مسدد
05-01-2003, 07:38 PM
رسالة نصح ودعوة للتفكر إلى أصحاب السمو الأمراء ، الأمير نايف بن عبد العزيز ، والأمير أحمد بن عبد العزيز ، والأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ، وفقهم الله لكل خير .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد :-
أصحاب السمو الأمراء ، نحن ثلة من أبنائكم من أصحاب التخصصات العسكرية والسياسية والإدارية ، نكتب إليكم هذا النداء من منطلق النصح والإشفاق على هذا البلد ، نكتب إليكم هذا النداء في هذا الظرف العصيب الذي تمر به بلادنا ودول المنطقة ، نكتب إليكم في ظل فتنة قد أطلت ربما تعصف ببلادنا إذا لم نتدارك أمرها ، ولم نخصكم أصحاب السمو بالذكر من غيركم إلا لأننا نرى أن وزارة الداخلية إما أن تكون صمام أمان وتكف الشر عن هذه البلاد ، أو تشعل الفتنة الداخلية التي لن تستطيع السيطرة عليها فيما بعد .
أصحاب السمو الأمراء إن كل متابع لما تقوم به وزارة الداخلية وخاصة جهاز المباحث العامة ضد أبناء هذا البلد وإن كانوا على خطأ ، لا يمكن أبداً أن يصدق أن القيادة العليا لهذا الجهاز تدرك مدى الخطر الذي سيلحق بالبلاد جراء هذه التصرفات ، فجهاز المباحث يدفع الشباب دفعاً وبكل عنف إلى المواجهة ، والأغرب من ذلك أن وزارة الداخلية تحمل الشباب وذهابهم إلى أفغانستان تحملهم أسباب هذه المواجهة ، إن الذي دفع الشباب للقتال في الحرب الطائفية الأفغانية هي الدولة ، و الشباب لم يذهبوا لأفغانستان ومواطن الصراع بعد أحداث سبتمبر ، ولكنهم ذهبوا قبل عشرين سنة وحتى يومنا هذا ، وما تلقاه الشباب من تدريب قبل عشرين سنة هو ما تلقاه من ذهب بعد الأحداث ، فما يتلقاه الشباب في أفغانستان لم يتغير وأنتم على علم بذلك ، ولكن نظرة أمريكا لأفغانستان هي التي تغيرت وبالتالي فإن نظرة وزارات الداخلية العربية تغيرت تبعاً لتغير نظرة أمريكا .
إننا لو حاولنا أن نفهم مدى الحرص على دفع الشباب للمواجهة من حيث تعلمون أو لا تعلمون ، فإننا سنفشل في فهمنا لدوافع هذا الحرص ، فلم نر أية مصلحة للبلاد من اعتقال الشباب وتعذيبهم وإهانتهم ومصادرة أموالهم ومداهمة بيوتهم واعتقال أقاربهم للضغط عليهم ليسلموا أنفسهم ، وإصدار التعاميم المتكررة بالقبض على بعضهم أو قتله إذا لزم الأمر ، فما هي المصلحة لأن يدفع الشباب بمثل هذه الأفعال إلى مواجهة الدولة ؟ ، فليست هذه الإجراءات هي الطريقة الوحيدة لمواجهة خطر البعض منهم .
نحن نكذب على أنفسنا إذا قلنا بأن الدافع لهذه الإجراءات من قبل الوزارة ضد الشباب هو أمن البلاد لما سنذكره لاحقاً من عواقب ، ولكن ربما يكون الدافع إرضاء أمريكا والمجتمع الدولي كما جاء ذلك صريحاً في تصريحات عادل الجبير مستشار صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله ، وجاء ذلك واضحاً من البيان الرسمي الذي صدر بعد المؤتمر الذي عقده المستشار ورصد البيان جميع الإنجازات السعودية لمحاربة الإرهاب قبل أحداث سبتمبر وحتى يومنا هذا ، ولنا أن نقف قليلاً لتدبر عواقب دفع الشباب للمواجهة فنقول :- لاشك أنكم تعلمون حفظكم الله أن أمريكا ليس لها صديق ، وليس لها توجه ثابت تجاه أية قضية ، سوى ثباتها على إقامة دولة إسرائيل الكبرى وأمنها ، فما تعلن أمريكا اليوم أنها ملتزمة به يمكن لها أن تتنكر له غداً ، ولهذا السبب يصبح التعويل على أمريكا رهان خاسر لا يجني للبلاد أية مصلحة قريبة ولا بعيدة ، وقد ظهر هذا واضحاً عندما صرح عدد من الساسة الأمريكيين بأن الروابط السعودية الأمريكية هي روابط المصالح المادية فحسب ، ولهذا لو أن غيركم أمّن لهم هذه المصالح هنا فلا مانع عندهم من التخلي عنكم ودعم غيركم ، ونظن أن هذا ليس بجديد ، ولكن الجديد في الأمر أن التصريحات الأمريكية الأخيرة الرسمية منها والإعلامية كلها تفيد بأن أمريكا تريد نمطاً خاصاً تسيّر به هذه البلاد رضي الشعب وولاة أمرها أم لم يرضوا .
والسؤال الأهم والذي ينبغي الإجابة عليه بكل تعقل وواقعية ، لو أن الدولة واجهت الشباب واندلعت أعمال العنف من قبل الإرهابيين منهم فمن الخاسر ؟ .
لو حصلت المواجهة فإن الخاسر الوحيد في هذه المواجهة هي الدولة بالطبع ، لأن اقتصادها سينهار وسوف يزداد حجم الدين الداخلي ، وميزانيتها التي تعاني من عجز في الإنفاق العام سوف تزيدها المواجهات عجزاً لسببين الأول : ضعف الاستثمارات في البلاد بسبب الاضطراب السياسي والعسكري ، والثاني : استهلاك الإنفاق الأمني والعسكري لمعظم دخل البترول لقمع ومواجهة الأعمال الإرهابية التي ربما تستنزف كل مقدرات البلاد .
ونظيف لهذين السببين عاملين مؤثرين مهمين :
أولهما : فقدان الحكومة للتأييد الشعبي ، فلن ينال رجال الأمن الذين سيتولون ملاحقة أبناء البلد وقتلهم لن ينالوا التأييد لهذا العمل ، وذلك لأن الكثير من الشعب يرى أن هؤلاء الإرهابيين مجاهدون أبطال خاضوا الحروب من أجل شرف الأمة ، وبالتالي فإنهم لن يقفوا مع الدولة لقتل وسجن هؤلاء بسبب ما يرونه تنفيذا لأوامر الحكومة الأمريكية ، ولنكن واقعيين في نظرتنا ولا يأخذنا بغض ابن لادن إلى الإقدام على حسابات خطيرة وخاطئة ، والواقع يؤكد أن الغالبية العظمى من أبناء شعبنا يرون أن ابن لادن بطل إسلامي وقائد للجهاد في هذا العصر ، و تصل نسبة من يرون هذا الرأي إلى 87% من أبناء البلد دون مبالغة ، ولو أتحتم إجراء استفتاء مستقل دون ضغوط لبان لنا أن هذه النسبة المذكورة أقل من الحقيقة ، وهذا يعني أن الشعب سيقف إما مؤيداً لأتباع ابن لادن في حال اندلاع الحرب أو محايداً خوفاً من الدولة .
السبب الثاني : أن الدولة سوف تستخدم في مواجهتها للإرهابيين رجال الأمن ، ورجال الأمن هم من أبناء هذا البلد وهم داخلون في النسبة المؤيدة لابن لادن ، وبحكم قربنا من السلك العسكري فلدينا تأكيد أن ما يقرب من نصف رجال الأمن في البلاد يحبون ابن لادن ولن يقفوا فعلياً ضده أو ضد أتباعه سواءً برغبتهم أو بضغوط ذويهم ، وإن أظهروا صورياً خلاف ذلك ، وهذا يعني أن الدولة ستخسر أكثر من نصف رجال أمنها لو قررت الدخول في مواجهة عسكرية مع هؤلاء ، ويبقى النصف الآخر الذي ستلعب المخدرات وحب الدنيا الدور الأكبر في إخراجهم من المعركة أو إخراج أكثرهم ، وسمو الأمير محمد بن نايف يعلم أن 70% تقريباً ممن أخذت عينات من دمائهم من صف الضباط كانت تحتوي على المخدرات وهو يعلم أيضاً أن ولاء الغالبية منهم لكم هو من أجل الدنيا .
إذاً الانهيار الاقتصادي وضعف ميزانية الدولة عن الإنفاق على مواجهة ربما تدوم سنوات ، وخسارتها لأهم عوامل المواجهة وهما الشعب المؤيد لمن يعتقد أنهم مجاهدون ، و لرجال أمنها ، هذه العوامل في ظننا أنها سوف تدفع الدولة إلى الاستعانة بالدول الشقيقة أو الصديقة لقمع أبناء البلد ، وهذا الحال سيزيد الأمر تعقيداً وسيزيد الغليان الشعبي والتمرد من رجال الأمن ، ولن يقدم حلاً بل سيقدم الدمار والخراب للبلاد .
ولنضع النقاط على الحروف ونتحدث عن الإرهابيين في حال حصول المواجهة معهم ، فهل سيخسرون شيئاً يذكر أم أنهم يعتقدون النصر في كل أحوالهم ؟ . إن الإرهابيين لن يخسروا شيئاً لسببين :
الأول : أن شباب هذا البلد هم أكثر شباب العالم الإسلامي دخولاً في الحروب الطائفية في العالم ، وقد امتلأت أفغانستان بهم منذ التدخل السوفيتي بها ، وقد غصت البوسنة بتوافدهم ولم تستطع الدول المحيطة بالبوسنة منع توافدهم ، وتم تدويل الحرب الروسية الشيشانية الأولى على يد أحد رموز الإرهاب المعروف بخطاب من أبناء السويلم من هذه البلاد ، ولا زالوا هم أكثر الجنسيات التي تتوافد للمشاركة في النزاعات العرقية في العالم التي تأخذ الطابع الإسلامي من أحد طرفيها ، فهم أكثر الشباب إقداماً على الحروب وحباً لما يعتقدون أنه موت في سبيل الله ، وبسبب خبرتهم في الحرب وحبهم لها ، وتدربهم على فنون القتال الذي يفوق تدريبات الأركان في قواتنا الخاصة حسب تقيمنا للدورات العسكرية لدى الطرفين ، وإتقانهم لحرب لا تحسن الجيوش النظامية التعامل معها وهي حروب العصابات التي مارسوها لسنوات ، كل هذه العوامل ستجعل من النكاية بهم والقضاء عليهم أمراً بالغ الصعوبة في مثل هذه البلاد .
ثانياً : إن تعامل أجهزة الأمن مع مجرم لم يدفعه لإجرامه إلا حب الدنيا والانغماس في الشهوات ، يفترق تماماً عن التعامل مع شاب خاض غمار الحرب ، وهو يعد الموت في سبيل الله خيراً له من أن يعيش ملكاً فضلاً عن العيش ذليلاً مطارداً أو سجيناً يهان على أيدي رجال الأمن ، فالشاب منهم لو دفع للمواجهة فسيكون رجل حرب كما عهد نفسه في أرض المعركة ، وأهم دافع لإقدامه سيكون اعتقاده أنه لو قتل فهو شهيد ، وقد أفتى لهم منظروهم بذلك ، أمثال الشعيبي وغيره وقالوا بأن من قتل في مواجهة مع رجل الأمن إذا داهم بيته أو أراد اعتقاله فهو شهيد ، وقد استدلوا بنص نبوي يفيد بأن من قتل دون ماله أو عرضه أو دينه أو مظلمته فهو شهيد ، بغض النظر هل من أسماه المنظرون صائلاً كان مسلماً أو كافراً ، ومهما حاول علماؤنا الرسميون أن يثبتوا خطأ هذه الفتوى فلن يفلحوا لأن طبيعة البشر تميل إلى الاستقلال وأخذ الحق باليد ، ولن يفلح علماؤنا أيضاً لأن الشباب لا يعتدون بأي شيخ رسمي ويطلقون عليهم ( علماء السلطان ) أو ( علماء السوء ) - مع الاعتذار لعلمائنا ولكننا هنا نحكي الحال – .
إذاًَ الشباب لهم منظروهم ولن يعدموا أبداً من ينظر لهم ويفتيهم ، وقد عايشنا قبل عشر سنوات رموزاً للشباب صعدوا المواجهة مع الدولة حتى اضطرت الدول لاعتقالهم وإيداعهم السجن تأديباً لهم ، ونفع هذا الاعتقال مع المعتقلين سوى واحد لازال رهن الاعتقال ، إلا أنهم بعد خروجهم لم يعودوا قادة الشباب و رموزاً لهم بل إن الشباب صدروا آخرين لقيادتهم وتخلوا عن القدامى واتهموهم بالمداهنة والانبطاح للحكومة فلم يعد لهم قيمة بين الشباب أبداً وخاصة من أطلقوا على أنفسهم ( شباب الجهاد ) فاعتقال رموز الشباب لن ينهي المشكلة حيث سيوجد الشباب والواقع غيرهم دون عناء ، فالشباب هم أساس القضية ، ومواجهة الشباب هي التي نتحدث عن مخاطرها في هذه الرسالة ، وأنتم تلاحظون أننا كنا نعاني من جيل صراع الأفغان مع السوفييت ، وبعد تقدم العمر بهذا الجيل أصبحنا نعاني من جيل جديد يسير على نفس النمط وهو جيل الحرب الطائفية الأفغانية أو البوسنية أو الشيشانية ، ولو تقدم العمر بهؤلاء أو استطعنا القضاء عليهم ، فهناك جيل آخر سيخرج لنا ربما يكون جيل حرب العراق القادمة وهكذا ، فالمشكلة هي مشكلة فكر لدى الشباب يغذى هذا الفكر بنصوص شرعية حرفوا فهمها بالطريقة التي يرون أنها علاج لهذا الضغط العالمي المتزايد عليهم ، وبهذا فإن الأمر ليس مقتصراً على رموز إذا أسكتت فقد انتهى هذا الفكر فالمشكلة أكبر من ذلك .
ونعود لما بدأنا به هذه النقطة فنقول إن مواجهة الشباب الذين يعدون قتالهم لرجال الأمن جهاداً وموتهم في هذا السبيل شهادة ، يختلف تماماً عن مواجهة المجرمين الذين لم تدفعهم مثل هذه الاعتقادات للمواجهة .
وتذكروا ماذا فعل ( رشاش العتيبي ) ومن معه بالدولة ، وهم الذين لا يعرفون التكتيك العسكري ولم يتدربوا على أساليب حرب العصابات والنسف والتخريب وصناعة المتفجرات والسموم كهؤلاء الشباب ، ولم تدفعهم عقيدتهم لهذه الأعمال ، فكيف لنا أن نواجه من تدربوا على أعلى أساليب حرب العصابات ، ويعتقد من دفع للمواجهة منهم أنه سيموت شهيداً في سبيل الله ولو برصاص رجال الأمن المسلمون ؟ .
السؤال الثاني : قلنا بأن عوامل مواجهة الدولة للشباب منفردة ضعيفة جداً لن تمكنها من الانتصار لأسباب أسلفنا ذكر بعضها ، وهذا سيدفع الدولة كما قلنا إلى الاستعانة بالدول الشقيقة ، إلا أن الدول الشقيقة لن تحل القضية لأن أقوى الدول الشقيقة المجاورة لنا مثل مصر واليمن وسوريا والأردن وغيرها تعاني من جماعات عسكرية إرهابية لم تستطع القضاء عليها حتى الآن ، وهي ترى أن كمون بعضها هو إعداد لإعادة المواجهة من جديد ولا يمكن لها أن تغفل عنها لتتدخل معنا لمواجهة الإرهاب عندنا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد :-
أصحاب السمو الأمراء ، نحن ثلة من أبنائكم من أصحاب التخصصات العسكرية والسياسية والإدارية ، نكتب إليكم هذا النداء من منطلق النصح والإشفاق على هذا البلد ، نكتب إليكم هذا النداء في هذا الظرف العصيب الذي تمر به بلادنا ودول المنطقة ، نكتب إليكم في ظل فتنة قد أطلت ربما تعصف ببلادنا إذا لم نتدارك أمرها ، ولم نخصكم أصحاب السمو بالذكر من غيركم إلا لأننا نرى أن وزارة الداخلية إما أن تكون صمام أمان وتكف الشر عن هذه البلاد ، أو تشعل الفتنة الداخلية التي لن تستطيع السيطرة عليها فيما بعد .
أصحاب السمو الأمراء إن كل متابع لما تقوم به وزارة الداخلية وخاصة جهاز المباحث العامة ضد أبناء هذا البلد وإن كانوا على خطأ ، لا يمكن أبداً أن يصدق أن القيادة العليا لهذا الجهاز تدرك مدى الخطر الذي سيلحق بالبلاد جراء هذه التصرفات ، فجهاز المباحث يدفع الشباب دفعاً وبكل عنف إلى المواجهة ، والأغرب من ذلك أن وزارة الداخلية تحمل الشباب وذهابهم إلى أفغانستان تحملهم أسباب هذه المواجهة ، إن الذي دفع الشباب للقتال في الحرب الطائفية الأفغانية هي الدولة ، و الشباب لم يذهبوا لأفغانستان ومواطن الصراع بعد أحداث سبتمبر ، ولكنهم ذهبوا قبل عشرين سنة وحتى يومنا هذا ، وما تلقاه الشباب من تدريب قبل عشرين سنة هو ما تلقاه من ذهب بعد الأحداث ، فما يتلقاه الشباب في أفغانستان لم يتغير وأنتم على علم بذلك ، ولكن نظرة أمريكا لأفغانستان هي التي تغيرت وبالتالي فإن نظرة وزارات الداخلية العربية تغيرت تبعاً لتغير نظرة أمريكا .
إننا لو حاولنا أن نفهم مدى الحرص على دفع الشباب للمواجهة من حيث تعلمون أو لا تعلمون ، فإننا سنفشل في فهمنا لدوافع هذا الحرص ، فلم نر أية مصلحة للبلاد من اعتقال الشباب وتعذيبهم وإهانتهم ومصادرة أموالهم ومداهمة بيوتهم واعتقال أقاربهم للضغط عليهم ليسلموا أنفسهم ، وإصدار التعاميم المتكررة بالقبض على بعضهم أو قتله إذا لزم الأمر ، فما هي المصلحة لأن يدفع الشباب بمثل هذه الأفعال إلى مواجهة الدولة ؟ ، فليست هذه الإجراءات هي الطريقة الوحيدة لمواجهة خطر البعض منهم .
نحن نكذب على أنفسنا إذا قلنا بأن الدافع لهذه الإجراءات من قبل الوزارة ضد الشباب هو أمن البلاد لما سنذكره لاحقاً من عواقب ، ولكن ربما يكون الدافع إرضاء أمريكا والمجتمع الدولي كما جاء ذلك صريحاً في تصريحات عادل الجبير مستشار صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله ، وجاء ذلك واضحاً من البيان الرسمي الذي صدر بعد المؤتمر الذي عقده المستشار ورصد البيان جميع الإنجازات السعودية لمحاربة الإرهاب قبل أحداث سبتمبر وحتى يومنا هذا ، ولنا أن نقف قليلاً لتدبر عواقب دفع الشباب للمواجهة فنقول :- لاشك أنكم تعلمون حفظكم الله أن أمريكا ليس لها صديق ، وليس لها توجه ثابت تجاه أية قضية ، سوى ثباتها على إقامة دولة إسرائيل الكبرى وأمنها ، فما تعلن أمريكا اليوم أنها ملتزمة به يمكن لها أن تتنكر له غداً ، ولهذا السبب يصبح التعويل على أمريكا رهان خاسر لا يجني للبلاد أية مصلحة قريبة ولا بعيدة ، وقد ظهر هذا واضحاً عندما صرح عدد من الساسة الأمريكيين بأن الروابط السعودية الأمريكية هي روابط المصالح المادية فحسب ، ولهذا لو أن غيركم أمّن لهم هذه المصالح هنا فلا مانع عندهم من التخلي عنكم ودعم غيركم ، ونظن أن هذا ليس بجديد ، ولكن الجديد في الأمر أن التصريحات الأمريكية الأخيرة الرسمية منها والإعلامية كلها تفيد بأن أمريكا تريد نمطاً خاصاً تسيّر به هذه البلاد رضي الشعب وولاة أمرها أم لم يرضوا .
والسؤال الأهم والذي ينبغي الإجابة عليه بكل تعقل وواقعية ، لو أن الدولة واجهت الشباب واندلعت أعمال العنف من قبل الإرهابيين منهم فمن الخاسر ؟ .
لو حصلت المواجهة فإن الخاسر الوحيد في هذه المواجهة هي الدولة بالطبع ، لأن اقتصادها سينهار وسوف يزداد حجم الدين الداخلي ، وميزانيتها التي تعاني من عجز في الإنفاق العام سوف تزيدها المواجهات عجزاً لسببين الأول : ضعف الاستثمارات في البلاد بسبب الاضطراب السياسي والعسكري ، والثاني : استهلاك الإنفاق الأمني والعسكري لمعظم دخل البترول لقمع ومواجهة الأعمال الإرهابية التي ربما تستنزف كل مقدرات البلاد .
ونظيف لهذين السببين عاملين مؤثرين مهمين :
أولهما : فقدان الحكومة للتأييد الشعبي ، فلن ينال رجال الأمن الذين سيتولون ملاحقة أبناء البلد وقتلهم لن ينالوا التأييد لهذا العمل ، وذلك لأن الكثير من الشعب يرى أن هؤلاء الإرهابيين مجاهدون أبطال خاضوا الحروب من أجل شرف الأمة ، وبالتالي فإنهم لن يقفوا مع الدولة لقتل وسجن هؤلاء بسبب ما يرونه تنفيذا لأوامر الحكومة الأمريكية ، ولنكن واقعيين في نظرتنا ولا يأخذنا بغض ابن لادن إلى الإقدام على حسابات خطيرة وخاطئة ، والواقع يؤكد أن الغالبية العظمى من أبناء شعبنا يرون أن ابن لادن بطل إسلامي وقائد للجهاد في هذا العصر ، و تصل نسبة من يرون هذا الرأي إلى 87% من أبناء البلد دون مبالغة ، ولو أتحتم إجراء استفتاء مستقل دون ضغوط لبان لنا أن هذه النسبة المذكورة أقل من الحقيقة ، وهذا يعني أن الشعب سيقف إما مؤيداً لأتباع ابن لادن في حال اندلاع الحرب أو محايداً خوفاً من الدولة .
السبب الثاني : أن الدولة سوف تستخدم في مواجهتها للإرهابيين رجال الأمن ، ورجال الأمن هم من أبناء هذا البلد وهم داخلون في النسبة المؤيدة لابن لادن ، وبحكم قربنا من السلك العسكري فلدينا تأكيد أن ما يقرب من نصف رجال الأمن في البلاد يحبون ابن لادن ولن يقفوا فعلياً ضده أو ضد أتباعه سواءً برغبتهم أو بضغوط ذويهم ، وإن أظهروا صورياً خلاف ذلك ، وهذا يعني أن الدولة ستخسر أكثر من نصف رجال أمنها لو قررت الدخول في مواجهة عسكرية مع هؤلاء ، ويبقى النصف الآخر الذي ستلعب المخدرات وحب الدنيا الدور الأكبر في إخراجهم من المعركة أو إخراج أكثرهم ، وسمو الأمير محمد بن نايف يعلم أن 70% تقريباً ممن أخذت عينات من دمائهم من صف الضباط كانت تحتوي على المخدرات وهو يعلم أيضاً أن ولاء الغالبية منهم لكم هو من أجل الدنيا .
إذاً الانهيار الاقتصادي وضعف ميزانية الدولة عن الإنفاق على مواجهة ربما تدوم سنوات ، وخسارتها لأهم عوامل المواجهة وهما الشعب المؤيد لمن يعتقد أنهم مجاهدون ، و لرجال أمنها ، هذه العوامل في ظننا أنها سوف تدفع الدولة إلى الاستعانة بالدول الشقيقة أو الصديقة لقمع أبناء البلد ، وهذا الحال سيزيد الأمر تعقيداً وسيزيد الغليان الشعبي والتمرد من رجال الأمن ، ولن يقدم حلاً بل سيقدم الدمار والخراب للبلاد .
ولنضع النقاط على الحروف ونتحدث عن الإرهابيين في حال حصول المواجهة معهم ، فهل سيخسرون شيئاً يذكر أم أنهم يعتقدون النصر في كل أحوالهم ؟ . إن الإرهابيين لن يخسروا شيئاً لسببين :
الأول : أن شباب هذا البلد هم أكثر شباب العالم الإسلامي دخولاً في الحروب الطائفية في العالم ، وقد امتلأت أفغانستان بهم منذ التدخل السوفيتي بها ، وقد غصت البوسنة بتوافدهم ولم تستطع الدول المحيطة بالبوسنة منع توافدهم ، وتم تدويل الحرب الروسية الشيشانية الأولى على يد أحد رموز الإرهاب المعروف بخطاب من أبناء السويلم من هذه البلاد ، ولا زالوا هم أكثر الجنسيات التي تتوافد للمشاركة في النزاعات العرقية في العالم التي تأخذ الطابع الإسلامي من أحد طرفيها ، فهم أكثر الشباب إقداماً على الحروب وحباً لما يعتقدون أنه موت في سبيل الله ، وبسبب خبرتهم في الحرب وحبهم لها ، وتدربهم على فنون القتال الذي يفوق تدريبات الأركان في قواتنا الخاصة حسب تقيمنا للدورات العسكرية لدى الطرفين ، وإتقانهم لحرب لا تحسن الجيوش النظامية التعامل معها وهي حروب العصابات التي مارسوها لسنوات ، كل هذه العوامل ستجعل من النكاية بهم والقضاء عليهم أمراً بالغ الصعوبة في مثل هذه البلاد .
ثانياً : إن تعامل أجهزة الأمن مع مجرم لم يدفعه لإجرامه إلا حب الدنيا والانغماس في الشهوات ، يفترق تماماً عن التعامل مع شاب خاض غمار الحرب ، وهو يعد الموت في سبيل الله خيراً له من أن يعيش ملكاً فضلاً عن العيش ذليلاً مطارداً أو سجيناً يهان على أيدي رجال الأمن ، فالشاب منهم لو دفع للمواجهة فسيكون رجل حرب كما عهد نفسه في أرض المعركة ، وأهم دافع لإقدامه سيكون اعتقاده أنه لو قتل فهو شهيد ، وقد أفتى لهم منظروهم بذلك ، أمثال الشعيبي وغيره وقالوا بأن من قتل في مواجهة مع رجل الأمن إذا داهم بيته أو أراد اعتقاله فهو شهيد ، وقد استدلوا بنص نبوي يفيد بأن من قتل دون ماله أو عرضه أو دينه أو مظلمته فهو شهيد ، بغض النظر هل من أسماه المنظرون صائلاً كان مسلماً أو كافراً ، ومهما حاول علماؤنا الرسميون أن يثبتوا خطأ هذه الفتوى فلن يفلحوا لأن طبيعة البشر تميل إلى الاستقلال وأخذ الحق باليد ، ولن يفلح علماؤنا أيضاً لأن الشباب لا يعتدون بأي شيخ رسمي ويطلقون عليهم ( علماء السلطان ) أو ( علماء السوء ) - مع الاعتذار لعلمائنا ولكننا هنا نحكي الحال – .
إذاًَ الشباب لهم منظروهم ولن يعدموا أبداً من ينظر لهم ويفتيهم ، وقد عايشنا قبل عشر سنوات رموزاً للشباب صعدوا المواجهة مع الدولة حتى اضطرت الدول لاعتقالهم وإيداعهم السجن تأديباً لهم ، ونفع هذا الاعتقال مع المعتقلين سوى واحد لازال رهن الاعتقال ، إلا أنهم بعد خروجهم لم يعودوا قادة الشباب و رموزاً لهم بل إن الشباب صدروا آخرين لقيادتهم وتخلوا عن القدامى واتهموهم بالمداهنة والانبطاح للحكومة فلم يعد لهم قيمة بين الشباب أبداً وخاصة من أطلقوا على أنفسهم ( شباب الجهاد ) فاعتقال رموز الشباب لن ينهي المشكلة حيث سيوجد الشباب والواقع غيرهم دون عناء ، فالشباب هم أساس القضية ، ومواجهة الشباب هي التي نتحدث عن مخاطرها في هذه الرسالة ، وأنتم تلاحظون أننا كنا نعاني من جيل صراع الأفغان مع السوفييت ، وبعد تقدم العمر بهذا الجيل أصبحنا نعاني من جيل جديد يسير على نفس النمط وهو جيل الحرب الطائفية الأفغانية أو البوسنية أو الشيشانية ، ولو تقدم العمر بهؤلاء أو استطعنا القضاء عليهم ، فهناك جيل آخر سيخرج لنا ربما يكون جيل حرب العراق القادمة وهكذا ، فالمشكلة هي مشكلة فكر لدى الشباب يغذى هذا الفكر بنصوص شرعية حرفوا فهمها بالطريقة التي يرون أنها علاج لهذا الضغط العالمي المتزايد عليهم ، وبهذا فإن الأمر ليس مقتصراً على رموز إذا أسكتت فقد انتهى هذا الفكر فالمشكلة أكبر من ذلك .
ونعود لما بدأنا به هذه النقطة فنقول إن مواجهة الشباب الذين يعدون قتالهم لرجال الأمن جهاداً وموتهم في هذا السبيل شهادة ، يختلف تماماً عن مواجهة المجرمين الذين لم تدفعهم مثل هذه الاعتقادات للمواجهة .
وتذكروا ماذا فعل ( رشاش العتيبي ) ومن معه بالدولة ، وهم الذين لا يعرفون التكتيك العسكري ولم يتدربوا على أساليب حرب العصابات والنسف والتخريب وصناعة المتفجرات والسموم كهؤلاء الشباب ، ولم تدفعهم عقيدتهم لهذه الأعمال ، فكيف لنا أن نواجه من تدربوا على أعلى أساليب حرب العصابات ، ويعتقد من دفع للمواجهة منهم أنه سيموت شهيداً في سبيل الله ولو برصاص رجال الأمن المسلمون ؟ .
السؤال الثاني : قلنا بأن عوامل مواجهة الدولة للشباب منفردة ضعيفة جداً لن تمكنها من الانتصار لأسباب أسلفنا ذكر بعضها ، وهذا سيدفع الدولة كما قلنا إلى الاستعانة بالدول الشقيقة ، إلا أن الدول الشقيقة لن تحل القضية لأن أقوى الدول الشقيقة المجاورة لنا مثل مصر واليمن وسوريا والأردن وغيرها تعاني من جماعات عسكرية إرهابية لم تستطع القضاء عليها حتى الآن ، وهي ترى أن كمون بعضها هو إعداد لإعادة المواجهة من جديد ولا يمكن لها أن تغفل عنها لتتدخل معنا لمواجهة الإرهاب عندنا