yazeed6
23-03-2003, 03:43 PM
السلام عليكم ..
الصليبيون يواجهون مقاومة عنيفة في العراق، لا تشكوا في ذلك ، وخططهم تبدو فاشلة في أولها لا أشك في هذا والتخبط والارتباك واضح على محيا رامسفيلد .. والتجهم باد على وجه مايرز .. حربهم فاشلة بإذن الله وجمعهم منهزم ، وكثير مما ينشرونه أكاذيب لا تصدقوها ولا تحبطكم ..
أهم شيء في هذه الحرب أن يصمد العراقيون ، صمودهم هو عين النصر .. والمعركة الكبرى لم يحن وقتها بعد لذا لا تستعجلوا في التحليلات ولا في قراءة الوقائع حتى يمر الأسبوع الأول لأنه بانتهاء الأسبوع الأول سوف تتضح معالم الحملة العسكرية الصليبية على العراق ومصيرها..
الذي يجب أن نهتم به في هذه المرحلة أن نقاوم الذين يقومون باسم الدين وباسم الاسلام بتجريدنا من أهم مقومات رجولتنا وإسلامنا .. أعني الجهاد .. رغم أنهم شيوخ ورغم أن لبعضهم ماض مشرف .. لكن .. لا داعي لما بعد لكن .. اقرأ المقال فقط
بين يدي المقال والحرب على العراق :
ربما يستغرب الإخوة القراء أن أتحدث عن بيان المثقفين الأخير والذي يسميه البعض ( بيان الجبهة ) في خضم الحرب الشرسة التي تخاض ضد العراق هذه الأيام ، ولهم العذر في ذلك فالمفروض أن يكون معظم الجهد الآن منصبا على مقاومة الصليبيين حسب الأولويات وأولها هذه الأيام الدفع عن العراق وأهله ، لكن في نظري والعلم عند الله أن هناك خللا فكريا وفسادا في النظر للأمور بحيث يصبح من الصعب تجاوزه إلى غيره دون تبيينه ، ومن هذا البيان الأخير الذي ظهر لمجموعة من أهل العلم وتحدثوا فيه عن الجبهة الداخلية ، فمثل هذا البيان يمثل أحد عوارض المرض الذي تعاني منه أمتنا الإسلامية أعني مرض التخذيل ومرض الهزيمة والعياذ بالله . ولأن عددا ممن وقع على البيان ما زال يحتفظ برصيد من الاحترام عند بعض من يتبعه ومايقولون وما يكتبون سيشكل في النهاية مظهرا من مظاهر هزيمتنا فكان لزاما ابطال هذا الفكر المعوق والمخذل لعلم الجهاد .. ونستغرب حقا أنه بقي في الأمة من يحمل مثل هذه الأفكار البالية رغم وضوح وانكشاف كل شيء تقريبا حيث ظهر البيان والحرب الأمريكية على العراق على وشك البدء ، وقد بدأت الان ورغم مضي عدة أيام إلا أن هذا لا يعفيني من كتابة هذا الرد ولو في خضم المعركة لأن المعركة لا يمكن أن نكسبها طالما كان فينا من لا زال يعاني من أوهام الخوف والخذلان والعياذ بالله ، وهذه من الضروريات لأن معركة العراق مازالت في البداية وسيأتي الدور على غيرها من بلاد الاسلام فكان من الضروري ابطال هذا الباطل قبل كل شيء .
الحلقة الأولى
الجواب على على عنوان المقال ( هل يكذب الراسخون في العلم ؟!) محرج ، ولكن يزول الحرج إذا عرف من هم الراسخون في العلم .
لقد صدر قبل أيام بيان المثقفين الثاني ، غير أن موقعيه الذين وصفوا أنفسهم بالراسخين في العلم تناقصوا من أكثر من مائة موقع في البيان الأول إلى ثلاثين موقع في البيان الثاني ، وجاء البيان بعنوان ( الجبهة الداخلية أمام التحديات المعاصرة رؤية شرعية ) وفي ظل الظروف المتأزمة وقبيل الهجوم الصليبي على إخواننا في العراق ، وفي ظل سعار آل سلول في ملاحقة المجاهدين في سبيل الصليب ، يأتي البيان برؤية غير شرعية ويتحدث من وصفوا أنفسهم بالراسخين في العلم بكلام يراد منه إضعاف المقاومة الجهادية ضد العدو الصائل ، وقد فرح البعض بهذا الطرح ونشروه عبر الشبكة ، وسوف نتناول في هذه الحلقة الكلام عن فقرتين في بيانهم ، وسوف نبين من خلال الحديث أمرين الأول : إخفاقهم في القدرة على إنزال النصوص على الواقع ، والثاني : الكذب والتحريف في النقل عن السلف وهذا ما يستغرب منهم ، ونقف مع فقرتين إحداها :
( أن الجهاد هو ذروة سنام الإسلام، ماضٍ إلى قيام الساعة، ولا تزال طائفة من أمة محمد –صلى الله عليه وسلم- ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك، وأن إقامته واجبة على الأمة ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً "انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله"، على أنه لا بد من استيفاء أسبابه وتحقيق شروطه، وأن يتم النظر فيه من قبل أهل الرسوخ في العلم ) .
والفقرة الثانية أورودوا كلاماً للعز بن عبد السلام لتأكيد التخذيل للأمة فقالوا ( وقد ذكر العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام (95):"أن أي قتال للكفار لا يتحقق به نكاية بالعدو فإنه يجب تركه؛ لأن المخاطرة بالنفوس إنما جازت لما فيها من مصلحة إعزاز الدين، والنكاية بالمشركين، فإذا لم يحصل ذلك وجب ترك القتال لما فيه من فوات النفوس وشفاء صدور الكفار وإرغام أهل الإسلام، وبذا صار مفسدة محضة ليس في طيها مصلحة" ) .
ونناقش الفقرتين بقولنا :
إن من المتفق عليه عند أهل العلم قاطبة ، أن الجهاد نوعان : جهاد دفع وجهاد طلب ، وعلماء الإسلام يفرقون في كلامهم بين النوعين ، إذ أن كل نوع من نوعي الجهاد يختص بأحكام دون الآخر ، ولم يُعرف عن الأئمة المحققين أنهم خلطوا بين النوعين في الأحكام ، ومن خلط بينهما فلا تحقيق عنده ولا تدقيق نسأل الله لنا وله الفقه في الدين .
ومن المؤسف أن ينتزع طالب العلم مسألة أو حكماً مختصاً بجهاد الطلب ثم ينزله على جهاد الدفع ! والكلام الآنف في فقرته الأولى كلام بعضه حق إلا أنه يختص بجهاد الطلب لا الدفع ، وجهادنا اليوم هو من جهاد الدفع .
فقولهم أن الجهاد ماض إلى قيام الساعة صحيح ولا إشكال فيه ، ولكن قولهم ( على أنه لا بد من استيفاء أسبابه وتحقيق شروطه ، وأن يتم النظر فيه من قبل أهل الرسوخ في العلم ) كلام لا ينطبق على جهاد الأمة اليوم .
لأن جهاد الدفع لا يشترط له شروط جهاد الطلب ، فكل شروط جهاد الطلب تسقط في حال جهاد الدفع – أي إذا داهم العدو بلاد المسلمين - ، وإليك نقولات تدل على سقوط الشروط بالإجماع :
قال الكاساني في بدائع الصنائع 7/97 " فأما إذا عم النفير بأن هجم العدو على بلد فهو فرض عين يُفترض على كل واحد من آحاد المسلمين ممن هو قادر عليه لقوله سبحانه وتعالى انفروا خفافاً وثقالاً ، قيل : نزلت في النفير ، وقوله سبحانه وتعالى ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ، ولأن الوجوب على الكل قبل عموم النفير ثابت ، لأن السقوط عن الباقين بقيام البعض به ، فإذا عم النفير لا يتحقق القيام به إلا بالكل ، فبقي فرضاً على الكل عيناً بمنزلة الصوم والصلاة فيخرج العبد بغير إذن مولاه ، والمرأة بغير إذن زوجها ، لأن منافع العبد والمرأة في حق العبادات المفروضة عيناً مستثناه عن ملك المولى والزوج شرعاً ، كما في الصوم والصلاة ، وكذا يباح للولد أن يخرج بغير إذن والديه ، لأن حق الوالدين لا يظهر في فروض الأعيان كالصوم والصلاة والله سبحانه وتعالى أعلم " .
قال القرطبي في تفسيره 8/151 " إذا تعين الجهاد بغلبة العدو على قطر من الأقطار أو بحلوله بالعُقر ، فإذا كان ذلك وجب على جميع أهل تلك الدار أن ينفروا ويخرجوا إليه خفافاً وثقالاً ، شباباً وشيوخاً ، كل على قدر طاقته ، من كان له أب بغير إذنه ومن لا أب له ، ولا يتخلف أحد يقدر على الخروج ، من مُقل أو مكثر ، فإن عجز أهل تلك البلدة عن القيام بعدوهم ، كان على من قاربهم وجاورهم أن يخرجوا على حسب ما لزم أهل تلك البلدة ، حتى يعلموا أن فيهم طاقة على القيام بهم ومدافعتهم ، وكذلك كل من علم بضعفهم عن عدوهم وعلم أنه يدركهم ويمكنه غياثهم ، لزمه أيضاً الخروج إليهم ، فالمسلمون كلهم يد على من سواهم ، حتى إذا قام بدفع العدو أهل الناحية التي نزل العدو عليها واحتل بها ، سقط الفرض عن الآخرين ، ولو قارب العدو دار الإسلام ولم يدخلوها لزمهم أيضاً الخروج إليه ، حتى يظهر دين الله وتحمى البيضة وتحفظ الحوزة ويخزى العدو ، ولا خلاف في هذا " .
قال شيخ الإسلام بن تيمية في الفتاوى الكبرى ( الاختيارات ) 4/520 " وأما قتال الدفع فهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين فواجب إجماعاً ، فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه ، فلا يشترط له شرط بل يدفع بحسب الإمكان وقد نص على ذلك العلماء أصحابنا وغيرهم " وقال " وإذا دخل العدو بلاد الإسلام فلا ريب أنه يجب دفعه على الأقرب فالأقرب ، إذ بلاد الإسلام كلها بمنزلة البلدة الواحدة ، وأنه يجب النفير إليه بلا إذن والد ولا غريم ونصوص أحمد صريحة بهذا " .
فإذا كان جهاد الدفع لا يلزم فيه إذن إمام لو وجد الإمام ، ولا يلزم فيه إذن والدين ولا غريم ، ولا أي شرط من شروط الجهاد السبعة وهي كما قال ابن قدامة في الغني 9/ 163 " ويشترط لوجوب الجهاد سبعة شروط الإسلام والبلوغ والعقل والحرية والذكورية والسلامة من الضرر ووجود النفقة " .
فهذه الشروط وما تفرع عنها لا تشترط في جهاد الدفع بل يجب على كل مسلم أن يدفع حسب الإمكان ، وهو ما نقلنا آنفاً الإجماع عليه ، ونصوص أهل العلم لا تكاد تحصر على أن جهاد الدفع لا يشترط له شرط .
فإن تحقق سبب من أسباب تعين الجهاد فقد وجب بلا شروط ، وقد اتفق العلماء على ثلاثة أسباب يتعين فيها الجهاد هي :
قال صاحب المغني 9/163 " ويتعين الجهاد في ثلاثة مواضع أحدهما إذا التقى الزحفان وتقابل الصفان حرم على من حضر الانصراف وتعين عليه المقام ... ثم قال ... الثاني إذا نزل الكفار ببلد تعين على أهله قتالهم ودفعهم ، الثالث إذا استنفر الإمام قوما لزمهم النفير معه " .
وزاد بعض العلماء على هذه الثلاثة سبباً رابعاً وهو إذا أسر مسلم أو مسلمة وجب النفير إليها على الأعيان لتخليصها من أيدي الكافرين ، إذا عجزوا عن الفداء .
الصليبيون يواجهون مقاومة عنيفة في العراق، لا تشكوا في ذلك ، وخططهم تبدو فاشلة في أولها لا أشك في هذا والتخبط والارتباك واضح على محيا رامسفيلد .. والتجهم باد على وجه مايرز .. حربهم فاشلة بإذن الله وجمعهم منهزم ، وكثير مما ينشرونه أكاذيب لا تصدقوها ولا تحبطكم ..
أهم شيء في هذه الحرب أن يصمد العراقيون ، صمودهم هو عين النصر .. والمعركة الكبرى لم يحن وقتها بعد لذا لا تستعجلوا في التحليلات ولا في قراءة الوقائع حتى يمر الأسبوع الأول لأنه بانتهاء الأسبوع الأول سوف تتضح معالم الحملة العسكرية الصليبية على العراق ومصيرها..
الذي يجب أن نهتم به في هذه المرحلة أن نقاوم الذين يقومون باسم الدين وباسم الاسلام بتجريدنا من أهم مقومات رجولتنا وإسلامنا .. أعني الجهاد .. رغم أنهم شيوخ ورغم أن لبعضهم ماض مشرف .. لكن .. لا داعي لما بعد لكن .. اقرأ المقال فقط
بين يدي المقال والحرب على العراق :
ربما يستغرب الإخوة القراء أن أتحدث عن بيان المثقفين الأخير والذي يسميه البعض ( بيان الجبهة ) في خضم الحرب الشرسة التي تخاض ضد العراق هذه الأيام ، ولهم العذر في ذلك فالمفروض أن يكون معظم الجهد الآن منصبا على مقاومة الصليبيين حسب الأولويات وأولها هذه الأيام الدفع عن العراق وأهله ، لكن في نظري والعلم عند الله أن هناك خللا فكريا وفسادا في النظر للأمور بحيث يصبح من الصعب تجاوزه إلى غيره دون تبيينه ، ومن هذا البيان الأخير الذي ظهر لمجموعة من أهل العلم وتحدثوا فيه عن الجبهة الداخلية ، فمثل هذا البيان يمثل أحد عوارض المرض الذي تعاني منه أمتنا الإسلامية أعني مرض التخذيل ومرض الهزيمة والعياذ بالله . ولأن عددا ممن وقع على البيان ما زال يحتفظ برصيد من الاحترام عند بعض من يتبعه ومايقولون وما يكتبون سيشكل في النهاية مظهرا من مظاهر هزيمتنا فكان لزاما ابطال هذا الفكر المعوق والمخذل لعلم الجهاد .. ونستغرب حقا أنه بقي في الأمة من يحمل مثل هذه الأفكار البالية رغم وضوح وانكشاف كل شيء تقريبا حيث ظهر البيان والحرب الأمريكية على العراق على وشك البدء ، وقد بدأت الان ورغم مضي عدة أيام إلا أن هذا لا يعفيني من كتابة هذا الرد ولو في خضم المعركة لأن المعركة لا يمكن أن نكسبها طالما كان فينا من لا زال يعاني من أوهام الخوف والخذلان والعياذ بالله ، وهذه من الضروريات لأن معركة العراق مازالت في البداية وسيأتي الدور على غيرها من بلاد الاسلام فكان من الضروري ابطال هذا الباطل قبل كل شيء .
الحلقة الأولى
الجواب على على عنوان المقال ( هل يكذب الراسخون في العلم ؟!) محرج ، ولكن يزول الحرج إذا عرف من هم الراسخون في العلم .
لقد صدر قبل أيام بيان المثقفين الثاني ، غير أن موقعيه الذين وصفوا أنفسهم بالراسخين في العلم تناقصوا من أكثر من مائة موقع في البيان الأول إلى ثلاثين موقع في البيان الثاني ، وجاء البيان بعنوان ( الجبهة الداخلية أمام التحديات المعاصرة رؤية شرعية ) وفي ظل الظروف المتأزمة وقبيل الهجوم الصليبي على إخواننا في العراق ، وفي ظل سعار آل سلول في ملاحقة المجاهدين في سبيل الصليب ، يأتي البيان برؤية غير شرعية ويتحدث من وصفوا أنفسهم بالراسخين في العلم بكلام يراد منه إضعاف المقاومة الجهادية ضد العدو الصائل ، وقد فرح البعض بهذا الطرح ونشروه عبر الشبكة ، وسوف نتناول في هذه الحلقة الكلام عن فقرتين في بيانهم ، وسوف نبين من خلال الحديث أمرين الأول : إخفاقهم في القدرة على إنزال النصوص على الواقع ، والثاني : الكذب والتحريف في النقل عن السلف وهذا ما يستغرب منهم ، ونقف مع فقرتين إحداها :
( أن الجهاد هو ذروة سنام الإسلام، ماضٍ إلى قيام الساعة، ولا تزال طائفة من أمة محمد –صلى الله عليه وسلم- ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك، وأن إقامته واجبة على الأمة ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً "انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله"، على أنه لا بد من استيفاء أسبابه وتحقيق شروطه، وأن يتم النظر فيه من قبل أهل الرسوخ في العلم ) .
والفقرة الثانية أورودوا كلاماً للعز بن عبد السلام لتأكيد التخذيل للأمة فقالوا ( وقد ذكر العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام (95):"أن أي قتال للكفار لا يتحقق به نكاية بالعدو فإنه يجب تركه؛ لأن المخاطرة بالنفوس إنما جازت لما فيها من مصلحة إعزاز الدين، والنكاية بالمشركين، فإذا لم يحصل ذلك وجب ترك القتال لما فيه من فوات النفوس وشفاء صدور الكفار وإرغام أهل الإسلام، وبذا صار مفسدة محضة ليس في طيها مصلحة" ) .
ونناقش الفقرتين بقولنا :
إن من المتفق عليه عند أهل العلم قاطبة ، أن الجهاد نوعان : جهاد دفع وجهاد طلب ، وعلماء الإسلام يفرقون في كلامهم بين النوعين ، إذ أن كل نوع من نوعي الجهاد يختص بأحكام دون الآخر ، ولم يُعرف عن الأئمة المحققين أنهم خلطوا بين النوعين في الأحكام ، ومن خلط بينهما فلا تحقيق عنده ولا تدقيق نسأل الله لنا وله الفقه في الدين .
ومن المؤسف أن ينتزع طالب العلم مسألة أو حكماً مختصاً بجهاد الطلب ثم ينزله على جهاد الدفع ! والكلام الآنف في فقرته الأولى كلام بعضه حق إلا أنه يختص بجهاد الطلب لا الدفع ، وجهادنا اليوم هو من جهاد الدفع .
فقولهم أن الجهاد ماض إلى قيام الساعة صحيح ولا إشكال فيه ، ولكن قولهم ( على أنه لا بد من استيفاء أسبابه وتحقيق شروطه ، وأن يتم النظر فيه من قبل أهل الرسوخ في العلم ) كلام لا ينطبق على جهاد الأمة اليوم .
لأن جهاد الدفع لا يشترط له شروط جهاد الطلب ، فكل شروط جهاد الطلب تسقط في حال جهاد الدفع – أي إذا داهم العدو بلاد المسلمين - ، وإليك نقولات تدل على سقوط الشروط بالإجماع :
قال الكاساني في بدائع الصنائع 7/97 " فأما إذا عم النفير بأن هجم العدو على بلد فهو فرض عين يُفترض على كل واحد من آحاد المسلمين ممن هو قادر عليه لقوله سبحانه وتعالى انفروا خفافاً وثقالاً ، قيل : نزلت في النفير ، وقوله سبحانه وتعالى ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ، ولأن الوجوب على الكل قبل عموم النفير ثابت ، لأن السقوط عن الباقين بقيام البعض به ، فإذا عم النفير لا يتحقق القيام به إلا بالكل ، فبقي فرضاً على الكل عيناً بمنزلة الصوم والصلاة فيخرج العبد بغير إذن مولاه ، والمرأة بغير إذن زوجها ، لأن منافع العبد والمرأة في حق العبادات المفروضة عيناً مستثناه عن ملك المولى والزوج شرعاً ، كما في الصوم والصلاة ، وكذا يباح للولد أن يخرج بغير إذن والديه ، لأن حق الوالدين لا يظهر في فروض الأعيان كالصوم والصلاة والله سبحانه وتعالى أعلم " .
قال القرطبي في تفسيره 8/151 " إذا تعين الجهاد بغلبة العدو على قطر من الأقطار أو بحلوله بالعُقر ، فإذا كان ذلك وجب على جميع أهل تلك الدار أن ينفروا ويخرجوا إليه خفافاً وثقالاً ، شباباً وشيوخاً ، كل على قدر طاقته ، من كان له أب بغير إذنه ومن لا أب له ، ولا يتخلف أحد يقدر على الخروج ، من مُقل أو مكثر ، فإن عجز أهل تلك البلدة عن القيام بعدوهم ، كان على من قاربهم وجاورهم أن يخرجوا على حسب ما لزم أهل تلك البلدة ، حتى يعلموا أن فيهم طاقة على القيام بهم ومدافعتهم ، وكذلك كل من علم بضعفهم عن عدوهم وعلم أنه يدركهم ويمكنه غياثهم ، لزمه أيضاً الخروج إليهم ، فالمسلمون كلهم يد على من سواهم ، حتى إذا قام بدفع العدو أهل الناحية التي نزل العدو عليها واحتل بها ، سقط الفرض عن الآخرين ، ولو قارب العدو دار الإسلام ولم يدخلوها لزمهم أيضاً الخروج إليه ، حتى يظهر دين الله وتحمى البيضة وتحفظ الحوزة ويخزى العدو ، ولا خلاف في هذا " .
قال شيخ الإسلام بن تيمية في الفتاوى الكبرى ( الاختيارات ) 4/520 " وأما قتال الدفع فهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين فواجب إجماعاً ، فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه ، فلا يشترط له شرط بل يدفع بحسب الإمكان وقد نص على ذلك العلماء أصحابنا وغيرهم " وقال " وإذا دخل العدو بلاد الإسلام فلا ريب أنه يجب دفعه على الأقرب فالأقرب ، إذ بلاد الإسلام كلها بمنزلة البلدة الواحدة ، وأنه يجب النفير إليه بلا إذن والد ولا غريم ونصوص أحمد صريحة بهذا " .
فإذا كان جهاد الدفع لا يلزم فيه إذن إمام لو وجد الإمام ، ولا يلزم فيه إذن والدين ولا غريم ، ولا أي شرط من شروط الجهاد السبعة وهي كما قال ابن قدامة في الغني 9/ 163 " ويشترط لوجوب الجهاد سبعة شروط الإسلام والبلوغ والعقل والحرية والذكورية والسلامة من الضرر ووجود النفقة " .
فهذه الشروط وما تفرع عنها لا تشترط في جهاد الدفع بل يجب على كل مسلم أن يدفع حسب الإمكان ، وهو ما نقلنا آنفاً الإجماع عليه ، ونصوص أهل العلم لا تكاد تحصر على أن جهاد الدفع لا يشترط له شرط .
فإن تحقق سبب من أسباب تعين الجهاد فقد وجب بلا شروط ، وقد اتفق العلماء على ثلاثة أسباب يتعين فيها الجهاد هي :
قال صاحب المغني 9/163 " ويتعين الجهاد في ثلاثة مواضع أحدهما إذا التقى الزحفان وتقابل الصفان حرم على من حضر الانصراف وتعين عليه المقام ... ثم قال ... الثاني إذا نزل الكفار ببلد تعين على أهله قتالهم ودفعهم ، الثالث إذا استنفر الإمام قوما لزمهم النفير معه " .
وزاد بعض العلماء على هذه الثلاثة سبباً رابعاً وهو إذا أسر مسلم أو مسلمة وجب النفير إليها على الأعيان لتخليصها من أيدي الكافرين ، إذا عجزوا عن الفداء .