PDA

View Full Version : اسلام مفصل على مقاس امريكـــــــــــا


ابو الامير
26-10-2002, 09:10 AM
جاء الطاجيك وذهب الاوزبك .. رحلت طالبان وجاء البشتون .. نفي الملك وجاء الملك مرة اخرى .. عادت طالبان وذهب دوستم .. لا بل عاد دوستم وذهبت طالبان .. وكلهم في النهاية يدعون انهم مسلمون .

يذكرني امر افغانستان وما يجري فيها ما جرى من حرب بين العراق وايران لسنوات طويلة .. كان الجندي الايراني يهجم بسلاحه وهو يرفعه صائحا الله اكبر .. وكان الجندي العراقي يهجم بسلاحه وهو يرفعه صائحا الله اكبر .. وبين الله اكبر هذه وتلك .. ضاعت الارواح وسحق الناس تحت جنازير الدبابات ولا تعرف ان كانت الله اكبر الاولى هي الله اكبر الثانية .. انها نفس الكلمات .. وأقول الكلمات لانها لا تحمل عند الطرفين ابان تلك الحرب أي معنى سوى انها كلمات تقال .. ويقيني ان الاثنين لا يفهمان او لم يكونا يفهمان ما تعني هذه الجملة المفيدة التي تعادل الدنيا وما فيها .

كلهم في افغانستان يأوون الى سجاجيد الصلاة ما ان يحين وقتها .. من يقتل (بفتح الياء) ومن يقتل (بضمها ) من يدعي انه على صواب ومن لا يعترف بانه على خطأ .. الكل يذبح ويقتل ويسحل ويعلق المشانق ويغتال باسم الاسلام .. أي اسلام هذا ايها المجرمون ؟

ولأن الطالبان لا يريدون اسلاما مفصلا على مقاس امريكا كانوا يقاتلون باسم الله وباسم الاسلام .. ولأن قوى التحالف يريدون التحالف حتى مع الشيطان في سبيل نصرهم كانوا وما زالوا يقاتلون باسم الله وباسم الاسلام .. وقد نسي الجميع ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : اذا التقى المسلمان بسيفيهما فقتل احدهما الاخر فالقاتل والمقتول في النار .. قيل هذا القاتل .. فما بال المقتول ؟ قال .. لأنه كان حريصا على قتل صاحبه ..

ويستدل من هذا الحديث حسب فهمنا المتواضع : ان الطرفين اللذين يتقاتلان في افغانستان لا يقاتلان باسم الاسلام .. انهما او انهم يقاتلون لمصالحهم الشخصية .. ولذا فان الجميع ينطبق عليهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وكما ينطبق هذا الحديث على المتقاتلين في افغانستان .. فهو ينطبق على كافة حكام الدول العربية والاسلامية .. انهم يسجنون ويعذبون ويقتلون ويعتقلون باسم الاسلام .. والاسلام منهم براء .

لقد ابتلى الله امة الاسلام بحكامها .. سواء كانوا في افغانستان ام الباكستان .. في الهند ام في الملايو .. ومثلما ابتلى الله الامة في سابق عهدها بالملل والنحل .. فقد ابتلاها بكل من يدعي انه يقاتل في سبيل الاسلام وفي سبيل اعلاء كلمة الله ..

ولقد تولدت اثناء الاحتكاك المباشر والقتال المستمر بين المسلمين عداوات انعكست على ملل هذه الامة من اولها الى آخرها .. فالشيعة يكرهون السنة .. والسنة ايضا كذلك .. ولا تكفي ابتسامات المجاملة التي يتبادلانها عند اللقاءات حقيقة الوضع التعس الذي يعيشانه على وجه هذه الارض .. والمسلم الكويتي يكره المسلم العراقي وبالعكس .. ولا يغرنك بكاء بعض المسؤولين من الطرفين على الشعب العراقي المحاصر .. والمسلم من أي قطر عربي آخر يكره المسلم الاخر من القطر العربي الثاني .. الاحناف يحقدون على العلويين .. والعلويون ايضا كذلك .. الشافعية ترى انها على الحق وكذلك المالكية .. الصوفيون يرون ان المسلمين غير المتصوفين هم من حثالة البشر .. الوهابيون يرون ان عقيدتهم هي الصحيحه .. والاخرون يرون ان الوهابيين هم فرع من المسلمين اسلامهم مشوه ولا يعتد به .. المسلم في امريكا يرى ان اسلام المسلمين في الدول العربية ناقص ويجب اكماله .. وكذلك المسلمون في الدول العربية يرون ان المسلمين في امريكا ذهبوا الى بلاد الكفر ولا يجوز ان يستقروا هناك .. انها اولويات نعرفها جيدا .. ولكننا نحاول ان نغمض اعيننا ونغرس رؤوسنا في الرمال ليس كما يقال للنعامة .. فالنعامة لم تفعلها ابدا .. ولكنه الاعلام الخاطىء الذي جعلها تخبىء رأسها في وقت عندما تشعر بالخطر تركض وتسابق خطواتها الريح للهرب .

ورغم ان هذه الملل والنحل كلها تصب في خانة الاسلام .. الا ان الخلاف الاجتهادي يدرجها تحت قائمة الكره واستسخاف العقول .. لذا فان الخلاف ليس خلافا عقائديا .. انه خلاف سياسي على من يحكم .. وعلى من يستأثر بالكرسي المتعفن . والا .. ما الذي يجعل بلاد المسلمين في بقاع الارض ( من خلال حكامها) هي الاكثر في غمط حقوق الانسان واعتبار ذلك الانسان جزء من منظومة التصفيق للحاكم حتى ولو كان على خطأ .

مأساة افغانستان انها جزء من هذه الامة التي ترى كل شىء خاطىء ما عدا الخطأ نفسه .. انهم يصورونه على انه صواب .. ومثل مأساة افغانستان هي مأساة بلاد المسلمين في كل بقاع الارض .. وليس العيب في ماهية الاسلام .. اذ العيب يكمن في من يفسرون الاسلام على هواهم ويجيرونه لمصالحهم الخاصة التي تصب في خانة الحكم والتسلط والقمع والارهاب ..

الاسلام برىء من هؤلاء واولئك .. ولن نصدق بعد ان كبرنا وشاب الرأس منا الا من يتراحمون ويتكاتفون وقت ان يتعرض الاسلام للمحن والمصائب .. انهم الشعاع الذي يمكن ان يغير احوالنا نحن المسلمين في كافة بقاع الارض .. اما التصفيق لفلان والهتاف لعلان لأنه مسلم .. فذلك امر لم يعد ينطلي علينا .. اذ كل حكام بلاد المسلمين لصوص حتى يثبت العكس ..

وعندما نرى ان من يجرح في افغانستان يتألم لجرحه مسلم الوطن العربي او الوطن الاسلامي .. عندها فقط ندرك اننا على حق .. وان ايامنا القادمة لن تفصل على اسلام تريده امريكا وترغبه كيفما شاءت .. اسلام مفصل على مقاسها وعند ارتدائه يصفق قادة المسلمين المزيفين بشىء من الفرح وكثير من الغبطه .. وانا لله وانا اليه راجعون
.....عن الوطن