا العمل ؛ ليس لعدم كفاءتي ولكن لما يعلمه الجميع عني من كراهيتي الشديدة للمسيحيين وبعد فترة صمت مريبة مرت خلالها الدقائق كساعات من ليل الشتاء الطويل انطلق صوت الأمير معلناً الشخصية التي اختارها للقيام بهذا العمل وعندما سمعت أنه أنا كدت أفقد وعيي ، وانتابني شعور بالغيظ والتمرد ؛ إذ كيف يطلبون مني مثل هذا الأمر الذي بالطبع سيتطلب قراءة كتب النصارى واليهود ؟ لكن قضى على غيظي وأخمد تمردي صوت خافت من الأمير قائلاً : هذا أمر وما عليك إلا أن تنفذ إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر ، وذكر الآية التي تقول : ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم " 36 الأحزاب " . حاولت إقناع الأمير بتكليف أحد غيري للقيام بذلك إلا أنه رفض وقال : إنني أشعر بأنك أفضل من يقوم بالعمل هذا ، ولو أنك أتممته جيداً ستكون قد أنجزت مهمتين في وقت واحد ، الأولى أنك تكون قد قدمت لنا ولكل مسلم بل ولكل العالم حقيقة كانت وما تزال غامضة عن أذهانهم ، والثانية أنك سوف تجني ثمار هذا العمل الرائع لأنه سوف يتم ترجمته وبيعه في كل أنحاء العالم لأهميته ، وبذا تكسب مبالغ كبيرة بالحلال الطاهر دفعني حديثه هذا إلى استعجال نوعية وموضوع البحث هذا ، قال الأمير : إن البحث ينقسم إلى قسمين الأول إثبات أن نبوة محمد رسول الله ثابتة من التوراة والإنجيل تصديقاً لقوله " الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل " 157 الأعراف ، القسم الثاني إثبات أن التوراة والإنجيل المتداولين اليوم ليستا هي تلك التي أنزلها الله وإنما تم تحريفهما وتزويرهما من خلال البحث في الاختلافات والتناقضات الموجودة فيهما
قبلت هذه المهمة على مضض وقلت للأمير إن هذا يتطلب مني أن أشتري توراة وإنجيلا وأقرأهما ؟ قال : نعم ولا بد أن تفعل ذلك فذهبنا في صبيحة اليوم التالي إلى القاهرة ، وقطعنا شارع الجمهورية نبحث عن مكتبة تبيع هذه الكتب ؛ وجدنا المكتبة ؛ لكن كان من الصعب أن ندخل بملابسنا التقليدية هذه المكتبة ؛ لأنها مثيرة جداً وقد يطلبون حضور الشرطة اعتقاداً منهم أننا جئنا للتخريب . وجدنا رجلاً يسر بالشارع فسألناه عن اسمه وطلبنا منه أن يشتري الكتاب فوافق سلمني الأمير الكتاب وانصرفنا متوجهين إلى منزلي جنوب القاهرة كنت خلال السفر الذي استغرق أكثر من ساعتين ونصف أحاول التخلص من الكتاب بأي وسيلة ، فتارة أتركه خلفي ، وتارة أتعمد نسيانه ، وفي كل مرة كان يحضره لي وينبهني إليه أخيراً وصلنا إلى منزلي ، وبعد فترة غادر الأمير منزلي إلى مدينته ، من هنا بدأت رحلة المتاعب مع التوراة والإنجيل .
كان أول يوم أخذت فيه الإنجيل من أصعب الأيام علي ، فقد كان لدي انطباع أنه ليس من عند الله وأنه سوف يجلب لي الشياطين بالبيت ولن أقدر أن أصلي ، فوضعته خارج غرفة نومي خوفاً من إزعاج الشياطين ، وطاردني هذا الهاجس أياماً عديدة ؛ حتى أنه كلما سمعت صوتاً بالمنزل اعتقدت أن الله يعاقبني على اقتناء هذا الكتاب, فكنت لا أدخله غرفتي أوقات الصلاة حتى تستطيع الملائكة أن تدخل منزلي استمر هذا الخوف والقلق فترة من الوقت أدركت بعدها أنني لم اقتن هذا الكتاب بإرادتي بل أنني أنفذ إرادة الله من خلال طاعة الأمير الذي أوصى النبي بطاعته في حديثه : " من أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني " أخيراً أدركت أنني إنما أنفذ أمر الأمير الموصى بطاعته من قبل الله وعليه فلا ضير من أن أضع الكتاب في غرفتي والله سيقويني .
كانت كل الوسائل ميسرة لي من قبل الجماعة ، أتقاضى 500 جنيه شهرياً كمصاريف نظير تفرغي لهذا العمل ، كان في كل مرة أحاول تجاهل هذا الأمر يتراءى لي الحديث الذي يقول " من أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني فأسارع قائلاً : لا يا رب لن أعصيك أبداً واستغفر الله ثلاث مرات ثم أقوم للصلاة . ولم يكن يشغلني أي شيء عن إتمام هذا العمل ، وندي الكثير من المراجع التي تساعدني على إخراجه في أفضل ما يمكن ، ولدي من الخبرة في أمور النصارى الكثير
قررت بيني وبين نفسي أن أبدأ رحلة المتاعب هذه ، لكن ما أقلقني هو أنني لم أكن أدر من أين أو كيف أبدأ ، ولم يكن لدي طريق واضح المعالم للتعامل مع شقي البحث ، مثلاً بخصوص إثبات نبوة محمد كنت قد توقعت أنني سأجد نفس الاسم " محمد " قي التوراة والإنجيل وفي أضعف الأحوال قد أجد أحمد أو محمود ، الحقيقة لم أكن أعلم كيف أبدأ ولا من أين أبدأ لم يكن الطريق بالنسبة لي واضح المعالم من حيث كيفية تناول البحث ، أي عن أي اسم في التوراة سأبحث ؟ هل عن محمد ؟ أم محمود ؟ أ م أحمد ؟ أم . . ؟ أم . . . أخيراً التبس علي الأمر فقررت الانتقال للقسم الآخر من البحث ، وهو البحث عن التناقضات والاختلافات التي تثبت أن التوراة والإنجيل ليستا من عند الله ، وعلى نفس المنوال فشلت في تحديد قالب معين أو معيار ثابت على أساسه أقيس كل ما هو في التوراة والإنجيل فإن توافق ؛ صحت التوراة والإنجيل ، وإن اختلفا أكون قد وصلت إلى ما أريده ، ذلك دفعني للشك في قدرتي على إتمام هذا البحث مما أثار حفيظتي وأشعل حماسي فقررت التركيز الشديد للوصول إلى الهدف لأنني لم أعتد الفشل في كل مهمة كنت أكلف بها طوال حياتي .
كنا نلتقي أنا والأمير مرة في كل شهر نتشاور ونتحاور حول موضوع البحث وفي كل مرة كنت أطلب منه العدول عن قراره وإسناد هذا العمل لأحد غيري وأنا مستعد للتعاون معه ، لكن كان لديه إصرار غريب على أن أقوم أنا بعمل هذا البحث ، صليت ركعتين استخارة لله وتملكتني جرأة غير عادية وقررت البدء في قراءة الكتاب لكن بدون نظام أو تحديد أو أي سند يعينني على الوصول للهدف ، بدأت بسفر التكوين ولم أكن أدر ما أبحث عنه ، وجدت أسماء غريبة أقرأها لأول مرة فضقت منها ألقيت بالكتاب بعيدا في أحد أركان غرفتي بطريقة عصبية قائلاً : إن هؤلاء اليهود والنصارى أغبياء كيف يقولون عن كتاب يتكلم بهذه الطريق وهذه الأسماء أنه من عند الله ، إنهم مجانين وتوقفت عن القراءة ، وبعد يومين عاودت القراءة ولكن قررت عدم قراءة سفر التكوين لما فيه من أسماء وألفاظ صعبة الفهم ، واسترسلت في القراءة ، أعجبت جداً بما هو مدون في سفري العدد والخروج وأيضاً التثنية ، حيث وجدت الكثير من الأمور التي تتعلق بموسى وفرعون وبني إسرائيل مذكورة بالتفصيل الذي يشبع رغبتي ، أنهيت العهد القديم ( التوراة ) قراءة في شهرين لكن بدون تركيز ، أعدت قراءتها ثانية وكنت أبحث عما ينتمي لمحمد أو أحمد أو محمود بصلة ولم أجد شيئاً ، تطرقت إلى العهد الجديد ( الإنجيل ) وقرأته كاملاً لكن لم يقودني لشيء فضقت ذرعاً بهذا البحث وكانت تنتابني شبه عصبية نحو الأمير الذي أمرني بذلك ، وفي آخر زيارة له لي أخبرته أنني لم أجد أي خيط يمكن أن يساعدني على إتمام البحث ، فقد قرأت التوراة والإنجيل ولم أجد شيئاً ، أخبرني الأمير بأن هناك كتاب كنا نتدارسه في الخارج سوف يساعدني كثيراً في بحثي وهو " إظهار الحق للشيخ رحمة الله الهندي " ، بحثت عن هذا الكتاب في مكتبتي فوجدته ، وللحقيقة كان هذا الكتاب ذو قيمة عظيمة لنا عندما كنا ندخل في نقاشات مع المسيحيين لإقناعهم بالإسلام ، إذ كان يحتوي على نصوص خاطئة من التوراة والإنجيل كنا بعرضها على المسيحيين يقبلون الإسلام ، وتكرر هذا مع ثلاثة أشخاص ، بدأت أنظم طريقة البحث مستعيناً بعدة كتب بمعاونة الأمير مثل الملل والنحل للشهرستاني والفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم وبعض كتب التاريخ والسيرة ، وكلها كانت تهاجم المسيحية ، أخذت كل النصوص التي ذكرها ابن حزم وقال أنها تناقض بعضها البعض ، وبحثت عنها في الكتاب الأصلي فكنت كثيراً ما أجد النصوص إما مذكورة لكن بنصوص مختلفة أو منسوبة لأشخاص مختلفين ، ولا أخفي سراً أنني وجدت كثيراً من النصوص التي بها اختلافات لكن لو أخذنا هذه النصوص كحجة على عدم صحة التوراة فعلينا أن نقبل مثيلاتها في القرآن ويكون القرآن أيضاً من عند غير الله
( قمت فيما بعد بالرد عما كنت أعتقده تناقض واختلاف في بحث تحت عنوان الرد على ابن حزم ) ، كنت أبحث بإخلاص وبمحبة غامرة لله وللرسول ، لم أكن مدفوعاً بفكر عنصري بل كان الدافع هو الانتصار لله ولدينه الحنيف ، وقد لفت انتباه المجموعة الصغيرة التي أنا أميرها اهتمامي بالكتاب المقدس وكانوا دائمي الأسئلة عن سبب ذلك كنت كثيراً ما ألجأ للكذب عليهم لأن ذلك ضرورة فكنت أبرر ذلك بأننا نتقابل مع شباب مسيحيين ندعوهم للإسلام مما يحتم علينا ضرورة معرفة ما يقولون ، بعد أن تعثرت محاولاتي للبحث عن مدخل لهدم التوراة من خلال إيجاد الاختلافات والتناقضات ؛ قررت أن أحاول في الشق الثاني من البحث ، وهو إثبات نبوة محمد من خلال التوراة والإنجيل لتحقيق مصداقية آية سورة الأعراف ، فتشت كثيراً في كتاب رحمة الله الهندي ووجدت ما كنت اصبوا إليه وانتفضت فرحاً بما وجدت ، وشعرت أنني أخيراً قد وجدت ضالتي ، صليت ركعتين شكرا لله على أن هداني إلى هذه النصوص ، بدأت في تدوينها بالترتيب كما يلي :
(تــك 17 : 20) (تــك 49 : 10) (تــث 18 : 18-20)
(تــث 32 : 21) (تــث 33 : 1-3) (أشعيـاء 42 : 9)
(أشعيـاء 54 :1-3)(أشعياء 65 :1-2)(مــزمور45 :3-1) (مزمـور 149 : 3) (دانيـال 2 : 31-32) (مـت 3 : 2) (مــت 13 : 31)(مـت 20 : 1)(مـت 21 : 33)
(يـو 14 : 15) (رؤ 2 : 27 )
لم تكن تلك هي كل النصوص التي ذكرها رحمة الله الهندي وزعم أنها إثبات لنبوة محمد ، بل كان هناك نصوص أخرى قمت باستبعادها لضعف دلالتها ، كان تعاملي مع هذه النصوص غاية في التدقيق والموضوعية لأن هذا كان شأننا كجماعة مؤمنة فريدة على ظهر الأرض ، فلم نكن نقبل أي نص من أي فرد بدون دليل ودليل صادق موثوق فيه ، لا أخفي أن هذه النصوص من حيث الظاهر كانت مغرية لأي مسلم لأن يقبلها ؛ لكن بالتدقيق وهذا حال المسلمون الأصوليون قد يفاجأ بعدم صحة الاستنباط المستنتج من الدليل ؛ لذا قمت بتجميع كل الكتب التي رأيت أنها قد تساعدني في بحثي هذا ، وبدأت أرسم مستقبل حياتي بعد نجاحي في هذا البحث ، وكم سأكون قد قدمت خدمة لله وللرسول إضافة إلى الربح المادي الذي ينتظرني والذي بدأت معالمه عندما ذهبت أنا والأمير إلى مكتبة أنصار السنة وعرضنا عليهم فكرة الكتاب التي نالت إعجابهم بل إنهم قد طلبوا مننا فصل واحد فقط من الكتاب وهم سيشترون حقوق طبعه ، كل تلك الأحلام كانت تراودني لكن كان يطغى عليها انتصاري لدين الله .
أخذت أعيد قراءة الكتاب المقدس وأصبحت علاقتي به على أحسن وجه حتى أنني أدمنت على قراءته ، وكنت أكتب الدليل تلو الآخر وأحاول أن أثبت بالحجج والبراهين أنه ينطبق على محمد ، كانت المفاجئة غير سارة ، وربما كان سبب ذلك أنني كنت مبالغاً في تدقيقي ليس لغرض المبالغة فقط بل للجزم بصدق نبوة محمد ، فكنت استعين بكتاب ياقوت الحموي ( معجم البلدان ) عندما تعرضت لاسم مدينة تسمى فاران ؛ لأعرف أين تقع وما هو اسمها الحالي ؟ وأحياناً معاجم لغوية مثل لسان العرب ومعاجم عبرية لأعرف ما معنى شيلون ، كنت أريد أن أخرج كتاباً لا ترد فيه كلمة واحدة ، ولا يمكن لأحد أن يطعن أو يحتج عليه ، لكن كانت الرياح قد أتت بما لا تشتهي السفن إذ بدأ الانهيار التدريجي للنصوص واحداً تلو الآخر انهار أمامي أول دليل بمعنى أنني لم أوفق في إثبات أن نص التكوين ينطبق على محمد من عدة وجوه لا مجال لذكرها هنا ؛ إذ قد كتبتها في كتيب منفرد تحت عنوان:( الحق المكتوم ) وسجلت في هذا الكتيب كل الأدلة وكيف كنت أستدل بها ، وكيف اكتشفت أنها لا تدل على شخص محمد ، ولذلك لن نتناول التعليق على هذه النصوص هنا .
انتهيت من دراسة كل هذه النصوص ولم أجد فيها ما يدل على ما كنت أبحث عنه ، امتزجت لدي مشاعر الحزن والأسى بالقلق والاضطراب لكن لم يتبادر إلى ذهني مجرد التفكير في أن يكون محمداً ليس بنبي بل كان تعليقي الذي واسيت به نفسي هو أنني قد فشلت في الربط بين الأدلة وشخص الرسول ، قررت أن أعيد المحاولة ثانية من خلال دراسة كتب أخرى غير إظهار الحق ، كان لدي كتاب اسمه دلائل النبوة ، معجم البلدان ، وإعلام الموقعين ، والموسوعة العربية الميسرة ، كنت أحاول بكل جهدي لكي لا أفشل لأن الفشل يعني بالنسبة لي الدمار الكامل لتاريخ حياة مملوءة بالمشقات والضيقات ، فكيف يصبح ذلك سراباً ؟ ولم تكن المحاولة الثانية أفضل من الأولى بل على النقيض منه ذلك ، قد اكتشفت في المرة الثانية أشياء لم أكن أعرفها في المرة الأولى ، ولم تكن أشياء في صالح البحث بل كانت ضده ، كنت بين لحظة وأخرى استرق نظرات أجول بها هنا وهناك متفرساً في الكم الكبير من الكتب والمراجع الإسلامية التي تملأ مكتبتي وأجدني أحياناً أخاطب نفسي : هل من المعقول أن تكون كل هذه الكتب خادعة لنا ، وتقدم لنا شخصية وهمية ؟ إن صح ذلك فلا يستحق الله منا أن نعبده ، لكن لم أكن أسترسل في ذلك بل على الفور كنت أردد أستغفر الله العظيم وأنهض متوضئاً لأصلي ركعتين أطرد بهما إبليس.
فجأة وبدون مقدمات وجدت نفسي أهمل التفكير في موضوع البحث وأعاود قراءة الكتاب المقدس للمرة الثالثة وفي كل مرة كنت أقرأ فيها الكتاب كنت أجد حلاوة غريبة حتى أنني كنت أخشى على نفسي من سحر هذا الكتاب الذي قد يصيبني نتيجة القراءة المستمرة فيه ، لأننا كنا نقول أن النصارى سحرة ويستمدون سحرهم مما يسمونه التوراة والإنجيل, إذ كان يشدني إليه بطريقة غريبة لا أستطيع مقاومتها.
كان الأمير منتظماً في زيارته لي ، وفي كل مرة كنت أتوقع منه أن يضيق مني لعدم عمل أي شيء ، وتوقعت أن يعفيني من البحث ، لكنه كان في كل مرة أكثر إصراراً من سابقتها على أنني الأفضل لعمل هذا البحث . عاودت القراءة في إنجيل متى وتعثرت من مطلعه في الإصحاح الأول عندما رأيتهم يردون نسب المسيح إلى داود ، فقلت ما هؤلاء إلا مجانين حقاً وكنت أتعزى بذلك وأحتفظ ببعض الأمل في أن أجد ما أريد ، سحرني إنجيل متى في إصحاحاته الرابع والخامس والسادس ، ورغم أنني قد قرأته مرتين من قبل إلا أنني في هذه المرة وجدت نفسي وكأني أقرأه للمرة الأولى وشعرت كأن يداً تمتد نحو رأسي لتربت على ذهني ولسان حالها يقول : أما آن الأوان لتفهم ما تقرأ ولا تنشغل بالخطأ والصواب ، وفي نفس الوقت كنت أشعر وكأني أغيب عن الوعي وأحس بقشعريرة خفيفة لا أدري سببها ، وجدت الإنجيل يتكلم عما نفعله مع المسيحيين وكأنه يعيش بيننا ، وجدته يتكلم عن الاضطهاد والتعيير والقتل الذي كنا نحسبه طاعة لله ، قلت: غريب أمر هذا الإنجيل كيف علم بما نقوله وما نقوم به إزاء المسيحيين قد يكونوا علموا بذلك وقاموا بتدوينه حديثاً ، كنا نفسر محبة المسيحيين وتواضعهم على أنها جبن وخوف منا نحن المسلمون لأنهم قليلون مستضعفون ، وكان لا بد أن ينطبق عليهم أقوال الله : ضربت عليهم الذلة والمسكنة " لكنني وجدت نصوصا تحثهم على المحبة والطاعة والخضوع ومحبة الأعداء ، كيف يمكن لإنسان أن يكتب سبب مذلته بنفسه ؟ وللأمانة كنت كلما قرأت أمر الله للمسيحيين أن يحبوا أعداءهم طافت بذاكرتي معاملتي السيئة لوالدي ووالدتي ، كنت أتفنن في القسوة عليهما ، ولم يكن يهدأ لي بال حتى أرى علامات الألم على وجوههم وأتمادى في القسوة حتى أرى ثمارها ، وذات مرة مرضت ودخلت أحد المستشفيات وأجريت لي عملية جراحية خطيرة وأراد والدي أن يراني ليطمئن عليّ فرفضت وقلت إنه كافر لا أريد أن أراه ، كذلك والدتي التي كانت تتعرض لأبشع من ذلك ، حتى كانت ترسل لي الطعام عن طريق طرف آخر حتى لا أرفضه ، وكانت تقف في الشارع أمام شباك غرفتي بالمستشفى ساعات طويلة تلفحها حرارة الشمس الحارقة علها تسترق نظرة أو نظرات لتراني فيها ، كنت كلما تذكرت ذلك سالت الدموع من عيني ، وألعن ذلك اليوم الذي عرفت فيه الله ، وكنت أعزي نفسي بأن أحاول أن أتذكر ما فعله أبو عبيدة ابن الجراح وأبو بكر الصديق بوالديهما ، ومصعب بن عمير بوالدته فيهدأ بالي قليلاً انتهيت من إنجيل متى لكن كلماته لم تنته من ذاكرتي واستمرت تطاردني ليل نهار كلما هممت بفعل شيء شرير ، وقرأت باقي الأناجيل والرسائل ووجدت فلسفة وبلاغة تفوق ما هي للقرآن وحيث أن هذه سابقة للإسلام ب630 سنة فكيف نقول إن القرآن لا يماثله شيء في البلاغة وفي إحدى ليالي الشتاء القارس كنت أقرأ أحد السور القرآنية علي أستطيع أن أتخلص مما علق بذهني من كلمات إنجيل متى كنت أنا وبقية الأخوة نغار أو نحقد على المسيحيين لأنهم كانوا قريبين من الناس ويكسبون محبتهم وودهم بسهولة في الوقت الذي كنا نحن عاجزين عن إقامة مجرد علاقة يتوافر لديها الحد الأدنى من التسامح الذي يمكننا من دعوتهم للإسلام وكثيراً من الأحيان ما كان يسبب ذلك لنا عقبة شديدة ؛ إذ أن طريق دعوتنا لا يعطينا أي قدر من التسامح الذي به نقدر أن نبني أي نوع من العلاقات التي تقربنا منهم ثم اجتذابهم للإسلام كانت كل حياتنا عنف وقسوة وإرهاب ، ولا تستغربوا فلم يكن سلوكنا هذا من عند أنفسنا بل إننا لو لم نفعل ذلك فلسنا من الله في شيء ، إذ أن الله قد حدد لنا في القرآن والسنة كيف نعامل الكفار على اختلاف كفرهم ، سواء كانوا أهل كتاب أو مشركين أو متأسلمين ،ففي أهل الكتاب قال : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين " هذا بخصوص أهل الكتاب أما بخصوص الكفار من نوعيات أخرى كمسلم لا يصلي أو لا يزكي أو لا يطلق لحيته أو يرتكب أي معصية ولا يتوب عنها فقال " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين " وبخصوص الأهل والأقارب قال : " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون " وهناك آية أعم وأشمل تقول : لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشيرتهم . . "
ولو أضفنا إلى كل تلك الآيات الحديث الصحيح الذي يرويه البخاري ومسلم والترمذي عن ابن عمر أن محمدا قال : لا تسلموا على أهل الكتاب ولا تردوا عليهم السلام وإن قابلوكم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه " وهناك أضعاف هذه الآيات التي كانت تحكم علاقتنا بالأهل والأصحاب وغير المسلمين ، لم يكن لنا نحن أي دخل أو أي سلطة في تحديد هذه العلاقة ، وببساطة لأن الفكر الإسلامي عامة والقرآن خاصة لا يعطي للمسلم مساحة لاستخدام العقل ، لكن العكس كل من يستخدم عقله للتأمل في آية أو حديث يعد كافراً إذ عليه أن يقبلها كما فسرها محمد وإن لم يقل محمد فيها قولاً فليسكت عنها ويعتبرها من المتشابه الذي لا يجوز الاقتراب منه ومن هنا كان الحديث الصحيح الذي يرويه البخاري عن ابن عباس : " من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار .
ترى بعد هذا الكم من النصوص القرآنية والأحاديث الصحيحة هل كان بإمكاننا أن نكون مهادنين أو لطفاء أو موادعين لكل من ليس على شاكلتنا ؟ بالطبع لا ؛ ولو حدث فنحن كما يقول القرآن نكون قد ركنّا إلى الذين كفروا " و لا تركنوا للذين كفروا فتمسكم النار " . نتيجة لذلك كله كنت أتفرس والغيظ يملأ قلبي عندما كنت أمر على أي نص في الإنجيل يتحدث عن المحبة والعفو والغفران والتسامح ، حتى أنني كثيراً ما كنت أشعر بالخجل في داخلي وأنا أقرأ هذا في الإنجيل الذي نتهمه بالتزوير ، وأقول إذا كانوا هم قد زوروا واكتسبوا محبة الناس بشهادة المسلم والكافر فلماذا نحن الذين لم نزور شيئا نفتقد لهذا ؟ بالتأكيد هناك شيء غير صحيحا ، كنت أحاول جاهداً أن أطرد ذاك الشبح من الأفكار الذي بدأ يطاردني وهو ، ماذا لو لم تستطع أن تصل إلى نتيجة في بحثك ؟ لدرجة أنني كلما تطرقت إلى هذا التفكير صرخت بأعلى صوتي قائلاً : استغفر الله العظيم ، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، وأسارع للصلاة لأتخلص من هذه الهواجس ولسان حالي يقول : كيف لا . لا . . لا . . محمد رسول الله حتى ولو لم أجد ما يؤكد ذلك في التوراة والإنجيل وبمرور الأيام بدأت المشكلة تتفاقم أمامي ، إذ بدلاً من أن أفكر فيما يثبت صدق نبوة محمد في التوراة والإنجيل ، وجدت نفسي أمام مشكلة جديدة وهي : كيف ألغي تأثير هذا الكلام العذب الذي عرفته من التوراة والإنجيل ، أو كيف أقدر أن أثبت أن ما علمته ليس من عند الله بخصوص التوراة والإنجيل ، إذ أن كل الأفكار المدونة فيهما جيدة ويستحيل أن تكون من صنع بشر ، كيف يقدر البشر أن ينفذوا بهذه الطريقة إلى أعماق المستقبل ويتكلموا منذ ألفي عام عن أمور تحدث الآن ، لو سلمنا بأن هذا من صنع البشر لقلبنا كل الموازين الإلهية إذ نضع الإنسان معادلاً لله في الفهم والحكمة ، ونحن نعلم أن الله ليس كمثله شيء وهو السميع العليم " وجدت نفسي فجأة أقرأ في سفر المزامير وهو المعروف لدينا بالزبور ، وانتقلت لقراءة سفر الأمثال حتى أنني حفظت آيات من مزمور 143 ، 23 وكنت أرددها في الصلاة ، وكلما سمعني أحد يعجب جداً بها ويطلب مني أن أكتبها له ليدعو بها ، تكررت محاولاتي في البحث عن أدلة تتعلق بنبوة محمد ، وعدم صحة الكتاب المقدس ، كلها باءت بالفشل لكنها لم تتركني وشأني بل قلقلت بسبب الكثير من الأفكار والشكوك بداخلي ، تظاهرت بنسيان تلك الشكوك لكنها كانت أقوى مني لأنني أحب الله أينما كان ، لكن خلفيتي وحبي لديني كانا يمنعاني من مجرد التفكير في أن يكون دين الإسلام ليس هو طريق الله الذي رسمه لنا بدأت حياتي تضطرب وأفكاري لا تهدأ والقلق يملأني ، لم أقدر أن أنام كما كنت من قبل ، ولأول مرة وقفت دقائق معدودة وأنا أصلي الفجر وكنت أقرأ سورة الإسراء فإذا بي أتوقف عن القراءة وأشرد بذهني قائلاً : ترى ماذا سيكون موقفك لو فرضنا أن الإسلام ليس هو الطريق المؤدي إلى الجنة ؟ حاولت الهروب من الإجابة لكن لم أستطع ، لم أكمل الصلاة وانخرطت في بكاء شديد حتى غلبني النعاس فاستلقيت على السجادة حتى أيقظتني والدتي ، ذهبت إلى العمل وأنا شارد الذهن لا أدري إلى أين أسير ولا إلى من أتكلم ، وبعد عودتي للمنزل وجدت نفسي مدفوعاً بقوة للقراءة في الإنجيل فقرأت في إنجيل يوحنا من الاصحاح الأول حتى الإصحاح الخامس عشر وجدت فيه كل ما يمكن أن يقال من بلاغة وفلسفة وتعابير لغوية غاية في الدقة والتناسق خاصة عندما تحدث عن الخراف والراعي والكرمة والكرام والأغصان المثمرة وغير المثمرة التي يجب أن تقطع وتلقى في النار فصرخت بصوت عال قائلاً : يــا رب ارحمنــي أنـا عبـدك قل لي أين أنت أرجوك وإلى أي الفئتين تنتمي ، هل أنت عند النصارى أم اليهود أم المسلمين ؟ من فضلك تحنن علي فأنا عبدك على عهدك ووعدك ما استطعت أعترف بفضلك علي ، لا أقدر أن أقف أمامك ، ولا يليق بك أن تقف نداً أمام نفخة نفختها من روحك أنت الله الذي يقدر وأنا العبد الذي لا يقدر إلا إن سمحت له ، أنت الله الرحمن الرحيم وأنا عبدك بلا حول ولا قوة ناصيتي بيدك: كل أموري لديك ، لقد أحببتك من الصغر ، بذلت نفسي طمعاً في جنتك وحباً فيك ، لم أبال بسجنٍ ولا بعذاب ولا بكل المسكونة إن وقفت أمام طريقي إليك ، لماذا تعاملني هكذا ،كنت أسير على درب محبتك التي أعلمنا إياها نبيك وها انا أجد نفسي عاجزاً عن أن أستمر في الطريق ، كلاهما يقول أنك إلهه لكن لا أدري أيهم على صواب وأيهما على خطأ ، يا رب هل أقسم لك إني أحبك . كلا فأنت تعلم ، كم تحملت من الصعاب في مسيرتي نحوك ، تركت دراستي ، وأهلي ، وأصدقائي ، تغربت كثيراً وسجنت كثيراً ، وعُذبت كثيراً لأجلك فلماذا لا تتجاوب معي ؟ إن كنت أنت إله المسلمين فاخلع من فكري كل شيء عدا الإسلام وإن كنت أنت إله النصارى فأعطني بصيصا من نور أقتدي به ؟كنت لا أنام الليل إلا سويعات قليلة وكل تفكيري متجه نحو ، ماذا لو وجدت أن الإسلام ليس طريق الله ؟ بل أن طريق الله هو من خلال التوراة والإنجيل ؟ هل ستسلك مثل ما يسلك النصارى ؟ كنت عندما أفتكر بهذا أشعر بقشعريرة شديدة وكأنني ذكرت شيئاً ألام عليه من الله والناس ، وذات يوم تخليت عن الخوف والشكوك فوجدت نفسي أقول: ماذا تريد ؟ كفاك مهاترات أنت الآن لست كما كنت من قبل ، أمامك طريقان كل منهما يبدو مستقيماً فلا تضيع الوقت وابحث جاهداً عن طريق الله وليس المهم أن يكون عند اليهود أو النصارى أو المسلمين المهم أن يكون طريق الله ، هذا إن كنت حقاً تبحث عن الله هذا قدرك ولا بد أن تسلم بقدرك ، ثق أنه بقدر إخلاصك سيكون تجاوب الله معك ، إنس أنك مسلم وابحث من جديد،ماذا يمنعك ؟ قلت لا شيء يا رب يمنعني لكن قُد خطواتي أنت واعطني قوة لأن هذه تجربة صعبة وإن لم تعينني فسوف تتخبطني الشياطين وأمكث في الأرض حيرانا بلا سند ، أرجوك يا رب ساعدني وأعدك يا رب أن اتبعك أينما كنت حتى لو كنت عند النصارى الذين لا أطيق رؤيته بعد ذلك شعرت بهدوء غريب يسيطر على كل تفكيري وكياني ولأول مرة أجد نفسي أفكر بعقلانية وبلا عصبية ، فقررت الآتي : إن النصارى قد كفروا لسببين الأول : أنهم قالوا إن الله هو المسيح عيسى ابن مريم ، والثاني أنهم يقولون أنه مات على الصليب وقام مكفراً عن خطايا الناس ، ترى ماذا يحدث لو أنني توجهت ببحثي نحو هاتين القضيتين لأتحقق من مدى صحة كل منهما بمفهوم إسلامي ، أي أرى ماذا قال علماء ومفسري الإسلام بخصوص هاتين القضيتين ؟ .
أولاً بدأت أبحث في كتب التاريخ الإسلامي والسيرة والتفسير عن كل ما يتعلق بخصوص المسيح وهل تحققت في المسيح كل صفات الله المذكورة في القرآن ؟ كانت مصادر بحثي هي الكتب الصحيحة الخالية من الوضع والإسرائيليات ، مثل تفسير ابن كثير ، تاريخ الإسلام للذهبي ، البداية والنهاية لابن كثير ،الملل والنحل للشهرستاني ، ألفصل في الأهواء والنحل للعلامة ابن حزم المعروف بأبي محمد ، الأسفار المقدسة قبل الإسلام ، النصرانية بين العقل والنقل ،وكانت نتيجة البحث أنني وجدت صفات للمسيح لم يتناولها المسيحيون أنفسهم في كتبهم ، ومن هذه:
1- القدرة على الخلق : قال القرآن في سورة الأنعام آية 102 " ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء " ، وفي سورة الحجر " إن ربك هو الخلاق العظيم " وفي سورة الحج " إن الذين تدعون دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له " ، وفي النحل أيضاً "والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون " ، وفي سورة النمل " أم من يخلق كمن لا يخلق" .
هذه بعض من النصوص التي تقصر وتحصر الخلق إلا لله ، بل إن الله عندما أراد أن يقارن ذاته بالآلهة الأخرى استخدم خاصية الخلق وجعلها ميزة تجعله فوق كل الآلهة ، وكما علمنا فإن المسيح كان يخلق وباعتراف صريح وواضح من القرآن ففي سورة آل عمران قال المسيح عن نفسه : إني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فانفخ فيه فتصير طيراً بإذن الله " وقال أيضاً في سورة المائدة : وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني " ، وعندما قرأت ذلك قلت في نفسي : إن الله هو الذي أعطى المسيح هذه القدرة ، ولم يكن يمتلكها من عند ذاته لكن عدت لأقول : حتى ولو أن هذا كان بسماح من الله فيكفي أنه الوحيد الذي أعطاه الله ليكون معادلاً له في خاصية من خصائصه اللاهوتية ،ولو كانت كرامة لكان محمد أولى بها ، بل إنه قال عن محمد : إنك لا تسمع الصم الدعاء " وهذه أبسط من الخلق إن الله قد منع محمد من مجرد أن يعيد السمع للأصنج وهو خير خلق الله وخاتم رسله ، وتحدى الله الخلق أن يخلقوا مجرد ذبابة وها هو يعطي المسيح القدرة على خلق الطير، والمسألة لا تقف عند حجم المخلوق بل هي من حيث المبدأ لأن من يخلق القليل يخلق الكثير وهذا لا يمكن أن يكون للناس من دون الله .
2- عــلم الغيــب : - قال الله عن نفسه في القرآن : " قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله " النمل : 65 ، وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو " الأنعام :59 ، ففي الآية الأولى أسلوب قصر وحصر أي أن علم الغيب مهما كان محصورا ومقصورا على الله يستحيل أن يشاركه فيه أحد ، والآية الثانية لا نافية للجنس أي جنس المخلوقات التي يمكن أن تدعي علم الغيب إذ أن مفتاح الغيب عند الله وحده ، وقد حكى القرآن عن محمد أنه كان يلوم كل من ينسب إليه علم الغيب فقال : " قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب " الأنعام 50 وقال لمعاذ عندما قال له إن شاء الله وشئت : أجعلتني لله نداً والله لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ؟ لكن بخصوص المسيح نجد كل الحواجز تزال والمحظور يباح وغير المستطاع للبشر مستطاع لديه فيقول القرآن : " وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم " آل عمران 49 والغريب أن المسيح في كل تلك الصفات يتكلم بضمير المخاطب فلا بد وأن يكون هو الله المتكلم , ليس كما كان يحدث مع محمد فيقول له قل: لكن المسيح تفرد بأن قال عن نفسه ؛ وهذا يعني أن ذلك كان بيده ولم يكتسبه من أحد ، وهناك في كتاب البداية والنهاية لأبن كثير الجزء الثاني صفحة 86 رواية شعرت بالخجل عندما قرأتها إذ وجدت فيها إقرارا لا يقبل الشك أن المسيح كان يمتلك قدرة غير عادية على الإخبار بالغيبيات ولطول هذه الرواية أنصح بقراءتها في الشاهد المذكور .
3- يشــفي المـرضى : قال القرآن أن الله وحده هو الشافي مرة على لسان إبراهيم ومرة على لسان محمد فيقول : " وإذا مرضت فهو يشفين " والحديث الصحيح : اللهم لا شفاء إلا شفاءك : وعن المسيح يقول عن نفسه : " وأبرئ ألاكمه والأبرص " آل عمران 49
4- يحيــي ويميــت : الله وحده هو صاحب سلطان الحياة والموت ولا يستطيع أحد أن يحيي ويميت فقال القرآن : " وإنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون " الحجر 23 ، وقال : " إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم " يـس 12 ، وقال " إنا نحن نحيي ونميت وإلينا المصير " ق 43 وبخصوص المسيح يحكي القرآن أنه قال " وأحيي الموتـى بإذن الله " آل عمران 49
ويروي ابن كثير في كتاب البداية والنهاية رواية صحيحة تثبت أن المسيح كان له سلطان أن يميت كما كان له سلطان أن يهب الحياة، والرواية باختصار أن المسيح رأى امرأة تبكي على أبنة لها ماتت منذ زمن طويل فسألها ما يبكيك يا امرأة قالت : ماتت ابنتي وليس لي ولد غيرها ، فقال أرأيت لو أحييتها لك أتريدين ذلك ؟ قالت نعم يا روح الله فوقف المسيح على رأس القبر ونادى ثلاث مرات على الصبية ففي الثالثة قامت تنفض عنها التراب وتكلمت مع أمها ، وبعد ذلك طلبت من المسيح أن يعيدها للموت فقال لها عودي كما كنت فانغلق القبر عليها وماتت "
5- القدرة على الرزق : قال القرآن " إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين " الذاريات 57 ، وهذا أسلوب توكيد أن الرزق من عند الله وحده وقد وبخ الله كل من اعتقد أنه يقدر أن يرزق الناس ، وقد تحقق ذلك بالنسبة للمسيح فقال ابن كثير إن المسيح كان له كرامة أن يرزق من يشاء وتجلى ذلك عندما أطعم الخمسة آلاف نفس بقليل من الخبز والسمك.
6- ليس كمثله شيء : يقول القرآن عن الله : " ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " الشورى 14 وبخصوص المسيح لا جدل أنه ليس كمثله شيء ، فقد ولد من غير رجل ، وهو الوحيد الذي قيل عنه كلمة الله وروح منه ، وهو الوحيد الذي ليس لإبليس سلطان عليه منذ ولادته ، وهو الوحيد الذي كان يحيطه حجاب من دون سائر البشر ، وهو الوحيد الذي امتلك صفات الله القدرية.
7- يقول للشيء كن فيكون : يصف القرآن فيما يعدد من صفات الله قائلاً :" إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون " النحل 40 وقوله " إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون " هذه صفة فريدة وصف الله بها نفسه أن يقول للشيء كن فيكون وهي ليست كالخلق وقد تحقق ذلك للمسيح في حادثة تحويل الماء إلى خمر كما يقول ابن كثير في كتابه البداية والنهاية $
8- كان عرشه علــى المـاء : يقول القرآن عن عرش الله : " وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا" " هود : 7 قال القرطبي والحدثي أن هذه الآية كانت تنطبق على المسيح الذي تدرع بالجسد وأن الله إنما جعل عرشه على الماء ليس على سبيل الدوام ولكن ليختبر إيمان الناس وقد سار المسيح لتلاميذه ليلاً على سطح بحر طبرية ليختبر إيمانهم ، وقال لهم في هذه الواقعة : يا قليلي الإيمان
9- لــه الحكم والأمــر : قال القرآن عن الله : " إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين " الأنعام 57 وقوله " فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين " الأعراف 87 ، وجاء عن المسيح على لسان محمد فيما يرويه البخاري عن ابن عباس : لا تقوم الساعة حتى ينزل ابن مريم حكماً عدلاً فيقضي بالحق ويمحو الظلم " .
10- يدرك الأبصار ولا تدركه الأبصار : جاء في سورة الأنعام 103 " لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير " هذه صفة أخرى من صفات الله التي تحققت للمسيح كما يروي ابن كثير والقرطبي من أن المسيح كان ذات يوم على الجبل فأراد الرومان أن يقبضوا عليه فجاز في وسطهم دون أن يدركوه بينما هو أدركهم وقال بذلك أحمد بن خابط في الفرق بين الفرق
11- هو الرحمن الرحيم : جاء في سورة البقرة الآية 163 " وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم " وجاء في سورة مريم آية 93 " إن كل من في السموات والأرض إلا أتي الرحمن عبدا"
ذكر الشهرستاني في كتابه الملل والنحل والأزرقي في دلائل النبوة أن المسيح كان على صورة الرحمن وكان رحيماً متحنناً على شعبه إذ أقام أبنة يايرس من الموت برحمته وترأف كثيراً على المرضى برحمته فخلق عيناً لرجل ولد بلا عين بوضع طين عليها لأن هكذا كانت سنة الله في الخلق منذ الأزل
يضـرب الأمثال : جاء في القرآن أن من اختصاصات الله أنه وحده هو القادر أن يكلم الناس بأمثال ففي الآية 35 من سورة النور و الآية 25 من سورة إبراهيم " ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون " ، " وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتذكرون " ، قال ابن كثير والقرطبي والزمخشري في الكشاف أن الله يستخدم الأمثال لكي يقرب للناس ما يريده حتى يقيم عليهم الحجة ، وقد كان المسيح وسط قومه يفعل ذلك ، والكتاب المقدس في عهده الجديد مليء بالأمثال التي لم يتكلم بها أحد من الأنبياء .
يرسل رسلاً ويعطيهم سلطانا ، ويؤيدهم بروحه : فقد جاء في مطلع سورة يس " واضرب لهم مثلاً أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون . إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث " ذكر ابن كثير وجميع المفسرون أن هذه القرية هي إنطاكية وهؤلاء الرسل هم رسل المسيح وذكر أسماءهم ، وأنهم كان لديهم سلطان من المسيح ، ترى من البشر كان يملك ذلك ؟
عبادة غيره كفر وشرك : جاء في الآية 29 / 30 من سورة التوبة " قالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله تشابهت أقوالهم يضاهئون قول الذين كفروا . . . اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم " قال بن قتيبة أن هذه الآية مشكلة لأن فيها أن عبادة الله والمسيح فرض ولا يعبد من دونهما، لذا فيجب أن يُعرب المسيح كمفعول ثان وليس مضاف حتى لا يوافق أهل الكتاب من تأليه المسيح .
يأتي في ظلل من الغمام جاء في سورة البقرة 210 " هل
ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام " قال ابن الفضل الحدثي أن المقصود هنا هو المسيح الذي سيأتي يوم القيامة على الغمام وهو المقصود بقوله " وجاء ربك والملك صفاً صفا "، الحقيقة أنني وجدت أكثر مما كنت أطلب أو أريد وقد لا يتسع المجال هنا لذكر كل ما توصلت إليه فقد أعددتها في بحث منفصل تحت عنوان " حتمية ألوهية المسيح " ذاك أنني بعد أن انتهيت من البحث ووجدت ما وجدت غيرت العنوان من " لاهوت المسيح " إلى حتمية لاهوت المسيح وختمته بعبارة تقول : إن لم يقل النصارى أن المسيح إله لكان لا بد وأن يكون إله.
أما بخصوص الشق الثاني وهو موت المسيح كفارة عن الخطاة أو ما يسمى بالموت الكفاري ، وهو ما كنا نرفضه عملاً للآية التي تقول " ولا تزر وازرة وزر أخرى " إذ كيف يموت من لم يرتكب ذنباً عن آخرين أخطئوا هذا إلى جانب المعضلة الكبرى وهي هل حقاً مات المسيح لا أدري سبباً لشعوري بالثقة في إمكانية ألا أجد ما يؤكد موت المسيح وكنت متفائلاً جداً لأنني لن أجد ذلك وبالتالي أكون قد أرضيت ضميري وبحثت ولم أجد وعليه فتمسكي بالإسلام سيزداد أكثر وأكثر لذا اندفعت بكل حماس وقوة عسى أن أعوض ما وجدته من دلائل لاهوت المسيح في إثبات أنه لم يمت ولا يجوز أن يموت نيابياً فوجئت وأنا أبحث عن الموت الكفاري بما قرأته في تفسير ابن كثير لسورة البقرة وخاصة الآية التي تقول " وإذ قال موسى يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم . . " إذ وجدت نصاً صحيحاً بخصوص هذه الآية فيه أن بني إسرائيل أرادوا أن يتوبوا عن خطيتهم بعبادتهم للعجل فلم يتب الله عليهم ، وبعد توسط موسى طلب الله من موسى أن يبلغ بني إسرائيل أن السبيل الوحيد للتكفير عن خطيتهم هذه هو أن يقتل كل رجل أو شاب من بني إسرائيل كل من يقابله ، ولا تأخذه به شفقة ، وقيل كانوا يضعون عصابات على أعينهم حتى لا تأخذهم شفقة بذويهم فيمتثلوا لحكم الله ويقتل كل منهم الآخر ، ويقول ابن كثير أنه قد وقع ما لا يقل عن سبعين ألف قتيل ، حتى اكتفى الله وكانت الدماء تسير كالأنهار فأمر الله موسى أن يطلب منهم الكف فقد قبلت توبتهم وأما منبقي حياً فقد كفر عنه بدم من مات حتى ولو لم يكن قد عبد العجل معهم أي هناك شخص لم يعبد العجل مات لتتحقق كفارة من عبد العجل ولم يمت إذن فلماذا نرفض أن يموت المسيح الذي بلا خطية عمن أخطأ وما زال حياً فالأمرين سواء ، أحسست وكأن الله يطاردني بالأدلة ويفرض علي حصاراً بحيث لم يعد أمامي من سبيل لإنكار أو رفض دعوة المسيح لي لأتبعه ، حتى موت المسيح وجدت الكثير من النصوص تناولها ابن كثير في تعليقه على آية النساء 157 ، والآيات الأخرى التي تكلمت عن موت المسيح في آل عمران حتى أن الاختلاف كان يدور ليس على موت المسيح بل على مدة موته فمنهم من قال ثلاث ساعات ومنهم من قال يومين ومنهم من قال يوم واحد ، وهذا حسب قواعد اللغة يؤكد وقوع الموت ، وإزاء ذلك كله كنت أزداد غيظاً وتألماً لأنني وددت لو لم أجد شيء يبرهن على صحة الفكر المسيحي لا لشيء إلا لعزة نفسي وتفاخري وكراهيتي لهم ، لكن هذا أمر الله لا مفر منه لكن كيف أكيف نفسي مع هذا الواقع الجديد ، لا أدري؟
لم انقطع عن القراءة في الإنجيل وأصبح لي صديقاً وكنت في كل مرة أكتشف حلاوته أكثر فأكثر ، وذات مرة وأنا أقرأ فيه تسمرت عيناي على نص يقول : متى صليت فأدخل إلى مخدعك وصل لأبيك الذي في الخفاء فهو يجازيك علانية ، وكذلك حديثه عن المرائين الذين يصلون في الأزقة والطرقات وزوايا الشوارع وقلت : عجيب أمر هذا الكتاب هل يجول في الشوارع ويكتب ما يحدث الآن منذ ألفي عام ، وبسرعة تذكرت أيام كنت أسجد على جبهتي وأضع شيئاً صلباً تحتها حتى تبرز ما يسمى بالزبيبة في جبيني أتفاخر بها بين الناس ، وكيف كنت أتباهى بصومي وتسبيحي وأتعمد ارتداء ثياب محددة لتدل على تديني وعلى نفس الوتيرة قمت بالبحث عن موت المسيح وصلبه ، وهل حقاً مات ، ودرست ما يعرف بالموت الكفاري ووجدت أكثر ما تناولته الكتب المسيحية بخصوص هذا الموضوع ، وفي نهاية الأمر أصبح عندي شبه اقتناع عقلي بلاهوت المسيح وصلبه ، وقد يعتقد البعض أنني كنت مسروراً بما وجدت ، كلا ، لقد كنت غاية في الضيق والضجر والتوتر وتمنيت لو أماتني الله قبل أن أكتشف أنني طوال الفترة الماضية من عمري كنت أطارد سراب لا أساس له من الصحة كان صعباً علي أن أكتشف أن النصارى الأذلاء ، المحتقرين ، أل. . أل., . على صواب وأنا مخطئ ، كنت لا أنام ، أسير بالشارع أتحدث مع نفسي ، تطاردني الأفكار أينما سرت ، سيطر علي شك رهيب خاصة عندما كنت أتوضأ لأصلي ، فكان أول رد فعل لي إزاء ذلك أن طلبت من الأخوة الذين كانوا يترددون علي ألا يكثروا من زيارتي بدعوى مراقبة الأمن لي ، وبالتدريج انقطعت علاقتي بهم ، كنت أشعر بالنعاس كلما حاولت أن أقرأ القرآن كعادتي كل يوم ، وفي نفس الوقت كنت لا أمل من قراءة الكتاب المقدس ، لا أخفي أنني تعلقت بالكتاب جداً واتضح ذلك عندما زارني الأمير آخر مرة ولم يجدني قد أنجزت شيئاً في البحث ، فقال : قدر الله وما شاء فعل ، هات الإنجيل سوف نبحث عن شخص آخر يقوم بذلك بدلاً منك ، لأنه يبدو أنك غير مؤهل لذلك ، كان من الطبيعي أن أسر بذلك لأن هذا ما كنت أتمناه ، لكن الآن كل شيء تغير وطلبت منه أن يمهلني شهرا آخر وإلا لسحب البحث مني لأنني استطعت أن أضع يدي على بداية الطريق ، والحقيقة هي أنني لم أكن أريد أن أفقد الرخصة في قراءة الكتاب المقدس ، ولا أن أفقده أيضاً ، وافق الأمير على هذا الاقتراح ، ولا أدري لماذا فعلت ذلك ، كان يمكنني أن أوافق على سحب البحث مني لأريح نفسي من التفكير والمصير المجهول الذي أحفر مساره بيدي ،كنت كلما هممت للصلاة أسمع وكأن هاتفاً يقول لي كيف تصلي لإله لست متأكداً من وجوده ؟ فانخرط في البكاء ، وفي مرة من المرات التي استطعت أن أقاوم وأقرأ القرآن لفت نظري آية في سورة العنكبوت تقول : " ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا والذي أنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون " وحاولت أن أتمعن فيها أكثر فرجعت إلى ابن كثير والقرطبي وكتاب الكشاف للزمخشري لأرى ماذا يقولون في هذه الآية فأول ما وجدت أن الجميع قد قالوا أنها نسخت بآية السيف الشهيرة التي في سورة التوبة ، لكن لفت نظري ما هو أكثر من مجرد النسخ إذ الآية تقول إن إلهنا وإله أهل الكتاب واحد ، وهنا توقف عقلي عن التفكير ؛ إذ أن إلهنا نحن المسلمون قد نسخ كل أنواع المهادنة مع غير المسلمين من الناس واستبدل مكانها القتل والمضايقة والإيذاء ، حتى أنه في بعض الآيات يجعل الله عذابه لهم عن طريقنا" قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم " وهناك أكثر من 27 نص يتكلم عن القتال الواجب على المسلم نحو غير المسلم ، في حين إله أهل الكتاب يقول : أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم ، أحسنوا إلى مبغضيكم ، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم " ويقول أيضاً : لا تقاوم الشر ، بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضاً " ، ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضاً ، ومن سخرك ميلاً واحداً فاذهب معه اثنين ، وأخذت أحدث نفسي أين هذا من قول الله : ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ، وقوله لا يكن أحدكم إمعة يؤخذ حقه ولا يبالي ، ومن قوله أعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ،وقوله من مات دون ماله فهو شهيد ، وقوله : " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم " ، حقاً يستحيل أن يكون الأبيض والأسود واحداً ويستحيل أن يكون الخير والشر واحداً ويستحيل أن يكون الليل والنهار معاً ، لا بد لأحدهما أن ينفرد بذاته وعليه لا بد من أن يكون هناك إله واحد فقط وأنا واثق إنني سأتوصل إليه لأنني أحب الله ولن يمنعني مخلوق من الإيمان بالإله الحقيقي حتى ولو كان عند اليهود ، لكن أريد مساندتك يا رب ، لا تتخل عني فأنا الآن غريب مشتت الذهن لا أدري أين أنت ، وإن كنت خُدعت فليس عن قصد أنت تعلم كم أحبك ، وكم تألمت من أجل محبتك ، يا رب أن كنت تقتص مني معصية عملتها فأسألك الرحمة في قضائك ، فأنت الإله وأنا عبدك على عهدك ووعدك ما استطعت أعترف بذنبي فاغفر لي ولا تقسو علي في عقابك ، وبدأت ترد على خاطري أفكار غريبة كنت عند مجرد استعادتها أمام ذاكرتي أشعر بالرهبة والخوف والفزع إذ قلت إنه لا يمكن أن يكون القرآن كلام الله والكتاب المقدس كلام الله أيضاً لا بد لأحدهما أن يلغي وجود الآخر ، عندما تطرقت لهذه الفكرة انتابني شعور بالرعب والخوف وكلما سمعت صوتاً اعتقدت أن الله سيدمر البيت فوق رأسي لأنني أفكر هكذا في القرآن وبدت حياتي كأصعب ما يكون ، كانت تلك الفترة أشد علي من فترة سجني بالقلعة وتعذيبي هناك ، لكن سرعان ما بدأ هذا الشعور يتلاشى وقررت أن أعيد دراسة القرآن من جديد لأبحث عن كل جانب من جوانبه وأضع الآية التي تقول : ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كبيرا" وسأكون محايداً جداً ، والحقيقة أنني لم أكن محايداً إذ تمنيت لو لم أجد شيئاً في القرآن يقودني للتصديق بأنه ليس من عند الله ، كانت بداخلي مرارة تجاه المسيحيين ، قد أقبل كل شيء لكن ألا أكون مسيحياً وتمنيت لو أن الإنجيل هذا لم ينزل على المسيحيين ، كانت كلمة مسيحي تثيرني وتولد بداخلي رغبة شديدة في الانتقام والعدوان تجاه كل ما هو مسيحي ، ولم أدر سبب هذا الشعور الذي تملكني ؛ ربما بسبب النشأة التي نشأت عليها وسط أسرة متدينة تحب الإسلام وتكره المسيحية بسبب تصورها على أنها كفر وشرك ، حتى أن آباءنا كانوا يحذروننا في طفولتنا من اللعب مع المسيحيين لأنهم خونة وألا نأكل طعامهم لأنهم من الممكن أن يضعوا لنا السم في الطعام ، هم لا إله لهم ولا إيمان ولا أمان لهم .
بدأت أدرس القرآن دراسة دقيقة وعميقة وبدأت أنتبه لأمور ذهلت منها وتعجبت لماذا لم أدرك ذلك من قبل ؟، قمت بإعداد بحث تحت عنوان " هل القرآن كلمة
الله ؟ " استغرق مني هذا البحث قرابة الستة أشهر ، في خلالها زارني الأمير في وقت مفاجئ لم أكن أتوقعه ، وكنت في دورة المياه فاستأذن من والدتي ودخل غرفتي لأنه كان معروفا عند أسرتي إذ قضينا سوية فترة الاعتقال وكانوا يرونه معي في كل زيارة ، اعتقد الأمير عندما شاهد الأوراق المكتوبة مبعثرة هنا وهناك أنني قد أنهيت جزءاً من البحث المطلوب مني وسمعته يقول : بارك الله فيك ، هكذا تكون الرجال ، إن نظرتي لا تخيب ، لقد قلت أنك الوحيد القادر على عمل ذلك ، فقلت في نفسي ‘إنك لا تدري ما تحتويه هذه الأوراق ، وخرجت لملاقاته فإذا وجهه قد تغير إلى الحمرة وبدا مضطرباً فجذبني من ياقتي قائلاً : ماذا أقرأ ؟ هل أنت كتبت ذلك ؟ مش معقول أنت . . من ضحك عليك ؟ من خدعك ؟ من أغراك لتبع دينك ؟ قلت له : لو كانت هناك خديعة فأنت صاحبها ولو كان هناك إغراء فأنت صاحبه ولو ارتكبت إثماً فهو عليك ؛ لأنك أنت الذي دفعتني لذلك كله ، اعتذرت إليك ولم تقبل عذري ، كنتم تعرفون كراهيتي للمسيحية والمسيحيين وأصررتم على أن أكون أنا من يقرأ كتبهم ، أقسم لك أنني أتمنى لو أن كل ما عرفته يكون خطأ لقد عشت معك أقصى وأصعب فترات حياتنا أليس كذلك ؟ قال نعم . قلت هل كنت تلاحظ علي شيئاً ؟ قال : لا قلت إذن فاعذرني ؛ الأمر ليس بيدي ولا مجرد معلومات لكنه يتعلق بقلبي الذي لا سلطان لي عليه ، يا ليتك تقرأ ما قرأت وتعلم ماعلمت ؟ فانتفض هائجاً وأراد أن يمزق الأوراق المكتوبة. (ألوهية المسيح القرآن ليس كلام الله ) ، دار بيننا شجار جاءت والدتي على آثره وغادر منزلي قائلاً نحن قد علمنا ما بك كن لي لطلب إن كنت تريد أن تبقى حياً قلت : ما هو ؟ قال : المجموعة التي أنت أميرها عساك أن تخبرهم بشيء من السموم التي تكتبها ، وأنا سأقول إنك قد ارتديت ولن أفصح لهم عن السبب ، وأحذرك لو حدث منك شيء غير هذا فإنك أفضل من يعرف ما ينتظرك . قلت الحقيقة التي تجهلها أنت هي: أن الأوضاع تغيرت والأيام غير الأيام ، وأنت خير من يعلم ذلك بصراحة أنا لا أقبل تهديدا لسبب واحد هو أنك لن تقدر على شيء مما تهددني به ، ولعلمك لقد دفعتني أمانتي أن أطلب ممن معي ألا يزوروني هذه الأيام لأنني خشيت أن أستمر أعلمهم شيئاً أنا أشك في صحته ولذا صرفتهم عني لأنني كنت أميناً معهم ، لكن أؤكد لك أنني أحب الله وادع لي أن يعيد الله لي صوابي إن كنت قد فقدته ، انخرطت في بكاء شديد واسترجعت الذكريات الجميلة لحياتنا معاً في السجون والمعتقلات ، وكيف كنا نتحمل الصعاب معاً والحقيقة عز علي كل ذلك لكن إن كانت تلك إرادة الله فوداعاً لكل ذكرى طيبة بعيداً عنه وأهلاً بالأشواك إلى جوار الله ، بدأت الجماعة من خلال الأمير تقطع كل صلاتها بي حتى الذين كانوا يقابلونني يومياً لا يسلمون علي فعلمت على الفور أنه قد تم تكفيري ، ولم يكتفوا بذلك بل سحبوا مني المبالغ التي كنت آخذها من بيت المال لأنفق على نفسي منها ، ولم أتأثر ، لقد تصوروا أنني سوف أضيق بتصرفهم وسأعود إليهم تائباً ، هم لم يفهموا ما كان بداخلي ، كنا معاً قد اشتغلنا في ما يشبه توظيف أموال اشتركت أنا والأمير وشخص ثالث بالأموال التي عدنا بها من الخارج وكنا نتاجر في الملابس الجاهزة ، وكنت أنا مسئول الاستلام وتوقيع الشيكات لدى التجار الذين نتعامل معهم ، ولما حدث ذلك مني لم يسددوا المبالغ المطلوبة وأصبحت أنا مطالب بسدادها ، ورفعوا عليّ قضية بالمحكمة ، وتوقعوا من كل ذلك أن اعتذر وأتوب عن كفري وقالوا لي صراحة في المحكمة (الأمير فقط ) إذ اقترب من القفص وقال نقدر أن نسحب القضية إذا راجعت نفسك وتبت إلى الله وأخبرتنا من أثر عليك لتسلك هذا السلوك ، كنت لا أجاوبهم ، وحكمت المحكمة بأن أرد المبلغ على أقساط قيمة كل قسط 160 جنيه ، وكانت تلك ضربة قوية لهم إذ أنهم كانوا يهدفون لحبسي ، ومرت التجربة بسلام والحمد لله لكنني أخذت أكلم الله بحدة وبثورة وأكرر لماذا يا رب تفعل ذلك معي ؟ هل خصصت العذاب لي وحدي . منذ الصغر وأنا أقاسي وأتحمل المتاعب ،لم يعد لي صديق لأنهم كفروا بك ، فقدت مودة أهلي لأنهم لم يقبلوك ، فقدت دراستي لأنها كانت عائقا بيني وبينك ، والآن لا أدري ماذا خبئت لي في جعبتك من الآلام ، من فضلك ترفق بي هون عليّ فأنا ضعيف لا حول لي ولا قوة ، لا تتركني في هذا البحر اللجي تتخبطني الأمواج ولا أدري لأي شاطئ تقودني ، قل لي أين أنت ؟ هل أنت الذي تقول عنه النصارى أم أنت إله موسى أم أنت إله محمد ، وإن كنت كذلك لما سمحت لي بكل هذا القلق في حياتي ليعكر علي صورتك الشفافة ، أرجوك يا رب لا تتركني وحدي وأنا أعدك أن أتبعك أينما كنت ،لأنني لا أخاف سواك وأنت تعلم ذلك علم اليقين ولم يقطع عليّ مناجاتي هذه سوى صوت والدتي تطلب مني أن آخذ الطعام ، لأنني لم أكن آكل معها لأنه لا يجوز لي أن آكل مع مشرك وكانت والدتي كذلك .
تطرقت بعد ذلك إلى موضوع غاية في الخطورة والأهمية ألا وهو إذا كان القرآن ليس من عند الله إذن فمن يكون محمد هذا ؟ حتماً لا بد وأن يكون كاذباً في ادعائه النبوة ، لكن كيف أثبت ذلك ، وبمجرد أن حدثتني نفسي بذلك ارتعبت رعباً شديداً وقلت مش ممكن ؛ محمد ليس نبي ؛ طيب معجزاته وإمبراطوريته التي كانت مترامية الأطراف وكل هذا الكم من الناس الذين اتبعوه ، كنت أشعر وكأنني على وشك أن يحل عليّ انتقام الله الشديد ويحيط بي عذابه ، لكن بعد أن هدأت ثورتي هذه بدأت أشعر بشجاعة وعزيمة نحو ضرورة أن أبحث في من هو محمد ؟ وهل هو نبي أم لا ؟ كانت دلائل نبوة محمد ترتكز على عاملين أساسيين هما أنه أمي ونزل عليه القرآن ، وأنه كان قبل النبوة معصوماً ولم يرتكب منكراً قط .
يكفي هذا لتعلموا ما هو هذا الشخص .. باعتقادي 100% هذا الشخص الكاتب ليس مسلما ولم يكن مسلما في حياته .. ولكن مثله يحتاج الى الرد:confused:
lolly
22-10-2002, 04:45 AM
صباح الخيرات
شكرا خاوى روتى على وضع الموضوع:)
وعسى ما تعبناك...
انا اشوف من كلام هذا الشخص انة مو مسلم او مرتد ىنة كلامة واضح للى يشوفة ...
تحياتى