PDA

View Full Version : زيتون مختلف عليه


sad_bird
30-05-2003, 04:15 AM
كتب الصحفي المشهور يارون لندن في صحيفة يدعوت احرنوت هذا المقال بعد ان اعترف رئيس الزوراء الاسرائيلي بان المناطق الفلسطينية مناطق محتلة فهب وزراء اللكيود والمستشار القضائي للحكومة لتبرير زلة اللسان لرئيس الكيان الصهيوني . وتصحيح هذا الخطا الفرويدي .
لذلك ارتايت اعادة نشر هذا المقال في منتدى سوالف لاكتشاف مدى قدرة الصهاينة على استخدام اللغة لخدمة اهدافهم في خلق الوقائع على الارض


يعتبر شارون ضحية للعلاقات المعقدة السائدة بين اللسان والواقع. فلقد تعود شارون، كغيره من تلامذة الصهيونية – سواء كانوا من رجالات الكلام أو من رجالات العمل، مثله – على التفكير بأن الألفاظ تخلق الواقعية...


في الأسطورة الشهيرة التي كتبها هانس كريستيان أندرسن، يهتف الولد البريء "الملك يسير عارياً!"، فيصحو الناس الذين صممت الدعاية الملكية وعيهم، ويهتفون: "الملك يسير عارياً، الملك يسير عارياً". أما في النص المحلي للأسطورة، فإن الملك بالذات هو من يفاجئ شعبه معلنا بأنه عار، فيسارع الوزراء والمستشارون للتوضيح لسيدهم بأنه يمنع تمزيق قناع الأكاذيب بزلة لسان واحدة، ويخترعون من أجله، تعريفاً جديداً للثوب: "غطاء مختلف على وجوده". وهكذا حدد أريئيل شارون، الملك في مثلنا المحلي، أن "الأرض المحتلة" تعني "الأرض المختلف عليها".

لقد ذكرني ذلك بقصيدة "ساسة اللسان" للشاعر دافيد أفيدان، التي يقول فيها: "نحن ساسة اللسان"، قاصداً بذلك نفسه ورفاقه الذين يتصرفون باللغة كما تهوى نفوسهم. أما أريئيل شارون فهو عكس الشاعر، لأن اللغة هي التي تتصرف به كما تهوى، بل تنتزع من فمه كلمات حقيقية نادرة. وهي ظاهرة يسمونها عادة، بـ"الخطأ الفرويدي"، وتعني اندفاع الحقيقة الكامنة في أعماق العقل الباطني، بشكل لا إرادي.

يعتبر شارون ضحية للعلاقات المعقدة السائدة بين اللسان والواقع. فلقد تعود شارون، كغيره من تلامذة الصهيونية – سواء كانوا من رجالات الكلام أو من رجالات العمل، مثله – على التفكير بأن الألفاظ تخلق الواقعية. وللحقيقة، لقد استخدمت الصهيونية اللغة بشكل عجيب. لقد بدأ التلاعب اللفظي في اللغة مع بداية اللغة العبرية العصرية، تقريباً، وكان له أهميته البالغة في قولبة أفكار اليهود على مر العصور. فقد علمونا أن اليهود لا "يهاجرون" إلى البلاد وإنما "يأتون" إليها، وكررنا مقولة أننا "ننقذ" الأرض لا نمتلكها.

لقد وصل الانحلال اللغوي إلى قمته بعد حرب 1967. في البداية نعتنا الأراضي التي سيطرنا عليها بـ"الأراضي المحتلة". وفي تلك المرحلة لم نكن قد حملنا العملية العسكرية معاني ثقيلة، ولذلك لم نتردد باستخدام جذر الكلمة "احتل" بلغة عبرية صافية، كما ورد ذكرها مراراً في كتاب يهوشواع. بعد ذلك أصبنا بالاضطراب، فتحول الاحتلال إلى "تحرير"، كما لو أن الأراضي الخامدة قد تمنت مجيء اليهود لإنقاذها من أسر الأغيار.

أما الإدارة الحكومية فقد واصلت نعتها بـ"المناطق المدارة" في سبيل تأكيد الوضعية المؤقتة للمناطق، لكن اصحاب الطرفة اكتشفوا الارتباك في المصطلحات فدمجوا بين كلمتي "محررة" و"مدارة"، واخترعوا تسمية جديدة، تشكك في كون المناطق محررة أو مدارة. أما المترددين فقد استخدموا مصطلح "المناطق" كي لا يتخذوا موقفاً. ثم تم التوصل إلى حل جميل من خلال العودة إلى الجغرافية التاريخية غير المختلف عليها: يهودا، السامرة وغزة (بالعبرية: يهودا، شومرون، عزة- ).

وكعادته اختصر الجيش الكلمات وخلق تسمية "يوش وغزة"، بحيث يجمع الشق الأول منها بين كلمتي يهودا والسامرة، وسارع المستوطنون إلى خلق مصطلح ينطوي على معاني الإنقاذ الديني، فأسموها "ييشاع". وقد هدف طوفان المصطلحات هذا إلى تمويه الواقع الذي يتجاوز هذه المصطلحات: فيهودا والسامرة وغزة هي مناطق محتلة يعيش فيها ملايين الناس المستعبدين من قبل المحتل.

ويبدو أن الحقيقة أومضت، في لحظة من النعمة، في دماغ رئيس الحكومة فمزقت كل الأقنعة الكلامية. ومنذ لحظة وقوع هذا الحادث المبارك، لن يكون بالإمكان إعادة الأمور إلى سابق عهدها. فمنذ الآن سيقول الولد البريء وكل من شوشت الدعاية وعيه: الاحتلال هو الاحتلال.

روتي
30-05-2003, 07:38 AM
:rolleyes: