ابو الامير
22-10-2002, 10:13 AM
وهذه هي البداية فقط. ذلك أن دولة إسرائيل باتت تستعد للعهد الذي سيلي صدام حسين. وتعتبر "خطة الطرق" الأميركية، التي تحظى...
من يبدأ برشق الشرطة والجنود بالحجارة، مصيره الوصول، في يوم ما، إلى إمتشاق السلاح الناري. لقد سبق لنا المرور بهذا الجحيم، ونحن نتدهور نحوه، بسرعة، طيلة الوقت.
لم تبدأ أعمال خرق القانون على خلفية إيديولوجية في "حفات غلعاد" ولن تنتهي هناك. ولم يولد "بلطجيو التلال" أمس. فما فعلوه مقابل الجيش، خلال اليومين الأخيرين، يفعلونه في المنطقة منذ فترة طويلة. لكن ذلك لا يعني أحد، لأن المقصود جرائم متواصلة ضد العرب. إنهم يطلقون النيران على من يقطفون ثمار الزيتون، يلوثون مصادر المياه بالمياه العادمة، يشاغبون في قرية ما، والقانون يغض ابصاره. وتعتبر المواقع الاستيطانية غير القانونية استمراراً لهذا الاستهزاء المتواصل بالقانون.
وعندما لا تصل قوات الأمن لدى قيام هؤلاء باستفزاز الفلاح العربي، عليها آلا تفاجئ وتصاب بالصدمة عندما يصب هؤلاء جام غضبهم على أفراد الشرطة والجنود. لقد تحدثت المؤسسة الاسرائيلية إليهم، دائما، بلسان مضاعفة، بغمزة عين، وبغض النظر عن أفعالهم، ونجدها تفزع فجأة، الآن، عندما قام المسخ على خالقه. فجأة كان هناك من غير أساليب لعبة البلطجيين، دون أن يطلب موافقتهم.
إن الذين أعلنوا عن تغيير أساليب اللعبة، حقاً، هم رجال مجلس المستوطنات. الشخصيات الجدية والمسؤولة التي اعتقدت، لسبب ما، أن المؤسسة ستواصل في عملية اخلاء هذه النقاط الاستيطانية غير القانونية، أيضاً، الغمز لها، كما في السابق: إنزلوا من هناك ومن ثم سنتدبر الأمر... لكن هذا الأسلوب لم ينجح هذه المرة. وربما يرجع ذلك إلى سبب بسيط، وهو أن مجلس المستوطنات الاسرائيلية هو، كما يبدو، ليس العنوان الصحيح للاتفاق على أمور من هذا النوع. فبلطجيو التلال لا يطيعونه، وإتفاقياته مع الجهاز الأمني – سواء كانت هناك اتفاقيات كهذه أو لم تكن – لا تهمهم. وإذا لم يسارع مجلس المستوطنات إلى أخذ زمام الأمور فلن يكون بالامكان مشاركته ببيع الخيول في المستقبل بذات أسلوب غمزة العين الشهيرة.
وهذه هي البداية فقط. ذلك أن دولة إسرائيل باتت تستعد للعهد الذي سيلي صدام حسين. وتعتبر "خطة الطرق" الأميركية، التي تحظى بدعم أوروبي، إحدى البراعم الإولى لـ"اليوم التالي" (بعد صدام). ومهما نظروا إلى هذه الخطة، فهي ليست إلا نسخة "معدلة" عن إتفاقية اوسلو. ففي اوسلو، أيضاً، تحدثوا عن خطة مراحل، عن فترة مرحلية تتواصل حتى تصل السلطة إلى مرحلة النضوج. في حينه أسموها "سلطة الحكم الذاتي"، ويسمونها اليوم "دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة". وكما في اتفاقيات اوسلو الاصلية، ستقود هذه الخطة، أيضاً، إلى الاتفاق الدائم. لقد إنهارت اتفاقيات اوسلو لأنه لم يكن بمقدور السلطة الفلسطينية، أو لأنها لم تشأ، أو للسببين معاً، السيطرة على "الإرهاب" خلال الفترة المرحلية، الأمر الذي أدى إلى إنقلاب السلطة في اسرائيل، التي انحرفت، هي أيضاً، عن طريق أوسلو.
لقد أفشلت اتفاقيات اوسلو خلال المرحلة الانتقالية. فبين سنوات 94 و 95، في الفترة التي تم خلالها بلورة الحكم الذاتي، وقعت عمليات ارهابية وأعمال شغب كبيرة، بدأت بـ"شبان التلال" وانتهت بمقتل رابين. بلطجيو التلال يرسمون، اليوم، تماما كما فعلوا آنذاك، طريق التدهور التي لن تسمح بالتوصل إلى أي اتفاق سياسي يعني تحقيق تسوية اقليمية.
لقد بدأت في "حفات غلعاد" المعركة على اليوم الذي سيلي صدام. وقد تشكل "حفات غلعاد" تذكيراً، ربما متجمهما، بما يمكن حدوثه هنا عندما نصل إلى اللحظة الحقيقية للاتفاق السياسي برعاية أميركية – اوروبية. وإذا لم يتم الآن، التصدي بيد فولاذية لظواهر تشبه ما حدث في "حفات غلعاد"، فسيكون الأمر أكثر تعقيداً في المستقبل. التاريخ لا يكرر نفسه بنسبة واحد إلى واحد، لكن الخطوات متشابهة، وليحفظنا الله إذا انتهى الأمر، هذه المرة أيضاً، بثلاث رصاصات في الظهر.
////////////////////////عن يديعوت احرنوت(أليكس فيشمان )
من يبدأ برشق الشرطة والجنود بالحجارة، مصيره الوصول، في يوم ما، إلى إمتشاق السلاح الناري. لقد سبق لنا المرور بهذا الجحيم، ونحن نتدهور نحوه، بسرعة، طيلة الوقت.
لم تبدأ أعمال خرق القانون على خلفية إيديولوجية في "حفات غلعاد" ولن تنتهي هناك. ولم يولد "بلطجيو التلال" أمس. فما فعلوه مقابل الجيش، خلال اليومين الأخيرين، يفعلونه في المنطقة منذ فترة طويلة. لكن ذلك لا يعني أحد، لأن المقصود جرائم متواصلة ضد العرب. إنهم يطلقون النيران على من يقطفون ثمار الزيتون، يلوثون مصادر المياه بالمياه العادمة، يشاغبون في قرية ما، والقانون يغض ابصاره. وتعتبر المواقع الاستيطانية غير القانونية استمراراً لهذا الاستهزاء المتواصل بالقانون.
وعندما لا تصل قوات الأمن لدى قيام هؤلاء باستفزاز الفلاح العربي، عليها آلا تفاجئ وتصاب بالصدمة عندما يصب هؤلاء جام غضبهم على أفراد الشرطة والجنود. لقد تحدثت المؤسسة الاسرائيلية إليهم، دائما، بلسان مضاعفة، بغمزة عين، وبغض النظر عن أفعالهم، ونجدها تفزع فجأة، الآن، عندما قام المسخ على خالقه. فجأة كان هناك من غير أساليب لعبة البلطجيين، دون أن يطلب موافقتهم.
إن الذين أعلنوا عن تغيير أساليب اللعبة، حقاً، هم رجال مجلس المستوطنات. الشخصيات الجدية والمسؤولة التي اعتقدت، لسبب ما، أن المؤسسة ستواصل في عملية اخلاء هذه النقاط الاستيطانية غير القانونية، أيضاً، الغمز لها، كما في السابق: إنزلوا من هناك ومن ثم سنتدبر الأمر... لكن هذا الأسلوب لم ينجح هذه المرة. وربما يرجع ذلك إلى سبب بسيط، وهو أن مجلس المستوطنات الاسرائيلية هو، كما يبدو، ليس العنوان الصحيح للاتفاق على أمور من هذا النوع. فبلطجيو التلال لا يطيعونه، وإتفاقياته مع الجهاز الأمني – سواء كانت هناك اتفاقيات كهذه أو لم تكن – لا تهمهم. وإذا لم يسارع مجلس المستوطنات إلى أخذ زمام الأمور فلن يكون بالامكان مشاركته ببيع الخيول في المستقبل بذات أسلوب غمزة العين الشهيرة.
وهذه هي البداية فقط. ذلك أن دولة إسرائيل باتت تستعد للعهد الذي سيلي صدام حسين. وتعتبر "خطة الطرق" الأميركية، التي تحظى بدعم أوروبي، إحدى البراعم الإولى لـ"اليوم التالي" (بعد صدام). ومهما نظروا إلى هذه الخطة، فهي ليست إلا نسخة "معدلة" عن إتفاقية اوسلو. ففي اوسلو، أيضاً، تحدثوا عن خطة مراحل، عن فترة مرحلية تتواصل حتى تصل السلطة إلى مرحلة النضوج. في حينه أسموها "سلطة الحكم الذاتي"، ويسمونها اليوم "دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة". وكما في اتفاقيات اوسلو الاصلية، ستقود هذه الخطة، أيضاً، إلى الاتفاق الدائم. لقد إنهارت اتفاقيات اوسلو لأنه لم يكن بمقدور السلطة الفلسطينية، أو لأنها لم تشأ، أو للسببين معاً، السيطرة على "الإرهاب" خلال الفترة المرحلية، الأمر الذي أدى إلى إنقلاب السلطة في اسرائيل، التي انحرفت، هي أيضاً، عن طريق أوسلو.
لقد أفشلت اتفاقيات اوسلو خلال المرحلة الانتقالية. فبين سنوات 94 و 95، في الفترة التي تم خلالها بلورة الحكم الذاتي، وقعت عمليات ارهابية وأعمال شغب كبيرة، بدأت بـ"شبان التلال" وانتهت بمقتل رابين. بلطجيو التلال يرسمون، اليوم، تماما كما فعلوا آنذاك، طريق التدهور التي لن تسمح بالتوصل إلى أي اتفاق سياسي يعني تحقيق تسوية اقليمية.
لقد بدأت في "حفات غلعاد" المعركة على اليوم الذي سيلي صدام. وقد تشكل "حفات غلعاد" تذكيراً، ربما متجمهما، بما يمكن حدوثه هنا عندما نصل إلى اللحظة الحقيقية للاتفاق السياسي برعاية أميركية – اوروبية. وإذا لم يتم الآن، التصدي بيد فولاذية لظواهر تشبه ما حدث في "حفات غلعاد"، فسيكون الأمر أكثر تعقيداً في المستقبل. التاريخ لا يكرر نفسه بنسبة واحد إلى واحد، لكن الخطوات متشابهة، وليحفظنا الله إذا انتهى الأمر، هذه المرة أيضاً، بثلاث رصاصات في الظهر.
////////////////////////عن يديعوت احرنوت(أليكس فيشمان )