mustafa Bekhit
28-01-2003, 10:40 AM
تقول الكاتبة الفرنسية كرستين ديلان:
(( إن الحرب (النظيفة) تقوم على استراتيجية التصويب العسكري الدقيق واستخدام أدوات التسلح الإلكتروني الذكي مع تجنب الاحتكاك العسكري المباشر على الطريقة التقليدية المعروفة في الحروب النظامية على أرض الميدان.
بيد إن حرب الخليج من جهة أخرى كانت حرباً (قذرة) بكل معنى الكلمة استعملت فيها أخطر أنواع الأسلحة وأكثرها فتكاً بالبشر والبيئة وكل الكائنات الحية، وهي أسلحة لم يشهد لها مثيل في الحروب الإقليمية والدولية السابقة )).
كانت هذه الحرب القذرة حقل تجارب حية لاختبار فاعلية آخر صناعات الآلة العسكرية الأمريكية، ولم تكن مادتها الاختبارية الجيش العراقي فحسب بل الشعب العراقي أيضاً.
الوجه الآخر للحرب كما شهده العالم .. كان جحيماً مشتعلاً التهم الأخضر واليابس وخلَّفَ وراءه من البشاعات والكوارث التي ستظل الأجيال القادمة ولقرون متتالية تُعاني من آثارها الكارثية على البيئة وأرواح البشر وسلامتهم الجسدية.
-لقد نفذت طائرات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، ما يزيد عن (100) الف طلعة جوية على امتداد (43) يوماً عام 1991، حسب التقرير الرسمي الذي قدمته وزارة الدفاع الأمريكية للكونغرس في شهر نيسان 1992.
-وفي عملية خرق واضح للاتفاقيات الدولية تم استخدام (قنابل النابالم) ضد الجيش العراقي سواء في الثكنات أو الخنادق الأرضية ـ تلك القنابل الفتّاكة لم يتم استخدامها منذُ حرب الفيتنام.
-كما أن (القنابل الإنشطارية) القاتلة المحظورة دولياً والتي استخدمت للمرة الأولى في حرب فيتنام، تم استعمالها هذه المرة ضد العراق بشكل أكثر تعقيداً، إذ أصبح بمقدور كل قنبلة منها الانقسام إلى مئات من القنابل الصغيرة وإحداث آلاف الانفجارات عند ملامسة الجو. وقد بلغ استخدام ما بين (60) الفاً و (80) الفاً من هذه القنابل ضد السكان المدنيين العراقيين وقتل ما لا يقل عن (52) الف شخص ـ حسبما أعلنت عنه السلطات العسكرية الأمريكية نفسها في الطريق الذي يربط بين الكويت ومدينة البصرة جنوبي العراق ـ إذ تم قصف ما سُميَّ بطريق الموت رغم الإعلان الرسمي عن وقف إطلاق النار من طرف القوات الأمريكية ـ.
-وإلى جانب (القنابل الخانقة) التي تُعدّ علامة بارزة على التجديد العسكري الذي أدخلته الإدارة الأمريكية ضمن ترسانتها التسليحية .. تم استخدام القنابل الموجهة بالليزر لاختراق المخابئ الأرضية الحصينة للجيش العراقي وكانت كارثة هذا السلاح جريمة ملجئ العامرية التي راح ضحيتُها أكثر من (400) مواطن .. أطفال ونساء وشيوخ!!
منذُ أواخر عام 1991 بدأ مشهد الحرب المدمرة والقذرة يتضح حين نشرت صحيفة الغارديان البريطانية، مقالاً تحت عنوان (دفن جنود عراقيين وهم أحياء)، نقلاً عن ضباط أمريكيين:
فقد قال العقيد الأمريكي (بانتوني مارينو) قائد الوحدة الثانية في الجيش الأمريكي:
(( من المحتمل أن نكون قد قتلنا آلاف الجنود العراقيين .. وأضاف،
إنه رأى العديد من اذرع الجنود العراقيين الماسـكة بالسلاح
وهي تتململ تحت التراب ))!!
هذه المعطيات البشعة للحرب القذرة التي تَعرَّضَ لها العراق قد كشفت في جانب منها أعراض مرض الخليج التي اجتاحت أجسام آلاف من جنود قوات التحالف في شكل سرطانات مختلفة وأمراض رئوية وضعف الذاكرة واضطراب السلوك والاختلالات العصبية إلى جانب أعراض فقدان التغذية التي بدت على مواليد الجنود الذين شاركوا في الحرب.
وبالرغم من التستر والتكتم الذي يُبديـه القادة السياسيون والعسكريون الأمريكان بشأن هذه الجرائم البشعة ضد الشعب العراق إلاَّ أن آثار الجريمة صارخة وفاضحة إلى الحد الذي لا يمكن إخفاؤه .. وهي جريمة استخدام الأسلحة المُحرّمة دولياً بما في ذلك الأسلحة الكيمياوية والسامة والإشعاعية واليورانيوم المنضب وغيرها من الأسلحة الفتّاكة.
ثانياً: كيف يُفكّر القادة الأمريكيون:
يقول كولـن باول ..
(( ما الفرق بين أن تقتل عدُّوَك أو تَمِيتَهُ مِنَ الجُوع ))!!
كان الجنرال كولن باول رئيساً للأركان العامة أبان الاجتياح الأمريكي لبنمـا وهو الذي اقترح العملية .. وكانت محصلة ضحايا بنما (4000) قتيل معظمهم من الفقراء السود الذين يقطنون الأكواخ، وجربت في هذه الحرب أسلحة جديدة، حتى إنه دفن الكثير من القتلى قبل تعرف أهلهم عليهم. وبهدف تغطية المجازر عمدت الإدارة الأمريكية إلى القيام بحملة إعلامية مُكثفة.
يقول الجنرال باول وهو الذي يؤمن بمبدأ استعمال القوة المفرطة:
(( إنه سيقصف السدود على نهري دجلة والفرات بهدف إغراق بغداد ))!!
وفعلاً ضربت (8) سدود و (4) محطات للمياه خلال فترة العدوان على العراق. وعندما سئل الجنرال الوزير باول عن عدد القتلى في حرب الخليج قال:
(( إنه بالفعل رقم لست مُهتماً به إطلاقـاً )).!!
ولكن العالم كله يعلم ويتذكر ما يُسمّى بـ( طريق الموت ) عندما قصف الطيران الحربي الأمريكي الأرتال العراقية المنسحبة من الكـويت بعـد وقف إطلاق النار. حتى إن أحد الطيارين الأمريكيين قال عن هذا الطريق (( كان الأمر وكأنني أطلق النار على سمكة في برميل ))!!
ثالثاً: الأمريكيون يستخدمون الشعوب كحقول تجارب!!
لم تكن استخدامات الأمريكيين لتجارب صاروخية بذخائر اليورانيوم المنضب قد اقتصرت على العراق ومنطقة الخليج العربي وكذلك كوسوفو حين شن حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة الحرب ضد يوغسلافيا تحت اسم حرب البلقان .. إنما للأمريكيين سوابق في أماكن عديدة منذُ عام 1940، الأمر المهم والخطر في هذا الصدد يتوجب وضع الأمريكيين في دائرة الاتهام والإدانة الإجرامية المؤكدة ضد الإنسانية والعمل السريع على ضبط حركة المجرم ( أمريكا ) وإدانته من قبل المجتمع الدولي بكل الوسائل الممكنة والمتاحة.
السوابق الإجرامية الأمريكية .. أين وكيف؟!
1-قامت وزارة الدفاع الأمريكية ((البنتاغون)) بإجراء تجارب عسكرية منذُ عام 1940 في جزيرة (فييكس) في بورتوريكو التي تقع في البحر الكاريبي جنوب شرق كوبا وحتى عام 1999 حين احتج سكان الجزيرة وطالبوا الأمريكان بوقف التجارب وتنظيف بيئتهم من التلوث باليورانيوم المنضب.
وقد اعترف ناطق باسم البحرية الأمريكية بإطلاقهم (263) قذيفة يورانيوم منضب في عموم الجزيرة .. ومن أجل امتصاص الغضب الصارم للسكان، قامت القوات الأمريكية بتنظيف (57) موقعاً وتركت (206) موقعاً دون تنظيف..
قال الدكتور (دوغ روكه) المدير السابق لمشروع اليورانيوم المنضب:
(( إن البحرية الأمريكية تتنـكر لوعودهـا ))!!
وناشد في تصريح لوسائل الإعلام في 9/ شباط/2000 الجهات الأمريكية المعنية بوجوب القيام بعمليات التنظيف الكامل في جزيرة (فييكس) في بورتوريكو، وتوفير العناية الطبية لكل الذين اصابهم التلوث باليورانيوم المنضب!!
2-تجري القوات الأمريكية منذُ نهاية الحرب العالمية الثانية، تجارب على أسلحة اليورانيوم المنضب في أكبر قاعدة عسكرية لها قرب جزيرة (اوكيناوا) في أقصى جنوب غرب اليابان وهي تقع ضمن جزيرة (ريوكيو) اليابانية شرق بحر الصين الشرقي.
وقد نفذت قاذفات الجيت (AV-8B) التابعة للبحرية الأمريكية في أواخر عام 1995 بالقرب من (اوكيناوا) نحو (1520) طلعة جوية أجرت خلالها تجارب على ذخائر اليورانيوم المنضب ولم يبلغ الأمريكيون اليابانيين بألامر ولم يُقدموا أي تحذير لمخاطر استخدام هذا السلاح الفتّاك .. سوى اعتراف وزارة الدفاع الأمريكية في مقال نشر في واشنطن تايمز في 10 شباط1997 بإجراء تجاربها على أسلحة اليورانيوم المنضب بالقرب من (اوكيناوا).
وتحت ضغط الشعب الياباني قدم الأمريكيون الاعتذار إلى اليابان عن ذلك ووافقوا على إزالة ذلك السلاح من قواعدها العسكرية في (اوكيناوا)، والقيام بعمليات التنظيف في المناطق التي أجرت فيها تجاربها باستخدام هذا السلاح القاتل!!
وقد صرح ناطق باسم (البنتاغون) بأن الجيش الأمريكي نقل ذخائر اليورانيوم المنضب من (اوكيناوا) في اليابان تحت ضغط الحكومة والشعب الياباني إلى قواعده العسكرية في كوريا الجنوبية، التي لم تعلم بهذا الأمر وأن الولايات المتحدة بهذا التصرف قد عكست عدم اكتراثها بمشاعر الشعب الكوري والمخاطر التي تترتب على وجود مثل هذه الأسلحة المدمرة على أراضيه!!
3-اكتشف الكوريون الجنوبيون في آيار2000 إن القاذفات الأمريكية من نوع (A-10) تقوم بتدريبات على القصف بالقنابل في منطقة كون لي المعروفة منذُ خمسين عاماً مسرحاً لتجاربها بالقرب من قرية (هيانغ ري) وتبعد (55) ميلاً عن العاصمة سيئول في الجنوب الغربي منها.
ففـي 8 آيار2000 قصفت هذه الطائرات مناطق سكنية وزراعية خارج منطقة تجاربها مما تسببت بتدمير المنازل والمناطق الزراعية المحيطة بالمنطقة. تلك القاذفات كانت تستخدم ذخيرة اليورانيوم المنضب. وكانت المنطقة بمثابة مخزن لذخائر هذا السلاح الذي نقل إلى كوريا الجنوبية في شباط 1997 من قواعد الجيش الأمريكي في (اوكيناوا)!!
4-قال (ريك ستوبر) أحد سبعة أعضاء في فريق تابع لوزارة الدفاع الأمريكية الذي قام بأعداد تقرير عن بعض الذخائر المتروكة في ثلاثة مواقع عسكرية أُجريت فيها التجارب في (بنمـا):
(( قامت القوات الأمريكية بتجارب على هذا النوع من الأسلحة من عام 1960 إلى 1990 أطلقت خلالها نحو (120) مليون قذيفة وصاروخ ذخيرة اليورانيوم المنضب كتجارب في منطقة شاسعة من أراضي بنما)).
((وقد اعترفت واشنطن تحت ضغط الشعب البنمي ووسائل الأعلام بأن القوات الأمريكية (خزنت) في بنما قذائف من ذخيرة اليورانيوم المنضب لمعرفة مدى فاعلية تلك الذخيرة بعد تخزينهافي منطقة حارة مثل بنما))!!
وأضاف المستشار العسكري الأمريكي ريك ستوبر :
((إن ذلك يُحتم على القوات الأمريكية إجراء التجارب على تلك الذخيرة فيما بعد لمعرفة النتائج))!!
5-أتهم مركز العمل الدولي (IAC)، في وقت مبكر من العدوان الذي شنّهُ (الناتو) في الأول من نيسان 1999، الولايات المتحدة التي قادت الحلفاء باستخدام ذخائر اليورانيوم المنضب ضد الشعب اليوغسلافي.
-وكان ناطق رسمي باسم البنتاغون قد أخبر وسائل الأعلام مسبقاً بأن طائرات (A-10) استخدمت لضرب الدبابات الصربية في كوسوفو. وأعترف باستخدام ذخائر اليورانيوم المنضب عن طريق القصف بطائرات (A-10).
-كما أعترف (الناتو) باستخدام ذخائر اليورانيوم المنضب في العمليات العسكرية ضد يوغسلافيا في كوسوفو في 14/ تشرين أول/1999.
-قال مندوب الأمم المتحدة إلى كوسوفو بعد قصفها من قبل القوات الأمريكية في الناتو لمدة (78) يوماً:
(( إن المسؤولين في الناتو رفضوا التعاون معه فيما يتعلق بآثار التلوث بذخيرة اليورانيوم المنضب ورفضوا الاعتراف بذلك)).
كما أرسل اللورد (روبرتسون) أمين عام حلف الناتو رسالة إلى السيد كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة قال فيها:
((استخدم اليورانيوم المنضب عند مشاركة طائرات (A-10) في عمليات حلف الأطلسي. وإن مجموع الطلعات في استخدامه أثناء العمليات العسكرية بلغت (31) الف مرة، واستخدم في عدة مناطق في كوسوفو)).
كما استخدمت الولايات المتحدة ذخائر اليورانيوم المنضب ضد العراق عام 1991 وأعترفت بجريمتها في أواخر التسعينيات. وأعترف حلف (الناتو) بقصف البوسنة باليورانيوم المنضب عام 1995 وبقصف كوسوفو ويوغسلافيا بهذا السلاح عام 1999 خلال قيادتها لعمليات حلف الناتو العسكرية في البلقان.
إن الولايات المتحدة لا تُعير اهتماماً للحياة الإنسانية ولا لحقوق الإنسان والشعوب، كما لا تُعير اهتماماً للحروب والحصارات الاقتصادية باعتبارها أداة من أدوات الإبادة الجماعية، التي تقوم بالتخطيط لخلقها أو إشعالها في مختلف مناطق العالم. فهي امام الواقع الراهن مدانة بجرائم ضد الانسانية
(( إن الحرب (النظيفة) تقوم على استراتيجية التصويب العسكري الدقيق واستخدام أدوات التسلح الإلكتروني الذكي مع تجنب الاحتكاك العسكري المباشر على الطريقة التقليدية المعروفة في الحروب النظامية على أرض الميدان.
بيد إن حرب الخليج من جهة أخرى كانت حرباً (قذرة) بكل معنى الكلمة استعملت فيها أخطر أنواع الأسلحة وأكثرها فتكاً بالبشر والبيئة وكل الكائنات الحية، وهي أسلحة لم يشهد لها مثيل في الحروب الإقليمية والدولية السابقة )).
كانت هذه الحرب القذرة حقل تجارب حية لاختبار فاعلية آخر صناعات الآلة العسكرية الأمريكية، ولم تكن مادتها الاختبارية الجيش العراقي فحسب بل الشعب العراقي أيضاً.
الوجه الآخر للحرب كما شهده العالم .. كان جحيماً مشتعلاً التهم الأخضر واليابس وخلَّفَ وراءه من البشاعات والكوارث التي ستظل الأجيال القادمة ولقرون متتالية تُعاني من آثارها الكارثية على البيئة وأرواح البشر وسلامتهم الجسدية.
-لقد نفذت طائرات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، ما يزيد عن (100) الف طلعة جوية على امتداد (43) يوماً عام 1991، حسب التقرير الرسمي الذي قدمته وزارة الدفاع الأمريكية للكونغرس في شهر نيسان 1992.
-وفي عملية خرق واضح للاتفاقيات الدولية تم استخدام (قنابل النابالم) ضد الجيش العراقي سواء في الثكنات أو الخنادق الأرضية ـ تلك القنابل الفتّاكة لم يتم استخدامها منذُ حرب الفيتنام.
-كما أن (القنابل الإنشطارية) القاتلة المحظورة دولياً والتي استخدمت للمرة الأولى في حرب فيتنام، تم استعمالها هذه المرة ضد العراق بشكل أكثر تعقيداً، إذ أصبح بمقدور كل قنبلة منها الانقسام إلى مئات من القنابل الصغيرة وإحداث آلاف الانفجارات عند ملامسة الجو. وقد بلغ استخدام ما بين (60) الفاً و (80) الفاً من هذه القنابل ضد السكان المدنيين العراقيين وقتل ما لا يقل عن (52) الف شخص ـ حسبما أعلنت عنه السلطات العسكرية الأمريكية نفسها في الطريق الذي يربط بين الكويت ومدينة البصرة جنوبي العراق ـ إذ تم قصف ما سُميَّ بطريق الموت رغم الإعلان الرسمي عن وقف إطلاق النار من طرف القوات الأمريكية ـ.
-وإلى جانب (القنابل الخانقة) التي تُعدّ علامة بارزة على التجديد العسكري الذي أدخلته الإدارة الأمريكية ضمن ترسانتها التسليحية .. تم استخدام القنابل الموجهة بالليزر لاختراق المخابئ الأرضية الحصينة للجيش العراقي وكانت كارثة هذا السلاح جريمة ملجئ العامرية التي راح ضحيتُها أكثر من (400) مواطن .. أطفال ونساء وشيوخ!!
منذُ أواخر عام 1991 بدأ مشهد الحرب المدمرة والقذرة يتضح حين نشرت صحيفة الغارديان البريطانية، مقالاً تحت عنوان (دفن جنود عراقيين وهم أحياء)، نقلاً عن ضباط أمريكيين:
فقد قال العقيد الأمريكي (بانتوني مارينو) قائد الوحدة الثانية في الجيش الأمريكي:
(( من المحتمل أن نكون قد قتلنا آلاف الجنود العراقيين .. وأضاف،
إنه رأى العديد من اذرع الجنود العراقيين الماسـكة بالسلاح
وهي تتململ تحت التراب ))!!
هذه المعطيات البشعة للحرب القذرة التي تَعرَّضَ لها العراق قد كشفت في جانب منها أعراض مرض الخليج التي اجتاحت أجسام آلاف من جنود قوات التحالف في شكل سرطانات مختلفة وأمراض رئوية وضعف الذاكرة واضطراب السلوك والاختلالات العصبية إلى جانب أعراض فقدان التغذية التي بدت على مواليد الجنود الذين شاركوا في الحرب.
وبالرغم من التستر والتكتم الذي يُبديـه القادة السياسيون والعسكريون الأمريكان بشأن هذه الجرائم البشعة ضد الشعب العراق إلاَّ أن آثار الجريمة صارخة وفاضحة إلى الحد الذي لا يمكن إخفاؤه .. وهي جريمة استخدام الأسلحة المُحرّمة دولياً بما في ذلك الأسلحة الكيمياوية والسامة والإشعاعية واليورانيوم المنضب وغيرها من الأسلحة الفتّاكة.
ثانياً: كيف يُفكّر القادة الأمريكيون:
يقول كولـن باول ..
(( ما الفرق بين أن تقتل عدُّوَك أو تَمِيتَهُ مِنَ الجُوع ))!!
كان الجنرال كولن باول رئيساً للأركان العامة أبان الاجتياح الأمريكي لبنمـا وهو الذي اقترح العملية .. وكانت محصلة ضحايا بنما (4000) قتيل معظمهم من الفقراء السود الذين يقطنون الأكواخ، وجربت في هذه الحرب أسلحة جديدة، حتى إنه دفن الكثير من القتلى قبل تعرف أهلهم عليهم. وبهدف تغطية المجازر عمدت الإدارة الأمريكية إلى القيام بحملة إعلامية مُكثفة.
يقول الجنرال باول وهو الذي يؤمن بمبدأ استعمال القوة المفرطة:
(( إنه سيقصف السدود على نهري دجلة والفرات بهدف إغراق بغداد ))!!
وفعلاً ضربت (8) سدود و (4) محطات للمياه خلال فترة العدوان على العراق. وعندما سئل الجنرال الوزير باول عن عدد القتلى في حرب الخليج قال:
(( إنه بالفعل رقم لست مُهتماً به إطلاقـاً )).!!
ولكن العالم كله يعلم ويتذكر ما يُسمّى بـ( طريق الموت ) عندما قصف الطيران الحربي الأمريكي الأرتال العراقية المنسحبة من الكـويت بعـد وقف إطلاق النار. حتى إن أحد الطيارين الأمريكيين قال عن هذا الطريق (( كان الأمر وكأنني أطلق النار على سمكة في برميل ))!!
ثالثاً: الأمريكيون يستخدمون الشعوب كحقول تجارب!!
لم تكن استخدامات الأمريكيين لتجارب صاروخية بذخائر اليورانيوم المنضب قد اقتصرت على العراق ومنطقة الخليج العربي وكذلك كوسوفو حين شن حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة الحرب ضد يوغسلافيا تحت اسم حرب البلقان .. إنما للأمريكيين سوابق في أماكن عديدة منذُ عام 1940، الأمر المهم والخطر في هذا الصدد يتوجب وضع الأمريكيين في دائرة الاتهام والإدانة الإجرامية المؤكدة ضد الإنسانية والعمل السريع على ضبط حركة المجرم ( أمريكا ) وإدانته من قبل المجتمع الدولي بكل الوسائل الممكنة والمتاحة.
السوابق الإجرامية الأمريكية .. أين وكيف؟!
1-قامت وزارة الدفاع الأمريكية ((البنتاغون)) بإجراء تجارب عسكرية منذُ عام 1940 في جزيرة (فييكس) في بورتوريكو التي تقع في البحر الكاريبي جنوب شرق كوبا وحتى عام 1999 حين احتج سكان الجزيرة وطالبوا الأمريكان بوقف التجارب وتنظيف بيئتهم من التلوث باليورانيوم المنضب.
وقد اعترف ناطق باسم البحرية الأمريكية بإطلاقهم (263) قذيفة يورانيوم منضب في عموم الجزيرة .. ومن أجل امتصاص الغضب الصارم للسكان، قامت القوات الأمريكية بتنظيف (57) موقعاً وتركت (206) موقعاً دون تنظيف..
قال الدكتور (دوغ روكه) المدير السابق لمشروع اليورانيوم المنضب:
(( إن البحرية الأمريكية تتنـكر لوعودهـا ))!!
وناشد في تصريح لوسائل الإعلام في 9/ شباط/2000 الجهات الأمريكية المعنية بوجوب القيام بعمليات التنظيف الكامل في جزيرة (فييكس) في بورتوريكو، وتوفير العناية الطبية لكل الذين اصابهم التلوث باليورانيوم المنضب!!
2-تجري القوات الأمريكية منذُ نهاية الحرب العالمية الثانية، تجارب على أسلحة اليورانيوم المنضب في أكبر قاعدة عسكرية لها قرب جزيرة (اوكيناوا) في أقصى جنوب غرب اليابان وهي تقع ضمن جزيرة (ريوكيو) اليابانية شرق بحر الصين الشرقي.
وقد نفذت قاذفات الجيت (AV-8B) التابعة للبحرية الأمريكية في أواخر عام 1995 بالقرب من (اوكيناوا) نحو (1520) طلعة جوية أجرت خلالها تجارب على ذخائر اليورانيوم المنضب ولم يبلغ الأمريكيون اليابانيين بألامر ولم يُقدموا أي تحذير لمخاطر استخدام هذا السلاح الفتّاك .. سوى اعتراف وزارة الدفاع الأمريكية في مقال نشر في واشنطن تايمز في 10 شباط1997 بإجراء تجاربها على أسلحة اليورانيوم المنضب بالقرب من (اوكيناوا).
وتحت ضغط الشعب الياباني قدم الأمريكيون الاعتذار إلى اليابان عن ذلك ووافقوا على إزالة ذلك السلاح من قواعدها العسكرية في (اوكيناوا)، والقيام بعمليات التنظيف في المناطق التي أجرت فيها تجاربها باستخدام هذا السلاح القاتل!!
وقد صرح ناطق باسم (البنتاغون) بأن الجيش الأمريكي نقل ذخائر اليورانيوم المنضب من (اوكيناوا) في اليابان تحت ضغط الحكومة والشعب الياباني إلى قواعده العسكرية في كوريا الجنوبية، التي لم تعلم بهذا الأمر وأن الولايات المتحدة بهذا التصرف قد عكست عدم اكتراثها بمشاعر الشعب الكوري والمخاطر التي تترتب على وجود مثل هذه الأسلحة المدمرة على أراضيه!!
3-اكتشف الكوريون الجنوبيون في آيار2000 إن القاذفات الأمريكية من نوع (A-10) تقوم بتدريبات على القصف بالقنابل في منطقة كون لي المعروفة منذُ خمسين عاماً مسرحاً لتجاربها بالقرب من قرية (هيانغ ري) وتبعد (55) ميلاً عن العاصمة سيئول في الجنوب الغربي منها.
ففـي 8 آيار2000 قصفت هذه الطائرات مناطق سكنية وزراعية خارج منطقة تجاربها مما تسببت بتدمير المنازل والمناطق الزراعية المحيطة بالمنطقة. تلك القاذفات كانت تستخدم ذخيرة اليورانيوم المنضب. وكانت المنطقة بمثابة مخزن لذخائر هذا السلاح الذي نقل إلى كوريا الجنوبية في شباط 1997 من قواعد الجيش الأمريكي في (اوكيناوا)!!
4-قال (ريك ستوبر) أحد سبعة أعضاء في فريق تابع لوزارة الدفاع الأمريكية الذي قام بأعداد تقرير عن بعض الذخائر المتروكة في ثلاثة مواقع عسكرية أُجريت فيها التجارب في (بنمـا):
(( قامت القوات الأمريكية بتجارب على هذا النوع من الأسلحة من عام 1960 إلى 1990 أطلقت خلالها نحو (120) مليون قذيفة وصاروخ ذخيرة اليورانيوم المنضب كتجارب في منطقة شاسعة من أراضي بنما)).
((وقد اعترفت واشنطن تحت ضغط الشعب البنمي ووسائل الأعلام بأن القوات الأمريكية (خزنت) في بنما قذائف من ذخيرة اليورانيوم المنضب لمعرفة مدى فاعلية تلك الذخيرة بعد تخزينهافي منطقة حارة مثل بنما))!!
وأضاف المستشار العسكري الأمريكي ريك ستوبر :
((إن ذلك يُحتم على القوات الأمريكية إجراء التجارب على تلك الذخيرة فيما بعد لمعرفة النتائج))!!
5-أتهم مركز العمل الدولي (IAC)، في وقت مبكر من العدوان الذي شنّهُ (الناتو) في الأول من نيسان 1999، الولايات المتحدة التي قادت الحلفاء باستخدام ذخائر اليورانيوم المنضب ضد الشعب اليوغسلافي.
-وكان ناطق رسمي باسم البنتاغون قد أخبر وسائل الأعلام مسبقاً بأن طائرات (A-10) استخدمت لضرب الدبابات الصربية في كوسوفو. وأعترف باستخدام ذخائر اليورانيوم المنضب عن طريق القصف بطائرات (A-10).
-كما أعترف (الناتو) باستخدام ذخائر اليورانيوم المنضب في العمليات العسكرية ضد يوغسلافيا في كوسوفو في 14/ تشرين أول/1999.
-قال مندوب الأمم المتحدة إلى كوسوفو بعد قصفها من قبل القوات الأمريكية في الناتو لمدة (78) يوماً:
(( إن المسؤولين في الناتو رفضوا التعاون معه فيما يتعلق بآثار التلوث بذخيرة اليورانيوم المنضب ورفضوا الاعتراف بذلك)).
كما أرسل اللورد (روبرتسون) أمين عام حلف الناتو رسالة إلى السيد كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة قال فيها:
((استخدم اليورانيوم المنضب عند مشاركة طائرات (A-10) في عمليات حلف الأطلسي. وإن مجموع الطلعات في استخدامه أثناء العمليات العسكرية بلغت (31) الف مرة، واستخدم في عدة مناطق في كوسوفو)).
كما استخدمت الولايات المتحدة ذخائر اليورانيوم المنضب ضد العراق عام 1991 وأعترفت بجريمتها في أواخر التسعينيات. وأعترف حلف (الناتو) بقصف البوسنة باليورانيوم المنضب عام 1995 وبقصف كوسوفو ويوغسلافيا بهذا السلاح عام 1999 خلال قيادتها لعمليات حلف الناتو العسكرية في البلقان.
إن الولايات المتحدة لا تُعير اهتماماً للحياة الإنسانية ولا لحقوق الإنسان والشعوب، كما لا تُعير اهتماماً للحروب والحصارات الاقتصادية باعتبارها أداة من أدوات الإبادة الجماعية، التي تقوم بالتخطيط لخلقها أو إشعالها في مختلف مناطق العالم. فهي امام الواقع الراهن مدانة بجرائم ضد الانسانية