خالد الوليدي
21-01-2003, 06:57 PM
((لعل ما بات مثيرا لدهشة واستغراب المواطن العربي اليوم وأكثر من أي وقت مضى يكمن في مدى عجز الانظمة العربية الرسمية وحكامها الذين يربو عددهم عن 20 عشرين حاكما وباسماء والقاب مختلفة , في مقابل ما فعله رئيس دولة واحدة اسمه كيم ايل جونغ عندما طرد موظفي الوكالة الدولية للطاقة النووية من بلاده , معتبراً ذلك يقع في سياق المحافظة على كرامة مواطني شمال كوريا التي هي فوق كل الحسابات , وفوق كل الاعتبارات , الآنية منها والمستقبلية , وعندما رأى أن ذلك يأتي في اطار مواجهة محاولات الاستكبار الامريكي وطغيانها الرامي الى بقاء كوريا الشمالية دولة لاحول لها ولاقوة تسبح في الفلك الامريكي وتسّبح باسمه .فإذا كان الحكام العرب الذين يمارسون السلطات السياسية والاقتصادية والعسكرية المطلقة وعبر فترات متفاوتة منذ 30 سنة من الذين رفضوا أي شكل من اشكال التحدي ومواجهة التحديات التي تواجه الانسان العربي , بما في ذلك رفض أي شكل من الاتحاد أو الوحدة السياسية أو الاقتصادية , بل رفضوا فتح الحدود أمام تطوع المواطن العربي للدفاع عن الانسان الفلسطيني الذي يُذبح في كل المواسم على يد الصهيونية العالمية , قد باتوا عاجزين عن أي رد فعل من شأنه أن يوقف العدوان الامريكي على المنطقة بصوت واضح ومسموع فان التمادي في هذا العجز بعد اليوم عجزا كارثيا سيقود الى اعادة صياغة للذاكرة العربية والدينية بما يخلق هيمنة امريكية فكرية وهي الكفيلة وحدها بجعل المواطن العربي يستسيغ الهيمنة الامريكية عسكريا واقتصاديا . وبتعبير آخر فإن الاستعدادات والحشودات العسكرية الامريكية لغزو المنطقة العربية عسكريا يستدعي بالضرورة توفير عنصر الاستقرار الامريكي في المنطقة الذي يتطلب في المقابل مشروعا امريكيا ثقافيا !! وتسويقه في اطار ادعاءات تنمية الحرية والديمقراطية في المنطقة , وهو مشروع أخذ الامريكيون في قرع الطبول له في محاذاة وتواز مع قرع طبول الحرب سواء بسواء . المواطن العربي الذي لم يجد اليوم في حكامه سوى تشويه لتاريخه ونضالاته يعي تماما بأن امريكا لن تدعم حريته أو ديمقراطيته , لأن في ذلك تحرير لإرادته بما يقود الى وقوفه ضد فرض الامركة في المنطقة , وضد الوجود الصهيوني بفلسطين والوقوف ضد استهداف صندوق النقد والبنك الدوليين للإقتصاديات العربية وعدم مسايرة سياسات منظمة التجارة العالمية وبرامج العولمة . الرئيس الكوري الشمالي الذي جعل الادارة الامريكية ( تنكمش ) داخل جحرها وتطلب وده عندما تركت أي شكل من اشكال التهديد جانبا واستجابة لبعض المطالب الكورية بشأن تشغيل المعامل النووية الكورية يكشف في نفس الوقت عن مدى فضاعة العجز الرسمي العربي وانهم في طريقهم الى الحاق أم الهزائم بالانسان العربي , ودون أن تتاح له فرصة دخول المعركة .. هذا الانسان الذي يذبح كالشاة في زرائب اقطاره التي تكاد أن تكون اليوم اشبه بولايات امريكية .))
((عن صحيفة الزحف الاخضر))
((عن صحيفة الزحف الاخضر))