PDA

View Full Version : محمد الحنبلي.. القائد الذي باع الدنيا واشترى الآخرة


عقلة بن عجلان
12-09-2003, 01:05 PM
فلسطين المحتلة (نابلس) - سامر خويرة وسليمان بشارات

"لم يعرف يوماً الثوب الجديد –رغم توفر المال بين يديه-، عنيد وغيور على الحق، زهد في الدنيا لطلب ثراء الآخرة، جلس بمجالس الكبار قبل نضوجه".. بهذه الكلمات البسيطة وصف أخ الشهيد ووالده ورفقاء دربه في الجامعة والمدينة الشهيد محمد الحنبلي.

والده الدكتور عبد الرحيم الحنبلي مدير لجنة زكاة نابلس وإمام وخطيب المسجد الحنبلي في المدينة، من اشهر عائلات المدينة وأكثرها جاهاً وثراء، ومدير مصنع الصفا لإنتاج الألبان، جده الإمام والقاضي المعروف راضي الحنبلي الذي وقف خطيباً في مساجد نابلس لأكثر من 65 سنة.

كان الشهيد محمد يستطيع أن يعمل في إدارة ممتلكات عائلته، ويصبح من الأغنياء والأثرياء لكنه، باع الدنيا واشترى الآخرة وعاش حياة زهد وعفاف، ورضيَ أن ينام على الأرض متنقلاً من مكان لمكان، إرضاء لله ورسوله ودفاعاً عن فلسطين.
http://www.assabeel.net/article.asp?version=507&newsid=4211&section=0&IA=P3

هذا هو الشهيد محمد عبد الرحيم الحنبلي قائد كتائب الشهيد عز الدين القسام في شمال الضفة الغربية والمطارد منذ أكثر من سنتين، فقد قضى شهيداً بعد معركة بطولية استمرت ثماني ساعات قتل وأصاب خلالها عدداً كبيراً من جنود الاحتلال، لينضم إلى قافلة الشهداء الذين طالما تمنى أن يلحق بهم.

ولد الشهيد محمد الحنبلي عام 1976، الثالث من بين خمسة ذكور وخمسة إناث، لأسرة فلسطينية معروفة بتدينها وتصوفها، تربى وترعرع في مسجد الحاجة عفيفة في منطقة الجبل الشمالي من المدينة، حيث انضم إلى دورات تحفيظ القرآن الكريم هناك، وتابع تعليمه الأساسي والثانوي في مدارسها، ثم انتقل إلى جامعة النجاح حيث حصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة الصناعية، واستطاع حضور حفل التخرج الخاص به رغم كونه مطارداً ومطلوباً للقوات الإسرائيلية في ذلك الوقت.

أجمع كل من تحدثنا إليهم أن محمد كان مميزاً جداً عن بقية إخوانه، حيث سرعة البديهة والذكاء الشديد غير المعتاد، وكذلك عُرف عنه حب الفكاهة وحب التندر والابتسامة التي لم تكن تفارقه، حتى في اشد الظروف صعوبة.
مهندس طائرة الـ ف16

لحظات انتظار كان يعيشها الآلاف من طلبة جامعة النجاح لانتظار تلك المفاجأة، طائرة من طراز الـ ف16 لأول مرة في سماء الجامعة تسير عبر شبكة أسلاك، والمهندس الحنبلي ينصب منصة الصواريخ ويفجرها بتلك المفرقعات!!

فقد اشتهر الحنبلي بصناعة المفرقعات النارية والمجسمات التي كانت تظهر في احتفالات حركة حماس وخاصة الطائرات والدبابات ضخمة الحجم، كما كان مشاركاً فعالاً في كتابة المسرحيات الهادفة وخاصة التي تتحدث عن المقاومة والصمود، وكان محمد مهندساً ومخططاً لكافة مهرجانات الحركة الإسلامية سواء في الجامعة أو في الملعب البلدي بنابلس، حيث كان يشاهد وهو يحمل بين يديه الرسومات ويتابع تنفيذها بأدق التفاصيل.
وخلال دراسته الجامعية انتخب عضواً في مجلس الطلبة، حيث كان مسؤولاً عن تقديم المساعدة للطلبة الفقراء والمحتاجين، ولم يكن يبخل عنهم بوقته وماله، حتى انه كان ينام ليالٍ متتالية في مساكن الطلبة ليشعر بهم ويتقرب إليهم أكثر فأكثر.

يقول شقيقه عمر: "كانت تمرُ أيام طويلة دون أن نراه، فقد كان العمل للإسلام على رأس أولوياته، فضله على عائلته ودراسته، كما أنه كان ينفق كل ما يملك من مال في سبيل الله وفي سبيل خدمة إخوانه، ولم يكن يتقبل كلامنا بأن ينتبه إلى نفسه قليلاً وأن يُمضي وقتاً أطول في البيت بين إخوانه وأقاربه.
اعتقل محمد في سجون السلطة الفلسطينية عدة مرات قبل انتفاضة الأقصى بتهمة مقاومة الاحتلال الإسرائيلي ومرافقة القادة والمجاهدين.

ويشير شقيقه عمر إلى أن حياة محمد انقلبت رأساً على عقب بعد اندلاع انتفاضة الأقصى الأخيرة، حيث كان يشارك في جميع المظاهرات التي تخرج تنديداً بجرائم الاحتلال، كذلك كان دائماً يُرفع على الأكتاف هاتفاً بالانتقام في مسيرات الشهداء على دوار مدينة نابلس.

وكانت علاقات حميمة تربط محمد مع معظم قادة حماس في نابلس، خاصة الشيخين جمال منصور وجمال سليم اللذين اغتالتهما قوات الاحتلال قبل نحو عامين، وكذلك الشهيد قيس عدوان رئيس مجلس الطلبة الذي كان محمد عضواً فيه، وكان يبدو عليه الحزن الشديد بعد استشهادهم، ويصر على الانتقام لدمائهم ودماء كافة الشهداء الفلسطينيين.

وبعد اجتياح قوات الاحتلال لمدن الضفة الغربية خلال حملة السور الواقي، برز اسم محمد الحنبلي كأحد قادة الجناح العسكري لحركة حماس في شمال الضفة الغربية وبات على رأس المطلوبين لـ"إسرائيل"، حيث داهمت القوات الإسرائيلية منزله أكثر من 15 مرة بحثاً عنه، وفي كل مرة كانت تعيث في البيت فساداً وتهدد عائلته بأنها ستعيده إليهم جثة هامدة إذا لم يسلم نفسه.

وفي إحدى المرات اعتقلت القوات الإسرائيلية والده الدكتور عبد الرحيم أكثر من شهر في سجن "بيتاح تكفا" في خطوة منها للضغط على محمد، كما اعتقلت شقيقه الأكبر عمر عدة مرات ايضاً.

كما قامت الجرافات الإسرائيلية بهدم عمارة مكونة من أربعة طوابق تملكها العائلة في المنطقة الصناعية بنابلس حيث كان تدعي أن محمد يختبئ بداخلها، تحتوي على مصنع للأدوية كذلك ومخرطة قالت أن محمد يستخدمها لتصنيع الصواريخ والعبوات الناسفة.

وشددت قوات الاحتلال في الآونة الأخيرة الخناق على الحنبلي حيث كانت تسأل كل من تعتقل عنه، ولو كان من فصيل فلسطيني آخر، وفي صباح الجمعة الماضية أعلنت قوات الاحتلال أنها تمكنت من قتل الحنبلي والذي تتهمه بالمسؤولية عن التخطيط للعديد من العمليات الاستشهادية التي هزت "إسرائيل" وأدت لمقتل ما يزيد عن 30 إسرائيلياً.

وعن ذلك يقول والده انهم كانوا يتوقعون في أي وقت أن يستشهد ابنه محمد خاصة بعد ورود اسمه في سجل الأسماء التي أصدرتها الحكومة الإسرائيلية قبل نحو ثلاث أسابيع بوصفه قائد الكتائب في نابلس.

وعن القصة التي حدثت يقول والده انه في حوالي السادسة فجراً حضرت مجموعة من الجنود وضباط من الجيش الإسرائيلي وقاموا بسؤالي عن أبنائي، وعندما لفظتُ اسم محمد، قال لي الضابط: "قتلنا لك ابنك"، وبعدها اصطحبوني لأتعرف على جثته، فلم أستطع ذلك بسبب التشوه الكبير الذي أصاب وجهه، وأنا لم أره منذ عام ونصف، وكان تغير كبير قد حدث على ملامح جسمه.

ويضيف: "الجيش قام باصطحابي إلى المعهد الطبي في "إسرائيل" لفحص الدم والجينات حتى يتم مطابقتها بجيناته، وتم التحقق أنه هو ابني محمد ثم عدتُ إلى المدينة لأستقبل التهاني باستشهاده".

مكانة والد الشهيد وعائلته المعروفة، فتحت سيلاً من التهاني على والد الشهيد بمناسبة استشهاد ابنه محمد سائلين المولى أن يتقبله شهيداً ويسكنه فسيح جناته.

اللهم أرحم شهدائنا في فلسطين والعراق وأفغانستان وكشمير وفي كل مكان يجاهد فيه في سبيلك , اللهم ألحقنا بهم

عقلة بن عجلان
15-09-2003, 02:55 PM
http://www.palestine-info.info/arabic/hamas/shuhda/2003/hanbal_1/11.jpg


نابلس – خاص :

"رجال من حديد ... لم يبكوا لوهج المعارك و لم يهزّهم أنين الجراح و لم يبالوا بنزيف الدماء و هدير السلاح ، عشقوا الليل و حصاد الرصاص ، و بقيت دماؤهم على وشاح الوطن تاجاً صانعه حماس ، فيا وطني .. هاك دمي فخذه شذى يعبق في رباك ، و يا وطني هاك دمي .. فخذه ناراً تحرق الباغين إن وطئوا حماك ، و يا وطني هاك دمي .. فخذه و لا تسافر قبل أن أراك" .

هذا هو لسان حال الشهيد محمد الحنبلي .. غاية التفاني و عنوان الزهد و قمة العطاء ، أبى إلا أن يترجّل في القمة دون أن يغادر الأرض إلاّ إلى السماء ، و هذا هو محمد الحنبلي الذي عرفته جبل النار و ما حولها و الفتى كان يحمِل في هويته كلمة شهيد و إن لم يبصرها الناس ، كل أفعاله كانت تدل كأقواله على صدق طلبه و حبه و عشقه للشهادة فأصابته بعد أن أصابها مرات و مرات .

ولد الشهيد محمد عبد الرحيم الحنبلي في العام 1975 لأسرة متدينة معروفة في نابلس ، فوالده أحد شخصيات المدينة المعروفين و رئيس لجنة الزكاة فيها . التحق محمد منذ نعومة أظفاره بالمساجد ، يتزوّد من ينبوع الإيمان خير الزاد لرحلة الجهاد التي كان يعدّ نفسه لها ، و التحق بصفوف حركة المقاومة الإسلامية حماس في فترة مبكرة من حياته كأحد أشبالها المميزين ، و عرف بورع و تقى و نقاء نفس نازع فيه أهل الجنة ليكون منهم ، و كان يحمل نزعة صوفية شديدة الولع بالرسول الكريم محمد و صحابته الأخيار ، كثير الفعل قليل الكلام مقدام همام حسن المطالعة و التدبر و الخشوع ، صمته فكر و نطقه درر ، حتى أحبه جميع من عايشوه و اختلطوا به .



الفارس السابع و العشرين :



كان محمد شديد الذكاء حسن الفراسة و ضيء الوجه بسام المحيا ، اجتاز مراحل دراسته جميعاً بتفوّق و نبوغ رغم انشغالاته الكثيرة و حصل على معدل أهّله للالتحاق بجامعة النجاح الوطنية ليدرس الهندسة الصناعية في كلية المهندس الشهيد يحيى عياش في العام 1995 ، و ما إن انضم محمد إلى أسرة الجامعة حتى كان (دينمو) الكتلة الإسلامية فيها يشرف على عددٍ كبير من النشاطات و مسؤولاً عن الكثير من المتابعات ، أصبح محمد عضواً في مجلس الطلبة في العام 1997 و أعيد انتخابه في العام 1998 ليكون سكرتيراً لمجلس الطلبة للمرة الثانية و بعد عام انتخب محمد الحنبلي رئيساً للمؤتمر العام لمجلس اتحاد الطلبة الذي كان يرأسه الشهيد قيس عدوان .

يقول طلبة النجاح من الذين عايشوا الشهيد محمد الحنبلي : "لم نعرف شخصاً يحمل مزايا محمد و يتمتع بما يملكه من صفات ، ما زلنا نذكر أيام العمل التي لم يكن ينام خلالها إلا بعد إنجاز كافة أعماله ، نذكر له حضوره الدائم و المميز ، لم يكن يتغيّب عن أي نشاط ، بل كانت الأفكار الإبداعية للمعارض و المهرجانات كلها تخرج من تفتق أفكاره و ابتكاراته" .

و من الإنجازات الإبداعية التي سيبقى طلبة النجاح يذكرونها له ابتكاره لأسلوب قاذفة الهاون الاستعراضية و التي عمّمت فيما بعد على جميع المناطق لتستخدم في فعاليات (حماس) و مهرجاناتها قبل أن تنقل فكرتها إلى الفصائل الأخرى إضافة إلى صنعه المجسمات المتقنة من دبابات و طائرات و ابتكاره لأساليب تدمّرها كما هو الحال في مجسم لطائرة (أف 16) قام الحنبلي بتدميره و تفجيره و هو عائم في الهواء وسط ذهول و دهشة آلاف طلبة النجاح خلال المهرجان الخطابي .

و رغم إنهاء محمد لدراسته في قسم الهندسة الصناعية و حصوله على شهادة البكالوريوس و التحاقه بكلية الدراسات العليا بقي محمد من العاملين الناشطين في الكتلة الإسلامية يقدّم النصح و المشورة و المعونة ، و قد عرف عنه أنه من أصحاب المواقف الصلبة و من القادة العنيدين الذين لا يقبلون بحلول المفاصلة بل يتشدّدون لتحصيل الحقوق الطلابية أمام الجميع .

كلّ ما ذكر عن حياة محمد و مرحلة دراسته في جامعة النجاح لم يكن إلا بالنزر اليسير عن حياة هذا الفذ الذي عاش لدينه و دعوته و فكرته كل أيام حياته .

أما عن تواضع الشهيد محمد فيقول من عرفه إنه كان رجلاً ذاهباً عن نفسه ، لا يلتفت لمفاتن الدنيا و زخرفها ، و رغم كون ظروفه كانت تسمح له بتوفير كامل مستلزماته إلا أنه كان قد هاجر إلى الله و رسوله و دينه ، حيث يروي أصدقاؤه المقربون منه أن والده كان قد قدّم مبلغاً كبيراً من المال لمن ينجح بإقناعه بالاستقرار و الزواج و الالتفات إلى حياته الخاصة و كان محمد يضحك لهذا الأمر و يقول لمن يتحدث إليه عن الموضوع : "ما رأيك أن تبلّغ أبي أنك أقنعتني و تأخذ المال و بعد ذلك الله يفرجها" .

لقد عاش محمد للإسلام و استشهد على درب القسام و خاض التجارب تلو التجارب ، فبعد عملية عمانوئيل الأولى التي نفّذها الشهيد عاصم ريحان و قتل فيها (11) صهيونياً اعتقلت السلطة الفلسطينية محمد مع عددٍ من رفاقه في سجونها ، غير أنه تمكن من الإفلات بعد قصف طائرات الـ (أف 16) لمقر السجن ، خرج من سجنه إلى الجامعة التي أحب أبناءها و أحبوه فحملوه على الأكتاف و دخلوا حرم الجامعة به محتفلين ، لقد كان اعتقاله لدى السلطة بمثابة حرق أوراقه و إرسال أولى الرسائل حول نشاطه في كتائب الشهيد عز الدين القسام حيث بدأت متابعته من قبل القوت الصهيونية ، فتعرّض لمحاولة اغتيال بإطلاق النار عليه ذات مرة من نقطة مقامة في منزل أبو حجلة قرب مفرق تل بينما كان يقف على باب أحد المنازل في رفيديا فقفز أسفل جدار مجاور و كتبت له النجاة .

و مع اجتياح مدينة نابلس و إعادة احتلالها و اقتحام البلدة القديمة فيها للمرة الأولى في شهر نيسان 2002 كان محمد قائد كتائب عز الدين القسام و رجالها المدافعين عنها و هو يقوم بتفخيخ المداخل و زرع العبوات و توزيع المقاتلين و نقل السلاح و الذخيرة حتى أوصل مقاتليه إلى تمام جاهزيتهم قبل الاقتحام و كان له دور كبير في صمود البلدة أربعة أيام و كان لتخطيطه البارع و قدراته على المناورة دور أساسي في صمود المواقع التي تسيطر عليها الحركة حتى الرمق الأخير و هو ما جعل المواطنين في نابلس يقدمون التحية للقسام و جنده و صمودهم الأسطوري ، و بعد الانسحاب الصهيوني من البلدة أصبح الشهيد الحنبلي أسطورة على كل لسان ، فقد صار الهدف الدائم لعمليات التوغل و الاقتحام التي عجزت عن الوصول إليه ، و تمكّن أكثر من مرة من مغادرة مواقع كان يختبئ داخلها رغم حصارها من قبل القوات الصهيونية و داهمت القوات الصهيونية منزله مرات و مرات و اعتقلت والده و أشقاءه و عدداً أكبر من أفراد أسرته كونهم يحملون نفس الاسم حتى جاءت لحظة الانتظار ، و جاء موعد الرحيل عن أرض جبل النار التي بقي ينوّر ظلمة ليلها بصلاته و سجوده و جهاده و صبره الطويل .

ففي ليلة الجمعة 5/9/2003 حاصرت قوة من الوحدات الخاصة الصهيونية بناية من سبع طوابق و استدعت عشرات الجنود و الآليات و الطائرات المروحية إلى المكان الذي حاصرته و اشتبكت مع الشهيد محمد الذي رفض الاستسلام ساعات و ساعات حتى صعدت روحه إلى عنان السماء بعد مقتل جندي و إصابة 4 آخرين بجراح .

yazeed6
18-09-2003, 10:42 AM
بارك الله فيك اخ عقلة ..