PDA

View Full Version : إن كان التكفير توحيدا لله فليشهد العالم بأني أول تكفيري...


درويش
10-12-2003, 08:52 AM
مع منتصف سبعينات القرن العشرين، تفتق فكر اليهود في حربهم ضد الإسلام والمسلمين عن ابتكار كلمة جديدة عهدوا إلى خنازيرهم المشركين من طواغيت العصر والمنافقين والمرتدين بترويجها ونشرها على أوسع نطاق في العالم الإسلامي عبر أجهزة إعلامهم، هذه الكلمة هي "تكفيري". ولعله جدير بنا أن نسلط الضوء هنا على هذه الكلمة الحديثة ذات المنشأ اليهودي وأن نخضعها للتحيق والتحليل كي نفهم معناها وأهدافها وغاياتها ومدى علاقتها بالإسلام وبالواقع.

إننا الآن أمام كلمتين يحسن بنا أن نفهم معنى كل واحد منهما وهما كلمتي "التكفير" و "تكفيري".

التكفير لغة هو الطرد أو النبذ أو الإستبعاد، وفي لغة العلم الشرعي هو إخراج الإنسان من دائرة الإسلام، أو نفي الإسلام عنه. أما كلمة "تكفيري"، فهي صفة تنسب إلى المرء، وهي كلمة لاوجود ولا أصل لها في الإسلام، استحدثها اليهود واستخدمها كلابهم المنافقين والمرتدين في العالم العربي كسلاح في حربهم ضد المسلمين. ففرق نوعي وماهوي هائل إذن بين كلمتي "التكفير" و "تكفيري".

وللتكفير دلالتين متناقضتين:

الدلالة الأولى:
أن التكفير مبدئيا يعتبر واحدة من الكبائر التي تستوجب غضب الله سبحانه، وقد توعد الله سبحانه في كتابه العزيز من يكفر مسلما دون دليل ولا بينة ولا برهان بأنكى وأشد العذاب يوم القيامة. فالتكفير هنا إذا هو مبدئيا أمر ليس من دين الإسلام في شيء، وهو محرم شرعا ومستهجن ومرفوض ولا يقبل به أي مسلم مهما كان حظه قليل من العلم بسبب عظم عواقبه الشرعية.

الدلالة الثانية:
هذا التكفير المحرم شرعا، قابل لأن ينقلب إلى نقيضه ليتحول إلى عبادة من أعظم العبادات ومن أجل القربات التي يتقرب بها المسلم من الله، فنجد بأن التكفير هنا هو ذاته مبدأ الولاء والبراء المجمع عليه من قبل جميع علماء المسلمين منذ فجر الإسلام إلى قيام الساعة والذي تقوم على ثبوته العديد من الأدلة والشواهد الواردة في الكتاب والسنة، فهو ركن من أركان التوحيد لا يستقيم معنى الشهادتين إلا به، إلا أن هذا المبدأ لا يظهر ولا يتحقق إلا فقط تجاه شخص مسلم ثبت عليه تبوتا شرعيا بأنه قد تلفظ بقول أو أتى بفعل كفري ناقض للشهادتين.

وإذا كانت فكرة التكفير وجوهره هو الطرد والنبذ والإستبعاد، فإن التكفير بهذا المعنى يصبح مقولة بشرية تاريخية أصيلة منبثة في نسيج الوجود البشري على الأرض تمارس في كل زمان وفي كل مكان وفي كل تجمع بشري قل أو كثر، مهما كان نوعه أو شكله أو مضمونه. ولكي يتضح المعنى فإنه يحسن بنا أن نتناول عددا من الأمثلة على ذلك:

- الحزب الشيوعي له أنظمته وقوانينه ومبادئه، فلو وقف شخص شيوعي وسب ماركس ولينين وسفه أفكارهما، تداعى الشيوعيون إلى المطالبة بطرده من الحزب، فيطرد فعلا.

- ولو وقف شخص ينتمي إلى الحزب الديمقراطي في أمريكا وسفه أفكار الحزب وسب كبار رؤوسه لأصبح الطرد من الحزب هو مصيره.

- ولو تمرد شخص على أنظمة وقوانين العمل في إحدى المؤسسات التي يعمل بها وسب رئيسه، لتم فصله من عمله على الفور.

- ولو دخل شخص إحدى حانات شرب الخمر وأخذ يصيح وهو يسب الموجودين لطرد من الحانة على الفور.

- ولو وقف شخص في مكان عام كالسوق مثلا وتعرى من ملابسه تماما لألقي القبض عليه واقتيد إلى أحد مراكز الشرطة.

- ولو خالف أحد أفراد عصابة تمارس القتل والسطو قوانين العصابة وتمرد عليها لأصبح مصيره القتل.

- ولو خالف شخص ما أنظمة وقوانين دولة ما لتم طرده فورا من تلك الدولة.

- يتبع-

درويش
10-12-2003, 08:56 AM
إن هناك المئات من هذه الأمثلة كلها تؤكد على أن الطرد والنفي والإستبعاد هو مبدأ أصيل من مبادي الوجود البشري على الأرض في كل زمان وفي كل مكان، إلا أن علينا أن ننتبه هنا إلى أمرين هامين اثنين:

الأول:
أن أي تجمع بشري في أي زمان ومكان، ومهما كانت أهدافه ومبادئه وشكله ونوعه إنما تحكمه أنظمة وقوانين مكتوبة أو عرفية غير كتوبة، علنية أو ضمنية يجب مراعاتها واحترامها وتطبيقها، وإلا كانت النتيجة هي الطرد والنبذ من هذا التجمع.

الثاني:
أن من كل هذه الأمثلة نلاحظ بأن عملية الطرد والنبذ قد مرت بمرحلتين اثنتين ضروريتين:

الأولى:
- أن الشخص المطرود هو أولا كان قد أعلن بنفسه عن رفضه لأنظمة وقوانين التجمع وتمرده عليها.

الثاني:
- أنه على ضوء هذا التمرد المعلن تم اتخاذ القرار بطرده.

وإذا نظرنا إلى الإسلام كتجمع بشري ديني، فإننا نجد بأنه لا يختلف عن غيره من التجمعات البشرية الأخرى على صعيد وجود مقولة الطرد والنبذ في تكوينه، ففكرة التكفير لا يمكن لها أن تظهر ولا أن تمارس لولا أن هناك من دعا المسلمين إلى استخدامها وهو المسلم، وذلك عندما تلفظ بكلمات الكفر أو أتى بفعل كفري.

ففهل يمكن القول بأن الإسلام كتجمع ديني مستثنى من هذه الخاصية البشرية وهي خاصية الطرد والنبذ؟

العقل يقول لا بطبيعة الحال...

أما اليهود، صناع كلمة "تكفيري" فإنهم يقولون نعم... الإسلام مستثنى من هذه الخاصية...

لماذا؟
لأنهم يريدون لمن يعتنق الإسلام أن يعربد داخل نطاق الإسلام كيفما شاء وأن يتلاعب بالدين كيفما شاء وأن يغير فيه ويبدل كما تشتهي نفسه وأن يمارس فيه كل أنواع الكفر والزندقة والشرك وأن يتطاول حتى على الذات الإلهية وشخص رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسب والطعن، وأن يكون في الوقت نفسه آمنا من التكفير والطرد والنبذ والإستبعاد من دائرة الإسلام.

من هنا، تفتقت عقليتهم التلمودية عن مصطلح "تكفيري"، والذي أرادوا له أن يكون وصفا سلبيا لكل مسلم يتصدى لطواغيت العصر وللمرتدين عندما يطردهم من دائرة الإسلام بسبب شركهم وحكمهم بشريعة الشيطان من دون شريعة الرحمن.

ولعل الأمر المضحك هنا، هو أن كلاب اليهود من المنافقين والمرتدين ممن يعملون كسدنة في معابد المشركين من طواغيت العصر ويدافعون عنهم في المنتديات وفي الصحف ووسائل الإعلام الأخرى هو أنهم يروجون مصطلح "تكفيري" بصفتهم "إسلاميون من أهل السنة والجماعة" وليس بصفتهم علمانيون، ولو سألت أحد هؤلاء المنافقين:

- ألست تدعي الدفاع عن الإسلام؟

لرد عليك: نعم...

- ألست قادر على التمييز بين من المسلم وبين الكافر؟

لرد عليك: نعم...

- إذن أنت تفهم في علم التوحيد...

سيقول لك:
- نعم أنا أفهم في علم التوحيد...

قل لنا الآن... ما حكم الشرع في مسلم يعربد ويسفه عقائد الإسلام ويمارس علنا كل أشكال الكفر، هل يظل مسلما أم يكفر؟

سيقول لك:
- يكفر بطبيعة الحال...

قل له:
- إذن تكفيره هو أحد متطلبات التوحيد، أي تنفيذا لعقيدة الولاء والبراء...

سيقول لك:
- نعم بكل تأكيد...

قل له:
- إذن نحن حتى الآن متفقون، ولكن هل لك الآن أن تقول لنا أين هو موقع كلمة "تكفيري" في الإسلام والتي يطيب لك استخدامها؟

سيقول لك:
- التكفيري هو من كفر المسلمون دون دليل...

قل له:
- التكفير دون دليل هو واحد من الكبائر في الإسلام، فلو حدث مثل هذا الأمر لكان الشخص مرتكبا لواحدة من الكبائر بإجماع علماء المسلمين، فالتكفير دون دليل فعل قبيح ومستهجن ومنبوذ فاعله، فيكون الإسلام قد سبقك بأربعة عشر قرنا في حسم هذه المسألة، وبالتالي فليس لكلمة "تكفيري" التي استخدمتها أنت أي مكان في الإسلام.

والحمد لله على نعمة العقل.

بويك توو
13-12-2003, 05:48 AM
:black:

yazeed6
14-12-2003, 08:56 PM
احسنت جزيت خيرا... وزقك الله الاخلاص.