ابو الامير
16-12-2002, 09:49 AM
دولة اسرائيل تواجه إحدى ساعاتها الصعبة. اننا نعيش حياة قذرة. قبل عدة أيام فقط، نشر أبيغدور فيلنتس، أحد رجال الهايتك العظام في اسرائيل..
يقولون إن الأعضاء الجدد في البرلمان البريطاني يجلسون ولا ينبسون بكلمة واحدة طوال عامين. وبعد عامين يبدي "الخطيب" استعداده للميل برأسه نحوهم، والسماح لهم أحيانا، بقول كلمة أو اثنتين. إذا كان هذا الكلام صحيحاً، فإن فيه ما يشهد على علاقات الاحترام المتبادل في البرلمان – أعلى منبر للتعبير عن الديموقراطية وسلطة الشعب. إلى البرلمان البريطاني ومجلس الشيوخ الأميركي وغيره من برلمانات كثيرة في العالم، يصل بلا شك، أناس عقلاء، حكماء، مثقفون وأصحاب تجربة في الأساس. وفي كثير من الحالات يكون هؤلاء أشخاص نالوا التقدير والشهرة والنجاح بعد عشرات السنين من العمل. وهذا ليس بالأمر العابر وغير المهم. ففي هذه المؤسسة، كما سيحدث في مجلس الشيوخ الأميركي خلال الأيام القريبة، استعدادا للحرب في العراق، وكما سيحدث في الكنيست الإسرائيل – يقرر النواب مصائر البشر، حياتهم وموتهم.
لكنه عندنا فقط، ولسبب ما، قرروا أنه يتحتم – يتحتم؟ - على الكنيست أن تمثل كافة الطبقات، كافة الأوساط جميع أجزاء الشعب. وهكذا، بدل أن يتم هناك في القدس، جمع خيرة الناس الحكماء والمثقفين والمهنيين في دولة إسرائيل، اولئك الذين على استعداد للتضحية من وقتهم من أجل الآخرين (عامة الشعب) بعد أن لبوا "مطالب بيوتهم" – نجد أنفسنا نشهد انتخاب مجموعة من الناس الذين يمكن تلخيص مجمل حياتهم ونشاطهم وتجربتهم ونجاحهم بسطرين يضمان بضع كلمات فقط. صحيح أنهم ليسوا جميعاً هكذا، فلا شك أن هناك من بين المنتخبين – في حزبي الليكود والعمل – أناس يستحقون ذلك لما يملكونه من ماضٍ رائع وتجربة فريدة، ولهم مكانتهم في الصف القيادي الأول لدولة اسرائيل. لكن الآخرين، وهم كثرة، يلائمون ذلك المثقف الليكودي الذي قال عبر الاذاعة، أمس الأول: "انظروا، لقد صوت لدينا 94% (من أصل 2900 شخص) ولديهم في حزب العمل، وصلت النسبة بصعوبة إلى 50% (من أصل 112 الف ناخب)".
ليس صحيحاً – بتاتاً – القول بأنه يتحتم على الكنيست تمثيل الشعب، كل الشعب، بمختلف أقسامه. فالكنيست يجب أن تضم بين جدرانها أفضل الأخيار، وأفضل الناجحين. هذا صحيح في كل مكان في العالم، ومن المؤكد أنه صحيح في دولة إسرائيل التي تحارب دفاعا عن حياتها، في وقت يمكن لإصبع واحدة في الكنيست أن ترسل أولادنا – الجنود – إلى حتفهم. لم تكن كنيست اسرائيل أبداً، مركبة من أفضل الناس، لكنه كان فيها دائما، الكثير – كثيرون جداً – من الأشخاص الذين يستحقون يستحقون التقدير: منذ فترة حياة دفيد بن غوريون، موشيه شاريت، ليفي إشكول، اسحاق رابين، موشيه ديان، يغآل ألون، وحتى مناحيم بيغين، يوحنان بدر، أرييه بن إليعيزر وموشيه سنيه. وكان فيها، أيضاً، أساتذة جامعة (بروفيسور) حققوا المجد، ادباء وشعراء خالدين وضباط جيش من المبرزين.
أما اليوم؟ ماذا لدينا اليوم؟ لدينا نشطاء أحزاب خافتين لم يفعلوا أي شيء باستثناء نشاطهم الحزبي، ولا أحد يعرف من اين جاؤوا إلى الكنيست، لكنهم شخصياً، يعرفون جيداً إلى أين سيذهبون – إلى تقاسم الوظائف، إلى تمرير مناقصات بقيمة ملايين الشواقل للمقربين منهم، إلى الفساد – حسب ما عبر عنه جيداً رئيس لجنة الانتخابات في الليكود، القاضي المتقاعد أوري شتروزمان. على كل حال، إنهم من يمكنهم أن يشتروا بالمال المقدرات التي ستمنح لهم بحكم مناصبهم لسن قوانين غريبة وتوزيع أموال الجمهور بلا حساب.
دولة اسرائيل تواجه إحدى ساعاتها الصعبة. اننا نعيش حياة قذرة. قبل عدة أيام فقط، نشر أبيغدور فيلنتس، أحد رجال الهايتك العظام في اسرائيل، كلمات خطيرة جداً. وحسب أقواله فإن "دولة اسرائيل تدار بصورة كارثية. لا وجود لجهاز يمكنه العمل بصورة أسوأ من ذلك. لا وجود للتفكير، ولا رؤية مستقبلية، أنا لا أرى المستقبل هنا".
أمام المخاطر الكيانية الملموسة، أمام مسائل الحياة والموت، أمام الحاجة الماسة إلى مجموعة اليهود العباقرة والحكماء واصحاب التجربة الكبيرة والأكثر نجاحا في العالم – فاننا ننتخب من يوزعون النقانق والكاتشوب والخردل للناخبين.
اننا نستحق هذه النقانق.
عن يديعوت احرنوت للكاتب ايتان هابر
يقولون إن الأعضاء الجدد في البرلمان البريطاني يجلسون ولا ينبسون بكلمة واحدة طوال عامين. وبعد عامين يبدي "الخطيب" استعداده للميل برأسه نحوهم، والسماح لهم أحيانا، بقول كلمة أو اثنتين. إذا كان هذا الكلام صحيحاً، فإن فيه ما يشهد على علاقات الاحترام المتبادل في البرلمان – أعلى منبر للتعبير عن الديموقراطية وسلطة الشعب. إلى البرلمان البريطاني ومجلس الشيوخ الأميركي وغيره من برلمانات كثيرة في العالم، يصل بلا شك، أناس عقلاء، حكماء، مثقفون وأصحاب تجربة في الأساس. وفي كثير من الحالات يكون هؤلاء أشخاص نالوا التقدير والشهرة والنجاح بعد عشرات السنين من العمل. وهذا ليس بالأمر العابر وغير المهم. ففي هذه المؤسسة، كما سيحدث في مجلس الشيوخ الأميركي خلال الأيام القريبة، استعدادا للحرب في العراق، وكما سيحدث في الكنيست الإسرائيل – يقرر النواب مصائر البشر، حياتهم وموتهم.
لكنه عندنا فقط، ولسبب ما، قرروا أنه يتحتم – يتحتم؟ - على الكنيست أن تمثل كافة الطبقات، كافة الأوساط جميع أجزاء الشعب. وهكذا، بدل أن يتم هناك في القدس، جمع خيرة الناس الحكماء والمثقفين والمهنيين في دولة إسرائيل، اولئك الذين على استعداد للتضحية من وقتهم من أجل الآخرين (عامة الشعب) بعد أن لبوا "مطالب بيوتهم" – نجد أنفسنا نشهد انتخاب مجموعة من الناس الذين يمكن تلخيص مجمل حياتهم ونشاطهم وتجربتهم ونجاحهم بسطرين يضمان بضع كلمات فقط. صحيح أنهم ليسوا جميعاً هكذا، فلا شك أن هناك من بين المنتخبين – في حزبي الليكود والعمل – أناس يستحقون ذلك لما يملكونه من ماضٍ رائع وتجربة فريدة، ولهم مكانتهم في الصف القيادي الأول لدولة اسرائيل. لكن الآخرين، وهم كثرة، يلائمون ذلك المثقف الليكودي الذي قال عبر الاذاعة، أمس الأول: "انظروا، لقد صوت لدينا 94% (من أصل 2900 شخص) ولديهم في حزب العمل، وصلت النسبة بصعوبة إلى 50% (من أصل 112 الف ناخب)".
ليس صحيحاً – بتاتاً – القول بأنه يتحتم على الكنيست تمثيل الشعب، كل الشعب، بمختلف أقسامه. فالكنيست يجب أن تضم بين جدرانها أفضل الأخيار، وأفضل الناجحين. هذا صحيح في كل مكان في العالم، ومن المؤكد أنه صحيح في دولة إسرائيل التي تحارب دفاعا عن حياتها، في وقت يمكن لإصبع واحدة في الكنيست أن ترسل أولادنا – الجنود – إلى حتفهم. لم تكن كنيست اسرائيل أبداً، مركبة من أفضل الناس، لكنه كان فيها دائما، الكثير – كثيرون جداً – من الأشخاص الذين يستحقون يستحقون التقدير: منذ فترة حياة دفيد بن غوريون، موشيه شاريت، ليفي إشكول، اسحاق رابين، موشيه ديان، يغآل ألون، وحتى مناحيم بيغين، يوحنان بدر، أرييه بن إليعيزر وموشيه سنيه. وكان فيها، أيضاً، أساتذة جامعة (بروفيسور) حققوا المجد، ادباء وشعراء خالدين وضباط جيش من المبرزين.
أما اليوم؟ ماذا لدينا اليوم؟ لدينا نشطاء أحزاب خافتين لم يفعلوا أي شيء باستثناء نشاطهم الحزبي، ولا أحد يعرف من اين جاؤوا إلى الكنيست، لكنهم شخصياً، يعرفون جيداً إلى أين سيذهبون – إلى تقاسم الوظائف، إلى تمرير مناقصات بقيمة ملايين الشواقل للمقربين منهم، إلى الفساد – حسب ما عبر عنه جيداً رئيس لجنة الانتخابات في الليكود، القاضي المتقاعد أوري شتروزمان. على كل حال، إنهم من يمكنهم أن يشتروا بالمال المقدرات التي ستمنح لهم بحكم مناصبهم لسن قوانين غريبة وتوزيع أموال الجمهور بلا حساب.
دولة اسرائيل تواجه إحدى ساعاتها الصعبة. اننا نعيش حياة قذرة. قبل عدة أيام فقط، نشر أبيغدور فيلنتس، أحد رجال الهايتك العظام في اسرائيل، كلمات خطيرة جداً. وحسب أقواله فإن "دولة اسرائيل تدار بصورة كارثية. لا وجود لجهاز يمكنه العمل بصورة أسوأ من ذلك. لا وجود للتفكير، ولا رؤية مستقبلية، أنا لا أرى المستقبل هنا".
أمام المخاطر الكيانية الملموسة، أمام مسائل الحياة والموت، أمام الحاجة الماسة إلى مجموعة اليهود العباقرة والحكماء واصحاب التجربة الكبيرة والأكثر نجاحا في العالم – فاننا ننتخب من يوزعون النقانق والكاتشوب والخردل للناخبين.
اننا نستحق هذه النقانق.
عن يديعوت احرنوت للكاتب ايتان هابر